Wednesday, July 6, 2011

مرعي مدكور - يوم الزينة



«يوم الزينة».. رواية تكشف القرية المصرية بشكل جديد
القاهرة - إيهاب مسعد-RNA
شهدت الفترة الأخيرة ظهور روايات ومجموعات قصصية ترصد القرية المصرية بأشكال مختلفة؛ فالبعض قدم الجديد والبعض قدم أشياء مستهلكة بمعنى تكرارها في بعض الأعمال ومن الروايات التي قدمت الجديد في عالم القرية المصرية ذلك العالم الذي ما زال مليئا بالأسرار التي لم تكتشف بعدُ.. رواية «يوم الزينة» للدكتور مرعي مدكور الذي سلط الضوء على مظاهر القرية المصرية وخصوصيتها ولم يقم بالوصف فقط بل اتبع أسلوب التصوير الدقيق لهذا العالم بكل ما فيه، فهذه الرواية ليست عن القرية بل هي رواية القرية المصرية.
والرواية صادرة عن دار الهلال بالقاهرة وتقع في 105 صفحات من القطع المتوسط.
وفي تقديمه للرواية يقول الدكتور مرعي مدكور: «هذه الرواية رغم بساطتها الشديدة تؤكد على أن مصريتنا باقية في تقاليدنا وأخلاقنا وعراقتنا و «اللمه» الحميمية على «دور سيجة» أو مجاملة في عُرس أو حفل طهور أو فزعة رجل لنصرة مظلوم: غريبا كان أو قريبا».
وتنقسم الرواية إلى أربعة فصول مرتبطة ببعضها تدور حول القرية المصرية وتقدم لنا شخصية رئيسية لم يشأ أن يسميها المؤلف، لكن من خلال الأحداث هي شخصية البهلول أو المعتوه والحدث الرئيسي هو يوم الزينة عنوان الرواية.
ففي الفصل الأول وعنوانه مربط الفرس قدمه المؤلف بضمير الغائب؛ فالرواي الذي يحكي الأحداث ليس موجودا بل هو المؤلف فتبدأ الرواية بشخصية أم عابد التي تمتلك فتالة، وهي أداة كبيرة تستخدم في صنع الشعرية وهي طعام قديم في القرية المصرية ما زال موجودا في بعض القرى.
والذي يدير هذه الأداة هو شخصية المعتوه الذي لا ينطق إلا كلمة واحدة هي «يا بيب يا» في كل المواقف، وهذا المعتوه يمتلك قدرات جسدية كبيرة فهو يأكل ويشرب ولكنه لا يمتلك القدرة على التفكير ويدير هذه الفتالة التي تأتي إليها النساء لصنع الشعرية فيقوم المعتوه بالنظر إليهن وتضربه أم عابد.
وأحيانا يسير مع بعض النساء ليحمل لهم هذه الشعرية إلى بيوتهن ويصف المؤلف شوارع القرية وبيوتها فيقول: «تبدو البيوت الطينية الواطئة مثل ظهور جمال نائمة في صفين طويلين لا يفصل بينهما سوى درب صغير لا يدخله جمل ولا يتسع لمرور أكثر من اثنين بجوار بعضهما في المسافة بين فتحة كل بيت».
ويواصل المؤلف وصف علاقات هذا المعتوه مع الناس فالشباب يأخذونه في المسابقات خاصة في الألعاب التي تعتمد على القوة البدنية فيربحهم، والبعض الآخر يسخر منه ويجعلونه يشرب المخدرات ويضربونه ثم ينتهي هذا الفصل بنهاية مأسوية وهي مقتل المعتوه.
والفصل الثاني من الرواية عنوانه «يوم الزينة» وهو الحدث الرئيسي للرواية والمقصود به مسابقة عامة في الثقافة والرياضة بين قرية هذه الرواية وقرية أخرى مجاورة لها، وتخرج القرية برجالها وشبابها ونسائها لمشاهدة المسابقة لذلك يسمى يوم الزينة.
وقدم المؤلف هذا الفصل بضمير الغائب والمتكلم الذي هو أحد المشتركين في هذه المسابقة.
وعندما تبدأ بعض ألعاب المسابقة يحدث شغب بين القريتين فتظهر شخصية جديدة وهي شخصية «غانم العربي» ذلك الرجل الذي يحمي البلدة الذي يجلس مع مسؤول البلدة الأخرى ويتم التصالح وتقدم الولائم، وبعد أن يأكل أهل القرية ويعودون للمشاركة في المسابقة ويتهيأ الجميع وهناك ثلاث ألعاب كان يربحهم المعتوه ولكن يحدث أمر غريب وهو إصابة أهل القرية بوجع شديد في البطن من جراء أكل أهل القرية المنافسة لهم فيرجعوا إلى بلدهم منهزمين منكسرين.
أما الفصل الثالث فعنوانه «أم عابد» وهي التي ربت المعتوه؛ حيث كانت تعمل خادمة لدى أم المعتوه الذي توفي والده وقد حدث في منزلهم حادث كبير وهو حريق البيت فأصيبت الأم بالجنون وأصيب الطفل بالعته، وطرده أعمامه هو وأمه وأم عابد التي أخذته وجاءت إلى هذه القرية وساعده أهل القرية في إقامة الفتالة.
ويربط المؤلف بين ذلك الفصل وفصل يوم الزينة فيأتي بإيقاع أن أم عابد تحكي عن المعتوه يوم الزينة فتقول: يأتي الشباب ويأخذون المعتوه فيجعلونه يستحم ويلبسونه ملابس جديدة؛ لأنه يربحهم بعض الألعاب في المسابقة لما يمتلكه من إمكانات جسدية كبيرة وعندما ترجع أم عابد من يوم الزينة إلى منزلها تكتشف سرقة الفتالة.
ونصل إلى الفصل الرابع وعنوانه «حاميها» وهو عمدة القرية وهيمنته ورجاله وهم الخفراء على القرية فيرى في منامه أحلاما غريبة ويأتي بالغجرية التي تفسر الأحلام وتقول عن قط أسود ينظر إلى حريمه وتقصد به المعتوه الذي يدخل إلى البيوت ويتركه الجميع على اعتبار أن المعتوه من أهل الله ذلك المفهوم الشائع في القرى المصرية.
لذلك يدبر له العمدة للتخلص منه فيدخله التجنيد ولكنهم يطردونه لأنه معتوه، فيفكر العمدة في حيلة أخرى للتخلص منه فقلنا في الفصل الأول كان المعتوه جالسا مع متعاطي المخدرات فيأتي رجال العمدة ويأخذون المعتوه ويضعونه في السجن، وبعدها يجد الأهالي المعتوه مشنوقا في إحدى الشجرات وينزل منه الدم ولم يقل المؤلف أن الذي قتله العمدة وإن كانت الأحداث تؤكد ذلك.
ونلاحظ في هذه الرواية أن المؤلف لم يقدم شخصية المعتوه لذاتها بل قدمها ليكشف من خلاله عالما غامضا لم يكن معروفا من قبل، فوصف من خلاله القرية ومنازلها وأهلها فرصد كل ذلك بتفاصيل التفاصيل واستخدام ألفاظا وتعابير جديدة.
وأيضا جاءت لغة السرد بعيدة عن الانفعال وهي مغامرة من الكاتب الذي أراد أن يكون هناك تلقائية في التعبير، وقد استخدم المؤلف السرد الدائري بمعنى أن النهاية جاءت بأكثر من طريقة سواء كانت عن طريق الرواي أو أم عابد أو الأهالي أو غير ذلك.
والمؤلف الدكتور مرعي مدكور كاتب وروائي مصري تتنوع أعماله الأدبية بين القصة القصيرة والرواية وأدب الأطفال، ويعد من أساتذة الصحافة وخبرائها في مصر ويدرس في أكاديمية أخبار اليوم للإعلام، صدر له العديد من الأعمال القصصية منها: عين طفل والليالي الطويلة والذي علم الحزن القمر وغيرها من الأعمال الأخرى.

No comments:

Post a Comment