Monday, December 13, 2021
سليم واكيم - موجز لتاريخ الشيوعية في الشرق الأوسط
كريم مروة - الشيوعيون الأربعة الكبار في تاريخ لبنان الحديث
تصوير: https://www.facebook.com/musabaqat.wamaarifa
تعديل: أبوعبدو
ين شرعت في الكتابة عن القائد الشيوعي فرج الله الحلو، أولاً، ثم عن القائدين الشيوعيين نقولا شاوي وجورج حاوي، وجدت نفسي مشدوداً للكتابة عن قائد آخر للحزب هو فؤاد الشمالي، المؤسس الأول للحزب، الذي مات مظلوماً من رفاقه، مقهوراً، ومنسياً، لولا أن أعاد التذكير به محمد دكروب في سفره المهم عن تأسيس الحزب، "جذور السنديانة الحمراء". وهكذا دخلت، بالصدفة، في عملية استذكار لتاريخ هؤلاء القادة الكبار من شيوعيّي بلدي لبنان. وهو تاريخ يشكل، في جزء مهم منه، بالنسبة إليّ، تاريخ حياتي كشيوعي منذ ستين عاماً... من هنا، بالتحديد، ولدت فكرة تحويل هذه الكتابة عن القادة الأربعة الكبار في تاريخ الحزب الشيوعي اللبناني إلى كتاب يقدم للقارئ فكرة عامة وضرورية عن الحقبة التي ولدت فيها وتطوّرت الحركة الشيوعية في لبنان". كريم مروة مفكر سياسي ماركسي. انتمى إلى الشيوعية منذ شبابه المبكر. انتخب إلى مراكز قيادية في الحزب الشيوعي اللبناني، وتسلم مسؤوليات حزبية متعددة على امتداد أربعين عاماً. تفرّغ للكتابة بعد تقاعده عن العمل السياسي اليومي الملتزم. تتميّز كتاباته بالنقد والنقد الذاتي. تشغله التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، والبحث الدائم عن الطريق المؤدي إلى مستقبل أفضل لبلده لبنان ولسائر البلدان العربية.
(كريم مروَة)
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
Wednesday, December 8, 2021
أيمن الحسن - أبعد من نهار, دفاتر الزفتية
جبران سعد - سواحل منسية
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
رياض معسعس - حمام زنوبيا
«حمّام زنوبيا»... رواية كَمّ الأفواه في سجن تدمر
هي قصّة بدأت من النهاية، نسَجَها الكاتب والصحافي السوري رياض معسعس بخيوط عذاب وقهر وأسى عانى منها في السجون السورية. هي رواية شعبٍ ذاق لوعة التوق إلى الحرية وراء قضبان الظلم والديكتاتورية، فثار ثورة الأبطال، وسفك دماء الأحرار، مردّداً في صدى دويّ القنابل كلمات أحمد شوقي «وللحرّية الحمراء بابٌ بكلّ يدٍ مضرَّجة يدقّ».
«أيها الليل. أيتها النجوم. أيها الفجر. هل فعلاً نجوت؟ أما زلت حياً؟ لا أكاد أصدّق.
هل حقاً، أنا أنا بشحمي ولحمي، أركض سالماً، أسابق الريح هرباً؟... أيها الفجر، أتوسّل إليك إذن، لا تنبلج. تأخّر ولو قليلاً. خالف ولو مرّةً ناموس الطبيعة.
أعصِ قوانين الكون. لا تقضم أذيال الليل بأنياب نورك. هب لي فرصة التخفّي تحت آخر جلباب ظلام. دعني أصل إلى مغاور حمام زنوبيا ثم افعل ما شئت». هكذا بدأت رواية «حمام زنوبيا» الصادرة عن دار الجنوب للنشر، التي خطّ كلماتها الصحافي السوري رياض معسعس بحبرِ العذاب والقهر، خلف قضبان السجن.
لم يكن الكاتب سجين تدمر فقط، فهو سجين سوريا كلّها. لم يفصل سجن تدمر المسجونين داخله عن الحرية فحسب، فهم سجينو الحرية والديمقراطية، سجينو الانفتاح والحياة التي لن يذوقوا طعمها الحقيقي إلّا عن طريق الثورة والعذاب.
مزج معسعس قبح الواقع بجمال أدب السجون وقوّة أثره في القارئ، فتألّقت الرواية حقيقةً وصدقاً، و»لم يكن الغرض منها مقارعة الأدباء في أدبهم، ولا البحث عن إضافة اسم بين الأسماء الأدبية. بل مجرّد شعور عميق وملحّ لإبراز حقيقة مرّة في جميع مقاييسها عاشها الشعب السوري في معاناة يومية تحت وطأة الظلم الثقيلة، والقمع المريع، وسطوة الأجهزة الأمنية».
بهذه الكلمات الصادقة بيّن الكاتب غرض كتابته «حمام زنوبيا» في التوطئة التي استهلّها بالقول:
«عقود ثلاثة تعاقبت، وأنا أكتب هذه الرواية، في فكري أولاً. يلوكها، يعصرها، يقلبها ظهراً لبطن، يبحث عن بداية، عن سرد قريب من فهم الجميع، عن قالب موضوعي ودقيق، لا تهويل، ولا تقليل، بل ذكر الأمور، هي هي، مثلما وقعت، من تجربة شخصية بحتة، وتجارب آخرين. ثم بدأت تأخذ صورة مجسّدة حبراً على ورق، منذ أعوام عدّة، أكتب صفحة أو صفحتين، أمزِّقهما بعد حين. لعدم الرضى عن النفس، أو عن الأسلوب.
كإعلامي وهاوٍ للأدب، لم أكن أمتلك ناصية أدبية معيّنة، ولم أكن أطمح لذلك، فالولوج في أديرة الأدب وصوامعه ومعارجه لم يكن هدفاً بحدّ ذاته.
بل المقصود هو إيصال هذه السيرة المعيشة، التي تقترب كثيراً من سيرة ذاتية، مع شيء من الرومانسية، إلى القارئ».
ولكن نجح معسعس في إيصال سيرة المسجونين بقالب أدبي يخرق قلوب القرّاء ويمسّ روحهم وإنسانيتهم. فعند الوصف القوي في الرواية، يقف القارئ متخبّط المشاعر، لا يقوى على تحديد موقفه من الظلم وانتهاك حقوق الإنسان.
ظهر توق الكاتب للحريّة في بداية الرواية عندما قال: «لو لم يتبقّ لي من العمر سوى ثلاث كلمات لقلت: الحرية، الحرية، الحرية». فأهدى الرواية ومعاناة الشعب السوري إلى مفتتح الثورات العربية «الشهيد البطل محمد البوعزيزي، مفجّر الثورات العربية الكبرى ضد الطغيان».
أما مقدِّمة الرواية التي كتبها الناقد التونسي توفيق بكار بعنوان «من قَصَص العذاب، رواية الميّت الحيّ»، فتستحقّ أن تكون كتاباً بحدّ ذاتها، فلم يُفاجئنا بكار بنقده هذا، لأننا اعتدنا على تقديماته التي تصيب الهدف نصب عينيه. فيقول:
«من هول وويل لفظ هذا الكتاب، على النفوس قاسٍ لا يحدّثها، أكثر ما يحدّثها، إلّا بأسوَد مرعب كثقيل الكابوس في ليل عناء طويل. نكَدُ عيشٍ وتشريد شباب، ومظالم وكمّ أفواه، ورشاوى تبتزّ، ووشاياتٌ تكيد، وسجونٌ وسياط عذاب، وأرواحٌ تزهق جملةً وتفصيلاً.
محنة شعب الشام منذ أحقاب بحكّام لا يجيدون من أساليب السياسة في هذا العصر إلّا شدّة القهر والبطش الرهيب.عتاةٌ شداد سطوا عليه بالعنف غرّة واستبدّوا بالنفوذ فيه آماداً، وسلبوه حقوقه والحريات، ونهبوه واستثأروا وذويهم والموالي بالمنافع والخيرات».
وأنهى معسعس توطئته بالقول: «سنوات العنف السلطوي، وجثوم الأجهزة الأمنية على صدور السوريين في صحوتهم ومنامهم، جعلت منهم رعايا بِرَهن الاعتقال في أيّ لحظة، أكان جراء تقارير مخابراتية ملفّقَة من قبل مخبرين تضخمت أعدادهم، وكثرت افتراءاتهم، أو لمجرّد التعبير عن رأي، أو رفض واقع مرير، أو الانتماء لحزب سياسي محظور، أو كتابة مقال ناقد في صحيفة. فامتلأت السجون بمعتَقَلي الرأي، ومورست ضدهم أقسى أنواع التعذيب. فمات مَن مات، وخرج مَن خرج، بعاهات وأمراض مستعصية، وبقي مَن بقي ينتظر فرَجاً ربما يأتي، أو لا يأتي».
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
شريف الراس - طاحونة الشياطين
شريف الراس، أديب سوري معارض عاش معظم أيامه الأخيرة ومات في المنفى، شأنه شأن آلاف السوريين الأحرار.
يتميز أدب الراحل شريف الراس بالسخرية اللاذعة شأن معظم الأدباء الذين خرجوا من رحم المأساة، ورواية «طاحون الشياطين» لا تبتعد عن هذا السياق كمعظم كتاباته حيث استطاع الأديب المبدع فيها أن يكشف عن جانب أليم من مأساة حماة وتداعياتها، وأن يوثق الممارسات القمعية في سوريا والتي تفضح نظام حافظ الأسد الفاشي، كل ذلك بأسلوب أدبي جميل ومؤثر.
يقول الأديب محمد الحسناوي رحمه الله في دراسة له عن رواية «طاحون الشياطين»: الواقع في الفن القصصي هو ما يمكن تصور وقوعه عقليا، وليس الذي وقع بالفعل، لأن بعض ما ينطوي عليه الواقع أحيانا، يحمل من الغرابة ما لا يمكن تصور وقوعه بشكل عام!
وأما رواية طاحون الشياطين، فتكاد تنقض هذه المقولة وتقلبها رأساً على عقب، تقول الرواية: «لو أننا جمعنا كل وحوش الغابات، وأطلقناها على سكان مدينة محاصرين بسور من نار، فهل تستطيع أن تأكل أربعين ألف إنسان أعزل بريء خلال تلك الفترة الزمنية القاسية؟! ثم خبـّـرني؛ لماذا حين كانت تتاح فرصة المفاضلة بين الموت والحياة كان أعوان هذا الوحش يختارون من بين الحشد، الأطباء والمهندسين والمعلمين، وكل من يحمل شهادة عالية؟!».
فالرواية ليست خيالية وليست تتحدث عن بلاد «الواق واق» بل تحكي مأساة العصر في مدينة سورية، وبالذات 1982، ولا علاقة مباشرة بينها وبين رواية «العالم» لجورج أورل، على الرغم من أنهما تصنفان في الأدب السياسي، وتمجدان الحرية، وتنضحان بالسخرية.
* من الرواية *
«نزل الدكتور أحمد الفشاش من الباص، وفي اللحظة ذاتها تلقّف حقيبته التي قذف بها إليه شاب من فوق، وكان هذا «الفوق» مثل «التحت» يغصّ بالركاب والأكياس والصناديق والسلال، وكان هؤلاء الركاب جميعاً من البدو والفلاحين، أو هم بدو بدؤوا محاولة تقليد حياة الفلاحين في هذه المنطقة النائية من البادية. ولاحظ الدكتور أحمد أن نوافذ الباص كانت مليئة بالعيون المحدقة التي تتساءل: «ما الذي جاء بهذا الأفندي الأنيق إلى هذه المنطقة النائية؟».
انطلق الباص من جديد فأثار خلفه ذيلاً طويلاً من الغبار الكثيف الذي حجب النوافذ والعيون وكل شيء.. ثم ما لبث الباص أن غاب هو وذيله الغباري الطويل وراء تلك التلال البعيدة.
وقف الدكتور أحمد وحيداً ينظر إلى هذا الفضاء اللانهائي من الأراضي المنبسطة الممتدة حتى خط الأفق البعيد.. وكان ثمة «قبَّرة» تنظر إليه –باستغراب.. ربما- ولكنه لم يشعر بوجودها رغم أنها كانت تتقافز طائرة حوله وهي تغرّد بنشيد المساء، غير أنه لم يسمع في أذنيه إلا الوشيش المتبقي من صوت جعير محرّك السيارة».
alfajrmg.wordpress.com
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
Tuesday, December 7, 2021
محمود صادق - حوار حول سوريا
محمود أمين - سلمية في خمسين قرنا
سحب وتعديل جمال حتمل
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
أروى صالح - المبتسرون, دفاتر واحدة من جيل الحركة الطلابية
تصوير: https://www.facebook.com/musabaqat.wamaarifa
تعديل: أبوعبدو
أروى صالح مناضلة انتهت حياتها - بقرار جريء يصعب على أي إنسان اتخاذه- .. بالانتحار .. انتمت لجيل السبعينات أو ما عرف بجيل الحركة الطلابية ذلك الجيل الذي أشعل المظاهرات في جامعات مصر تأثرا بحركة الطلاب الفرنسية في 1968 . لم يقتصر نضال أروى على العمل العام فقد ترجمت كتاب ( نقد الحركة النسوانية ) لتوني كليف ذلك الكتاب الذي لا زال يستخدم كمصدر هام لنقد الحركة النسوية الغربية بعد تحليل جذورها وأسباب نموها وانتشارها في أمريكا وبريطانيا وفرنسا والدول الأوربية الأخرى. .. كما قدمت عملا هاما هو كتاب( المبتسرون) ذلك الكتاب الذي فجر ضجة كبيرة في وسط المثقفين اليساريين في مصر لأن الكتاب امتلك جرأة وقدرة على التحليل لحركة جيل السبعينات والذي كان في أوج صعوده في مختلف المجالات .
كشفت أروى في هذا الكتاب أو لنقل فضحت هذا الجيل مما أثار ضجة ,لأن كل خشى على نفسه, خاصة وأن مسودة الكتاب كانت تحمل أسماء ا كاملة لكن أصدقاء أروى المقربين نصحوها بأن تحذف الأسماء والوقائع وتحذف جزءا من الكتاب واستمعت لنصيحتهم لأنها لم تكن تهدف إلى فضح الرفاق ولكن إلى تحليل أسباب سقوط المثقف الماركسي ..مقدمة تحليلا ناضجا للظروف التاريخية الاجتماعية الاقتصادية السياسية التي مسخت جيل السبعينات ومن قبله جيل الستينات . والتي في رأيي حكمت مسار باقي أجيال المثقفين فكان وصف ( المبتسرون ) أدق وصف لهم .
سوف نتعرف على أروى صالح من خلال كتابها ( المبتسرون) في محاولة لتقديم نموذج لمناضلة لم تكتسب من النضال ولم يتسع سيطها في الآفاق وإنما ظلمت واضطهدت وحبست في خانة المتمردة المنبوذة , واتهمها البعض بأنها مريضة نفسيا والبعض الآخر – الأكثر مرضا – بوصف لن أذكره.
قد يكون السبب أنها لم تتزوج رجلا يساعدها في الظهور ويساندها في نسج هالة نضالية – كما حدث لبعض الرفيقات- وقد تكون صراحتها هي السبب أو ...سنكتشف ذلك في الكتاب.
(سماح عادل، الحوار المتمدن)
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
Monday, December 6, 2021
فوزي شعيبي - شاھد من المخابرات السورية
ومصر، ويضيء على محطات هامة من تاريخ سورية في تلك الفترة بداية من لقائه الأول مع عبد الحميد السراج وخدمته معه مرورا بـ «مؤامرة حلف بغداد» ونسف أنابيب ومحطات النفط في سورية في عهد الرئيس شكري القوتلي إلى تفاصيل شبكة تجسس مرجعيون وإعدام أعضائها إلى الوحدة بين مصر وسورية وتداعياتها، إلى مقتل فرج الله الحلو إلى الانفصال وصولا إلى حرب 1967 وتنحي الرئيس عبد الناصر عن الحكم..
وفوزي شعيبي ضابط المخابرات الشهير كان جزءًا من فريق الجلادين الخاص بالسراج الذي ارتكب عمليات تعذيب وحشية ضد معارضين سوريين, وباتريك سيل يذكره بالإسم في كتابه " الصراع على سوريا". ويذكر الحادثة الوسخة التي ارتبطت بإسمه ; عندما أقل فتاة على طريق حمص وإعتدى عليها وقامت الدنيا وقتها.
والجدير بالذكر أن المدعو عماد فوزي شعيبي الواجهة المثقفة للنظام و المسؤل عن تسويق وتلميع صورة بشار هو نجل هذا الضابط..... يعني ماشاء الله، من شابه أباه فما ظلم..
(أبو عبدو)
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
دينو بوتزاتي, حسن رفعت فرغل - قصص قصيرة من دينو بوتزاتي
بعد رحلة إلى مدينة براغ حيث زار قبر كافكا، كتب دينو بوتزاتي ساخطاً: «لم يكن كافكا يسبب لي عقدة نقص وإنما عقدة ضجر وسأم، ومنذ ذلك الحين لم تعد لي رغبة بقراءة كتاباته ولا حتى سيرته الذاتية.. يقولون إني أقلد كافكا ولكنني أقول إنها الحياة». لم تكن هذه زلة قلم أملتها غضبة عابرة، بل هي شكوى مريرة تلخص معاناة الكاتب الإيطالي الطويلة مما أسماه النقاد «عقدة كافكا».
بدأ الأمر، على الأرجح، إثر نشر رواية بوتزاتي الشهيرة «صحراء التتار»، يقول الناقد باولو مونيللي: «عندما خرجت رواية صحراء التتار انبعثت أصوات النقاد تستدعي كلاً من كافكا وبو، وتقارن هذه الرواية وشخصياتها بشخصياتهما التي كانت حبيسة وهمها الذاتي والتي كانت تستهلك نفسها بالانتظار الذي لا نهاية له..». وقد ظلت تهمة محاكاة كافكا تطارد الكاتب عقوداً بعد ذلك، فكلما كتب قصة أو رواية، أو حتى مقالاً، فإن النقاد كانوا يسارعون إلى استحضار شبح كافكا. وإذا كانت هذه التهمة قد سببت له الكثير من الإزعاج، فإنها لم تحرمه من الشهرة والتقريظ، ومنذ «برنابو الجبال»، روايته الأولى، وحتى «الليالي الصعبة»، آخر كتبه، فإن أعمال بوتزاتي كانت تحظى باهتمام القراء وإعجاب النقاد، أما روايته «صحراء التتار»، التي لقيت رواجاً سريعاً وترجمت إلى معظم لغات العالم، فهناك من بات يعتبرها «واحدة من أهم علامات الرواية الأوربية في القرن العشرين»..
ولد دينو بوتزاتي عام 1906 في مدينة بللونو الواقعة شمال شرقي إيطاليا، ودرس الحقوق في جامعة ميلانو نزولاً عند رغبة أبيه الذي كان أستاذ القانون الدولي في جامعة بافيا، لكن بوتزاتي اختار الصحافة، وليس القانون، مهنة له، إذ التحق بصحيفة «الكورييري دي لّلاسيرا» التي قبلت تعيينه نظراً لمعرفته بالموسيقى، وبقي محرراً في الصحيفة حتى وفاته عام 1972، في ميلانو، إثر إصابته بسرطان البنكرياس.
تنوعت اهتمامات بوتزاتي ومشاغله، وإضافة إلى الصحافة والرواية فقد كان شاعراً ورساماً وكاتباً مسرحياً وناقداً فنياً. افتتح مسيرته الإبداعية عام 1933برواية قصيرة عن العزلة عنوانها «برنابو الجبال»، كما أصدر روايتين حققتا قدراً معقولاً من النجاح: «الصورة الكبيرة» التي أصر النقاد على إدراجها في باب الخيال العلمي، و«حب» وهي رواية عاطفية تناول فيها نماذج مختلفة وطريفة من النساء..
ومن أبرز مجموعاته القصصية: «الرُسُل السبعة»، «رعب في مسرح السكالا»، «تجربة سحر»، «ستون قصة قصيرة»، «سيدي العزيز.. نحن آسفون»، «الليالي الصعبة»..كما اشتهرت له مسرحية بعنوان «حالة مهمة»، قام كامو باقتباسها إلى الفرنسية.
غير أن «صحراء التتار» تبقى أثره الأكثر سطوعاً. هنا نتعرف إلى جيوفاني دروغو، الضابط المتخرج حديثاً من المدرسة الحربية، والذي يجري تعيينه في حصن باستياني النائي (في أقصى الشمال)، حيث تخوم الصحراء، وحيث الانتظار الأزلي للعدو المخيف: التتار.
يصل دروغو إلى مقصده ليجد أن الحياة هناك تسير وفق إيقاع صارم وطقوس حديدية، وأن كل شيء يجري تحت سقف الإيمان الذي لا يمس بوجود هجوم وشيك من التتار. كل تفاصيل الحياة الرتيبة، وكل أشكال السلوك العقيمة.. لا تجد تفسيرها إلا في ظل هذا الاعتقاد الراسخ بالعدو المنتظر.
تمضي الأيام والأشهر والسنون، ولا يظهر أي أثر للغزاة المفترضين، بل يغيب أي دليل على أن التتار قد وجدوا أصلاً في أي يوم هنا. ومع ذلك فلا يجد دروغو مناصاً من الانخراط في طقوس الحصن العبثية، حيث العيون والآذان والأنوف تمارس خداع العقول المتلهفة للمعركة المجيدة، والمستجدية لأي معنى يبرر كل هذا الهراء.. وفي النهاية لا يفعل دروغو إلا ما فعله كثيرون معه وقبله، وما سيفعله كثيرون بعده: إهدار حياة كاملة بلا معنى، بلا جدوى، ومن دون أي مقابل..
من هنا تنعقد المقارنة مع رواية كافكا «المحاكمة»، حيث الروتين الذي يغطي على جوهر القضية، وحيث الإجراءات العبثية التي تهدر حياة الكثيرين ومن بينهم «جوزيف ك»، وكذلك تنعقد المقارنة مع رواية كافكا الأخرى «القلعة»، حيث البطل يمضي كل الوقت في انتظار مقابلة السيد الذي لا دليل على وجوده، وفي انتظار عمل لن يحصل عليه مطلقاً.. لكن المقارنة تنطوي على شيء من القسر، فإذا كانت «صحراء التتار» تشترك مع روايتي كافكا في بعض ملامح المناخ العام، وفي الحدود السائلة بين الواقعي والفنتازي، وكذلك في الأسئلة الوجودية الكبرى: مساءلة الزمن والمعنى ووهم الخلاص.. فإن هذا مما يجمع الكثير من الأعمال الأدبية في مختلف الأزمنة. بالمقابل فالفوارق تبقى أكثر حضوراً: فالترميز عند بوتزاتي لا يصل إلى مستوى التشفير الذي حول أعمال كافكا إلى ألغاز مستغلقة. كما أن عوالم كافكا الكابوسية تبدو محكمة الإغلاق بأسوار باسقة وأبواب عصية على أي مفتاح، ويشعر القارئ بأن البطل الكافكاوي (بل وهو شخصياً) أسير عالم لا فكاك منه، محكوم بقوى كلية القدرة، حيث ليس ثمة إلا طريق واحد مرسوم سلفاً يفضي إلى مآل محتوم.
«حصن بوتزاتي»، وخلاف قلعة كافكا ومحكمته، ليس هو العالم الوحيد. ثمة عوالم أخرى ممكنة، كما أن هناك طرقاً مختلفة، وإذا كان دروغو قد أهدر حياته عبثاً فلأنه اختار الطريق الخاطئ. لم يكن بطل بوتزاتي محكوماً بقوى قدرية لا تقهر، بل بأوهام وضلالات وقيود من صنع البشر..
هناك أيضاً من يقارن «صحراء التتار» ب «غودوبيكيت»، على اعتبار أن الانتظار اللانهائي لما لا يأتي هو القاسم المشترك، ولكن إذا كان إحضار كافكا إلى حصن بوتزاتي يفتقد إلى الوجاهة فإن إحضار غودوبيكيت لا يتم إلا بالإكراه. ففيما تخبرنا «في انتظار غودو» بأننا محكومون بخيار وحيد: قضاء حياتنا في انتظار اللاشيء، وأن المعنى الأوحد للحياة هو اللا معنى، فإن لدى بوتزاتي حياة أخرى كانت في انتظارنا، طرق أفضل ومعان أجمل أهدرناها في سبيل أمجاد زائفة ورغبات واهمة وطموحات مضللة.
ربما يكون بوتزاتي متشائماً، لكنه لا يوصد في وجهنا جميع الأبواب، ولا يقول إن «لا طريق أبداً.. لا إلى فوق ولا إلى تحت ولا إلى اليمين ولا إلى اليسار»، كما درج العدميون على القول لنا.
سلمان عز الدين - alkhaleej.ae
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
إبراهيم سلامة - البعث من المدارس إلى الثكنات
تصوير: https://www.facebook.com/musabaqat.wamaarifa
تعديل: أبوعبدو
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
صالح عضيمة - تحليل رفعت الأسد
بما أنو المعلم صار بالبلد....هي شوية تحليل ل "فكره", حتى مايقولوا الأعداء إنو ماعندوه فكر
;o)
-------------------------------------------------------------------
مؤلف هذا الكتاب هو «الدكتور» صالح عضيمة، الذي كان أستاذاً في جامعة دمشق (ولو لمدّة عامين). وعلى مدى 700 صفحةٍ تقريباً يفيض في شرح العنوان الفرعيّ لكتابه: «مقولة في حكمة السياسة وسياسة الحكمة»! صدر الكتاب عن مؤسسة الاثني عشر، باريس، 1992، رغم أنه أنجز عام 1991. ولكن نشره تأخر، عاماً كاملاً، بسبب «نذالة الأنذال».
يبدأ المؤلف كتابه بتقرير حقيقة أن السوريين لا يحبّون حافظ الأسد، بل يكرهونه أشدّ الكره. ولا يريدون أن يروه سلطاناً عليهم. وهو، وإن قطع ألسنتهم بأنواع التسلّط والخوف والمراقبة، فإن وجوههم تتكلم بالتقطيب، وحركاتهم تنطق بألف لونٍ من التعبير عن الرفض والنفور. وجميعهم يشيرون إلى المجهول عند الحديث عن منبع شقائهم، وهو عندهم معلوم. وإذا سنحت لأحدهم الفرصة فإنه يصرّح باسمه، ويشعر أنه بذلك قد أظهر بطولةً نادرة.
وإذا قال البعض إن سبب هذا الكره هو أن حافظ الأسد «من هذه الفئة وليس من تلك الفئة»، فإن المؤلف يرى أنه «قد يكون لذلك شيءٌ من ظلٍّ أو شيءٌ من أثر»، ولكن السبب الرئيس هو الاستفحال الشديد لعناصر الفساد، والتمييز البارز الفاقع للسلطة والحاشية، والبطر والغرور!
وإذا كان الشعب معذوراً، فالعجب عندما ترى هذه الحاشية نفسها ترمي الأسد بالذم والقدح، ويتهمونه بما يتردّد الشعب المسكين أن يتهمه بمثله. ولا ينقل المؤلف هذا عن فلانٍ وعلان، بل عما سمعه منهم في مجالسهم.
بل إنه يفيدنا، من موقع اطّلاعه طبعاً، أن تفرّد حافظ الأسد بأزمّة الأمور هو من «كبريات المسائل» التي عجّلت في تأزّم «الفتنة» بين الأخوين حافظ ورفعت. فإذا كانت الديكتاتورية من أبرز خصال الأوّل، كما هو معروف، فإن الثاني يرفض إطاعة الأمر ما لم يكن مقتنعاً به، وما أكثر ما تنازل لأخيه، لئلا «يُدقّ بينهم عطر مِنْشَم»! وما كان أسهل عليه أن ينتزع السلطة من أخيه الأكبر، «في ليلةٍ داجيةٍ شاتية». ولكنه آثر الاستجابة لعاطفة القربى من جهةٍ، وأن يحرّر هذا الشعب من أثر الفتنة، ويعيد إليه فرحه وأمنه، من جهةٍ أخرى! ومن هنا كانت هذه القرابة وبالاً على رفعت لا نعمة، حين حالت بينه وبين أن تكمل مواهبه تفتّحها، وأن تأخذ مداها، في ظلّ حافظ الذي يؤثر أن يحيط نفسه بالأتباع الخاملين، ممن ليسوا على غرار رفعت، الذي هو، بحسب المؤلف، أشبه ما يكون بنابليون بونابرت من جوانب كثيرة! لولا أنه لم يكن للأخير أخٌ مثل حافظ، يغلق في وجهه أبواب ما يستحقه من مجد!
تعرّف المؤلف إلى رفعت، عندما كان الأوّل في الأشهر الأولى لخدمته العسكرية، يزور أحد أصدقائه في مجلة «الفرسان»، فكان أن دعاه «القائد» فوراً ليكون ضمن قوّته الضاربة، «سرايا الدفاع»، عند إنهائه دورة الأغرار. وعن السرايا يقول المؤلف المطّلع إنها كانت قطعةً من الجيش ومفصولةً عنه في الوقت نفسه، تتجاور فيها مظاهر النظام والفوضى، كما تتجاور الأسلحة الثقيلة والحديثة والنادرة، التي تحمل رائيها على القول إنه في بلدٍ لا يمكن أن يُقهر، بجانب أحدث ما وصلت إليه صناعة السيارات الفارهة والفخمة في العالم. فإن أربكتك مظاهر التناقض فإن ذلك سيظلّ ضئيلاً أمام عجبك وذهولك من توحّد القلوب على حبّ رفعت والاجتماع على طاعته وفدائه. وإياك –عندما تبحث عن تفسير ذلك- أن تعيده إلى أنه كان يملك ضباطه وجنوده بالقوّة، أو بالكرم والأعطيات، أو بتمييزهم عن باقي قطعات الجيش، أو لأنهم كانوا ينتمون إلى فئةٍ معينةٍ ومكانٍ معينٍ، «كما زعموا»، بل السرّ الذي يحلّ اللغز هو «فن القيادة»!
***
على مدى صفحات الكتاب يرتكب المؤلف الكثير من الإنشاء، ويتهرّب من القول إن منهج حافظ الأسد في الحفاظ على شكليات الدولة، ولو بالحدّ الأدنى، يبعث الضيق في نفوس كثيرٍ من عشاق بوعلي شاهين، ورفعت الأسد، وماهر، وسهيل الحسن. ممن يفضّلون الحرية المفتوحة التي تتمتع بها «العصابة» على رتابة «الدولة». وأنهم –لهذا السبب- كانوا المحضن المخبريّ للشبّيحة، قبل الثورة وبعدها.
محمد عثمان, ayn-almadina.com
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
Sunday, December 5, 2021
ممدوح رزق - أحلام اللعنة العائلية
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
نديم الوزه - شهوة الأنسة صوفي
ترصد هذه الرواية الأولى لشاعر وناقد أدبي يعيش الآن في مدينة اللاذقية، انطلاقَ الرغبة في الحياة ولذائذ الجسد من عقالاتها الاجتماعية والدينية والسياسية في مواجهة غرائز الوحش الكامن الذي أطلقه الثالوث المقدس من كهوف سلطاته المطلقة. كيف نعيش حياتنا اليومية ببساطة ونحتج بلامبالاة في مواجهة أشباح الموت التي تطلقها الحرب السورية من أكمام معاطفها المختلفة ، هي أيضا حكاية حب في زمن الحرب. لهذه الرواية أيضا ميزة السرد الرشيق الشائق قاطعة بذلك مع السائد من السرد المملّ.
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
حسين خليل وعلي مزرعاني - الحزب الشيوعي اللبناني في أوراق الأمير فريد شهاب
تصوير: https://www.facebook.com/musabaqat.wamaarifa
تعديل: أبوعبدو
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
حسب الشيخ جعفر - ربما هي رقصة لا غير
حسب الشيخ جعفر - رماد الدرويش
يظل الشعر يترك بصماته الواضحة والجلية على النثر الذي يجري على أسلات أقلام الشعراء، فهؤلاء الذين يتحدثون شعراً، ويكتبون شعراً، ويفيضون شعراً ويحفظون، لا يستطيعون نزع جلودهم أو معاطفهم وهم يكتبون نثراً، فحسب الشيخ جعفر صاحب كتاب (كران البور) بغداد/1993 الشعري الفخم والمجاميع الشعرية الرصينة (نخلة الله) دار الآداب - بيروت 1969 و(الطائر الخشبي) بغداد/1972 و (زيارة السيدة السومرية) بغداد 1974، و (عبر الحائط في المرآة) بغداد 1977 و(اعمدة سمرقند) دار الآداب بيروت/ 1989 وغيرها من الاشعار المترجمة وخاصة لأنا أخماتوفا، والذي أستمتعنا بكتاباته الشعرية والنثرية، الذي كان ينشرها في مجلة (عمان) الأنيقة الرصينة التي تصدر عن أمانة عمان الكبرى العاصمة الأردنية، ما غادر الشعر وموسيقاه ولغته العالية الرشيقة وهو يقدم للقراء هذا البوح السيري الشعري الباذح والجميل، من خلال كتابه (رماد الدرويش) الذي يسرد من خلاله، حسب الشيخ جعفر صوراً ضاجة بالنشوة واللذائذ والمتعة، أيام ذهب للدراسة في موسكو، بداية سنوات الستين من القرن العشرين، أيام الشباب الضاج بالرغبات والمكتنز بالشهوات، وهو ينتقل من مجتمع منغلق محافظ في العراق، الى مجتمع يكاد يكون منفلتاً في أرتشاف لذائذ الحياة، المقبول منها وغير المقبول، معرجاً على ذكر أسماء بعض زملائه في معهد غوركي بموسكو، ذاكراً الأسم الأول مثل جيلي، وأراه الشاعر السوداني جيلي عبد الرحمن، أو غازي، وماهو الا الروائي والقاص العراقي المبدع الراحل غازي العبادي،فضلاً على شقيقه الدكتور صاحب جعفر أبو جناح، أو ماهود، وأظنه الفنان المبدع الدكتور ماهود أحمد. أو محمد، الذي هو كما أخمن محمد صالح العولقي، الذي أصبح وزيراً لخارجية اليمن الدمقراطية الشعبية، وقد سقطت به الطائرة يوم الثلاثاء الاول من مايس/ 1973 وثلاثة وعشرين من الدبلوماسيين اليمنيين، الذين كانوا سيحضرون مؤتمراً لسفراء اليمن في الخارج، فوق حضرموت، وكان من ضمنهم سفير اليمن في بغداد. وكذلك غائب الذي هو من دون شك الروائي العراقي المغترب والمتوفى في موسكو والمدفون في أحدى مقابرها: غائب طعمة فرمان.
لقد تأخر الشاعر حسب الشيخ جعفر طويلاً عن نشرها، ولعله كان متردداً لما قد يثير من حفائظ البعض، ولما فيها من أدب مكشوف وحسية عالية، وأراه أحسن صنعاً إذ أنتشلها من وهدة النسيان والخمود، ويا حبذا لو أعاد نشر هذه الفصول البهيجة الممتعة، لأن الطبعة الاولى والوحيدة من هذا السِفْر الِسَيري النفيس، الصادرة عام 1986، عن أحد المطابع الأهلية، قد جاءت فيها أخطاء فضلاً على صفحات بيض غير مطبوعة.
إذ يقول في مقدمة الكتاب الموسومة بـ(تواطئة حلم) (ثم إنني لا أدري أ أنشر هذا أم أتركه هاجعاً في غبار أوراقي، مثلما ظل مهملاً أكثر من عشر سنين من قبل؟؟).
ما أثار أنتباهي، أن غالبية الفتيات اللواتي تعرف عليهن، كان لامهاتهن دور في أدامة هذه العلاقة، فضلاً على أنهن كن بدون أزواج، تُرى هل كن مطلقات، أم أكلت الحرب الثانية أزواجهن؟ لا بل أن أم صديقته الاثيرة وحبيبة القلب (لينا) التي كانت تتمنع بعض الشي في تقديم جسدها على طبق الشهوات الجامحة المتقدة في جسديهما، والتي كانت تحاول كبح جماح الجسد اللائب، أقول إن أمها التي كانت تسمع الحوار الدائر بين الأثنين، بين الرغبة والتمنع، أراها تثور في وجه أبنتها المتحفظة، مشجعةً إياها على تلبية رغائب هذا الشاب ذي الوجه البتهوفني الضاجة، صارخة فيها :
(– فيم هذا التدلل كله؟ أنك تزعجينني. أذهبي من هنا.
وفتح بابي قليلاً. كانت أمها تهتف بي :
- أقفل الباب في وجهها. لا تدعها تدخل). ص159
وكأنما ثأراً من توبيخ إمها..
(تسللتْ تحت الاغطية في حذر، وتمددت متعمدة إلا تلامسني. كنا تحت غطاء واحد، وكانت حارة وجميلة جداً، وهي تعلم أنها الليلة لي. منذ أزعجتها أمها وطردتها وهي تعلم أنها لي. فأقتربت منها. ورحت ألامس وجهها بشفتي. كنت أُلامسها وأقبلها في هدوء وتعبد. فألقت عنها ثوبها بعيداً. أية لدونة فائقة لا أنتهاء لها؟ تلك الليلة كنت معها في أهنأ لذة على الارض). ص161
وأذا كان الروائي فؤاد التكرلي، يوغل في الوصف، والحرث في المعنى، مقدماً للقارئ مشاهد سينمائية من مواقف اللذة والأشتهاء في روايته المدوية (المسرات والاوجاع) فأن الشاعر حسب الشيخ جعفر، كان يأمر قلمه بالتوقف قبل الجوْس خَلَلَ المشاهد الحميمة، ولعله أذعن لأمر زميله الشاعر أبي نؤاس، الذي أوعز لنفسه المنتشية أن تقف قبل تصوير مواطن الأسرار، فلما وصلتْ الى موطن الأسرار قلتُ لها قفي.
في الكتاب الجميل هذا (رماد الدرويش) فضلاً على مشاهد الرغبات، صور جميلة ضاحكة عن ذلك الشاعر أحمد القفقاسي.. (كانت الثلوج تُدَوِّم راقصة متلوية. والزوبعة الثلجية تنتحب ملتاعة عند النافذة. وأنا في غرفتي أقرأ لوبادي فيجا (أو) كالديرون وأتجرع الشاي الحار. ونافذتي تُقْرَع بالحاح. فأظُنها الريح. وأني لأُصغي، فأسمع دقاً جلياً واضحاًُ. لقد أعتاد الناس أن تُطْرَق أبواُبهم عليهم، فأيُ شيطان يدق نافذتي في الطابق الخامس ليزورني في منتصف الليل الثلجي العاصف؟ فأترك كتابي لأفتح الكوة وأتطلع. في الزوبعة الثلجية المتلاطمة... أرى أحدهم عند نافذتي، متعلقاً بسلم الأطفاء، حاملاً معه ملف أوراق ضخماً وهو يهتف بي لأن أفتح النافذة. هذا هو أحمد القفقاسي يحل عليَّ ضيفاً من النافذة في منتصف الليل!!
لا وقت للأيضاح. فتحت النافذة، وتناولت ملفه أولاً. ثم أعنتهُ ليهبط في غرفتي مع الرياح والثلوج. وأسرعت أوصد النافذة.
- ماذا جرى يا أحمد؟
- المناوِبَة اللعينة.
- تغامر برأسك هكذا، متسلقاً هذه الطوابق الخمسة كلها في الزوبعة الثلجية الرهيبة؟
- وما العمل؟ والمناوبة تترصدني عند المدخل؟
الأمر واضح الأن. لم يكن أحمد من القاطنين في المنزل. كان صحفياً من القفقاس يحاول كتابة رواية. كلما جاء موسكو حَلَّ ضيفاً على أصدقاء من طلبة المعهد الجنوبيين. وأحمد يتردد علينا حتى أخذنا نعدّه واحداً منا. وضاقت المناوبات ذرعاً بتردده علينا. غالباً ما كان يجيئ مخموراً بعد منتصف الليل فيزعجهن بطرقاته. كن يزجرنه حيناً ويحذرنه حيناً آخر.. ثم منعنه من الدخول. فلم يجد من سبيل غير سُلَّم الاطفاء ليتسلل حذراً الى أصدقائه. كنت أنظر الى ملفه وأضحك: كان هذا عمله الروائي يدور به على الناشرين. تناول أحمد ملفه، وأنسل، متلفتاً، الى غرفة زميل له) ص58. ص59
قلت أن الشاعر حسب الشيخ جعفر ما أستطاع خلع إهاب الشاعر وطيلسانه وهو يكتب نثراً، وهو يكتب كتابه هذا (رماد الدرويش) نثراً يقترب من الشعر عذوبةً و رقة، وليس كل من كتب الشعر كان شعره عذباً رقيقاً، فهناك من يصفع أسماعَنا وأنظارنا بما يشبه الحجر الصوان، لكن أقصد لغة الشاعر الشاعر، التي حباها الله لحسب الشيخ جعفر، فقدم لنا هذه السمفونية اللغوية الرائعة وأني لمحتار أن أختار نصاً أقدمه للقارئ، فهي من الكثرة أن تجعلك تقف خجلاً إزاء النصوص المختارة، وكل نص يطل عليك برأسه عارضاً بضاعته الراقية لكني إزاء تزاحم النصوص أرى أختيار هذه المدونة الراقية (ثم تقول مصيخةً سمعها- أيروقك صفير الزوبعة الثلجية؟ إنها تئن وتنتحب وتقهقه... إنها تنوح وتضحك. أتسمعها؟
- ما أجملَ أن أسمعها وأنتِ بين ذراعي!
- إنها تبكي للحزانى المتوحدين... لمن ينام وحيداً في هذه الليلة. وتضحك للأحبة المتعانقين.. للأحبة في أسرتهم الدافئة الضاحكة (...) ويخالها المتجمد في العراء فراشاً مريحاً. فأذا أغمض عينيه مرة، وكف عن الحركة... لن يفيق بعدها. أتسمع خيلها الصاهلة، المندفعة في جنون؟
- كنت أسمعها صفيراً ناحلاً فوق السطوح. وتدق عليَّ النافذة، فأتذكر لوسي جراي: طفلة وردز ورث الضائعة في سهوب العاصفة الثلجية. خرجت بقنديلها لتضيء الطريق لأمها العائدة من المدينة. فََضَلَتْ دربها تائهةً وحيدة. وظل الوالدان يناديان في كل مكان. وفي الصباح وجدا آثارها منتهية عند الجسر الخشبي المتهدم.
- هذه أغنية كئيبة. أكنتَ وحيداً تلك الليلة؟
- كنتُ وحيداً وحدة المنار المنطفئ في ليلة البحر العاصفة.
- وأين كنت أنا عنك؟ لو كنت أعلم لطرقت بابكم على المناوِبةِ، وأيقظتها لتقودني إليك. لكنك لن تكون وحيداً بعد الأن) ص221.
ولوسي جراي طفلة الشاعر الرومانسي وردز ورث تعيد لذاكرتي ومسامعي كلمات أغنية (شادي) الجميلة المؤثرة، التي تشدو بها فيروز بصوتها الفيروزي الكنسِيْ المتبتل كأنه يدعوك الى صلاة للرب خالق الأكوان صلاة لروح هذا الشادي الذي أكلته الحرب الأهلية اللبنانية، أو جمده صقيع جبال لبنان في تلك الليلة الشاتية شديدة البرد.
في (رماد الدرويش) كتاب حسب الشيخ جعفر الذي ينحو فيه منحى السيرة الذاتية، ذكر لكثير من النسوة والفتيات اللائي مرّ بهن حسب أو مررن به: سونيا، تونيا، تمارا، نينا، تتيانا، ميرا، كاتيا، أو نظيرة تلك المرأة الاوزبكية الشابة، ذات الملامح الروسية والعينين الخضراوين والشعر الاسود. في وجهها سمرة خفيفة، وقوامها الريان يملأ الذراعين والتي كانت تحرجه بنظرات متأججة. لكن كانت (لينا) هي الملكة التي تربعت على عرش قلبه وحبه ورغباته، التي كانت تأمل الزواج به، لا بل كانت تعد نفسها زوجة له، وهي تسلمه جسدها، بعد تلك الليلة التي عنفتها أمُها لانها تمنعت عليه. وإذ يسأله عارف الساعدي في برنامجه الممتع (سيرة مبدع) الذي يقدمه من قناة الحرة/ العراق، وأمتعنا بساعتين جميلتين في ضيافة حسب الشيخ جعفر، عن من بقي في الذاكرة منهن، وهل إلتقى إحداهن فيما بعد؟ يقول، إنه سافر الى موسكو أكثر من مرة، والتقى بأكثر من واحدة، وفي المقدمة منهن (لينا) التي إلتقاها وأستعادا أيامهما الماضية الغاربة، كان ذلك قبل عقد الثمانينات، لكن تطاول الأيام وكرّها كانا سبباً في تغير الحال، فالشاب الفتي الذي كانه، تحول الى رماد، وليس رماداً فقط، بل رماد درويشي، يظل يحيا على وقع الذكريات الغاربة الهاربة.
الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 26 - 00:57
شكيب كاظم
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
خالد جميل شموط - بيروت, لبنان وموندريان
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
Wednesday, December 1, 2021
كمال هاني - اليسار اللبناني في زمن التحولات العاصفة, الحزب الشيوعي تفاقم للأزمة أم إنفتاح على التغيير
تصوير: https://www.facebook.com/musabaqat.wamaarifa
تعديل: أبوعبدو
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
Friday, November 26, 2021
إياد الغفري - بقايا من شتات الله
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
Friday, February 5, 2021
Friday, December 18, 2020
أمينة عارف الجراح - أيامي كانت غنية
مهند ومنذر, شكرا لكم على تأمين الكتاب وتصويره
كي لا ننسى..أمينة عارف الجراح:أجل.. أيامها كانت غنية
أجل إن أيامها كانت غنية، إنها أمينة عارف الجراح، ولدت عام 1920 من عائلة دمشقية عريقة، توفي والدها وهي صغيرة، وقد قامت برعايتها مع إخوتها عمّتُها التي كانت تسكن في حي الصالحية، بسبب زواج أمها.. ومنذ نعومة أظفارها هزها وهي الفتاة الشفافة واقع حيها الفقير، وطيبة أناسه الفقراء. كانت عمتها تعمل لأجل إعالة أطفال شقيقها، الذي وافته المنية باكراً، والذي كان قد انخرط في صفوف الحركة الوطنية السورية، وتعرض للسجن والاضطهاد.
كان لابد لهذا الواقع الذي عاشته هذه الأسرة الصغيرة أن ينعكس عليها، وأن تعاني مثلها مثل بقية العوائل في هذا الحي، من الحاجة والعوز.. بيد أن العمة التي كانت من النساء المتنورات في تلك الفترة، وقد رفضت الحجاب في ظروف كانت المرأة السورية تعاني من الجهل والأمية والعزلة، وكان مثل هذا الموقف الجريء مثار استهجان من الواقع الاجتماعي الذي كان سائداً في ذلك الوقت.
إن هذا الموقف المتحرر من العمة، التي حرصت بكل ما تملك من قوة على تعليم أطفال شقيقها، ومن بينهم الطفلة أمينة وإرسالهم إلى المدارس، كان خطوة جريئة ومتقدمة، وكان له أكبر الأثر على تطور هذه الأسرة، وخصوصاً على الطفلة أمينة التي وجدت في عمتها الأم الرؤوم، والصديقة التي قدمت لها كل المساعدة لكي تجابه معارج الحياة، التي كانت العمة تعرف أنها لن تكون سهلة وخصوصاً بالنسبة للمرأة.
تشب الطفلة أمينة وتجتاز المرحلة الابتدائية لتدخل بعد ذلك المرحلة الثانوية، وهناك تعرفت على أستاذها نظيم الموصلي، الذي كان يدرس مادة التاريخ آنذاك، وكان أول من مارس التأثير على تكون وعيها الإنساني، من خلال دروسه التنويرية لمادة التاريخ، ومن خلال شرحه العميق للأسباب التاريخية للظلم الاجتماعي، وفيما بعد تعرفت على المناضلة الشيوعية الشابة فوزية الشلق، ووجدت نفسها تنجذب تدريجياً إلى صفوف الحزب الشيوعي السوري، وانخرطت مباشرة في النضال المعادي للفاشية وهي الشابة، وكانت من بين أعضاء جمعية التعاون الثقافي بين سورية والاتحاد السوفييتي، التي كانت تضم في صفوفها خيرة ممثلي الثقافة التقدمية والوطنية آنذاك، مثل كامل عياد، ونظيم الموصلي، اللذين تتلمذت عليهما، والأديب ليان ديراني ومنير سليمان وغيرهم.
كان نشاط هذه الجمعية موجهاً لمكافحة الفاشية والنازية، وفيما بعد تتعزز روابطها مع الحزب، بعد أن تعرفت بالمناضل الشيوعي المعروف آنذاك نجاة قصاب حسن، الذي لعب دوراً هاماً في تاريخ الحزب، ومنظمة دمشق على الأخص، في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الماضي وأربعينياته، وتصبح زوجته ورفيقة حياته.
ومنذ ذلك الوقت، نذرت هذه الإنسانة الرقيقة حياتها من أجل حقوق المرأة، ومن أجل العدالة الاجتماعية للرجل والمرأة بآن واحد، وتتعرض هذه المناضلة الإنسانية للملاحقة مع زوجها، في الأعوام التي اضطهد فيها الحزب ولوحق مع بدء الحرب العالمية الثانية، وتعاني مع زوجها كل ضروب الحرمان وشظف العيش.. إلا أن كل ذلك لم يمنعها من ممارسة نشاطها الذي لا يكل في صفوف الحزب، وفي صفوف الحركة النسائية الديمقراطية، ونتيجة ذلك تسرّح من عملها في مجال التربية، وتلاحق.. بيد أن كل ذلك كان يزيدها إيماناً بأن مستقبل سورية سيكون أفضل، وأن مثُل العدالة والإنسانية لابد أن تنتصر.
إن كل هذا النشاط، وهذا الإخلاص للقضية الوطنية وللمسألة النسوية، أهّلها كي تكون ممثلة الحركة النسوية الديمقراطية في سورية بمؤتمر نساء آسيا وإفريقيا الذي عقد عام 1949 في الصين، حيث قامت بدورها بصورة رائعة وحصلت على تعاطف تضامني عاصف من مندوبات المؤتمر.
لم يقتصر كفاح هذه الامرأة الرائعة على النضال السياسي والاجتماعي فقط، وإنما شمل أيضاً نضالها في المجال التربوي، وخصوصاً أنها عملت فيما بعد مدرّسة في هذا المجال، وقد جهدت بكل ما تستطيع من قوة كي يأخذ التعليم في البلاد طابعه الإنساني والتربوي.
إن الحديث عن تاريخ هذه الإنسانة المناضلة يضيق في هذه اللمحة الموجزة عن حياتها، بيد أن عطاءها الوطني والاجتماعي والإنساني، وحبها العميق للناس البسطاء، وشعورها العالي والمرهف بمثل العدالة، كل ذلك جعل منها نموذجاً للمرأة التي وهبت حياتها للوطن وللشعب، وأصبحت تراثاً إنسانياً يجب أن تتمثله الأجيال اللاحقة ويجب أن لا يُنسى.
Alnnour.com
Telegram: https://t.me/abo_abdu
or
https://drive.google.com/file/d/1lHVyExUQxstNuECQjhM4LNh_WA650BiA/view?usp=sharing