ماذا لو قابلته مرة. ماذا لو فتحت الباب استجابة لطرق عليه لتجده يقف بالباب وكأنه يريد الدخول، دخول من يملك البيت. ماذا لو رأيته فاكتشفت أنك تقف أمام ما يشبه المرآة؟ إنه يشبهك في كل شيء، الملامح، الطول، الحياء المخلوط ببسمة اعتذار أنه قد أزعجك في هذا الوقت من الصياح.
تكاد تطلب إليه الدخول، ولكنك فجأة تنتبه إلى ملابسه.. إنها لا تنتمي إلى هذا العصر. إنها ملابس أنيقة، ولكنها ليست الملابس المتأوربة التي تلبسها حتى في سرير نومك. تكاد تطلب إليه الدخول، ولكنك تفاجأ بتحيته وبصرة يحملها على كتفه معلقة إلى عصا.
شيء ما غريب رغم تشابه اللحى، فأنت وقد تقدمت قليلاً في العمر قد خطر لك أن تربي لحيتك، ولكنك حين ربيتها لم تتخيل أبداً أنها لحيته.. وها هو يقف أمامك بطولك ونظراتك ولحيتك فتتنحى جانباً وتتركه يدخل إلى.. بيتك، ولكنك بعد حديث قصير تكتشف أنك تدعوه إلى.. بيته.
تقدم له قهوة صباحك، فيتلفت من حوله خائفاً مستغرباً وكأنك تقدم له إثماً وخطيئة يعاقب عليها، فتقول في سرك إنه يعاف الكافيين، فتقدم له عصير برتقال معلب طبعاً يتذوقه بطرف لسانه ثم يقول: ولكنه ليس عصير برتقال. إن فيه طعماً غريباً. وتنتبه إلى أنه قد اكتشف أنه ليس مما عصر قبل قليل، بل هو عصير معلب في علبة كرتون وقد منع من الفساد بإضافة مادة كيميائية تحفظه من الفساد.
يترك الصرة والعصا ويقوم ليتجول في البيت، تجوُّل من يعرف دهاليزه وخفاياه ليتوقف أمام المصباح الكهربائي النيون الذي يضيء الدهليز بصورة دائمة، ويكاد يلمسه بيده يتأكد أنه ليس قطعة من النهار حملت إلى الدهليز العتم.
وأخيراً يصارحك بأنه جدك الثالث، أو الخامس هو ليس على ثقة من الترتيب، ولكنه خطر له أن يعود لاستكشاف العالم الذي تركه قبل عدة قرون.
وتبدأ الدخول معه إلى عالمه. عالم مدينة حافظت على هويتها ومعالمها وعاداتها وأشجارها وطيورها وحيواناتها إلى خمسين سنة مضت، ثم بدأ الانفجار الكبير، الانفجار الذي حملته الحضارة والانفجار السكاني الذي سببه الطب الحديث الذي منع الموت عن الضعاف، الانفجار الذي لم يعد يحمل الطواعين التي كانت تبتلع نصف وأحياناً ثلثي السكان، الانفجار الذي قدَّم المواصلات السريعة، فأنقذ ثمر الأرض من نبات وحيوان من كساد فصار ينقل عبر البلاد، وعبر الأقطار، بل عبر القارات معلباً، ومخزناً، ومجمداً إلى آخر ما قدمته التكنولوجيا الغربية التي غيرت كل شيء..
المقدمة التي قدمتها قبل قليل هي إحساسي، وأتمنى أن يكون إحساسك عزيزي القارئ بعد أن تمسك بهذا الكتاب المسمى نزهة الأنام في محاسن الشام، لمؤلفه عبد الله بن محمد البدري المصري الدمشقي. الكتاب يتحدث عن دمشق، عن الشام، عن شامة الدنيا،
(من مقدمة الكتاب)
الكتاب منشور في غروب أبوعبدو البغل. لتنزيله, ينبغي أن تنضم أولا إلى الغروب:
https://www.facebook.com/groups/127937193979404/
ومن ثم تنزيل الكتاب من هذا الرابط:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=859739017438928&set=gm.711556165617501&type=1&theater
No comments:
Post a Comment