نلحظ نقطتين جوهريتين: الأولى، كون "فيروس" الجهل بالقضية الفلسطينية بدأ يصيب قطاعات متنامية من أبناء الأمتين العربية والإسلامية لأسباب سياسية عديدة منها إلغاء تدريس مقرر "القضية الفلسطينية" في الجامعات العربية، فيما باتت بعض الأوساط "العربية" الفاجرة تتحدث عن الكيان الصهيوني الغاصب بروح إيجابية وتهاجم الشعب الفلسطيني معتمدة على سلسلة من الأكاذيب لا تنطلي إلا على جاهل!!!
أما النقطة الثانية، فقد جاءت بالاتجاه المعاكس للأولى، حيث تزايد إدراك الأوساط الغربية (الجاهلة سابقا) لحقيقة القضية الفلسطينية. ومن الدلائل الأحدث على هذا اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة فجر الجمعة الماضية خمسة قرارات أكدت أغلبية ساحقة، على "حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير"، مع التركيز على إدانة الاستعمار/ "الاستيطان"، و"تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية"، و"السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها شرق القدس، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية". وقد كان التطور الملفت وغير المسبوق أن دول الإتحاد الأوروبي جميعها صوتت لصالح هذه القرارات.
هذا التحول الإيجابي، غربيا، جاء في أعقاب النجاحات المتراكمة على مدى السنوات الطويلة الماضية بفضل جهود "لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني"، والمتصاعدة لاحقا مع نشوء حركة مقاطعة الاحتلال الاسرائيلي حول العالم BDS (حركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات) التي نجحت باستقطاب آلاف مؤلفة من المؤيدين، وأثارت قدرا لا بأس به من الغضب والخوف معا في إسرائيل عقب تسببها بخسائر سياسية وإعلامية وأكاديمية ومعنوية واقتصادية مهمة للدولة الصهيونية. لذلك، وضعت حكومة اليمين المتطرف بزعامة (بنيامين نتنياهو) مخططا يهدف الى مواجهة فعالية المقاطعة، بعد أن فوجئت إسرائيل باتساع نطاقها، الأمر الذي دفعها لرصد ملايين الدولارات وتأسيس هيئات لمجابهة هذه "الحرب". ذلك أن سلاح المقاطعة، الذي باتت تستخف به بعض الأفواه العربية النشاز، هو تهديد مهم لمصالح إسرائيل، لأنه يتحدث للعالم بخطاب حقوقي وليس عاطفي.
أو