المشروع القومي للترجمة, القاهرة 2005 | تصوير ابن بحسيتا البار علي مولا | 398 صفحة | PDF | 6.19 MB
http://www.4shared.com/office/znsN3UhV/__-__.htmlor
http://www.mediafire.com/view/dm4w41m566n44la/أجنر%20فوج%20-%20الانتخاب%20الثقافي.pdf
يعد علم الاجتماع هو العلم المعني بمصطلح «التطور»، وهذا العلم نفسه، شهد العديد من التطورات، وتعددت فروعه، وقد احتلت «الثقافة» مكانة مهمة من موضوعاته. وقد قادت نزعة التطور علماء العلوم الطبيعية، وكانت نظرية «الانتخاب الطبيعي» لداروين وغيره.. فيما أقام «هربرت سبنسر» في العلوم الاجتماعية نظريته على أساس المماثلة بين المجتمع والكائن الحي باعتباره ينمو ويتطور. وقد ظهر أول مثال لوصف التطور من الهمجية إلى المجتمع المتحضر عام 1867م على يد الاقتصادي «والتر باجهوت». بينما أكثر من ترك أثراً على الفكر التطوري هو الأنثروبولوجي «إدوارد تايلور»، وقال إن المجتمع المتمدن نتيجة تطور تدريجي لمجتمعات أكثر بدائية.
كما أن العالم البيولوجي «لويجي كافالي»، كان أول من تبنى فكرة الانتخاب الثقافي عام 1970. وقبل أن يؤكد «وليام دورهام» عام 1976م، فكرة التفاعل بين الانتخاب الجيني والانتخاب الثقافي.
بينما يعرض الكاتب «أجنر فوج» أستاذ الأنثروبولوجي في جامعة «كوبنهاغن» في كتابه «الانتخاب الثقافي» نظرية مغايرة وجديدة، تؤكد أن الثقافة يمكن أن تتطور في اتجاهات مختلفة تبعا لظروفها الحياتية أو المجتمعية.. وتتميز بقدرتها على تفسير السلوك العفوي أو اللاعقلاني الذي تزخر به كافة المجتمعات، كما تركز على أهمية تجارب الانتخاب الصغرى وصراعات القوى والظواهر اللاعقلانية، ودورها في التطور الاجتماعي.
لقد افتقر التطويريون في القرن الـ19 إلى التميز بين الوراثة العضوية والاجتماعية، لأنهم لم يكونوا على علم بقوانين «مندل» في الوراثة.. كما كان مبدأ «البقاء للأصلح» يعني عندهم أن التطور يعتمد على أقوى الأفراد، وبذا لم يميزوا بين التطور والتقدم. كما لم تكن نظرية «الانتخاب الثقافي» مبحثاً مستقلاً، كانت ضمن مبحث علوم عديدة ومختلفة: الفلسفة، والاقتصاد، والاجتماع، وعلم النفس.. إلخ، بينما أساس الانتخاب الثقافي، يرجع إلى أن التطور الثقافي أسرع من التطور الوراثي «الجيني»، نظرا لتوافر ما يسمى بـ «طاقة التكيف» أي القدرة على التكيف، وليس التكيف نفسه.. بالإضافة إلى أن الإنسان يتميز في مجال الثقافة بما يعرف بـ «السلوك الجمعي»، نظرا للاستعداد الطبيعي عند الإنسان على التعاون والعمل الجمعي.. بل وتصنيف البشر الآخرين حسب جماعتهم، وهو ما يسمى بالعرقية أو الإثنية. ويتم التعبير عن هذا الانتماء عن طريق الوشم أو اللغة والطقوس والشعائر الدينية.. وهذا الشعور نفسه، له دور أساسي في عملية الانتخاب الثقافي.
ماذا عن نظرية الانتخاب الثقافي؟
نظرية الانتخاب الثقافي هي نظرية عن ظواهر يمكن أن تنتشر داخل المجتمع، مثل الشعيرة الدينية أو أسلوب في الفن أو طريقة في الصيد. وهى تعتمد على ثلاث عمليات:
أولا: أن تنشأ الظاهرة، وهو المعروف بالإبداع أو التجديد.
ثانيا: ثم تأتي عملية انتشار الظاهرة من فرد إلى آخر، أو من جماعة إلى أخرى، وهو ما يعرف بالنقل أو المحاكاة أو التكاثر.
ثالثا: عملية الانتخاب، والمقصود هو أي آلية أو عامل مؤثر في انتشار الظاهرة من حيث الكثرة أو القلة.. وأكثرها شيوعاً الاختيار الواعي من جانب البشر.
وهذا العرض يماثل نظرية «داروين» في الانتخاب الطبيعي التي تتناول الوراثة الجينية. بينما نظرية الانتخاب الثقافي تتميز ببعض الاختلاف، لأن التكاثر الثقافي لا يرتبط بالضرورة بالتكاثر البشري، أي أن العادة لا تنتقل من الآباء إلى الأبناء فقط، بل وإلى آخرين لا علاقة وراثية معهم.. (مثلا الحياة داخل الأديرة انتشرت رغم أن الرهبان ليس لهم أولاد).. والفارق الثاني مع نظرية الانتخاب عند «داروين» أن السمات المكتسبة يمكن أن تنتقل عن طريق التوارث الثقافي، وليس التوارث الجيني. والآن إذا ما كان تعريف «الثقافة» بأنها نمط سلوكي مشترك بين أفراد مجموعة ما من البشر، وينتقل من فرد إلى آخر عن طريق المحاكاة أو التعلم، وليس عن طريق الجينات الوراثية.
فإن الثقافة نجدها إذن عند الحيوانات.
هناك أمثلة موثقة يبرز الانتقال الثقافي عند الحيوان.. في عام 1953م اكتشف الباحثون قرداً يابانياً «أيمو»، يغسل الرمل العالق بالبطاطا باستخدام الماء، ثم يأكلها. بعد أربع سنوات كانت %18 من جماعة كبار القردة تقلده، بينما %79 من شباب القردة تعلموا التقنية أيضا. وغيرها من الأمثلة. كما أن متابعة الطيور وبعض الحيوانات الأخرى كشفت عن أمثلة إيجابية للانتخاب الثقافي بالتقليد والمحاكاة والتعلم.
ويرى الكاتب صاحب النظرية «أجنر فوج» أن فكرة النظرية موجودة منذ عام 1867م، بيد أن التطبيقات عليها كانت في دراسة ظواهر العالم الواقعي. مثال ذلك أن محاصيل جديدة تعطي غلة أفضل عن سابقتها، وهي (عنده) نتيجة مبتذلة، فلا ضرورة لصياغة نظرية محكمة لتفسير تلك الحقيقة الملاحظة من الجميع.. أو لتفسير ما هو واضح سلفا. إن قوة الانتخاب الثقافي تتجلى بقوة في مجال السلوك اللاعقلاني، مثل.. الألعاب، والشعائر، والموسيقى، والأساطير، والحكايات، والموضة.. وكلها غير منتجة، وكلها أيضا تغيرت عبر التاريخ، ونادراً ما نعرف السبب، وهو بالضبط التحدي أمام نظرية الانتخاب الثقافي.
كما أن البحث في مجال إستراتيجيات السلطة (أيديولوجية أو دينية أو غيرها) ربما لا يمكن تفسيرها على أساس التخطيط العقلاني وحده، ولكن يتأتى تفسيرها إذا ما وضعنا في الاعتبار النتيجة التراكمية عن أحداث انتخاب متواترة.
ويؤكد الكاتب بالعديد من الأمثلة على أهمية النتيجة التراكمية بعيدة المدى للكثير من أحداث الانتخاب الصغرى، وعلى صراعات القوى وأيضا ظواهر لا عقلية مثل الفن.
كما يرفض الكاتب وضع أو افتراض نموذج رياضي محكم للظاهرة الثقافية في الحياة الواقعية، لكن المؤكد أن عملية الانتخاب الثقافي تخضع لآلية الابتكار والتكاثر والانتخاب (المشار إليها سلفا)، وأن غالبية الظواهر الثقافية تخضع للعديد من آليات الانتخاب التي تتفاعل معا.. وهو ما يزكي التأكيد على رفض الأخذ بنموذج مثالي أو رياضي لأي ظاهرة ثقافية، ولا للظواهر الثقافية كلها.
يقع الكتاب في 400 صفحة، ويضم ملفاً مستقلاً يضم توضيحاً للمصطلحات والمراجع في 50 صفحة.
السيد نجم
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html