مع الشكر لموقع منتدى لبنان للعولمة, تجمع نحو العلمنة و
Watan
لا خير في أن تكون عربياً في هذه الأيام. فاعتلال النفس، من شعور البعض بالاضطهاد إلى كره الذات لدى البعض الآخر، هو القاسم المشترك الأعم في العالم العربي. وحتى أولئك الذين ظنوا أنهم في منأى عن ذلك، مثل السعوديين النافذين والكويتيين الموسرين، لم يعد يفوتهم هذا الشعور منذ وقوع أحداث 11 أيلول.
ويبدو المشهد مظلماً، أياً تكن الزاوية التي ننظر منها إليه، ويزداد ظلاماً بالمقارنة بمناطق أخرى من العالم. فباستثناء الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، مع الفرق الكبير الذي يفصل بين الممكن والواقع، بين التوقعات والإنجازات، بين القلق والكبت، بين الماضي والحاضر، فإن العالم العربي هو هذه المنطقة من الكرة الأرضية التي تتضاءل فيها اليوم أمام المرء، ولا سيما أمام المرأة، ظروف النمو.
سمير قصير
لا تكمن أهمية هذا الكتاب-البيان في غياب مؤلفه، الذي اغتيل في الثاني من حزيران عام 2005 في بيروت. غير أن الموت أضفى طابع الوصية على نص أراده صاحبه تأسيسياً. هنا تقع مفارقة العلاقة بين كتابة التاريخ وصناعته. سمير قصير كان يبحث عن بداية تواصل الفكر التنويري الذي صنعته النهضة العربية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فقاده الشقاء العربي إلى نهايته المأساوية. إنها مفارقة الانتقال من الديكتاتورية إلى الديموقراطية، التي يمر بها المشرق العربي وسط تعقيدات كبرى، وبحار من الدم والمآسي، تمتد من فلسطين إلى العراق، مروراً بلبنان وسوريا.
يحمل هذا الكتاب-البيان، قوة الوصية ورؤيوية البداية. في هذا المزاج التراجيدي بين النهاية الفردية والبداية الجماعية، يلخًص سمير قصير مقتربه لنهضة عربية جديدة، تدافع عن الحداثة وتعيد قراءة لاثقافة العربية المعاصرة بروح نقدية جديدة. يمكن تحديد هذا المتقرب بثلاث عناصر: أولاً: إعادة تقويم عصر النهضة العربية، عبر وضعه في سياق بحث العالم العربي الخارج من الهيمنة العثمانية الطويلة، عن الاستقلال والحداثة والحرية. هذه القيم الثلاث صنعت نهضة لغوية وفكرية، ميزتها الانفتاح على عصر الأنوار الأوروبي من جهة، وإعادة النظر في الموروث الثقافي العربي من جهة ثانية. ثانياً: تحليل الشقاء العربي في وصفه ابنا للعجز. ثالثاً: رفض ثقافة الموت والدعوة إلى ثقافة الحياة، عبر تعددية ثقافية وسياسية تشكل بداية الرد على الشقاء. ترتبط هذه التعددية بفكرة الحداثة. فالشقاء ليس نتيجة الحداثة بل نتيجة إجهاضها. الحداثة العربية التي أحدثت انقلاباً كبيراً في الحياة والثقافة كانت وليدة الفكر النهضوي. أما النكوص الذي تجلّى في هزيمةالخامس من حزيران 1967، فقاد إلى استفحال الديكتاتورية، وتجذر وجهها الآخر المتمثل في المشروع الأصولي.
على الرغم مما في بعدي الوصية والبداية من تناقض ظاهري فإنهما يؤشران إلى اللحظة السياسية والفكرية المعقدة التي يعيشها العالم العربي اليوم. الوصية، التي تعيد رسم صورة المثقف في وصفه ضميراً متحرراً من كل التزام سوى التزام الحرية والدفعا عن الحقيقة مثلما يراها.
وبشكل عام ينتمي هذا الكتاب إلى سلالة الكتابة النهضوية العربية، التي جمعت العمل الصحافي إلى الكتابة العلمية، وقدمت صورة لمثقف يعي دروس التاريخ، ويعمل من أجل التغيير، ويمارس إلى جانب دوره الفكري، دور القائد الميداني يوم انطلاق أكبر تظاهرة شعبية في تاريخ بيروت في الرابع عشر من آذار 2005.
لذا يشعر القارئ أنه أمام صرخة من أجل الحرية والديموقراطية، يطلقها صحافي يعيش الحدث، ويبلورها مؤرخ يصنع الذاكرة. وفي هذا الجمع يعلن سمير قصير فرادة مرتبطة بعمق انتمائه إلى بيروت، التي لم تكن فقط مركز التحدي في مشروع الحداثة العربية، بل هي المدينة التي قاومت الحصار الإسرائيلي وصنعت أفق حريتها في مواجتهه.
في الفصل الخامس من هذا الكتاب، وفي إطار تحليله محاولات إجهاض الحداثة العربية، أشار قصير إلى انكفاء بيروت بعد الحصار الإسرائيلي عام 1982، متبنياً مقولة بعض الأدباء "في اعتباره الحد الذي انتهت عنده مغامرة النهضة".
كان من الطبيعي للمثقف الذي يسعى إلى استعادة روح النهضة والحداثة، أن ينخرط في النضال الكبير الذي صنعته بيروت في انتفاضتها الاستقلالية التي اندلعت بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
غير أن المفكر الذي رفض أيديولوجيا الضحية في الثقافة العربية، وناضل كي تصنع بيروت حريتها وفرحها، واجه قدر الضحية، وقتل في انفجار إرهابي أراد إخراس صوته، وإطفاء بريق الحياة في عينيه.
النيل والفرات
ويبدو المشهد مظلماً، أياً تكن الزاوية التي ننظر منها إليه، ويزداد ظلاماً بالمقارنة بمناطق أخرى من العالم. فباستثناء الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، مع الفرق الكبير الذي يفصل بين الممكن والواقع، بين التوقعات والإنجازات، بين القلق والكبت، بين الماضي والحاضر، فإن العالم العربي هو هذه المنطقة من الكرة الأرضية التي تتضاءل فيها اليوم أمام المرء، ولا سيما أمام المرأة، ظروف النمو.
سمير قصير
لا تكمن أهمية هذا الكتاب-البيان في غياب مؤلفه، الذي اغتيل في الثاني من حزيران عام 2005 في بيروت. غير أن الموت أضفى طابع الوصية على نص أراده صاحبه تأسيسياً. هنا تقع مفارقة العلاقة بين كتابة التاريخ وصناعته. سمير قصير كان يبحث عن بداية تواصل الفكر التنويري الذي صنعته النهضة العربية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فقاده الشقاء العربي إلى نهايته المأساوية. إنها مفارقة الانتقال من الديكتاتورية إلى الديموقراطية، التي يمر بها المشرق العربي وسط تعقيدات كبرى، وبحار من الدم والمآسي، تمتد من فلسطين إلى العراق، مروراً بلبنان وسوريا.
يحمل هذا الكتاب-البيان، قوة الوصية ورؤيوية البداية. في هذا المزاج التراجيدي بين النهاية الفردية والبداية الجماعية، يلخًص سمير قصير مقتربه لنهضة عربية جديدة، تدافع عن الحداثة وتعيد قراءة لاثقافة العربية المعاصرة بروح نقدية جديدة. يمكن تحديد هذا المتقرب بثلاث عناصر: أولاً: إعادة تقويم عصر النهضة العربية، عبر وضعه في سياق بحث العالم العربي الخارج من الهيمنة العثمانية الطويلة، عن الاستقلال والحداثة والحرية. هذه القيم الثلاث صنعت نهضة لغوية وفكرية، ميزتها الانفتاح على عصر الأنوار الأوروبي من جهة، وإعادة النظر في الموروث الثقافي العربي من جهة ثانية. ثانياً: تحليل الشقاء العربي في وصفه ابنا للعجز. ثالثاً: رفض ثقافة الموت والدعوة إلى ثقافة الحياة، عبر تعددية ثقافية وسياسية تشكل بداية الرد على الشقاء. ترتبط هذه التعددية بفكرة الحداثة. فالشقاء ليس نتيجة الحداثة بل نتيجة إجهاضها. الحداثة العربية التي أحدثت انقلاباً كبيراً في الحياة والثقافة كانت وليدة الفكر النهضوي. أما النكوص الذي تجلّى في هزيمةالخامس من حزيران 1967، فقاد إلى استفحال الديكتاتورية، وتجذر وجهها الآخر المتمثل في المشروع الأصولي.
على الرغم مما في بعدي الوصية والبداية من تناقض ظاهري فإنهما يؤشران إلى اللحظة السياسية والفكرية المعقدة التي يعيشها العالم العربي اليوم. الوصية، التي تعيد رسم صورة المثقف في وصفه ضميراً متحرراً من كل التزام سوى التزام الحرية والدفعا عن الحقيقة مثلما يراها.
وبشكل عام ينتمي هذا الكتاب إلى سلالة الكتابة النهضوية العربية، التي جمعت العمل الصحافي إلى الكتابة العلمية، وقدمت صورة لمثقف يعي دروس التاريخ، ويعمل من أجل التغيير، ويمارس إلى جانب دوره الفكري، دور القائد الميداني يوم انطلاق أكبر تظاهرة شعبية في تاريخ بيروت في الرابع عشر من آذار 2005.
لذا يشعر القارئ أنه أمام صرخة من أجل الحرية والديموقراطية، يطلقها صحافي يعيش الحدث، ويبلورها مؤرخ يصنع الذاكرة. وفي هذا الجمع يعلن سمير قصير فرادة مرتبطة بعمق انتمائه إلى بيروت، التي لم تكن فقط مركز التحدي في مشروع الحداثة العربية، بل هي المدينة التي قاومت الحصار الإسرائيلي وصنعت أفق حريتها في مواجتهه.
في الفصل الخامس من هذا الكتاب، وفي إطار تحليله محاولات إجهاض الحداثة العربية، أشار قصير إلى انكفاء بيروت بعد الحصار الإسرائيلي عام 1982، متبنياً مقولة بعض الأدباء "في اعتباره الحد الذي انتهت عنده مغامرة النهضة".
كان من الطبيعي للمثقف الذي يسعى إلى استعادة روح النهضة والحداثة، أن ينخرط في النضال الكبير الذي صنعته بيروت في انتفاضتها الاستقلالية التي اندلعت بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
غير أن المفكر الذي رفض أيديولوجيا الضحية في الثقافة العربية، وناضل كي تصنع بيروت حريتها وفرحها، واجه قدر الضحية، وقتل في انفجار إرهابي أراد إخراس صوته، وإطفاء بريق الحياة في عينيه.
النيل والفرات
http://www.mediafire.com/view/?dhah648y6pnp73i
or
http://www.4shared.com/office/DLrjdqLn/__-____.html
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
or
http://www.4shared.com/office/DLrjdqLn/__-____.html
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
No comments:
Post a Comment