شكلت فرق الغلاة التي انتشرت في العراق، منذ أواخر القرن السابع للميلاد، الأساس العقائدي للفرقة النصيرية التي تمكنت من تطوير إرث الغلاة وتمثله في عقيدتها، وسط صراعات سياسية – دينية حفل بها العصر العباسي، وذلك كخط غنوصي راديكالي ما زال يقطع مع الإسلام الأرثوذكسي السنّي والشيعي. وفي تلك الأثناء، صيغت عقيدة الفرقة النصيرية ليصبح لها لاهوتها المميز الذي منحها هويّةً فريدةً مكنّتها من البقاء والاستمرار في أوساط إسلامية مناوئة ومعادية.
تمثلت أهمية هذه الدراسة في ضبط تواريخ الأعلام والشخصيات، وتعميق البحث في طبيعة نشأة الفرقة النُّصَيرية ومصادرها العقائدية، والمؤثرات الفكرية والعناصر الأساسية للاهوتها، وحركيات دعوتها وتبلور عقيدتها في الفضاء الشامي – العراقي. ويتمثل هدف الدراسة في محاولة استجلاء الغموض الذي رافق نشأة الفرقة وسط جملة من المؤثرات الخارجية والصراعات الفكرية المحيطة التي أسهمت في أن تتخذ الفرقة منذ البداية مسارًا تاريخًا متفردًا سمته الانعزال والتقية. وفي هذا السياق، أُشير إلى المصادر الأساسية للعقيدة النصيرية واكتمال طقوسها وأعيادها وتشريعاتها في القرن الحادي عشر الميلادي.
أو