Sunday, October 2, 2022

عماد شيحة - غبار الطلع



سحب وتعديل جمال حتمل

إلى روح الكاتب والمناضل عماد شيحا

“عماد شيحة” كاتب ومترجم سوري من مواليد دمشق عام 1954، وتلقى تعليمه في جامعة دمشق- كلية العلوم- قسم الكيمياء، وكلية الآداب- قسم اللغة الإنجليزية، انتسب إلى المنظمة الشيوعية العربية، عام 1973، واعتقل في 21 حزيران 1974 مع مجموعة من رفاقه عندما كان في الحادية والعشرين من عمره. ضمت شباب وشابات من سوريا ولبنان والكويت وفلسطين.. ساء أعضاء التنظيم موقف الإدارات الأمريكية المساند بشكل أعمى للحكومة الإسرائيلية، فنفذوا عدداً من العمليات ضد المصالح الأمريكية في دمشق… جرح خلالها بائع متجول. تمت ملاحقة أعضاء التنظيم، وتم القبض على غياث وعماد ورفاقهم…
حكم على خمسة من أعضاء المنظمة بالإعدام من بينهم غياث شيحة شقيق الكاتب الذي أهدى هذه الرواية إليه، وحكم على عماد بالسجن المؤبد، فقضى أكثر من ثلاثين سنة في السجن. بدأت في ربيع العام 1975 بتهمة عضويته في المنظمة الشيوعية العربية. وتنقل  بين أهم السجون والمعتقلات إضافة إلى الكثير من فروع الأمن السورية، وبفعل المدة الطويلة التي قضاها في الاعتقال، أُطلق عليه لقب أقدم سجين سياسي في سوريا.

على طول صفحات الرواية، التي تكاد تبلغ الخمسمئة صفحة، ينعى عماد شيحة، بانتحاب سردي جارح، جيلاً كاملاً رزح تحت بطش الديكتاتورية، ثم أتت الحياة بعد ذلك لتبدل مصيره وتحرفه على هواها وفق تراجيديا أقرب إلى التشفي. المصائر المتبدلة التي تحكم ذاك الجيل، تبدو في الرواية أقرب إلى أدب الفضح، فضح كل ما حدث وظل خبيء النسيان، ليتكشف بشكل واضح أن الديكتاتورية نجحت في تشويه الجيل بكامله، حتى بات يشكّ في نفسه.
في استكمال للنعي تنقسم الشخصيات في غبار الطلع قسمين، جماعة تختار الهرب لينجو أصحابها بما تبقّى من عمرهم، ويحموا أنفسهم من عفن السجون التي كانت ستطول أرواحهم في الدرجة الأولى. لكنهم يخسرون الوطن، والأهم يخسرون احترامهم لذواتهم. أما الجماعة الثانية فيدفع أصحابها أعمارهم ثمناً لخيارهم، وتُهرَق سنوات طويلة في غياهب المعتقلات، ثم يخرج كل منهم ليتشظى على طريقته الخاصة. من خلال الشخصيات الكثيرة المتقاطعة والمتداخلة، يستطيع شيحة أن يتمثل مقولة فلوبير، التي بعثها في إحدى رسائله إلى صديقته كولي، وفيها أن على الكاتب أن يكون مثل الله تجاه الكون، حاضراً في كل مكان ولا يُرى في أي موضع. نجح شيحة في نقل شخصيات متشظية حتى الأقاصي، كل منها يلعق جروحه وحده. وعلى الرغم من أنها شخصيات مختلفة في كل شيء، ألا أن روحاً واحدة توحدها، هي روح بروميثيوسية بنسب متفاوتة، مع تصلب سيزيفي.

أو



 

No comments:

Post a Comment