الدار العربية للعلوم, بيروت 2011 | سحب وتعديل جمال حتمل | 258 صفحة | PDF | 16.4 Mb
http://www.4shared.com/office/a4riXL9Ace/__-______.html
or
http://www.mediafire.com/view/4j1okgnig734i1d/مروان%20البرغوثي%20-%20ألف%20يوم%20في%20زنزانة%20العزل%20الإنفرادي.pdf
زاهي وهبي: وعدُ الحُر... والحُريّة
تقديم كتاب "ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي" للمناضل الأسير مروان البرغوثي.
July 4, 2011 at 5:23pm
الإهداء:
إلى حارسة حلمي ورفيقة دربي وشريكة عمري...
إلى حبيبتي وزوجتي وأمّ أولادي الأستاذة المحامية المناضلة فدوى البرغوثي التي قدّمتْ نموذجاً ومثالاً رائعيْن للمرأة الفلسطينية والعربية...
إلى أولادي الأحبّة: القسّام، رُبى، شرف وعرب...
إلى أبناء الشعب العربي الفلسطيني العظيم...
إلى أبناء الأمة العربية والإسلامية...
إلى كلّ المناضلين والمقاومين للاحتلال والاستعمار والاستبداد والظلم والقهر في كل مكان...
إلى أخوة القيْد والزنزانة والأسر والاعتقال
مروان البرغوثي
ثمّة وعدٌ يجمعُني بمروان البرغوثي. وعدٌ خاصّ، يُضاف إلى مُشتركات وأحلام كثيرة. وعدُ حريةٍ آتيةٍ لا مَحال واستضافة مُنتظرة في برنامج "خليك بالبيت". سبق لي أنْ تمنيتُ الأمرَ نفسه لسهى بشارة، أنور ياسين، نبيه عواضة، عبد الكريم عبيد، سمير القنطار والعشرات من الأسرى، وتحققت الأمنية.
نعم، تحققت الأمنية، خرج أولئك المناضلون من زنازين أسْرهم الطويل، تحرروا من قبضة الاحتلال الإسرائيلي البغيض، وانطلقوا في فضاء الحرية التي استحقوها بجدارة بعد أن منحوها زهرة العمر ونضارة الأحلام، وحلّوا ضيوفاً استثنائيين في برنامج حملَ صوتهم وقضيّتهم على مدار الأيام.
والأمنيات لا تتحقق بسحر ساحر، أو بمصادفاتٍ قدريّة. إنها حتميّة الأمل. لا يستطيعُ سجّانٌ مهما أوتي من مقدرة على الظلم والعسف والجور كسرَ إرادة مناضل حرّ، ولا يقوى سجنٌ مهما بلغتْ قضبانه الحديدية من صلابة أن تحجبَ شمسَ الحرية المُشرقة حتماً في سماء مروان البرغوثي ورفاقه الأسرى الذين تزجّ بهم دولة الاغتصاب الإسرائيلي بالآلاف في سجونها وزنازينها وهي تحاول عبثاً اعتقالَ الحلمَ الفلسطينيّ بالحرية والاستقلال.
طبعاً، ليست الأمنياتُ وحدها التي تصنعُ الحرية، ولا الأمل الذي نعتصمُ بحبله يكفينا شرَّ القتال. فالحرية دونها تضحياتٌ تُكتَبُ بالدم والدمع والحِبر وكل ما نستطيعُ إليه سبيلاً من أشكال مقاومة المُحتلّ الذي لا يفهمُ لغة أخرى ولا يرضخُ للقوّة. وأمثال مروان البرغوثي من المناضلين والقادة هم مَكْمَنُ القوة وصُنّاعها، لذا، فإنهم يغدُون هدفاً ثميناً لعدوّ شرس مُتغطرس لكنه مهزومٌ حتماً في نهاية المَطاف.
لا يستطيعُ الحِبرُ مجاراةَ الدم أو الدمع، وليس مطلوباً منه ذلك. لكنه على الأقلّ يستطيعُ المساهمة في التصدّي لعمليّات الطمْس والنسيان، و"قرع جدران" الخزّان كي لا يصيبَنا ما أصابَ رجال غسان كنفاني، فلا نعطي ذريعة لمُتخاذلٍ أو مُتآمرٍ أو لامُبالٍ ليسألنا بعد فوات الأوان: "لماذا لم تدقّوا على الخزّان". لنرفعْ الصوتَ عالياً دفاعاً عن قضية عادلة نبيلة هي قضية الشعب الفلسطيني في جُلجلته المتواصلة لأجل قيامة الحرية ودولة الاستقلال، ومن ضمن هذه القضية تتفرّع قضايا لا يجوز إهمالها أو تجاوزها، ومنها بل وفي مقدّمتها، قضية آلاف الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعتقلاته، من دون أن تحظى ولو بالحدّ الأدنى من الاهتمام الأدبي والإعلامي، والسؤال المُحيّر، هو التالي: إذا كنا قد بتنا يائسين من "الواقع الرسمي" العربي، فما الذي يمنع الأدباء والفنانين والإعلاميين من إيلاء هذه القضية السامية بعضَ ما تستحق؟ أم أنّ هناك "استقالة" جماعية من كلّ ما يمتّ للضمير بِصِلة؟! إنّ الخزّان الذي لم يدقّ على جدرانه أبطال غسان كنفاني في روايته الفريدة رجال في الشمس في ترميز بالغ الدلالة، يغدو هنا الصمتُ المُريب الذي نشاركُ فيه جميعاً حيال قضية أخلاقية/ثقافية بامتياز قبل أن تكون فقط وطنية أو قومية وهي قضية الأسرى التي تكادُ تجلعنا جميعاً أسرى عجزنا أو لامبالاتنا.
نعم، تحققت الأمنية، خرج أولئك المناضلون من زنازين أسْرهم الطويل، تحرروا من قبضة الاحتلال الإسرائيلي البغيض، وانطلقوا في فضاء الحرية التي استحقوها بجدارة بعد أن منحوها زهرة العمر ونضارة الأحلام، وحلّوا ضيوفاً استثنائيين في برنامج حملَ صوتهم وقضيّتهم على مدار الأيام.
والأمنيات لا تتحقق بسحر ساحر، أو بمصادفاتٍ قدريّة. إنها حتميّة الأمل. لا يستطيعُ سجّانٌ مهما أوتي من مقدرة على الظلم والعسف والجور كسرَ إرادة مناضل حرّ، ولا يقوى سجنٌ مهما بلغتْ قضبانه الحديدية من صلابة أن تحجبَ شمسَ الحرية المُشرقة حتماً في سماء مروان البرغوثي ورفاقه الأسرى الذين تزجّ بهم دولة الاغتصاب الإسرائيلي بالآلاف في سجونها وزنازينها وهي تحاول عبثاً اعتقالَ الحلمَ الفلسطينيّ بالحرية والاستقلال.
طبعاً، ليست الأمنياتُ وحدها التي تصنعُ الحرية، ولا الأمل الذي نعتصمُ بحبله يكفينا شرَّ القتال. فالحرية دونها تضحياتٌ تُكتَبُ بالدم والدمع والحِبر وكل ما نستطيعُ إليه سبيلاً من أشكال مقاومة المُحتلّ الذي لا يفهمُ لغة أخرى ولا يرضخُ للقوّة. وأمثال مروان البرغوثي من المناضلين والقادة هم مَكْمَنُ القوة وصُنّاعها، لذا، فإنهم يغدُون هدفاً ثميناً لعدوّ شرس مُتغطرس لكنه مهزومٌ حتماً في نهاية المَطاف.
لا يستطيعُ الحِبرُ مجاراةَ الدم أو الدمع، وليس مطلوباً منه ذلك. لكنه على الأقلّ يستطيعُ المساهمة في التصدّي لعمليّات الطمْس والنسيان، و"قرع جدران" الخزّان كي لا يصيبَنا ما أصابَ رجال غسان كنفاني، فلا نعطي ذريعة لمُتخاذلٍ أو مُتآمرٍ أو لامُبالٍ ليسألنا بعد فوات الأوان: "لماذا لم تدقّوا على الخزّان". لنرفعْ الصوتَ عالياً دفاعاً عن قضية عادلة نبيلة هي قضية الشعب الفلسطيني في جُلجلته المتواصلة لأجل قيامة الحرية ودولة الاستقلال، ومن ضمن هذه القضية تتفرّع قضايا لا يجوز إهمالها أو تجاوزها، ومنها بل وفي مقدّمتها، قضية آلاف الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومعتقلاته، من دون أن تحظى ولو بالحدّ الأدنى من الاهتمام الأدبي والإعلامي، والسؤال المُحيّر، هو التالي: إذا كنا قد بتنا يائسين من "الواقع الرسمي" العربي، فما الذي يمنع الأدباء والفنانين والإعلاميين من إيلاء هذه القضية السامية بعضَ ما تستحق؟ أم أنّ هناك "استقالة" جماعية من كلّ ما يمتّ للضمير بِصِلة؟! إنّ الخزّان الذي لم يدقّ على جدرانه أبطال غسان كنفاني في روايته الفريدة رجال في الشمس في ترميز بالغ الدلالة، يغدو هنا الصمتُ المُريب الذي نشاركُ فيه جميعاً حيال قضية أخلاقية/ثقافية بامتياز قبل أن تكون فقط وطنية أو قومية وهي قضية الأسرى التي تكادُ تجلعنا جميعاً أسرى عجزنا أو لامبالاتنا.
بدأتُ هذا التقديم بالإشارة إلى وعد استضافة مروان البرغوثي في "خليك بالبيت"، لأنّ هذا البرنامج كان صلة الوصْل الأولى بيني وبين مروان، ليس فقط من خلال استضافة زوجته المناضلة الفاضلة المحامية فدوى البرغوثي والعلاقة الأسَريّة التي نشأتْ بين أُسرتي وأُسرته، بل من خلال تبنّي البرنامج لقضيّة الأسرى وتسليط الضوء عليها مراراً وتكراراً منذ انطلاقته قبل عقد ونصف العقد من السنين. ولعلّ خَوْضي التجربة نفسَها ذات اجتياح (صيف العام 1982) في المُعتقلات الإسرائيلية في "عتليت" (فلسطين المُحتلّة) و"أنصار" (جنوب لبنان) جعلني أكثر إدراكاً لأهميّة حضور قضية الأسرى في رفع معنوياتهم. خصوصاً إذا ما تسنّى لهم مشاهدة التلفزيون كما يحصل في بعض سجون الاحتلال، لا بفضْل "الديمقراطية الإسرائيلية" المزعومة، بل بفعل النضال المَرير الذي خاضتْه "الحركة الأسيرة" عير عقود من الزمن في سبيل تحقيق بعض الإنجازات وتحصيل بعض الحقوق المشروعة دافعةً في مشوار كفاحِها لأجْل ذلك العديدَ من الشهداء والجرحى.
في هذا الكتاب الذي راجعتُهُ من دون تدخّل كبير في صياغته أو ما يتضمّنه من مواقف وآراء هي ملكُ صاحِبها، وتركتُهُ ينسابُ بلغة التجربة الحارّة وعفويّة السَرْد التلقائي، لأنّ المُتحدّثَ هنا هو القائد والمناضل السياسي والميداني وليس الأديب أو الشاعر، فعلى الرغم من الثقافة العالية وسِعة الاطلاع اللتين يتمتّع بهما مروان، يظلّ لكلٍّ من لغتُه وأسلوبُه، في هذا الكتاب الذي يأتينا من خلف القضبان الحديدية ليُنيرَ بحِبره عتمة الزنزانة، يروي البرغوثي الذي لا يزال حتى الآن قابعاً في سجنه تجربةَ العزل الانفرادي خلال الفترة الممتدّة من العام 2002 إلى العام 2005 ليقدّم شهادة مناضل استثنائي أمضى جُلّ عمره في الميدان، لم يكتفِ من النضال بالتنظير أو التحريض، بل نزل إلى الساحة وخاض كسواه من أبناء شعبه صراعاً يوميّاً مع الاحتلال، ومارسَ المقاومة بأشكالها كافّة وعاش الاعتقال والتحقيق والإبعاد، قبل أن "يعودَ" مجدداً إلى زنزانة العزل الانفراديّ التي لم يستطعْ جلاّدوها، كما يتّضح في الصفحات التالية، كسرَ إرادة قائد فرضَ احترامَهُ على خصومه قبل مؤيّديه. وهي شهادة مكتوبة بحِبر الصبر والصمود، مثلما هي مكتوبة بحِبر الوعي والمعرفة وثقافة التجارب الكبرى التي خاضها أسوة بشعبه الجبّار، وسيستشفّ قارىء الكتاب مدى الإدراك الذي يتمتّع به هذا المناضل لكلّ ما يحيط به ويجري حوله، كما سيكتشف الأبعادَ المُتعدّدة لشخصيّته الفذّة: القائد، المناضل، السياسي، المُثقف، الزوج، الأب، وكلها صفات مسبوقة بصفة أنبل وأهمّ هي صفة الإنسان التي يجسّدها مروان البرغوثي.
يُعرّي مروان البرغوثي في كتابه الوحشيّة الإسرائيلية كاشفاً الطبيعة "النازيّة" لمُعتقلات الاحتلال الإسرائيلي وأساليب التعذيب الهمجيّ التي يمارسُها ضبّاط الاحتلال وجنودُه بحقّ الأسرى والمُعتقلين. ولئن كان قائدٌ سياسيّ وعضو برلمان مُنتخب من قبل شعبه قد تعرّض لكل هذه الوحشيّة، فما بالُنا ببقيّة الأسرى والمُعتقيلن ممّن لم يحظوْا بفرصة اهتمام إعلاميّ أو سياسيّ... أو حتى بمجرّد محاكمة باطلة بطلان الاحتلال نفسه كما أكّدَ مروان في مُرافعته أمام التاريخ لا أمام المحكمة؟!
لا تكتملُ كتابة عن مروان البرغوثي من دون إشارة – غير مُنصفة مهما بلغتْ لأن "أمّ القسّام" تستحقّ أكثر دائماً – إلى المناضلة فدوى البرغوثي أو "حارسة الحلم" كما يسمّيها مروان في الكتاب، وإلى نضالها المُستمرّ كي تبقى قضية زوجها ورفاقه الأسرى حيةً في الضمير والوجدان. فهذه المناضلة التي جالتْ أكثر من أربعين دولة – وكان لي شرف مشاركتها إحداها واستضافتها ثلاث مرّات في "خليك بالبيت" – تمثّل نموذجاً حيّاً للمرأة الفلسطينية: حبيبةً وزوجةً وأمّاً مناضلة على كل الجبهات، مثلما يمثّل مروان نموذجاً حياً، لا للمناضل فحسب بل أيضاً للزوج والأب كما نستشفّ من رسائله إلى زوجته وأبنائه الذي خاض أكبرثهم كما أبيه تجربة الأسْر والاعتقال.
أكتبُ هذه الكلمات مشحوناً بقوة الأمل التي تؤكّد لي أنّ اليومَ الذي سيكسر فيه مروان البرغوثي أبوابَ سجنه آتٍ لا ريبَ فيه، مثلما هو آتٍ يومُ إعلان الدولة الفلسطينية الحُرّة المُستقلّة وعاصمتها القدس وسكون لقاؤنا – كما كتب لي في إحدى رسائله – "في القدس المُحرّرة حيث ستحظى بمُتعة الجلوس على أسوار القدس لتشعر أنكَ تتربّع على عرش حضاريّ يمتدّ آلاف السنين، وحيث نحتسي فنجان قهوة في البلدة القديمة على أصداء أذان المسجد الأقصى وصوت أجراس كنيسة القيامة، ومن ذلك البهاء تقدّم برنامجاً بعنوان "خليك بالقدس"..."
كلّي ثقة أنّ هذا سيحصل، لا لمجرّد الحماسة ورفع المعنويّات، ولا لمجرّد المجاز والاستعارة والإنشاء اللغوي، بل لأنّ لديّ إيماناً عميقاً راسخاً أخضر مُثمراً بأنّ تضحيات الشعب الفلسطيني ستُزهر يوماً في رايات النصر اليانعة وفي بيارق الحُريّة السمراء كوجوه أبناء التراب الذين ملّحوا الأرضَ بأجسادهم ووسّعوا الفضاءَ بأرواحهم الحُرّة المُحلّقة رغم قيد السجّانين وكيْد المُحتلّين.
في هذا الكتاب الذي راجعتُهُ من دون تدخّل كبير في صياغته أو ما يتضمّنه من مواقف وآراء هي ملكُ صاحِبها، وتركتُهُ ينسابُ بلغة التجربة الحارّة وعفويّة السَرْد التلقائي، لأنّ المُتحدّثَ هنا هو القائد والمناضل السياسي والميداني وليس الأديب أو الشاعر، فعلى الرغم من الثقافة العالية وسِعة الاطلاع اللتين يتمتّع بهما مروان، يظلّ لكلٍّ من لغتُه وأسلوبُه، في هذا الكتاب الذي يأتينا من خلف القضبان الحديدية ليُنيرَ بحِبره عتمة الزنزانة، يروي البرغوثي الذي لا يزال حتى الآن قابعاً في سجنه تجربةَ العزل الانفرادي خلال الفترة الممتدّة من العام 2002 إلى العام 2005 ليقدّم شهادة مناضل استثنائي أمضى جُلّ عمره في الميدان، لم يكتفِ من النضال بالتنظير أو التحريض، بل نزل إلى الساحة وخاض كسواه من أبناء شعبه صراعاً يوميّاً مع الاحتلال، ومارسَ المقاومة بأشكالها كافّة وعاش الاعتقال والتحقيق والإبعاد، قبل أن "يعودَ" مجدداً إلى زنزانة العزل الانفراديّ التي لم يستطعْ جلاّدوها، كما يتّضح في الصفحات التالية، كسرَ إرادة قائد فرضَ احترامَهُ على خصومه قبل مؤيّديه. وهي شهادة مكتوبة بحِبر الصبر والصمود، مثلما هي مكتوبة بحِبر الوعي والمعرفة وثقافة التجارب الكبرى التي خاضها أسوة بشعبه الجبّار، وسيستشفّ قارىء الكتاب مدى الإدراك الذي يتمتّع به هذا المناضل لكلّ ما يحيط به ويجري حوله، كما سيكتشف الأبعادَ المُتعدّدة لشخصيّته الفذّة: القائد، المناضل، السياسي، المُثقف، الزوج، الأب، وكلها صفات مسبوقة بصفة أنبل وأهمّ هي صفة الإنسان التي يجسّدها مروان البرغوثي.
يُعرّي مروان البرغوثي في كتابه الوحشيّة الإسرائيلية كاشفاً الطبيعة "النازيّة" لمُعتقلات الاحتلال الإسرائيلي وأساليب التعذيب الهمجيّ التي يمارسُها ضبّاط الاحتلال وجنودُه بحقّ الأسرى والمُعتقلين. ولئن كان قائدٌ سياسيّ وعضو برلمان مُنتخب من قبل شعبه قد تعرّض لكل هذه الوحشيّة، فما بالُنا ببقيّة الأسرى والمُعتقيلن ممّن لم يحظوْا بفرصة اهتمام إعلاميّ أو سياسيّ... أو حتى بمجرّد محاكمة باطلة بطلان الاحتلال نفسه كما أكّدَ مروان في مُرافعته أمام التاريخ لا أمام المحكمة؟!
لا تكتملُ كتابة عن مروان البرغوثي من دون إشارة – غير مُنصفة مهما بلغتْ لأن "أمّ القسّام" تستحقّ أكثر دائماً – إلى المناضلة فدوى البرغوثي أو "حارسة الحلم" كما يسمّيها مروان في الكتاب، وإلى نضالها المُستمرّ كي تبقى قضية زوجها ورفاقه الأسرى حيةً في الضمير والوجدان. فهذه المناضلة التي جالتْ أكثر من أربعين دولة – وكان لي شرف مشاركتها إحداها واستضافتها ثلاث مرّات في "خليك بالبيت" – تمثّل نموذجاً حيّاً للمرأة الفلسطينية: حبيبةً وزوجةً وأمّاً مناضلة على كل الجبهات، مثلما يمثّل مروان نموذجاً حياً، لا للمناضل فحسب بل أيضاً للزوج والأب كما نستشفّ من رسائله إلى زوجته وأبنائه الذي خاض أكبرثهم كما أبيه تجربة الأسْر والاعتقال.
أكتبُ هذه الكلمات مشحوناً بقوة الأمل التي تؤكّد لي أنّ اليومَ الذي سيكسر فيه مروان البرغوثي أبوابَ سجنه آتٍ لا ريبَ فيه، مثلما هو آتٍ يومُ إعلان الدولة الفلسطينية الحُرّة المُستقلّة وعاصمتها القدس وسكون لقاؤنا – كما كتب لي في إحدى رسائله – "في القدس المُحرّرة حيث ستحظى بمُتعة الجلوس على أسوار القدس لتشعر أنكَ تتربّع على عرش حضاريّ يمتدّ آلاف السنين، وحيث نحتسي فنجان قهوة في البلدة القديمة على أصداء أذان المسجد الأقصى وصوت أجراس كنيسة القيامة، ومن ذلك البهاء تقدّم برنامجاً بعنوان "خليك بالقدس"..."
كلّي ثقة أنّ هذا سيحصل، لا لمجرّد الحماسة ورفع المعنويّات، ولا لمجرّد المجاز والاستعارة والإنشاء اللغوي، بل لأنّ لديّ إيماناً عميقاً راسخاً أخضر مُثمراً بأنّ تضحيات الشعب الفلسطيني ستُزهر يوماً في رايات النصر اليانعة وفي بيارق الحُريّة السمراء كوجوه أبناء التراب الذين ملّحوا الأرضَ بأجسادهم ووسّعوا الفضاءَ بأرواحهم الحُرّة المُحلّقة رغم قيد السجّانين وكيْد المُحتلّين.
غداً
لن يبقى من الجدار سوى أثر الجدار
لن يبقى من الحصار سوى حكايات الحصار
لن يبقى من النار سوى بقايا النار.
غداً
تتهاوى غربانُ الفولاذ
تصيرُ مُصفّحاتُهم خُردة
وعلى نجمة الضغينة يدوسُ طفلٌ من فلسطين
من الآن وإلى حينه، تحيّة لمروان البرغوثي وأسرته (فدوى، ربى، القسّام، شرف، عرب) وإلى شعبه الذي يجعلنا بصبره وصموده، كلّما ازداد الاحتلالُ الإسرائيليّ بطْشاً وضراوة، نزدادُ إيماناً بأنّ هذا الاحتلال إلى زوال محتوم، وبأنّ الصبح قريبٌ مهما طال الليل، والاتّكالُ ليس فقط على حتميّة التحرير، وهذا ما نستشفّه بكلّ عذوبة وسلاسة من هذا الكتاب – رغم قساوة التجربة – الذي يعلّمنا أمثولة في الصبر والصمود في مواجهة أساليب التعذيب الدنيئة التي يمارسُها السجّان الإسرائيلي، فضلاً عن معاناة الأسْر وصلابة المُناضل حين يكون "بصيغة" مروان البرغوثي. ويشكّل وثيقةً هامّة من الذاكرة النضاليّة للشعب الفلسطيني وهي ذاكرة للمستقبل الحامل معه لا مناصّ، الحرية الساطعة في قسَمات أبي القسّام وفاقه.
زاهي وهبي
زاهي وهبي
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
No comments:
Post a Comment