يناقش هذا الكتاب التحولات التي طرأت على الفكر القومي العربي منذ نشأته كفكر سياسي في مطلع القرن العشرين , وارتباط تلك التحولات بالانقسامات الاجتماعية والسياسات الدولية في مرحلة صعبة ومعقدة كتلك التي سبقت الحرب العالمية الأولى ورافقتها ثم تعرضت لنتائجها الكبيرة حين انكشف المشرق العربي أمام طموح الهيمنة للدول الكبرى المنتصرة في الحرب , وكيف حاولت القومية العربية التأقلم مع تلك المعطيات المتبدلة قبل أن تنحسر أمام تقدم الجيوش الفرنسية نحو دمشق وما تبع ذلك من انهيار الحلم العربي في دولة عربية مستقلة تكون نواة الدولة العربية الكبرى .
يتناول البحث علاقة القومية العربية بكل من التيار الإسلامي من جهة والعلمانية من جهة أخرى ليس فقط من وجهة نظر معرفية تاريخية ولكن أيضا من وجهة نظر التأمل في تلك التجربة من حيث مدلولاتها التي قد تتجاوز الماضي نحو الحاضر والمستقبل.
كما أن علاقة القومية العربية بالوطنية السورية في تلك المرحلة تقدم إطارا تاريخيا لنشأة الوطنية السورية في رعاية القومية العربية وليس بالتضاد معها بحال من الأحوال، وبالطبع فلذلك أيضا أهمية في واقعنا الراهن بينما يميل البعض لاصطناع تناقض بين الهوية العربية لسورية والوطنية السورية.
وبالرغم من أن الجهد الرئيسي للكتاب مخصص لإلقاء الضوء على تلك المرحلة وصولا لنهاية الانتداب الفرنسي، لكن كان من الضروري التعرض لانبعاث الفكر القومي العربي ثانية مع الأربعينات وما رافق ذلك من التحولات في بنية ذلك الفكر السياسي، وإجراء شيء من المقابلة بين طبيعة الفكر القومي السابق الذي اتصف بالواقعية وبين الفكر القومي البعثي الجديد في ميله الواضح نحو التحول إلى ايديولوجيا قومية تركت تأثيرها في المراحل السياسية اللاحقة.
أخيرا فقد تناول الكتاب النقد الذي تعرض له الفكر القومي (البعثي) على يد الياس مرقص وياسين الحافظ مما يعيد إليه طابعه الأصلي كفكر سياسي قابل للنقد وليس كأيديولوجيا مكتملة التكوين.
أو
No comments:
Post a Comment