"مرآتي تختزن الوجوه، آلة تصوير تومض في جانبها المرئي تلتصق شرائطها في الخلف، تظهر ينابيع ذاكرتي التي تدفقها مضخات الخوف منذ أن هاجمت طفولتي أولى لسعات الضرب لينظم عويلي إلى جمهرة الباكين الذين لم ينقطع نحيبهم منذ أن دفن آدم على أرضهم.. انزويت حزيناً في غرفتي أقفز بخيالي إلى الوطن.. الفرار خيارنا الوحيد الذي تركه لنا النظام ورئيسه بعد أن ترصدناه في كل مكان... ملأنا له الهواء والماء والأرض بالسم كي يموت ولم ينفع.. أخاطب من بعيد.. أستعيد صوت (سعدي يوسف) ليس فقط لمجيد الراضي، إنما لكل الأحياء والأموات في الموطن: إسماعيل وكريم وسرحان... والشيخ طاهر وولده سلمان، ومن غرقوا في البحار ودفنوا في كردستان وفي الفرات وفي دجلة والناصرية وكل مدينة وقرية في العراق، ومن ليس لهم قبور، والذين ينتظرون الموت وفي المنفى وإلى الوطن المجهول مصيره: "قد يقع الإنسان، في قبضة السجان، أو في قبضة الأزهار، بل ربما أوقف من سنينه، عشراً على الأحجار، يمنحها النسخ، كما تمنح أزهار الدجى الشطآن، وربما استنفذت الأشجار أعمارنا.. من أجل ألا نجهل الأشجار. لكني أريد أن أخبرك الليلة، وأنت لا تجهليني كنا معاً في ذلك البستان، أريد أن أخبرك الليلة بأنني في قبضته الذكرى سجين دونما سجان، وحين يبدو التل كالقيم كالتل، وترتعي في العشب المبتل والدالية الألوان والقطعان أغنية للبحر وللصحراء، أغور في الذكرى فتمتد على جبهتي القضبان".
فرات ياسين في روايته "غراب آدم" هو صوت قادم من ذاك الفرات المخضل بالدموع. صوت من تلك البقعة التي تعيش مأساة بإثر مأساة بإثر مأساة. من خلال سردياته هذه يحاول فرات ياسين إسماع صوتٍ مغاير للحزن إذ أن له في جنوب الفرات معنى آخر، حيث يحتل ذاك الحزن أكبر مساحات في أرواح أهله، وله عندهم أحلى وأجمل الأشعار والأغاني. وصوت حزن الروائي الآتي من هناك هو الأكثر صدقاً، فهو الآتي من بلاد تنتشر فيها القبور، حتى في أعراسهم يفنون عن افتراق المحبين. هل بالإمكان اعتبار "غراب آدم" مرثاة وطن؟! إلى حدٍّ ما، لأنه وعندما يغرق الوطن في الأحزان فعلى أهله السلام.
النيل والفرات
http://www.mediafire.com/?zltoj6e2qdnvve9
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
No comments:
Post a Comment