الحديث عن الدولة العلوية ليس ترفاً فكرياً، بل واقع تؤكده أفعال وتحركات ميدانية على الأرض من قبل الأسرة الحاكمة في سوريا، مع بعد تاريخي يثبت أنه خيار جاهز للتطبيق منذ فترة طويلة. إن فتح ملف الدولة العلوية لا يعني مطلقاً أننا من مؤيدي الطائفية أو المحرضين عليها والداعين لها، ولا يعني استعداء الطائفة العلوية، والتي لا نعتقد أنها بمجملها مؤيدة لعائلة الأسد، ومواجهة هذا المخطط هو وقوف في وجه الطائفية ومنعاً لها من تحقيق أهدافها. يقول محمد ديبو في مقال له "إنّ تسليط الضوء على الحالة الطائفية ليس هدفه تشويه سمعة الانتفاضة أو إعطاء النظام مبرراً كي يستخدمه ضدها. على العكس، يأتي الأمر كي نفهم واقعنا على نحو جيد من أجل تسخيره في خدمة الانتفاضة وتفادي الوقوع في ما تريد السلطة المستبدة لنا أن نقع فيه. كذلك، تكمن أهميتة الحديث في منع السلطة من استخدام ذلك، وكي نؤكد أنّ الحالة الطائفية جزء من مكونات الاستبداد، لا ضمان لعدم تفجرها، كما يروج النظام لنفسه بأنّه حامي الأقليات، وصمام أمان ضد الحرب الطائفية، إذاً الاستبداد مسبب من مسببات الاحتقان الطائفي لا علاج له، لذا، لا بد من إنهائه، لكن دون نفي الحالة الطائفية التي يمكن الاستبداد أن يفجرها (وقد ينجح!) ليهرب من مأزقه، بل لا بد من الإحاطة بها لمنع تفجرها واحتوائها، بدل إنكارها. الطائفية طغت وتطغى على الخطاب الرسمي للطغمة الحاكمة في سوريا، مفردات وعبارات وكلمات غارقة في الطائفية، استعداء لدول بعينها من منظور طائفي، وتحالف مع دول أخرى من منطلق طائفي، هذه ليست كل القصة، هناك مخطط يجري تنفيذه على الأرض وبشكل تصاعدي للوصول إلى تقسيم طائفي، ومن هنا كان فتح هذا الملف. طرح هذا الملف أمر بالغ الحساسية، لكن وضع سوريا في ظل التدمير والتطهير المذهبي الممنهج هو أكثر حساسية. تنقسم هذه الدراسة إلى أجزاء هي:
1) خلفية تاريخية: وهي رغم طولها هامة لمعرفة منطلقات الطغمة الحاكمة في سوريا، وكيف تم تجييش الطائفية للسيطرة على مقاليد الدولة.
2) البدء بتنفيذ المخطط: ما بعد انطلاق الثورة السورية المباركة في 15 آذار/مارس 2011
3) مواقف اقليمية ودولية من المخطط: ايران، روسيا، اسرائيل وغيرها
4) المطلوب لإجهاض المخطط الطائفي، وإن فضح المخطط الطائفي وكشف تفاصيله هو أولى الخطوات لإجهاضه، ومن هنا جاء هذا البحث.
أو