Thursday, December 29, 2011
Wednesday, December 28, 2011
ايمن السيسى..ثورة 17 فبراير والوجه السرى للقذافى
قام أيمن السيسى الصحفى بـ"الأهرام" فى كتابه "ثورة 17 فبراير والوجه السرى للقذافى برصد ما فعله القذافى لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد بالمساهمة فى تفتيت الصومال وانفصال جنوب السودان ودعم متمردى دارفور والحراك الجنوبى فى اليمن، وما قام به القذافي ضد لبنان بدعم جميع المتحاربين فيه وخطف وقتل الإمام موسى الصدر، إضافة إلى ما حققه المؤلف من معلومات عن أسلحة إسرائيلية حارب بها القذافى شعبه خلال أحداث ثورة 17 فبراير.
وعرض المؤلف رحلته إلى ليبيا بعد أيام من قيام الثورة ومرافقته للثوار على جبهات القتال، ولقاءاته مع "محمد" نجل شيخ المجاهدين عمر المختار، وكيف كانت الشرارة الأولى للثورة ودور "الناتو" فيها وتقسيم ليبيا كما خططه الغرب ويعمل على تنفيذه للسيطرة على الغاز والنفط.
الكتاب الذي أصدرته "الهيئة المصرية العامة للكتاب" فى 250 صفحة من القطع المتوسط، هو الأول من نوعه فى مصر الذى يهتم بليبيا وثورتها ويوثق حقيقة أصل القذافى، كاشفا عن هزليات القذافى الذى حاول استخدام لحن أغنية "سلامتها أم حسن" التى غناها المطرب الشعبى أحمد عدوية فى السبعينيات كنشيد قومى لليبيا مع استبدال الأغنية بكلمات تمجده هو شخصيا "جماهيرية .. سلطة شعبية .. ومعمر أمين القومية العربية"، وبالفعل تم تسجيل النشيد وبثته شاشة التليفزيون الرسمى الليبي!
http://www.mediafire.com/?j5225afcj117cjg
ملطوش من نهضة العرب
ملطوش من نهضة العرب
Tuesday, December 27, 2011
Sunday, December 25, 2011
عبد العزيز هلال - الرجل الأثري
ولد الأديب القاص والكاتب التلفزيوني السوري عبد العزيز هلال في دير الزور العام 1933، وتلقى تعلييمه الابتدائي بدير الزور، ودرس في إعدادية الصناعة عاماً واحداً، ثم هجر التعليم، وأدى الخدمة الإلزامية في الإدارة السياسية محرراً في مجلة الجندي، حصل بعدها على الإعدادية والثانوية العامة، الفرع الأدبي، والإجازة في الحقوق من جامعة دمشق العام 1965.
عمل موظفاً في مديرية صحة دير الزور، ثم انتقل إلى دمشق ليعمل في مجال الصحافة والتلفاز.
بدأ عبد العزيز هلال بكتابة القصة القصيرة في نهاية الأربعينيات، ونشرت أعماله كبريات الصحف والمجلات الأدبية المحلية والعربية.
كتب الدراما للتلفزيون منذ الستينيات، وكان رائداً، فكتاباته ارتبطت بفترة النضج والتأسيس الحقيقي في الدراما التلفزيونية السورية في السبعينيات، ونصوص مسلسلاته مشهورة، منها سيناريو مسلسل أسعد الوراق، وأجزاء سيرة بني هلال، وكان نجم الكتابة التلفزيونية في سورية وفي العديد من الأقطار العربية، حيث أنتجت نصوصه في عدد من الأقطار العربية، مثل سلسلة سيرة بني هلال، وهي الأميرة الخضراء، الأميرة الشماء، الزيناتي خليفة، وجابر وجبير، التي أخرجها الفنان علاء الدين كوكش، وأنتجت في تلفزيون دبي في منتصف السبعينيات، ومسلسله الشهير دليلة والزيبق الذي أخرجه شكيب غنام وأنتج في الأردن العام 1974.
في 1975 كتب مسلسل أسعد الوراق، وفي 1978 كتب مسلسل الاختيار المقتبس من رواية الجريمة والعقاب رواية الكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي.
كتب مسلسل المجنون طليقاً الذي أنتجه التلفزيون العربي السوري العام 1986، كما كتب مسلسل الأجنحة الذي حقق نجاحاً متميزاً، ومسلسل الهجرة إلى الوطن الذي قرر إثره ان يتوقف عن الكتابة معبراً عن عدم
رضاه بما فعله المخرج بنصه.
أخرج له المخرج مأمون البني 1996 مسلسله الأخير المهر الدامي.
صدر له في العام 1970 مجموعته القصصية الأولى امرأتان في الزحام، وفي العام 1971 صدرت له مجموعته الثانية الرجل الأثري، وفي العام 1974 صدرت روايته من يحب الفقر.
كتب مسرحية وحيدة بعنوان القطار نشرت في العام 1976، وكان آخر ما أنجزه في حياته مسلسلاً تلفزيونياً بعنوان البصير، لكن الرقابة التلفزيونية رفضت النص، وعندما علم وزير الإعلام بالحادثة بعد وفاته أصدر أمراً باقتناء النص، ودفع ثمنه لأسرته تكريماً وتقديراً له.
توفي عبد العزيز هلال في 24 كانون الثاني 1997 في دمشق، ودفن فيها.
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
Thursday, December 22, 2011
Wednesday, December 21, 2011
الياس خوري - أبواب المدينة
لا أستطيع أن أقول عنها رواية – بالرغم من أنه خُطت على غلافها كلمة رواية – ولكن هي بالتأكيد ليست كذلك او على الأقل ليست النوع الذي اعتدته من الروايات، على أية حال يمكن تسميها حلم في ليلة ماطرة يحطم مطرها زجاج النافذة والأحلام.
هذه الرواية لا تحمل من المنطق الا مبتدأها وهذا لا يُعيبها بالمناسبة، فانا ممن يعتقدون أن المنطق حصل على أكثر مما يستحق من التقدير – أتمنى ألا يقفز أحد المنطقيين شاهرا سيفه المتخم بالشهادات العريضة في الفلسفة وعلم النفس ليصرخ في وجهي بمحاضرة قتلها الزمن وملَّ نهايتها آخر الزمن – على أية حال تبدأ الرواية عند أسوار المدينة الضخمة، كيف وصل الغريب الى هناك لا اعلم ولا اعتقد أنه يعلم.
تستمر احداث الرواية بالدوران حتى تعتقد أنك في احدى قصص الف ليلة وليلة، تستطيع تخيل المشاهد والعوم فيها كما تعوم هي في النص لتبدو سرابا يمتد في الفضاء تماما كما لو انك انت من تحلم بها او على الاقل تعيشها وتختبر طعمها.
قد تضيع بين الأسطر لأن الرواية لا بداية لها ولا نهاية، ولا حتى تفاصيل تستطيع فهمها بوضوح وهذه السمة الغالبة على الأحلام، فقط تميع في الذاكرة، لذلك لا بأس ان ضعتَ قليلا أو فقدت السيطرة، ليس المعنى في السيطرة بحد ذاته فربما لذلك وجدت الروايات والأساطير، لن أقول بأنني فهمت المعنى الذي يرمي إليه الكاتب، ولكني أشعرُ بأنني لمسته أو شعرت به، ربما في يوم ما سيتشكلُ أمامي كالبرق ليخطف بصري بعيداً، قد يكون الى تلك المدينة البعيدة وما أكثر المدن وما أبعدها.
لا اريد التطرق لتفاصيل الرواية لانه لن يكون هناك معنى لقراءتها ان بدأت اسرد قصتها ولكن استطيع ايراد بعضها، لتغذية الفضول.. وربما ليس لذلك.
كان يحمل اوراقا واقلاما ودفاتر. نظر الى اسوار المدينة، لم ير سوى الحيطان، لم يسمع اي صوت. فكاد يبكي. وقف وحيدا، وضع على الارض حقيبة ملأى بأشياء لم يعد لها اي معنى وجلس. انتظر ان يأتي أحد. أن يأتي رجال أو نساء، يرحبون به، ويدلونه عى طرق الدخول. هكذا حلم. حلم انه حين سيصل الى تلك المدينة البعيدة، سيأتي من سيمسك بيده ويدخله حماما من الرخام والدفء، ويلبسه أجمل الثياب، حلم بنساء جميلات ورائحة عطر وازهار. حلم بأمهات وعشيقات..
هذه القطعة من الرواية ليست أهلاً لكي يمضغها الفضول ولكن الرواية استهوتني، كما لم تستهوني اي رواية أخرى منذ زمن لا بأسَ به.. لذلك أعتقد أنها جديرة بالقراءة.
(Isfor)
هذه الرواية لا تحمل من المنطق الا مبتدأها وهذا لا يُعيبها بالمناسبة، فانا ممن يعتقدون أن المنطق حصل على أكثر مما يستحق من التقدير – أتمنى ألا يقفز أحد المنطقيين شاهرا سيفه المتخم بالشهادات العريضة في الفلسفة وعلم النفس ليصرخ في وجهي بمحاضرة قتلها الزمن وملَّ نهايتها آخر الزمن – على أية حال تبدأ الرواية عند أسوار المدينة الضخمة، كيف وصل الغريب الى هناك لا اعلم ولا اعتقد أنه يعلم.
تستمر احداث الرواية بالدوران حتى تعتقد أنك في احدى قصص الف ليلة وليلة، تستطيع تخيل المشاهد والعوم فيها كما تعوم هي في النص لتبدو سرابا يمتد في الفضاء تماما كما لو انك انت من تحلم بها او على الاقل تعيشها وتختبر طعمها.
قد تضيع بين الأسطر لأن الرواية لا بداية لها ولا نهاية، ولا حتى تفاصيل تستطيع فهمها بوضوح وهذه السمة الغالبة على الأحلام، فقط تميع في الذاكرة، لذلك لا بأس ان ضعتَ قليلا أو فقدت السيطرة، ليس المعنى في السيطرة بحد ذاته فربما لذلك وجدت الروايات والأساطير، لن أقول بأنني فهمت المعنى الذي يرمي إليه الكاتب، ولكني أشعرُ بأنني لمسته أو شعرت به، ربما في يوم ما سيتشكلُ أمامي كالبرق ليخطف بصري بعيداً، قد يكون الى تلك المدينة البعيدة وما أكثر المدن وما أبعدها.
لا اريد التطرق لتفاصيل الرواية لانه لن يكون هناك معنى لقراءتها ان بدأت اسرد قصتها ولكن استطيع ايراد بعضها، لتغذية الفضول.. وربما ليس لذلك.
كان يحمل اوراقا واقلاما ودفاتر. نظر الى اسوار المدينة، لم ير سوى الحيطان، لم يسمع اي صوت. فكاد يبكي. وقف وحيدا، وضع على الارض حقيبة ملأى بأشياء لم يعد لها اي معنى وجلس. انتظر ان يأتي أحد. أن يأتي رجال أو نساء، يرحبون به، ويدلونه عى طرق الدخول. هكذا حلم. حلم انه حين سيصل الى تلك المدينة البعيدة، سيأتي من سيمسك بيده ويدخله حماما من الرخام والدفء، ويلبسه أجمل الثياب، حلم بنساء جميلات ورائحة عطر وازهار. حلم بأمهات وعشيقات..
هذه القطعة من الرواية ليست أهلاً لكي يمضغها الفضول ولكن الرواية استهوتني، كما لم تستهوني اي رواية أخرى منذ زمن لا بأسَ به.. لذلك أعتقد أنها جديرة بالقراءة.
(Isfor)
http://www.mediafire.com/?0v355b6rkb95d4n
Sunday, December 11, 2011
زياد عبدالله - بر دبي
«بر دبي» رواية للسوري زياد عبدالله... أولئك الوافدون الذين يروون حكاياتهم
حسان الزين
«بر دبي» (دار المدى، 2008) عنوان غريب، لافت، صادم، لعمل روائي. فالمقيم في الإمارات، وربما غيره أيضاً، يعتقد وهو يتصفح الكتاب، الذي يتألف غلافه من صور لأشخاص في مطعم أنيق ومجموعة سيارات متراصة كقطارات متلاصقة، أنه أحد «البرشورات» الدعائية لهذه الإمارة التي تشكل عنوان «النجاح والعمل والثروة والأحلام والعيش الهانئ». فدبي ما زالت مقرونة بكل ما يتعلق بالمال والأعمال، ومنها الدعاية والإعلان. والمنشورات فيها، التي تتناولها، الرسمية منها وما تصدره شركات القطاع الخاص ومؤسساته، ما زالت في هذا المجال. وما أكثرها، وكلها دعائية.
لكن رواية «بر دبي» للكاتب السوري الشاب زياد عبدالله تأتي من مكان آخر، من هامش بر دبي، إذا جاز القول. انها رواية، كما يقول الغلاف أيضاً، رواية أشخاص عاديين يجمعهم هذا المكان الذي يتسع لمئات آلاف الوافدين من بلدان العالم بلا استثناء تقريباً. ويحاول فيها الكاتب، مستفيداً من عمله الصحافي، تقديم صور متعددة عن العلاقات التي يحكمها المكان الواحد، وتشكل نسيجه الباطني. يكتب: «كل ما عشته وأعيشه خليط مخلوط بالأعراق والأجناس والأحياء والأموات، كل ما في دبي مختلط إلى حد يدفع للفرح والجنون في آن».
انطلاقاً من هذا تندرج «بر دبي» في تجربة التأسيس الأدبي الطالع من «الاجتماع» البشري في دبي، المدينة الجديدة التي يقيم فيها وافدون من بلدان العالم كله، وتتردد في فضائها عشرات اللغات. ولهذا، فإن العلاقات التي ينتجها المكان وارتداداتها النفسية والاجتماعية، ثم المكان نفسه، هي بطلة الرواية، التي عمل الكاتب على أمل أن تكون الشخصيات هي الأبطال. فبذل جهداً واضحاً لتكون شخصيات متصارعة من الداخل، مضطربة، تتخبط فيخرج ما في أعماقها، تصطدم بالواقع فتمضي إلى الأحلام والكوابيس. فالتغيرات الاقتصادية التي يفرضها المكان تمنع من مصادفة شخصيات مسطحة. والشخصيات دائماً في صدد التبدل وفق تراتبية تبدأ بالعامل ولا تنتهي برب عمله. وإن كان الجميع، في النهاية، متسوقين.
يتحرك الكاتب وعمله وفي الذهن ما تفرضه دبي من أنماط خاصة من العلاقات الاجتماعية، التي يأتي العامل الاقتصادي كمكون رئيس لها، من دون أن يكون مجرداً، أو رقماً لراتب شهري أو سعراً لسهم، بل هو مولد لحكايا ومصائر بشر من لحم ودم.
وقد اختار الكاتب لروايته شكلاً يشبه ذاك النسيج المتشعب، الذي يصعب الإمساك به كله. فتراه يكوِّن لوحتَه من هنا وهناك، من صور متفرقة لأشخاص مختلفين، يجمعها ويجمعهم خيطٌ رفيع خفي، أقرب الى أن يكون المكان نفسه، بر دبي. الرواية أشبه بكولاج، أو بورتريه من وجوه متعددة، قبل أن يكون لوجوه متعددة. وكأن الراوي يقول إن هذه هي الحياة في بر دبي، ودبي عموماً، حيث العلاقات متوترة وقاسية وشكلانية ومصدر خطر على الأشخاص؛ وحيث آلة العمل تصوغ العلاقات وتحكمها، وتطحن الإنسان. وتذله وتجعله في حاجة إلى إعادة إنتاج وتدوير؛ وحيث الجميع (شخصيات الرواية) في لعبة أبدية لتظهير تفاوت طبقي وشخصي شكلي ومستعار. وعنوان تلك اللعبة القسوة والوحشية والإهانة والضياع والشعور بتبديد الحياة وضياعها والعيش خارجها بعيداً من القيم المقيمة في البلدان الأصلية لأولئك الأشخاص.
فالمقيم في دبي، بحسب الرواية، موقــت ودائم في الوقت نفسه، مقسم بين دبي وبلد المنشأ، يعيش في دبي ويمارس حنينه في مكان آخر. ومع امتداد زمن إقامته تمسي الذكريات أمراً مختلطاً بين ما يعيشه في دبي وما شهده في طفولته ومراهقته، من دون أن تغيب عنه حقيقة أن المكان لن يكون نهائياً بالنسبة إليه حتى وإن مات ودفن فيه. وفي مقاربة أخرى تشكل دبي ملاذاً من نوع آخر قائم على استقرارها وازدهارها في مقابل كوارث المحيط بها، ولها بهذا المعنى أن تكون بر أمان أو هلاكاً وفق املاءات الشخصية نفسها.
تعيش شخصيات الرواية كافة أزمة المكان وعلاقاته من جهة، ومن جهة أخرى أزمة الغربة والابتعاد، لا عن الأوطان وإنما عن الحياة التي رسموها سابقاً لأنفسهم، وعن أرواحهم ومراياها وتوائمها، وعن القيم أيضاً وأيضاً.
تتجاور صور لوحة «بر دبي» فصولاً روائية تحاكي في بنائها روايات ميلان كونديرا، خصوصاً «كتاب الضحك والنسيان»، وإنما من دون تعقيد بنائي، أو بتعقيد أقل يتراجع مع التقدم في السرد والقراءة. فهي تكاد تكون قصصاً منفصلة متصلة في آن واحد، لولا اجتماع شخصياتها في مكان واحد، «بر دبي»، وعبور بعض شخصياتها عدداً من الصور والعلاقات. وكأن في الأمر محاكاة لخريطة شوارع دبي وأتوستراداتها، التي تزدحم أحياناً وتنفرج في أخرى. وكأن السرد انقضاض على القصة في لحظة ذروتها، أو عملية اقتحام بلا قصف تمهيدي. كل ما يعيق التصعيد الدرامي للحدث مستبعد، كل ما لا ينبع من الشخصية محذوف. الحكايا أولاً، البحث عن لذة السرد، وملاحقة ما يدهش الكاتب أولاً، ليتمكن من إدهاش القارئ.
إلا أن زياد عبدالله، الروائي، لا يسير دائماً على طرق تلك الخريطة، بل لا يسير عليها إلا نادراً. فعالم الرواية سفلي وهامشي، في الأماكن المكيفة، أماكن الكم والكيف، في النفسيات المأزومة والعلاقات القهرية. وفي هذا العالم، القلق والمتوتر، القاسي والهين، يحضر الجنس العابر والمقيم، الجنس البديل من الحب، ومن الحياة أحياناً، بل هو بحث عن المفقود وتعويضه الضائع والوهمي. يكتب: «على غير موعد، وفي غرفة نوم فيرونيكا، نفض يوسف بعضاً من غبار خيبته مع نورا، وشعوره بأنها امرأته الدخانية التي استحالت غيمة ستبقى تظلله وتقيه الواقع المؤلم للتحولات الطارئة التي داهمت حياته».
حسان الزين
«بر دبي» (دار المدى، 2008) عنوان غريب، لافت، صادم، لعمل روائي. فالمقيم في الإمارات، وربما غيره أيضاً، يعتقد وهو يتصفح الكتاب، الذي يتألف غلافه من صور لأشخاص في مطعم أنيق ومجموعة سيارات متراصة كقطارات متلاصقة، أنه أحد «البرشورات» الدعائية لهذه الإمارة التي تشكل عنوان «النجاح والعمل والثروة والأحلام والعيش الهانئ». فدبي ما زالت مقرونة بكل ما يتعلق بالمال والأعمال، ومنها الدعاية والإعلان. والمنشورات فيها، التي تتناولها، الرسمية منها وما تصدره شركات القطاع الخاص ومؤسساته، ما زالت في هذا المجال. وما أكثرها، وكلها دعائية.
لكن رواية «بر دبي» للكاتب السوري الشاب زياد عبدالله تأتي من مكان آخر، من هامش بر دبي، إذا جاز القول. انها رواية، كما يقول الغلاف أيضاً، رواية أشخاص عاديين يجمعهم هذا المكان الذي يتسع لمئات آلاف الوافدين من بلدان العالم بلا استثناء تقريباً. ويحاول فيها الكاتب، مستفيداً من عمله الصحافي، تقديم صور متعددة عن العلاقات التي يحكمها المكان الواحد، وتشكل نسيجه الباطني. يكتب: «كل ما عشته وأعيشه خليط مخلوط بالأعراق والأجناس والأحياء والأموات، كل ما في دبي مختلط إلى حد يدفع للفرح والجنون في آن».
انطلاقاً من هذا تندرج «بر دبي» في تجربة التأسيس الأدبي الطالع من «الاجتماع» البشري في دبي، المدينة الجديدة التي يقيم فيها وافدون من بلدان العالم كله، وتتردد في فضائها عشرات اللغات. ولهذا، فإن العلاقات التي ينتجها المكان وارتداداتها النفسية والاجتماعية، ثم المكان نفسه، هي بطلة الرواية، التي عمل الكاتب على أمل أن تكون الشخصيات هي الأبطال. فبذل جهداً واضحاً لتكون شخصيات متصارعة من الداخل، مضطربة، تتخبط فيخرج ما في أعماقها، تصطدم بالواقع فتمضي إلى الأحلام والكوابيس. فالتغيرات الاقتصادية التي يفرضها المكان تمنع من مصادفة شخصيات مسطحة. والشخصيات دائماً في صدد التبدل وفق تراتبية تبدأ بالعامل ولا تنتهي برب عمله. وإن كان الجميع، في النهاية، متسوقين.
يتحرك الكاتب وعمله وفي الذهن ما تفرضه دبي من أنماط خاصة من العلاقات الاجتماعية، التي يأتي العامل الاقتصادي كمكون رئيس لها، من دون أن يكون مجرداً، أو رقماً لراتب شهري أو سعراً لسهم، بل هو مولد لحكايا ومصائر بشر من لحم ودم.
وقد اختار الكاتب لروايته شكلاً يشبه ذاك النسيج المتشعب، الذي يصعب الإمساك به كله. فتراه يكوِّن لوحتَه من هنا وهناك، من صور متفرقة لأشخاص مختلفين، يجمعها ويجمعهم خيطٌ رفيع خفي، أقرب الى أن يكون المكان نفسه، بر دبي. الرواية أشبه بكولاج، أو بورتريه من وجوه متعددة، قبل أن يكون لوجوه متعددة. وكأن الراوي يقول إن هذه هي الحياة في بر دبي، ودبي عموماً، حيث العلاقات متوترة وقاسية وشكلانية ومصدر خطر على الأشخاص؛ وحيث آلة العمل تصوغ العلاقات وتحكمها، وتطحن الإنسان. وتذله وتجعله في حاجة إلى إعادة إنتاج وتدوير؛ وحيث الجميع (شخصيات الرواية) في لعبة أبدية لتظهير تفاوت طبقي وشخصي شكلي ومستعار. وعنوان تلك اللعبة القسوة والوحشية والإهانة والضياع والشعور بتبديد الحياة وضياعها والعيش خارجها بعيداً من القيم المقيمة في البلدان الأصلية لأولئك الأشخاص.
فالمقيم في دبي، بحسب الرواية، موقــت ودائم في الوقت نفسه، مقسم بين دبي وبلد المنشأ، يعيش في دبي ويمارس حنينه في مكان آخر. ومع امتداد زمن إقامته تمسي الذكريات أمراً مختلطاً بين ما يعيشه في دبي وما شهده في طفولته ومراهقته، من دون أن تغيب عنه حقيقة أن المكان لن يكون نهائياً بالنسبة إليه حتى وإن مات ودفن فيه. وفي مقاربة أخرى تشكل دبي ملاذاً من نوع آخر قائم على استقرارها وازدهارها في مقابل كوارث المحيط بها، ولها بهذا المعنى أن تكون بر أمان أو هلاكاً وفق املاءات الشخصية نفسها.
تعيش شخصيات الرواية كافة أزمة المكان وعلاقاته من جهة، ومن جهة أخرى أزمة الغربة والابتعاد، لا عن الأوطان وإنما عن الحياة التي رسموها سابقاً لأنفسهم، وعن أرواحهم ومراياها وتوائمها، وعن القيم أيضاً وأيضاً.
تتجاور صور لوحة «بر دبي» فصولاً روائية تحاكي في بنائها روايات ميلان كونديرا، خصوصاً «كتاب الضحك والنسيان»، وإنما من دون تعقيد بنائي، أو بتعقيد أقل يتراجع مع التقدم في السرد والقراءة. فهي تكاد تكون قصصاً منفصلة متصلة في آن واحد، لولا اجتماع شخصياتها في مكان واحد، «بر دبي»، وعبور بعض شخصياتها عدداً من الصور والعلاقات. وكأن في الأمر محاكاة لخريطة شوارع دبي وأتوستراداتها، التي تزدحم أحياناً وتنفرج في أخرى. وكأن السرد انقضاض على القصة في لحظة ذروتها، أو عملية اقتحام بلا قصف تمهيدي. كل ما يعيق التصعيد الدرامي للحدث مستبعد، كل ما لا ينبع من الشخصية محذوف. الحكايا أولاً، البحث عن لذة السرد، وملاحقة ما يدهش الكاتب أولاً، ليتمكن من إدهاش القارئ.
إلا أن زياد عبدالله، الروائي، لا يسير دائماً على طرق تلك الخريطة، بل لا يسير عليها إلا نادراً. فعالم الرواية سفلي وهامشي، في الأماكن المكيفة، أماكن الكم والكيف، في النفسيات المأزومة والعلاقات القهرية. وفي هذا العالم، القلق والمتوتر، القاسي والهين، يحضر الجنس العابر والمقيم، الجنس البديل من الحب، ومن الحياة أحياناً، بل هو بحث عن المفقود وتعويضه الضائع والوهمي. يكتب: «على غير موعد، وفي غرفة نوم فيرونيكا، نفض يوسف بعضاً من غبار خيبته مع نورا، وشعوره بأنها امرأته الدخانية التي استحالت غيمة ستبقى تظلله وتقيه الواقع المؤلم للتحولات الطارئة التي داهمت حياته».
http://www.mediafire.com/?5qybx388vke9ri0
Wednesday, December 7, 2011
Sunday, December 4, 2011
هام ) فوزي أمين - وجوه (1950
ملطوش من نهضة العرب
ولد فوزي أمين في دمشق عام 1908.
عمل بالصحافة مبكراً حيث أصدر جريدة (النظام) في دمشق عام 1927، وكان صاحبها ومديرها المسؤول وهي (جريدة فكاهية سياسية انقادية مصورة) وفي عام 1931 صدرت كجريدة سياسية انتقادية.
عندما تم إلغاؤها في عام 1949 على أثر انقلاب حسني الزعيم عاد وأصدر جريدة (النقاد) في 14/10/1949 وكانت النقاد جريدة سياسية أسبوعية.
وله من المؤلفات:
1- دليل الجمهورية العربية السورية.
2- وجوه ـ دمشق جريدة النقاد ـ 1950
يعتبر كتاب وجوه من الكتب الكارتونية والكاريكاتورية الهامة في سوريا: حيث طلب فوزي أمين من رسام فرنسي رسم وجوه لشخصيات سورية مشهورة.
http://www.mediafire.com/?p1zv8j5o4b44tt0
ياسين الحاج صالح - سوريا من الظل, نظرات داخل الصندوق الأسود
نوع الكتاب: دراسة
دار النشر: جدار للثقافة والنشر
تاريخ النشر: 2010
مكان النشر: الاسكندرية
نبذة عن الكتاب:
إنه الكتاب الأول الذي يصدره الكاتب ياسين الحاج صالح. يكتب فيه عن فترة من تاريخ سوريا الأحدث والذي تشكل في الفترة ما بين ما سمي "ربيع دمشق" وما تلاه. في ظل اشتباك مع الشأن العام وقضاياه اليومية. يقول في كتابه:
بدأت الكتابة عمليا في عام 2000. وتفرغت لها تماما منذ نهاية ذلك العام. كنت، بين مئات من اليساريين وألوف من الإسلاميين، قضيت زمنا طيبا في سجن الأسد الأول، 16 عاما. خرجت من السجن في السادسة والثلاثين لأكمل دراستي الجامعية، لكن عيني كانت على الكتابة. وهو ما تحقق فعلا بعد شهور قليلة من وراثة الابن أبيه حكم سورية. بهذا أكون مجايلا، ككاتب، لعهد الرئيس بشار الأسد. لا أنكر بحال أني استفدت من مناخات مختلفة وسمت مطالع العهد. مناخات منفرجة حاول «الرئيس الشاب» لبعض الوقت تعريف حكمه بها. لكن كنت بين كثيرين نستند إلى ما نظنها «شرعية» حزناها من اعتقالنا المديد. كنا شركاء للعهد، مساهمين في تشكيل ملامح أيامه الباكرة. لم يتنازل لنا، لم يتفضل علينا، لم ننشط بفضله؛ ظهرنا معا. يدين لسلطته، وندين لـ«رأسمالنا الرمزي».
دار النشر: جدار للثقافة والنشر
تاريخ النشر: 2010
مكان النشر: الاسكندرية
نبذة عن الكتاب:
إنه الكتاب الأول الذي يصدره الكاتب ياسين الحاج صالح. يكتب فيه عن فترة من تاريخ سوريا الأحدث والذي تشكل في الفترة ما بين ما سمي "ربيع دمشق" وما تلاه. في ظل اشتباك مع الشأن العام وقضاياه اليومية. يقول في كتابه:
بدأت الكتابة عمليا في عام 2000. وتفرغت لها تماما منذ نهاية ذلك العام. كنت، بين مئات من اليساريين وألوف من الإسلاميين، قضيت زمنا طيبا في سجن الأسد الأول، 16 عاما. خرجت من السجن في السادسة والثلاثين لأكمل دراستي الجامعية، لكن عيني كانت على الكتابة. وهو ما تحقق فعلا بعد شهور قليلة من وراثة الابن أبيه حكم سورية. بهذا أكون مجايلا، ككاتب، لعهد الرئيس بشار الأسد. لا أنكر بحال أني استفدت من مناخات مختلفة وسمت مطالع العهد. مناخات منفرجة حاول «الرئيس الشاب» لبعض الوقت تعريف حكمه بها. لكن كنت بين كثيرين نستند إلى ما نظنها «شرعية» حزناها من اعتقالنا المديد. كنا شركاء للعهد، مساهمين في تشكيل ملامح أيامه الباكرة. لم يتنازل لنا، لم يتفضل علينا، لم ننشط بفضله؛ ظهرنا معا. يدين لسلطته، وندين لـ«رأسمالنا الرمزي».
http://www.mediafire.com/?a49o4p0qrs8qupt
Tuesday, November 29, 2011
Friday, November 25, 2011
محمد سعيد الريحاني - عدو الشمس, البهلوان الذي صار وحشا
محمد سعيد الريحاني كاتب مغربي، عضو اتحاد كتاب المغرب، وعضو هيئة تحرير "مجلة كتابات إفريقية" الأنغلوفونية، يكتب بثلاث لغات:العربية والفرنسية والإنجليزية. وهي اللغات التي ترجمت إليها أعماله السردية المنشورة.
وهذه بالمناسبة أول رواية عن ثورة 17 فبراير، الثورة الليبية. وقد كتبت التسع الأولى ما بين تاريخ اندلاع الثورة في فبراير 2011 إلى غاية نهاية شهر غشت من نفس السنة ونشرت على جريدة العرب اليوم الأردنية بتسعة فصول فقط. وبعد إلقاء القبض على معمر القذافي في سبتمبر 2011، راسل القراء كاتب الرواية مطالبين بتحيين أحداث الرواية لمجاراة الأحداث الواقعة على الأرض. فأضاف الكاتب فصلين إضافيين، هما الفصل العاشر والحادي عشر، حيث يلقى القبض على العقيد الليبي.
أو
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
Thursday, November 24, 2011
بوعلي ياسين - شمسات شباطية
تاريخ النشر: 01/01/1999
الناشر: دار الكنوز الأدبية
دأب العرب في العصر الحديث على إهمال ما لديهم دون تمييز، والتطلع إلى ما لدى الغرب، كيفما كان. من ذلك أن أدباء العرب المعاصرين تخلوا عن فن أدبي جميل كان يمارسه الأجداد بكثرة، وهو أدب المستطرفات. كان الكتاب من أجدادنا يتلقفون القول الطريف في الأفواه، والحدث الطريف من الواقع، ويسجلونهما، غايتهم في هذا العمل لم تكن تنحصر في المتعة العابرة، بل تتجاوزهما إلى العبرة والدقة، وإلى هذا رمى "بو علي ياسين" من كتابه هذه، وفي هذا الإطار جاءت مادة هذا الكتاب الذي يمكن تصنيفه ضمن قائمة كتب المستطرفات والمؤلف لا يتقصد من الطرف التي حملها إلى القارئ إضحاكه بقدر تركيزه على حجم المفارقات في حياتنا. فمن هذه المفارقات ما هو طريق ومضحك، ومنها ما هو غريب ومذهل أو قبيح مغضب. أكثر هذه المفارقات أخذه المؤلف عن مصادر عربية مكتوبة، والأقل ما أخذه مشافهة أما الذي يقدمه في هذا الكتاب أكثر من بعض الابتسامات؟ الكتاب يقدم متعة للقارئ تذكره بأن ما زال في سماء هذه الحياة التي تزخر بغيوم الهموم متسع لضوء شمسات تشيع في النفس الانشراح كالتي تشيعها في الكون ضوء شمسات شباطية.
النيل والفرات
http://www.mediafire.com/?bhbs8x97xaxysu5
Wednesday, November 23, 2011
منصف المرزوقي - هل نحن أهل للديمقراطية
الناشر: الأهالي للنشر والتوزيع ط1 2002
يقوم معهد الوارف في هذا الباب بعرض قراءات لأهم المنشورات العربية، أو المترجم منها إلى العربية، بشكل موجز ووافٍ في آن. في عرض اليوم قراءة لكتاب الدكتور منصف المرزوقي: هل نحن أهل للديمقراطية، يحاول من خلاله الرد على أطروحة مزدوجة المصدر، مشتركة المضمون، مفادها أن المجتمعات العربية غير مؤهلة للديمقراطية.
والحقيقة أن هذه الأطروحة التي كانت متأصلة في الخطاب التسلطي العربي أصبحت تتكرر على لسان أشباه مثقفين ودبلوماسيين غربيين يعتبرون بأن الدمقرطة في المجتمعات العربية تعني أسلمتها وانتصار الأصوليين والمتطرفين فيها . إن هذا ليس بغريب في صراع المصالح الدولية ومعركة الدفاع عن التصور الغربي للعالم . لكن من المستهجن أن يكون لطرح كهذا أنصار في صفوف الضحايا من المواطنين الذين حرموا من الخبز والحرية بعلل وذرائع شتى قومية كانت أو عقيدية .
نحن أهل للديمقراطية بشروط :
ثمة طريقة أكثر خبثاً في إنكار جدارتنا بالديمقراطية وهي القول بأنها لا تتحقق من أول وهلة وإن علينا التدرج البطيء نحوها أحياناً .
تأتيك أقوال القصور في هذا الصدد ومنها أن الديمقراطية ليست كقهوة " النسكافيه " أي القهوة الفورية التي تتحصل عليها بمجرد وضعها في الماء الساخن .
يعني هذا أن الأرستقراطيات المخفية قبلت على مضض فكرة حتمية الديمقراطية ولكنها تحاول ربح كل الوقت الممكن . ومن ثمة المقولة أننا جديرون بالديمقراطية لكن بعد فترة طويلة من التدرب والتدرج الحذر .
ومن ناقل القول أن الأرستقراطيات المخفية هي التي ستتحكم في تحديد سرعة ما تسميه " المسار الديمقراطي " وعدد مراحل الاستراحة التي يمكن أن توقف فيه هذا المسار لالتقاط الأنفاس إبان حالات الطوارئ التي تعلنها كلما هدد " المسار " مصالحها .
القيم الديمقراطية :
رأينا إن ما يحرك المد الديمقراطي حسب Tocqueville هو مطلب مساواة . فثمة شعور فطري داخل كل إنسان بكرامته وبأن له حقوق وليس فقط واجبات وأنه ند لأي إنسان آخر ما دام مثله يولد ويموت .
لكن هناك مطلب لا يقل عنه عمقاً هو التمايز والامتياز هو الذي يولد باستمرار كل أشكال الأرستقراطية ،وهذا المطلب له جذور بيولوجية حيث كانت ظروف الصراع من أجل بقاء المجموعة تفرز الأقوى وتعطيه امتيازات " طبيعية " . ويعني هذا أن مطلب التميز من بقايا عهد الطبيعة لم تنجح الحضارة في إزالته وربما لن تنجح في استئصاله إما لعمقه في التكوين البيولوجي للإنسان أو لأنه ما زال صالحاً لبقاء وتطوير الجنس البشري .
ونحن نرفض المطلب الأرستقراطي لأنه يتصدى لحاجة المساواة وخاصة لتكلفته من عنف وظلم ضروريان لإرسال اللامساواة الارستقراطية .
وتتميز الديمقراطية عن كثير من المنظومات القيمية الفكرية التي تعاقبت على مر العصور لحل مشاكل الإنسان بالتركيز على هذه القيمة الأساسية رغم خطرها الواضح على المساواة والعدالة .
الأهداف الديمقراطية :
إن الديمقراطية مشروع سياسي يروم تجسيم المساواة والعدالة والحرية والكرامة والسلم التي يريدها سائدة في المجتمع متحكمة في نواصيه ، وليس فقط مدرسة أخلاقية تريد نشر قيمها بالدعوة على شاكلة بعض الأديان أو المدارس الفلسفية .
ويتطلب الأمر تحقيق جملة من الأهداف السياسية الثانوية مثل وصول المؤمنين بهذه القيم إلى مراكز القرار ووضع آليات لتسيير الدولة والمجتمع وإنضاج تجربة تاريخية تركب الموجة التي وصفها Tocqueville وتقودها في اتجاه صحيح لأن هذه الموجة نفسها معرضة للانحراف .
وفي هذا يقول :
" لا توجد على الأرض سلطة مهما كانت محترمة أو تفترض القداسة في نفسها ، يقبل بأن تتصرف دون مراقبة والحكم بدون حواجز.
فإذا ترك الحبل على الغارب لأي قوة مهما كانت سميتها الشعب أو الملك أو الديمقراطية أو الأرستقراطية في ملكية أو جمهورية فإنني أقول :
هذه بذور الاستبداد " .
وهنا يتضح الهدف الأول الذي تتجند من أجل تحقيقه الأهداف الثانوية للديمقراطية أي منع عودة الاستبداد القاتل للمساواة والعدالة والحرية والكرامة والسلم ، ولو كان استبداد الشعب أو استبداد الديمقراطية .
الآليات الديمقراطية :
إنها بالأساس أربعة : الانتخابات التي تنظم الحرب السلمية وتحرس بالتالي السلم الاجتماعي وحرية الرأي والتنظم ومهمتهما بلورة قيمة الحرية وممارستها فردياً وجماعياً وأخيراً استقلال القضاء الذي يراد به حماية قيمة العدالة .
ونحن نكتشف بسهولة في هذه الآليات الهاجس الأول للديمقراطية فحرية الرأي تعني بالأساس حرية فضح عودة أي شكل من أشكال الاستبداد وحرية التنظم تضمن قدرة الشعب على التكتل المستقل عن أي شكل تنظيم جماعي تريد الأرستفراطيات المخفية التحكم فيه كالحزب الواحد مثلاً . أما استقلال القضاء فالمراد به استقلاله عن أصحاب القرار السياسي الذي يمكن لهم تغليف الظلم برداء العدل .
الكتاب رغم صغر حجمه يحيط بقضايا هامة وحساسة ومصيرية تتعلق بالموضوعة الديمقراطية وكيفية الخروج من الحالة الاستبدادية المنتشرة في العالم العربي إلى آفاق الحرية والإبداع والانفتاح الإنساني الشامل
حواس محمود
يقوم معهد الوارف في هذا الباب بعرض قراءات لأهم المنشورات العربية، أو المترجم منها إلى العربية، بشكل موجز ووافٍ في آن. في عرض اليوم قراءة لكتاب الدكتور منصف المرزوقي: هل نحن أهل للديمقراطية، يحاول من خلاله الرد على أطروحة مزدوجة المصدر، مشتركة المضمون، مفادها أن المجتمعات العربية غير مؤهلة للديمقراطية.
والحقيقة أن هذه الأطروحة التي كانت متأصلة في الخطاب التسلطي العربي أصبحت تتكرر على لسان أشباه مثقفين ودبلوماسيين غربيين يعتبرون بأن الدمقرطة في المجتمعات العربية تعني أسلمتها وانتصار الأصوليين والمتطرفين فيها . إن هذا ليس بغريب في صراع المصالح الدولية ومعركة الدفاع عن التصور الغربي للعالم . لكن من المستهجن أن يكون لطرح كهذا أنصار في صفوف الضحايا من المواطنين الذين حرموا من الخبز والحرية بعلل وذرائع شتى قومية كانت أو عقيدية .
نحن أهل للديمقراطية بشروط :
ثمة طريقة أكثر خبثاً في إنكار جدارتنا بالديمقراطية وهي القول بأنها لا تتحقق من أول وهلة وإن علينا التدرج البطيء نحوها أحياناً .
تأتيك أقوال القصور في هذا الصدد ومنها أن الديمقراطية ليست كقهوة " النسكافيه " أي القهوة الفورية التي تتحصل عليها بمجرد وضعها في الماء الساخن .
يعني هذا أن الأرستقراطيات المخفية قبلت على مضض فكرة حتمية الديمقراطية ولكنها تحاول ربح كل الوقت الممكن . ومن ثمة المقولة أننا جديرون بالديمقراطية لكن بعد فترة طويلة من التدرب والتدرج الحذر .
ومن ناقل القول أن الأرستقراطيات المخفية هي التي ستتحكم في تحديد سرعة ما تسميه " المسار الديمقراطي " وعدد مراحل الاستراحة التي يمكن أن توقف فيه هذا المسار لالتقاط الأنفاس إبان حالات الطوارئ التي تعلنها كلما هدد " المسار " مصالحها .
القيم الديمقراطية :
رأينا إن ما يحرك المد الديمقراطي حسب Tocqueville هو مطلب مساواة . فثمة شعور فطري داخل كل إنسان بكرامته وبأن له حقوق وليس فقط واجبات وأنه ند لأي إنسان آخر ما دام مثله يولد ويموت .
لكن هناك مطلب لا يقل عنه عمقاً هو التمايز والامتياز هو الذي يولد باستمرار كل أشكال الأرستقراطية ،وهذا المطلب له جذور بيولوجية حيث كانت ظروف الصراع من أجل بقاء المجموعة تفرز الأقوى وتعطيه امتيازات " طبيعية " . ويعني هذا أن مطلب التميز من بقايا عهد الطبيعة لم تنجح الحضارة في إزالته وربما لن تنجح في استئصاله إما لعمقه في التكوين البيولوجي للإنسان أو لأنه ما زال صالحاً لبقاء وتطوير الجنس البشري .
ونحن نرفض المطلب الأرستقراطي لأنه يتصدى لحاجة المساواة وخاصة لتكلفته من عنف وظلم ضروريان لإرسال اللامساواة الارستقراطية .
وتتميز الديمقراطية عن كثير من المنظومات القيمية الفكرية التي تعاقبت على مر العصور لحل مشاكل الإنسان بالتركيز على هذه القيمة الأساسية رغم خطرها الواضح على المساواة والعدالة .
الأهداف الديمقراطية :
إن الديمقراطية مشروع سياسي يروم تجسيم المساواة والعدالة والحرية والكرامة والسلم التي يريدها سائدة في المجتمع متحكمة في نواصيه ، وليس فقط مدرسة أخلاقية تريد نشر قيمها بالدعوة على شاكلة بعض الأديان أو المدارس الفلسفية .
ويتطلب الأمر تحقيق جملة من الأهداف السياسية الثانوية مثل وصول المؤمنين بهذه القيم إلى مراكز القرار ووضع آليات لتسيير الدولة والمجتمع وإنضاج تجربة تاريخية تركب الموجة التي وصفها Tocqueville وتقودها في اتجاه صحيح لأن هذه الموجة نفسها معرضة للانحراف .
وفي هذا يقول :
" لا توجد على الأرض سلطة مهما كانت محترمة أو تفترض القداسة في نفسها ، يقبل بأن تتصرف دون مراقبة والحكم بدون حواجز.
فإذا ترك الحبل على الغارب لأي قوة مهما كانت سميتها الشعب أو الملك أو الديمقراطية أو الأرستقراطية في ملكية أو جمهورية فإنني أقول :
هذه بذور الاستبداد " .
وهنا يتضح الهدف الأول الذي تتجند من أجل تحقيقه الأهداف الثانوية للديمقراطية أي منع عودة الاستبداد القاتل للمساواة والعدالة والحرية والكرامة والسلم ، ولو كان استبداد الشعب أو استبداد الديمقراطية .
الآليات الديمقراطية :
إنها بالأساس أربعة : الانتخابات التي تنظم الحرب السلمية وتحرس بالتالي السلم الاجتماعي وحرية الرأي والتنظم ومهمتهما بلورة قيمة الحرية وممارستها فردياً وجماعياً وأخيراً استقلال القضاء الذي يراد به حماية قيمة العدالة .
ونحن نكتشف بسهولة في هذه الآليات الهاجس الأول للديمقراطية فحرية الرأي تعني بالأساس حرية فضح عودة أي شكل من أشكال الاستبداد وحرية التنظم تضمن قدرة الشعب على التكتل المستقل عن أي شكل تنظيم جماعي تريد الأرستفراطيات المخفية التحكم فيه كالحزب الواحد مثلاً . أما استقلال القضاء فالمراد به استقلاله عن أصحاب القرار السياسي الذي يمكن لهم تغليف الظلم برداء العدل .
الكتاب رغم صغر حجمه يحيط بقضايا هامة وحساسة ومصيرية تتعلق بالموضوعة الديمقراطية وكيفية الخروج من الحالة الاستبدادية المنتشرة في العالم العربي إلى آفاق الحرية والإبداع والانفتاح الإنساني الشامل
حواس محمود
http://www.mediafire.com/?ib274fss037pb8h
Monday, November 21, 2011
الإخوان المسلمون والسلفيون في الخليج
ملطوش من "مكتبة الأسكندرية
اول هذا المؤلف أن يرسم جزءاً من الخارطة الإسلامية بالخليج العربي متناولاً التيارات الإسلامية السائدة وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين, وقد أثار الكتاب جدلا واسعا خاصة من قبل الإسلاميين
الذين اعتبروه جزءا من أدلجة تاريخ الحركة الإسلامية بالخليج.
وبحسب
القائمين على الكتاب فإن الإسلاميين بالخليج صاروا محط أنظار لاعتبارات
كثيرة، يأتي بعضها في إطار دراسة ظاهرة "الإسلام السياسي" و"الراديكالية"
في الفكر الإسلامي، ورصد الخطاب الديني، لذا أضحت دراسة الخارطة الإسلامية
بمنطقة الخليج العربي، أمراً لا مناص عنه، خاصة بعد أحداث الـ11من سبتمبر/
أيلول 2001، وما أفرزته من نتائج ومتغيرات تدعو لإعادة فهم المشهد الخليجي
ورصد تحولات الخطاب الديني فيه.
http://www.4shared.com/document/gX5Sifwe/_______.html
Sunday, November 20, 2011
حمدي البطران - ذكريات منسية
حمدى البطران كاتب قصصى فى الستين من عمره، عمل بالشرطة حتى وصل لرتبة لواء قبل إحالته إلى التقاعد. فضحت بعض رواياته مثل «يوميات ضابط فى الأرياف» فساد الشرطة وتغولها واعتداءها على القانون فأحيل إلى التحقيق لكشفه أسرار المهنة، ودافع الكاتب والنقاد عنه، لكنه ظل مقلا فى إنتاجه الذى لم يتجاوز أربع روايات ومجموعة قصصية، وتأتى هذه الرواية الجديدة «ذكريات منسية» لتوحى فى الظاهر بأنه قد أخذ يجتر عوالمه المشحونة بالصراعات المهنية والفكرية.
لكننا نفاجأ بأن راويها الرئيس «عمار راشد» لا يتوافق مع الكاتب سوى فى شئ واحد، هو أنه صعيدى مسكون بهاجس الابداع الأدبي، ومعنى ذلك أن تجربة الرواية فى جملتها متخيلة، لا يتقاطر فيها من حرقة الحياة ولا رماد معاناتها سوى تلك الذرات التى نتنسمها فى مناخ الصعيد الذى مازال يتحمس لوأد البنات لشبهة الزواج العرفي، والذى يتسغرق فى الحزن حتى يفقد شهوة الجسد. غير أن الكاتب يلجأ لحيلة تقنية ناجحة لكسر حدة المنظور الذكورى فى رؤيته، فيتيح لرواتين من الإناث ان تدليا بشهادتيهما عن الأحداث، احداهما فتاة صومالية مثقفة يلتقى بها الراوى فى قطار الصعيد وتنبهه بعد ذلك إلى موهبته الأدبية، والأخرى سيدة عراقية عاتية الأنوثة تلقاه عندما كان يعمل خادما عند أخيها المعوق فى بغداد أيام عزها، ثم تهاجر إلى مصر عقب غزو العراق وتتصل به مرة ثانية فيسمى ابنته على اسمها «فارعة». والكاتب يشطر روايته إلى جزءين دون ضرورة فنية، اللهم إلا محاولة اعطاء صبغة التوثيق عليها حيث يفصل بينهما عشرون عاما.
الذاكرة المصرية:
يستنفد حمدى البطران من ترسبات الذاكرة المصرية القريبة مواجع الفقد الممض، ولذع الشتات المهين، ونبض المواهب البازغة، لدى الانسان المصرى فى العقود الماضية بتجاربها الطاحنة، فالمرأة مثلا، خاصة فى الصعيد، تعتق الآلام مثل خمائر المسن، وتربى الوجع حتى تورثه لبناتها، فهذه أم الراوى بعد أن تفقد ابنها الأول فى فاجعة النكسة والثانى فى كارثة مديرية أسيوط عقب اغتيال السادات تنزوى فى حجرتها التى تخصصها للحزن «حرمت على نفسها النوم فى حجرة واحدة مع أبى، اخترعت لنفسها أشعارا حزينة وأناشيد من صنعها الخاص تنشدها عند البكاء، وكنا نسمعها فتقطع نياط قلوبنا، كانت ترتدى الملابس السوداء طبقة فوق طبقة، حتى الملابس التى تلامس جسدها كانت سوداء» وأفدح من ذلك، أن أخته محاسن التى ضاقت روحها بهذا المناخ الكئيب، تطلعت إلى خطيبها شعبان، من أنه بدوره هجر زراعته وأطلق لحيته فلم يستطع أن يلبى مطالب الأسرة فى المهر والتجهيز، فهربت معه إلى منزل شيخه واقترنت به عرفيا فيقول الراوي: «كنت أعلم أن ما فعلته أختى إنما هو نوع من التمرد على حزننا العميق المترسب فى بيتنا، كانت روحها تتوق إلى الفرح، حاولت ان تجده عند شعبان، ولكنه تخلى عنها «وكم كان من المؤسف أن يحاول الأب الاستنجاد بهذا الراوى كى يشاركه فى دفن أخته وهى حية. وعندما تضيق السبل بعمار فى وطنه يأخذ طريقه للهجرة البرية إلى العراق مثل ملايين المصريين، حيث ينتهى به الأمر إلى الجلوس على رصيف فى شوارع بغداد انتظارا لمن يستدعيه لأى عمل، حيث ينصحه زملاؤه بأن يقبل أى عرض للعمل، وينسى تماما أنه متعلم ومعه شهادة جامعية، فيرضى بالعمل خادما عند عبدون القعيد على كرسيه المتحرك، ويتعلم منه فن الطبخ ويدمن القراءة، وعندما تأتى أخته فارعة مع أولادها لزيارته يشغف بها حبا، ومع أنه يقطع رحلته بعد أن يستشعر مع مئات الآلاف الأخطار التى بدأت تحدق بهم فى مهجرهم التعيس، وتبدأ الطائرات فى حمل مئات النعوش إلى القاهرة، فإنه يفقد ثلاثة أرباع مدخراته فى بنك الرافدين ويضيع جهده أدراج الرياح، فيحاول تجميع شتاته بعد العودة، يستأنف دراسته العليا، ويلتحق ببعثة الآثار فى أسيوط، ويكتب قصته تلك عن أيام الشقاء، تقرأها فارعة وهى فى طريقها لمصر بعد وقوع العراق فريسة للاحتلال الأجنبي، تحاول العثور على عابد وتجديد علاقتها معه، وعلى الرغم مما فى الرواية من بعض الخلل فانها تنجح فى استحضار فلذات حميمية من عذابات
المصريين ولذاتهم وفرحاتهم المسروقة من الزمن خلال العقود الماضية، لكن دون أن تشف عن رؤية للمستقبل سوى هاجس الخلاص الأخير.
صلاح فضل - الأهرام
لكننا نفاجأ بأن راويها الرئيس «عمار راشد» لا يتوافق مع الكاتب سوى فى شئ واحد، هو أنه صعيدى مسكون بهاجس الابداع الأدبي، ومعنى ذلك أن تجربة الرواية فى جملتها متخيلة، لا يتقاطر فيها من حرقة الحياة ولا رماد معاناتها سوى تلك الذرات التى نتنسمها فى مناخ الصعيد الذى مازال يتحمس لوأد البنات لشبهة الزواج العرفي، والذى يتسغرق فى الحزن حتى يفقد شهوة الجسد. غير أن الكاتب يلجأ لحيلة تقنية ناجحة لكسر حدة المنظور الذكورى فى رؤيته، فيتيح لرواتين من الإناث ان تدليا بشهادتيهما عن الأحداث، احداهما فتاة صومالية مثقفة يلتقى بها الراوى فى قطار الصعيد وتنبهه بعد ذلك إلى موهبته الأدبية، والأخرى سيدة عراقية عاتية الأنوثة تلقاه عندما كان يعمل خادما عند أخيها المعوق فى بغداد أيام عزها، ثم تهاجر إلى مصر عقب غزو العراق وتتصل به مرة ثانية فيسمى ابنته على اسمها «فارعة». والكاتب يشطر روايته إلى جزءين دون ضرورة فنية، اللهم إلا محاولة اعطاء صبغة التوثيق عليها حيث يفصل بينهما عشرون عاما.
الذاكرة المصرية:
يستنفد حمدى البطران من ترسبات الذاكرة المصرية القريبة مواجع الفقد الممض، ولذع الشتات المهين، ونبض المواهب البازغة، لدى الانسان المصرى فى العقود الماضية بتجاربها الطاحنة، فالمرأة مثلا، خاصة فى الصعيد، تعتق الآلام مثل خمائر المسن، وتربى الوجع حتى تورثه لبناتها، فهذه أم الراوى بعد أن تفقد ابنها الأول فى فاجعة النكسة والثانى فى كارثة مديرية أسيوط عقب اغتيال السادات تنزوى فى حجرتها التى تخصصها للحزن «حرمت على نفسها النوم فى حجرة واحدة مع أبى، اخترعت لنفسها أشعارا حزينة وأناشيد من صنعها الخاص تنشدها عند البكاء، وكنا نسمعها فتقطع نياط قلوبنا، كانت ترتدى الملابس السوداء طبقة فوق طبقة، حتى الملابس التى تلامس جسدها كانت سوداء» وأفدح من ذلك، أن أخته محاسن التى ضاقت روحها بهذا المناخ الكئيب، تطلعت إلى خطيبها شعبان، من أنه بدوره هجر زراعته وأطلق لحيته فلم يستطع أن يلبى مطالب الأسرة فى المهر والتجهيز، فهربت معه إلى منزل شيخه واقترنت به عرفيا فيقول الراوي: «كنت أعلم أن ما فعلته أختى إنما هو نوع من التمرد على حزننا العميق المترسب فى بيتنا، كانت روحها تتوق إلى الفرح، حاولت ان تجده عند شعبان، ولكنه تخلى عنها «وكم كان من المؤسف أن يحاول الأب الاستنجاد بهذا الراوى كى يشاركه فى دفن أخته وهى حية. وعندما تضيق السبل بعمار فى وطنه يأخذ طريقه للهجرة البرية إلى العراق مثل ملايين المصريين، حيث ينتهى به الأمر إلى الجلوس على رصيف فى شوارع بغداد انتظارا لمن يستدعيه لأى عمل، حيث ينصحه زملاؤه بأن يقبل أى عرض للعمل، وينسى تماما أنه متعلم ومعه شهادة جامعية، فيرضى بالعمل خادما عند عبدون القعيد على كرسيه المتحرك، ويتعلم منه فن الطبخ ويدمن القراءة، وعندما تأتى أخته فارعة مع أولادها لزيارته يشغف بها حبا، ومع أنه يقطع رحلته بعد أن يستشعر مع مئات الآلاف الأخطار التى بدأت تحدق بهم فى مهجرهم التعيس، وتبدأ الطائرات فى حمل مئات النعوش إلى القاهرة، فإنه يفقد ثلاثة أرباع مدخراته فى بنك الرافدين ويضيع جهده أدراج الرياح، فيحاول تجميع شتاته بعد العودة، يستأنف دراسته العليا، ويلتحق ببعثة الآثار فى أسيوط، ويكتب قصته تلك عن أيام الشقاء، تقرأها فارعة وهى فى طريقها لمصر بعد وقوع العراق فريسة للاحتلال الأجنبي، تحاول العثور على عابد وتجديد علاقتها معه، وعلى الرغم مما فى الرواية من بعض الخلل فانها تنجح فى استحضار فلذات حميمية من عذابات
المصريين ولذاتهم وفرحاتهم المسروقة من الزمن خلال العقود الماضية، لكن دون أن تشف عن رؤية للمستقبل سوى هاجس الخلاص الأخير.
صلاح فضل - الأهرام
http://www.mediafire.com/?o645u4a09mgbchw
Saturday, November 19, 2011
Monday, November 14, 2011
ناصر عراق - من فرط الغرام
هرباً من سطوة الأمن واحتلال الوطن والحب المغدوربه وجنون الديكتاتور بالسطلة يولى الجميع وجهه شطر "نور مكان" .. حيث تتجلى الفخامة والمدنية ومظاهر الثراء ويتلون البشر تبعاً لجنسيات تنتمى لكل بلاد العالم خاصة الأسيوى منها والإفريقى.. هناك فى تلك المدينة القابعة فى أحضان الخليج العربي يلتقى الأبطال كل بقصته لنبدأ معهم الرواية التى صاغها بإتقان الكاتب والفنان التشكيلى "ناصر عراق" من نهايتها.. ففى أولى صفحاتها تتربع النهاية بلا منازع، لتعود أدراجها بأسلوب الفلاش باك وبلغة عربية أتقنها وأحسن استخدامها المؤلف .. فنتعرف على تفاصيلها التى تأخذ بين جنباتها العالم العربي أجمع.. دولة بمواطنيها بمشكلاتهم تربطهم معاً فى نسيجها الممدود على صفحاتها، والمنقوش عليه حياة الأبطال التى ترى من حواراتهم وجلساتهم معاً واقعاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً عربياً مشوشاً.. نرى أحداث سبتمبر وفلسطين والعراق ومصر ولبنان.. نرى العراقى "على الموسوى" والسورى "رضوان لؤلؤة" والمصرى "سامح عبد الرحمن" والفلسطينى "مشعل خداش" ومعهم كخط رئيسى فى الرواية قصة الغرام المستمرة رغم تأرجحها بين النجاح والفشل والوفاء والغدر بين سامح عبد الرحمن "وأميرة يوسف" الطالبة والحبيبة والزوجة والعشيقة ايضاً. إنها رواية تقدم حياة الأبطال خيرها بشرها فى بلادنا العربية دون أن تبعث الملل فى نفس قارئها.
النيل والفرات
http://www.mediafire.com/?87bqxpcv7gk5av9
Sunday, November 13, 2011
Thursday, November 10, 2011
خيري شلبي - موت عباءة
تاريخ النشر: 01/01/1993
الناشر: مؤسسة المعارف للطباعة والنشر
رواية "موت عباءة" هي أحدث ما كتب الروائي الكبير خيري شلبي، بعد رائعتيه الأخيرتين: "وكالة عطية"، و"موال البيات والنوم". وهذه الرواية التي تطالعها بين دفتي هذا الكتاب يصل فيها الكاتب إلى درجة من التكثيف الشعري والدرامي لا تتحقق إلا لكتاب خبير متمرس، إنه في هذه الصفحات القليلة يختزل عالماً بأكمله،
ستراه وتعيشه بكل دقائقه وتفصيلاته الساحرة، وتقدم هذه الرواية فنية أصيلة يحق للرواية العربية أن تفخر بها، إن خيري شلبي الذي لا يكتب إلا ما يحسه ويعيشه بالفعل، لا يفتعل ولا يؤلف إنما يستقطر حياته وتجاربه الحياتية الفنية، فقد عاش حياة حافلة غنية تذكرنا بعظماء التاريخ الذين يبدءون من الصفر لكي يصنعوا في النهاية شيئاً كبيراً لهم والآخرين.
في هذه الرواية قصة حياة عباءة والموضوع على طرافته وجدته وأصالة تجربته الفنية هو في الواقع قصة حياة عصر بأكمله.
ستراه وتعيشه بكل دقائقه وتفصيلاته الساحرة، وتقدم هذه الرواية فنية أصيلة يحق للرواية العربية أن تفخر بها، إن خيري شلبي الذي لا يكتب إلا ما يحسه ويعيشه بالفعل، لا يفتعل ولا يؤلف إنما يستقطر حياته وتجاربه الحياتية الفنية، فقد عاش حياة حافلة غنية تذكرنا بعظماء التاريخ الذين يبدءون من الصفر لكي يصنعوا في النهاية شيئاً كبيراً لهم والآخرين.
في هذه الرواية قصة حياة عباءة والموضوع على طرافته وجدته وأصالة تجربته الفنية هو في الواقع قصة حياة عصر بأكمله.
http://www.mediafire.com/?d0pezzx8nix6ip9
Wednesday, November 9, 2011
Sunday, November 6, 2011
جبرا ابراهيم جبرا - يوميات سراب عفان
وفي تلك الليلة، إذ رحت أحدثها عن هلوسات ما كان لي أن أتحدث عنها لأحد سواها، لأنها بغيابها أو بحضورها هي مثيرتها ومحركتها كيف شاءت. كان حبها يدفق عليّ بفيض من أفكارها وأحاسيسها، وهي تستدرك كل مرة بأنها إنما تحاول أن تفرغ بعضاً مما يتراكم في ذهنها عشقاً، فرحاً، موتاً، يتراكم في ذهنها، في أعماقها عصياً على الكلمات، عصياً على الشرح: "ألا ترى ما معنى أن أحبك هكذا، وأن أكون ما أنا ومن أنا، ودون أي تناقض؟. بين أحزاننا ومخاوفنا، بين مآسينا اليومية وتوقعاتنا الفاجعة، أنا كمن يبحث عن خيط من لحن، من عزفٍ مجهول يصالحني مع هذه الأحزان والفواجع. ولكن كيف للإنسان أن يتصالح مع الألم إلا بقهره عن طريق فعل ما؟ أنني أبحث عما يشبه تلك الموسيقى الصاخبة بأنغامها الهائلة التي تحقق الانقذاف إلى حيث يعلم المرء أنه يحمل عبء العالم على ظهره، ولكنه في الوقت نفسه، كما بمعجزة، يحلق في الفضاء خفيفاً دونما خطة أو غاية، ولتذهب الخطط والغايات كلها إلى الجحيم..."
النيل والفرات
النيل والفرات
http://www.mediafire.com/?9za264w1fna417k
Wednesday, November 2, 2011
حميدة نعنع - الوطن في العينين
والآن.. هذا الاسم: حميدة نعنع!
نحن نعرف هذا الاسم تماماً. فحميدة نعنع السورية الجنسية قدمت نفسها للنظامالعراقي السابق كمعارضة للنظام السوري الذي كانت تصفه بأنه دكتاتوري (!)، وإنها اختارت باريس ملجأ من عسف البعث السوري (كذا)، وإنها فوق كل هذا وذاك مسوقة ممتازة لأيديولوجية وإعلام النظام العراقي.
كانت حميدة نعنع تكتب في مجلة ألف باء صفحة أسبوعية يعرف العاملون في هذه المجلة إنها كانت تخضع للتغيير وإعادة صياغة العديد من فقراتها بسبب ركة كتابتها وأسلوبها الحلزوني وكانت هذه الصفحة عربوناً من النوع الرديء لعلاقات قديمة بدأت مع السفارة العراقية في فرنسا.
وفي الوقت الذي كان الصحفيون العراقيون وصحفيو ألف باء على نحو خاص يتسلمون أدنى رواتب في العالم مقارنة حتى بصحف الدول المتخلفة، كانت صحفية من مثل حميدة نعنع تقبض بالعملة الصعبة بما يؤمن عيشها في باريس وتنقلاتها المستمرة بينها وبين بغداد، وعواصم عربية أخرى.
لم يكن غريباً على هذه الصحفية التي أنشأت صحيفة باسمها في المغرب أن تطور علاقتها بالنظام السابق وتتلوث بالنفط العراقي الخام (الحرام) من رأسها حتى أخمص قدميها.
بدأ التعامل مع حميدة نعنع ابتداءً من المرحلة السادسة من مذكرة التفاهم في 27/5/1999 بعد أن ظهر أسمها لأول مرة في كشف التخصيصات للمرحلة المذكورة وكان سياق العمل يقضي أن يتم التعاقد مع الشركة التي ترشحها الموما إليها لسحب كميتها المخصصة خلال نفس المرحلة وقد رشحت شركة جينمار السويسرية لهذا الغرض. تم التعاقد مع هذه الشركة بتاريخ 16/6/1999 بالكمية المخصصة لها والبالغة (1.8) مليون برميل نفط خام كركوك وتمت مصادقة وزير النفط السابق على العقد بتاريخ 22/6/1999 وقامت الشركة المتعاقدة برفع كامل الكمية.
تسجيلات بالصوت والصورة تم فرزها أخيرا من بين أطنان من الوثائق التي عثر عليها في بغداد عقب سقوط النظام العراقي السابق، تتضمن لقاءات خاصة جمعت بين عدي صدام حسين نجل الرئيس العراقي السابق مع شخصيات عربية. ومن الشخصيات العربية التي التقت بعدي صدام حسين وتظهر في أشرطة «الحرة» التي اطلعت «الشرق الأوسط» على أهم ما دار فيها، حوار نجل الرئيس العراقي معه الكاتبة السورية المقيمة في باريس حميدة نعنع.
ووفقا للوقائع التي ظهرت في الفيلم التسجيلي فإن الكاتبة السورية دخلت مكتب عدي وهي تقول «أهلا بالعزيز ابن العزيز والغالي ابن الغالي». ويقطع اللقطات المسجلة للعناق بين عدي ونعنع ظهور الإعلامي العراقي فلاح مشعل في لقطات حديثة ليعلق على كوبونات النفط ويتهم النظام السابق بأنه كان يقدم العطايا للإعلاميين العرب بأكثر مما يعطي بعض الكفاءات العراقية.
أو
Tuesday, November 1, 2011
تنويه بكتاب ---> حازم صاغية - البعث السوري-تاريخ موجز
يتناول الكتاب الجديد لحازم صاغية «البعث السوري-تاريخ موجز» (دار الساقي)، كما يدل عنوانه، جوانبَ من تاريخ البعث في حكم سورية منذ 1963، مع الاحتفاظ بهامش عريض لتناول ما هو غير بعثي في الحكم البعثي. وغني عن القــــول أن الموضوع هذا وإنْ كان سورياً اساساً، فهو لبناني وفلسطيني وعراقي في الوقت نفسه، حتى لو اتخذت أوجهه تـلك أشكالاً متفاوتة.
وهو من ناحية اخرى، يتصل بطريقة في التفكير والسلوك السياسيين سيطرت لسنوات على أجزاء واسعة من العالم العربي، وبخاصة منطقة المشرق.
اما الحصاد البائس الذي كشفه اندلاع الانتفاضة التي انطلقت من درعا، والتي يتوقف عندها سرد الكتاب، فيقول ذلك كله ببلاغة لا تجارى ولا يسع أيَّ كتاب آخر أن ينافسه عليها.
ومن خلاصات الكتاب، أن ليس حزب البعث والحكم السوري شيئاً واحداً، بل هناك في تاريخ هذا الحزب بعوث كثيرة يصح في وصفها التضارب اكثر مما يصح الانسجام والتماسك.
ومع هذا، يبقى البعث مهماً، لكونه القاطرة التي تم توسُّلُها للوصول الى السلطة، وبوصفه أيضاً الذريعة الأيديولوجية لتلك المهمة.
ضم الكتاب واحداً وعــشرين فصلاً مع مقدمة وثبت بيبليوغرافي.
(الحياة)
وهو من ناحية اخرى، يتصل بطريقة في التفكير والسلوك السياسيين سيطرت لسنوات على أجزاء واسعة من العالم العربي، وبخاصة منطقة المشرق.
اما الحصاد البائس الذي كشفه اندلاع الانتفاضة التي انطلقت من درعا، والتي يتوقف عندها سرد الكتاب، فيقول ذلك كله ببلاغة لا تجارى ولا يسع أيَّ كتاب آخر أن ينافسه عليها.
ومن خلاصات الكتاب، أن ليس حزب البعث والحكم السوري شيئاً واحداً، بل هناك في تاريخ هذا الحزب بعوث كثيرة يصح في وصفها التضارب اكثر مما يصح الانسجام والتماسك.
ومع هذا، يبقى البعث مهماً، لكونه القاطرة التي تم توسُّلُها للوصول الى السلطة، وبوصفه أيضاً الذريعة الأيديولوجية لتلك المهمة.
ضم الكتاب واحداً وعــشرين فصلاً مع مقدمة وثبت بيبليوغرافي.
(الحياة)
Monday, October 31, 2011
وجدان أبو محمود - شغب بازلتي
القصص القصيرة في هذا الكتاب تدعونا للتأمل قليلاً في هذا العالم الملئ بالمشاعر المختلفة الطيبة والقاسية، الحزينة والمفرحة، الوجدانية والمتقلبة، ومع كل قصة جديدة سنقرأ عن أحاسيس شخصياتها وانفعالاتهم لدرجة التعاطف مع كل قصة وتمني نهايات مشابهة تماماً لما صاغته الكاتبة.
ستة عشر قصة تتحدث عن كل يوم من أيام حياتنا، وتتحدث عن حالات انسانية قد يصادفها أي منا لكنها تختصر كلمات الكاتبة : "لامكان للمشاعر خارج دائرة الأمان".
http://www.mediafire.com/?jkyi22jtz8appcw
Sunday, October 30, 2011
Thursday, October 27, 2011
مي يتيم - ملصقات على أبواب دمشق
د. مي اليتيم: زوجة الاديب تيسير السبول ولدت في الكويت عام 1936 ، طبيبة اطفال ،تعرفت على السبول في الجامعة السورية ، اذ كانت تدرس الطب وهو يدرس الحقوق وكان ذلك في نهاية عام 1961 ، عندما نشرت قصة قصيرة في مجلة الاداب البيروتية ، عنوانها «الوان» لفتت انظاره فسعى للتعرف عليها ، وتزوجها عام 1963 .
الدكتورة مي قاصة صدر لها «ملصقات على ابواب دمشق» والدكتورة وهي تمزج بين جدلية الحضور والغياب ، الفرح والحزن بمجموعتها فإنها تقدم لغتها مشرعة ابدا بالضوء ، وان كان الحوار مع القاصة حول انتحار زوجها الشاعر تيسير سبول لـ" نزوى " فهو ايضا امتد ليكون معها كقاصة ايضا:
* من هي مي اليتيم؟
ـ امرأة عربية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان ، من اباء وكبرياء وتفاخر وانتماء، بالاضافة الى واقع لمسته فأبي بحريني وامي سورية وزوجي اردني ومسقط رأسي الكويت ، ولي علاقات قرابة وصداقة في عدد كبير من البلاد العربية كما ان دراستي الطب البشري كانت في دمشق واختصاصي كطبيبة اطفال كان في القاهرة.
* ماذا عن الزواج اذن؟
- لقاء في جامعة دمشق عبر المهرجانات والندوات المتعددة مع وجود اهتمامات كثيرة مشتركة بيننا منها هاجس الكتابة والشعر وهاجس القومية العربية. كان لا بد لذواتنا المضمرة ان تتحد بزواج رغم البعد الظاهري بين طالبة طب وطالب حقوق. وانسانة لا تعرف غير المدنية مع انسان ريفي يسكن حدود الصحراء. ورغم كل اشارات التعجب. كانت روحانا في حالة لقاء تفاهم واعجاب ووعي بقيمة واهمية الآخر.
* الرصاصة التي اختارها تيسير لجسده في 15 ـ 11 ـ 1973 دوّت عاليا ، برأيك من استيقظ على صوتها؟
ـ لا احد ، نحن بحاجة الى اكبر من رصاصة لايقاظ الموتى.
* ما السبب في ان ما كتب عن اسباب انتحار تيسير السبول اكثر مما كتب من نقد او تحليل لنتاجاته الادبية؟
ـ يقول البيرو كامو في احد كتبه ما معناه «حين يموت انسان ما تعر فه يتحول اليه انتباهنا بعد ان كنا في غفلة عنه». وفي حالة تيسير تبرع الكثيرون لابداء الاسباب ونصبوا انفسهم قضاة في محكمة غاب فيها المتهم. فكان رأيا وقضية من جانب واحد.
* نتاجه غير المطبوع ماذا عنه؟
- قليل هو نتاجه غير المطبوع مما توفر لدي ، بضع قصائد من مرحلة الدراسة الثانوية. ورواية لدي بدايتها بعنوان «الشيخ عصري».
* ماذا تقولين عن العلاقة بينك وبينه الآن؟
-علاقة حب واحترام. ورضى بالاختيار الصعب الذي وضع نفسه فيه.
* لماذا لم يتحول بيت تيسير السبول في ماركا الى متحف الى الآن؟
- وأنا أسأل بدوري لماذا المتحف؟ هل اوفينا تيسير حقه من الدراسة الجادة المتأنية وغير المسبوقة بأفكار مسبقة ومشاعر خصوصية حتى نفكر بطرق اخرى لتكريمه؟ هل كرمنا تيسير حقا وأوفيناه حقه؟ بل اني اقول اكثر من هذا لقد اهمل تيسير اهمالا متعمدا. لقد طلب مني وبإلحاح شديد اعادة طبع اعمال تيسير الكاملة وحين طبعناها منذ ما يقرب من السنة وبأعداد متواضعة «1000» نسخة فقط ، ومع جود الكم الكبير من الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد والدارسين للادب والمهتمين به لم يتجاوز عدد ما بيع من النسخ ربع الكمية المطبوعة ، فهل نحن بحاجة الى المتحف حقا؟
* ماذا عن الصدمة الاولى لانتحاره؟
- صدمة موت الحبيب لا يعبر عنها بالكلمات ، ولكن نتقبل الموت بالتدريج على انه القدر. وتبقى النفس حاملة لجراحها وأشجانها حتى النهاية.
* 26 عاما مرت على رحيل تيسير السبول.. هل رحل حقا؟
- ما دام احدنا حيا فلن يغيب الآخر في خضم الكون مهما امتدت السنين.
* لماذا انتحر تيسير السبول برأيك؟
- هل نسأل النجوم لماذا انطفأت؟ انها تمضي ويبقى نورها ينير درب مجرتنا ملايين السنين الشمسية؟
* خصصت جائزة ادبية تحمل اسم «تيسير السبول» للادب الجديد فهل هي كافية لترسيخه في اذهاننا؟
- انا لا احمل الجوائز على محمل الجد عموما ، فهناك كثير من اللاموضوعية في التعامل مع النتاج الفني بكل اشكاله ، تحكمها الظروف والشللية ، فهي اشبه بلعبة الكراسي الموسيقية.
* مسرحية تيسير السبول الوحيدة والتي كتبها فور عودته من زيارة لفلسطين عام 1972 ، ماذا عنها؟ ولماذا لم تر النور الى الآن؟
- مسرحية تيسير الوحيدة التي كتبها قبل سفره للأرض المحتلة «فلسطين» كانت عن «ابي ذر الغفاري» ولم يكن راضيا عنها ولذا مزقها واعدا بكتابتها مرة اخرى ولم يفعل.
* الرصاصة التي اختارها تيسير كيف تصنفيها؟
- رصاصة عمياء غادرة.
* ماذا تقولين عن الفتاة التي يكثر النقاد ذكرها وانه كان يحبها وهي تضطهده ومتعالية عليه؟
- حب مراهقة وانطفأ. حب يعتري كل انسان في شبابه الاول.
* ماذا عن اصدقاء تيسير السبول وكثيرون هم الذين يكتبون على انهم اصدقاؤه؟
- انا نفسي اعيد السؤال.. اين هم اصدقاء تيسير السبول؟ كان تيسير يحب اصدقاءه باخلاص ويتحمس لهم اما اصدقاؤه فقد اودعوه النسيان. اما الذين دأبوا في الكتابة عنه فمعظمهم استعاروا اسمه مشجبا لتعليق صورهم الشخصية عليه.
* بعد مجموعتك «ملصقات على ابواب دمشق» ماذا عن الطموح الذي شكلته القصة لديك؟
- اولا وقبل شيء ، انا لا اعتبر نفسي قاصة وانما انا هاوية للادب والفن وكل ما يجمل الحياة فيجعلها مستساغة ومقبولة ، لي تجارب ومحاولات قد تكون ذات قيمة تعبر عما يختلج في ضميري بين حين وآخر.
* مناخات «الاسرة» كانت بينه في المعالجة في مجموعتك فماذا عنها؟
- القصة اشبه بومضات سريعة بعين الكاميرا ، رؤية لموقف ، او حدث ما ، او مجرد فنتازيا جمالية ذات نكهة حداثية خيالية ، المهم ان يصب في بوتقة الادب الخالد، الاسرة هي البداية والنهاية في حياتي ، فمنذ وفاة «تيسير سبول» كرست نفسي لاولادي فأنا الام والصديقة والسند.اما مجموعة «ملصقات على ابواب دمشق» فهناك الى جانب الاسرة المناخ العام الاجتماعي والنفسي الانساني في عالم سريع التغيير.. لا يقبل المهادنة.
* اللغة الشعرية في المجموعة ، ماذا تقولين عنها؟
- الشعر الحر البداية ، فقد بدأت بكتابة الشعر الحر منذ اولى سنواتي الجامعية ونشرتها بالصحف اليومية في دمشق والحياة بلا شعر وموسيقى هي حياة بلا روح.
* اعلم انك تكتبين «المسرحية» فأين أخذتك المسرحية؟
- المسرح اهم الفنون وأقدمها ، وهو يجمع كل الفنون معا يصهرها في بوتقة واحدة ويقدمها إلينا ، لي تجارب غير مكتملة.. او بالاحرى لست راضية عنها.
* احلامك الثقافية؟
- احلم بكتابة رواية تاريخية ، تلح عليّ بين الحين والآخر ، ولكني ما ان ابدأ حتى أفقد الحماس لسبب او لآخر.
* ماذا تستطيعين القول عن المشهد الثقافي الاردني الآن؟
- لست على اطلاع واسع في هذا المجال حتى يكون لي رأي واضح ، ولكن الرواية الاردنية بشكل خاص قد أثبتت وجودها على اكثر من صعيد..
* ماذا عن النقد الذي تناول مجموعتك «ملصقات على ابواب دمشق»؟
- لم أقرأ اي نقد يتعلق بمجموعتي.
* ماذا عن ملكة الخيال معك؟
- الخيال جزء من الوجود ، فلا معنى لوجود صامت جامد ، لا يحركه الخيال ويجمله.
الدكتورة مي قاصة صدر لها «ملصقات على ابواب دمشق» والدكتورة وهي تمزج بين جدلية الحضور والغياب ، الفرح والحزن بمجموعتها فإنها تقدم لغتها مشرعة ابدا بالضوء ، وان كان الحوار مع القاصة حول انتحار زوجها الشاعر تيسير سبول لـ" نزوى " فهو ايضا امتد ليكون معها كقاصة ايضا:
* من هي مي اليتيم؟
ـ امرأة عربية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان ، من اباء وكبرياء وتفاخر وانتماء، بالاضافة الى واقع لمسته فأبي بحريني وامي سورية وزوجي اردني ومسقط رأسي الكويت ، ولي علاقات قرابة وصداقة في عدد كبير من البلاد العربية كما ان دراستي الطب البشري كانت في دمشق واختصاصي كطبيبة اطفال كان في القاهرة.
* ماذا عن الزواج اذن؟
- لقاء في جامعة دمشق عبر المهرجانات والندوات المتعددة مع وجود اهتمامات كثيرة مشتركة بيننا منها هاجس الكتابة والشعر وهاجس القومية العربية. كان لا بد لذواتنا المضمرة ان تتحد بزواج رغم البعد الظاهري بين طالبة طب وطالب حقوق. وانسانة لا تعرف غير المدنية مع انسان ريفي يسكن حدود الصحراء. ورغم كل اشارات التعجب. كانت روحانا في حالة لقاء تفاهم واعجاب ووعي بقيمة واهمية الآخر.
* الرصاصة التي اختارها تيسير لجسده في 15 ـ 11 ـ 1973 دوّت عاليا ، برأيك من استيقظ على صوتها؟
ـ لا احد ، نحن بحاجة الى اكبر من رصاصة لايقاظ الموتى.
* ما السبب في ان ما كتب عن اسباب انتحار تيسير السبول اكثر مما كتب من نقد او تحليل لنتاجاته الادبية؟
ـ يقول البيرو كامو في احد كتبه ما معناه «حين يموت انسان ما تعر فه يتحول اليه انتباهنا بعد ان كنا في غفلة عنه». وفي حالة تيسير تبرع الكثيرون لابداء الاسباب ونصبوا انفسهم قضاة في محكمة غاب فيها المتهم. فكان رأيا وقضية من جانب واحد.
* نتاجه غير المطبوع ماذا عنه؟
- قليل هو نتاجه غير المطبوع مما توفر لدي ، بضع قصائد من مرحلة الدراسة الثانوية. ورواية لدي بدايتها بعنوان «الشيخ عصري».
* ماذا تقولين عن العلاقة بينك وبينه الآن؟
-علاقة حب واحترام. ورضى بالاختيار الصعب الذي وضع نفسه فيه.
* لماذا لم يتحول بيت تيسير السبول في ماركا الى متحف الى الآن؟
- وأنا أسأل بدوري لماذا المتحف؟ هل اوفينا تيسير حقه من الدراسة الجادة المتأنية وغير المسبوقة بأفكار مسبقة ومشاعر خصوصية حتى نفكر بطرق اخرى لتكريمه؟ هل كرمنا تيسير حقا وأوفيناه حقه؟ بل اني اقول اكثر من هذا لقد اهمل تيسير اهمالا متعمدا. لقد طلب مني وبإلحاح شديد اعادة طبع اعمال تيسير الكاملة وحين طبعناها منذ ما يقرب من السنة وبأعداد متواضعة «1000» نسخة فقط ، ومع جود الكم الكبير من الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد والدارسين للادب والمهتمين به لم يتجاوز عدد ما بيع من النسخ ربع الكمية المطبوعة ، فهل نحن بحاجة الى المتحف حقا؟
* ماذا عن الصدمة الاولى لانتحاره؟
- صدمة موت الحبيب لا يعبر عنها بالكلمات ، ولكن نتقبل الموت بالتدريج على انه القدر. وتبقى النفس حاملة لجراحها وأشجانها حتى النهاية.
* 26 عاما مرت على رحيل تيسير السبول.. هل رحل حقا؟
- ما دام احدنا حيا فلن يغيب الآخر في خضم الكون مهما امتدت السنين.
* لماذا انتحر تيسير السبول برأيك؟
- هل نسأل النجوم لماذا انطفأت؟ انها تمضي ويبقى نورها ينير درب مجرتنا ملايين السنين الشمسية؟
* خصصت جائزة ادبية تحمل اسم «تيسير السبول» للادب الجديد فهل هي كافية لترسيخه في اذهاننا؟
- انا لا احمل الجوائز على محمل الجد عموما ، فهناك كثير من اللاموضوعية في التعامل مع النتاج الفني بكل اشكاله ، تحكمها الظروف والشللية ، فهي اشبه بلعبة الكراسي الموسيقية.
* مسرحية تيسير السبول الوحيدة والتي كتبها فور عودته من زيارة لفلسطين عام 1972 ، ماذا عنها؟ ولماذا لم تر النور الى الآن؟
- مسرحية تيسير الوحيدة التي كتبها قبل سفره للأرض المحتلة «فلسطين» كانت عن «ابي ذر الغفاري» ولم يكن راضيا عنها ولذا مزقها واعدا بكتابتها مرة اخرى ولم يفعل.
* الرصاصة التي اختارها تيسير كيف تصنفيها؟
- رصاصة عمياء غادرة.
* ماذا تقولين عن الفتاة التي يكثر النقاد ذكرها وانه كان يحبها وهي تضطهده ومتعالية عليه؟
- حب مراهقة وانطفأ. حب يعتري كل انسان في شبابه الاول.
* ماذا عن اصدقاء تيسير السبول وكثيرون هم الذين يكتبون على انهم اصدقاؤه؟
- انا نفسي اعيد السؤال.. اين هم اصدقاء تيسير السبول؟ كان تيسير يحب اصدقاءه باخلاص ويتحمس لهم اما اصدقاؤه فقد اودعوه النسيان. اما الذين دأبوا في الكتابة عنه فمعظمهم استعاروا اسمه مشجبا لتعليق صورهم الشخصية عليه.
* بعد مجموعتك «ملصقات على ابواب دمشق» ماذا عن الطموح الذي شكلته القصة لديك؟
- اولا وقبل شيء ، انا لا اعتبر نفسي قاصة وانما انا هاوية للادب والفن وكل ما يجمل الحياة فيجعلها مستساغة ومقبولة ، لي تجارب ومحاولات قد تكون ذات قيمة تعبر عما يختلج في ضميري بين حين وآخر.
* مناخات «الاسرة» كانت بينه في المعالجة في مجموعتك فماذا عنها؟
- القصة اشبه بومضات سريعة بعين الكاميرا ، رؤية لموقف ، او حدث ما ، او مجرد فنتازيا جمالية ذات نكهة حداثية خيالية ، المهم ان يصب في بوتقة الادب الخالد، الاسرة هي البداية والنهاية في حياتي ، فمنذ وفاة «تيسير سبول» كرست نفسي لاولادي فأنا الام والصديقة والسند.اما مجموعة «ملصقات على ابواب دمشق» فهناك الى جانب الاسرة المناخ العام الاجتماعي والنفسي الانساني في عالم سريع التغيير.. لا يقبل المهادنة.
* اللغة الشعرية في المجموعة ، ماذا تقولين عنها؟
- الشعر الحر البداية ، فقد بدأت بكتابة الشعر الحر منذ اولى سنواتي الجامعية ونشرتها بالصحف اليومية في دمشق والحياة بلا شعر وموسيقى هي حياة بلا روح.
* اعلم انك تكتبين «المسرحية» فأين أخذتك المسرحية؟
- المسرح اهم الفنون وأقدمها ، وهو يجمع كل الفنون معا يصهرها في بوتقة واحدة ويقدمها إلينا ، لي تجارب غير مكتملة.. او بالاحرى لست راضية عنها.
* احلامك الثقافية؟
- احلم بكتابة رواية تاريخية ، تلح عليّ بين الحين والآخر ، ولكني ما ان ابدأ حتى أفقد الحماس لسبب او لآخر.
* ماذا تستطيعين القول عن المشهد الثقافي الاردني الآن؟
- لست على اطلاع واسع في هذا المجال حتى يكون لي رأي واضح ، ولكن الرواية الاردنية بشكل خاص قد أثبتت وجودها على اكثر من صعيد..
* ماذا عن النقد الذي تناول مجموعتك «ملصقات على ابواب دمشق»؟
- لم أقرأ اي نقد يتعلق بمجموعتي.
* ماذا عن ملكة الخيال معك؟
- الخيال جزء من الوجود ، فلا معنى لوجود صامت جامد ، لا يحركه الخيال ويجمله.
http://www.mediafire.com/?rzxbt5rd5lqeava
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
Wednesday, October 26, 2011
سهاد حسين قليبو - القدس مدينتي
تحمل ابنة القدس وحارسة حكاياها الكاتبة سهاد حسين قليبو معها في حلها وترحالها أيقونة، ترصد لها وقتها وعمرها وجهدها، تجوب المدن حاملة «كتبها» لتقدم للشباب العربي أينما كانوا «زوادة» الوعي بأهمية المدينة المقدسية، وكيفية الرد على الادعاءات الصهيونية، بالعلم والمعلومة ومحبة المدينة المقدسة.
ظل المكان الأول زاد المبدع أينما ارتحل، فكيف هو الحال إذ تكون القدس هي مهد الطفولة؟.
القدس بيتي ولا يحلو النوم ولا يرتاح القلب إلا في مهد الطفولة جنة الأوطان، وسرها الذي لا يعلمه إلا من وطئت قدماه أرض المكان، القدس مدينتي، في القدس أمضيت طفولتي مع العائلة، إنها بيتي الأول والأخير، رغم تنقلي في بيوت كثيرة، وسفري إلى أماكن كثيرة، إلا أنني لا أجد طعما إلا لهذا البيت المقدسي، حيث كانت تعيش عائلتي الممتدة، نقضي الوقت مع الجد والجدة ، وكعائلة ممتدة مع الأعمام والعمات، والخالات والأخوال، في لقاءات تتواصل في صالون عائلتي.
تبذل الكاتبة المقدسية سهاد قليبو جهودا توثيقية وبحثية ومعرفية كباحثة متخصصة في شؤون مدينة القدس، ويأتي فوز الكاتبة سهاد قليبو بجائزة أحسن كتاب عن القدس بحثا ودراسة وتاريخا لعام 2008 وهي جائزة تكريمية من فلسطين عن كتابها «الإسلام والقدس وبنو إسرائيل واليهود» ضمن فعاليات إعلان القدس عاصمة للثقافة العربية 2009 تقديرا لجهودها المعنية بالتوثيق الديني والتاريخي للمدينة.
سعادة الباحثة قليبو لا توصف: «لقد كرمت من مصر والأردن والعراق، وأخيرا كان التكريم من أهل بلدي ومسقط رأسي القدس، فالتكريم ليس جائزة وحسب، فافتتاح الاحتفال بالقدس عاصمة الثقافة العربية 2009 في عمان بصدور الكتاب الذي أقيم في مركز الحسين الثقافي قبل نحو شهرين هو تكريم حقيقي، كما أجيز من جامعة الأزهر في القاهرة عن طباعته من الناحية الإسلامية، وقد تم ضمه لمكتبة الأزهر، والجائزة عبارة عن تقدير للعمل والبحث الذي جاء بعد خمسة أعوام من البحث والدراسة للآيات القرآنية والكتب المقدسة القديمة، ويهدف الكتاب البحث عن الحقيقة، فكان البحث عن الهيكل والقدس، استعانت المؤلفة بالعهد القديم وأحاديث المسيح عيسى عليه السلام والتي تؤكد أن القدس ليست ذاتها التي يتكلم عنها اليهود، فالكتاب يبين تاريخ بني إسرائيل ومنشأ كلمة اليهودية››.
الكاتبة سهاد حسين قليبو المقدسية النشأة والتنشئة نذرت نفسها للدفاع عن القدس، فهي سفير خاص لجامعة القدس (ومقرها القدس الشرقية) وبتكليف من بيت الشرق لم يعد مجرد أثر معماري تاريخي فحسب، بل صار رمزا للهوية العربية المقدسية.
أصدرت كتاب (القدس مدينتي) عن دار الهلال سردت ذكرياتها وخواطرها منذ وقوع عدوان5 حزيران1967 وهي ما تزال طالبة بمدرسة شميدت الألمانية، تزامن بدء العدوان مع يوم عيد ميلادها(5 حزيران) استبشرت يومها هي وزميلاتها بالنصر أنشدن بصوت كله إيمان بعودة فلسطين والشطر الآخر من القدس وردد معا كلمات (وطني حبيبي..وطني الأكبر(.
لم تكتف المؤلفة سهاد أن تنقل عن أبيها فقط رواية احتلال فلسطين، بل استعانت بكلمات والدتها (وجيهة نسيبة) وكلمات عمها حسن وأفراد عائلتها، لتسجل لحظات قاسية وهي تعود إلى فلسطين لقضاء إجازة الصيف مع الأهل في القدس، عن غرف التفتيش وأوامر الجندية الإسرائيلية بخلع الأحذية والثياب، وتدخل القدس وتصل إلى رأس العامود في طريقها إلى بيت الأسرة مارة برحاب الأقصى والصخرة، وعندئذ تحس بالسلام والأمان: «فالقدس بيتي ولا يحلو النوم ولا يرتاح القلب إلا في مهد الطفولة جنة الأوطان، وسرها الذي لا يعلمه إلا من وطئت قدماه أرض المكان».
وكانت أصدرت الباحثة (سهاد قليبو)، كتاب (الإسلام والعالمية والسامية)، تحدثت فيه عن: السامية، ميلاد الأنبياء إبراهيم وإسماعيل وإسحق، القدس والعولمة، القدس وثقافة السلام، الأقصى للمسلمين فقط، والتوراة تؤكد أن الهيكل المزعوم غير موجود في الحرم القدسي.
وتؤكد الكاتبة في أبحاثها أن «تاريخ القدس مليء بالأحداث المفصلية وقد عاشت القدس فترات حرجة في تاريخها ولا يوجد قوم في العالم إلا ووطئها ولكن ما استطاعت الثبات فيها وما ثبتت غير العروبة الراسخة في الأرض».
سميرة عوض
http://www.mediafire.com/?fctpbb36173x1kw
Monday, October 24, 2011
نعيم سليم الزهراوي - أسر حمص والعمران الأقتصادي - 4
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
Sunday, October 23, 2011
Saturday, October 22, 2011
السيد يوسف - مذكرات معتقل سياسي, صفحة من تاريخ مصر
سنة النشر :1999
ضم هذا الكتاب مذكرات المعتقل السياسي السيد يوسف احد أعضاء الحركة الشيوعية الذين أيدوا ثورة يوليو ثم القي بهم عبد الناصر في معتقلاته وهذا الكتاب يلقى الضوء على جوانب خفية من تاريخ مصر السياسي قبل الثورة وبعدها
ضم هذا الكتاب مذكرات المعتقل السياسي السيد يوسف احد أعضاء الحركة الشيوعية الذين أيدوا ثورة يوليو ثم القي بهم عبد الناصر في معتقلاته وهذا الكتاب يلقى الضوء على جوانب خفية من تاريخ مصر السياسي قبل الثورة وبعدها
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
Thursday, October 20, 2011
Wednesday, October 19, 2011
Tuesday, October 18, 2011
الفريد روست - مكتشفات مغاور يبرود
دراجة هوائية قادت عالم الآثار الألماني ألفريد روست عام 1930 إلى اكتشاف حضارة من أقدم حضارات العالم، وهي الحضارة اليبرودية- نسبة إلى بلدة يبرود- والتي أثبت علماء التاريخ أنها أقدم مكان استوطنه إنسان ما قبل التاريخ وأقام فيه أهم حضاراته الحجرية حيث توفرت في المكان أهم شروط الحياة البشرية كالماء والغذاء والملجأ الصخري الذي كان يأوي إليه إنسان المنطقة ويحتمي به من أخطار الحيوانات المفترسة أومن عوامل الطبيعة، ولعل أهم مثال حي على هذه الملاجىء وادي إسكفتا في يبرود الذي ثبت أنه كان موطناً لإنسان العصور الحجرية القديمة منذ ما يزيد عن 300 ألف سنة مضت، كما أثبتت المكتشفات الأثرية في هذا الوادي أن إنسان يبرود أقام أعظم حضارة حجرية صوانية في التاريخ البشري وهذا ما أثبتته كشوف العالم الأثري الألماني الشهير روست عام 1930 والبعثة التابعة لجامعة كولومبيا عام 1964 والبعثة اليابانية عام 1987
http://www.mediafire.com/view/?m69kpm7viwq39gt
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
إبراهيم محمود - جغرافية الملذات, الجنس في الجنة
تاريخ النشر: 01/01/1998
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
في هذا الكتاب "جغرافية الملذات-الجنس في الجنة" ستقع عين القارئ على خريطة لجغرافيا الملذات في الجنة. تبدأ بلذة الشوق ولذة الذوق مروراً بلذة البصر ولذة المعرفة ولذة الشم وصولاً إلى لذة السمع واللمس والجنس.
وكما في مؤلفات، له، سابقة، يذهب الباحث إبراهيم محمود نحو الغامض والمجهول والعجيب والخفي والمدهش في رحلة يبحث فيها، هذه المرة، مستعيناً بالمراجع والمصادر المتنوعة، عن حوريات الجنة وفواكه الجنة وماء الجنة والطيور والطعام والظلال والأفراح في الجنة، محاولاً الإجابة عن أسئلة مقلقة ولاهثة ومحيرة يطلقها كل واحد منها، برغبة ملامسة الأبدية أو اللذة المطلقة.
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
في هذا الكتاب "جغرافية الملذات-الجنس في الجنة" ستقع عين القارئ على خريطة لجغرافيا الملذات في الجنة. تبدأ بلذة الشوق ولذة الذوق مروراً بلذة البصر ولذة المعرفة ولذة الشم وصولاً إلى لذة السمع واللمس والجنس.
وكما في مؤلفات، له، سابقة، يذهب الباحث إبراهيم محمود نحو الغامض والمجهول والعجيب والخفي والمدهش في رحلة يبحث فيها، هذه المرة، مستعيناً بالمراجع والمصادر المتنوعة، عن حوريات الجنة وفواكه الجنة وماء الجنة والطيور والطعام والظلال والأفراح في الجنة، محاولاً الإجابة عن أسئلة مقلقة ولاهثة ومحيرة يطلقها كل واحد منها، برغبة ملامسة الأبدية أو اللذة المطلقة.
http://www.mediafire.com/view/?xu8ww56fd4arzgp
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
Monday, October 17, 2011
عدنان الملوحي - بين مدينتين, من حمص إلى الشام
مذكرات عدنان الملوحي في هذا الكتاب هي أكثر من مذكرات شخصية، رغم ان طابعها العام هو طابع السيرة الذاتية لكاتب صحافي رصد الحياة الاجتماعية والسياسية في سورية خلال أكثر من نصف قرن. والمذكرات في هذا المعنى تفصح عن أسلوب في التفكير تغلب عليه نزعة إنسانية
http://www.mediafire.com/view/?xhd5vd4jjeudyqd
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
Friday, October 14, 2011
Wednesday, October 12, 2011
صلاح صلاح - للأعداء أمهات أيضاً، رجل ،أمرأة أو أكثر
في ذكرى المبدع المرحوم صلاح صلاح
(أبو عبدو)
(أبو عبدو)
عرفاناً من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بما قدمه الراحل صلاح صلاح من مساهمات قيمة في الثقافة العربية، تقدم آخر عملين وجدناهما في أوراقه بعد رحيله، آملين أن نكون قد وفيناه جزءاً من حقه علينا''.
الكاتب أهدى الرواية الأولى إلى والدته، مستذكراً أبيات الشاعر محمود درويش: ''وأعشق عمري لأني إذا متّ أخجل من دمع أمي''. وفي اختصار مكثف لمضمون العمل، كتب صلاح صلاح على صفحاته الأولى: ''قال ممثل الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة إن الفلسطينيين لا يحبون أبناءهم، لذا يرسلونهم في عمليات انتحارية. إليه عذابات أم عربية فلسطينية، لا تحب أبناءها فقط بل حتى أمهات وأبناء أعدائها''.
تتناول الرواية الأولى خواطر امرأة فلسطينية، هي ''أم صبحي''، فيما هي تناجي نفسها حين لم يعد ابنها صبحي ذو الأعوام الأربعة عشر، إلى البيت ذات مساء، الأم تعرف من بعض سكان الحي أن ابنها شوهد في عربة للفدائيين، تدرك ما ينتظرها جراء ذلك، وتقبله راضية، لكن سؤالاً يقفز رغماً عنها إلى الخاطر الكسير: ''أليس صغيراً على ذلك''؟ وفق هذا السياق التراجيدي المفتوح على قدرية فجائعية تدور أحداث الرواية، التي تحتل الأم الفلسطينية محوراً رئيسياً في تداعيات أحداثها، حيث يمكن للأحداث المتتالية أن تظهر مقدار ما تتمتع به تلك المرأة المشحونة بالحب من قوة وعزيمة اسثتنائية الطابع، بالرغم من مناخ الضعف والإحباط الذي يهمين على تفاصيل عيشها اليومي. أطفال كتب عليهم أن يكبروا قبل أوانهم، وأمهات قدر لهن أن يتجرعن مرارة الخسارة والفقدان، وأن يتقبلن ما يعنيه ذلك من حذف بند المستقبل عن لوائح الأحلام والأماني. على هذه الخلفية التراجيدية نسج صلاح صلاح روايته مفرداً لها العديد من الأمكنة والمساحات الزمنية أيضاً، هي تبدأ من فلسطين لكنها تتمدد نحو أبوظبي، وبيروت على امتداد عقد من السنين، وتبقى خاتمتها مفتوحة على الاحتمالات المتعددة في المكان والزمان.
في الرواية الثانية، التي تضمنها الكتاب، نصغي إلى بوح رجل وامرأة أرهقتهما تفاصيل الحياة المعاصرة، تأتي الأحداث مروية على ألسنة الخاضعين لها، تختلف التفاصيل لكن وقعها على النفس البشرية يبدو واحداً، الإحباط أقرب إلى قدر مرسوم منه إلى حادث عرضي يمكن تفاديه. قسوة العيش تقصي مشاعر الشغف الذي يحمله العشاق في دواخلهم، وتنحرف بالحوار المنشود بينهم نحو البعد الداخلي، حيث يؤول الخطاب الثنائي إلى مونودراما وجلة تتهيب المشاركة، وتقنع بالانكفاء السلبي نحو الذات المجردة.
القارئ للكتاب لا يسعه إلا التأمل في عبارة يوردها الكاتب الراحل على لسان أحد شخصياته: ''كلنا موتى تحت الطلب، لكننا لا ندري متى، فها يعني ذلك أن نعيش كل حياتنا في حزن ونحرم أنفسنا من الفرح''!
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
Tuesday, October 11, 2011
غلام حسين ساعدي - مآتم
تاريخ النشر: 01/01/1999
ترجمة، تحقيق: عمر عدس
الناشر: المجمع الثقافي
ترجمة، تحقيق: عمر عدس
الناشر: المجمع الثقافي
صاحب هذه القصص هو القاص غلام حسين ساعدي (1935-1985) ولد في آذار بيجان. ودرس الطب في جامعة طهران ولكنه اختار طريق الأدب، بدأ بنشر كتاباته الأولى سنة 1953م. وفي الستينات كانت قد ذاعت شهرته كاتباً مسرحياً يكتب اسمه المستعار (جوهر مراد). والأجواء المخيفة التي تضغي على واقعية ساعدي طابعاً رمزياً، تتجلى بقوة في مجموعة قصصه المترابطة معاً (مآثم) التي هي بين يدي القارئ، وانتظار نزول البلاء يشكل الحدث في هذه القصص.
نبذة النيل والفرات
نبذة النيل والفرات
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
Monday, October 10, 2011
عبد النبي حجازي - زهـرة الرمـان
إن حياتنا المعاصرة فقدت الغنى، وفقدت رهافة الحس، بل صار الإنسان بليداً: فـي الغناء وفـي السينما وفـي انحسار الكلمة المقروءة ولقد غدا الحاسوب وسيلة الاتصال الأهم، وأبيحتْ مواقع الانترنت فجعلت العالم صغيراً بين اليدين. إنه عصر بدأتْ فيه العلاقات الاجتماعية تتبدّل وتختلتف أساليبها ونشأ جيل جديد يرى الحياة وفق مزاجيته لكنه أكثر خبرة واطلاعاً وأغنى "معرفة".. ولنعترف أن أطفالنا يتفوّقون علينا إذا قارناهم بأنفسنا عندما كنا فـي مثل أعمارهم،ولأعترف أنا - شخصياً - أن أصغر أولادي هم الذين علموني على الحاسوب وعلى التعامل مع الانترنت، فانبهرتُ بالحاسوب وألقيتُ القلم جانباً وجعلته وسيلتي الوحيدة للكتابة لأنه يتيح لي الشطب والتعديل بمنتهى السهولة، وتخزين كتابتي وأرشيفي.
لقد عدتُ إلى كتابة الرواية بعد انقطاع دام حوالي العشرين عاماً، إن آخر رواية كتبتُها كانت "صوت الليل يمتدّ بعيداً". وإنني فـي "زهرة الرمان" أتبّع طريقة خارجة عن "تقنية الرواية" المألوفة، أترك نفسي على سجيتها، وأتعامل مع التاريخ الذي يعيش حياً فـي الصدور لا المدون فـي السطور كما يرى ساطع الحصري، فلا أعبأ بالوثيقة لأنني لا أؤرخ وإنما أحاول أن أصنع واقعاً افتراضياً "بالتخييل" الذي أفاض فـي الكلام عنه الناقد الإنكليزي "غراهام هو".
إنني أنحني أمام حواء، وأراها بداية العالم ونهايته، وما أزال أصبح وأمسي لاجئاً إليها فـي "رؤية للعالم" مبنية على اتِّقاد النفس بإحساس صوفـيّ بالغريزة المطلقة، وأرى أن عمر الإنسان لا يقاس بالأيام والسنين وإنما بمقدار الإحساس بأن "حواء" هي الرمز الأقدس: القرينة التي تلتحم بها فتغدو الحياة عارية مصفّاة من الشوائب وتغدو بدفئها نصفك الآخر.. وهي الأم، والجدة، والخالة، والأخت، والحفيدة، هي الحقيقة المطلقة المقدسة التي تمنح حياتك سرَّ الخلود.
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
لقد عدتُ إلى كتابة الرواية بعد انقطاع دام حوالي العشرين عاماً، إن آخر رواية كتبتُها كانت "صوت الليل يمتدّ بعيداً". وإنني فـي "زهرة الرمان" أتبّع طريقة خارجة عن "تقنية الرواية" المألوفة، أترك نفسي على سجيتها، وأتعامل مع التاريخ الذي يعيش حياً فـي الصدور لا المدون فـي السطور كما يرى ساطع الحصري، فلا أعبأ بالوثيقة لأنني لا أؤرخ وإنما أحاول أن أصنع واقعاً افتراضياً "بالتخييل" الذي أفاض فـي الكلام عنه الناقد الإنكليزي "غراهام هو".
إنني أنحني أمام حواء، وأراها بداية العالم ونهايته، وما أزال أصبح وأمسي لاجئاً إليها فـي "رؤية للعالم" مبنية على اتِّقاد النفس بإحساس صوفـيّ بالغريزة المطلقة، وأرى أن عمر الإنسان لا يقاس بالأيام والسنين وإنما بمقدار الإحساس بأن "حواء" هي الرمز الأقدس: القرينة التي تلتحم بها فتغدو الحياة عارية مصفّاة من الشوائب وتغدو بدفئها نصفك الآخر.. وهي الأم، والجدة، والخالة، والأخت، والحفيدة، هي الحقيقة المطلقة المقدسة التي تمنح حياتك سرَّ الخلود.
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
Thursday, October 6, 2011
Monday, October 3, 2011
فواز حداد - الولد الجاهل
ويمكن للدارس أن يستنتج عددا من الثيمات الرئيسة التي تطبع عالمه الروائي, وتشكّل بنيته السردية, ومرجعياته, وتقنياته الفنيّة. وأول هذه الثيمات: اشتغاله على التاريخ بوصفه ماضيا مستمرا. وثانيها: تتبّعه لجذور الفساد الذي يطول المجتمع بأبعاده السياسية والثقافية والروحية. وثالثها: رصده لنماذج المثقّفين وميولهم ومواقفهم المتباينة. ورابعها: استثماره لمفهوم «القرين» بوصفه شخصيّة روائية وتقنية فنيّة في آن معا. وخامسها: اتخاذه من دمشق فضاء مكانيا مركزيا لأحداثه وأبطاله. وسادسها: تهجين السرد باللغات واللهجات والنبرات الاجتماعية والمهنية المتعدّدة. وسابعها: إخلاصه لمفهوم الحبكة التقليدية بعناصرها المختلفة.
http://www.mediafire.com/view/?qd4kps07hknelm5
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
Thursday, September 29, 2011
إبراهيم محمود - الفتنة المقدسة..عقلية التخاصم في الدولة العربية الإسلامية
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
تاريخ النشر: 01/01/1999
الإسلام ثقافة إبداع، تجاوز في تبلوره وتناميه حدود اللغة العربية، وإن برزوا خلالها، حيث وجدت شعوب مختلفة، نفسها ساعية إلى المساهمة في تعميق هذا الإبداع: عرباً وغير عرب، مسلمين وغير مسلمين. هذا وإن عقلية التخاصم، هي العلاقة الفارقة المميزة للثقافة العربية والإسلامية، وامتداداتها في الآن الراهن.
ولعل الباحث في تتبعه لخيوطها الدقيقة، وتجلياتها الكبرى، من خلال أمثلة تاريخية، ووقائع، موزعة في أزمنة تاريخية عربية-إسلامية مختلفة، استطاع مقاربة حقيقة هذه المكونات، واستيعاب أدواتها النقدية الفاعلة، وذلك لفهم أنفسنا أكثر، وهي تعيش أكثر من حالة تشظي في الداخل، ونحن نتهيأ لدخول القرن الحادي والعشرين. لقد حاول الباحث قدر المستطاع، تعقب (عقلية التخاصم) معنى ومفهوماً ودلالة، في التاريخ العربي-الإسلامي، وكيف تشكل هذه العقلية الميزان القيمي، ليس لما يقوم به الإنسان ويفعله (إنسان محدد مذهباً وتمذهباً)، بل للكائنات الأخرى في الطبيعة،و الجمادات.
ولقد ركّز بصورة رئيسية على أهم عصرين في التاريخ الإسلامي (عصر الخلفاء الراشدين) و(العصر الأموي) ففي الأول توضحت معالم العقلية المذكورة تلك كثيراً، من حيث قدرتها على (إنجاب) مفهوماتها وتشكيل ذاكرتها الجمعية، ولو بصعوبة احترابية افتئاتية. ثم يعايش في الثاني تفكك المفهوم المذكور، وانقسام العناصر الأخرى، حيث القبلية زادت قوتها، وتجلت فاعليتها في إنتاج، وإخراج، وإيلاج كل ما يمكنها من البقاء، وتجذير سلطتها: إنشاءً وسلوكاً ومثالاً.
نبذة النيل والفرات
http://www.mediafire.com/view/?wr5xvm5k2u4rnch
ملطوش من "نهضة العرب"
ملطوش من "نهضة العرب"
Tuesday, September 27, 2011
عبد الإله بلقزيز - الإسلام والسياسة, دور الحركة الإسلامية في صوغ المجال السياسي
الناشر: المركز الثقافي العربي
يقول المفكر عبد الإله بلقزيز في كتابه بأنه من الواجب الاعتراف للحركة الإسلامية المعاصرة بما نهضت به من أدوار كبيرة، وما قدمته من تضحيات عظيمة، في معركة الممانعة الاجتماعية والسياسية والثقافية، ضد الحيف والتهميش والقمع، ومن أجل صون هوية الأمة من التبديد، وتحرير الأرض من الاحتلال.
وهي مساهمة توجتها قوة سياسية رئيسة في العشرين عاماً الأخيرة، ورفعت من رصيد صورتها ومصداقيتها لدى الشعب. وأوضح من هذا السياق أن المفكر لا يجحد الحركة الإسلامية دورها، وحقها المشروع في الاعتراف بعظيم نتائج دورها، وهو الاعتراف الذي يأمل في أن يصبح جماعياً، وفي أن يتحلى المترددون-لأسباب مذهبية وسياسية صرف-بالشجاعة العلمية والنفسية، وبالنزاهة الأخلاقية، لتجاوز ترددهم ومكابرتهم، وممارسته اعترافاً جهيراً ينتصر للحقيقة أولاً، ويعيد بناء الوشائج والصلات مع هذا الموقع (الإسلامي) المتقدم في حلبة الممانعة الوطنية والاجتماعية ثانياً، ولكنه يردده اعترافاً من نوع مختلف: يريده أن لا يكون محاباة ومداهنة، كما يحلو للبعض أن يفعل، بل مصحوباً بنقد صريح لمواطن العطب في تجربة هي تجربة المسلمين جميعاً وإن باعدت بينهم خيارات الفكر.
والنقد ليس هدفاً في كل الأحوال، بل هو كثيراً ما يكون في جملة أدوات التصويب والتصحيح والترشيد وإعادة البناء. وبلقزيز هنا لا يتردد في القول أن في تجربة الحركة الإسلامية، وفي فكرها، ما يستدعي ذلك النقد ويحمل عليه حملاً، لأن الصمت عنه-في ما يقدر-هو الشكل الآخر للكيد، ولو بشكل غير مباشر، للحركة الإسلامية! وهذا الكتاب محاولة بلقزيز الأولى في ذلك النقد...
نبذة النيل والفرات
http://www.4shared.com/document/2sSNKOB9/___________-___.html
ملطوش من "مكتبة الأسكندرية
Monday, September 26, 2011
في ذكرى عزيز السيد جاسم الانسان والمفكر والروائي - رواية المناضل
عزيز السيد جاسم الإنسان :
منذ القديم ومفكرو العالم وفلاسفته يأخذون على عاتقهم مهمة تغيير العالم والسعي إلى تبديله نحو الأفضل ، كلما أتيحت لهم الفرصة لذلك ، وهو أمر لم يتقبله أصحاب السلطة الغاشمة ،لذلك سعوا إلى خمد تلك الأصوات ووأدها بكل ما أوتوا من قوة وإمكانات ، على أن ذلك لم يقتصر على زمن من دون غيره ، بل أن ذلك تخطى حدود الزمان والمكان ، ولكن بأساليب مختلفة ، وأصحاب السلطة اليوم لا يقتلون المفكرين بل يسخرون منهم ، ليس لان القتل أصبح أسلوبا مرفوضا هذه الأيام ، بل لأنه لا جدوى من قتل الموتى ، فإذا كان الخطر الذي يتهدد عموم الفلاسفة والمفكرين قديما هو قدرتهم على تزويد الناس أفكار يناضلون في سبيل تحقيقها . أما اليوم فان ما يقتل اغلب المفكرين هو عقم وعطالة ما يقولونه ، سوى النزر اليسير منهم ، كعزيز السيد جاسم ، فقد قتله فكره ،فالمفكرون تقتلهم أقوالهم، في حين يقتل الثوار أفعالهم ، هكذا هو ديدن الحياة منذ سقراط حتى يومنا هذا ، فقد غيبت وسحقت المئات من العقول الفاعلة، لأنها اخترقت الحجب وكشفت المستور الذي تحاول السلطة طمسه وفضحه، وفي هذا السياق لابد لنا من تذكر مقولة معاوية التي ما زالت إلى الآن خارطة الطريق التي يسير عليها معظم الظلمة، وهي قوله:((إنني لا أحول بين الناس وألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا ))، ولكن يبدو أن كتاب ( علي سلطة الحق ) حال بين القوم وملكهم ، أو هكذا ظنوا هم ، نقول ربما كان هذا الكتاب هو القشة التي قتلت عزيز ، فقد تحدى به المؤلف السلطة ، لأنه كان يعلم أن دوره كمفكر ومثقف يحتم عليه ذلك ، في وقت لم تكن السلطة الغاشمة على استعداد لقبول هذا التحدي ، كما أنها لم تكن على استعداد لقبول فكرة أن المفكر وسيلة للارتقاء وليس للقمع ، لذلك كان عليها التخلص منه ، بعد أن أصبح خطرا عليها ،خوفا منه فربما كان قدوة لغيره بان يحذو حذوه .
كثير من المثقفين لا يعرف عزيز السيد جاسم وإن عرفه فمعرفته به معرفة سطحية، ويكفي عزيز السيد جاسم فخرا أنه أول كاتب عربي في العصر الحديث يولي موضوعة الحرية اهتماما خاصا ،بوصفها بعدا فلسفيا لوجود الإنسان,واقصد كتابه (الحرية والحرية الناقصة) ، وبذلك يكون عزيز السيد جاسم قد سبق كتابا كبارا كزكي نجيب محفوظ وزكريا إبراهيم وآخرين ، الأمر الذي جعل الفيلسوف والمفكر العربي المغربي عبد الله العروي يفرد فصلا من كتابه ( مفهوم الحرية ) لمناقشة أفكار السيد جاسم في هذا الخصوص ويعلق عليها (1) .
عزيز السيد جاسم من رعيل الستينيات الذي أرسى دعائم الحركة الثقافية والنقدية في العراق مع مجموعة من كبار المفكرين والكتاب العراقيين آنذاك أمثال جبرا إبراهيم وعلي جواد الطاهر وعلي الوردي وفاضل ثامر وعناد غزوان والملائكة وآخرين ، وهو طاقة إبداعية متفردة، وكاتب موسوعي استثنائي صاحب نظرة شمولية في التفكير لا تتوفر إلا لقلة من الناس ، أتحف المكتبة العربية بكتاباته التي تجاوزت الأربعين مؤلفا موزعة بين ميادين مختلفة كالسياسة والأدب والاقتصاد والتاريخ والفكر والفلسفة، فضلا عن الدين، الأمر الذي يجعلنا نقول : إن المؤتمرات والجوائز والاجتماعات وحدها لن تف هذا الرجل حقه وعلى القائمين على حركة الثقافة في البلد إيلاء الأهمية الكبرى لرموزنا الثقافية كإقامة النصب التذكارية لهم وإطلاق أسماء الأحياء العامة وأماكن الثقافة على مسمياتهم .
اقترنت ناحية النصر فضلا عن موقعها الجغرافي المتميز على نهر الغراف ،بكونها مسقط رأس المفكر والكاتب عزيز السيد جاسم فقد ولد عزيز السيد جاسم وترعرع فيها في بداية أربعينيات القرن الماضي.كانت ناحية النصر تسمى في بداية نشأتها عام 1937 بالغازية نسبة إلى الملك غازي ، ولا يعرف هنا سبب هذه التسمية على وجه الدقة ، إلا أن من المؤكد أن هذه المدينة كانت في بدايتها قرية صغيرة ، ثم سرعان ما تحولت إلى وحدة إدارية مستقلة ( ناحية ) في عام 1953 ، وبعد انتصار ثورة عبد الكريم قاسم وتيمنا بهذا الانتصار تم تغيير اسمها إلى ناحية النصر .
عائلة عزيز السيد جاسم ، مكونة من الأم التي هي ابنة السيد حيدر السيد فياض وقد أنجبت ثمانية أولاد أربعة ذكور وأربع إناث، اكبر الذكور سيد عزيز ويأتي بعده محسن والثالث هو السيد محمد ، وله حكاية معروفه مع علي حسن المجيد أيام ما كان السيد محمد مديرا لناحية النصر ، ورابع الذكور هو سيد عباس. أما الوالد فهو سيد جاسم ابن الفقيه سيد علاوي وثمة عمومة تربطه مع السادة القرابات وهم أولاد عم السادة القزاونة ، كان السيد جاسم يسكن في قرية( أبو هاون )وتربطه صلات حميمة بالسيد عبد المهدي المنتفجي والد السيد عادل عبد المهدي ( 2 ) .
يقول عزيز عن نفسه:(( في قرية الغازية الوديعة ـ ناحية النصرـ فتحت عينيَّ على الدنيا وكانت صورة علي بن أبي طالب رضي الله عنه معلقة على الحائط ! تلك هي الصورة التقليدية الشائعة بألوانها الساخنة وبالمهابة المميزة لوجهه الكريم تحيط برأسه هالة نور!! وكانت صورة الأمام حاضرة في البيت مثل البيت والأب والأم والأخ والأخت! فلم يكن ممكنا أن يكون البيت بدون صورة!! .... بعد أكثر من ثلاثين سنة هي رحلة طويلة في الكدح والمعاناة الذهنية أهديت لي صورة لعلي بن أبي طالب مصورة عن متحف اللوفر بباريس وهي صورة اقرب إلى حقيقة علي من سواها !وربما هي من رسم احد الرهبان ففي الصورة شموخ عجيب وقوة هائلة واستقرار تاريخي !كان عليٌّ راكباً حصانه حيث ظهر اعل من حجعة السرج! ولكنه بدا متبوئا مقعدا تاريخيا شديد العلو...)) ( 3 )
ومن الطرائف التي يرويها أخوه محسن الموسوي : يقول إن مدير المدرسة الابتدائية الوحيدة في قرية الغازية ، وكان اسمه ( صبري فرج الله ) ينقل هذا الرجل أن عزيز السيد جاسم زعل على المدرسة ومزق شهادته التي تشهد أنه الناجح الأول في صفه ، وذلك بسبب طريقة كتابتنا لاسمه فيها ، إذ كتبناه عزيز جاسم علي ، فقال مخاطبا المدير محاولا كبت غضبه : ((أستاذ أنا عزيز السيد جاسم وانتم كتبتم في الشهادة عزيز جاسم علي أنا لا أوافق لان اسمي عزيز السيد جاسم )) ،وهكذا كتب اسمه حين انتقل إلى الثانوية ! ، والطريفة الثانية التي ينقلها إلينا أخوه محسن الموسوي هي : أن والدته كانت تحتفظ بأوراق ومستندات عن ديوان الوالد وأملاكه والمبالغ التي يطلبها السيد جاسم من الدائنين ، وحين خرجت الوالدة من البيت لقضاء بعض الأشغال تسلل عزيزـ الذي كان صبيا ـ بهدوء واحرق الوثائق والأوراق ، ولما رجعت الوالدة لم تغضب ولم تعنف عزيز وإنما قالت : عفية عزيز خلي نبدي جديد ونعتمد على رواحنة ! ( 4 )
أكمل عزيز السيد جاسم دراسته الابتدائية في قرية الغازية ، ومن ثم انتقل إلى الناصرية ليكمل فيها دراسة الإعدادية ، ولكنه كان يرجع في أثناء العطلة الصيفية إلى الغازية ، ليعمل في طاحونة ومعمل للثلج وفي أثناء ذلك انتظم إلى تنظيمات الحزب الشيوعي ، وهو في الخامسة عشرة من عمره ، واستطاع أن ينظم أصدقاءه الشباب في مدينة النصر لهذا التنظيم ، كان عزيز السيد جاسم كثير المطالعة في هذه الفترة إذ استطاع الاطلاع على الفكر الماركسي ، فضلا عن مؤلفات مشاهير الكتاب الغربيين أمثال فولتير وجان جاك روسو وغيرهم وفي الوقت نفسه لم يمنعه الانشغال بالفكر الماركسي من قراءة كتب التاريخ والأدب العربي والإسلامي ، الأمر الذي جعله يكتنز علما وثقافة واسعين ، مما سهل عليه استقطاب الشباب أمثاله وقد مكنه هذا الأمر من لعب دور المحرض والقائد للشباب ، فأودع السجن مرات عدة في الناصرية اثر قيادته عدد من المظاهرات للمطالبة بمستقبل أفضل ، وقد بلغ هذا الدور أوجه بعد قيام ثورة 14 تموز ، عندما اظهر عزيز السيد جاسم مقدرة على الكتابة في أمور تحريض الجماهير، فضلا عن مقدرته على قيادة تلك الجماهير وتنظيمها ، ولاسيما صفوف الشباب .
كانت كتابات عزيز السيد جاسم في تلك الفترة تركز على الهوية العربية والإسلامية للحركات التحررية العربية ، مما جعله يصطدم بموقف الحزب الشيوعي الذي ينتمي إليه ، وعلى اثر ذلك قرر ترك الحزب الشيوعي عام 1960 ،وعبثا حاول رفاقه ثنيه عن قراره هذا ، فقد أصر على حرية الفكر ورفض القوالب الفكرية والأجوبة الجاهزة، مؤكدا خصوصية الوضع العربي وأصالة الفكر الإسلامي بعيدا عن المصالح الضيقة والتعصب الفئوي ، ومن بين ما أثر عنه في تلك الفترة أقوالا منها : كل ما يدعو إلى الخير يتصل بعضه ببعض ، وإن كل ما يخدم الناس يخدم الرب ، وأن الجانبين الاقتصادي والسياسي للماركسية لا يتناقضان مع الإسلام ، وان الاستعمار والظلم والدكتاتورية والقتل سواء.. هذه هي الحقيقة التي لا مراجعة فيها ، وان الجماعات توحدها المصلحة . أما الحرية فلا توحد إلا الأحرار وكرماء النفس ، وان الفكر الحر لا يعرف التأطير، وان الذهن الحر يتفتح على الدوام على الأفكار والمستجدات ويكرس طموحات وتطلعات الناس ، وإن المثقف الحقيقي مثقف حر، وبحكم ذلك فهو أكثر من سواه قدرة على معاينة ظواهر الاستعباد، وكذلك يكون أكثر من سواه إدراكاً لقيمة التوجهات السياسية التي تخدم الحرية وأكثر استبشارا بها (5 ) .
على أية حال ، تعرض عزيز السيد جاسم في هذه الفترة إلى المضايقة بسبب أفكاره ، وفي هذه الفترة أودع السجن مرات عدة ، مما اضطره في زمن الأخوين عارف إلى اللجوء إلى الكتابة الأدبية مبتعدا عن هموم ومشاكل السياسة ، ولاسيما بعد عدم تأييده انقلاب شباط 1963 ، فصار يكتب بعض الدراسات النقدية و الأدبية وينشرها في كبريات الصحف والمجلات الأدبية العربية ، وقد استطاع عزيز السيد جاسم من خلال تلك الكتابات أن يؤسس له كيانا يشار إليه بالبنان ، حتى استطاع من خلاله أن يشق طريقه إلى العمل محررا في صحيفة الثورة البعثية ، بعد أن ساعدته صداقاته مع نعيم حداد وصلاح عمر العلي وعبد الخالق السامرائي على ذلك ، فراح يكتب فيها مؤكدا نزعته التقدمية والوطنية ، إلا أن أمله سرعان ما خاب حينما اشتد الصراع بينه مدعوما من عبد الخالق السامرائي وصلاح عمر العلي ، فضلا عن رئيس الجمهورية احمد حسن البكر ،و بين رئيس التحرير (طارق عزيز ) المدعوم من ناجي الحديثي وصدام حسين ،وقد ساعدت أحداث تاريخية كبرى في تأجيج الصراع بين الطرفين ، كأحداث أيلول الأسود عام 1970 ، مما أفضى إلى انتقاله إلى أماكن عمل أخرى ، كرئاسة تحرير مجلة الغد ، فمجلة وعي العمال ، ثم انه قدم للرئيس العراقي آنذاك ( احمد حسن البكر ) دراسة لتأميم النفط ، فوافق الرئيس على المشروع على أن يعمل به بعيدا عن تأثير نائبه (صدام حسين ) ، وبالفعل انغمس عزيز السيد جاسم بالمشروع ، وأدار هو وعبد الخالق السامرائي المفاوضات مع شركات النفط المعنية حتى وصل إلى مراحله النهائية ،عندما كتب عزيز السيد جاسم بيان تأميم النفط وسلمه إلى الرئيس ،طلب منه الرئيس إبقاء الأمر سرا حتى اجتماع القيادة البعثية ، فقد كان هناك تخوف لديه من أن قرار التأميم قد يوأد قبل ولادته ، وقد ساعدت تلك الأمور ، فضلا عن أمور أخرى ،على تأزم علاقة عزيز السيد جاسم بصدام حسين .
وعلى نحو عام ،كان عزيز السيد جاسم في تلك الفترة من طليعة المثقفين العراقيين الذين نظروا للنظام العراقي الذي أتى بعد 17 تموز، وكان مقرباً من كبار رجال السلطة ضمن الدائرة المغلقة ، وكان يحمل مشروعاً لتثقيف السلطة وليس لفرض سلطة المثقف لذا احتفظ بمسافة بينه وبين سياسات النظام، لان مع هكذا نظام لا مجال للمناورة فأما أن تكون معنا بالكامل أو أنت حتماً ضدنا، وهكذا دفع عزيز السيد جاسم ثمن ذلك حياته .
يقول الدكتور عبد الإله الصائغ عن عزيز السيد جاسم : ومن لا يعرف السيد عزيز السيد فهو ابن الناصرية الذي عرف منذ نعومة أظفاره بحماسته للحزب الشيوعي العراقي! وقيل انه كان اصغر رفيق شيوعي يتولى مسؤولية منطقة مهمة في الناصرية! ولأن هذا الشيوعي الحالم كان ذكيا بصورة غير اعتيادية وموهوبا بموهبة شاسعة ودؤوبا بنحو لا يعرف الكلل والملل ! ولأنه خلق ليكون مفكرا مغايرا ! وأديبا مبتكرا ! فقد توفرت له النجومية بوقت قياسي! فمجلتا الأديب والآداب اللبنانيتان ، فضلا عن مجلات علمية ذات ثقل أكاديمي ، كانت تستقبل كتاباته بعاصفة من التبجيل الذي لم يسجل لها قبل السيد عزيز ، وذلك من دون أن تدري شيئا عن عمره الذي لا يتناسب إطلاقا مع موهبته وثقافته ، نعم فالمطلع على كتابات عزيز السيد جاسم وطريقة تناوله الموضوعات يدرك انه واحد من أهم العلماء العرب في علم تحليل النص وتأويله وترميمه ، بل هو من صفوتهم ،كان يكتشف في النص إسرارا لم تدر بخلد كاتبه ولا قارئه وفي أدق تقدير أن عزيز واحد من أهم علماء تحليل النص !! وتحيل قدراته الخارقة على مرجعيته الثقافية الإعجازية ! بمسوغ من تبحره في علوم القرآن الكريم وفقه اللغة وعلوم البلاغة والتاريخ والاجتماع والانتربولوجيا والفولكلور ! وتضلعه في النظريات الماركسية وعلوم الديالكتيك و مقولات هيغل وتمرسه في الفلسفة اليونانية! وهو إلى هذا قارئ مغاير صبور لأعمال غوركي وغوغول ودستيفسكي وتولستوي ثم أعمال ريتشاردز واليوت وبيرس وفيشر ومالرو .!! ، فهو يقول عن نفسه :(( وفي المدينة العريقة الناصرية ابتدأت رحلتي الدراسية ومعها ابتدأت رحلتي في المعرفة مع فولتير وجان جاك روسو وروبسبير ثم ابتدأت اتعرف على نيتشه وشوبنهاور وديكارت حتى وصلت ضفاف الفلسفة الأوربية حيث استطلعت فرأيت ماركس وهيجل وفيورباخ وانجلز ولفلاسفة الأنجليز !! كذلك تجولت في عالم تون بين ولنكولن والسياسيين والروائيين والمفكرين وانقطعت عن عالمي الصغير الأول )) ، لقد قرأ السيد جاسم كل ذلك وهو لما يبلغ الحلم ربما !! ، فقد كان مشروعا فكريا استباقيا يستوعب العربي والشرق أوسطي ، ومزية عزيز السيد جاسم انه يمقت الإنشاء وعرض المعلومات وهو ما كان يشم كثيرا من كتابة الستينات ! انه يكتب بطريقة الكتاب الغربيين الكبار ! فكرة / موضوع / منهج / خطة ! فهو أمين في نقولاته! دقيق في معلوماته موضوعي في توصلاته ! ميداني في خبراته ، ولا غرابه بعد ذلك أن دخلت مؤلفاته وكتاباته اتحاد الأدباء العراقيين! واتحاد الكتاب والمؤلفين! والمجمع العلمي العراقي واتحاد المؤرخين ! ونقابة الفنانين والمعلمين !! لا غرابة إذا دخلتَ كتبه وكتاباته مقاهي النجف الأشرف الأدبية ، فضلا عن المدارس الدينية ، ذلك لأن كتاباته تثير الجدل .( 6 )
تعرض عزيز السيد جاسم في عهد حكم صدام حسين للاعتقال مرتين، في الأولى طلب منه النظام وبأمر من صدام حسين تأليف بعض المؤلفات التي لا تتماشى مع أفكار ومبادئ السيد جاسم،كالكتابة في العلاقة الفكرية الجدلية بين صدام حسين وصلاح الدين الأيوبي ونبوخذنصر ، فضلا عن إجباره على الكتابة في أبي و بكر وعمر وعثمان ،لاعتقاده أن عزيز السيد جاسم كان طائفيا في كتابه عن الإمام علي (ع) ، فتم اعتقاله مع شقيقه الدكتور محسن الموسوي في إحدى الدور التابعة للمخابرات العراقية في منطقة الكرادة خارج في جانب الرصافة من بغداد، وقد سمح له ولشقيقه خلال هذه الفترة بالتمشي خارج البيت وتحت أنظار الحراس لساعة أو ساعتين كل ليلة ،حتى يتمكن من انجاز ما كلف به ،وخلال فترة اعتقاله هذه خضع السيد جاسم لإرادة النظام وقام بتأليف الكتب المطلوبة منه ،فأطلق سراحه بعد فترة وليعتقل مرة ثانية بعد أحداث انتفاضة (آذار) 1991 ، ولاسيما بعد نشره سلسلة طويلة من المقالات ردا على افتتاحيات صحفية كان صدام حسين قد كتبها ونعت أهل الجنوب فيها بنعوت بذيئة ، منها أنهم من أصول غجرية وهندية ، فثارت ثائرة عزيز السيد جاسم فرد على تلك المقالات بالدفاع عن أهله أهل الجنوب ، ومنذ تلك الفترة اختفت أخباره حتى لم تنفع توسطات بعض الأدباء العراقيين والعرب من اجل إطلاق سراحه، إذ بقي مغيباً في سجن أبو غريب قسم الأحكام الخاصة ولم يعثر عليه أو على جثمانه حتى اليوم ، ومما لاشك فيه أن ابن الناصرية لم يكن بحاجة لحجة لقتله، مثل رفضه الكتابة عن جدلية العلاقة الفكرية ، بين صدام حسين وصلاح الدين الأيوبي ونبوخذنصر ، إذ كان يكفيه انه ابن الناصرية لكي يشطب اسمه من قائمة الأحياء .
عزيز السيد جاسم مفكرا :
أتحف عزيز السيد جاسم المكتبة العربية بأكثر من أربعين مؤلفا توزعت بين السياسة والفكر والنقد والتاريخ والفلسفة ،من أهم أعماله : محمد الحقيقة العظمى،ومتصوفة بغداد ، وتأملات في الحضارة والاغتراب ، والاغتراب في حياة وشعر الشريف الرضي ، وديالكتيك العلاقة المعقدة بين المادية والمثالية ، و المجالسية في النظرية والتطبيق ، والدليل في التنظيم ، ومسائل مرحلية في النضال العربي ، وعشرات من المقالات والبحوث في شتى صنوف المعرفة ،فضلا عن (المناضل) وهي رواية شأنها شأن رواية (الزهر الشقي )،فضلا عن (المفتون) التي هي آخر ما نشر للراحل وقد قدمها أخوه محسن الموسوي لدور النشر واشرف عليها . على أن أهم مؤلفاته قاطبة هو كتابه الشهير عن الإمام علي بن أبي طالب ( علي بن أبي طالب سلطة الحق ) ، وربما كان هذا الكتاب فعل التطهير الذي أراد به عزيز أن يزيح عنه الأدران التي علقت بروحه نتيجة تعاطيه السابق مع الفكر البعثي، بعد توظيفه عقله المستنير لخدمة ظلامية البعث، فكان المنظر الأبرز والأهم في حزب لم يعرف ابلغ من القتل لغة وسبيلاً، ولكن هذا الكتاب كان القشة التي قصمت ظهر عزيز، بالرغم من أنه مقتول به أم بدونه،فقد فرض عزيز السيد جاسم بهذا الكتاب على البعثيين معادلة جديدة ، غير معادلة الرصاص والسجون ، أنها طريقة جديدة للتحدي لم يألفوها سابقا .
جاء في هذا الكتاب ما نصه :((...أما الإقتداء بعلي فإنه أمر لا يمكن التحدث عنه إلا بالصعوبات التي تذكرك بالمحال ، الذي يحتاج إذلاله إلى أعاجيب القدرة!! إن الكثير من الكتاب والباحثين والدارسين كتبوا عن علي بن أبي طالب آلاف المجلدات والكتب والأعمال الأدبية ! وأرى أن الكتابة صعبة لأن شخصية علي بن أبي طالب بالغة الثراء في جميع جوانبها!! وفي التاريخ هناك الأسكندر العظيم يعشق الفلسفة فيأخذ معه أرسطو وهو أستاذه! وهناك أفلاطون الفيلسوف وأستاذه سقراط، وهناك بوذا وكونفوشيوس وقادة الثورات والمصلحون، كل متخصص في ميدانه. أما علي بن أبي طالب فهو الحاوي على جميع سمات العبقرية المتعددة! فهو الخليفة والقائد وهو المحارب العظيم وهو الفيلسوف وهو الأستاذ في العدل والمؤسس لعلم النحو وهو الفقيه والقاضي والعالم بالحساب والفلك! وهو أمير البلاغة والشاعر والحكيم والحافظ لتراث محمد رســـول الله- ص - وهو الأخلاقي الرفيع والأنموذج في كل شيء يستطيع المرء أن يتعلم عنه أشياء كثيرة ولكن لا يستطيع أن يكون مثله ....)) (7)
تكمن أهمية هذا الكتاب في كونه يمثل حلقة من حلقات الرفض والمعارضة التي تبناها السيد جاسم ، ففي كتابه ( متصوفة بغداد ) حاول السيد جاسم إهانة الحكام من خلال تصغير شأنهم ، ولكنه في كتاب ( علي سلطة الحق ) اتخذ من شخصية الإمام علي (ع) قدوة للوقوف بوجه كل جبار عتيد ، وهو أمر ما كان يجرأ على طرحه ـ آنذاك ـ أشخاص يحسبون أنفسهم معارضين لصدام حسين وهم يتنعمون في أوربا وأمريكا ،ومما لاشك فيه أن مجرد النطق باسم الإمام علي (ع) آنذاك يمثل تحديا لسلطة ترفع الإسلام والعدالة الاجتماعية زورا وبهتانا شعارا لها لتحقيق أغراضها ، ومن ثم فإننا أمام رعب حقيقي ، ومخاطرة لا تخلو من رائحة الدم ، وفضلا عن ذلك فقد اتخذ عزيز السيد جاسم من الإمام علي ( ع) قدوة له في رفض ومعارضة السلطة ، وبعبارة أخرى لقد أعلن السيد جاسم نفسه معارضا في وقت كان المرء لا يعرف متى يأتيه الدور ليقطع رأسه ، ومن جهة أخرى حاول السيد جاسم في هذا الكتاب أن يحذو حذو مؤلف ألف ليلة وليلة ،الذي أراد أن ينتقد السلطة العباسية ، وذلك عندما جعل الخليفة يتنكر بزي الإعراب ويتفقد أحوال رعيته ليلا ، فالسيد جاسم هنا حاول أن يجعل من شخصية الإمام علي (ع) مثابة للساعين صوب الحرية والعدالة الاجتماعية ، فاستشهد بما يروى عن الإمام علي (ع) من قصص في هذا الخصوص ، وهي قصص أكثر من أن تحصى ،وبهذا اتخذ عزيز السيد جاسم من شخصية الإمام قناعا استتر به واحتمى من سلطة البعثيين ، ولاسيما عندما تحدث عن الفرق بين السلطة الشرعية والسلطة غير الشرعية ، ومن جانب آخر ، فان الكتاب يمثل القمة في فكر السيد جاسم ، ذلك لأنه استطاع أن يجمع فيه خلاصة ما يؤمن به من أفكار قومية وماركسية ، ولاسيما من خلال تحليله الفكري لفكرة الصراع الطبقي في المجتمع الإسلامي ،ودور رأس المال والغنائم التي يحصل عليها المسلمون ، في دفع اقتصاديات هذا المجتمع ، وفضلا عن ذلك راح السيد جاسم تحليل خطب الإمام وأقواله تحليلا أسلوبيا ، وكأنك أمام ناقد فذ متمرس في الكتابة النقدية ، ولهذه الأسباب مجتمعة رفضت السلطة وقتها طبع الكتاب بحجة انه يثير النزعة الطائفية ، مما حدا بالكاتب أن يطبعه في بيروت ، فثارت نقمة السلطة عليه ، فطالبه صدام حسين بكتابة كتب شبيهة بكتابه عن الإمام علي تتحدث عن شخصيات إسلامية ، كشخصية صلاح الدين الأيوبي ، وتمت مضايقته حتى نفذ ما أرادت ولكنها لم تكف عنه إلى أن ضيعته في غياهب السجون والمعتقلات .
عزيز السيد جاسم روائيا :
وجد عزيز السيد جاسم مثل غيره من الكتاب أن طريق الرواية سيمكنه من ممارسة دوره الفكري عبر مساحة إبداعية أخري أكثر حرية ومرونة من الإنتاج الفكري بصيغة المنهجية القاسية ، التي لابد لها من منطق تستند إلى مقدمات للوصول إلى النتائج المرجوة ، وعلى الرغم من انشغاله بالكتابة الموسوعية ، فقد كتب في التاريخ والاجتماع والسياسة والتصوف والنقد ، ونجح في ذلك كله ، وعلى الرغم من عدم تفرغه للكتابة الروائية إلا انه أبى إلا أن يخوض تجربتها ، فكان له ما أراد ، فكتب في بداية الأمر مجموعة قصص قصيرة ( الديك وقصص أخرى ) ، اتبعها بثلاثية (المناضل )، التي صدر الجزء الأول منها في عام 1970، إلا أن انشغالاته منعته من إكمال مشروعه الروائي ، وبقي هذا الجزء يتيما ،وفي عام 1988 اصدر روايته الثانية ( الزهر الشقي ) ، وبين صدور الروايتين ستة عشر عاما اصدر خلالها السيد جاسم ثمانية عشر كتابا في مختلف صنوف المعرفة .أما رواية (المفتون )فصدرت بعد تغيبه في سجون دولة صدام حسين بثلاثة عشر عاماً ، ففي عام 2003 يعود عزيز السيد جاسم إلى واجهة الرواية العراقية من خلال رواية جديدة تحمل اسم (المفتون) صدرت له عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، وهي آخر ما كتبه عزيز السيد جاسم ، وقد تكفل أخوه الدكتور محسن الموسوي مشقة نشر الرواية وحمل مسودتها إلى المطبعة .
رواية المناضل :
كان للسجن حصة كبيرة في الإبداع العربي عامة ، والروائي خاصة ، فقد سجل لنا الشعر العربي قديمه وحديثه ، أجمل القصائد التي تحدثت عن هذا المكان المخيف ، وفي الرواية العربية كان هذا الموضوع حاضرا بكل قوة ، فعبد الرحمن منيف في شرق المتوسط صور لنا ما يلاقيه( رجب ) من أهوال في سجون الطغاة ( 8 )، وقد صنف الناقد إرفنغ هاو في كتابه (السياسة والرواية ) الروايات فقال : ليس كل رواية تتحدث عن سجن أو سجين رأي هي رواية سجن، وليس كل رواية تتحدث عن مجموعة حركية أو سجين حركي هي رواية سياسية ، فبعض الروايات التي تعاملت مع معاناة السجناء ركزت على معاناة السجين الحركي وتجاهلت ما سواه من سجناء، فتأرجحت بين الرواية السياسية ورواية السجن، ومن ثم فان ما يميز رواية السجن السياسي عن رواية السجن العادية ، هو تعاملها مع العلاقة القائمة بين الفكر السائد والأوضاع السياسية العامة ( 9 ) .
في ضوء ما تقدم نفهم روايات عزيز السيد جاسم ، ففي روايته الأولى ( المناضل ) التي تدور أحداثها في العراق من الحكم الملكي حتى قيام ثورة 14 تموز ،وهو زمن يرى فيه الناقد باسم عبد الحميد حمودي زمننا للتناقضات والصراعات (10) . أما بطل هذه الرواية فهو ( بابل ) ، وهو شخصية اقرب إلى عزيز السيد جاسم نفسه ، لقد حاول المؤلف هنا تسليط الضوء على فئة المثقفين ـ أمثاله ـ الذين يئسوا من العمل السياسي أو فشلوا في الاستمرار فيه فابتعدوا عن تياراته ، وتمثلهم هنا شخصية ( بابل ) الذي وجد أن هناك عدم تطابق بين ما يؤمن به بوصفه منتميا إلى تنظيم سياسي ينبغي أن يكون طوباويا ، وبين الواقع المعيش ، الأمر الذي جعله يتراجع وينكفئ على نفسه حاملا أمراضه معه ، وهاهم المنتمون الآخرون يتساقطون الواحد تلو الآخر ، وينكفؤن على أنفسهم مثله تماما ، وهذا الكلام ينطبق على شخصية (حسين) ـ صديق بابل ـ المدان أبدا ، فضلا عن دلال ــ حبيبته السابقة ـ التي لجأت إلى الزواج حلا لمشكلتها الشخصية عندما كان( بابل )في الإبعاد تارة وفي المعتقل تارة أخري ، بسبب انسحابه من التنظيم ، بعد معاناة طويلة مع العمل السياسي الجماهيري وسط مدن فلاحية صغيرة ، لأنه كان يحمل عليه ملاحظات ، لم يأخذها المنظمون كــ (غفور الأعمى ) بنظر الاعتبار ، لأنه كان يؤمن بالعنف حلا وحيدا شافيا لكل المشكلات .
رواية الزهر الشقي :
لا تبتعد رواية عزيز السيد جاسم الثانية (الزهر الشقي ) عن هذه الأجواء ، إذ تعد أنموذجا رائدا في مجال رواية السجن السياسي ، ولاسيما بعد جمعها بين صور الاعتقال في الخارج و صور التعذيب و التحقيق في داخل السجون ، فالرواية تحكي أحداث مثقف عراقي اتهم بالسياسة ، و الخيانة كذباً وبهتاناً ، وهو( وائل الجابري) ،الذي هو نسخة من( بابل )في رواية (المناضل )، وزمن هذه الرواية أوسع من سابقتها رواية (المناضل )، فهي تمتد طولا وعرضا، تأخذ من ذكريات التجربة النضالية والاجتماعية الماضية وتنطلق إلي زمن ثورة 1958 ، بل تصل أحداثها إلى 5 حزيران عام 1967 ، لتقودنا إلي تجارب العمل السياسي في العراق ،وما يحيط به من مناخ اجتماعي وما يقدمه من شخصيات ظالمة مستبدة تؤذي ، واخرى مظلومة،حانقة ترفض العيش تحت خيمة التنظيم وتريد العمل بحرية ، فيجعلها هذا الموقف عرضة لصنوف الاضطهاد ، حتى يصل الأمر إلى إعلان الحرب الاجتماعية والسياسية عليها ، وتحكي هذه الرواية لنا أيضا ما يلاقيه المنسحبون من التنظيم ، كـ(بابل )بطل رواية (المناضل) و(وائل الجابري) بطل رواية (الزهر الشقي) ، فضلا عن أصدقائهما من لدن السلطة الحاكمة ، وعلى سبيل المثال تأتي الشرطة هنا لتبحث عن المطابع السرية المزعومة التي تطبع ما يلوث عقول الناس ،في مشهد يبث الرعب في صفوف البسطاء والعامة ، ولم تنفع توسلات ورجاءات الجابري وآلاف الشبان أمثاله من ثني سجانيهم من التحقيق معهم ، والتحقيق يعني بعرف هؤلاء التعذيب والاهانة والتعليق على( عامود الحديد ) وتقطيع الأصابع واحدا تلو الآخر ،فضلا عن شتى أنواع التعذيب وضروبه ، كالركل والرفس واللكم إلى درجة الإغماء ، حتى يصل الأمر إلى القتل ، ذلك لأن الداخل للمعتقل لابد له من الاعتراف بأي شيء حتى يخلص نفسه من التعذيب ، فهو مجرم سواء أثبتت براءته أم لم تثبت ،وهذا ما حصل للجابري وأصدقائه ، والغريب في الأمر أن السجانين لا يكلون ولا يتعبون من( حفلات التحقيق ) ، لا بل أنهم يستأنسون ويتلذذون به (11)، ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن محسن الموسوي ـ شقيق الراحل ـ قد افرد في كتابه النقدي (انفراط العقد المقدسي، منعطفات الرواية العربية بعد محفوظ) أكثر من عشرين صفحة للحديث عن رواية أخيه ( الزهر الشقي ) ، وهو نقد يمكن أن يقال عليه أنه نقد الأحبة والأخوة ، نقد المعجبين ، ذلك لأنه نقد عائلي بامتياز تتحول فيه مفردات النقد الأدبي إلى نشيد اخوي بغطاء موضوعي ، ومن ثم فنحن هنا أمام أجمل ما قيل في عزيز السيد جاسم (12) .
رواية المفتون :
جاء في مقدمة هذه الرواية التي لم يذكر اسم كاتبها، ومن المرجح أن يكون كاتبها هو شقيق المؤلف الدكتور محسن الموسوي : إن الرواية فريدة في كونها واحدة من النصوص القليلة المعنية بوضع العراق الحديث منذ سنة 1958 أي منذ العهد الملكي وصولا إلى ما تلاه،.....فهي تصور البلاء الذي نكبت به البلاد منذ أن اعتلى دفة الحكم فيها نظام شعاراته تبرر له التحكم في الحياة العامة للناس ، أن الذي يميز هذه الرواية هو أن حوارها يحتوي مجموعة من اللغات، التي يتقاطع بعضها مع بعضها الآخر، فينفرط الصوت في لغات متعددة تأخذ من الهضاب والأعالي والسهول والسجون والمستشفيات لغاتها الخاصة. وهكذا يكون صوت خلف الأعور، بجئيره، الوجه الآخر للطغيان، فهو مجنون يمارس سطوته من موقعه في تلة عالية تتيح أن يرى الآخرون نثاياه وحريمه. انه الوجه الدفين للمتسلط. لكنه محاصر بجنونه الذي يقصيه عن الآخرين، بينما يمده بمناعة خاصة وصوت رهيب. وعالمه، بعد ذلك، هو (الغروسك): عالم المتسلطين عندما يتمدد ويتضخم خارج حدود الواقع، فيبدو بمثل هذه الأوضاع المثيرة للضحك مرة وبتباعد الآخرين عنها مرة أخرى، ويمثل هذه السعة، تقدم هذه الرواية بعدا آخر للكتابة السرية، تلك التي بمقدورها أن تقول الكثير في فسحة صغيرة نسبيا: و"المفتون"، بعد هذه التوطئة القصيرة، رواية ما بعد الاستعمار بامتياز. أنها من بين النصوص الفريدة التي تستكمل ما كتبه فانون في "المعذبون في الأرض" عن ولادات الدولة المريضة ( 13 ) .
الشخصيتان الرئيستان في الرواية هما( هارون ) وهو طبيب النفسي في الخامسة والربعين من العمر، حصل على شهادة الماجستير في الطب النفسي بعد عناء طويل ومثابرة ودراسة متفانية في ظل ظروف قاهرة ، و(يوسف اليعقوبي ) وهو شاب جذاب يظهر مرة على انه مريض نفسي ، ومرة أخرى يظهر علينا على انه شاب له قدرة عالية في التحكم بمن حوله ، ويشترك الاثنان في كونهما من أصول ريفية هاجرا إلى المدينة ، شأنهم شأن الكثيرين من أبناء العشائر من الأرياف والقرى العراقية ، وعندما انتقلوا إلى المدينة نقلوا معهم ميراثهم الثقافي ، وبهذا انتقلت التقاليد والعادات الريفية إلى المدينة نفسها وأصبحت المدينة منتفخة بتشويهات متداخلة شبه حضارية وقروية وبدائية وعشائرية وظهرت أجيال جديدة تحاكي من الخارج أخر تقليعة أوروبية ، لكنها في الوقت نفسه تحمل في داخلها تيارات همجية واصواتا بدائية لم تخمدها مؤثرات المدينة .
تبدأ الرواية بحوار يدور بين الطبيب هارون ومريضه يوسف اليعقوبي ،عن السكين التي يرى اليعقوبي أنها يجب أن تكون صديقا دائما للإنسان ، وفي نهاية المحادثة بين الاثنين يستنتج الطبيب النفسي ملاحظات عدة يدونها في دفتر ملاحظاته عن الحالة المريضية التي أمامه ممثلة بيوسف اليعقوبي ، وهي ملاحظات متناقضة كتناقض يوسف نفسه ، فهو وحش في أهاب شاب جميل ، والغريب في الأمر أن يوسف اليعقوبي المريض النفسي ، صار يراجع عيادة الطبيب هارون لا بوصفه مريضا نفسيا حسب ، بل بوصفه معجبا بشخصية الطبيب ، الذي يكتشف أن هذا الإعجاب راجع إلى الصورة الذهنية التي كونها يوسف عنه ، على انه مناضل سياسي سابق وبطل لكنه انزوى في عيادته المتواضعة رافضا الظلم، وبالمقابل فان هارون قد أعجب بشخصية مريضه هو الآخر ، ولاسيما بعد ذكاءه ،وجماله المميز، فهو صاحب وجه شفاف، وعينين عسليتين تستحمين على أجفان طويلة،وأنف دقيق مرتفع قليلاً لأعلى، وفم صغير بأسنان دقيقة، فضلا عن ملامح أخرى محسوسة وغير مرئية تترك انطباعاً سريعاً على مزايا فاتنة في الوجه، والشعر الأسود الفاحم المتناثر في خصلات فوضوية تلّمها فتنة خاصة (14).
يخبر الطبيب هارون مريضه يوسف ، بأنه قد تم تعيين وزير جديد للداخلية ، وانه وعد الناس على فتح صفحة جديدة ، سوف يحرص فيها على أن يكون خادما مطيعا للقانون ، كما انه وعد بإطلاق سراح السجناء السياسيين ، لكن ذلك لم يحصل إنما حصل العكس ، فقد القي القبض على هارون الطبيب بتهمة سياسية ، وبهذا أضيف شخص جديد إلى قائمة المثقفين السجناء ، ليتم إبعاده إلى إحدى مدن الاهوار البعيدة . تثير هذه الرواية تساؤلا ربما يكون تقليديا مفاده ؛ هل يخلق مجتمع الظلم والقسوة شخصيات غير سوية أم أن الشخصيات غير السوية هي التي تخلق مجتمعات من هذا النوع؟ لكن سرعان ما يكتشف القارئ أن العلاقة الجدلية التي رسمها الكاتب تصور سيفا ذا حدين وان كان هناك تشديد على أن النظام السياسي الظالم هو أكثر قدرة على خلق العديد من حالات الخلل النفسي ، لقد حاول عزيز السيد جاسم في هذه الرواية أن يطرح معاناته بوصفه مثقفا مقموعا من سلطة غاشمة ، الأمر الذي منعه من نشرها في ظل نظام متسلط وشمولي، وكذلك الأسباب التي منعت شقيقه الدكتور محسن الموسوي من نشر هذه الرواية إلى فترة ما بعد صدام حسين .
ويرى القاص حميد المختار في إحدى مقابلاته : أن هذه الرواية تسرد وقائع التاريخ العراقي الحديث منذ ثورة 14 تموز وكأنه يقول بان هذه الثورة رغم نياتها الحسنة لكنها فتحت لنا أبواب جهنم ( فضاعت المقاييس وانعدمت الأنظمة والقوانين وكثرت التصرفات الاعتباطية وأصبحت الحياة مشدود بالقوة إلى ما يأتي من الأعلى ، وهكذا كثر الترحم على العهد الملكي وصدرت مقالات وكتب كثيرة منذ خاتمة الستينيات كلها تبكي حياةً مضت) ، لكنه حين أدان تلك الفترة إنما يريد الإدانة الباطنية الخفية للنظام البعثي الذي جاء هو الأخر بانقلاب مما دفع البلاد إلى الخراب التام ، هو لم يقل ذلك لكنه أوحى لنا به واستطاع أن يوصل أفكاره الخطيرة من خلال الحوارات التي تدور بين شخصياته الرئيسية كالحوارات الطويلة بين يوسف اليعقوبي والدكتور هارون ثمة الكثير من الرغبات المتداخلة للشخصيات ،هذه الشخصيات المستمدة من عمق الحضارات العراقية المليئة برموزها ومناخاتها الأسطورية وهي من سمات عمقها وقدرتها على التمظهر الواضح ، وكأن السيد جاسم يقول لنا أن المفكر حين يكتب رواية فانه يحاول أن يفرغ فيها كل ثقافته وأرائه ونظراته فعن طريق السرد الروائي يمكن للمفكر أن يقول الكثير بسهولة ويسر وقد سبقه في ذلك البعض من الفلاسفة مثل سارتر في أعماله الروائية والمسرحية ( كالغثيان ) ، (والذباب ) أما عزيز السيد جاسم فقد أعطى في هذه الرواية وجهة نظره عن التاريخ الحديث برؤية علم الاجتماع الذي أنجز السيد جاسم من خلاله الكثير من أطروحاته وكتبه ، أن المفتون رواية أفكار بامتياز وهي إضافة نوعية ليس في جنس الرواية فقط وإنما هي خطوة مضافة لمتون علم الاجتماع الخاص بولادات الدول وانهيار المجتمعات ( 15 ).
في الختام أدعو كل المفكرين والمهتمين بالشأن الثقافي الفكري للعراق، فضلا عن المؤسسات الثقافية كالجامعات إلى استحضار منجز هذا الرجل الثقافي، والفكري في جائزة تكون باسمه، من خلال مهرجان ينظم سنويا للفكر والثقافة، والإبداع، فضلا عن إطلاق اسمه على قاعة من قاعة الدرس فيها ، تخليدا له ولأعماله .
عبد الكريم السعيدي
الحوار المتمدن
منذ القديم ومفكرو العالم وفلاسفته يأخذون على عاتقهم مهمة تغيير العالم والسعي إلى تبديله نحو الأفضل ، كلما أتيحت لهم الفرصة لذلك ، وهو أمر لم يتقبله أصحاب السلطة الغاشمة ،لذلك سعوا إلى خمد تلك الأصوات ووأدها بكل ما أوتوا من قوة وإمكانات ، على أن ذلك لم يقتصر على زمن من دون غيره ، بل أن ذلك تخطى حدود الزمان والمكان ، ولكن بأساليب مختلفة ، وأصحاب السلطة اليوم لا يقتلون المفكرين بل يسخرون منهم ، ليس لان القتل أصبح أسلوبا مرفوضا هذه الأيام ، بل لأنه لا جدوى من قتل الموتى ، فإذا كان الخطر الذي يتهدد عموم الفلاسفة والمفكرين قديما هو قدرتهم على تزويد الناس أفكار يناضلون في سبيل تحقيقها . أما اليوم فان ما يقتل اغلب المفكرين هو عقم وعطالة ما يقولونه ، سوى النزر اليسير منهم ، كعزيز السيد جاسم ، فقد قتله فكره ،فالمفكرون تقتلهم أقوالهم، في حين يقتل الثوار أفعالهم ، هكذا هو ديدن الحياة منذ سقراط حتى يومنا هذا ، فقد غيبت وسحقت المئات من العقول الفاعلة، لأنها اخترقت الحجب وكشفت المستور الذي تحاول السلطة طمسه وفضحه، وفي هذا السياق لابد لنا من تذكر مقولة معاوية التي ما زالت إلى الآن خارطة الطريق التي يسير عليها معظم الظلمة، وهي قوله:((إنني لا أحول بين الناس وألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا ))، ولكن يبدو أن كتاب ( علي سلطة الحق ) حال بين القوم وملكهم ، أو هكذا ظنوا هم ، نقول ربما كان هذا الكتاب هو القشة التي قتلت عزيز ، فقد تحدى به المؤلف السلطة ، لأنه كان يعلم أن دوره كمفكر ومثقف يحتم عليه ذلك ، في وقت لم تكن السلطة الغاشمة على استعداد لقبول هذا التحدي ، كما أنها لم تكن على استعداد لقبول فكرة أن المفكر وسيلة للارتقاء وليس للقمع ، لذلك كان عليها التخلص منه ، بعد أن أصبح خطرا عليها ،خوفا منه فربما كان قدوة لغيره بان يحذو حذوه .
كثير من المثقفين لا يعرف عزيز السيد جاسم وإن عرفه فمعرفته به معرفة سطحية، ويكفي عزيز السيد جاسم فخرا أنه أول كاتب عربي في العصر الحديث يولي موضوعة الحرية اهتماما خاصا ،بوصفها بعدا فلسفيا لوجود الإنسان,واقصد كتابه (الحرية والحرية الناقصة) ، وبذلك يكون عزيز السيد جاسم قد سبق كتابا كبارا كزكي نجيب محفوظ وزكريا إبراهيم وآخرين ، الأمر الذي جعل الفيلسوف والمفكر العربي المغربي عبد الله العروي يفرد فصلا من كتابه ( مفهوم الحرية ) لمناقشة أفكار السيد جاسم في هذا الخصوص ويعلق عليها (1) .
عزيز السيد جاسم من رعيل الستينيات الذي أرسى دعائم الحركة الثقافية والنقدية في العراق مع مجموعة من كبار المفكرين والكتاب العراقيين آنذاك أمثال جبرا إبراهيم وعلي جواد الطاهر وعلي الوردي وفاضل ثامر وعناد غزوان والملائكة وآخرين ، وهو طاقة إبداعية متفردة، وكاتب موسوعي استثنائي صاحب نظرة شمولية في التفكير لا تتوفر إلا لقلة من الناس ، أتحف المكتبة العربية بكتاباته التي تجاوزت الأربعين مؤلفا موزعة بين ميادين مختلفة كالسياسة والأدب والاقتصاد والتاريخ والفكر والفلسفة، فضلا عن الدين، الأمر الذي يجعلنا نقول : إن المؤتمرات والجوائز والاجتماعات وحدها لن تف هذا الرجل حقه وعلى القائمين على حركة الثقافة في البلد إيلاء الأهمية الكبرى لرموزنا الثقافية كإقامة النصب التذكارية لهم وإطلاق أسماء الأحياء العامة وأماكن الثقافة على مسمياتهم .
اقترنت ناحية النصر فضلا عن موقعها الجغرافي المتميز على نهر الغراف ،بكونها مسقط رأس المفكر والكاتب عزيز السيد جاسم فقد ولد عزيز السيد جاسم وترعرع فيها في بداية أربعينيات القرن الماضي.كانت ناحية النصر تسمى في بداية نشأتها عام 1937 بالغازية نسبة إلى الملك غازي ، ولا يعرف هنا سبب هذه التسمية على وجه الدقة ، إلا أن من المؤكد أن هذه المدينة كانت في بدايتها قرية صغيرة ، ثم سرعان ما تحولت إلى وحدة إدارية مستقلة ( ناحية ) في عام 1953 ، وبعد انتصار ثورة عبد الكريم قاسم وتيمنا بهذا الانتصار تم تغيير اسمها إلى ناحية النصر .
عائلة عزيز السيد جاسم ، مكونة من الأم التي هي ابنة السيد حيدر السيد فياض وقد أنجبت ثمانية أولاد أربعة ذكور وأربع إناث، اكبر الذكور سيد عزيز ويأتي بعده محسن والثالث هو السيد محمد ، وله حكاية معروفه مع علي حسن المجيد أيام ما كان السيد محمد مديرا لناحية النصر ، ورابع الذكور هو سيد عباس. أما الوالد فهو سيد جاسم ابن الفقيه سيد علاوي وثمة عمومة تربطه مع السادة القرابات وهم أولاد عم السادة القزاونة ، كان السيد جاسم يسكن في قرية( أبو هاون )وتربطه صلات حميمة بالسيد عبد المهدي المنتفجي والد السيد عادل عبد المهدي ( 2 ) .
يقول عزيز عن نفسه:(( في قرية الغازية الوديعة ـ ناحية النصرـ فتحت عينيَّ على الدنيا وكانت صورة علي بن أبي طالب رضي الله عنه معلقة على الحائط ! تلك هي الصورة التقليدية الشائعة بألوانها الساخنة وبالمهابة المميزة لوجهه الكريم تحيط برأسه هالة نور!! وكانت صورة الأمام حاضرة في البيت مثل البيت والأب والأم والأخ والأخت! فلم يكن ممكنا أن يكون البيت بدون صورة!! .... بعد أكثر من ثلاثين سنة هي رحلة طويلة في الكدح والمعاناة الذهنية أهديت لي صورة لعلي بن أبي طالب مصورة عن متحف اللوفر بباريس وهي صورة اقرب إلى حقيقة علي من سواها !وربما هي من رسم احد الرهبان ففي الصورة شموخ عجيب وقوة هائلة واستقرار تاريخي !كان عليٌّ راكباً حصانه حيث ظهر اعل من حجعة السرج! ولكنه بدا متبوئا مقعدا تاريخيا شديد العلو...)) ( 3 )
ومن الطرائف التي يرويها أخوه محسن الموسوي : يقول إن مدير المدرسة الابتدائية الوحيدة في قرية الغازية ، وكان اسمه ( صبري فرج الله ) ينقل هذا الرجل أن عزيز السيد جاسم زعل على المدرسة ومزق شهادته التي تشهد أنه الناجح الأول في صفه ، وذلك بسبب طريقة كتابتنا لاسمه فيها ، إذ كتبناه عزيز جاسم علي ، فقال مخاطبا المدير محاولا كبت غضبه : ((أستاذ أنا عزيز السيد جاسم وانتم كتبتم في الشهادة عزيز جاسم علي أنا لا أوافق لان اسمي عزيز السيد جاسم )) ،وهكذا كتب اسمه حين انتقل إلى الثانوية ! ، والطريفة الثانية التي ينقلها إلينا أخوه محسن الموسوي هي : أن والدته كانت تحتفظ بأوراق ومستندات عن ديوان الوالد وأملاكه والمبالغ التي يطلبها السيد جاسم من الدائنين ، وحين خرجت الوالدة من البيت لقضاء بعض الأشغال تسلل عزيزـ الذي كان صبيا ـ بهدوء واحرق الوثائق والأوراق ، ولما رجعت الوالدة لم تغضب ولم تعنف عزيز وإنما قالت : عفية عزيز خلي نبدي جديد ونعتمد على رواحنة ! ( 4 )
أكمل عزيز السيد جاسم دراسته الابتدائية في قرية الغازية ، ومن ثم انتقل إلى الناصرية ليكمل فيها دراسة الإعدادية ، ولكنه كان يرجع في أثناء العطلة الصيفية إلى الغازية ، ليعمل في طاحونة ومعمل للثلج وفي أثناء ذلك انتظم إلى تنظيمات الحزب الشيوعي ، وهو في الخامسة عشرة من عمره ، واستطاع أن ينظم أصدقاءه الشباب في مدينة النصر لهذا التنظيم ، كان عزيز السيد جاسم كثير المطالعة في هذه الفترة إذ استطاع الاطلاع على الفكر الماركسي ، فضلا عن مؤلفات مشاهير الكتاب الغربيين أمثال فولتير وجان جاك روسو وغيرهم وفي الوقت نفسه لم يمنعه الانشغال بالفكر الماركسي من قراءة كتب التاريخ والأدب العربي والإسلامي ، الأمر الذي جعله يكتنز علما وثقافة واسعين ، مما سهل عليه استقطاب الشباب أمثاله وقد مكنه هذا الأمر من لعب دور المحرض والقائد للشباب ، فأودع السجن مرات عدة في الناصرية اثر قيادته عدد من المظاهرات للمطالبة بمستقبل أفضل ، وقد بلغ هذا الدور أوجه بعد قيام ثورة 14 تموز ، عندما اظهر عزيز السيد جاسم مقدرة على الكتابة في أمور تحريض الجماهير، فضلا عن مقدرته على قيادة تلك الجماهير وتنظيمها ، ولاسيما صفوف الشباب .
كانت كتابات عزيز السيد جاسم في تلك الفترة تركز على الهوية العربية والإسلامية للحركات التحررية العربية ، مما جعله يصطدم بموقف الحزب الشيوعي الذي ينتمي إليه ، وعلى اثر ذلك قرر ترك الحزب الشيوعي عام 1960 ،وعبثا حاول رفاقه ثنيه عن قراره هذا ، فقد أصر على حرية الفكر ورفض القوالب الفكرية والأجوبة الجاهزة، مؤكدا خصوصية الوضع العربي وأصالة الفكر الإسلامي بعيدا عن المصالح الضيقة والتعصب الفئوي ، ومن بين ما أثر عنه في تلك الفترة أقوالا منها : كل ما يدعو إلى الخير يتصل بعضه ببعض ، وإن كل ما يخدم الناس يخدم الرب ، وأن الجانبين الاقتصادي والسياسي للماركسية لا يتناقضان مع الإسلام ، وان الاستعمار والظلم والدكتاتورية والقتل سواء.. هذه هي الحقيقة التي لا مراجعة فيها ، وان الجماعات توحدها المصلحة . أما الحرية فلا توحد إلا الأحرار وكرماء النفس ، وان الفكر الحر لا يعرف التأطير، وان الذهن الحر يتفتح على الدوام على الأفكار والمستجدات ويكرس طموحات وتطلعات الناس ، وإن المثقف الحقيقي مثقف حر، وبحكم ذلك فهو أكثر من سواه قدرة على معاينة ظواهر الاستعباد، وكذلك يكون أكثر من سواه إدراكاً لقيمة التوجهات السياسية التي تخدم الحرية وأكثر استبشارا بها (5 ) .
على أية حال ، تعرض عزيز السيد جاسم في هذه الفترة إلى المضايقة بسبب أفكاره ، وفي هذه الفترة أودع السجن مرات عدة ، مما اضطره في زمن الأخوين عارف إلى اللجوء إلى الكتابة الأدبية مبتعدا عن هموم ومشاكل السياسة ، ولاسيما بعد عدم تأييده انقلاب شباط 1963 ، فصار يكتب بعض الدراسات النقدية و الأدبية وينشرها في كبريات الصحف والمجلات الأدبية العربية ، وقد استطاع عزيز السيد جاسم من خلال تلك الكتابات أن يؤسس له كيانا يشار إليه بالبنان ، حتى استطاع من خلاله أن يشق طريقه إلى العمل محررا في صحيفة الثورة البعثية ، بعد أن ساعدته صداقاته مع نعيم حداد وصلاح عمر العلي وعبد الخالق السامرائي على ذلك ، فراح يكتب فيها مؤكدا نزعته التقدمية والوطنية ، إلا أن أمله سرعان ما خاب حينما اشتد الصراع بينه مدعوما من عبد الخالق السامرائي وصلاح عمر العلي ، فضلا عن رئيس الجمهورية احمد حسن البكر ،و بين رئيس التحرير (طارق عزيز ) المدعوم من ناجي الحديثي وصدام حسين ،وقد ساعدت أحداث تاريخية كبرى في تأجيج الصراع بين الطرفين ، كأحداث أيلول الأسود عام 1970 ، مما أفضى إلى انتقاله إلى أماكن عمل أخرى ، كرئاسة تحرير مجلة الغد ، فمجلة وعي العمال ، ثم انه قدم للرئيس العراقي آنذاك ( احمد حسن البكر ) دراسة لتأميم النفط ، فوافق الرئيس على المشروع على أن يعمل به بعيدا عن تأثير نائبه (صدام حسين ) ، وبالفعل انغمس عزيز السيد جاسم بالمشروع ، وأدار هو وعبد الخالق السامرائي المفاوضات مع شركات النفط المعنية حتى وصل إلى مراحله النهائية ،عندما كتب عزيز السيد جاسم بيان تأميم النفط وسلمه إلى الرئيس ،طلب منه الرئيس إبقاء الأمر سرا حتى اجتماع القيادة البعثية ، فقد كان هناك تخوف لديه من أن قرار التأميم قد يوأد قبل ولادته ، وقد ساعدت تلك الأمور ، فضلا عن أمور أخرى ،على تأزم علاقة عزيز السيد جاسم بصدام حسين .
وعلى نحو عام ،كان عزيز السيد جاسم في تلك الفترة من طليعة المثقفين العراقيين الذين نظروا للنظام العراقي الذي أتى بعد 17 تموز، وكان مقرباً من كبار رجال السلطة ضمن الدائرة المغلقة ، وكان يحمل مشروعاً لتثقيف السلطة وليس لفرض سلطة المثقف لذا احتفظ بمسافة بينه وبين سياسات النظام، لان مع هكذا نظام لا مجال للمناورة فأما أن تكون معنا بالكامل أو أنت حتماً ضدنا، وهكذا دفع عزيز السيد جاسم ثمن ذلك حياته .
يقول الدكتور عبد الإله الصائغ عن عزيز السيد جاسم : ومن لا يعرف السيد عزيز السيد فهو ابن الناصرية الذي عرف منذ نعومة أظفاره بحماسته للحزب الشيوعي العراقي! وقيل انه كان اصغر رفيق شيوعي يتولى مسؤولية منطقة مهمة في الناصرية! ولأن هذا الشيوعي الحالم كان ذكيا بصورة غير اعتيادية وموهوبا بموهبة شاسعة ودؤوبا بنحو لا يعرف الكلل والملل ! ولأنه خلق ليكون مفكرا مغايرا ! وأديبا مبتكرا ! فقد توفرت له النجومية بوقت قياسي! فمجلتا الأديب والآداب اللبنانيتان ، فضلا عن مجلات علمية ذات ثقل أكاديمي ، كانت تستقبل كتاباته بعاصفة من التبجيل الذي لم يسجل لها قبل السيد عزيز ، وذلك من دون أن تدري شيئا عن عمره الذي لا يتناسب إطلاقا مع موهبته وثقافته ، نعم فالمطلع على كتابات عزيز السيد جاسم وطريقة تناوله الموضوعات يدرك انه واحد من أهم العلماء العرب في علم تحليل النص وتأويله وترميمه ، بل هو من صفوتهم ،كان يكتشف في النص إسرارا لم تدر بخلد كاتبه ولا قارئه وفي أدق تقدير أن عزيز واحد من أهم علماء تحليل النص !! وتحيل قدراته الخارقة على مرجعيته الثقافية الإعجازية ! بمسوغ من تبحره في علوم القرآن الكريم وفقه اللغة وعلوم البلاغة والتاريخ والاجتماع والانتربولوجيا والفولكلور ! وتضلعه في النظريات الماركسية وعلوم الديالكتيك و مقولات هيغل وتمرسه في الفلسفة اليونانية! وهو إلى هذا قارئ مغاير صبور لأعمال غوركي وغوغول ودستيفسكي وتولستوي ثم أعمال ريتشاردز واليوت وبيرس وفيشر ومالرو .!! ، فهو يقول عن نفسه :(( وفي المدينة العريقة الناصرية ابتدأت رحلتي الدراسية ومعها ابتدأت رحلتي في المعرفة مع فولتير وجان جاك روسو وروبسبير ثم ابتدأت اتعرف على نيتشه وشوبنهاور وديكارت حتى وصلت ضفاف الفلسفة الأوربية حيث استطلعت فرأيت ماركس وهيجل وفيورباخ وانجلز ولفلاسفة الأنجليز !! كذلك تجولت في عالم تون بين ولنكولن والسياسيين والروائيين والمفكرين وانقطعت عن عالمي الصغير الأول )) ، لقد قرأ السيد جاسم كل ذلك وهو لما يبلغ الحلم ربما !! ، فقد كان مشروعا فكريا استباقيا يستوعب العربي والشرق أوسطي ، ومزية عزيز السيد جاسم انه يمقت الإنشاء وعرض المعلومات وهو ما كان يشم كثيرا من كتابة الستينات ! انه يكتب بطريقة الكتاب الغربيين الكبار ! فكرة / موضوع / منهج / خطة ! فهو أمين في نقولاته! دقيق في معلوماته موضوعي في توصلاته ! ميداني في خبراته ، ولا غرابه بعد ذلك أن دخلت مؤلفاته وكتاباته اتحاد الأدباء العراقيين! واتحاد الكتاب والمؤلفين! والمجمع العلمي العراقي واتحاد المؤرخين ! ونقابة الفنانين والمعلمين !! لا غرابة إذا دخلتَ كتبه وكتاباته مقاهي النجف الأشرف الأدبية ، فضلا عن المدارس الدينية ، ذلك لأن كتاباته تثير الجدل .( 6 )
تعرض عزيز السيد جاسم في عهد حكم صدام حسين للاعتقال مرتين، في الأولى طلب منه النظام وبأمر من صدام حسين تأليف بعض المؤلفات التي لا تتماشى مع أفكار ومبادئ السيد جاسم،كالكتابة في العلاقة الفكرية الجدلية بين صدام حسين وصلاح الدين الأيوبي ونبوخذنصر ، فضلا عن إجباره على الكتابة في أبي و بكر وعمر وعثمان ،لاعتقاده أن عزيز السيد جاسم كان طائفيا في كتابه عن الإمام علي (ع) ، فتم اعتقاله مع شقيقه الدكتور محسن الموسوي في إحدى الدور التابعة للمخابرات العراقية في منطقة الكرادة خارج في جانب الرصافة من بغداد، وقد سمح له ولشقيقه خلال هذه الفترة بالتمشي خارج البيت وتحت أنظار الحراس لساعة أو ساعتين كل ليلة ،حتى يتمكن من انجاز ما كلف به ،وخلال فترة اعتقاله هذه خضع السيد جاسم لإرادة النظام وقام بتأليف الكتب المطلوبة منه ،فأطلق سراحه بعد فترة وليعتقل مرة ثانية بعد أحداث انتفاضة (آذار) 1991 ، ولاسيما بعد نشره سلسلة طويلة من المقالات ردا على افتتاحيات صحفية كان صدام حسين قد كتبها ونعت أهل الجنوب فيها بنعوت بذيئة ، منها أنهم من أصول غجرية وهندية ، فثارت ثائرة عزيز السيد جاسم فرد على تلك المقالات بالدفاع عن أهله أهل الجنوب ، ومنذ تلك الفترة اختفت أخباره حتى لم تنفع توسطات بعض الأدباء العراقيين والعرب من اجل إطلاق سراحه، إذ بقي مغيباً في سجن أبو غريب قسم الأحكام الخاصة ولم يعثر عليه أو على جثمانه حتى اليوم ، ومما لاشك فيه أن ابن الناصرية لم يكن بحاجة لحجة لقتله، مثل رفضه الكتابة عن جدلية العلاقة الفكرية ، بين صدام حسين وصلاح الدين الأيوبي ونبوخذنصر ، إذ كان يكفيه انه ابن الناصرية لكي يشطب اسمه من قائمة الأحياء .
عزيز السيد جاسم مفكرا :
أتحف عزيز السيد جاسم المكتبة العربية بأكثر من أربعين مؤلفا توزعت بين السياسة والفكر والنقد والتاريخ والفلسفة ،من أهم أعماله : محمد الحقيقة العظمى،ومتصوفة بغداد ، وتأملات في الحضارة والاغتراب ، والاغتراب في حياة وشعر الشريف الرضي ، وديالكتيك العلاقة المعقدة بين المادية والمثالية ، و المجالسية في النظرية والتطبيق ، والدليل في التنظيم ، ومسائل مرحلية في النضال العربي ، وعشرات من المقالات والبحوث في شتى صنوف المعرفة ،فضلا عن (المناضل) وهي رواية شأنها شأن رواية (الزهر الشقي )،فضلا عن (المفتون) التي هي آخر ما نشر للراحل وقد قدمها أخوه محسن الموسوي لدور النشر واشرف عليها . على أن أهم مؤلفاته قاطبة هو كتابه الشهير عن الإمام علي بن أبي طالب ( علي بن أبي طالب سلطة الحق ) ، وربما كان هذا الكتاب فعل التطهير الذي أراد به عزيز أن يزيح عنه الأدران التي علقت بروحه نتيجة تعاطيه السابق مع الفكر البعثي، بعد توظيفه عقله المستنير لخدمة ظلامية البعث، فكان المنظر الأبرز والأهم في حزب لم يعرف ابلغ من القتل لغة وسبيلاً، ولكن هذا الكتاب كان القشة التي قصمت ظهر عزيز، بالرغم من أنه مقتول به أم بدونه،فقد فرض عزيز السيد جاسم بهذا الكتاب على البعثيين معادلة جديدة ، غير معادلة الرصاص والسجون ، أنها طريقة جديدة للتحدي لم يألفوها سابقا .
جاء في هذا الكتاب ما نصه :((...أما الإقتداء بعلي فإنه أمر لا يمكن التحدث عنه إلا بالصعوبات التي تذكرك بالمحال ، الذي يحتاج إذلاله إلى أعاجيب القدرة!! إن الكثير من الكتاب والباحثين والدارسين كتبوا عن علي بن أبي طالب آلاف المجلدات والكتب والأعمال الأدبية ! وأرى أن الكتابة صعبة لأن شخصية علي بن أبي طالب بالغة الثراء في جميع جوانبها!! وفي التاريخ هناك الأسكندر العظيم يعشق الفلسفة فيأخذ معه أرسطو وهو أستاذه! وهناك أفلاطون الفيلسوف وأستاذه سقراط، وهناك بوذا وكونفوشيوس وقادة الثورات والمصلحون، كل متخصص في ميدانه. أما علي بن أبي طالب فهو الحاوي على جميع سمات العبقرية المتعددة! فهو الخليفة والقائد وهو المحارب العظيم وهو الفيلسوف وهو الأستاذ في العدل والمؤسس لعلم النحو وهو الفقيه والقاضي والعالم بالحساب والفلك! وهو أمير البلاغة والشاعر والحكيم والحافظ لتراث محمد رســـول الله- ص - وهو الأخلاقي الرفيع والأنموذج في كل شيء يستطيع المرء أن يتعلم عنه أشياء كثيرة ولكن لا يستطيع أن يكون مثله ....)) (7)
تكمن أهمية هذا الكتاب في كونه يمثل حلقة من حلقات الرفض والمعارضة التي تبناها السيد جاسم ، ففي كتابه ( متصوفة بغداد ) حاول السيد جاسم إهانة الحكام من خلال تصغير شأنهم ، ولكنه في كتاب ( علي سلطة الحق ) اتخذ من شخصية الإمام علي (ع) قدوة للوقوف بوجه كل جبار عتيد ، وهو أمر ما كان يجرأ على طرحه ـ آنذاك ـ أشخاص يحسبون أنفسهم معارضين لصدام حسين وهم يتنعمون في أوربا وأمريكا ،ومما لاشك فيه أن مجرد النطق باسم الإمام علي (ع) آنذاك يمثل تحديا لسلطة ترفع الإسلام والعدالة الاجتماعية زورا وبهتانا شعارا لها لتحقيق أغراضها ، ومن ثم فإننا أمام رعب حقيقي ، ومخاطرة لا تخلو من رائحة الدم ، وفضلا عن ذلك فقد اتخذ عزيز السيد جاسم من الإمام علي ( ع) قدوة له في رفض ومعارضة السلطة ، وبعبارة أخرى لقد أعلن السيد جاسم نفسه معارضا في وقت كان المرء لا يعرف متى يأتيه الدور ليقطع رأسه ، ومن جهة أخرى حاول السيد جاسم في هذا الكتاب أن يحذو حذو مؤلف ألف ليلة وليلة ،الذي أراد أن ينتقد السلطة العباسية ، وذلك عندما جعل الخليفة يتنكر بزي الإعراب ويتفقد أحوال رعيته ليلا ، فالسيد جاسم هنا حاول أن يجعل من شخصية الإمام علي (ع) مثابة للساعين صوب الحرية والعدالة الاجتماعية ، فاستشهد بما يروى عن الإمام علي (ع) من قصص في هذا الخصوص ، وهي قصص أكثر من أن تحصى ،وبهذا اتخذ عزيز السيد جاسم من شخصية الإمام قناعا استتر به واحتمى من سلطة البعثيين ، ولاسيما عندما تحدث عن الفرق بين السلطة الشرعية والسلطة غير الشرعية ، ومن جانب آخر ، فان الكتاب يمثل القمة في فكر السيد جاسم ، ذلك لأنه استطاع أن يجمع فيه خلاصة ما يؤمن به من أفكار قومية وماركسية ، ولاسيما من خلال تحليله الفكري لفكرة الصراع الطبقي في المجتمع الإسلامي ،ودور رأس المال والغنائم التي يحصل عليها المسلمون ، في دفع اقتصاديات هذا المجتمع ، وفضلا عن ذلك راح السيد جاسم تحليل خطب الإمام وأقواله تحليلا أسلوبيا ، وكأنك أمام ناقد فذ متمرس في الكتابة النقدية ، ولهذه الأسباب مجتمعة رفضت السلطة وقتها طبع الكتاب بحجة انه يثير النزعة الطائفية ، مما حدا بالكاتب أن يطبعه في بيروت ، فثارت نقمة السلطة عليه ، فطالبه صدام حسين بكتابة كتب شبيهة بكتابه عن الإمام علي تتحدث عن شخصيات إسلامية ، كشخصية صلاح الدين الأيوبي ، وتمت مضايقته حتى نفذ ما أرادت ولكنها لم تكف عنه إلى أن ضيعته في غياهب السجون والمعتقلات .
عزيز السيد جاسم روائيا :
وجد عزيز السيد جاسم مثل غيره من الكتاب أن طريق الرواية سيمكنه من ممارسة دوره الفكري عبر مساحة إبداعية أخري أكثر حرية ومرونة من الإنتاج الفكري بصيغة المنهجية القاسية ، التي لابد لها من منطق تستند إلى مقدمات للوصول إلى النتائج المرجوة ، وعلى الرغم من انشغاله بالكتابة الموسوعية ، فقد كتب في التاريخ والاجتماع والسياسة والتصوف والنقد ، ونجح في ذلك كله ، وعلى الرغم من عدم تفرغه للكتابة الروائية إلا انه أبى إلا أن يخوض تجربتها ، فكان له ما أراد ، فكتب في بداية الأمر مجموعة قصص قصيرة ( الديك وقصص أخرى ) ، اتبعها بثلاثية (المناضل )، التي صدر الجزء الأول منها في عام 1970، إلا أن انشغالاته منعته من إكمال مشروعه الروائي ، وبقي هذا الجزء يتيما ،وفي عام 1988 اصدر روايته الثانية ( الزهر الشقي ) ، وبين صدور الروايتين ستة عشر عاما اصدر خلالها السيد جاسم ثمانية عشر كتابا في مختلف صنوف المعرفة .أما رواية (المفتون )فصدرت بعد تغيبه في سجون دولة صدام حسين بثلاثة عشر عاماً ، ففي عام 2003 يعود عزيز السيد جاسم إلى واجهة الرواية العراقية من خلال رواية جديدة تحمل اسم (المفتون) صدرت له عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، وهي آخر ما كتبه عزيز السيد جاسم ، وقد تكفل أخوه الدكتور محسن الموسوي مشقة نشر الرواية وحمل مسودتها إلى المطبعة .
رواية المناضل :
كان للسجن حصة كبيرة في الإبداع العربي عامة ، والروائي خاصة ، فقد سجل لنا الشعر العربي قديمه وحديثه ، أجمل القصائد التي تحدثت عن هذا المكان المخيف ، وفي الرواية العربية كان هذا الموضوع حاضرا بكل قوة ، فعبد الرحمن منيف في شرق المتوسط صور لنا ما يلاقيه( رجب ) من أهوال في سجون الطغاة ( 8 )، وقد صنف الناقد إرفنغ هاو في كتابه (السياسة والرواية ) الروايات فقال : ليس كل رواية تتحدث عن سجن أو سجين رأي هي رواية سجن، وليس كل رواية تتحدث عن مجموعة حركية أو سجين حركي هي رواية سياسية ، فبعض الروايات التي تعاملت مع معاناة السجناء ركزت على معاناة السجين الحركي وتجاهلت ما سواه من سجناء، فتأرجحت بين الرواية السياسية ورواية السجن، ومن ثم فان ما يميز رواية السجن السياسي عن رواية السجن العادية ، هو تعاملها مع العلاقة القائمة بين الفكر السائد والأوضاع السياسية العامة ( 9 ) .
في ضوء ما تقدم نفهم روايات عزيز السيد جاسم ، ففي روايته الأولى ( المناضل ) التي تدور أحداثها في العراق من الحكم الملكي حتى قيام ثورة 14 تموز ،وهو زمن يرى فيه الناقد باسم عبد الحميد حمودي زمننا للتناقضات والصراعات (10) . أما بطل هذه الرواية فهو ( بابل ) ، وهو شخصية اقرب إلى عزيز السيد جاسم نفسه ، لقد حاول المؤلف هنا تسليط الضوء على فئة المثقفين ـ أمثاله ـ الذين يئسوا من العمل السياسي أو فشلوا في الاستمرار فيه فابتعدوا عن تياراته ، وتمثلهم هنا شخصية ( بابل ) الذي وجد أن هناك عدم تطابق بين ما يؤمن به بوصفه منتميا إلى تنظيم سياسي ينبغي أن يكون طوباويا ، وبين الواقع المعيش ، الأمر الذي جعله يتراجع وينكفئ على نفسه حاملا أمراضه معه ، وهاهم المنتمون الآخرون يتساقطون الواحد تلو الآخر ، وينكفؤن على أنفسهم مثله تماما ، وهذا الكلام ينطبق على شخصية (حسين) ـ صديق بابل ـ المدان أبدا ، فضلا عن دلال ــ حبيبته السابقة ـ التي لجأت إلى الزواج حلا لمشكلتها الشخصية عندما كان( بابل )في الإبعاد تارة وفي المعتقل تارة أخري ، بسبب انسحابه من التنظيم ، بعد معاناة طويلة مع العمل السياسي الجماهيري وسط مدن فلاحية صغيرة ، لأنه كان يحمل عليه ملاحظات ، لم يأخذها المنظمون كــ (غفور الأعمى ) بنظر الاعتبار ، لأنه كان يؤمن بالعنف حلا وحيدا شافيا لكل المشكلات .
رواية الزهر الشقي :
لا تبتعد رواية عزيز السيد جاسم الثانية (الزهر الشقي ) عن هذه الأجواء ، إذ تعد أنموذجا رائدا في مجال رواية السجن السياسي ، ولاسيما بعد جمعها بين صور الاعتقال في الخارج و صور التعذيب و التحقيق في داخل السجون ، فالرواية تحكي أحداث مثقف عراقي اتهم بالسياسة ، و الخيانة كذباً وبهتاناً ، وهو( وائل الجابري) ،الذي هو نسخة من( بابل )في رواية (المناضل )، وزمن هذه الرواية أوسع من سابقتها رواية (المناضل )، فهي تمتد طولا وعرضا، تأخذ من ذكريات التجربة النضالية والاجتماعية الماضية وتنطلق إلي زمن ثورة 1958 ، بل تصل أحداثها إلى 5 حزيران عام 1967 ، لتقودنا إلي تجارب العمل السياسي في العراق ،وما يحيط به من مناخ اجتماعي وما يقدمه من شخصيات ظالمة مستبدة تؤذي ، واخرى مظلومة،حانقة ترفض العيش تحت خيمة التنظيم وتريد العمل بحرية ، فيجعلها هذا الموقف عرضة لصنوف الاضطهاد ، حتى يصل الأمر إلى إعلان الحرب الاجتماعية والسياسية عليها ، وتحكي هذه الرواية لنا أيضا ما يلاقيه المنسحبون من التنظيم ، كـ(بابل )بطل رواية (المناضل) و(وائل الجابري) بطل رواية (الزهر الشقي) ، فضلا عن أصدقائهما من لدن السلطة الحاكمة ، وعلى سبيل المثال تأتي الشرطة هنا لتبحث عن المطابع السرية المزعومة التي تطبع ما يلوث عقول الناس ،في مشهد يبث الرعب في صفوف البسطاء والعامة ، ولم تنفع توسلات ورجاءات الجابري وآلاف الشبان أمثاله من ثني سجانيهم من التحقيق معهم ، والتحقيق يعني بعرف هؤلاء التعذيب والاهانة والتعليق على( عامود الحديد ) وتقطيع الأصابع واحدا تلو الآخر ،فضلا عن شتى أنواع التعذيب وضروبه ، كالركل والرفس واللكم إلى درجة الإغماء ، حتى يصل الأمر إلى القتل ، ذلك لأن الداخل للمعتقل لابد له من الاعتراف بأي شيء حتى يخلص نفسه من التعذيب ، فهو مجرم سواء أثبتت براءته أم لم تثبت ،وهذا ما حصل للجابري وأصدقائه ، والغريب في الأمر أن السجانين لا يكلون ولا يتعبون من( حفلات التحقيق ) ، لا بل أنهم يستأنسون ويتلذذون به (11)، ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن محسن الموسوي ـ شقيق الراحل ـ قد افرد في كتابه النقدي (انفراط العقد المقدسي، منعطفات الرواية العربية بعد محفوظ) أكثر من عشرين صفحة للحديث عن رواية أخيه ( الزهر الشقي ) ، وهو نقد يمكن أن يقال عليه أنه نقد الأحبة والأخوة ، نقد المعجبين ، ذلك لأنه نقد عائلي بامتياز تتحول فيه مفردات النقد الأدبي إلى نشيد اخوي بغطاء موضوعي ، ومن ثم فنحن هنا أمام أجمل ما قيل في عزيز السيد جاسم (12) .
رواية المفتون :
جاء في مقدمة هذه الرواية التي لم يذكر اسم كاتبها، ومن المرجح أن يكون كاتبها هو شقيق المؤلف الدكتور محسن الموسوي : إن الرواية فريدة في كونها واحدة من النصوص القليلة المعنية بوضع العراق الحديث منذ سنة 1958 أي منذ العهد الملكي وصولا إلى ما تلاه،.....فهي تصور البلاء الذي نكبت به البلاد منذ أن اعتلى دفة الحكم فيها نظام شعاراته تبرر له التحكم في الحياة العامة للناس ، أن الذي يميز هذه الرواية هو أن حوارها يحتوي مجموعة من اللغات، التي يتقاطع بعضها مع بعضها الآخر، فينفرط الصوت في لغات متعددة تأخذ من الهضاب والأعالي والسهول والسجون والمستشفيات لغاتها الخاصة. وهكذا يكون صوت خلف الأعور، بجئيره، الوجه الآخر للطغيان، فهو مجنون يمارس سطوته من موقعه في تلة عالية تتيح أن يرى الآخرون نثاياه وحريمه. انه الوجه الدفين للمتسلط. لكنه محاصر بجنونه الذي يقصيه عن الآخرين، بينما يمده بمناعة خاصة وصوت رهيب. وعالمه، بعد ذلك، هو (الغروسك): عالم المتسلطين عندما يتمدد ويتضخم خارج حدود الواقع، فيبدو بمثل هذه الأوضاع المثيرة للضحك مرة وبتباعد الآخرين عنها مرة أخرى، ويمثل هذه السعة، تقدم هذه الرواية بعدا آخر للكتابة السرية، تلك التي بمقدورها أن تقول الكثير في فسحة صغيرة نسبيا: و"المفتون"، بعد هذه التوطئة القصيرة، رواية ما بعد الاستعمار بامتياز. أنها من بين النصوص الفريدة التي تستكمل ما كتبه فانون في "المعذبون في الأرض" عن ولادات الدولة المريضة ( 13 ) .
الشخصيتان الرئيستان في الرواية هما( هارون ) وهو طبيب النفسي في الخامسة والربعين من العمر، حصل على شهادة الماجستير في الطب النفسي بعد عناء طويل ومثابرة ودراسة متفانية في ظل ظروف قاهرة ، و(يوسف اليعقوبي ) وهو شاب جذاب يظهر مرة على انه مريض نفسي ، ومرة أخرى يظهر علينا على انه شاب له قدرة عالية في التحكم بمن حوله ، ويشترك الاثنان في كونهما من أصول ريفية هاجرا إلى المدينة ، شأنهم شأن الكثيرين من أبناء العشائر من الأرياف والقرى العراقية ، وعندما انتقلوا إلى المدينة نقلوا معهم ميراثهم الثقافي ، وبهذا انتقلت التقاليد والعادات الريفية إلى المدينة نفسها وأصبحت المدينة منتفخة بتشويهات متداخلة شبه حضارية وقروية وبدائية وعشائرية وظهرت أجيال جديدة تحاكي من الخارج أخر تقليعة أوروبية ، لكنها في الوقت نفسه تحمل في داخلها تيارات همجية واصواتا بدائية لم تخمدها مؤثرات المدينة .
تبدأ الرواية بحوار يدور بين الطبيب هارون ومريضه يوسف اليعقوبي ،عن السكين التي يرى اليعقوبي أنها يجب أن تكون صديقا دائما للإنسان ، وفي نهاية المحادثة بين الاثنين يستنتج الطبيب النفسي ملاحظات عدة يدونها في دفتر ملاحظاته عن الحالة المريضية التي أمامه ممثلة بيوسف اليعقوبي ، وهي ملاحظات متناقضة كتناقض يوسف نفسه ، فهو وحش في أهاب شاب جميل ، والغريب في الأمر أن يوسف اليعقوبي المريض النفسي ، صار يراجع عيادة الطبيب هارون لا بوصفه مريضا نفسيا حسب ، بل بوصفه معجبا بشخصية الطبيب ، الذي يكتشف أن هذا الإعجاب راجع إلى الصورة الذهنية التي كونها يوسف عنه ، على انه مناضل سياسي سابق وبطل لكنه انزوى في عيادته المتواضعة رافضا الظلم، وبالمقابل فان هارون قد أعجب بشخصية مريضه هو الآخر ، ولاسيما بعد ذكاءه ،وجماله المميز، فهو صاحب وجه شفاف، وعينين عسليتين تستحمين على أجفان طويلة،وأنف دقيق مرتفع قليلاً لأعلى، وفم صغير بأسنان دقيقة، فضلا عن ملامح أخرى محسوسة وغير مرئية تترك انطباعاً سريعاً على مزايا فاتنة في الوجه، والشعر الأسود الفاحم المتناثر في خصلات فوضوية تلّمها فتنة خاصة (14).
يخبر الطبيب هارون مريضه يوسف ، بأنه قد تم تعيين وزير جديد للداخلية ، وانه وعد الناس على فتح صفحة جديدة ، سوف يحرص فيها على أن يكون خادما مطيعا للقانون ، كما انه وعد بإطلاق سراح السجناء السياسيين ، لكن ذلك لم يحصل إنما حصل العكس ، فقد القي القبض على هارون الطبيب بتهمة سياسية ، وبهذا أضيف شخص جديد إلى قائمة المثقفين السجناء ، ليتم إبعاده إلى إحدى مدن الاهوار البعيدة . تثير هذه الرواية تساؤلا ربما يكون تقليديا مفاده ؛ هل يخلق مجتمع الظلم والقسوة شخصيات غير سوية أم أن الشخصيات غير السوية هي التي تخلق مجتمعات من هذا النوع؟ لكن سرعان ما يكتشف القارئ أن العلاقة الجدلية التي رسمها الكاتب تصور سيفا ذا حدين وان كان هناك تشديد على أن النظام السياسي الظالم هو أكثر قدرة على خلق العديد من حالات الخلل النفسي ، لقد حاول عزيز السيد جاسم في هذه الرواية أن يطرح معاناته بوصفه مثقفا مقموعا من سلطة غاشمة ، الأمر الذي منعه من نشرها في ظل نظام متسلط وشمولي، وكذلك الأسباب التي منعت شقيقه الدكتور محسن الموسوي من نشر هذه الرواية إلى فترة ما بعد صدام حسين .
ويرى القاص حميد المختار في إحدى مقابلاته : أن هذه الرواية تسرد وقائع التاريخ العراقي الحديث منذ ثورة 14 تموز وكأنه يقول بان هذه الثورة رغم نياتها الحسنة لكنها فتحت لنا أبواب جهنم ( فضاعت المقاييس وانعدمت الأنظمة والقوانين وكثرت التصرفات الاعتباطية وأصبحت الحياة مشدود بالقوة إلى ما يأتي من الأعلى ، وهكذا كثر الترحم على العهد الملكي وصدرت مقالات وكتب كثيرة منذ خاتمة الستينيات كلها تبكي حياةً مضت) ، لكنه حين أدان تلك الفترة إنما يريد الإدانة الباطنية الخفية للنظام البعثي الذي جاء هو الأخر بانقلاب مما دفع البلاد إلى الخراب التام ، هو لم يقل ذلك لكنه أوحى لنا به واستطاع أن يوصل أفكاره الخطيرة من خلال الحوارات التي تدور بين شخصياته الرئيسية كالحوارات الطويلة بين يوسف اليعقوبي والدكتور هارون ثمة الكثير من الرغبات المتداخلة للشخصيات ،هذه الشخصيات المستمدة من عمق الحضارات العراقية المليئة برموزها ومناخاتها الأسطورية وهي من سمات عمقها وقدرتها على التمظهر الواضح ، وكأن السيد جاسم يقول لنا أن المفكر حين يكتب رواية فانه يحاول أن يفرغ فيها كل ثقافته وأرائه ونظراته فعن طريق السرد الروائي يمكن للمفكر أن يقول الكثير بسهولة ويسر وقد سبقه في ذلك البعض من الفلاسفة مثل سارتر في أعماله الروائية والمسرحية ( كالغثيان ) ، (والذباب ) أما عزيز السيد جاسم فقد أعطى في هذه الرواية وجهة نظره عن التاريخ الحديث برؤية علم الاجتماع الذي أنجز السيد جاسم من خلاله الكثير من أطروحاته وكتبه ، أن المفتون رواية أفكار بامتياز وهي إضافة نوعية ليس في جنس الرواية فقط وإنما هي خطوة مضافة لمتون علم الاجتماع الخاص بولادات الدول وانهيار المجتمعات ( 15 ).
في الختام أدعو كل المفكرين والمهتمين بالشأن الثقافي الفكري للعراق، فضلا عن المؤسسات الثقافية كالجامعات إلى استحضار منجز هذا الرجل الثقافي، والفكري في جائزة تكون باسمه، من خلال مهرجان ينظم سنويا للفكر والثقافة، والإبداع، فضلا عن إطلاق اسمه على قاعة من قاعة الدرس فيها ، تخليدا له ولأعماله .
عبد الكريم السعيدي
الحوار المتمدن
http://www.mediafire.com/view/?c7iq6wvbspod0u8
الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
Subscribe to:
Posts (Atom)