Saturday, November 21, 2020

سميرة المسالمة - نفق الذل



"نفق الذل "رواية لسميرة مسالمة: عن فساد البعث ومخابرات الأسد

اشفة عن واقع سوريا خلال أربعين عاما من حكم نظام البعث، تسير الإعلامية السورية سميرة المسالمة، في روايتها "نفق الذل" في طريق تشريحي، يوصف الأسباب التي أوصلت البلاد إلى التدمير والشتات ،نتيجة ما أصابها من فساد عبر طغمة حاكمة فعلت ما تريده بها.

الرواية الصادرة عن منشورات (ضفاف بيروت) 2014، تحكي حياة السوريين وسط حالة الفوضى والفساد المعاشة، والتي أجبرتهم على اجتياز صراعات الولاء للأفراد، حتى يكون لهم بعض من الحقوق، في بلد أعطت الحق لغير أهله فصار متحكما به، وممارسا السلطة بأفظع أشكالها ضد أبناء الوطن، في استبداد مخيف، جعل من المواطن الخانع الضعيف صورة للمواطن الصالح!

تتداخل دوائرة الفساد السلطوية، التي كانت أحد أهم أنفاق الذل، حيث تسعى السلطة إلى إعطاء حق الدخول فيها لمن يريد ان ينتفع منها، عبر مزاجية يحكمها رجل السلطة وتوزع الحلقة التي تدور فيها لتصبح البلاد قطعة حلوى، يمتصها رجال السلطة ومن دخل في كنفهم، كلٌ بحسب موقعه من الدولة وقرب من رأسها.

الفساد هذا ليس حكرا على شريحة دون أخرى، فكل زاوية في البلاد لها حالتها الفسادية المتأصلة فيها والتي تكتسبها عبر رجال يتلاعبون بكل شيء من أجل إرضاء من هم أعلى منهم وبالتالي الحصول على الرضى لأنفسهم.


ولعل الجامعة بقدسيتها، هي الصدمةالكبرى للفساد، الذي يمتد ويتصاعد ليصل إلى أعلى مراحل الاذلال للمواطن، ومن هنا تنطلق قصة "الحب الغريبة" بين "عماد" الشاب المتطلع للأفضل عبر يساريته، وبين "منى" ابنة رجل المخابرات، التي استطاعت سرقة عماد من أحلامه إلى حظيرتها السلطوية، ليكون الزواج بعد الخطيئة حصيلة لفساد استشرى في المجتمع وتصبح حفلة الخطيئة مكانا للتجارة وعقد الصفقات المشبوهة و التشفي من الخصوم.

ومن الفساد المجتمعي إلى الفساد الإعلامي، ترصد -الكاتبة التي كانت رئيسة تحرير صحيفة تشرين التابعة لنظام الأسد قبل انشقاقها - عالما من الفساد الإعلامي والسياسي، مبينة آلية إخضاع الصحفيين والإعلاميين من قبل النظام، حتى يصبحوا أداة في إعلام السلطة، ويعلموا في سبيل تلميع صورتها، عبر حجج واهية يتم تصديع رؤوس المواطنين بها.

نقطة أخرى أثارتها المسالمة في أنفاق الذل الكثيرة بسوريا ،تمثلت في الارتباطات العائلية المحكومة بالمصالح الاقتصادية والاجتماعية ،بمعزل عن الحب ،لتصبح العلاقات تلك عبارة عن صفقات هي الأخرى تكون أطرافها عبارة عن أشياء تباع و تشترى ،دون أي مراعاة للمشاعر وتفاصيل الحياة القادمة لطرفي العلاقة.

وما بين تعذيب المعارضين وإيذائهم من أجل اخضاعهم وتجنيدهم ليكونوا عونا للسلطة ضد رفاقهم ،و إيذاء السلطة لرجالاتها من خلال التصفيات والاغتيالات، تأخذنا المسالمة إلى نفق أخر ، يحكي أساليب النظام البعثي في سبيل توطيد شؤونه من خلال ضرب معارضيه ببعضهم ثم تصفية مؤيديه عند الحاجة.

المجتمع المتفسخ المختبئ وراء غطاء الطبقة الراقية ،كان محورا مهما في رواية المسالمة ،والذي تشكل عبر سلطة الاجرام والبطش ،حيث تصبح فيه الرذيلة عوضا عن الفضيلة ،وتكون المأساة بأنه يعد القائد للمجتمع.

وتبين الكاتبة في روايتها الاسباب التي دفعت الناس نحو الانقسام والضياع ،جراء المجتمع الذي صار حكرا على اللصوص ،الساعين لسرقة لقمة الناس و سلبهم كل ما يمكلون.

ولعل قرب (المسالمة) من السلطة لفترة ما من حياتها كإعلامية كتبت عن السياسة والاقتصاد السوري في ظل حكم البعث والأسد، جعلها على دراية كافية في أسرار أكثر زوايا الحياة السورية أهمية ،وفتح لها أغوارا جديدة لتقدم لقارئها وجبة دسمة من الحقائق التي تظهر للوهلة الأولى مفردات من ظواهر خيالية.

بين لغة شاعرية في الفصول الأولى للرواية ولغة تقريرية صحافية في مواقع أخرى ،تتدرج المسالمة بحسب حاجة روايتها ،التي تنضج تباعا مع نضج الحكاية ،لتقدم في آخر الأمر رواية تخمرت في خوابي النظام ،لتسقي الحقيقة لمن أراد معرفتها.

المسالمة تصوّر واقعاً قاتلا كانت الثورة ضرورة عليه ،عبر صدق التعبير الذي تميزت به الكاتبة مذ خرجت عبر الاعلام وأعلنت موقفها من ثورة أبناء شعبها ،وهي إذ تفتح نفق الذل ،فإنما تفتح بابا آخر لكشف حقيقة نظام الأسد ،الذي سرق سوريا أرضا وشعبا طوال أربعة عقود.

أورينت نت- عبد السلام الشبلي


https://drive.google.com/file/d/17vou4-sfE9OOZ_6AXLKx5RrLeR_ffQ6m/view?usp=sharing


No comments:

Post a Comment