Sunday, November 6, 2011

جبرا ابراهيم جبرا - يوميات سراب عفان

وفي تلك الليلة، إذ رحت أحدثها عن هلوسات ما كان لي أن أتحدث عنها لأحد سواها، لأنها بغيابها أو بحضورها هي مثيرتها ومحركتها كيف شاءت. كان حبها يدفق عليّ بفيض من أفكارها وأحاسيسها، وهي تستدرك كل مرة بأنها إنما تحاول أن تفرغ بعضاً مما يتراكم في ذهنها عشقاً، فرحاً، موتاً، يتراكم في ذهنها، في أعماقها عصياً على الكلمات، عصياً على الشرح: "ألا ترى ما معنى أن أحبك هكذا، وأن أكون ما أنا ومن أنا، ودون أي تناقض؟. بين أحزاننا ومخاوفنا، بين مآسينا اليومية وتوقعاتنا الفاجعة، أنا كمن يبحث عن خيط من لحن، من عزفٍ مجهول يصالحني مع هذه الأحزان والفواجع. ولكن كيف للإنسان أن يتصالح مع الألم إلا بقهره عن طريق فعل ما؟ أنني أبحث عما يشبه تلك الموسيقى الصاخبة بأنغامها الهائلة التي تحقق الانقذاف إلى حيث يعلم المرء أنه يحمل عبء العالم على ظهره، ولكنه في الوقت نفسه، كما بمعجزة، يحلق في الفضاء خفيفاً دونما خطة أو غاية، ولتذهب الخطط والغايات كلها إلى الجحيم..."
النيل والفرات
http://www.mediafire.com/?9za264w1fna417k

No comments:

Post a Comment