صدر كتاب بعنوان “قطعة ناقصة من سماء دمشق”، للكاتب والشاعر الفلسطيني، المقيم بألمانيا، رائد وحش، وفي هذا العمل لا يكتب وحش لا رواية ولا يوميات ولكنها على كل حال قصة حياة، تصطف فيها الشخصيات جنبا إلى جنب كأنها في استعراض موسيقي كبير أنغامه مزيج من بكاء بصوت عال، وأصوات انفجارات وتأوّه امرأة عاشقة، وصوت الشاعر الذي تحوّل إلى مؤذن في لحظة تكاد تكون لحظة غضب.
إذا كانت الرواية استلهاما خياليا لوقائع وقعت بالفعل، وإن اليوميات هي التوثيق الفعلي لرؤية كاتبها ونظرته إلى الوقائع كما عايشها، فإن نص “قطعة ناقصة من سماء دمشق”، يذهب إلى ما هو أبعد من التزاوج بل هو أقرب إلى انحلال الفنون في تفاصيل بعضها البعض، شعرا ونثرا، رواية خيال أو يوميات كائن حي، تفاصيل لكل واحد وتعميم لا يعني أحدا، البكاء صنو الضحك المجلجل، عند جملة تفاجئك رغم السياق المتوقع، ولكن ذلك يفوق كل احتمال يطرحه خيالك.
إذا كانت الرواية استلهاما خياليا لوقائع وقعت بالفعل، وإن اليوميات هي التوثيق الفعلي لرؤية كاتبها ونظرته إلى الوقائع كما عايشها، فإن نص “قطعة ناقصة من سماء دمشق”، يذهب إلى ما هو أبعد من التزاوج بل هو أقرب إلى انحلال الفنون في تفاصيل بعضها البعض، شعرا ونثرا، رواية خيال أو يوميات كائن حي، تفاصيل لكل واحد وتعميم لا يعني أحدا، البكاء صنو الضحك المجلجل، عند جملة تفاجئك رغم السياق المتوقع، ولكن ذلك يفوق كل احتمال يطرحه خيالك.
غير أنها تتبدى كلحظة حنين لزمن يجهد للإمساك به ومنعه من الانفلات نهائيا.. وكأن انقطاع الآذان هو في حدّ ذاته إيذان بنهاية المكان وتحوّله، كأنني، وأنا أقرأ أعود، إلى اللحظة التي توقف فيها جامع عبدالله بن الزبير في التضامن عن أن يكون جامعا، ليتحول إلى متراس حربي تبادله المتحاربون على مدى عام كامل.
لولا الحرب لكانت حكايات “حياة” عن عضو زوجها، فتحا في أدب أيروتيكي من طراز جديد، يعني بعلاقات “البسطة” أكثر مما يعني بعلاقات “السوبرماركت”، على عكس ما زعموا، حتى في الجنس هناك “بسطة” وهناك “سوبر ماركت”.
في المقابل أو في جوهر هذا كله، النص بكامله وثيقة متماسكة، ترتبط تفاصيلها عبر تخوم غير مرئية في دراما الحرب التي وقعت الآن ويقف كاتبها والمتنبئ بها شاهدا على هولها وضحية لهذا الرعب في آن معا.
نص رائد، نص معذَب، صحيح أن نصوص الحنين تكون معذبة عادة، ولكن هذا النص لا يمكن إدراجه ضمن هذا السياق، بل هو أشبه بحنين مركب لزمنين محتهما عاصفة تنبأ بها شركسي أو غجري ما، فتحتار أيّا من الزمنين تريد استعادته والإمساك به، زمن المخيم وخمارة “كهف النسيان” أم زمن القرية التي صارت مستوطنة، والبيت الذي بني ولم يسكن، والجمال التي لم يتمّ إعدادها للرحيل.. هل هو زمن بيت شيّد وهجر ثمّ استولى عليه مستوطنون غرباء، أم زمن بيت بني وفجّره برميل ملقى من طائرة، برميل من المتفجرات أشعل فتيله بعقب سيجارة عسكري متقلب المزاج.. قاتل.
يترك الكاتب للقارئ اختيار الإجابة التي يريد.. دمشق بمحل فريدي الشهير كخمارة، أو متحول إلى محل شاورما من لحوم مجهولة المصدر، نهر الأعوج بإسمنت أو بدونه، القارئ حر في اختيار الذاكرة والمآل.
فوق كل هذا. هذا نص حزين مثقل بالأسى، عن حرب وقعت بالفعل، وعن أناس لم يتسنّ لهم أكثر من أن يكونوا ضحاياها وسط تقاطع النيران، النيران نفسها التي “وحدها كتبت بداية المخيم، ووحدها ستكتب نهايته أيضا”.
عندما وصلت إلى هذه الجملة في النص تسمرت أمامها أكثر من ساعة، لأنني لم أكن أريد أن أقرأ نصا يقارب النعي ليس فقط لمخيم أحبه “اقرأ: مكان، إن شئت”، بل لزمن نحن إليه، لأننا حسبناه جميلا دون أن ندرك أن الأزمنة الجميلة لم تقع بعد.
أحمد م. جابر - العرب
No comments:
Post a Comment