لا تكمن خطورة نظرية الدكتور كمال الصليبي التي بسطها في كتابه "التوراة جاءت من جزيرة العرب" في محتوى النظرية ذاتها بالدرجة الأولى، بل في المنهج غير التاريخي الذي طبقه على مسألة تاريخية في غاية الحساسية بالنسبة إلى قضايا التاريخ القديم وقضايا الواقع السياسي الراهن. إن المقولات غير المدعمة علمياً تصدر عن مؤرخ معروف، يمكن أن تقود إلى مزالق ومتاهات أكثر مما توصل إلى حقائق تساهم في النهضة التي يشهدها علم التاريخ وعلم الآثار في هذه المنطقة اليوم، وتفتح الباب أمام البعض لإلغاء العلم التاريخي لمصلحة التبرير والرؤية الانفعالية والايديولوجية لأحداث التاريخ.
فراس السواح، الباحث المعروف في الميثولوجيا وتاريخ الديانات الشرقية، يقدم في مؤلفه هذا، مناقشة شاملة للأطروحات الرئيسية لكمال الصليبي، اعتماداً على الحقائق التاريخية والأركيولوجية الثابتة، في مقابل المنهج اللغوي الأحادي الذي أتى بالتوراة من جزيرة العرب، وفي مقابل بعض الدراسات والأبحاث الأخرى التي تتذرع بالشعارات الإيديولوجية لتخفي الأسئلة العلمية اللازمة لفهم المسار الحقيق لتاريخ الشرق القديم. وذلك من خلال حوار علمي هادئ بعيد عن المواقف الانفعالية والنظرات المسبقة، وبطريقة يتناول من خلالها المفاصل الرئيسية في تاريخ الشرق القديم، بشكل سلس ومتتابع، وبعضاً من أهم مشكلاته ومعضلاته، وذلك لتعميم الفائدة على مختلف شرائح القراء.
or
No comments:
Post a Comment