أن تكون ابن التنوع السوري في زمن الحرب، حين تَهجُر الجموع مسار الوسط نحو الأطراف المتطرفة يعني أن تجد نفسك في معظم الأوقات وحيداً ضد كل ما يدفع الجميع للتخندق في الزوايا.
ابنة الجيل الرابع لأجداد هجروا من لواء اسكندرون منذ مئة عام نحو دمشق المُستقبلة لهم برحب وسعة، أجيال تعاقبت بترسيخ الجذور في أرض الحاضر وتوارث العبرة من تاريخ تخللته حقبات ظلم شديدة و لكن الحاضر لم يكن عادلاً هو الآخر و أنَّى بالعدل مقامٌ في أرض حَكَم و تحكَّم فيها الظلم و تأصَّل.
هذه التعددية الثقافية، غِنى في الحال الطبيعي، لكنه سرعان ما يتحول لمسؤولية كبرى في مجتمع حكمته الفتنة طويلاً و تُحركه حروب تاريخية لم تحط أوزارها يوماً. ربما تكون الجذور المتفرعة في مجمل الأرض السورية والمُدركة لمعظم الثقافات القائمة عليها هي ما حكمت رؤيتي للثورة السورية من جهاتها الداخلية الأربع.
لا يعني ذلك أن الأمر أقل تعقيداً فالرؤية المتكاملة هي الرؤية المركبة دوماً لكن ذلك يعني أن نرى المخاوف جميعها وأن نرى أن الطُرق التي يعتقدها كل طرف خلاصاً ومخرجاً لا تتقاطع فيما بينها و أن نرى أن الطريق السليم غير ممهد بل أن أرضه صخرية تُرمى عليها كل يوم أشواك و ألغام و أنقاض و عظام بشرية و قطع متخشبة من بقايا سفن غارقة.
or
No comments:
Post a Comment