Monday, June 18, 2012

حكم البابا - كتاب في الخوف



  يمتلك حكم البابا حدساً قوياً بالواقع الإعلامي الأسود، وهو إن تفلت منه أسباباً قليلة، يبقى مقنعاً ومميزاً، ولا حدود خفية أو واضحة لتجاوزه خوفه، ونفسه. يستطيع الكاتب أن يكتب جملة حياته، جملة واحدة صادقة وجريئة تدل عليه، ولا بأس بعد إن لم يكتب سواها، إذ تبقى الإضافات، جملاً مختلفة لذات الجوهر، جوهر الكاتب الصادق والجريء، "كتاب في الخوف" جملة حكم البابا، جوهرة، ونحن كقراء معنيون بـ"هواجس" البابا، فنربح ربحاً صافياً مرة حين كتبها، ومرة آن قرأناها.
   خوف الإنسان على أرضه، في بلده، الخوف المتوحش القوي حيال أشباح مرئية، وغير مرئية، يبقى يجذب انتباهنا ويوقظنا، مختلطاً بصورة العقاب، الرمزية الأشد فتكاً، أكثر ترويعاً وإثارة للفزع. ما يستطيع كتاب البابا كشفه لنا، عبر مقالات سبق نشرها، هو الشكل المسبوق نادراً للمكاشفات الإعلامية العربية، والمغامرة الشخصية لكاتب يعيشها على أرضها، يقصها لنا متوخياً الدقة والصدق، مقلصاً بين مقالاته المتناولة في نقد الإعلام السوري، وقدرتنا الإدراكية على فهمها، ومحاولة ربط دلالاتها والتمعن في أسبابها.
    إن كتاباً معنوناً "كتاب في الخوف" لا "كتاب في الكشف" مثلا على ما يفصح فحواه، يجعلنا في غريزة الخوف التي تجمعنا، نتعاطف التعاطف المتواطئ اللذيذ كقراء، مع الكاتب ووعيه السوداوي العادل بتأريخ هذا الخوف، كشفه والانتصار عليه، وجعله مقترباً من نهايته المشتبكة بظروف ناضجة، عميقة العداء لمبدأ تخويف الإنسان، وبالتالي ظلمه والنيل من إنسانيته.

أو



No comments:

Post a Comment