إنها نيف و400 صفحة عاشها مطيع السمان في فترة لا تزيد في المدى الزمني على 18 شهراً هي فترة الانفصال في التاريخ السوري السياسي، تلك الفترة التي أعقبت فترة الوحدة السورية المصرية والتي شهدت سوريا خلالها انقلابات وأحداث عامة. هذه الفترة أغنته عن تجارب سنين ومن موقعه العسكري في حينها الذي كان بالمصادفة حيث يتخذ القرار وتنكشف الأستار، حيث كان يسمح له أن يرى ويسمع ما لا يستطيع الآخرون رؤيته وسماعه في تلك الفترة العصيبة من تاريخ سوريا السياسي.
والكتاب إلى هذا كتاب مذكرات إلا انه فوق هذا كتاب تصحيح صور الأحداث كما عاشها وشهدها، ويناقش الأخرى بها، ويأتي بنصوص ما ذكر هؤلاء، ثم يذكر ما شهد وما عرف، ويحتكم للمنطق والقانون أكثر من احتكامه لما رأى ويشترك القارئ معه في رصد الأخطاء، يمدح رئيس الجمهورية في تلك الفترة ولكنه لا يسكت عن نقده بالتردد، ويعجب بخالد العظم ولا ينسى مشاكله الخاصة المرهقة وما دفع من الثمن لقاءها، ويرفض أقاويل أوردها الرئيس الثاني بشير العظمة ولا يغفر له ضعفه وقلة طموحه، وينتقد الانتقاد الحر قائد الجيش ويورد الأحاديث الطوال عن غروره وتجاوزه صلاحياته، ولعل أهم من ذلك أنه وهو العسكري القديم يندد بتسلط الجيش على الحكم ويشير إليه بإصبع الاتهام، باعتباره خرب البلاد والعباد، يبكي الوحدة، وينتقد عبد الناصر يوم الانفصال في إرسال مجموعة هزيلة من المظليين دون استعداد، ولا يرى كعسكري منضبط أي تناقض بين طلبه حين سمع بالحركة الانفصالية، أوامر القيادة، وبين عمله بعد ذلك ضد المؤامرات الوحدوية. هذه في الروح من تلك، يرفض تزوير الانتخابات علناً ولو أدى به ذلك إلى الأبعاد والاغتراب، ويثور كلامه الطائفي الهزيل الذي نشره غيره، زرعاً للفتن، ويذكر بالتفصيل حوادث حماه وجبل العرب وغيرها ودوره فيها دون مواربة. ما كتم شيئاً وصاحب هذه المذكرات ليس بمؤرخ، ولا يدعي التاريخ، إنه إنما يكتب صوراً تاريخية، وعلى هذا الأساس يجب أن يُقرأ ويُفهم.
نبذة النيل والفرات
or
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
or
No comments:
Post a Comment