نسخة عالية الدقة
إن واقع العلمانية ليس بالشأن الناجم عن كون العالم هو العامل المقرر في الحياة فحسب، بل إن العلمانية في الحياة والفكر العربيين، موضوع هذا الكتاب تشكل سجلاً لصمود مفاهيم سياسية وإدارية وعقلية حديثة، إنسانية، مترافقاً مع تهميش المؤسسة الدينية وبضاعتها العقلية التي كانت لها الهيمنة على الحياة الثقافية والتربوية والقانونية على مدى قرون من التاريخ العربي لا شك في أن ردّ فعل هذه المؤسسة كان قوياً، عضّدته فئات سياسية توسّلت منها ومن العاطفة الدينية رافعة في الصراع السياسي الديموقراطي وغير الديموقراطي. وليس ثمة شك في أن دخول العرب في زمانية الحداثة كان متفاوت الوثائر والوجهات، وأنه كان دخولاً متمايز الطابع والوجهة حسب المناطق الجغرافية والأوضاع السياسية والاجتماعية والتربوية مطابع الدولة الجامعة الحداثة بل الموحدة لها.
ضمن هذه المقاربة تأتي دراسة الباحث حول العلمانية ومن منظور مختلف. والمنظور المختلف الذي تناول الباحث منه العلمانية في الحياة والفكر الديني ليس إلا منظور الواقع التاريخي بغية التعريف بواقع التاريخ العربي الحديث والتصالح معه والإلمام بزمانيته، ونقض صياغة التاريخ الحديث بصيغة التمني والحنين. فكان أول محك له محك خلدوني، والذي يعني الإلمام بمعنى المحال والامتناع، واحترام الماضي في غرابته وغربته وانكفائه عنا، وكان المحك الثاني اعتبار التاريخ مجموعة مسارات مختلفة، دون أن يكون لأي منها-الأوربي أو العربي أو غيره-فرادة ميتافيزيائية تنبو به عن الاندراج في العالمية الإنسانية التي يفرضها التاريخ الحديث.
عزيز العظمة هو كاتب ومفكر وباحث سوري ولد في دمشق عام 1947 م ، حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الإسلامية من جامعة أكسفورد بعد أن تخرج منها، وكذلك درس في توبنغن في ألمانيا.
درّس في جامعات بيروت والكويت ومنذ 1985م عمل كبروفيسور للعلوم الإسلامية في جامعة الشارقة.
توفي اليوم 27/01/2023
أو