على الرغم من إثراء مكتبة التاريخ العربي بالعديد من الكتب والدراسات، التيصاغها وكتبها رحالة أوروبيون زاروا المشرق العربي بجميع أقاليمه، فكتبوا ما شاهدوه عن هذه المجتمعات في جوانبها العديدة، كالطبيعة الجغرافيةوالحياة السكانية والاجتماعية والدينية والزراعية، فإن هذه الدراسات يومأن كتبت لم تكن تعدو تقارير استخباراتية للدول التي ينتمي إليها هؤلاءالرحالة.
والجاسوسة البريطانية السابقة علىلورنس وفيلبي قد تركت العديد من الدراسات عن المنطقة، فقد نالت لقب ملكةالصحراء وملكة الشرق، أو ملكة العراق غير المتوجة، تلك هي "غيرترود بل"،صاحبة كتاب "الصحراء والمعمورة".
لمكتبةالعبيكان خالص الشكر والتقدير على طبعها لكتاب "الصحراء والمعمورة" TheDesesrt And The Sown من ضمن إصداراتها العديدة لسنة 1425ه - 2004م، فكانتالطبعة الأولى مترجمة عن الأصل المنشور باللغة الانجليزية سنة 1907م. فيلندن، والكتاب في طبيعته هذه فيما احتواه إنما هو أشبه برواية لرحلة سيدةأوروبية زارت العديد من دول الشرق الأوسط، ومن هذه البلاد بلاد الشام،فجاءت روايتها عن بلاد الشام تبين لنا انطباعاتها الرسمية والخاصة فيماأوكلت فيه كجاسوسة قامت بتقديم تقريرها هذا الى الجهات الرسمية.
هذهالسيدة "غيرترود بل" Gertrude Lowthian Bell حملت في قلبها نزعتهاالاستعمارية الصليبية الصهيونية، فقد ظهرت هذه النزعة في هذا الكتاب منخلال تعقب مترجمه الدكتور عادل زكار لكلام "بل" فهي من الجيل المخابراتيالأخير للرحالة والمستكشفين الأوروبيين إلى بلاد الشام، فمن خلال وجودهافي العراق كانت قد حظيت بمكانة ممتازة لدى الملك فيصل؛ فهي التي سعتلتنصيبه ملكاً على العراق، وكان الملك فيصل (ملك العراق) دائم الاتصال بهافي مشاوراته في سياسة الدولة.
وما لم تقدر عليهالحروب الصليبية قدر عليه طلائع الاستعمار الجديد من المستشرقينوالمستكشفين بتقديم أفضل الدراسات والتقارير لاستعمار الشرق العربيالاسلامي، وكان من رواد هذا الطريق جميع من زاروا الشرق، من أمثال لورنسوفيلبي والليدي آن بلنت وصاحبة الترجمة السيدة "غيرترود بل".
حياتها
ولدت"بل" في 14 تموز 1868م، في واشنطن هول كونتي دورهام، اهتمت بدراسة التاريخ، وقد تخرجت سنه 1887م من قسم التاريخ بجامعة أكسفورد، والدها هوالسير "هوغ بل" وعمها السير "فرانك لاسيلس" كان وزيراً مفوضاً في السفارة البريطانية، وقد زارت إيران وتركيا، واهتمت بالمشرق العربي من واقعتكليفها من قبل حكومتها بريطانيا، حيث كانت المنطقة تعيش تحت عين الرقابة الاستعمارية الغربية عموماً وبريطانيا خصوصاً، فعصرها الذي عاشته هو عصرالإعداد الاستعماري الغربي للمنطقة، فقد لاح مع مطلع القرن التاسع عشر،مولد مصطلح المسألة الشرقية، وفي منتصفه مولد رجل أوروبا المريض، وفيأواخره، مؤتمر بازل اليهودي الذي تمخض عنه المشروع الصهيوني في إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، ثم تلا ذلك مشروع (كامبل بانرمان) رئيس وزراءبريطانيا لسنة 1906م، فكانت هذه التدابير والمؤمرات هي الإطار العام الذي كانت تتحرك فيه "بل"، فقد خدمت سياسة بلدها الاستعمارية، ليكون في خدمتها هذه تحقيق مشروع الدولة اليهودية على أرض فلسطين.
زارتهذه المرأة حائل (شمال السعودية) سنة 1913م، فكانت المرأة البريطانية الثانية بعد الليدي آن بلنت التي سبق أن زارتها في الربع الأخير من القرنالتاسع عشر، وحظيت بألقاب كثيرة فقد قيل عنها إنها ملكة الشرق بسبب نشاطها، وقد عملت تحت إمرة السير "أرنولد ولسن" ثم السير "برسي كوكس"، وقدكانت مسموعة الكلمة لدى "كوكس".
كانت وفاتها في 12 تموز 1926م في بغداد، تاركة وراءها العديد من الأعمال
مترجم الكتاب
هوالأخ العزيز والصديق النبيل، طبيب الأسنان الدكتور- عادل زكار، من أهالي مدينة حماة بوسط سوريا، ولا يزال حياً يرزق، قام بترجمة العديد من الكتبومنها كتابه هذا، وقد أبرز في كتابه هذا جهود الغرب الاستعماري ومنهالبريطاني، الذي جاءت مصالحه الاستعمارية مع مصلحة الصهيونية في استهدافالإسلام والعرب. وفي إهداء كتابة هذا توجه إلى أمته العربية بقوله: "إلى أمتنا العربية، نواة خلية العالم الإسلامي، التي تناضل في كل مكان، وفيجميع المجالات، ليكون لها دورها الحضاري تحت شمس هذا العالم...".
(عبدالكريم إبراهيم السمك)
أو
No comments:
Post a Comment