Sunday, May 7, 2023

حيدر حيدر - مراثي الأيام..ثلاث حكايات عن الموت


إعداد وتقديم أبو عبدو

إلى روح الأديب حيدر حيدر
"قال الراوي المعاصر: ورأيت فيما يرى النائم أن روحي غادرت جسدي خارجة من تلك الممالك والصحارى والبلدان (في ذلك الزمن كنت أهجس بالهجرة والرحيل إلى جزيرة بعيدة تشبه جزيرة حي بن يقظان وفي رأسي سؤال سأطرحه على صديقي حي الذي اختار العزلة منفى وملاذاً: هل الوصول إلى الله عن طريق التأمل والكشف والاعتزال يغسل تاريخ الدم والشهوات؟...) وكان أن تحوّل جسدي إلى ما يشبه الطيف، وكانت الروح دليل وقرينتي.. وكنت أصعد على أجنحة الريح خفيفاً ورشيقاً عبر فضاءات غربية لا أعرفها، وجاءتني أصوات هي أقرب إلى الصدى: إلى أين ولماذا هذا الهجيج والهروب؟ وخيّل إلي، وأنا عبر طيّات الريح أني لست وحيداً غير أنني لا أرى الآخرين سوى كأطياف أو مرتسمات تشبه الغيوم فوق أفق البحر.. كلها بدت لي فارّة ومذعورة من شيء غامض يطاردها. وبانعطاف سريالي غريب تحوّل المشهد، فإذا بي فوق أرض عشبها كالياقوت والمرجان، وباغتني رجل غريب.. وقال الدخل إلى القبة البيضاء هناك.. وفي صدر الفسطاط كان يجلس على كرسي كالعرش رجل مهيب بعمامة بيضاء ولحية تتدلى حتى الصدر.. وسألته عن الحكمة في موت الأطفال والنساء الأنقياء وبقاء الأشرار على سطح الأرض، وحدثني عن سرّ حكمة الله في خلقه.. وقلت بأنني أخاف الظلمة التي جئت منها ولا أرغب في العودة إليها ثانية.. ورغبت القول: لو أتحول إلى حجر أو شجرة.. فلا أعود إلى ديار قومي السفاحين الذين هربت منهم..".

أو


 

No comments:

Post a Comment