Friday, June 3, 2011

نبيل الخوري - ثلاثية فلسطين


الكاتب الراحل نبيل خوري، فلسطيني لبناني من القدس ، ومن طليعة المهاجرين إلى الغرب، وفي باريس أنشأ مجلة "المستقبل" وضم إليها أبرز الكتاب العرب.
هذه الثلاثية تتألف من ثلاث روايات قصيرة "حارة النصارى" و"الرحيل" و"القناع" ألفها خلال أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين، وركزت بالخصوص على القضية الفلسطينية وجرائم الغرب.
تطمح رواية نبيل خوري الأولى "حارة النّصارى" إلى ما يشبه التوثيق لتاريخ فلسطين الحديث ما بين الإضراب الستّيني قبل الثورة الكبرى سنة 1936 وما بعد هزيمة يونيو بقليل، من غير أن يعني ذلك صلتها بالرّواية التاريخية، لأنّها تلتقط من التاريخ مفاصله الكبرى التي كانت تضبط إيقاع الصراع الفلسطيني/ الصهيوني، والتي تجهر برغبة الكاتب المسبقة في التعبير عن الأفعال التي تميّز بطله "يوسف راشد"، أحد أبناء حارة النصارى المعروفة في الجزء القديم من مدينة القدس، الذي رافق الصراع منذ يفاعته، وخاض غماره إلى أن قضى شهيداً في عدوان حزيران 1967. وتُعنى الرواية بالدور الذي نهضت به الصّحافة الفلسطينية، مع مطلع الثلاثينيات، في إلهاب مشاعر العرب الفلسطينيين وإثارة نقمتهم ضدّ سلطات الانتداب البريطاني لسماحها بتدفّق الهجرات الصهيونية، ثمّ بالمظاهرات التي عمّت مدن فلسطين وقراها، آنذاك وعرائض الاستنكار التي رفعتها القيادات الوطنية الفلسطينية إلى الهيئات الدّولية احتجاجاً على قيام المستوطنين بتسليح أنفسهم على مسمع ومرأى البريطانيين. وتتوقّف بشيءٍ من التوسّع، عند القرار الذي اتخذته قيادة الثّورة الكبرى ضد‍ّ العرب الذين كانوا يبيعون أراضيهم لأولئك المستوطنين، أو الذين كانوا يقومون بدور الوسيط بين الطرفين، وتُثْبتُ نصّ النداء الذي وجهّه
الزعماء العرب، صبيحة الثالث عشر من تشرين الثاني سنة 1936، إلى الثّوار الفلسطينيين لوقف الكفاح المسلّح بدعوى حقن الدّماء وإتاحة الفرصة للتشاور مع الحكومة البريطانية ذات النيّات الحسنة، كما ورد في نصّ النداء، ولا تنسى في غمرة ذلك كلّه إدانة الحكومات العربية، وهجاءها لأنّها ظلّت، كما ترى، بعيدة عن معارك الفلسطيني مع عدوّيه: البريطانيون والصهاينة.
وتعالج الرواية الثانية "الرحيل" الأحداث نفسها التي عنيت بها سابقتها، بينما انشغلت الثالث بتصوير حياة الفلسطيني في الغربة، من خلال شخصية بطلها "كمال"، إلا أن نبيل خوري يقدم لنا فيها، شخصية الغربي العادي (البعيد عن النعرات السياسية الاستعمارية الصهيونية) الذي يتعاطف مع القضية الفلسطينية تعاطفاً أقرب إلى التلقائية منه إلى الاقتناع الفكري حيث جورجينا الإنجليزية ابنة اليهودية تتعرف على كمال الفلسطيني في باريس، تعايشه وتحاوره. كذلك تلك الفتاة الإيرلندية التي تؤيد كمال في وجهة نظره باعتبار خطف الطائرات حقاً مشروعاً لمن يطرد من وطنه دون أن يستمع له العالم.
وهذه الثلاثية تقدّم تلك الإشارات جميعاً من خلال سرد حكائي يتسم بالتقريرية والمباشرة، ويتحوّل في مواقع كثيرة إلى مقالات خطابية يلقيها الكاتب إلقاء، من دون أن يوفّر لها سوى القليل من خصائص الفنّ الرّوائي، على نحو نمطيّ وثيق الصلة بالقصّ الشعبي، إذ يغدق الروائي على أبطاله من الصفات، بالإضافة إلى صفة المقاومة، صفات خارجية كالطّول، والقوّة، والبهاء، واجتذاب الآخرين، من غير ما عناية بمكوّناتهم النفسية والمعرفية التي تجسّد علاقتهم بالأرض، أو الوطن.
والرّوايات، وعلى الرّغم من العيوب الفنية التي تعانيها، تمجّد حبّ الأرض، وتحاول تعزيزه في القارئ الذي تتوجّه إليه، وإن كانت تقدّم لـه مستوى واحداً فحسب، هو المستوى العفوي أو الفطري.

No comments:

Post a Comment