إن دراسة تاريخ المدن هو نمط في مجال الدراسات الإنسانية، فهو منهج يربط الإنسان بالمكان والزمان، ويربط المادة بالقيم، والماضي بالحاضر، والجماعة بالفرد. والباحث في هذا الكتاب يقدم دراسته في تاريخ دومة، الواقعة في غوطة دمشق، والتي على الرغم من أهميتها التاريخية، لم يكن لها ذكر في المراجع والأسفار التاريخية إلا ما جاء بالعرض وبشكل غير مباشر. وبالإضافة إلى ذلك فإنه ليس لدومة آثاراً، ذات شأن يستدل بها على مجدها السابق، ولا عجب في ذلك، فهي بلدة زراعية، بيوتها من اللبن السريع الزوال حتى أن (ياقوت الحموي) وهو من كبار مؤرخي القرن الثالث عشر الميلادي، لم يخص دومة في كتابه (معجم البلدان) إلا بقوله "دومة بالضم من قرى غوطة دمشق، ينسب إليها جماعة من رواة الحديث".
أما المؤرخ (ابن خملون) من رجال القرن السادس عشر الميلادي، فقد ذكر دومة في رسالته (ضرب الحوطة على جميع الغوطة) قال: "هي قرية كبيرة جامعة شرقي حوستا، وهي من أمهات القرى، من أقطاع أمير كبير، وشربها من نهر ثورا، وقد خرج منها جماعة من المحدثين والعلماء" أما عن منهجية الباحث في دراسته هذه، فقد عمد إلى تناول ماضي المدينة من النواحي الترايخية والجغرافية والأدبية والدينية.. الخ، ملقياً الضوء على ما في دومة في حدود المنطلقات الآتية: 1-جمع المعلومات من كافة المصادر، وتمحيصها ونقدها وتبويبها والربط بينها. 2-إهمال المعلومات الجزئية والثانوية والهامشية، مما لا يهم القارئ الهادي، ولا يحتاج إليه الباحث المدقق. 3-دراسة الماضي وإهمال الحاضر، لأن الدراسة تاريخية مع إهمال المعاصرين من أعلام البلدة، لأن المعاصرة تحجب الحقيقة عن الباحث، 4-الاعتماد على المصادر التاريخية الموثوقة، مما يعطي للمعلومات الطابع العلمي الأصيل. 5-عرض المعلومات بدقة، لكونها مادة تشكل مرجعاً للباحثين.
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما