في عام 2002 أصدر الكاتب الكولومبي الشهير جابرييل جارسيا ماركيز سيرته الذاتية "عشت لأروي". وتغطي هذه السيرة التي كتبها ماركيز بنفسه المرحلة الأولى فقط من حياته وبالتحديد الفترة من سن الخامسة إلى سن الثلاثين أي سنوات الطفولة والشباب المبكر وهي نفس الفترة التي سبقت اتخاذه في سن الثلاثين لأهم قرار في حياته وهو قرار أن يصبح كاتبا. وفي هذا النص الذي كتبه ماركيز عن نفسه يحافظ ماركيز على الكيفية نفسها التي كان يتصرف بموجبها في رواياته فيسرد أحداث حياته كما لو كان يسرد أحداث رواية. ونعرف أن كل شىء أو حدث في روايات ماركيز كان له أصل في حياته الحقيقية ونعرف أيضا أن ماركيز لم يكن يقصد النقل الحرفي لهذا الأصل بل بالأحرى إعادة الاشتغال عليه بحيث تمتزج أحداث حياته الخاصة والأحداث السياسية التي عاصرها بأحلامه وتفسيراته ورؤاه الذاتية والخاصة. وكان المأمول أن تصدر السيرة في ثلاثة أجزاء لكن "عشت لأروي" ظل لمدة طويلة هو جزء السيرة الوحيد المتاح ولما طالت المدة أكثر من اللازم لم يعد هناك أي أمل في أن تصدر أجزاء أخرى. لكن العالم فوجىء في عام 2006 بصدور سيرة جديدة لماركيز باللغة الإنجليزية مختلفة كليا عن السيرة التي كتبها بنفسه وتحمل السيرة الجديدة اسم كاتب بريطاني يدعى جيرالد مارتن. وعلى عكس ماركيز الذي ركز في سيرته لا على حقائق الحياة نفسها بل على طريقة تذكر هذه الحقائق وكيفية روايتها، يلتزم جيرالد مارتن بحقائق حياة ماركيز نفسها ويسرد هذه الحقائق في كتابه بكل دقة وموضوعية. ويقال أن جيرالد مارتن لم يشرع في الكتابة إلا بعد أخذ موافقة ماركيز نفسه وأن مشروع الكتاب استغرق نحو سبعة عشر عاما وكان ماركيز يزوده طوال هذه المدة بكل ما يحتاج إليه من معلومات ووثائق. وفي أوائل عام 2010 صدرت بالعربية عن "الدار العربية للعلوم" سيرة ماركيز التي كتبها جيرالد مارتن في مجلد ضخم من القطع المتوسط يضم نحو 774 صفحة ومن ترجمة محمد درويش.
No comments:
Post a Comment