Thursday, June 9, 2011
بيرم التونسي - السيد ومراته في مصر
بيرم التونسي : (1893- 1961)
ولد الشاعر الشعبي محمود بيرم التونسي في الإسكندرية في 3 مارس 1893م ، وسمي التونسي لأن جده لأبيه كان تونسياً ، وقد عاش طفولته في حي شعبي يدعى " السيالة " ، إلتحق بكُتّاب الشيخ جاد الله ، ثم كره الدراسة فيه لما عاناه من قسوة الشيخ ، فأرسله والده إلى المعهد الديني وكان مقره مسجد أبي العباس ، مات والده وهو في الرابعة عشرة من عمره ، فانقطع عن المعهد وارتد إلى دكان أبيه ولكنه خرج من هذه التجارة صفر اليدين .
كان محمود بيرم التونسي ذكياً يحب المطالعة تساعده على ذلك حافظة قوية ، فهو يقرأ ويهضم ما يقرؤه في قدرة عجيبة ، بدأت شهرته عندما كتب قصيدته " بائع الفجل " التي ينتقد فيها المجلس البلدي في الإسكندرية الذي فرض الضرائب الباهظة وأثقل كاهل السكان بحجة النهوض بالعمران ، وبعد هذه القصيدة انفتحت أمامه أبواب الفن فانطلق في طريقها ودخلها من أوسع الأبواب .
أصدر مجلة المسلة في عام 1919 م وبعد إغلاقها أصدر مجلة الخازوق ولم يكن حظها بأحسن من حظ المسلة .
نفي إلى تونس بسبب مقالة هاجم فيها زوج الأميرة ( فوقية ) ابنة الملك فؤاد ، ولكنه لم يطق العيش في تونس فسافر إلى فرنسا ليعمل حمّالاً في ميناء ( مرسيليا ) لمدة سنتين ، وبعدها استطاع أن يزوّر جواز سفر له ليعود به إلى مصر ، فيعود إلى أزجاله النارية التي ينتقد فيها السلطة والاستعمار آنذاك ، ولكن يلقى عليه القبض مرة أخرى لتنفيه السلطات إلى فرنسا ويعمل هناك في شركة للصناعات الكيماوية ولكنه يُفصل من عمله بسبب مرض أصابه فيعيش حياة ضنكاً ويواجه أياماً قاسية ملؤها الجوع والتشرد ، ورغم قسوة ظروف الحياة على بيرم إلا أنه استمر في كتابة أزجاله وهو بعيد عن أرض وطنه ، فقد كان يشعر بحال شعبه ومعاناته وفقره المدقع . وفي عام 1932 يتم ترحيل الشاعر من فرنسا إلى تونس لأن السلطات الفرنسية قامت بطرد الأجانب فأخذ بيرم يتنقل بين لبنان وسوريا ولكن السلطات الفرنسية قررت إبعاده عن سوريا لتستريح من أزجاله الساخرة واللاذعة إلى إحدى الدول الأفريقية ولكن القدر يعيد بيرم إلى مصر عندما كان في طريق الإبعاد لتقف الباخرة التي تُقلّه بميناء " بور سعيد " فيقف بيرم باكياً حزيناً وهو يرى مدينة بور سعيد من بعيد ، فيصادف أحد الركّاب ليحكي له قصته فيعرض هذا الشخص على بيرم على بيرم النزول النزول في مدينة بور سعيد ، وبالفعل استطاع هذا الشخص أن يحرر بيرم من أمواج البحر ليجد نفسه في أحضان مصر .
بعدها أسرع بيرم لملاقاة أهله وأسرته ، ثم يقدم التماساً إلى القصر بواسطة أحدهم فيعفى عنه وذلك بعد أن تربع الملك فاروق على عرش مصر فعمل كاتباً في أخبار اليوم وبعدها عمل في جريدة المصري ثم نجح بيرم في الحصول على الجنسية المصرية فيذهب للعمل في جريدة الجمهورية ، وقد قدّم بيرم أعمالاً أدبية مشهورة ، وقد كان أغلبها أعمالاً إذاعية منها ( سيرة الظاهر بيبرس ) و ( عزيزة ويونس ) وفي سنة 1960م يمنحه الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية لمجهوداته في عالم الأدب . ولكن مرض الربو وثقل السنين يتمكنا من شاعرنا ليتوفى في 5 يناير 1961م .
غنّت له أم كلثوم عدة قصائد مما ساعد على انتشاره في جميع الأقطار العربية ، وظل إلى آخر لحظة في حياته من حملة الأقلام الحرة الجريئة ، وأصحاب الكلمات الحرة المضيئة حتى تمكن منه مرض الربو وثقل السنين فيتوفى في 5 يناير 1961م بعد أن عاش 69 عاماً .
يوسف أحمد المحمود - سلامات أيها السعداء
ولد في كفر شاغر (الدريكيش- طرطوس) عام 1932.
تلقى تعليمه في اللاذقية وحمص وتخرج في جامعة دمشق حاملاً الإجازة في اللغة العربية، عمل مدرساً وصحفياً.
عضو جمعية القصة والرواية.
Wednesday, June 8, 2011
مقبولة الشلق - قصص من بلدي
شاركت "مقبولة" في كل النشاطات السياسية في "دمشق"، ألقت كلمة حماسية ضد الاستعمار نُشرت في جريدة "فتى العرب"، وعملت مدرسة لمادتي التربية الوطنية والتاريخ في مدرسة تجهيز البنات "بدمشق" لمدة 5 سنوات وشاركت في مؤتمر "عصبة مكافحة الفاشية" باسم طالبات تجهيز "دمشق".. عملت في البداية من خلال جمعية "اليقظة الشامية" ثم اتسع نشاطها.
الحس الوطني عند "مقبولة" كان أقوى من التقاليد الاجتماعية التي تخص النساء في عصرها فبرزت كناشطة سياسية واجتماعية ضد الممارسات القمعية للمرأة، وكانت من بين النساء اللواتي تداعين لعقد المؤتمر التأسيسي لرابطة الحركة النسائية التقدمية في "دمشق" عام 1949 واللواتي كنَ يتمتعن بروح نضالية عالية وآفاق مستقبلية وعزم وتصميم ساعدهن على إعلان الولادة الرسمية للرابطة.
سافرت مقبولة برفقة زوجها الدكتور "مصباح المالح" الذي أوفد من قبل الجيش العربي السوري إلى "فرنسا" للتخصص في "جراحة الفم والأسنان" فطلبت إحالتها على الاستيداع من خدمتها كمعلمة في مدرسة تجهيز البنات، وأثناء وجودها في "باريس" اختصت في رعاية الأمومة والطفولة في أرقى مناهجها.
أسست مقبولة "الشلق" بعد عودتها من "فرنسا" (جمعية حماية الطفل) في قرى "الغوطتين" وبلدتي "دمر وداريا".
ثم عادت للعمل في وزارة التربية بدأت بنشر إنتاجها الأدبي في الصحف والمجلات السورية والعربية، فكانت تكتب القصة وتنظم الشعر، وتقيم وتشارك في الندوات الأدبية، ثم بدأت تنشر قصصها في الكتب وكان أولها كتاب "قصص من بلدي" ثم تابعت النشر فصدر لها ديوان شعر بعنوان "أغنيات قلب" ثم صدر لها مجموعات قصصية هادفة للأطفال.
انتسبت إلى اتحاد الكتاب العرب، وكانت عضواً في جمعية القصة والرواية.
توفيت الأديبة "مقبولة الشلق" عام 1986 تاركة وراءها ذكرى عطرة عن مثال المرأة السورية الأدبية والمناضلة.
مؤلفاتها:
1- قصص من بلدي- قصص- دمشق 1978.
2- عرس العصافير- قصص للأطفال- "دمشق" 1979، اتحاد الكتاب العرب.
3- مغامرات دجاجة- قصة للأطفال- "دمشق" 1981.
4- أغنيات قلب- شعر- "دمشق" 1982.
ليندا المرقبي
Tuesday, June 7, 2011
فارس زرزور - المذنبون
فارس زرزور: روائي سوري كبير من مواليد دمشق 1930 يعد الأديب فارس زرزور من أبرز كتّاب الأدب الواقعي، ومن أهم كتّاب الرواية التاريخية في الأدب السوري المعاصر.
ولد ونشأ في حي شعبي في دمشق عام 1929م والبعض يرجح أنه ولد عام 1930.
نال الشهادة المتوسطة في عام 1947 وعين معلماً في محافظة الجزيرة. ثم نال الشهادة الثانوية في عام 1949، فانتسب إثرها إلى الكلية العسكرية، متأثراً برواية «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» للكاتب الألماني إريش ماريا ريمارك[ر]، وتخرج فيها ضابطاً.
لم ينل زرزور ما يستحقه من الاهتمام، وعانى كثيراً من المشكلات العائلية في السنوات الأخيرة من حياته بسبب ابنه المعوق ومرض زوجته، لهذا آثر العزلة وأهمل مظهره الخارجي وغدا لا مبالياً، فأعرض عنه كثير من زملائه ومعارفه، ونسيته الصحافة أو تناسته لما صار إليه.
توفي في دمشق وكانت وفاته مفاجئة، وتم تشييعه إلى مثواه الأخير في الرابع والعشرين من كانون الثاني (يناير) من العام 2003، وسط إهمال الزملاء والأصدقاء، فضلاً عن إهمل اتحاد الكتاب العرب له، حيث لم يسر خلف جنازته من أدباء سوريا سوى اثنين فقط! هما عبد الرحمن الحلبي وخيري الذهبي، ويعتقد أن إهمال النقاد السوريين نتاج فارس زرزور الأدبي عائد إلى عبثية ومزاجية الكاتب، وعدم انضوائه تحت جنح شلة أو حزب رغم ميوله الاشتراكية والقومية الواضحة في أدبه، وابتعاده عن كل عصبية وتعصب.
or
Monday, June 6, 2011
Sunday, June 5, 2011
البشير بن سلامة - علي
رباعية "العابرون" واحدة من أهم روايات الأدب التونسي المعاصر. تدور أحداثها في القرن الذي يسبق استقلال تونس. وتتناول في ذلك تاريخ عائلتين تونسيتين اختار الكاتب من بين أفرادهما أربع شخصيات، وضع على كل رواية من الرباعية اسم إحداها. وجاء ترتيب صدورها كالتالي: «عائشة» (1982)، «عادل» (1991)، «علي» (1996)، «الناصر» (1998). «العابرون» بأبطالها وشخوصها العديدة هي نوع من التاريخ الروائي للمجتمع التونسي في تلك الفترة المهمة من تاريخ البلاد. تبدأ رواية «علي» بحفيده «عبد اللطيف» وهو يتلقى نبأ وفاة جده الذي كان على موعد مع الأحداث الكبرى حتى يوم وفاته في أحداث 1978؛ يوم قامت أكبر تحركات الطبقة العاملة التونسية وغطت أصوات المفرقعات على ما عداها. يعثر عبد اللطيف على مذكرات جده فيعيد صياغتها على الصورة التي بين يديك. كان «علي» طفلًا عندما مات أبوه وهو يقول لأمه: «ولكن «علي» وحده سيكون المنتصر». صدقت نبوءة الأب وأصبحت حياة «علي» شهادة على قرن مشحون بالأحداث والصراعات التي خرج منها «علي» بحكمة شيخ اعتاد تصاريف الزمن، وعذوبة حكّاء يحمل التاريخ في ذاكرته.
Saturday, June 4, 2011
تنويه بكتاب-----> غالية قباني - أسرار و أكاذيب
رندة جباعي- لم يعد بوسع بطلة الرواية «انتصار» الهروب مرة جديدة، فالأسرار التي تدفنها في ذاكرتها والأكاذيب التي تحيطها من كل حدب وصوب تناديها بإلحاح كي تخرجها وإلا لن تهنأ بعيشها مع زوجها بسام، ولن تستطيع أن تنجب له طفلاً. أما الوسيلة المتاحة أمامها لإنجاز المهمة، فهي كاميرا فيديو موضوعة على طاولة المطبخ، وما عليها سوى بدء التسجيل والحديث عمّا تخفيه عن زوجها. هذه هي فكرة رواية غالية قباني «أسرار وأكاذيب» الجديدة. رواية تأخذنا إلى قلب مدينتين عاصرتهما الكاتبة وعاشت فيهما، دمشق ولندن. فهي وليدة مدينة حلب في سورية، ومقيمة في لندن منذ العام 1994، حيث تعمل في الصحافة العربية. من هنا ليس غريباً أن نجد في الرواية تفاصيل دقيقة عن هاتين المدينتين وعادات سكانها، وطريقة عيشهم وتصرفاتهم.
لكن اللافت في الرواية جرأة الكاتبة في ملامسة قضايا سياسية واجتماعية وثقافية فكرية، فتنقل لنا قباني بكل طلاقة الهواجس اليومية التي عاشها الشارع السوري في سبعينيات وثمانينيات القرن الحالي، وهواجس الشارع البريطاني في السنوات الأخيرة الماضية. فلا تنفك، بأسلوب واقعي ودرامي الطبع، عن التطرق إلى موضوع المهاجرين في بريطانيا، أو التعصب العرقي أو غيرهما، كذلك القمع السياسي في سوريا، أو سيطرة النظام الحاكم وديكتاتوريته. وتصف لنا تأجج ثلاثية السلطة والمال والشهرة، ومدى سطوتها على النفوس في تلك الفترة. - عن السفير .
فيديو
أربعة فصول، قسمتها غالية قباني بحسب عدد شرائط الفيديو التي سجلتها بطلة الرواية المتعددة الأسماء، «انتصار سعيد الشماع»، أو «مسز انتصار ميداني» أو «انتصار زياد الرفاعي». ونقلت فيها حكايات عائلتها المختبئة دائماً فيها، وصفّت من خلال هذه الأشرطة حسابها مع الماضي، لتعيش الحاضر مع زوجها بسام، المخرج الوثائقي، بكل حب وطمأنينة. انتصار، اليسارية المتمردة، التي هجرت موطنها، تاركة وراءها شقيقتها المسالمة، ووالدتها السياسية المناضلة والعضو في مجلس الشعب، التي أخفت عن ابنتها سرّ من يكون والدها الحقيقي.
عبر التداعيات والاسترجاعات والاستباقات الزمنية القريبة والبعيدة، نسافر في كل فصل إلى زمنين وبلدين مختلفين، لكننا نظل دائماً بين هواجس انتصار وقلقها الدائم. فالرواية مونولوجية بامتياز، وشخصية انتصار، هي الشخصية المركزية فيها، إلى جانب الشخصيات الأخرى التي تجسد العالم الواسع الذي تعيش فيه انتصار، شخصيات ثانوية تقدمها في الغالب الكاتبة من خلال وجهة نظر انتصار.. وهي شخصيات لا تتمتع بكيان مستقل عنها، كما أنها لا تتحرك في الرواية إلا من خلالها، ولا نعرف عنها إلا ما تعرفه وتقدمه لنا فقط. فنرى ونحس بعينها وحواسها وحتى بتحليلها للأمور. من هنا نشعر بأن الكاتبة تعرف شخصية انتصار تمام المعرفة وتتطابق معها، وبالتالي لا نشعر بأي رؤية من الخارج للكاتبة، فانتصار هي من يقوم بتنظيم الحوار، وبقيادة القارئ إلى الأماكن التي تريده أن يذهب إليها، وهي عين الكاميرا التي تسجل كل ذكرياتها من دون أن تسجل صورة انتصار نفسها. من هنا نجد أن الكاتبة تتنقل بالقارئ ما بين الخارج والداخل، من خلال السرد والمونولوج الداخلي، فتأتي الأحداث من خلال رؤية البطلة، وينتفي الوعي بالزمان في حالاته الثلاث، الماضي والحاضر والمستقبل. وتتأرجح الرواية بين هذه الأزمنة من دون التقيد بزمن الرواية أو الأحداث الواقعة بالفعل، ولعله أحد أسباب جمال السرد في هذه الرواية، إضافة إلى التشويق الذي يحققه عدم سرد الأحداث دفعة واحدة من البداية إلى النهاية، بل تعمد الكاتبة إلى تقطيع الأحداث لأجزاء تظهر من خلال المونولوج والتداعي. على أن هذا التقطيع يحافظ على انشداد القارئ المستمر إلى الأحداث.
الحذف والإيجاز
"أسرار وأكاذيب"(الصادرة عن دار «رياض الريس») تمتاز بسرعة استعراض الأحداث، خصوصاً أن الوقفات الوصفية والمشاهد الدرامية الطويلة قليلة جداً، فاعتمدت قباني التلخيص والحذف والإيجاز. كما اعتمدت لغة واضحة ومباشرة استمدت معجمها من الذات والواقع والتاريخ والذاكرة. ففي الشريط الأول، أو الفصل الأول، نتعرف إلى انتصار، وإلى بعض الشخصيات الرئيسة في الرواية، وفي الشريط الثاني نبدأ بالتعرف إلى معاناة انتصار، وتبقى الأمور عالقة حتى الشريط الأخير لتكتمل عندنا الصورة وتبوح بالتالي انتصار بكل الأسرار التي تخفيها عن زوجها، وتتصالح بعدها مع والدتها، التي غابت عنها خمس سنوات متتالية. فتبدو الصورة مشوشة لنا بعض الشيء في بدء الرواية لتعود وتتضح أكثر فأكثر مع كل صفحة، كأن الأحداث في الرواية جاءت مرتبة بمنطق خاص، منطق مخالف لطبيعة القص الكلاسيكية، وأقرب منها إلى تيار الوعي حيث دائماً هناك لفتة إلى الجانب المظلم من نفس انتصار وحياتها الباطنية، كأن غالية قباني أخذتنا إلى عالمها الداخلي، من خلال ولوجها داخل الشخصية، وبالتالي أصبح بإمكان القارئ أن يلتقي ودواخل الشخصية من دون وساطة. هذا ويمكن أن نقول إن الرواية تميزت بأسلوب واقعي نقدي، إذ تكشف عن الحالة النفسية للمجتمعين البريطاني والسوري، من خلال التعمق في شخصية انتصار، وما تنقله لنا، تلك الشخصية القلقة والحزينة.
رواية غالية قباني تمنح القارئ متعة الكشف والاستنباط، إضافة إلى الولوج في النفس البشرية والتوغل إلى الداخل، فيفكر مع كل اعتراف جديد لانتصار بمنح نفسه فرصة أيضاً لقول ما تختلجه بصوت عالٍ، والتأمل في أسراره ومنحها بعداً جديداً.
مجلة الرواية
Friday, June 3, 2011
نوال السعداوي - زينة
صدرت رواية "زينـة" عن دار الساقي ، والتي أصدرتها الكاتبة باللغة الفرنسية في العاصمة البلجيكية بروكسل
ويتزامن إصدار نوال السعداوي الجديد مع عودتها الأسبوع الماضي إلى مصر بعد هجرة دامت ثلاثة أعوام، عملت فيها أستاذة زائرة بجامعة سبيلمان كولدج، بولاية أتلانتا لمادة "الإبداع والتمرد".
رواية "زينة" ترصد وقائع بسيطة ومعقدة، وصور سلبية موزعة في كل المجتمع على اختلاف طبقاته وفئاته، حيث يتم رصد الوجه القبيح والكالح من حياة الناس في القاهرة. حتى تبدو القاهرة تحديداً، و"المجتمع العربي بالرمزية" مليئة بالتناقضات، وخليط وأمشاج من الناس من كل الفئات والأذواق والعقليات لا تجمع بينهم رابطة. في فضاء متنافر تنعقد فيه كل المعضلات الاجتماعية، وتسوده المظاهر الثقافية والسياسية المتباينة، وكل القضايا العظيمة والتافهة.
تسارع شخوص الرواية بين الفينة والأخرى إلى إبداء رأيها في الكون والدين والموسيقى والغناء والأحزاب والزواج المختلط والبنوك الربوية، والتزمت الأخلاقي والنفاق السياسي والديني، والإيمان والكفر، والصحافة والنقد الأدبي، والجماعات التكفيرية، والحب المازوشي والسادي، وشح المياه وانقطاع الكهرباء وزعيق الأصوات وروائح المجاري.
وتعلق هذه الموضوعات والأحداث السلبية العديدة على زينة المولودة سفاحاً، لكنها تمثل ذروة الجمال في القصة، التي تدور حولها الألسنة والقلوب والنظرات، مسربلة بأوصاف تخرجها عن المألوف للطبيعة البشرية السوية، فتكون أقرب إلى الشخصية الأسطورية، بكبريائها وشموخها وصلابتها وتساميها. "موهبتها خارقة لقوانين الطبيعة. كأنّما ولدت في السماء، ولم تولد على الرصيف فوق تراب الأرض. "العينان سوداوان زرقاوان مشتعلتان بالضوء، متوهجتان مثل قطعة من الشمس، نظرتها خارقة للحُجب والأقنعة، نظرة تعرّي السطح وتنفذ إلى القاع، نظرة تنظر وترى، ترى ما لا تراه العيون" (زينة، ص: 212).
وتتميز شخصيات رواية "زينة" بالشذوذ رغم انتمائها إلى طبقات وشرائح اجتماعية ووظيفية مختلفة، شخصيات معقدة وشاذة بلا مبادئ ولا قيم، منهم: "الحكام والسياسيون والموظفون والصحافيون ورجال الدين..." يعانون انحرافات من كل صنف. فالطبيب يستغل مرضاه، والسياسي يزدري مبادئه السياسية، والمتدين ينافق، والأزواج يمارسون الخيانة، والصحافيون يبيعون أقلامهم... والطبيب النفسي الذي يحتفظ بأسرار المجتمع، ويعرف عيوبه ومثالبه، يحمل مفارقته الذاتية، فيداوي الناس وهو عليل: "أدرك الطبيب النفسي أنه مريض، يحتاج إلى طبيب يعالجه، الانفصام بين عقله ووجدانه، عقله غير مؤمن، لكن وجدانه مؤمن، لا أمل له في الشفاء، محكوم عليه بالازدواجية منذ الطفولة" (زينة، ص: 121).
فإذا كانت رواية "زينة" تحمل معها جرعة مركزة من الحقد على الرجل، تمثلها شخصية "بدور" التي سعت بعد أن أخفقت في الثأر من زوجها زكريا الذي تمقته، إلى اقتراف جريمة قتله بالخيال أكثر من مرة. تتصور سكينها يخترق صدره. فإن "بدرية" تمثل دور المرأة المتحررة، تكشف عن ازدواجية لا تعانيها هي وحدها فحسب، إنما يعانيها معظم أبطال الرواية. «الازدواجية سمة الحياة» هكذا يقول الطبيب النفسي لبدور في الرواية.
أما "زينة" البطلة الرئيسية للرواية، فبالرغم من أنها فتاة لقيطة ونتاج علاقة غير شرعية، فإنها شكلت المرأة الأمثولة والنموذجية النقيض للنساء الخانعات، فهي بحسب سياق الحكي نتاج ثمرة الحرية والحب والطبيعة والعفوية وثمرة الحياة النامية على هامش المجتمع، وخارج مواصفاته ومعاييره الاجتماعية والأخلاقية. إذ تبدو هذه المعايير في عرف أبطال الرواية مفسدة لروح الفطرة الإنسانية والطبيعة البريئة والطاهرة.
ولذلك فزينة تطالب بتغيير نوامس المجتمع الجاحدة للمرأة، حين تصر على اقتران اسمها باسم "زينات" أمها التي تبنتها، بعد أن تخلت عنها "بدور"، خشية العار والفضيحة. وهذا الاقتران لم يسبب لزينة أي إحراج، بل كان تحديها للأعراف والعادات التي تنسب الطفل لأبيه، مصدر افتخار لها.
في أولى القراءات النقدية للرواية اعتبرت أن الحدث في رواية "زينة" يتضاءل، حين أضمرت نوال السعداوي الحبكة في النص القصصي لصالح أرائها الشخصية تجاه معظم القضايا الواردة في رواية "زينـة"، مما يجعل القارئ يحس أن وجهات نظر وأصوات الأبطال مصادرة، ومتحكم فيها للإدلاء بأفكار الكاتبة في السياسة والثقافة والدين. تسخر لسان "بدور" و"بدرية" و"زكريا" و"صافي" و"مجيدة" و"أحمد" وسواهم من أبطال الرواية للتعبير عن أطروحاتها، ويجسد مبادئها وقناعاتها؛ فتنتقد وتحتج السعداوي من خلال أبطال الرواية، ذلك أن الأخيرة هي المتنفس لمسار الأفكار المحظورة، والمشاعر المكبوتة والمحبطة، ومكان البوح بالرغبات العميقة والغرائز الثأرية والانتقامية.
وأضافت أن السعداوي لا تستطيع أن تتصور نفسها إلا مصلحة أو مناضلة نسوية أو طبيبة أو مرشدة اجتماعية، ولذلك كانت بؤرة الأحداث والحكي مرتبطة بأفكارها وأطروحاتها المنشورة منذ مؤلفاتها الأولى، كالمنافحة عن النزعة الأنثوية في وجه الذكورية، منافحة تتحول في كثير من الأحيان، إلى عدائية سافرة تجاه الرجل.
وتنتقد السعدواي عبر شخوص روايتها ما يدور في مصر ومدارسها وجامعاتها وشوارعها وأزقتها وبيوتها وإداراتها الحكومية، بدءا من الملكية إلى عصر الانفتاح، ومن بروز الفكر الاشتراكي والماركسي، إلى هيمنة الفكر الأصولي. فهذه الظواهر الشاذة لا تستشف أنها صادرة من بؤرة السرد وسياقاته وتطور شخصياتها، بل هي طافية على سطح الرواية.
عبـد الفتـاح الفاتحـي
نبيل الخوري - ثلاثية فلسطين
الكاتب الراحل نبيل خوري، فلسطيني لبناني من القدس ، ومن طليعة المهاجرين إلى الغرب، وفي باريس أنشأ مجلة "المستقبل" وضم إليها أبرز الكتاب العرب.
هذه الثلاثية تتألف من ثلاث روايات قصيرة "حارة النصارى" و"الرحيل" و"القناع" ألفها خلال أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين، وركزت بالخصوص على القضية الفلسطينية وجرائم الغرب.
تطمح رواية نبيل خوري الأولى "حارة النّصارى" إلى ما يشبه التوثيق لتاريخ فلسطين الحديث ما بين الإضراب الستّيني قبل الثورة الكبرى سنة 1936 وما بعد هزيمة يونيو بقليل، من غير أن يعني ذلك صلتها بالرّواية التاريخية، لأنّها تلتقط من التاريخ مفاصله الكبرى التي كانت تضبط إيقاع الصراع الفلسطيني/ الصهيوني، والتي تجهر برغبة الكاتب المسبقة في التعبير عن الأفعال التي تميّز بطله "يوسف راشد"، أحد أبناء حارة النصارى المعروفة في الجزء القديم من مدينة القدس، الذي رافق الصراع منذ يفاعته، وخاض غماره إلى أن قضى شهيداً في عدوان حزيران 1967. وتُعنى الرواية بالدور الذي نهضت به الصّحافة الفلسطينية، مع مطلع الثلاثينيات، في إلهاب مشاعر العرب الفلسطينيين وإثارة نقمتهم ضدّ سلطات الانتداب البريطاني لسماحها بتدفّق الهجرات الصهيونية، ثمّ بالمظاهرات التي عمّت مدن فلسطين وقراها، آنذاك وعرائض الاستنكار التي رفعتها القيادات الوطنية الفلسطينية إلى الهيئات الدّولية احتجاجاً على قيام المستوطنين بتسليح أنفسهم على مسمع ومرأى البريطانيين. وتتوقّف بشيءٍ من التوسّع، عند القرار الذي اتخذته قيادة الثّورة الكبرى ضدّ العرب الذين كانوا يبيعون أراضيهم لأولئك المستوطنين، أو الذين كانوا يقومون بدور الوسيط بين الطرفين، وتُثْبتُ نصّ النداء الذي وجهّه
الزعماء العرب، صبيحة الثالث عشر من تشرين الثاني سنة 1936، إلى الثّوار الفلسطينيين لوقف الكفاح المسلّح بدعوى حقن الدّماء وإتاحة الفرصة للتشاور مع الحكومة البريطانية ذات النيّات الحسنة، كما ورد في نصّ النداء، ولا تنسى في غمرة ذلك كلّه إدانة الحكومات العربية، وهجاءها لأنّها ظلّت، كما ترى، بعيدة عن معارك الفلسطيني مع عدوّيه: البريطانيون والصهاينة.
وتعالج الرواية الثانية "الرحيل" الأحداث نفسها التي عنيت بها سابقتها، بينما انشغلت الثالث بتصوير حياة الفلسطيني في الغربة، من خلال شخصية بطلها "كمال"، إلا أن نبيل خوري يقدم لنا فيها، شخصية الغربي العادي (البعيد عن النعرات السياسية الاستعمارية الصهيونية) الذي يتعاطف مع القضية الفلسطينية تعاطفاً أقرب إلى التلقائية منه إلى الاقتناع الفكري حيث جورجينا الإنجليزية ابنة اليهودية تتعرف على كمال الفلسطيني في باريس، تعايشه وتحاوره. كذلك تلك الفتاة الإيرلندية التي تؤيد كمال في وجهة نظره باعتبار خطف الطائرات حقاً مشروعاً لمن يطرد من وطنه دون أن يستمع له العالم.
وهذه الثلاثية تقدّم تلك الإشارات جميعاً من خلال سرد حكائي يتسم بالتقريرية والمباشرة، ويتحوّل في مواقع كثيرة إلى مقالات خطابية يلقيها الكاتب إلقاء، من دون أن يوفّر لها سوى القليل من خصائص الفنّ الرّوائي، على نحو نمطيّ وثيق الصلة بالقصّ الشعبي، إذ يغدق الروائي على أبطاله من الصفات، بالإضافة إلى صفة المقاومة، صفات خارجية كالطّول، والقوّة، والبهاء، واجتذاب الآخرين، من غير ما عناية بمكوّناتهم النفسية والمعرفية التي تجسّد علاقتهم بالأرض، أو الوطن.
والرّوايات، وعلى الرّغم من العيوب الفنية التي تعانيها، تمجّد حبّ الأرض، وتحاول تعزيزه في القارئ الذي تتوجّه إليه، وإن كانت تقدّم لـه مستوى واحداً فحسب، هو المستوى العفوي أو الفطري.
Thursday, June 2, 2011
معروف الرصافي - الشخصية المحمدية
يقول معروف الرصافي في مقدمة كتابه "الشخصية المحمدية" بأن أعظم رجل عرفه التاريخ، أحدث في البشر انقلاب عام في الدين والسياسة والاجتماع، وقد أوجد هذا الانقلاب بواسطة نهضة عربية المبتدأ عالمية المنتهى، بدلت مجرى الحياة الإنسانية وحولتها إلى ما هو أعلى مما كانت عليه قبلها حتى أن آثارها في قليل من الزمن عمت الشرق والغرب ولم تزل آثارها باقية إلى يومنا هذا وستبقى إلى ما شاء الله.
إن تلك الشخصية العظمى التي يمثلها شخص محمد صلى الله عليه وسلم بن عبد الله في بني آدم قد اجتمع فيها من عناصر الكمال البشري ما لم يعرف التاريخ اجتماعه في أحد قبله: عزم لا يرده راد، وتفكير عميق الفوز بعيد المرمى، وخيال واسع قوي يكاد يقاوم الحقيقة بقوته، وطموح إلى العلى لا يعلو عليه طموح.
هذه من العناصر الأصلية التي تتكون منها شخصية محمد صلى الله عليه وسلم، أضف إلى ذلك ما أوتيه من غزارة عقل وثقوب ذكاء؛ إلا أنه في هذه الناحية لا يفوق إلا المحيط الذي نشأ فيه والعنصر الذي هو منه، أي أن عقليته لا تتجاوز في تفوقها إلا العقلية العربية في زمانه وبيئته. ولئن جاز أن يعلو عليه عال في العقل والذكاء فلا يجوز ولن يجوز أن يفوقه أحد فيما أوتي من صبر وحزم، وهو مع ذلك بشر يتعاوره من أحوال البشر ما يتعاور كل إنسان. وإذا تمّ دحض ما جاء به الرواة من الأخبار الملفقة بما يكذبها من المعقول ومن آيات القرآن لم نرَ في حياته ما يخرق العادة ويخالف سنة الله، التي لا تقبل التبديل ولا التحويل، ويعني هنا بسنة الله نواميس الطبيعة، بل نرى حياته كلها لم تكن إلا طبق ما تقتضيه سنة الله في خلقه. وبما أنه بشر لا يخلو من معايب، لأن جلّ ما لا عيب فيه وعلا، فالعبارة تنصّ على أن الكمال المطلق هو لله وحده. على أن المعايب البشرية كلها لم تكن معايب، لذاتها بل لأمور اقتضتها المصلحة العامة في المجتمع، وإذا كان المرء عاملاً للمصلحة العامة فمعايبه التي تبدو في عمله لا تكون معايب، إذ يجوز أن تقتضي مصلحة العموم أن يعمل عملاً يكون عند الفرد معيباً والفرد لا حكم له في جنب العموم. ثم هي تختلف باختلاف مراتب الناس وقد قيل حسنات
الأبرار سيئات المقربين. وينهي معروف الرصافي كلامه بالقول بأنه لا ريب أن الأمور التي يسردها في كتابه والتي يؤاخذ فيها شخصية محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن معايب إلا بالنسبة إلى تلك الشخصية من المقام الأسمى والمرتبة العليا. ذلك مجمل الكلام الذي ألَمّ المؤلف من خلاله في مقدمته بالشخصية المحمدية الرائعة والعجيبة. ذاك الكل المجمل سيستمتع فكر القارئ وعقله ومشاعره وقلبه بتفاصيله التي يسوقها المؤلف مدعماً بالدليل، وموثقة من المصادر والمراجع.
إن تلك الشخصية العظمى التي يمثلها شخص محمد صلى الله عليه وسلم بن عبد الله في بني آدم قد اجتمع فيها من عناصر الكمال البشري ما لم يعرف التاريخ اجتماعه في أحد قبله: عزم لا يرده راد، وتفكير عميق الفوز بعيد المرمى، وخيال واسع قوي يكاد يقاوم الحقيقة بقوته، وطموح إلى العلى لا يعلو عليه طموح.
هذه من العناصر الأصلية التي تتكون منها شخصية محمد صلى الله عليه وسلم، أضف إلى ذلك ما أوتيه من غزارة عقل وثقوب ذكاء؛ إلا أنه في هذه الناحية لا يفوق إلا المحيط الذي نشأ فيه والعنصر الذي هو منه، أي أن عقليته لا تتجاوز في تفوقها إلا العقلية العربية في زمانه وبيئته. ولئن جاز أن يعلو عليه عال في العقل والذكاء فلا يجوز ولن يجوز أن يفوقه أحد فيما أوتي من صبر وحزم، وهو مع ذلك بشر يتعاوره من أحوال البشر ما يتعاور كل إنسان. وإذا تمّ دحض ما جاء به الرواة من الأخبار الملفقة بما يكذبها من المعقول ومن آيات القرآن لم نرَ في حياته ما يخرق العادة ويخالف سنة الله، التي لا تقبل التبديل ولا التحويل، ويعني هنا بسنة الله نواميس الطبيعة، بل نرى حياته كلها لم تكن إلا طبق ما تقتضيه سنة الله في خلقه. وبما أنه بشر لا يخلو من معايب، لأن جلّ ما لا عيب فيه وعلا، فالعبارة تنصّ على أن الكمال المطلق هو لله وحده. على أن المعايب البشرية كلها لم تكن معايب، لذاتها بل لأمور اقتضتها المصلحة العامة في المجتمع، وإذا كان المرء عاملاً للمصلحة العامة فمعايبه التي تبدو في عمله لا تكون معايب، إذ يجوز أن تقتضي مصلحة العموم أن يعمل عملاً يكون عند الفرد معيباً والفرد لا حكم له في جنب العموم. ثم هي تختلف باختلاف مراتب الناس وقد قيل حسنات
الأبرار سيئات المقربين. وينهي معروف الرصافي كلامه بالقول بأنه لا ريب أن الأمور التي يسردها في كتابه والتي يؤاخذ فيها شخصية محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن معايب إلا بالنسبة إلى تلك الشخصية من المقام الأسمى والمرتبة العليا. ذلك مجمل الكلام الذي ألَمّ المؤلف من خلاله في مقدمته بالشخصية المحمدية الرائعة والعجيبة. ذاك الكل المجمل سيستمتع فكر القارئ وعقله ومشاعره وقلبه بتفاصيله التي يسوقها المؤلف مدعماً بالدليل، وموثقة من المصادر والمراجع.
Tuesday, May 31, 2011
كلاّ، سمير قصير لم يكن يحلم...
كلاّ، سمير قصير لم يكن يحلم...
خيرالله خيرالله
في كلّ يوم يمرّ يتبين كم ان الزميل والاخ الحبيب سمير قصير الذي استشهد قبل ست سنوات كان على حقّ. كان سمير، بحسه السياسي المرهف وروحه الوطنية وعروبته الحضارية وثقافته الواسعة وعشقه لبيروت ودمشق وفلسطين، يدرك اهمية ربيع دمشق. كان يدرك قبل اي شيء آخر ان خلاص لبنان وخلاص سوريا، وحتى خلاص فلسطين يمرّ بربيع دمشق الذي تأخّر اكثر مما يجب. قتلوا سمير قصير لانّه كان يؤمن بذلك. قتلوه لانّه كان يؤمن بمستقبل افضل للشعبين السوري واللبناني ولشعوب المنطقة. كشف سمير قصير كم النظام السوري ضعيف الى درجة يخاف من مقال في صحيفة او من فيلم قصير عنوانه "طوفان البعث" لرفيقه الدمشقي عمر اميرالاي الذي توفى قبل بضعة اسابيع، عشية انطلاق الانتفاضة الشعبية في سوريا.
انها انتفاضة مستمرة تثبت ان سوريا بشعبها الحيّ لا تزال قادرة على مقاومة الظلم والتجهيل والخوف وكل المحاولات الهادفة الى تغيير هويتها واخذها الى مكان آخر لا علاقة له سوى بالاستعباد والتخلف.
قبل ست سنوات، في الثاني من حزيران- يونيو 2005، اغتيل سمير قصير عن طريق عبوة ناسفة زرعت في اسفل سيارته التي اوقفها قبالة البناية التي يسكن فيها في بيروت. عشية اغتياله، كان سمير الذي اعطى بفضل مقاله الاسبوعي قيمة لصحيفة "النهار" وصفحتها الاولى، يحتفل باستعادة لبنان حريته. كان على على علم تام بان ما شهده لبنان بعد اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط- فبراير 2005 لم يكن حدثا عابرا. كان متيقنا من ان استشهاد رفيق الحريري كان زلزالا سيغيّر كل المعطيات في المنطقة. يكفي ان الجيش السوري اضطر الى الانسحاب من الاراضي اللبنانية نتيجة اغتيال الحريري. من كان يصدّق ان القوات السورية ستنسحب يوما من لبنان؟ من كان يصدّق ان سمير قصير سيخرج من مطار بيروت وسيدخل عبره الى لبنان من دون مضايقات يلجأ اليها بعض الصغار الصغار من الذين كانوا يسعون الى استرضاء الاجهزة السورية لا اكثر!
كان سمير قصير على حقّ في كل كلمة قالها وكتبها. كان يحلم بمستقبل زاهر لسوريا حرة وديموقراطية. كان يحلم بالحرية للبنان. كان يؤمن بالفلسطينيين كشعب وان فلسطين لا يمكن الا ان تنتصر يوما على الاحتلال. كان يعرف ان ياسر عرفات الذي دفن في رام الله على ابواب القدس لا يزال يطرق، من حيث هو، ابواب المدينة في كل لحظة وان هذه الابواب لا يمكن الا ان تفتح لتكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة يوما.
كلاّ، لم يكن سمير قصير يحلم. ليس يعيدا اليوم الذي ستستعيد فيه سوريا موقعها على خريطة الشرق الاوسط. ليس بعيدا اليوم الذي لن تعود فيه اسيرة عقدة لبنان واوهام الدور الاقليمي القائم على سياسة الابتزاز ولا شيء غير الابتزاز. ليس بعيدا اليوم الذي سيتذكر فيه النظام السوري انه كان مفترضا به الاستماع لسمير قصير وامثاله من الذين كانوا يسعون الى خدمة سوريا تفاديا لوقوعها في الحفرة العميقة التي وقعت فيها. كان على قادة النظام الاستماع لسمير قصير وجبران تويني بدل السعي الى التخلص منهما، وذلك كي تحيا سوريا حقّا بدل السقوط في دوامة العنف التي لن يخرجها منها سوى اعلان النظام افلاسه. هل يفعل ذلك قبل فوات الاوان... ام يستمر في المكابرة سائرا على خطى النظام الليبي؟
كلاّ، لم يكن سمير قصير يحلم. لبنان لا يزال يقاوم. ثقافة الحياة في لبنان لا يمكن الا ان تنتصر على ثقافة الموت. لبنان لم يستسلم. يتبين كلّ يوم ان اعداء لبنان مهزومون، مهما لجأوا الى الادوات وادوات الادوات مثل ميشال عون وما شابه ذلك. يتبين يوما بعد يوم ان الشعارات الكبيرة التي يرفعها اعداء لبنان خدمة لتكريسه "ساحة" للنظام السوري وغيره لم تعد تنطلي على احد.
كان سمير قصير لبنانيا وسوريا وفلسطينيا في آن. لم ينافق. لم يكذب على احد. لم يكن يعرف لا النفاق ولا الكذب ولا التملق والاستجداء على غرار اولئك الذين يعتمدهم النظام السوري "حلفاء" او مستشارين له. قال كلمته ومشى. لم يؤذ نملة في حياته. لكنه كشف الكثير عن هشاشة الانظمة العربية وغير العربية التي نصبت العداء لكل ما هو حضاري في الشرق الاوسط بالتواطؤ المباشر وغير المباشر مع اسرائيل.
كشف سمير قصير اوّل ما كشف كم ان هذه الانظمة عاجزة عن الرد على كل كلمة قالها او كتبها. كشف ان الغاء الآخر ليس حلا. تستطيع هذه الانظمة ان تقتل كل من تعتبرهم اعداءها. ولكن في النهاية، هناك ساعة الحساب. ليس بعيدا اليوم سيحاسب فيه القتلة. قتلة رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما. قتلة سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني ووليد عيدو وبيار امين الجميل وانطوان غانم وفرنسوا الحاج ووسام عيد. سيحاسب ايضا اولئك الذين حاولوا قتل مروان حماده ومي شدياق والياس المرّ.
كان سمير قصير على حقّ. رحل عنّا، لكننا لم نرحل منه. ان تكريمه في هذه الايام ليس تكريما لعاشق بيروت فحسب، بل هو ايضا تكريم لكل شهيد سقط في هذا الربيع العربي الذي لا يمكن الا ان يعرّي تلك الانظمة العربية وغير العربية التي اعتقدت ان القتل يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية... وان القمع والترهيب يمكن ان يكونا بديلا من الحرية والكرامة!
(إيلاف)
خيرالله خيرالله
في كلّ يوم يمرّ يتبين كم ان الزميل والاخ الحبيب سمير قصير الذي استشهد قبل ست سنوات كان على حقّ. كان سمير، بحسه السياسي المرهف وروحه الوطنية وعروبته الحضارية وثقافته الواسعة وعشقه لبيروت ودمشق وفلسطين، يدرك اهمية ربيع دمشق. كان يدرك قبل اي شيء آخر ان خلاص لبنان وخلاص سوريا، وحتى خلاص فلسطين يمرّ بربيع دمشق الذي تأخّر اكثر مما يجب. قتلوا سمير قصير لانّه كان يؤمن بذلك. قتلوه لانّه كان يؤمن بمستقبل افضل للشعبين السوري واللبناني ولشعوب المنطقة. كشف سمير قصير كم النظام السوري ضعيف الى درجة يخاف من مقال في صحيفة او من فيلم قصير عنوانه "طوفان البعث" لرفيقه الدمشقي عمر اميرالاي الذي توفى قبل بضعة اسابيع، عشية انطلاق الانتفاضة الشعبية في سوريا.
انها انتفاضة مستمرة تثبت ان سوريا بشعبها الحيّ لا تزال قادرة على مقاومة الظلم والتجهيل والخوف وكل المحاولات الهادفة الى تغيير هويتها واخذها الى مكان آخر لا علاقة له سوى بالاستعباد والتخلف.
قبل ست سنوات، في الثاني من حزيران- يونيو 2005، اغتيل سمير قصير عن طريق عبوة ناسفة زرعت في اسفل سيارته التي اوقفها قبالة البناية التي يسكن فيها في بيروت. عشية اغتياله، كان سمير الذي اعطى بفضل مقاله الاسبوعي قيمة لصحيفة "النهار" وصفحتها الاولى، يحتفل باستعادة لبنان حريته. كان على على علم تام بان ما شهده لبنان بعد اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط- فبراير 2005 لم يكن حدثا عابرا. كان متيقنا من ان استشهاد رفيق الحريري كان زلزالا سيغيّر كل المعطيات في المنطقة. يكفي ان الجيش السوري اضطر الى الانسحاب من الاراضي اللبنانية نتيجة اغتيال الحريري. من كان يصدّق ان القوات السورية ستنسحب يوما من لبنان؟ من كان يصدّق ان سمير قصير سيخرج من مطار بيروت وسيدخل عبره الى لبنان من دون مضايقات يلجأ اليها بعض الصغار الصغار من الذين كانوا يسعون الى استرضاء الاجهزة السورية لا اكثر!
كان سمير قصير على حقّ في كل كلمة قالها وكتبها. كان يحلم بمستقبل زاهر لسوريا حرة وديموقراطية. كان يحلم بالحرية للبنان. كان يؤمن بالفلسطينيين كشعب وان فلسطين لا يمكن الا ان تنتصر يوما على الاحتلال. كان يعرف ان ياسر عرفات الذي دفن في رام الله على ابواب القدس لا يزال يطرق، من حيث هو، ابواب المدينة في كل لحظة وان هذه الابواب لا يمكن الا ان تفتح لتكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة يوما.
كلاّ، لم يكن سمير قصير يحلم. ليس يعيدا اليوم الذي ستستعيد فيه سوريا موقعها على خريطة الشرق الاوسط. ليس بعيدا اليوم الذي لن تعود فيه اسيرة عقدة لبنان واوهام الدور الاقليمي القائم على سياسة الابتزاز ولا شيء غير الابتزاز. ليس بعيدا اليوم الذي سيتذكر فيه النظام السوري انه كان مفترضا به الاستماع لسمير قصير وامثاله من الذين كانوا يسعون الى خدمة سوريا تفاديا لوقوعها في الحفرة العميقة التي وقعت فيها. كان على قادة النظام الاستماع لسمير قصير وجبران تويني بدل السعي الى التخلص منهما، وذلك كي تحيا سوريا حقّا بدل السقوط في دوامة العنف التي لن يخرجها منها سوى اعلان النظام افلاسه. هل يفعل ذلك قبل فوات الاوان... ام يستمر في المكابرة سائرا على خطى النظام الليبي؟
كلاّ، لم يكن سمير قصير يحلم. لبنان لا يزال يقاوم. ثقافة الحياة في لبنان لا يمكن الا ان تنتصر على ثقافة الموت. لبنان لم يستسلم. يتبين كلّ يوم ان اعداء لبنان مهزومون، مهما لجأوا الى الادوات وادوات الادوات مثل ميشال عون وما شابه ذلك. يتبين يوما بعد يوم ان الشعارات الكبيرة التي يرفعها اعداء لبنان خدمة لتكريسه "ساحة" للنظام السوري وغيره لم تعد تنطلي على احد.
كان سمير قصير لبنانيا وسوريا وفلسطينيا في آن. لم ينافق. لم يكذب على احد. لم يكن يعرف لا النفاق ولا الكذب ولا التملق والاستجداء على غرار اولئك الذين يعتمدهم النظام السوري "حلفاء" او مستشارين له. قال كلمته ومشى. لم يؤذ نملة في حياته. لكنه كشف الكثير عن هشاشة الانظمة العربية وغير العربية التي نصبت العداء لكل ما هو حضاري في الشرق الاوسط بالتواطؤ المباشر وغير المباشر مع اسرائيل.
كشف سمير قصير اوّل ما كشف كم ان هذه الانظمة عاجزة عن الرد على كل كلمة قالها او كتبها. كشف ان الغاء الآخر ليس حلا. تستطيع هذه الانظمة ان تقتل كل من تعتبرهم اعداءها. ولكن في النهاية، هناك ساعة الحساب. ليس بعيدا اليوم سيحاسب فيه القتلة. قتلة رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما. قتلة سمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني ووليد عيدو وبيار امين الجميل وانطوان غانم وفرنسوا الحاج ووسام عيد. سيحاسب ايضا اولئك الذين حاولوا قتل مروان حماده ومي شدياق والياس المرّ.
كان سمير قصير على حقّ. رحل عنّا، لكننا لم نرحل منه. ان تكريمه في هذه الايام ليس تكريما لعاشق بيروت فحسب، بل هو ايضا تكريم لكل شهيد سقط في هذا الربيع العربي الذي لا يمكن الا ان يعرّي تلك الانظمة العربية وغير العربية التي اعتقدت ان القتل يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية... وان القمع والترهيب يمكن ان يكونا بديلا من الحرية والكرامة!
(إيلاف)
جليل العطية - فندق السعاده..حكايات من عراق صدام حسين
فندق السعادة: حكايات من عراق صدام حسين"، كتاب يشتمل على مختارات مما كتبه في السنوات الأخيرة، وخاصة ما بين (1990-1993) وسبق لمجموعة من هذه المقالات أن نشرت في عدد من صحف المعارضة وغيرها بينما تنشر بعضها أول مرة. وهذه المقالات كان محورها (قصر النهاية) سيئ الصيت أو (فندق السعادة) كما يسميه، فكتب سير عدد من الشهداء والضحايا من الشخصيات العراقية والعربية لمعارضتهم صدام حسين، إضافة إلى مقالات أخرى تعري أسرة (المافيا) الحاكمة، وتعالج ما يتعرض له الشعب العراقي من اضطهاد وقهر بأسلوب واقعي من تصوير "الكاميرا"... كتبها المؤلف بأسلوبه الأدبي الساخر الموثق، المتميز وفيه تتجلى براعة الكاتب وحرص المؤرخ الاجتماعي على تسجيل حقية دقيقة من تاريخ العراق المعاصر. وفندق السعادة كناية رمزية ساخرة لـ قصر النهاية... الذي هو سجن رهيب أشرف على إعداده صدام حسين شخصيا منذ سنة 1968... مختارا الأشخاص الذي يديرونه كما اختار لجان التحقيق والتعذيب وفق مواصفات حددها بنفسه وأغلبهم ممن يعرفهم هو شخصيا. وقد استقبل هذا السجن المرعب طيلة ربع القرن الماضي عددا هائلا من الشخصيات العراقية، مدنيين وعسكريين، تعرضوا الى التعذيب والاضطهاد، وصفي الكثيرون منهم في (أحواض التيزاب) وغيرها، فذهبوا لملاقاة وجوه ربهم يشكون ظلم صدام حسين وعصابته.
Sunday, May 29, 2011
معين بسيسو - دفاتر فلسطينية
عام 1984، رحل الشاعر الكبير معين بسيسو في العاصمة البريطانية (لندن)، ولم تكتشف وفاته إلاّ بعد 14 ساعة لأنه كان يعلّق علي باب غرفته بالفندق الذي نزل فيه عبارة: الرجاء عدم الإزعاج.
رحل معين بسيسو شّاباً في السابعة والخمسين، فهو ولد في (غزّة) بتاريخ 10 تشرين الأوّل (أكتوبر) 1927.
كان يريد أن ينام، أن يرتاح، ولكن قلبه الذي أجهد نبض نبضات سريعة، ربّما احتجاجاً علي إرهاق الشاعر له، فمدّ معين يده إلي الهاتف يريد طلب المساعدة، ولكن الوقت كان قد فات...
عندما فتح باب الغرفة، وجد الشاعر نائماً، ويده ممدودة إلي الهاتف في مشهد جامد.
مفارقة هذه، أن يموت شاعر فلسطيني في (لندن) عاصمة السياسة التي كانت أس المصائب، وأصل النكبة والخراب في فلسطين، وأن لا يحظي بالراحة، ولا يصل نداء استغاثته بطلب العون، ثمّ ينقل جثمانه ليدفن في القاهرة، محروماً من دخول غزّة ، حتى بعد أن مات، وهذا ما يدّل علي مدى حقد عدونا على الشعر والشعراء.
كأنما هذه حكاية الشعب الفلسطيني، مع فارق أن شعبنا حي، وأنه يمضي علي طريقه، وأنه يتقوّي بصوت الشاعر، وبالشعر، حداءً لأمل سيتحقق. معين بسيسو، الفلسطيني، الغزّي، المدفون في ثري مصر الطهور، بين من أحبهم، لم تسمح سلطات الاحتلال الصهيوني لجثمانه بالدخول ليدفن هناك في تراب غزة الذي درجت عليه أقدامه، والشاهد الأول لتفجّر موهبته الشعرية.
و دفاتر فلسطينية، كتاب يمكن ان يدرج تحت جنس السيرة الذاتية للشاعر فعلى الرغم من ان اكثر صفحاته تأتي على تجربة معين في السجون، إلا أنه أيضاً يكتب عن حياته طالباً في مصر، ومعلماً في قطاع غزة وفي العراق، كما يكتب عن طفولته وأمه وأبيه وأهله ورفاقه في الحزب الشيوعي.
كان الكتاب صدر في العام 1978، وأعادت نشره دار صلاح الدين في القدس، ثم اعادت منشورات شمس في المثلث طباعته، وقد ترجم الى لغات عديدة، منها الروسية، كما يذكر معين، والالمانية
وأرى ان "دفاتر فلسطينية" كتاب مهم، لا لأنه يكتب عن تجربة شيوعي فلسطيني وحسب، وإنما لأسلوبه ايضاً، ففيه تنوع في الاسلوب، ربما لم يتحقق كثيراً في نصوصنا النثرية. يسرد معين تارة بضمير الأنا، وطوراً بضمير النحن، وثالثة بالضمير: الانا/ انت، و النحن / الانتم، ويجرد من نفسه شخصاً يخاطبه. وينوع في صيغ الافعال. وهو - أي الكتاب - مهم، لأنه كتاب نثري انجزه شاعر، وربما احتاجت كتب النثر التي يكتبها شعراء الى دراسة، ذلك لأنها نثر لا يخلو من الشعر، وربما تذكر المرء هنا مقولة التوحيدي التي صدر بها درويش ديوانه "كزهر اللوز.. أو أبعد" (2005): "أحسن الكلام ما قامت صورته بين نظم كأنه نثر، ونثر كأنه نظم" وفوق هذا فإن خيال الشاعر يبرز بروزاً واضحاً، ويأسر قارئه......
Friday, May 27, 2011
ليانة بدر - شرفة على الفاكهاني
"شرفة على الفاكهاني" محاولة جادة في وصف حالـة الفلسطيني في تلك الحـرب الضروس التي اسمها الـمقاومة ضد العدو الإسرائيلي، هذا العدو الذي يتوغل دوماً في الأرض اللبنانية للقضاء على الثورة الفلسطينية. هو يدعي النجاح فينسحب تارة والـمقاومة تقول إنها منعته من تحقيق أهدافه لذلك اضطر إلى الانسحاب.
والحقيقة بين هذا وذاك. والخسائر فادحة على الطرف اللبناني الفلسطيني، مع كثير من الانتكاسة الـمعنوية والسياسية للعدو في كل هجوم وتوغل واجتياح إسرائيلي.
من خلال الـمكان، الفاكهاني، ترصد ليانة بدر حركة الـمقاتلين في الثورة الفلسطينية. وهي تنتقل في الذكريات بين الأردن ولبنان، بين البدايات والعمل الفدائي في الأردن وبين العمل الفدائي في لبنان. تجري الروايات الثلاث القصار على لسان ثلاث نساء. هذا ما يميز الرواية. النساء هنا لسن فقط نساء. هي ليست قصة جندرية تنتصر فيها ليانة بدر لحقوق الـمرأة. هي رواية تدلي فيها النساء بمشاركتهن في الـمقاومة الفلسطينية كمتطوعات، كمحبوبات، كمناضلات، كزوجات وكأمهات، مناضلات ينخرطن بالعمل الوطني إلى جانب تربية الأولاد والاهتمام بالبيت، كزوجات مناضلين أو كزوجات شهداء استشهدوا في عملية النضال. أو كزوجات لا يعرفن مصير أزواجهن إلا بعد فترة متأخرة. نساء يتحملن الـمسؤولية الوطنية والاجتماعية ومسؤولية العائلة دون شكوى أو ملل أو تردد. نساء يروين حياتهن دون استحياء من رواية القصص البسيطة وتركيب "الـمقلة" ضد الناس إلى حمل السلاح والـمشاركة في الدفاع عن الثورة الفلسطينية، نساء يعشن الفاقة والفقر والعوز في البيوت الضيقة التي لا ترى النور، وتقض مضاجعهن الرطوبة والعفونة والرائحة الكريهة وقنوات الـمجاري الـمفتوحة في الـمخيمات، ومع ذلك هن نساء يعشن حياة يرين من خلالها النور في نهاية النفق.
د. سامي مسلـم
والحقيقة بين هذا وذاك. والخسائر فادحة على الطرف اللبناني الفلسطيني، مع كثير من الانتكاسة الـمعنوية والسياسية للعدو في كل هجوم وتوغل واجتياح إسرائيلي.
من خلال الـمكان، الفاكهاني، ترصد ليانة بدر حركة الـمقاتلين في الثورة الفلسطينية. وهي تنتقل في الذكريات بين الأردن ولبنان، بين البدايات والعمل الفدائي في الأردن وبين العمل الفدائي في لبنان. تجري الروايات الثلاث القصار على لسان ثلاث نساء. هذا ما يميز الرواية. النساء هنا لسن فقط نساء. هي ليست قصة جندرية تنتصر فيها ليانة بدر لحقوق الـمرأة. هي رواية تدلي فيها النساء بمشاركتهن في الـمقاومة الفلسطينية كمتطوعات، كمحبوبات، كمناضلات، كزوجات وكأمهات، مناضلات ينخرطن بالعمل الوطني إلى جانب تربية الأولاد والاهتمام بالبيت، كزوجات مناضلين أو كزوجات شهداء استشهدوا في عملية النضال. أو كزوجات لا يعرفن مصير أزواجهن إلا بعد فترة متأخرة. نساء يتحملن الـمسؤولية الوطنية والاجتماعية ومسؤولية العائلة دون شكوى أو ملل أو تردد. نساء يروين حياتهن دون استحياء من رواية القصص البسيطة وتركيب "الـمقلة" ضد الناس إلى حمل السلاح والـمشاركة في الدفاع عن الثورة الفلسطينية، نساء يعشن الفاقة والفقر والعوز في البيوت الضيقة التي لا ترى النور، وتقض مضاجعهن الرطوبة والعفونة والرائحة الكريهة وقنوات الـمجاري الـمفتوحة في الـمخيمات، ومع ذلك هن نساء يعشن حياة يرين من خلالها النور في نهاية النفق.
د. سامي مسلـم
Thursday, May 26, 2011
خطيب بدله - عودة قاسم ناصيف الحق
كان أول كتاب ألفته في القصة القصيرة بين عامي 1983و1986 يحمل عنوان (عودة قاسم ناصيف الحق) ,
وقد تقدمت به الى اتحاد الكتاب العرب فرفض, لسبب بسيط هو ان مستوى اصدارات اتحاد الكتاب أعلى من مستوى كتابي, وهذا الامر لا يدخل في اطار المزاح او السخرية بدليل ان الاتحاد المذكور لا يزال يعرض كتبه الصادرة منذ ذلك التاريخ بحسومات تشجيعية تصل الى حد بيع الكتاب كله على بعضه ب 25 ليرة, فلا يجد من يشتريه.. او يسومه على حد تعبير عمتي صبيحة الله يرحمها! وقد علمت مؤخراً ان بعض كتب الاتحاد القديمة طرحت للبيع بالكيلو (أو على القبان, والله أعلم! ) بعد ان اعتذرت سيدات البيوت عن استخدامها لمسح زجاج منازلهن, بحجة انها (تجلغم) الزجاج, بدلا من ان تنظفه !
وضعت رفض اتحاد الكتاب لكتابي في جيبي المخروق, وعدت ادراجي الى ادلب الخضراء, وفي أول زيارة لحلب التقيت صديقي محمد جمال باروت في مقهى القصر, وكان ان نصحني بتقديم كتابي نفسه الى وزارة الثقافة, موضحاً لي ان طاقم الوزارة نظيف, وليست لديهم اعتبارات غير ادبية كالاتحاد.
وبالفعل, وخلال أقل من شهر من تقديم الكتاب الى الوزارة, وصلتني منهم موافقة خطية على تبنيه مع شيك بمبلغ 605ليرات سورية, مكثت اكثر من سنتين اصرف و(أتبهنك) من هذا المبلغ العظيم, حتى نفد!
وحينما مررت بالوزارة لأول مرة في حياتي, لأسألهم عن الاجراءات التي تلزم لصدور الكتاب لكي أفرح به ,مثلما فرحت بقدوم ابنتي ريتا وفرح, قال لي موظف الديوان:
-حضرتك خطيب بدلة?
قلت له: أي نعم?
قال:الاستاذ انطون يريد مقابلتك.
وبما انني كنت في تلك الأيام (غشيم مصلحة) فقد سألته : أنطون مين?
فقال لي: ولو, أقصد الاستاذ انطون مقدسي, رئيس دائرة التأليف والترجمة في الوزارة!
كانت لدي فكرة عامة عن انطون مقدسي مفادها انه مفكر كبير, وانه من مؤلفي كتب الفلسفة للصف ا لثالث الثانوي الأدبي. بناء على هذه الفكرة صعدت اليه متهيباً, ولكنه فاجأني بحفاوة وبشاشة قل نظيرهما وقال لي:
-يا أخي خطيب,أنت انسان موهوب, وأؤكد لك انك ستكون, اذا ثابرت, من كتاب سورية المهمين.
لم تتحقق نبوءة الاستاذ انطون مقدسي في أنني سأكون من الكتاب المهمين, ولكن تشجيعه لي جعلني أكمل مشواري في الكتابة, حتى انني اصدرت قبل أيام مجموعتي القصصية الثامنة, وهي بعنوان (حب بعد الخمسين) , وأكاد أجزم بأنه لو عاملني الاستاذ انطون مقدسي على طريقة علي عقله عرسان, لأقلعت عن مسألة الكتابة, وامضيت بقية عمري ألعب الشدة في مقهى علي عبدان في معرتمصرين!
تضمنت مجموعة ( عودة قاسم ناصيف الحق) ثماني قصص تعمدت ان اجعلها قوية الحبكة, نكاية بكاتب من اعمال حلب حينما يتحدث فإنه يخرج ثلاثة ارباع الكلام من أنفه, والربع الآخر من فمه, كان يهزأ بي في مجالسه ويقول عني:
-شو هادا خطيب, بهالعمر كتب قصة ا و قصتين, وعامل حاله كاتب!
ولأن وزارة الثقافة كانت تتأخر في طباعة كتبها, بسبب أزمة الورق آنذاك, فقد صدرت مجموعتي الثانية( حكي لي الأخرس- سخريات صغيرة) قبلها , وبالتحديد في سنة 1987 بينما تأخر صدور المجموعة الأولى عن الوزارة حتى سنة .1989
رانيا الخطيب
Wednesday, May 25, 2011
سحبان السواح - طعم الملوحة
ينتمي سحبان السواح لفترة الثمانينيات، أو بالتعبير الفني لجيل "الثمانينيات"، والذي امتد نشاط أفراده بين حربين، التحرير عام 1973 وحصار بيروت عام 1982، ثم تابع حتى اتفاق أوسلو المشؤوم.
وكان شعاره مثل كثيرين غيره" الموت بفرح ". وهذه إحالة أخرى إلى " الموت السعيد "، اللافتة العريضة التي حمل أعباءها ألبير كامو، ليس ليدل على موقف وجودي من العالم والحياة، ولكن للإشارة إلى عمق التناقض الأصلي بين الخطيئة والثواب، أو الشقاء والسعادة. وهذا يحتمل معنى التأكيد والإلغاء من خلال التثبيت بالأفعال الثورية المدمرة.
لقد كان لدى أفراد ذلك الجيل توجهات انتحارية سواء على مستوى المضمون أو الشكل.
فمن ناحية المعنى: عبّر سحبان السواح مع زمرة أخرى من الأدباء عن الرغبة بتخطي الواقع عن طريق تحطيمه، وربما تمهيدا لإقامة يوتوبيا ليس لها حدود، وليس لها صور، كما هي الحال في قصته (أحلام الرجال).
و كان قرار هذه الزمرة من المغامرين التعدي على المضامين الواقعية لإعادة تعريف الواقع، في البداية بمعنى التطهير (وفق المدلول الإغريقي للكلمة)، أو بعبارة أخرى: للتخلص منه، وإضرام النار به، وتقييده بشروط هي أساسا سلسلة من الرموز، أحيانا ذات ارتباط ديالكتيكي، وأحيانا (وهذا هو القانون العام) من غير أبعاد جدلية، بحيث أن اللغة تصبح عبارة عن إشارة واحدة، والمجتمع عبارة عن فرد واحد، ولكن بشرط أن يتوسع حتى يندمج بالوجدان، أو بحب الشروط المفروضة عليه (وهي الفكرة الأخيرة في قصة ذكريات قديمة) . لقد كان العنوان بحد ذاته يحتمل معنى الاستطراد الشرطي، وبالأخص أن الذكريات قديمة دائما، ولا تكون إلا بصيغة الماضي أو التصورات. وكانت المناورة هنا محتّمة مع الشخصيات والأحداث، ومع المواقف، لتقدم لنا اللغة قدرا واسعا من العواطف والحنين، وليتحاشى الذهن (المنصرم) الصدام مع الأحداث القادمة (في المستقبل).
وهذا هو شأنه حيال الشكل.
فهو إشارة بعيدة إلى الخلاف المزمن بين الواقع وما بعده، أو الخطاب المركزي الحديث وما بعده. وهكذا تبدأ المعضلة، أن ننتظر المعاني والصور التي نحن نتصدى لها. وباعتقادي أن هذه ليست هي الأزمة، ولكنها صلب الموضوع.
لقد حاول سحبان السواح مع زملائه (مثل محمد كامل الخطيب ومحمود عبدالواحد وهيثم الخوجة وخليل جاسم الحميدي وآخرين) دمج الرؤية الريادية للواقع كما باشرها الأول : سعيد حورانية، مع الشكل الحداثي والترميزي المعصوب الذي رفض الواقعية وجرّد أسلحته ضدها، وذلك مثل الأول الآخر: زكريا تامر. وكان هذا بالفعل كفيلا لأن يزجهم جميعا في معركة وراء الحدود، وأن يحولهم من طليعة ذات مهام ريادية إلى نوع من العصاة، أو الخوارج (بالمصطلح التراثي والفلسفي).
خوارج لديهم موقف ضد الواقع المتغطرس والمتعصب وغير الحالم، القاسي والفظ والمباشر.
و خوارج بين أيديهم شبكة من المفردات والأخيلة والصور التي لا تنتمي للسياق، والمستوردة من اقتصاديات سوق استعماري وإمبريالي لا يرحم.
صالح الرزوق
وكان شعاره مثل كثيرين غيره" الموت بفرح ". وهذه إحالة أخرى إلى " الموت السعيد "، اللافتة العريضة التي حمل أعباءها ألبير كامو، ليس ليدل على موقف وجودي من العالم والحياة، ولكن للإشارة إلى عمق التناقض الأصلي بين الخطيئة والثواب، أو الشقاء والسعادة. وهذا يحتمل معنى التأكيد والإلغاء من خلال التثبيت بالأفعال الثورية المدمرة.
لقد كان لدى أفراد ذلك الجيل توجهات انتحارية سواء على مستوى المضمون أو الشكل.
فمن ناحية المعنى: عبّر سحبان السواح مع زمرة أخرى من الأدباء عن الرغبة بتخطي الواقع عن طريق تحطيمه، وربما تمهيدا لإقامة يوتوبيا ليس لها حدود، وليس لها صور، كما هي الحال في قصته (أحلام الرجال).
و كان قرار هذه الزمرة من المغامرين التعدي على المضامين الواقعية لإعادة تعريف الواقع، في البداية بمعنى التطهير (وفق المدلول الإغريقي للكلمة)، أو بعبارة أخرى: للتخلص منه، وإضرام النار به، وتقييده بشروط هي أساسا سلسلة من الرموز، أحيانا ذات ارتباط ديالكتيكي، وأحيانا (وهذا هو القانون العام) من غير أبعاد جدلية، بحيث أن اللغة تصبح عبارة عن إشارة واحدة، والمجتمع عبارة عن فرد واحد، ولكن بشرط أن يتوسع حتى يندمج بالوجدان، أو بحب الشروط المفروضة عليه (وهي الفكرة الأخيرة في قصة ذكريات قديمة) . لقد كان العنوان بحد ذاته يحتمل معنى الاستطراد الشرطي، وبالأخص أن الذكريات قديمة دائما، ولا تكون إلا بصيغة الماضي أو التصورات. وكانت المناورة هنا محتّمة مع الشخصيات والأحداث، ومع المواقف، لتقدم لنا اللغة قدرا واسعا من العواطف والحنين، وليتحاشى الذهن (المنصرم) الصدام مع الأحداث القادمة (في المستقبل).
وهذا هو شأنه حيال الشكل.
فهو إشارة بعيدة إلى الخلاف المزمن بين الواقع وما بعده، أو الخطاب المركزي الحديث وما بعده. وهكذا تبدأ المعضلة، أن ننتظر المعاني والصور التي نحن نتصدى لها. وباعتقادي أن هذه ليست هي الأزمة، ولكنها صلب الموضوع.
لقد حاول سحبان السواح مع زملائه (مثل محمد كامل الخطيب ومحمود عبدالواحد وهيثم الخوجة وخليل جاسم الحميدي وآخرين) دمج الرؤية الريادية للواقع كما باشرها الأول : سعيد حورانية، مع الشكل الحداثي والترميزي المعصوب الذي رفض الواقعية وجرّد أسلحته ضدها، وذلك مثل الأول الآخر: زكريا تامر. وكان هذا بالفعل كفيلا لأن يزجهم جميعا في معركة وراء الحدود، وأن يحولهم من طليعة ذات مهام ريادية إلى نوع من العصاة، أو الخوارج (بالمصطلح التراثي والفلسفي).
خوارج لديهم موقف ضد الواقع المتغطرس والمتعصب وغير الحالم، القاسي والفظ والمباشر.
و خوارج بين أيديهم شبكة من المفردات والأخيلة والصور التي لا تنتمي للسياق، والمستوردة من اقتصاديات سوق استعماري وإمبريالي لا يرحم.
صالح الرزوق
Monday, May 23, 2011
(هام) بشير العظمه - جيل الهزيمة
بالصدفة أصبح بشير العظمة طبيباً وكذلك وزيراً للصحة المركزية في الجمهورية العربية المتحدة، ثم بالصدفة أيضاً كان رئيساً للوزراء في سوريا خلال أشهر من عام 1962. وهو يكتب بتصميم وصراحة وقد بلغ الثمانين. في يقينه أنه لن ينتهي مسلسل الظلم والظلام إلا بعملية انسلاخ فكرية سلوكية تنهي قناعاتنا وأساليبنا التربوية الثبوتية في خداع الذات.
Sunday, May 22, 2011
صلاح عيسى - مجموعة شهادات ووثائق لخدمة تاريخ زماننا
كاتب وصحفى ومؤرخ ولد فى 4 اكتوبر عام 1939 فى قرية " بشلا " بمحافظة الدقهلية حصل على بكالوريوس فى الخدمة الاجتماعية عام 1961 ورأس لمدة خمس سنوات عددا من الوحدات الاجتماعية بالريف المصرى بدأ حياته كاتبا للقصة القصيرة ثم اتجه عام 1962 للكتابة فى التاريخ والفكر السياسى والاجتماعى تفرغ للعمل بالصحافة منذ عام 1972 فى جريدة الجمهورية أسس وشارك فى تأسيس وإدارة تحرير عدد من الصحف والمجلات منها الكتاب والثقافة الوطنية والهالى واليسار والصحفيون ويرأس الان تحرير جريدة القاهرة واعتقل لأول مرة بسبب آرائه السياسىة عام 1966 وتكرر اعتقاله او القبض عليه أو التحقيق معه أو محاكمته فى سنوات 1968 و 1972 و 1975 و1977و1979و1981 وفصل من عمله الصحفى المصرية والعربية أصدر أول كتبة الثورة العرابية عام 1979 وصدر له 20 كتابا فى التاريخ والفكر السياسى والاجتماعى والأدب منها تباريج جريج ومثقفون وعسكر ودستور فى صندوق القمامة ورجال ريا وسكينة له تحت الطبع عشرة كتب منها الاوراق القضائية للشاعر احمد فؤاد نجم و البرنسيسة والافندى ومأساة مدام فهمى
هذه الرواية كتبها مؤلفها أثناء فترة اعتقاله في معتقل طره السياسي بين عامي ١٩٦٨ و١٩٧١ تروي رحلة بحث بطلها «شوقي عطية السباعي» ـ وهو طبيب وكاتب مصري ـ عن شخص لا يعرف له اسماً أو رسماً، قام بتعذيبه وحول بطنه إلي مطفأة للسجائر، في سنة ما، لا يذكرها، وبلد لا يحدده، ليقدمه ـ كشاهد نفي ـ لهيئة المحكمة الموقرة، التي كانت تحاكمه بتهمة مخالفة قانون أصدره المجلس البلدي، يلزم جميع المواطنين بأن يبتسموا بحيث تنفرج شفاههم عن زاوية لا تقل عن ١٨ درجة. الرواية هي العمل الأدبي الثاني من بين مؤلفات «صلاح عيسي»، التي تزيد علي العشرين في التاريخ والفكر السياسي والاجتماعي، إذ سبقها - عام ١٩٩٣ - صدور مجموعة قصص وروايات قصيرة له بعنوان «جنرالات بلا جنود».
Wednesday, May 18, 2011
Saturday, May 14, 2011
محمد ملص - إعلانات عن مدينة كانت تعيش قبل الحرب
المخرج محمد ملص روائي وسينمائي من مواليد دمشق 1945، التحق بعد دراسته الثانوية بمعهد السينما في موسكو وتخرج منه في سنة 1974.أخرج خلال دراسته فيلم "حلم مدينة صغيرة" 1972 وهو فيلم قصير يشكل النواة الأساسية لأفلامه اللاحقة التي تمحورت حول الحلم والذاكرة والمدينة. كتب روايته اوائل السبعينات لينشرها في بيروت عام 1979 وفيها يروي حكاية مسقط رأسه القنيطرة الواقعة في مرتفعات الجولان والتي تهجر أهلها عام 1967 مع دخول الجيش الاسرائيلي الذي دمرها تماماً. يشكل المشهد الوصفى محوراً مهما فى بناء الرواية لمحمد ملص، والذى يوقف حركة الزمن ويسمح للراوى بأن يترك ما بيده أو ما أمامه والاكتفاء بتبويب العناصر الجمالية التى يحتويها المشهد، وهذه الرواية تضيف خاصية كون الوصف يشكل عنصرا مشهديا مهما نابعا من صميم بناء الرواية حينما يستخدمه الكاتب بخبرة واضحة نابعة من تركيز
استخدامه على العدسة فى التصوير، وهى خبرة تدعمها عملية تقنية السينما، فهو يسلط الضوء على المشهد ثم يبدأ بإقرار جزئياته الواحدة بعد الأخري، مستعينا بقدرة الشخصية فى عرض نفسها واندفاعها بسهولة ويسر أثناء السرد والتعليق أو
خلال بيان الخواص الذاتية لها،
استخدامه على العدسة فى التصوير، وهى خبرة تدعمها عملية تقنية السينما، فهو يسلط الضوء على المشهد ثم يبدأ بإقرار جزئياته الواحدة بعد الأخري، مستعينا بقدرة الشخصية فى عرض نفسها واندفاعها بسهولة ويسر أثناء السرد والتعليق أو
خلال بيان الخواص الذاتية لها،
Friday, May 13, 2011
Thursday, May 12, 2011
لوتريامون - اناشيد مالدورور
الكونت لوتريامون (بالفرنسية: Comte de Lautréamont) وهو اللقب الذي كان يكتب باسمه ايزيدور دوكاس (Isidore Lucien Ducasse). شاعر فرنسي (٤ أبريل 1846م مونتفيديو، الأورغواي - ۲٤ نوفمبر ۱۸٧۰م في الرابعة والعشرين من العمر)، يعتبر لوتريامون أول من كتب قصيدة النثر وذلك في كتابه (أناشيد مالدورو) ۱۸٦٧
*النشأة
أبصر النور العام 1846م في مونتفيديو عاصمة الأورغواي، حبث كانا والداه الفرنسيان قد هاجرا العام 1840 م، والتحق والده لاحقا بالقنصلية الفرنسيه بالاورغواي كموظف في بادئ الأمر ومن ثم تتدرج حتى أصبح مستشارا من الدرجة الأولى. تيتّم لوتريامون بعد عشرين شهراً من ولادته وواكب في طفولته الكوارث بدءاً من الطاعون الذي تفشى في أمريكا الجتوبية العام 1856 وانتهاءً بالحروب والثورات تلك الحقبة بين الأرجنين والأورغواي
*العودة إلى الوطن
تلك الكوارث التي استُهلت حياته بها جعلته يعود إلى موطنه الأم فرنسا في العام ۱۸٥۹. كتب حينها "ان النهاية القرن التاسع عشر ستشاهد شاعرها وقد ولد على الشواطئ الأمريكية[1]. تم استضافته من قبل أعمامه في (بازيت) فرنسا والتحق بثانوية (طارب)، إلى هنا يقف التاريخ عن سرد اي معلومات دقيقة أو موثّقة عن لوتريامون حتى يفشي فقط تاريخ وفاته الغامضه.
*موت غامض
كان ذلك نهار الخميس الرابع والعشرين من تشرين الثاني العام ۱۸٧۰م في الثامنه صباحا وعمره لم يتجاوز الرابعة والعشرين "ماذا كان فعل لوأنه تمكن من العيش مزيدا، لقد أفسد عقلي كثيراً[1] متنبأ بوفاته كذلك كتب لوتريامون، مات وترك ورائه كتابا طبعه على نفقته الخاصة ولم تقبل به اي دار نشر كما ترك بعض الرسائل، وصلتنا كتابات لوتريامون بعد ذلك بسنين عن طريق صديق مخلص له حافظ عليها في أحد بنوك الودائع في سويسرا، واحتفي بكتابه بعد وفاته بعشرات السنين، يعتبر لوتريامون أول من كتب قصيدة النثر على وجه المطلق.
أو
إذا أردت مشاركة هذا الكتاب فشكرا لك, ولكن رجاء لاتزيل علامتنا المميزة
مع الشكر مقدما
Wednesday, May 11, 2011
منيف الرزاز - التجربة المرة
التجربة المرة، الصادر سنة 1967، يتحدث فيه الأمين العام السابق لحزب البعث العربي الاشتراكي السيد منيف الرزاز عما حل به و بحزبه وبأمته العربية من انكسار في مرآة الذات وفي أرض الواقع. محاولة في النقد الذاتي السياسي بعد هزيمة عسكرية، جرى تحميل معظمها للمفكرين والمثقفين العرب، الذين كانوا بدورهم في منزلة الاضطهاد أو "الحرية الجبرية" المفروضة عليهم من السلطات.
Tuesday, May 10, 2011
Monday, May 9, 2011
بهيجة حسين - أجنحة المكان
صحفية فى جريدة الاهالى التى تصدر عن حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى المصرى
لها عمود ثابت بالجريدة تحت عنوان : عين حورس
مسئول صفحة المصرى الفصيح بالجريدة
حاصلة على ليسانس الفلسفة من كلية الاداب جامعة عين شمس
عضو هئية تحرير مجلة افاق اشتراكية
رئيس تحرير مجلة المراءة الجديدة
لم يجبرني مبدع على دخول عالمه مثلما فعلت بهيجة حسين في رواياتها «اجنحة المكان» و«مرايا الروح» و«البيت»، فقد دفعت بطغيان لدخول "مجالات شخوصها فبكيت بشدة لعذاباتهم وتمردت لطغيانهم على روحي وجاهدت بشدة للخروج من دوائرهم الحزينة.. هناك في عوالم «بهيجة حسين» كنت احتمي بحيطان وعي ولكن شخوصهم كانوا يجرون روحي لمسالكهم التعيسةوالبريئة، لماذا تؤرقني عيونهم ومع ذلك التصق بهم، ربما لان بهيجة حسين صديقتي ولانني اعاصر كتابتهم واراهم يتكونون تفصيلة تفصيلة واعايش عذابات صديقتي وهي تبكي حين الكتابة، وهي تتعذب وهي تسمو ربما!! لكني احب شخوصها وفي يوم سأكتب رواية عن «كيف تكتب صديقتي رواية».
Sunday, May 8, 2011
Subscribe to:
Posts (Atom)