Saturday, March 15, 2014

فادي عزام - تحتانيات




(ما يشبه السيرة الذاتية)
ولدت في سوريا. مدينة السويداء . قريتي أسمها تعارة.
وصلتها الكهرباء  حين كنت في السابعة. من يومها وأنا أقدر قيمة النور.
تعلمت حرف الأبجدية على ضوء الكاز والفانوس. من يومها وأنا أرى بالحروف نور يشرق كلما أظلمت الدنيا.
قبل السابعة حصل كل شيء في داخلي. معنى الإضاءة، ومعنى الطبيعة ومعنى أن تولد بريا. ثم تدجن المدرسة، والحزب، والطائفة. للخروج من هذه الأماكن. كانت الحروف والكلمات وحدها تحلق خارج جدران الأماكن المغلقة. وعلى مشارف الأربعين لم يتغير الكثير.
الكلمات تجعل منا أحرارا فكلما تخرب مكان او زمان يلجأ المعذبون إلى الكلمات. تمنحهم العزاء والامل. أعرف قيمتها لأني عشت طفولة في عتمة باهرة. سرمدة هي بعض من عتمتي وحكايتها كتبت على ضوء شمعة بيضاء وفانوس شاحب..
كلما كبرت العبارات. ضاق المكان. وكلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة. كان علي أن أغادر أقصى مكان غامض سمعت عنه .
إنها دمشق. جئتها شابا في الثامنة عشرة تواقا للحب، للحرية، للحياة. عشر سنوات في دمشق. عرفت إنها هي المكان الوحيد في العالم لا يعبأ بالآن. ثابتة على هيئة لغز. والكل يركض، يلهث، ويعدو، ويحارب، ويهاجر، وهي تنتظر الجميع هناك حيث سيصلون.
 فأين وصلت ستكون دمشق بانتظارك.
مدينة هائلة ساحرة محاطة بشرنقة من السحر، عليك ان تعشق وتسجن وتجوع وتتسكع في دمشق وإلا لن تعطيك المدينة مفاتيح أسرارها.. وستبقى مجرد أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ.
إنهار ربيع دمشق السريع عام 2001. فرحلت إلى دبي.
مدينة اخرى مناقضة بكل شيء لدمشق. فدبي مدينة للوهم ودمشق وهم لمدينة.
لكن دبي أعطتني جواز سفر لمدن أخرى. لندن، أمستردام، لشبونة، وبراغ.. حتى دخلت باريس ذات خريف خفيف المطر وفي أحد الشوارع الجانبية التقيت بامرأة  مزيج من عتمة السويداء، ونور دمشق، ووهم دبي. فتزوجنا  فمنحتني مكانا لأثبت به. فكانت سرمدة.
أحب أن أسميها مروية كثيفة لبعض عصارة الحياة في تلك الذاكرة العميقة للمكان الذي ولدت به.
فادي عزام - 2011
 
 
 

إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


No comments:

Post a Comment