نماذج حية وخاصة من نساء ورجال، في مفاصل حادة من حياتهم اليومية، في أجواء شرقية وغربية مختلطة، تثير أسئلة جديدة عن حقائق غائبة، أو ألغاز، في نسيج قصصي خاص ولغة مشوقة.
إنَّها لمتعة حقيقية أن يغطس المرءُ في قراءة هذه المشاهد القصصية القصيرة التي تؤلف الروايةَ التي نشرتْها هنرييت عبودي بعنوان الدمية الروسية وتزداد القراءةُ متعةً في نظر شخص مثلي يعيش في البيئة نفسها التي تجري فيها معظمُ أحداث هذه القصص، من حقيقية أو متخيَّلة أو الاثنتين معًا. فمن ذا يستطيع أن يفرز في العمل الروائي ما هو خيالي مما هو واقعي فرزًا دقيقًا؟!
نقول ذلك بخاصة إذا كان الكاتب من نوعية هنرييت عبودي التي تتفنن في الخلط بين الواقع والخيال أو في اللعب على الحبال، حتى إنك تجد أحيانًا صعوبةً في التفريق بينهما: عالم الخيال هو واقع أيضًا عندها، له قوانينه الموضوعية؛ وبالتالي، فإن متعة القراءة مزدوجة في نظر مَن يعرف الحياة العربية والحياة الفرنسية على حدٍّ سواء، وليس الحياة العربية وحسب. فهو يجد نفسه، من حيث يعي أو لا يعي، منخرطًا في المقارنة بين كيفية رؤية المؤلِّفة للحياة الفرنسية وكيفية رؤيته هو لها – وتزداد تجربته غنى بعدئذٍ.
or