لم يحدث في التاريخ الحديث سابقة لأقلية أجنبية تغزو الغالبية الوطنية وتطردها من ديارها، وتمسح آثارها الطبيعية والثقافية، بدعم مادي وسياسي وعسكري من الخارج، وتدعى أن هذا نصر للحضارة وتحقيق لإرادة إلهية، مثلما حدث في فلسطين. ولم يحدث أن أقيمت دولة على أرض لا تملك إلا 8% منها، مثلما أقيمت إسرائيل على أرض تبلغ ملكية الفلسطينيين فيها 92% . ولم يحدث أن أقيمت دولة على أشلاء 531 مدينة وقرية وطرد أهلها الذين تبلغ نسبتهم 85% من سكان الأرض التي تحولت إلى دولة، كما حدث في إسرائيل.
هذه هي " النكبة " إذن. هي تمزيق وشائج الشعب بأرضه، و نزع الطفل من أحضان أمه. هي فصل الشعب الفلسطيني عن أرضه، وإصدار الحكم بالإبادة الجغرافية.
لكن الشعب الفلسطيني بقي متماسكاً صابراً مثابراً، خرج من غبار حروب ومعارك وغارات، شهد سقوط أنظمة وإزالة عروش واغتيال زعماء من أجل قضيته، وبقيت وحدة القرية فيه متماسكة قوية بفضل الترابط الأسري القوي، وبقيت عزيمته ثابتة بالعودة إلى الوطن: مسقط الرأس ومثوى الجدود ومسرح التاريخ، ذاك الوطن بأصغر معانيه: دار أو بئر أو تل أو جامع أو مزار أو أثر قديم.
أو

No comments:
Post a Comment