مؤلف هذا الكتاب كان ضيفًا علي كل معتقلات مصر، لا يخرج منها إلا ليعود إليها مرة أخري أكثر صلابة وأكثر تحديا ورغبة في التغيير الاجتماعي من خلال انغماسه في العمل السري.
نشأ فوزي حبشي في أسرة عصامية، والده المزارع قرر الانخراط في سلك التعليم وتخرج من كلية الحقوق وأصبح محاميا فكان نموذجًا مشرفًا لأبنائه، وكان الابن فوزي منذ شبابه مقبلاً علي القراءة، وحينما جاء إلي القاهرة ليدرس بكلية الهندسة في جامعة فؤاد الأول، كان وكأنه علي موعد مع الشيوعيين في شبرا، وعرف طريقه إلي مراكز الفكر الشيوعي في القاهرة: لجنة نشر الثقافة الحديثة ودار الأبحاث العلمية، ووجد نفسه مندمجًا في العمل السري يقوم بتوزيع المنشورات ضد الإنجليز، ويكتب علي حوائط العمارات والمدارس شعارات الحرية والتحرير.
وفي هذا الكتاب الذي كتبه وهو يناهز الثمانين من عمره المديد بإذن الله ــ يتساءل المؤلف: هل كان ولعي وإيماني الحار بقضية الاشتراكية خطأ دراميا؟ ومعركة مع طواحين الهواء؟.. ويجيب قائلاً: كلا وألف كلا فالرأسمالية التي تغزو العراق بالقوة الغاشمة وتمزق برصاصها لحم أبنائنا في فلسطين، وتهدد كل رقعة في العالم العربي.. لن تدوم.
في أول صفحات الكتاب يدخلنا المؤلف وسط عالمه السري الصاخب من خلال خطاب رقيق أرسله إلي زوجته المناضلة ثريا شاكر وهو في معتقل الهايكستب الذي قضي فيه عامين كاملين في دنيا المعتقلات والسجون، التي لم ينس داخلها تخصصه في الهندسة المعمارية فنراه يصف كل المعتقلات وصفًا معماريا دقيقًا وكأنه يكتب سيناريو لمسرحية ما تتضمن المناظر، يوضح فيها أيضًا من زاملهم في السجن من السياسيين، وضباط خربي الذمة يتفاهمون مع موردي الطعام، عمولات، ويخفون محاضر إثبات التعذيب حتي لا تستخدم في التحقيق، كما يقدم أيضًا الوجه الآخر لحياة المعتقلات حين يعتاد الجميع علي الحياة الجماعية و«التعاون الطبقي» وتوزيع المسئوليات، والتعايش مع تيارات سياسية مغايرة وفي مقدمتهم الإخوان المسلمون.
يتضمن الكتاب في أحد فصوله طبيعة مناقشات الشيوعيين داخل السجون، وكيف صدر قرار حل الحزب الشيوعي المصري؟ ومن عارض هذا القرار؟ ومن سانده؟.. وكيف تمت عودته عام 1975 وإصداره وثيقة انتقد فيها تجربة الحل السابقة.. كما يتضمن أيضًا جوانب إنسانية راقية لا يخلو بعضها من طرافة، منها حينما أصر فوزي حبشي علي بناء نافورة في فناء سجن أبو زعبل، وقامت زوجته بتهريب الجبس والأسمنت والبلاط القيشاني، حتي نجح بالفعل في بنائها.
والكتاب في مجمله، وإن كان يشي من عنوانه بأنه سيرة حياة المؤلف داخل المعتقلات، إلا أنه في وجهه الآخر يحمل لمحات وومضات مهمة من تاريخ مصر السياسي الحديث، خاصة وأن صاحب هذا الكتاب ربما يكون اليساري الوحيد الذي اعتقل في عهد الملك فاروق وعبد الناصر والسادات ومبارك.
وهذه المذكرات لا يكتبها كما يؤكد المناضل فوزي حبشي من أجل إثبات وجهة نظره فيما مضي وانقضي، لكنه يكتبها من أجل المستقبل.. وهذا هو شأن المناضلين الحقيقيين علي مدار التاريخ البشري كله
.
http://www.mediafire.com/view/?4p9k3211564u949
or
http://www.4shared.com/office/CKRTD6xZ/__-______.html
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
or
http://www.4shared.com/office/CKRTD6xZ/__-______.html
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
No comments:
Post a Comment