"مات العقيد في ليلة ممطرة. في منزله الكبير الواسع استرخى بدنه الطويل كالزرافة، كانت بزته العسكرية مليئة بالغبار. وكانت النجوم تستقر على كتفه. أوصى العقيد زوجته أن يدفن بملابسه العسكرية، كانت الجثة تستقبل الزوار والجنود الذين ترأسهم العقيد في حياته والمعجبين به من الجمهور.
وكانت وصية العقيد الثانية أن يوضع جسده في صندوق زجاجي كبير. وأن يستقر سيفه الفضي بجانبه. اختارت زوجة العقيد حديقة المنزل. وشاهد الجمهور من وراء السور وجه العقيد الصامت المهيب. وجاء الأطفال الفقراء مع أجدادهم للفرجة. لم تغضب زوجة العقيد، بل فتحت الباب على مصراعيه. كانت وصية العقيد الثالثة أن يراه الجمهور وهو مسحى و غليونه في فمه.
لماذا اختار العقيد أن يموت بهذه الصورة؟ عجزت الزوجة عن الرد على أسئلة المعزين والصحفيين. بعضهم قال : ليرهب الثوار في موته.. وبعضهم قال: العقيد بطبعه يكره القبور والأماكن الضيقة."
قد لا يكون اسم الكاتب البحريني محمد عبد الملك ذا شهرة واسعة لكن قصص مجموعته الصادرة أخيرا تتميز على تعدد المؤثرات فيها بسمات شخصية نفاذة في خوضها أعماق النفس وخفاياها وتبقى لغته وصوره في غالبها شخصية أصيلة ومحركة مميزة.
أو
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
No comments:
Post a Comment