Tuesday, December 24, 2013

مارجريت أتوود - مفاوضات مع الموتى

ياجماعة لحقوا نزلوا الكتاب قبل ما يسرقوه علي مولا متل العادة


المشروع القومي للترجمة, القاهرة  2005 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 226 صفحة | PDF | 5.64 Mb

http://www.4shared.com/office/m3n8nzbu/__-___.html
or
http://www.mediafire.com/view/8yccbeqrewdw6ig/مارجريت%20أتوود%20-%20مفاوضات%20مع%20الموتى.pdf

"تأملات كاتب حول الكتابة"
هذا هو العنوان الفرعى لكتاب مفاوضات مع الموتى لمارجريت آتوود ، والكتاب عبارة عن مجموعة محاضرات ألقتها آتوود فى جامعة كمبريدج ، والكتاب يصعب تصنيفه وحتى الكاتبة نفسها فى مقدمتها لم تتمكن من تصنيف الكتاب ، فهو عن الكتابة وهذا هو الشيء اليقينى الوحيد فى الأمر ، ولكنه ليس عن كيفية الكتابة ولا عن كتابات مارجريت آتوود أو عن رأيها فى كتابة أشخاص بعينهم ، لذلك فقد كان العنوان الفرعى موفقاً ، فالكتاب مجرد تأملات وهو أيضاً عبارة عن تساؤلات تطرحها الكاتبة وتجيب عليها إجابات واهية ، فالإجابة على هذه التساؤلات هى التى يقدمها القارئ وغالباً فهو مهتم بالكتابة
بدأت الأسئلة فى مقدمة الكتاب نفسه ، المقدمة التى كانت تبحث فيه المؤلفة عن ماهية كتابها ، سألت المؤلفة السؤال التقليدى عن الدافع للكتابة ، وقامت بجمع كل الإجابات الممكنة عن هذا السؤال
أن نسجل العالم كما هو -
الكتابة أو الموت -
لإضفاء النظام على الفوضى -
لأعبر عن نفسى فى جمال -
لأتشبه بالله -
كى أزعزع المؤسسات الراسخة -
ولم تخل القائمة من إجابات طريفة :
لكى أبرر فشلى الدراسى -
لكى أحظى بحب امرأة جميلة -
لكى أحظى بحب أى امرأة على الإطلاق
لكى أخيّب أمل والدىّ -
لكى أمضى الوقت ، مع أنه كان سيمضى فى كل الأحوال -
لم تصل الكاتبة لفائدة من تعداد الدوافع ، ففى الكتابة " يعجز المرء عن رؤية الطريق أمامه ، ولكن ينتابه شعور بأن أمامه طريق"
ومن خلال سردها لأحداث صباها رأت آتوود أن حياتها قبل الكتابة لا تختلف كثيراً عن حياة أولئك الذين لم يصبحوا كتاباً
فى الفصل الثانى تحدثت آتوود عن إزدواجية الكاتب ، عن كلاً من دكتور جيكل ومستر هايد داخله ، إنه شيء يشبه الفارق بين شخصية سوبر مان وبين حقيقتها ، فسوبر مان هو كلاك كنت ذى النظارات السميكة ، فهناك شخصية شبحية غامضة فى الكاتب ، تشاركه الجسد وفى غفلة من الآخرين تسيطر عليه وتستخدمه لإنجاز الكتابة .
وعن هذا الفارق تؤكد الكاتبة فى اقتباس طريف :
" أن ترغب فى مقابلة مؤلف لأنك تحب أعماله كأن ترغب فى مقابلة بطة لأنك تحب لحمها المفروم المتبل "
" فهم دائماً أقصر وأكبر سناً وأكثر ابتذالاً مما نتوقع "
فى الفصل الثالث تتحدث آتوود عن الكاتب بين عبادة أبوللو ومامون (إله الأموال) وهنا أصدرت حكماً " فإذا أردت أن تكون كاتباً جاداً فلتفعل ذلك من أجل الفن ، فلا أمل من أن تقعله من أجل المال "
ثم تكتب آتوود عن الفجوة بين صورة الكاتب المعاصر وصورة الكاتب بالمفهوم الرومانسى ، وترى أن هذه الفجوة أقل حدة بالنسبة للكاتبات النساء ، فلا يحتشد خلف الكاتبة عدد من الأسماء الرنانة كما هو الحال عند الرجال
وعن المسئولية الأخلاقية والاجتماعية تتساءل آتوود ، هل الكاتب فوق القانون الأخلاقى ، هل من حقه استخدام كل الأشياء وكل الأشخاص ، وأن ينظر لكل ذلك كموضوع لعمله الفنى ، وأن يكذب فى سرده ، وعلى ذلك يستحق عقاب أفلاطون الذى رغب فى طرد الشعراء من المدينة الفاضلة لأنهم يكذبون
ثم تحدثت عن ضرورة المعاناة ليصبح المرء كاتباً وقالت فى ذلك للكتاب الشبان :
" لا تدع المعاناة تؤرقك ، فهى قائمة سواء رغبت فيها أو لم ترغب "
وفى الفصل الأخير تتحدث آتوود عن الكتب على أنها المرشد المعرفى لرحلة الإنسان إلى القبر ، ولكنها أيضاً تدافع عن الكتب الممتعة :
" إننا جميعاً على متن رحلة القطار نفسها ، نحمل تذكرة بلا عودة ، ومن ثم فلابد من شيء ممتع نقرأه "
ستة فصول ممتعة من كتاب مارجريت آتوود ، هى كما تقول : فصول عن الكتابة ، لكنها كثيراً ما تقتبس من هذا الكتاب أو من هذه الأسطورة ، أو تتذكر حدثاً من طفولتها أو من حياتها ، قد تخرج من السياق المحدد الذى تعنوّن به فصلها ولكن هذا الخروج يعنى إضافة ممتعة من رصيد الكاتبة ، ليخرج لنا كتاب رائع بحق
"Waiting for Godot"

إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


Monday, December 23, 2013

إدوار الخراط - حوريات البحر



 دار شرقيات للنشر والتوزيع, القاهرة  1995 | سحب وتعديل جمال حتمل |  195 صفحة | PDF | 10.2 MB

http://www.4shared.com/office/e4EH6OEp/__-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/bx627ujptrlgula/إدوار%20الخراط%20-%20حوريات%20البحر.pdf
 
إدوار الخراط كاتب مصري ولد بالإسكندرية في 16 مارس عام 1926 في عائلة قبطية أصلها من الصعيد، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1946م، عمل في مخازن البحرية البريطانية في الكبارى بالإسكندرية، ثم موظفا في البنك الأهلى بالإسكندرية، عمل بعدها موظفا بشركة التأمين الأهلية المصرية عام 1955م، ثم مترجما بالسفارة الرومانية بالقاهرة.
شارك إدوار الخراط في الحركة الوطنية الثورية في الإسكندرية عام 1946 واعتقل في 15 مايو 1948م في معتقلى أبو قير والطور. عمل في منظمة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية في منظمة الكتاب الإفريقيين والآسيويين من 1959 إلى 1983م. تفرغ بعد ذلك للكتابة في القصة القصيرة والنقد الأدبي والترجمة، فاز بجائزة الدولة لمجموعة قصصه (ساعات الكبرياء) في 1972م.
يمثل إدوار الخراط تيارًا يرفض الواقعية الاجتماعية كما جسّدها نجيب محفوظ في الخمسينات مثلا ولا يرى من حقيقة إلا حقيقة الذات ويرجّح الرؤية الداخلية، وهو أول من نظّر للـ"حساسية الجديدة" في مصر بعد 1967م.
اعتبرت أول مجموعة قصصية له (الحيطان العالية) 1959 منعطفًا حاسمًا في القصة العربية إذ ابتعد عن الواقعية السائدة آنذاك وركّز اهتمامه على وصف خفايا الأرواح المعرَّضة للخيبة واليأس، ثم أكدت مجموعته الثانية (ساعات الكبرياء) هذه النزعة إلى رسم شخوص تتخبط في عالم كله ظلم واضطهاد وفساد.
أما روايته الأولى (رامة والتِنِّين) 1980 فشكّلت حدثًا أدبيًا من الطراز الأول، تبدو على شكل حوار بين رجل وامرأة تختلط فيها عناصر أسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية. ثم أعاد الخراط الكرة بـ(الزمان الآخر) 1985 وبعدد من القصص والروايات (وإن صعب تصنيف هذه النصوص) متحررة من اللاعتبارات الإديولوجية التي كانت سائدة من قبل.


إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


هدى بركات - سيدي وحبيبي



 دار النهار, بيروت  2004 | سحب وتعديل جمال حتمل |  190 صفحة | PDF | 8.99 MB

http://www.4shared.com/office/1B35dZKX/__-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/c7zjui033ljoy5e/هدى%20بركات%20-%20سيدي%20وحبيبي.pdf

تقع رواية هدى بركات الأخيرة سيدي وحبيبي في خانة ما يمكن تسميته برواية الحرب اللبنانية التي شكلت خلفية اجتماعية ونفسية وإنسانية للكثير من الروايات الصادرة في لبنان في العقود الثلاثة المنصرمة. فأي متتبع حقيقي لمسيرة الرواية اللبنانية لا بد وأن يلحظ الأثر البالغ للحرب في دفع هذه الرواية أشواطاً إلى الأمام وفي إخراجها من سباتها النسبي السابق ورفدها بشحنات كبيرة من الموضوعات والأفكار ومساحات التوتر وتقنيات السرد. وهو ما يتجلى واضحاً في الأعمال الروائية المميزة لالياس خوري وحنان الشيخ وحسن داود وربيع جابر ورشيد الضعيف وهدى بركات وعلوية صبح ونجوى بركات وجبور الدويهي وإيمان حميدان يونس وغيرهم من أوقفوا الرواية اللبنانية على قدميها ودفعوها الى صدارة المشهد الروائي العربي.
تقدم هدى بركات في رواية سيدي وحبيبي، الصادرة عن دار النهار، رؤية للحرب مختلفة عن تلك التي شهدناها في روايتها السابقة <<حارث المياه>> والتي حولتها الرومانسية المثخنة بالحنين الى قصيدة في حب بيروت وإلى مناسبة نادرة لإقامة يوتوبيا أرضية متخيلة وسط ركام المباني ودخان الحرائق ونثار الأحلام. وإذا كان بطل الرواية السابقة قد حاول النجاة من التهلكة عن طريق التحول الى روبنسون كروزو جديد والتحصن داخل جزيرة متخيلة تمنعه من الانزلاق الى وهدة اليأس فإن بطل الرواية الجديدة يعجز عن تحقيق ذلك ويفشل في العثور على معجزة ما تنقذه من الطوفان وترمي له حبل النجاة أو خشبة الخلاص. كأن السلم الهزيل والمخاتل الذي تمخضت عنه حروب اللبنانيين كان أكثر قسوة وإيلاما من الحروب نفسها ليس فقط لأنه لم يتمخض عن أي مشروع جديد وتغييري بل لأنه كان الوجه الآخر للحرب والتربة الملائمة لخروج شياطين الداخل من عقالها ولوصول التصدع الى نهاياته.
لا بد من الإشارة قبل الدخول في مفاصل الرواية وأحداثها الى أن سيدي وحبيبي مكتوبة بلسان المذكر لا المؤنث حيث يروي البطل وديع فصولاً متعددة من سيرة حياته التي تبدأ بالطفولة والمراهقة وتنتهي في فترة الشباب المترافقة مع وصول الحرب اللبنانية الى منعطفاتها الأكثر وحشية وضراوة وتحللا من القيم، فيما تتكفل سامية، زوجة وديع المختفي في نهاية الرواية، بتقديم إضافاتها على الأحداث. وإذا كان لذلك الأمر من دلالة فهي قدرة الإبداع على تجاوز ثنائية الذكورة والأنوثة الصافيين باتجاه المناطق الإنسانية المشتركة التي تمكن الرجل من النطق بلسان المرأة والمرأة من التماهي مع الرجل في حالة الخلق، وهو ما تؤكد عليه شواهد مختلفة في مجالي الرواية والشعر وغيرهما من المجالات. أما الدلالة الثانية التي يمكن استنباطها من الكتابة بلسان المذكر فهي تتعلق بالمسافة التي تفصل بين المؤلف والراوي في نظام السرد حيث أن الأول فيما يتقمص الثاني يختفي تماما ليترك له فرصة الحياة والنماء بمعزل عنه. وبمجرد أن يمسك الراوي بضمير المتكلم يصبح هو وحده المعني بشؤون حياته والممسك بزمامها ويصبح تغييب المؤلف ومحوه شرطا أساسيا لاستقامة العمل الروائي. لكن اختيار هذه التقنية من جهة ثانية يمنع الراوي من أن يتحول الى مشاهد <<كلي القدرة>> على حد فارغاس يوسا لأنه يصبح محكوما بالزاوية الواحدة التي يرى الحياة من خلالها والتي تحجب عنه الكثير من الحقائق. لهذا كان لا بد لسامية، الراوي الرديف، من التدخل لكشف بعض الحقائق الخافية على وديع ولوضع لمسة الختام على الرواية بعد اختفاء هذا الأخير.
زمنان
تدمج هدى بركات في روايتها بين الزمن التسلسلي للحدث وبين الزمن الاستعادي على طريقة الفلاش باك، وصولا في النهاية الى زمن ثالث يتولاه الراوي الآخر في غيبة الأول. فالرواية تبدأ بحديث بطل الرواية الغامض عن افتتانه برجل آخر تحول بالنسبة إليه إلى حبيب وسند وملاذ، مع ترك الهامش مفتوحاً أمام الإيحاءات الجنسية المترتبة على اعتراف كهذا أو أمام إيحاءات شبه صوفية تضع ذلك العشق في خانة المجاز والرمز: <<أحببته حباً لا يوصف. ليس بسبب أني لا أحسن الوصف أو بسبب عدم قدرتي على الكلام والاستفاضة فيه حين يتعلق الأمر بي، بداخلي ومشاعري، بل لأن ذلك الحب يبقى غامضاً، لم أسمع أحدا يتحدث بمثله>>. سيكون على القارئ بالطبع أن ينتظر صفحات طويلة لكي يكتشف أن ذلك الرجل المقصود بالحب ليس سوى المدير الجديد للشركة التي يعمل فيها وديع في قبرص بعد هربه من حرب لبنان الضروس وبعد أن توفي المدير السابق الذي كان يبعث في قلب وديع الهلع والرعب.
يعود الراوي وديع فجأة الى زمن البدايات حيث نتعرف الى الفتى المراهق والخجول الذي كان يجلس في مقدمة الصف كما يفعل التلامذة الأسوياء والمهذبون تاركا المقاعد الخلفية للتلامذة المشاكسين والفوضويين. نتعرف أيضا الى أيوب زميل وديع الفقير والموزع بين تهذيب وديع ومشاكسة التلامذة الآخرين. وإلى والد وديع الذي يعمل طباخا لدى أحد الأثرياء ويحضر لزوجته المريضة وابنه الوحيد فتات الطعام الذي يتركه أسياده على مائدتهم. غير أن أحداثا طارئة تدفع بوديع الى الانتقال من موقع الى موقع والبحث عن دور له خارج المدرسة والبيت ونظام القيم. فحين تقضي الأم نحبها بسبب الفقر وتحكّم الميليشيات التي تجعل من غسيل الكلى علاجا مقتصرا على الأثرياء ودافعي الخوة. وحين يرى وديع بأم عينه الطريقة التي يعامل بها أبوه من قبل أسياده والقائمة على الاستعلاء والرغبة بالإذلال. وحين يتحول بعض تلامذة المدرسة الى عصابة خطيرة تعمد الى ملاحقته والتنكيل به لا يجد البطل المراهق بداً من اعتماد الخيار الذي يرد عنه المهانة ويعيد إليه الإحساس بالكرامة ولو اقتضى الأمر ترك الدراسة والانضمام الى عصابة من الشبان الأشقياء ما يلبث أن يترأسها بفعل طموحه وذكائه ورغبته في الانتقام لنفسه ولعائلته. شبان مراهقون يخلعون أسماءهم الأصلية ليتسموا بأسماء جديدة مثل روديو وهبّك وشاكوش ويلدون أنفسهم من موت الآخرين.
لم ينخرط وديع وعصابته في الأحزاب والميليشيات المتناحرة ولكن ما فعله لم يكن أقل دموية وشراسة حين اعتمد القتل والنهب والاتجار بالسلاح والمخدرات طريقا للوصول الى غايته. وهو في خضم الارتماء في ذلك العالم السوريالي لم يتردد في قتل خال زوجته، الذي حسبه عثرة في طريق طموحه، أو في الإيعاز بقتل رفيقه أيوب بعد أن شك في إخلاصه له. هذا الانقياد الأعمى لشهوتي السلطة والمال وللرغبة في الانتقام من الطفولة المبتورة وعقد النقص يوصل أسلوب الرواية الى ذروته ويحوله الى استبطان عميق وتقص نفسي لأحوال بطل الرواية وتداعياته وهو يهبط الى قيعان الهلوسة: <<أرى رؤوس الأشجار تلتف بقوة على نفسها وتضرب الزجاج كالشياطين. تفلش خياشيمي رائحة كستناء مشوية، تصعد الى نخاعي كسكين ينشب فيه آلاف الشفرات. تعمي عيني الأبخرة المتصاعدة.. وأسمع صوت أبي الذي لا يضحك يقهقه عاليا بصدى طويل كشريري أفلام الرعب>>. لكن وديع ما يلبث أن يسقط فريسة قوانين الحرب نفسها التي صعدت به الى القمة ليكتشف في لحظة الحقيقة أن لا أحد يستطيع النجاة بنفسه من ذلك الأتون المهلك حيث يتحول الكذب والنفاق والخيانة والسرقة والقتل الى ممرات إجبارية للبقاء على قيد الحياة. وإذ يفر وديع ومعه زوجته سامية الى قبرص يترك وراءه الثروة التي جمعها في الحرب دون أن يستطيع إنقاذها ويترك أباه في الوقت نفسه عرضة للقتل من قبل العصابات التي تطلب رأسه.
انقطاع السرد
لا أحد يستطيع الخروج معافى وسليما من حرب طاحنة وضروس كحرب لبنان. ذلك على الأقل ما يمكن استخلاصه من رواية هدى بركات. تدخل الحرب الى رأس وديع على شكل هلوسات مرعبة وحمى لاهبة وخوف من كل شيء بحيث لا يفقد البطل الاتصال مع محيطه الجديد فحسب بل مع زوجته التي يشعر بفقدان الاتصال بها الى حد الإصابة بالعجز وانقطاع الرغبة. ووسط ذلك الخوف الذي يتجسد بشكل جلي عبر هلعه من شخصية مدير الشركة السابق تتحول شخصية المدير الجديد بما تحمله من سلاسة وألفة الى بر الأمان الذي انتظره وديع طويلا لكي يتخلص من رهابه. كأنه، لكي يتطهر من الإثم، يريد أن يبتر كل ذلك الزمن الأسود المصاحب للحرب ويعود الى كنف طفولة غاربة هي على فقرها وآلامها أقل هولاً من جحيم الشباب اللاحق.
حين يختفي وديع عن مسرح الرواية ينقطع في الوقت ذاته عن مهمة السرد الذي تتولاه سامية هذه المرة متكفلة بسد الفجوات غير المفهومة من الخاتمة. فسامية هي التي تخبرنا عن انقطاع حبل النجاة الذي توهمه وديع عبر شخصية المدير الجديد حين يرى بأم عينه مثالب من رأى فيه <<سيده وحبيبه>> وضعفه أمام صاحب الشركة. وسامية أيضا هي التي تخبرنا عن خيانتها لوديع مع المدير الذي منحه زوجها كل ثقته وحبه وعن عملها الليلي في أحد البارات من أجل الإنفاق على بيتها الزوجي المتآكل. وهي إذ تتحدث عن اختفاء وديع تمتنع عن إعطاء سبب ثابت وأكيد لذلك الاختفاء واضعة إياه في مهب احتمالات كثيرة من بينها ذهابه للتسكع في باريس أو تواطؤه السري مع مديره <<الشاذ>> أو التحاقه بأيوب الذي نجا بأعجوبة من الموت. ولعل هذه النهاية المأساوية الملفعة بغموضها المحيّر تحيل قارئ <<سيدي وحبيبي>> الى العديد من الروايات المماثلة التي تنتهي باختفاء البطل كحيلة رمزية ملائمة لاستنفار مخيلة القارئ ودفعه للمشاركة بإتمام الرواية على طريقته كما يحدث في رواية جبرا إبراهيم جبرا البحث عن وليد مسعود، على سبيل المثال لا الحصر.
خمس عشرة سنة كاملة مرت على انتهاء الجانب الدموي المباشر من حرب لبنان. لكن تلك السنوات لم تكن كافية لإيقاف حروب الداخل وشروخها الإنسانية والنفسية العميقة. ذلك أن البدء من جديد ليس بالبساطة التي نظن ما دامت الكوابيس وأوزار الشعور بالإثم تلاحقنا حيث نذهب. واختفاء وديع ليس سوى المعادل الرمزي لعجزنا جميعا عن الخروج من المأزق وانسحابنا الى الخلف كي نتيح لمن يأتي بعدنا فرصة البدء من جديد.
شوقي بزيع

إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


Thursday, December 19, 2013

هدى بركات - حارث المياه...(النسخة الكاملة



 دار النهار, بيروت  1998 | سحب وتعديل جمال حتمل |  180 صفحة | PDF | 10.2 MB

http://www.4shared.com/office/ILYU19EE/__-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/d6caxr43p5zpzge/هدى%20بركات%20-%20حارث%20المياه.pdf

 الكاتب هو فى الأصل جوهرى ، بدقة يزن الذهب ويفحص الزمرد ، برهافة حس يزرع فى المعدن النفيث حجرا كريما ، يصنع الجمال ويحفظ الذوق والقيمة ، سر صنعته الميزان ، لكنه ميزان معنوى ، ميزان غير مرئى وإن كان مع هذا حيويا ، فمن تحديات الكاتب ضرورة الوصول إلى نقطة أو نقاط للإتزان ، أولا ما بين خصوصية شخصياته والرؤية الذاتية لكل منها من جانب ، والبيئة المحلية المحيطة بهذه الشخصيات على الجانب الآخر.
أما الاختبار الحقيقى ، والذى لا يجتازه سوى كتاب قلائل ، فيتمثل فى الوصول من خلال هاتين الدائرتين - دائرة الرؤية الذاتية ودائرة المجتمع المحلى - إلى الدائرة الثالثة ، دائرة الرؤية الكونية الشاملة ، تلك التى تتسع لتشمل البشرية جمعاء آبية أن تعترف بحدود للزمان والمكان ، وهو الامتحان الذى اجتازته بجدارة هدى بركات فى روايتها الأخيرة "حارث المياه ".
ببراعة غزلت الكاتبة اللبنانية عالما فريدا حول شخصية ابن تاجر للأقمشة ، تاه فى وسط بيروت خلال سنوات الحرب الأهلية ، فوجد نفسه بمحض الصدفة أمام محله الذى هجره عند احتدام المعارك ، فى المنطقة الخراب التى تفصل بين المتحاربين ، فأقام فى الجزء المتبقى من محله ، وحيدا فى عالم مهجور ، محاولا استعادة أشلاء حياته الضائعة .
وتبرز من خلال اللوحة الغنية التى كونتها هدى بركات قضايا ، ليست كلها جديدة على الأدب العربى المعاصر ، بل إن معظمها قضايا محورية متكررة فى قصصه ورواياته، لكنها مع كل تناول جديد تستحق الوقوف أمامها ، بالتأمل والدراسة ، خاصة حيثما يكون التناول على هذا النحو الفريد ، ولعلنى أقدم على طرح بعض الملاحظات من خلال ثلاثة زوايا أو مناظير :
أولا : المأساة
 تتمثل فى الحرب الأهلية اللبنانية غالبية العناصر المكونة لمأساة الوجدان العربى ، إن لم تكن كافة هذه العناصر مجتمعة ، ولقد حرصت الكاتبة فى تناولها لأبعاد المأساة أن تتجنب منزلق الميلودراما ، والبكاء قبالة الأطلال ، ونجحت فى تشييد عمل فنى حديث الشكل لكن تنبض فى أعماقه مأساة إغريقية كاملة ، فالبطل كان شاهدا فى طفولته على خيانة أمه ، تلك المرأة التى لم تقبل يوما وضعها كزوجة تاجر قماش بل ارتأت فى نفسها مغنية أوبرا حبيسة حجبتها ظروف حياتها عن الأضواء ، فكانت خيانة حتمية مقررة سلفا مدونة فى دهاليز الأجرام السماوية ، وإن حاول الأب أن يبررها - ربما قبل وقوعها - قائلا : "هناك نساء من حرير ... أمك من حرير ... ستفهم حين تكبر ..."
المأساة كاملة فى إصرار الأم على أن تُلبس ابنها ثياب البنات وتعلمه الغناء الأوبرالى، والمأساة حتمية عندما يقع البطل بدوره فى عشق خادمته الكردية شمسة ، ويأخذها فى رحلة استكشاف القماش مدركا أن محطتها الأخيرة ... الحرير لا مناص .
لكن المأساة أشمل فهى كامنة فى موقع الأحداث أصلا ، لقد حذر جد البطل أباه من الإقامة فى بيروت ، لكن الرجل - الشاب آنذاك - سمح لزوجته أن تغويه إليها ، فعل ما طلبت وهو مدرك لا بد لوخامة العواقب ، فبيروت - طبقا لتحذير الجد - مدينة عليها لعنة ، لا تكاد تدب فيها الحياة وتزدهر حتى يجتاحها الدمار ، كمدن الشرق بنيت على أنقاض سالفاتها، طبقات متتالية من الدمار والازدهار ، فى لعنتها سحرها ...
وحين تـُغزل المأساة بقسوتها وشجنها فى ثوب من الشاعرية نكون حقا بصدد فن رفيع .
ثانيا : الهوية
 لعل أنجح ما فى الرواية هو توظيف هدى بركات للأقمشة والتى تلعب فى واقع الأمر دور البطولة دون منازع ، أنظر كيف ربطت مكامن النفوس على امتداد التاريخ بخيط متصل من خلال الأقمشة ، والذى جسد ملمسها وحفيفها وبريقها وأساليب صناعتها وعيا جماعيا مكتملا يُذَّكر بنظريات أحد رواد علم النفس كارل يونج .
فما أجَّل تاجر الأقمشة التقليدى فى الشرق الذى يحمل على كتفيه علما ومثلا وتاريخا، الذى يستمع إلى الأقمشة ويحدثها ، الذى ينظر إلى الكتان فيرى صانعه ولابسه ودوره فى تسلسل الحضارات ، الذى ينفذ ببصيرته فيرى روح القماش وقصته ، ويحرص كل الحرص أن يسلم الأمانة لابنه ، ماذا فعلت به ـ وبنا ـ تجارة الديولين الغربية التى لا تعرف غير لغة الربح ؟
 ليس من قبيل المصادفة أن البطل عندما أعاد اكـتشاف محله ـ الذى ورثـه عن أبيه ـ وسط الحرب الأهلية اللبنانية وجد أن الدور العلوى الذى يحوى الديولين والأقمشة الإصطناعية قد انهار والتهمته النيران ، بينما بقى مخزن الاقمشة القيمة تحت مستوى الأرض سليما لم تمس محتوياته يد عابثة ، وليس من قبيل المصادفة أيضا أن يكتشف البطل دهاليز مدينته الممتدة المتصلة بديلا عن أنقاض حداثتها ، عندما ذهبت البنية الفوقية غربية الهوية لم يبق للبطل سوى هويته الحقيقية يستكين إليها ويحتمى بها ، بل ويعيد استكشافها وتعريفها ، ويوظفها توظيفا جديدا.
من جهة أخرى نلاحظ أن عشق البطل للفتاة شمسة الكردية يتبلور مع تبادل الحكايات بينهما ، تروى له قصتها وقصة قومها ويحكى لها قصته - قصة الأقمشة ، وبهذا يتعدى الانصهار بينهما البعد الذاتى المحدود ليشكل اندماجا ثقافيا متكاملا قابلا لأن يمتد ليشمل المجتمع بأسره ، يمثل النقيض بعينه للأقتتال الذى تزخر به دنيا الواقع . فالبطل الذى " لا يريد أن يرى إلا ما يريد " يكتشف عبر شمسة الكردية - ومن خلال الكلب الضال " ثلج " - طريق الخلاص .
ثالثا : الصوت
 رغم أن الحاسة التى يتعامل القارئ من خلالها مع الكتاب هى بطبيعة الحال حاسة الإبصار، فإن الفن الروائى يخاطب تقليديا الأذن لا العين ، وهو ما يرجع لا شك إلى جذور الأدب المنتمية إلى فن الحكى الشفوى ، وفى الوقت الذى يمكن اعتبار أن قدرا كبيرا مما أنجزه الأدب فى القرن العشرين يتمثل فى تطوير الفن الأدبى حتى يخاطب العين بالدرجة الأولى - اقتداء أساسا بالنجاح الكاسح الذى حققته السينما ووليدها التلفزيون - فإننا نستطيع أن نجذم ونحن على أعتاب قرن جديد ، أن جزء كبيرا من الأدب العالمى ، والجزء الأكبر من الأدب العربى ، لا يزال يتوجه أساسا إلى الأذن ، ومن هنا تكمن دراسة الصوت كمكون أساسى من مكونات الرواية .
والصوت - أى صوت الراوى - وحده يستطيع أن ينفذ إلى نفس القارئ ، فيحمل معه المشاعر وتسلسل الأفكار ، والأحداث وإيقاعها ، والحب والصراع ، والماضى والمستقبل، والحلم والواقع ، أى أن الصوت - بطبيعته - معبأ بما يتعدى كثيرا محتواه من الكلام ، وإذا كان للصوت هذه المقدرة الواسعة على مخاطبة اللاوعى ، فإنه يتيح أدق مقياس لتقييم العمل الأدبى ، ومن أوجه نجاح هدى بركات أنها توصلت إلى صوت ساحر يجمع ما بين شخوص الرواية المختلفين ، ورغم أن صوت الراوى بدا فى الصفحات الأولى متخبطا ، يسعى إلى التحرر من قبضة المؤلفة ، باحثا عن طبيعته ، فإنه سرعان ما اكتسب نغمته ورنته الفريدة ، كصوت شاب يتحول إلى صوت رجل ثم يعود طفلا ثم ينقلب امرأة أو كهلا دون فقدان وحدته، صوت إنسانى ترن أصداؤه فى أذن القارئ لفترة ممتدة ، صوت حى لا يسكته الزمان
محمد توفيق

إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


Wednesday, December 18, 2013

توفيق فياض - بيت الجنون



 دار العودة, حيفا  1974 | سحب وتعديل جمال حتمل |  82 صفحة | PDF | 3.60 MB

http://www.4shared.com/office/URadoBN0/__-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/78qdrqateqyj5zm/توفيق%20فياض%20-%20بيت%20الجنون.pdf

من كتاب القصة والرواية المبدعين، ولد في قرية المقيبلة في المثلث – فلسطين عام (1938) ودرس في الناصرة. عام 1970 اعتقل مع شبكة اتهمتها إسرائيل بالتجسس لصالح سوريا ضدها، واطلق سراحه عام 1974 ضمن عملية تبادل أسرى مع مصر ونفي إلى القاهرة ثم انتقل إلى دمشق وبيروت وتونس وهو مقيم في تونس حتى اليوم. من مؤلفاته: المشوهون - رواية، الشارع الأصفر - قصص، وادي الحوارث - رواية، بيت الجنون - مسرحية.. وقد صدرت سلسة الشارع الأصفر للمرة الرابعة عام 2004 وهي كما يقول عنها توفيق :
(هذه القصص القصيرة تحتوى المأساة الفلسطينية بكافة أبعادها، وتعبر عن ارتباط الإنسان الفلسطيني بأرضه واحتضانه لها رغم ما تتجرعه من علقم وما يكبده من معاناة).
بعد إطلاق سراحه من السجن وتسليمه لمصر بتبادل الأسرى بعد حرب عام 1973 يقول عن تلك التجربة:
خرجت من وطني فلسطين سنة 1974 ضمن عملية تبادل لأسرى الحرب بين مصر والكيان الصهيوني، وكنت آنذاك في السجن، وقد كان خروجي إبعادا قسريا ، وليس مجرد خروج فحسب، وقد عرفت ذلك وأنا ما أزال داخل السجن، حيث اكتشفت بعد اقتيادي من سجن (شطة) في منتصف الليل مقيدا، ومعصوب العينين، ليقطعوا بي الصحراء باتجاه مصر لتسليمي للجيش المصري، ولكن رفضي كان دون جدوى، وحين استل الضابط المصري سكينه ليبعد عني الضابط الصهيوني الذي كان يقودني بحركة متعالية، وراح يقطع قيدي البلاستيكي المنغرس في معصمي ، غصصت بالدمع، وتيبس لساني ففقدت القدرة على الكلام، كانت لحظة من أصعب لحظات حياتي .. فقد عرفت أنني أصبحت بعيدا عن وطني، وأنه صار ورائي، وأن هذه اللحظة هي اللحظة التي ستغير تاريخ حياتي ومجراه .. أيضا.
تم تكريمه من قبل ديوان العرب حيث قدم له درع المجلة تقديرا لعطائه الأدبي والفكري


إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


Tuesday, December 17, 2013

فرج بيرقدار - جلسرخي



دار الآفاق, بيروت  1981 |  تعديل محسوبكم أبو عبدو | 13 صفحة | PDF | 570 KB

http://www.4shared.com/office/Ki07_R5a/__-_.html
or
http://www.mediafire.com/view/ekwk2yf8h7siah6/فرج%20بيرقدار%20-%20جلسرخي.pdf

كان عمر ابنة الشاعر السوري فرج بيرقدار ثلاثة أعوام فقط عندما اُعتقل بسبب نشاطه السياسي عام 1987، وعندما أطلق سراحه بعفو رئاسي كانت طالبة جامعية. رحلة طويلة مع السجن، لم ير فيها بيرقدار أجيالا وهي تكبر بعيدا عنه، قبل أن يتلقفه المنفى بوجع آخر.
صاحب ديوان" أنقاض" روى لعشاق الكتاب، في أهم مهرجان أدبي في بريطانيا ببلدة هاي أون واي الويلزية، التكلفة الشخصية لمعارضة عائلة الأسد التي تحكم سوريا.
 وقرأ الشاعر السوري قصيدة بعنوان "مرايا الغياب" كتبها في سجن قريب من دمشق في الفترة بين عامي 1997 و 2000. وقال إن أقارب المعتقلين في سوريا يترددون في ذكر سجن أقاربهم، فقد كانت والدته بدلا من ذلك تقول ببساطة إنه "غائب"، لكن الجميع يعرفون ماذا يعني ذلك.
وعن سنوات الجمر التي عاشها بسوريا، قال للجمهور الحاضر "كان هذا أكبر ألم تعرضت له"، وهو السبب في أنه اختار المنفى في السويد على مضض، مشيرا إلى أن تجربته مع الحكومة السورية جعلته يشعر بالقلق الشديد عندما بدأت الانتفاضة الشعبية الحالية.
وأضاف بيرقدار "لم أندهش عندما رأيت النظام السوري بهذه القسوة ويطلق النار على الشعب، لكنني اندهشت حقا أن السكان يحاولون من البداية إلى النهاية"، وأكد أن الشعب السوري "شاكر" لدعم الحكومات الأوروبية، غير أنه استدرك "لكن أعتقد أن أوروبا تستطيع أن تفعل أكثر، أن تدعم مجتمعها المدني من أجل دعم الشعب السوري".
ولد بيرقدار في مدينة حمص عام 1951، وسجن بدون تهمة لمدة سبع سنوات تقريبا بعد إلقاء القبض عليه عام 1987 بتهمة الانتماء إلى الحزب الشيوعي، وفي نهاية المطاف حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما في 1993، ومن داخل زنزانته كتب الشعر الذي تم تهريبه للخارج.
وأطلق سراح بيرقدار عام 2000. وفي عام 2003 انتقل إلى مدينة لايدن الهولندية حيث عمل بتدريس اللغة العربية، قبل أن يعود إلى سوريا. وفي عام 2005 قبِل دعوته ككاتب ضيف في العاصمة السويدية ولا يزال يقيم هناك.
وفي ذلك الوقت كان له ابن عمره عامان وخشي أن يتم اعتقاله بعد التوقيع على إعلان يدعو إلى تطبيع العلاقات بين سوريا ولبنان، فقرر البقاء في ستوكهولم حيث استضافته شبكة مدن اللجوء الدولية. وتستضيف كل مدينة أحد الكتاب، الذين تم نفيهم أو إسكاتهم لمدة تصل إلى عامين.
وتضم الشبكة ومقرها في ستافنجر بالنرويج 40 مدينة معظمها في أوروبا، لكن من بينها أيضا مكسيكو سيتي وميامي. وقالت شيناز كيدار التي أدارت برنامج اللجوء في مدينة نورويتش بمركز كتاب نورويتش منذ إطلاقه في عام 2006 في المدينة الوحيدة بالشبكة من المملكة المتحدة "تركز الشبكة على توفير مكان للكتاب لأنهم من بين أول من يتم استهدافهم".

إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


Unthinkable: Iran, the Bomb, and American Strategy - Kenneth M. Pollack


 ISBN: 1476733929 | 2013 | EPUB | 560 pages | 4 MB

 The world’s foremost expert on Middle Eastern relations examines Iran’s current nuclear potential and charts America’s future course of action.
 How close are we to a nuclear Iran? What does it mean for American foreign policy? How did we get to this point? And what do we do now?
 In Unthinkable, Kenneth Pollack, a former CIA analyst with twenty-five years of experience working on the Middle East, explores America’s intractable problem with Iran, Tehran’s pursuit of a nuclear weapons capability, and the pro­longed clash that led us to this point. Pollack lays out key solutions to the Iran nuclear ques­tion, explaining and assessing the options for American policymakers:
• Redoubling our efforts at a carrot-and-stick approach that combines negotiations and sanctions
• Aiding the Iranian opposition to bring about a popular form of regime change
• An Israeli military strike
• The American military option
• Containing a nuclear Iran
 Insightful, powerful, and balanced in its approach, Unthinkable is one of the most thought­ful and important books on foreign policy in the past decade.

http://ul.to/3da312n2

ستيفن فيزينشيي - في مديح النساء الأكبر سنا



مؤسسة الانتشار العربي, بيروت  2002 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 228 صفحة | PDF | 3.48 MB

http://www.4shared.com/office/s1lamklK/__-_____.html
or
http://www.mediafire.com/view/1ika2if23cquhob/ستيفن%20فيزينشيي%20-%20في%20مديح%20النساء%20الأكبر%20سنا.pdf
 
""أه، حسناً، ذروة واحدة زائدة أو ناقصة غير ذي أهمية حقاً، أليس كذلك؟" قالت مستخلصة. أعتقد أن حقيقة وإهانة تلك اللحظة حددت النهاية المتأخرة لشبابي. أردت أن أذهب إلى بلد جديد. إلى مكان هادئ بعيد. بعد بضعة أيام عندما سمعت عن افتتاح قسم للفلسفة في جامعة ميتشغان، تقدمت للوظيفة. لم تكن آن آربور هادئة كما فكرت، ولم أكن مستعداً بعد للجلوس والتقدم في السن. لكن مغامرات رجل متوسط العمر قصة أخرى".
الرواية هو جديد الروائي ستيفن فيزينشيي، وقد لاقت صدى نقدي طيب في الأوساط الثقافية والأدبية العالمية كما احتفت به أقلام كبار في الرواية والنقد. تعرض الرواية إلى سني باكرة لرجل بدأ طفولة ورعة في كنف عائلة كاثوليكية، ووسط رعاية رهبان فرنسيسكان. الوالد المحافظ والمعارض للفاشية، والمتخوف من وصول هتلر للسلطة في ألمانيا، قضى طعناً بالسكين على أيدي مراهق نازي، ولمّا يبلغ بطل الرواية السنة الثانية من عمره، بينما فرّت الأم إلى مدينة هنغارية تحت وطأة رعب خساراتها ابنها وحياتها.
يستهلّ الكاتب روايته، بذلك الضلوع الكامل في مجرياتها، وبتلك الحميمية التامة بينه وبين سرده، في رغبته الإيحاء بكتابة سيرة ذاتية، مدققاً ومؤرخاً ومنحازاً إلى كافة التفاصيل، وحاشداً المشاهد والرؤى، التي تصبّ في مصلحة فكرته أو إيحائه إلى القارئ، بأن "في مديح النساء الأكبر سناً" لا تعدو أن تكون قصة حياة الكاتب أو سيرة صباه وشبابه الذاتيتين. وسواء حكى الكاتب حكايته، أو حكى حياة سواه، فهي رواية ذات حساسية فائقة، ومأثرة في سرد تأثيرات "الآخر" على حياة الفرد، أو تماماً كما اقتبس الكاتب من جان بول سارتر: "كل شيء يأتينا من الآخرين.. أن توجد هو أن تكون ملك شخص ما".
نبذة النيل والفرات

إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


جبار ياسين - مديح الماضي



منشورات الجمل, كولون  1991 | سحب وتعديل جمال حتمل |  60 صفحة | PDF | 4.80 MB

http://www.4shared.com/office/TyRIFUZO/__-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/bcq4ar6107roun6/جبار%20ياسين%20-%20مديح%20الماضي.pdf
 
ضياء العزاوي عرفت جبار ياسين في بغداد منذ زمن طويل، أكثر من ربع قرن. ثم في يوم ما ضاع أثره في المدينة التي كنت قد وصلتها منذ حين. بعدئذ، عرفت من أصدقاء انه قد غادر الى فرنسا. مر علي الرحلة قرابة السبعة وعشرين عاما تغير فيها جبار ياسين وتغيرت بدوري. خطت السنوات آثارها علينا ونحن في البعيد، هو في فرنسا وفي ألمانيا.
لكن عبر هذه السنوات نمت صداقة بيننا. التقينا مرارا في باريس وكولونيا والقاهرة ولم نلتق بعد في بغداد! زرت جبار ياسين في منزله الريفي قرب ساحل الأطلسي مرارا. جلسنا في الحديقة التي يحرص جبار علي العناية بها واعدنا نبش الذكريات والحديث عن المستقبل مرارا، فلم تنقطع يوما فينا جذوه الأمل في العودة الى بغداد. في أمسية صيف جلسنا في زاوية من الحديقة تحت شجرة بلوط فكان هذا الحوار:
ولدت عام ببغداد، في أي منطقة من بغداد بالضبط، هل تستطيع ان تصف لنا بتفصيل أو تستحضر ذكرياتك الأولي؟
ــ لا اذكر البيت الذي ولدت فيه. لكني ولدت في كرخ بغداد في منطقة تسمي كرادة مريم بمحاذاة دجلة. كانت منطقة بساتين نخل وبين أشجار النخيل كانوا يزرعون الخضار الموسمية كعادة الفلاحين العراقيين. ثمة كرادة أخرى في الجهة الأخرى من النهر تسمي الشرقية. ويبدو ان اسميهما مشتقان من الكرود وهي نوع من النواعير التي كانت تستخدم حتى أوائل القرن العشرين في العراق. كانت هناك الكثير من الجداول التي تمضي لتسقي اراضر بعيدة.
ذكرياتي عن المكان قليلة وباهتة كأنها صور أحلام. اذكر أني عبرت الجسر المعلق اليتيم في بغداد مرارا في صباي ومن هناك كنت أرى بساتين النخيل ليس بعيدا عن المكان الذي كان يقوم فيه بيتنا.
هذا الجسر رأيته مكسورا علي شاشة التلفاز خلال حرب الخليج. بدل ان يفضي الى الجهة الأخرى من بغداد، كان يعوم في النهر مثل حيوان خرافي. عنه، في تلك الليلة من شباط كتبت قصة (العودة الى مدينة الآجر الذهبي).
بيت أهلي هدم في أواخر الخمسينيات وفي الحي الذي كان يقوم هناك بني القصر الملكي الذي صار القصر الجمهوري قبل ان يكتمل بناؤه. مرة حينما كنت في الكشافة المدرسية كان علينا الاستعراض أمام القصر الجمهوري في يوم الكشافة العالمي. مررنا أمام القصر وكان علينا الالتفات أقل من دقيقة لنحيي رئيس الجمهورية عبد السلام عارف الذي كان في القصر. كنت مرتبكا لأني كنت اكرهه وكنت اخشي ان يبدو ذلك علي ملامحي. كان ذلك عام وبعدها بأسابيع سقطت طائرة هيليكوبتر الرئيس قرب البصرة ومات محترقا هو ومرافقيه ومعاونيه. يومها شعرت بالفرح، وتلك مشاعر غريبة لطفل في الثانية عشر من عمره، ثم زال خوفي نهائيا من الرؤساء العسكريين. ثمة ذكري باهتة، وحيدة، عن ذلك البيت، نهاية صباح ربيعي، كان زوج خالتي جالسا علي بساط وسقط جرذ من السقف وحدث هرج ومرج. اذكر أني نظرت الى السقف المحمول بأعمدة أشجار لعلها الصفصاف. انها ذكراي الوحيدة عن هذا البيت الذي هدم وعمري لم يكن بعد أربع سنوات. لكني مازلت احتفظ بذكراي الأولى، كانت ظهيرة صيف وكنت في زقاق. شاهدت كرا ابيضا يقضم قشور البطيخ الأحمر. اقتربت منه بهدوء وسحبت ذيله الذي كان يتحرك يمنة يسرة. ثم فجأة شعرت بقائمته الخلفية تنقض علي صدري والسماء مكتظة بنجوم سود تهوي علي. بعدها لا اذكر شيئا. ذكري أخري، لكنها في بيت آخر اذكره تماما. كنت في ظلمة غرفة أحاول فتح علبة معدنية رسم عليها أسد مجنح وفيها حلوي. وفجأة شعرت بإبرة تدخل في صدري?. صرخت من الألم كانت عقربا صفراء قد لدغتني ثم رأيتها تسقط أرضا وجدتي وأمي وأخي الأكبر نبيل يدخلون الغرفة. ما زلت اذكر الحمي التي أخذتني الى انهار بعيدة وطرق متربة مضاءة بمصابيح برتقالية. مرة في الظهيرة كانت أمي ــ الشابة حينذاك ــ تمسكني من يدي مسرعة ونحن نمضي بين بيوت بيض صبغت أطرافها بالأزرق. ثم دخلنا صالة طبيب بدين له رائحة غريبة ويرتدي صدرية بيضاء ويضع نظارة طبية ويتحدث بتفخيم الحروف. تناول مقصا رفيع النهايات وادخله في منخري ليخرج حمصة، كنت قد أدخلتها هناك وأنا العب مع بنت لا أعرف حتى اليوم من هي؟ حينما تركنا عيادة الطبيب اشترت أمي كأس لبن، اذكر أني شربت قبلها وعدنا الى الدار ونمت.
ذكريات أخري

كان مساء صيف، قانيا ومتربا معا. الغبار رافقني لسنوات طويلة. كان أخي الأكبر نبيل يدور بعربة حديدية من العربات التي كان يصنعها أطفال ذلك الوقت. كان يدور العربة وذراعها في الهواء وأنا أحاول الإمساك بها. الأطفال لا يعرفون القوانين الفيزيائية. لم اشعر إلا وأنا أرضا والدم ينزف من جبهتي. لم اشعر بارتطامها برأسي لكن الدم ما أفزعني فصرت اصرخ من رعب الدم.
رب أخي ليلتها الى بيت خالتي وضمدتني أمي وجلسنا قريبا من (حِب الماء). ليلتها طهت لي أمي شوربة بالحليب ما زال مذاقها في فمي رغم السنوات الاثنين والأربعين. ندب الجرح ما زال على الجهة اليمني من جبهتي فوق الحاجب تماما. علامة علي طفولة مضت للأبد?
لم أكن ضحية فقط! ففي مرة حين الظهيرة والجميع نيام كنت العب مع طفل بعمري جوار بئر. لا اذكر اسمه لكنه كان ابن سلمان الأسود الذي، للغرابة، كان رجلا وسيما وبشرته بيضاء! لا ادري كيف دفعت الطفل ولماذا الى البئر؟ سقط هناك وراح يصرخ ــ لحسن الحظ ان آبارنا ليست عميقة ــ ولعلي أنا الذي صرخت. استيقظ النيام من قيلولتهم وهبط احدهم الى البئر لينقذ الطفل. اذكر وجه سلمان الأسود وشعره الأسود اللماع والمصفف علي طريقة ممثلي هوليوود حينها. اعتقد ان أمى صفعتني وشعرت ان الجميع ضدي. كانت تلك ربما أول وآخر محاولة قتل من جانبي. لحسن الحظ ما زلت بريئا.. ثمة ذكري أخري تأتي مرارا، خصوصا منذ إقامتي في الريف بشكل دائم منذ العام. ولعلها لعبت دورا في نظام حياتي اللاحق. مازلت اذكرها وكأنها حدثت بالأمس. كان ذلك أوائل أيار من العام. وكنا قد انتقلنا الى دار جديدة في حي من أحياء بغداد التي نمت كالفطر حينذاك. بيتنا بني في مكان كان حقلا للقمح وكانت هناك آثار جدول يمر أمام الدار سرعان ما درس بفعل الأقدام التي تمر ثم بمرور السنوات تحول الى طريق مبلطة. كانت الأيام الأولي لانتقالنا وكان هناك خروف اشتراه أبي. ربطتني صداقة يومية مع الخروف الذي كان يتجول معي في الحقول المجاورة للبيت. كان الفصل ربيعا وكانت الأرض خضراء بالخبيز والتولة وورود الحقول.
أحيانا كنت اركب علي ظهر الخروف ليأخذني هو في جولة يحددها ــ لك ان تتصور كم كنت صغيرا! في صباح مضينا بعيدا بين الحقول، الى نهاية العالم كما تصورت حينها، فقد غابت الدار عن ناظري ولم اعد اسمع غير صدي الأصوات. أصبت بالرعب وحاولت إجبار الخروف على العودة، غير انه كان عنيدا! نزلت من عليى ظهره وأطلقت ساقي للريح وأنا ابكي. لا ادري كيف وصلت الدار لكني وجدت أمي تعد التنور فأخبرتها ان الخروف مضي الى نهاية الدنيا فضحكت ونادت أبي الذي مضي معي بحثا عن الخروف. وجدناه بسهولة بعد خطوات عن الدار. كان يقضم الحشائش ويرغو فرحا. بعد أيام اقتاد أبي الخروف وذبحه عند عتبة الدار وسط صراخي وكانت أمي تمسك بي. لطخوا بدمه جدران الدار وقطعوه اربأ و وزعوا لحمه علي الجيران. اذكر أني كنت أحدق في عينيه اللتان غشتهما زرقة الموت ومنذ ذلك اليوم وأنا أري العينين في كل مكان. حاول أبي استرضائي بأن طهي لي الكليتين بطريقته لكني لم آكل من لحمه. وإذا كنت اليوم نباتيا لا اقضم اللحم فربما بسبب هذه الذكري - الهاجس.
ذكريات كثيرة ظلت هكذا مخزونة في هذه الذاكرة التي احملها بعيدا عن المكان الأول. أين مضي هؤلاء الأبطال الذين أتحدث عنهم الآن وهل يتذكرون ما أتذكره عنهم؟
الحياة عجيبة فكل ما نظنه ماض هو باق في مكانه للأبد في هذه الذاكرة العجيبة حتى كأن حياتي كلها في العراق ليست غير ذكري بعيدة. حقا انها قصة يرويها مجنون.
عالم بعيد
لقد كان المرحوم والدك يعتقد ان فرنسا منطقة تقع بعد بعقوبة، أي ان حدود العالم بالنسبة إليه كانت تبدأ من هناك؟ وأنت وصلت الى هذا العالم.. كيف عبرت عن فكرة والدك عن العالم الى العالم نفسه البعيد حقا؟
ــ كلا، فبعد بعقوبة كان يعتقد ان الروس كانوا هناك. ومرد ذلك من دون شك يعود الى الفيلق الروسي الذي توغل في العراق إبان الحرب العالمية الثانية اثر احتلال ستالين لجزء كبير من الأراضي الإيرانية وفق اتفاق مع بقية الحلفاء. إما فرنسا فكان أبي يعتقد انها قائمة بعد زاخو، القضاء الحدودي بين العراق وتركيا وسوريا. كان والدي جنديا في العشرينات والثلاثينيات. وبسبب تجوال الجيش منذ ذلك الوقت فهو يعرف العراق أكثر من أولاده. كان يعرف القرى والقصبات والأقضية والمدن في شمال العراق وجنوبه علي السواء. فقد قاتل في حروب كردستان كلها وشارك كجندي في قمع انتفاضة الآثوريين وشارك في القوات التي تصدت لانتفاضات القبائل الجنوبية في أسفل دجلة والفرات والأوسط كما انه قبل ذلك شارك مع المجاهدين الشيعة في التصدي لقوات الاحتلال البريطاني وهو يعرف السيك والكركة؟ اعتقد انه التقي أو شاهد الجنود الفرنسيين الذي كانوا يحتلون سوريا وجنوب تركيا حينذاك فظن انها فرنسا، تلك التي تقع بعد زاخو. لقد كان أبي رجلا ينتمي الى القرن التاسع عشر ولم يوافق علي دخول القرن العشرين ربما لأنه قرن سقوط الخلافة الإسلامية بعد سقوط إمبراطورية العثمانيين التي عاش العراقيون تحت رايتها قرابة الست قرون. كان (عصمليا) بالمعني الحقيقي يتحدث عن داود باشا ومدحت باشا والسلطان عبد الحميد كما لو انه عرفهم شخصيا. يقص لك مغامرات جعفر العسكري ومدحت سليمان وبكر صدقي كما لو انه احد أبطالها. ظل لزمن طويل يستعمل مفردات عثمانية، كانت تضحكنا، ولم يحاول تعلم مرادفاتها العربية.
بهذا المعني فان ذاكرته كانت غريبة علينا كما انه كان مسنا ولم يعرف احد كم من السنوات قد عاش. كان لا يعرف القراءة والكتابة لكنه يجيد الحساب الذهني ويستطيع جمع وطرح أرقام كبيرة. هكذا فالعالم بالنسبة إليه هو ما يعرفه. بعد حدود قبيلته فتحت له الحياة العسكرية حدود مدن وقري عراقية وما هو خارج هذه الحدود فهو نهاية العالم أو قل دار الكفر بالمصطلح التقليدي باستثناء مكة والمدينة فهي أراض يعرفها بالقلب.
اعتقد ان صورة أبي قد طبعتني كثيرا. أنا أشبهه الى حد كبير وذاكرتي بدورها قد توقفت بشكل أو بآخر لحظة خروجي من العراق. وصلت الى الطرف القصي الذي لم تدركه مخيلة أبي وها أنا في فرنسا منذ ربع قرن، لكني مازلت ابحث في الذاكرة البعيدة التي توقفت عندها ذاكرة أبي. لو قرأت قصص (القارئ البغدادي) التي صدرت قبل شهور بالفرنسية وسبق وان نشرت اغلبها في الصحافة العربية، ستجد انها قصص تنطلق من ذاكرة حلولية هي ذاكرة أبي. ليس غريبا ان يتقاسم الأدوار في القصص كلها، ربما، شخصيتين الشيخ والشاب وهما في الحقيقة شخصية واحدة في ادوار متعددة من الحياة. النقد الذي تعامل مع هذه القصص بالفرنسية تعامل مع (قصص فنتازية) هي فانتازيا أبي الطبيعية، فالفنتازيا تبدأ حينما تختلط الأزمنة والأمكنة وتتلاشي الحدود كما هو قائم في الطبيعة.
كيف أتيت الى القصة؟ هل كان اختيارك بتوجيه من أخوتك؟ أم لأنك نفسك رأيت بأن احد أخوتك يمارس قول الشعر لهذا اخترت القصة لتميز نفسك عنه؟
ــ في ما تقوله شيء من الصحة، لكن هذه أمور يتولى شأنها اللاوعي فنحن لا نقرر هكذا ان نصبح شعراء أو روائيين، فالأمر اعقد من هذا بكثير. بدأت القراءة مبكرا بتوجيه من أخوتي الذين كانوا ينتمون الى الوسط الثقافي. أخي الأكبر جعفر كان صحفيا لامعا في الستينيات والسبعينيات وأخي الأوسط كان شاعرا في أوج شبابه وله مكانه في خارطة الشعر العراقي. لكني قبل هذا كنت قد كتبت القصة حينما كان عمري عشر سنوات في دفتر القراءة حيث كان علينا نقل مادة كاملة من الكتاب الى الدفتر. كانت قصة رعب عن لص يأتي يهدد امرأة تسكن وحدها في بيت يطل علي البحر. لا شك أني كتبتها بوحي من فيلم شاهدته في التلفزيون. في ذلك الوقت كنت أحب مسلسل أمريكي أو إنكليزي اسمه (ساعة مع النجوم) وكانت أفلامه بوليسية. اذكر ان أخي جمعة شجعني ليلتها بعد ان قرأ القصة وابتسم. توجيه أخوتي كان في فرص القراءة. كانت لدينا في الدار مكتبة عامرة بالروايات والمسرحيات والدواوين وكتب السياسة والاجتماع والاقتصاد والتاريخ وكنا نعير الكثير من الكتب إلي الأصدقاء والطلبة حتى انه كان هناك دفتر للإعارة ودفتر سجلت فيه أسماء الكتب ومؤلفيها. باختصار كانت نوع من مكتبة عامة. كنت أحب قراءة كتاب تاريخ العالم الذي كان في ست أجزاء كبيرة الحجم، بطبعة مصرية. كما ان أمي راوية حكايات عجيبة. كانت تروي حكايات كثيرة، تتغير في كل مرة، أخذتها عن أمها وخالتها اللتان عرفتهما وكانتا قاصتين من طراز نادر. كنت قريبا من أمي ومدللها ــ ربما مازلت رغم أني لم أرها منذ أكثر من عشرين عاما! ــ وكنت اسمعها بدهشة وهي تحكي عن ماض ذهبي كان يبدو لي بعيدا. قصص عن حروب القبائل وقصص الأنبياء والأئمة والأولياء وعن أبي نؤاس المختلط بجحا وأبو القاسم الطنبوري... دون شك فان هذه الحكايات وطريقة الإصغاء إليها شكلت زاوية نظر الذاكرة ان أحسنت العبير. إذ كنت التقط الحدث مرتبطا بشكل أساسي بالزمن وهو ما يشكل جوهر القص. اذكر أني جربت كتابة الشعر. و أول قصيدة كتبتها كانت يوم الخامس من حزيران (يونيو) عام. يومها شاركت في تظاهرة اخترقت شارع الرشيد في بغداد بمناسبة الذكري الأولي لنكسة حزيران (يونيو). وبعد التظاهرة اشتريت جريدة (الأنوار) اللبنانية التي أجرت تحقيقا عن الفدائيين. كانت المرة الأولى في حياتي التي اشتري فيها جريدة. في طريق العودة، وفي الحافلة بدأت بكتابة قصيدة علي ورقة معي.
قصيدة من عشرة أبيات تبدأ هكذا:
مضي. ما مضي
عام علي نكسة
ولكن سيأتي عام جديد
سننشد فيه النشيد
فدائيون نحن
سنخلق فجرا جديد
كانت قصيدة ساذجة، أريتها لأخي نبيل الذي ابتسم وأعطاني ملاحظات لكني في قرارة نفسي أدركت أني باق دائما علي حافة الشعر، ومازلت.
الكتاب الذي جعلني انحاز نهائيا الى القصة منذ وقت مبكر هو (حكايات شعبية روسية) طبعة دار التقدم السوفيتية. كان كتابا مجلدا بلون برتقالي فيه أجمل القصص الشعبية الروسية عن ايفان والفلاح الروسي والملكة الضفدعة والأرنب السحري. كان الكتاب هدية من أخي جمعة لي ولأخي نبيل. لا أظن ان أخي قرأه غير أني اذكر أني بقيت ظهيرة كاملة، ممددا علي الأريكة اقرأ هذه القصص الروسية ــ الجليدية في ظهيرة صيف عراقي. حينما انهي الجميع القيلولة كنت قد أنهيت الكتاب، سعيدا بكتابي الأول الذي قرأته في ظهيرة واحدة، دون قطع. بعدها جاء همنغواي والبير كامي وشتاينبك ويوسف إدريس ومحمد خضير وجليل القيسي ليجعلوا من القصة طريقتي في تخيل العالم.
شهادة ابداعية
لكن هذا الاختيار لم يكن منطقيا، فكتاباتك شعرية جدا وأحيانا تجنح الى الشعر تماما برغم انك صرحت في شهادة لك تعود الى عام (حين يكف الشعر، في ان يكون لغة للعالم، تخرج القصة وتتحول الى أبجديات...).
ــ هذا لا ينفي ذاك. اعتقد أني بي حاجة ملحة الى الصمت. مبكرا كنت احضر، بصحبة أخوتي وخصوصا نبيل، مهرجانات شعرية في قاعة ساطع الحصري في كلية الآداب ببغداد. كان أخي شاعر الكلية المكرس. كما ان تلك المرحلة كانت مرحلة شعر وجدل شعري وعودة البياتي والجواهري. لا تنسي البيان الشعري الذي كتبه فاضل العزاوي والرد عليه والنقاش حول الشعر العمودي والتفعيلة كما ان انقلاب قد شجع الشعر كثيرا وكان بين الانقلابيين شعراء من نمط صالح مهدي عماش وشفيق الكمالي وشاذل طاقة... باختصار كان هناك ضجيج كثير لا يحتمل أحيانا يضاف إليه ضجيج مكبرات الصوت التي انتقلت من بث القرآن والمقتل الحسيني الى بث شعر سليمان العيسى والكمالي المغني. في ذلك الوقت وأنت تدخل كلية الآداب التي كنت ارتادها بصحبة أخي كما أسلفت، رغم أني كنت في السنة الأولى من الثانوية، كنت تسمع ضجيجا يتفوق علي ضجيج (سوق الهرج) المشهور في بغداد. كل هذا خلق لدي رغبة في الصمت، الهدوء. القصة كانت خير ملاذ. فحين تكتب قصة لا ترتفع عقيرتك. القصة تكتب بصمت وتأمل والإيقاع فيها خفي خفية مشاعر الحب الحقيقي.
يضاف الى هذا ما ذكرته، فقد كنت منذ ذلك الوقت محملا بذكري المستقبل. كنت حالما، غائبا معظم الوقت عن الواقع والقصة هي العوالم الداخلية مرصوفة بتأن حجرا علي حجر. أما الشعر فهو قول بالأساس. علي هذا النحو فلم أكن يوما شاعرا، وقد صرحت مرارا بذلك، برغم ان البعض مصر علي نعتي بشاعر. كنت دوما علي هامش الشعر وما اكتبه هو سرد يجتاحه حينا دفق شعري بحكم موقع اللغة في الكتابة والشعر هو جوهر اللغة في كل لغات العالم.
لقد عرفت الشهرة النوعية مبكرا، في بغداد ضمتك مجلة (الكلمة) الى ملفها الشهير (قصاصون بعد جيل الستينيات) الذي صدر؟
ــ لا اعتقد ذلك. بغداد الأدبية كانت صغيرة جدا. بضعة مقاه في الرصافة بين مقهى البرلمان وحسن عجمي وكازينو رعد علي كورنيش أبو نؤآس ومقهى إبراهيم المعروف بـ(مقهى المعقدين) يكفي ان تعرف في هذه الأماكن حتى تصبح مشهورا. صحيح أني مارست الكتابة الصحفية مبكرا وقبلها أعطت لي نشاطاتي السياسية في سنوات مراهقتي سمعة ما لكني اعتقد ان مرد شهرتي كانت لكوني في ذلك الوقت كنت من أجمل شباب بغداد كما عرفت ذلك بعد سنوات، فقد كنت بريئا جدا كي أدرك ذلك؟
أما ما يتعلق بمجلة الكلمة وملفها الشهير فالأمر تم بالصدفة. في ذلك الوقت كنت قد كتبت الكثير من القصص التي لم تنشر، لأنها لم توافق الذوق السياسي السائد حينها. وكان أصدقاؤنا الشيوعيون أكثر صرامة في الرقابة من مسئولي وزارة الإعلام الرسمية التي تمثل الدولة والحزب الحاكم. لقد رفضت مجلة (الثقافة الجديدة) كل قصصي بحجة انها تسيء للجبهة الوطنية كذلك أسبوعية (الفكر الجديد) التي كادت ان تعرضني الى محكمة من قبل الدولة بعد محاكمة جزء من هيئة تحريرها لي. أجلست حينها في قاعة وكان الكاتب فاضل الربيعي رئيسا للجلسة وسامي محمد ــ الذي توفي مؤخرا في بغداد ــ وسلوى زكو أعضاء. خلال ساعات من التهكم والتأنيب بل وشيء من التهديد من طرف عضوي المحكمة وليس الرئيس الذي كان أكثر تفهما، افهموني ان قصتي (الرجال التكعيبيون) هي إدانة للحزب الشيوعي وبالتالي لن تنشر وينبغي ان تتلف. لكن رئيس المحكمة سلمها لي في ما بعد خفية، ولحسن الحظ فقد كانت النسخة الوحيدة، فلم تكن هناك أدوات (فوتو كوبي) حينها. ولقد نشرتها في العدد الأول من مجلة أصوات عام. طبعا كل هذا وأنا لم أكن حينها عضوا في الحزب الشيوعي، فقد استقلت منه ليلة السابع عشر من تموز (يوليو) عام، أي ليلة توقيع عقد الجبهة الوطنية التي كانت الفاتحة للخراب العراقي اللاحق. أما طريق الشعب فقد احتفظت بثلاث قصص لي لم تنشر لذات الأسباب ولا بد أنهن اتلفن أو لعلهن ينمن في أرشيف الجريدة في احد مخازن الأمن العام. مرة هبط الشاعر سعدي يوسف من مكتبه في الجريدة حيث كان رئيس الهيئة المشرفة علي صفحة ثقافة ليفهمني ان هيئة التحرير المكونة من الشاعر الفريد سمعان والشاعر حميد الخاقاني والقاص إبراهيم احمد والناقدين ياسين النصير وفاضل ثامر وآخرين لم توافق علي نشر قصة لي لأن شخصية الشيخ المجنون تشير صراحة الى الحزب. لكن سعدي أضاف انه لا يمانع في نشرها وهو لا يري فيها ما رآه الآخرون. كما تعلم فان هذه المنشورات كلها شيوعية ــ يسارية.
هكذا، كما تري، فان فرص النشر كانت محدودة. لذلك حين عرفت بعزم مجلة (الكلمة) علي نشر ملف عن قصص الشباب، بادرت الى الاتصال بموسي كريدي سكرتير تحرير مجلة (الكلمة). كان دمثا عبر الهاتف ولم أكن اعرفه شخصيا أو يعرفني. اتفقنا علي موعد لأسلمه قصتين. حين ذهبت إليه في مكتبه في وزارة الإعلام فوجئت بقصر قامته، فقد كنت أتخيله كموسي العبراني عملاقا! سلمته القصتين اللتان قرأهما بحضوري وأعلن موافقته علي نشرهما بعد ان طلب مني شهادة بعثتها، في ما بعد، بالبريد.
فوجئت بالعدد في ما بعد وقد أثار ضجة وإعجاب، وكان العدد الأخير من هذه المجلة. فقد منعت، كما يبدو، بعد ذلك، وعوض عنها بمجلة لأدب الشباب سميت (الطليعة الأدبية) لم انشر فيها مطلقا، فقد كانت مجلة رسمية تفرض شروطها المعروفة. بعد نشري لهاتين القصتين التقيت بالناقد ياسين النصير الذي علق ان قصصي سطحية ولا واقعية، فقد كان النصير متعلقا جدا بالواقعية الاشتراكية وكان يريد منا ان نكتب قصصا سوفيتية كقصة (البراد) التي نشرها إبراهيم احمد في طريق الشعب حينها، وأثارت جدلا ايجابيا. كانت قصة تحكي عن زوج من (التقدميين) يشترون برادا ويعلنون فرحهم به كتكنولوجيا عالية? !? اعتقد ان البراد كان سوفيتي الصنع! لحسن الحظ تخلي إبراهيم احمد عن كل هذا بعد ان صفعه المنفي صفعة العمر ورمي به في نهاية العالم. إما الشاعر والناقد فوزي كريم ــ الذي كان يوصف بالعدمي ــ قد كتب نقدا جيدا للعدد الأخير من المجلة أتي فيه على ذكري بإعجاب، بينما هاجمني الشيوعيون لأن قصصي فنتازية وليست لها علاقة بالطبقة العاملة. الغريب ان أكثر الشيوعيون الشباب الذين نشروا في هذا العدد قصصا عن الطبقة العاملة توقفوا عن الكتابة نهائيا، ولعلي الوحيد ممن نجوا من كتاب هذا العدد.
شهادة ابداعية
لكن هذا الاختيار لم يكن منطقيا، فكتاباتك شعرية جدا وأحيانا تجنح الى الشعر تماما برغم انك صرحت في شهادة لك تعود الى عام (حين يكف الشعر، في ان يكون لغة للعالم، تخرج القصة وتتحول الى أبجديات...).
ــ هذا لا ينفي ذاك. اعتقد أني بي حاجة ملحة الى الصمت. مبكرا كنت احضر، بصحبة أخوتي وخصوصا نبيل، مهرجانات شعرية في قاعة ساطع الحصري في كلية الآداب ببغداد. كان أخي شاعر الكلية المكرس. كما ان تلك المرحلة كانت مرحلة شعر وجدل شعري وعودة البياتي والجواهري. لا تنسي البيان الشعري الذي كتبه فاضل العزاوي والرد عليه والنقاش حول الشعر العمودي والتفعيلة كما ان انقلاب قد شجع الشعر كثيرا وكان بين الانقلابيين شعراء من نمط صالح مهدي عماش وشفيق الكمالي وشاذل طاقة... باختصار كان هناك ضجيج كثير لا يحتمل أحيانا يضاف إليه ضجيج مكبرات الصوت التي انتقلت من بث القرآن والمقتل الحسيني الى بث شعر سليمان العيسى والكمالي المغني. في ذلك الوقت وأنت تدخل كلية الآداب التي كنت ارتادها بصحبة أخي كما أسلفت، رغم أني كنت في السنة الأولى من الثانوية، كنت تسمع ضجيجا يتفوق علي ضجيج (سوق الهرج) المشهور في بغداد. كل هذا خلق لدي رغبة في الصمت، الهدوء. القصة كانت خير ملاذ. فحين تكتب قصة لا ترتفع عقيرتك. القصة تكتب بصمت وتأمل والإيقاع فيها خفي خفية مشاعر الحب الحقيقي.
يضاف الى هذا ما ذكرته، فقد كنت منذ ذلك الوقت محملا بذكري المستقبل. كنت حالما، غائبا معظم الوقت عن الواقع والقصة هي العوالم الداخلية مرصوفة بتأن حجرا علي حجر. أما الشعر فهو قول بالأساس. علي هذا النحو فلم أكن يوما شاعرا، وقد صرحت مرارا بذلك، برغم ان البعض مصر علي نعتي بشاعر. كنت دوما علي هامش الشعر وما اكتبه هو سرد يجتاحه حينا دفق شعري بحكم موقع اللغة في الكتابة والشعر هو جوهر اللغة في كل لغات العالم.
لقد عرفت الشهرة النوعية مبكرا، في بغداد ضمتك مجلة (الكلمة) الى ملفها الشهير (قصاصون بعد جيل الستينيات) الذي صدر؟
ــ لا اعتقد ذلك. بغداد الأدبية كانت صغيرة جدا. بضعة مقاه في الرصافة بين مقهى البرلمان وحسن عجمي وكازينو رعد علي كورنيش أبو نؤآس ومقهى إبراهيم المعروف بـ(مقهى المعقدين) يكفي ان تعرف في هذه الأماكن حتى تصبح مشهورا. صحيح أني مارست الكتابة الصحفية مبكرا وقبلها أعطت لي نشاطاتي السياسية في سنوات مراهقتي سمعة ما لكني اعتقد ان مرد شهرتي كانت لكوني في ذلك الوقت كنت من أجمل شباب بغداد كما عرفت ذلك بعد سنوات، فقد كنت بريئا جدا كي أدرك ذلك؟
أما ما يتعلق بمجلة الكلمة وملفها الشهير فالأمر تم بالصدفة. في ذلك الوقت كنت قد كتبت الكثير من القصص التي لم تنشر، لأنها لم توافق الذوق السياسي السائد حينها. وكان أصدقاؤنا الشيوعيون أكثر صرامة في الرقابة من مسئولي وزارة الإعلام الرسمية التي تمثل الدولة والحزب الحاكم. لقد رفضت مجلة (الثقافة الجديدة) كل قصصي بحجة انها تسيء للجبهة الوطنية كذلك أسبوعية (الفكر الجديد) التي كادت ان تعرضني الى محكمة من قبل الدولة بعد محاكمة جزء من هيئة تحريرها لي. أجلست حينها في قاعة وكان الكاتب فاضل الربيعي رئيسا للجلسة وسامي محمد ــ الذي توفي مؤخرا في بغداد ــ وسلوى زكو أعضاء. خلال ساعات من التهكم والتأنيب بل وشيء من التهديد من طرف عضوي المحكمة وليس الرئيس الذي كان أكثر تفهما، افهموني ان قصتي (الرجال التكعيبيون) هي إدانة للحزب الشيوعي وبالتالي لن تنشر وينبغي ان تتلف. لكن رئيس المحكمة سلمها لي في ما بعد خفية، ولحسن الحظ فقد كانت النسخة الوحيدة، فلم تكن هناك أدوات (فوتو كوبي) حينها. ولقد نشرتها في العدد الأول من مجلة أصوات عام. طبعا كل هذا وأنا لم أكن حينها عضوا في الحزب الشيوعي، فقد استقلت منه ليلة السابع عشر من تموز (يوليو) عام، أي ليلة توقيع عقد الجبهة الوطنية التي كانت الفاتحة للخراب العراقي اللاحق. أما طريق الشعب فقد احتفظت بثلاث قصص لي لم تنشر لذات الأسباب ولا بد أنهن اتلفن أو لعلهن ينمن في أرشيف الجريدة في احد مخازن الأمن العام. مرة هبط الشاعر سعدي يوسف من مكتبه في الجريدة حيث كان رئيس الهيئة المشرفة علي صفحة ثقافة ليفهمني ان هيئة التحرير المكونة من الشاعر الفريد سمعان والشاعر حميد الخاقاني والقاص إبراهيم احمد والناقدين ياسين النصير وفاضل ثامر وآخرين لم توافق علي نشر قصة لي لأن شخصية الشيخ المجنون تشير صراحة الى الحزب. لكن سعدي أضاف انه لا يمانع في نشرها وهو لا يري فيها ما رآه الآخرون. كما تعلم فان هذه المنشورات كلها شيوعية ــ يسارية.
هكذا، كما تري، فان فرص النشر كانت محدودة. لذلك حين عرفت بعزم مجلة (الكلمة) علي نشر ملف عن قصص الشباب، بادرت الى الاتصال بموسي كريدي سكرتير تحرير مجلة (الكلمة). كان دمثا عبر الهاتف ولم أكن اعرفه شخصيا أو يعرفني. اتفقنا علي موعد لأسلمه قصتين. حين ذهبت إليه في مكتبه في وزارة الإعلام فوجئت بقصر قامته، فقد كنت أتخيله كموسي العبراني عملاقا! سلمته القصتين اللتان قرأهما بحضوري وأعلن موافقته علي نشرهما بعد ان طلب مني شهادة بعثتها، في ما بعد، بالبريد.
فوجئت بالعدد في ما بعد وقد أثار ضجة وإعجاب، وكان العدد الأخير من هذه المجلة. فقد منعت، كما يبدو، بعد ذلك، وعوض عنها بمجلة لأدب الشباب سميت (الطليعة الأدبية) لم انشر فيها مطلقا، فقد كانت مجلة رسمية تفرض شروطها المعروفة. بعد نشري لهاتين القصتين التقيت بالناقد ياسين النصير الذي علق ان قصصي سطحية ولا واقعية، فقد كان النصير متعلقا جدا بالواقعية الاشتراكية وكان يريد منا ان نكتب قصصا سوفيتية كقصة (البراد) التي نشرها إبراهيم احمد في طريق الشعب حينها، وأثارت جدلا ايجابيا. كانت قصة تحكي عن زوج من (التقدميين) يشترون برادا ويعلنون فرحهم به كتكنولوجيا عالية? !? اعتقد ان البراد كان سوفيتي الصنع! لحسن الحظ تخلي إبراهيم احمد عن كل هذا بعد ان صفعه المنفي صفعة العمر ورمي به في نهاية العالم. إما الشاعر والناقد فوزي كريم ــ الذي كان يوصف بالعدمي ــ قد كتب نقدا جيدا للعدد الأخير من المجلة أتي فيه على ذكري بإعجاب، بينما هاجمني الشيوعيون لأن قصصي فنتازية وليست لها علاقة بالطبقة العاملة. الغريب ان أكثر الشيوعيون الشباب الذين نشروا في هذا العدد قصصا عن الطبقة العاملة توقفوا عن الكتابة نهائيا، ولعلي الوحيد ممن نجوا من كتاب هذا العدد.
لكن هذه الشهرة سرعان ما حل عليها الضباب،خصوصا وانك لم تنشر إلا كتبا قليلة وبشكل متباعد جدا، خصوصا بعد تركك المبكر للعراق عام؟ بماذا انشغلت آنذاك؟ بالحياة من جديد؟
ــ لقد جاء النفي بعد ذلك ليلغي كل شيء. ليس ضبابا ما حل بل هو مطر من الطين. كان علي ان أعيد ترتيب كل شيء وقد وجدت نفسي وحيدا في متاهة شاسعة. كان علي ان استوعب المكان الجديد بنوره بحثا عن ذرات الغبار التي تذكرني بالماضي. كان علي ترتيب زمن آخر لا يجري كما اعتدت. كان علي ان أتعلم لغة أخرى لكي أعود من جديد (حيوانا ناطقا)، كان علي ان أتعلم شفرات أخرى للتواصل الاجتماعي في الحب والكراهية، في الحزن والفرح، في القرب والبعد. باختصار كان علي ان استوعب من جديد ولادتي تحت شمس أخرى لكنها ولادة محملة بذكريات عن ماض. ليس سهلا ان يلد الكائن وهو مثقل بذكريات.
هذا الاجتثاث المبكر ــ الولادة الثانية ترك ندوبا مازالت و لا أظن ان لي شفاء منها. في تقديري ليس من المعقول والمنطقي ان يعيش الإنسان أكثر من نصف حياته مقطوعا، تماما، عن عالمه الأصل! لكن هذا هو واقع الحال. حينما وصلت الى هنا وجدت نفسي لشهور غير قادر علي تحرير رسالة أو بطاقة. وفي اليوم الأول لوصولي في الثالث من آب لتلك السنة، غفوت لساعات في فندق باريسي. حين أفقت كنت قد نسيت سفري.
نهضت وألقيت نظرة علي الشارع فأدركت أنني كنت في المنفي وان زمنا سحيقا قد مر منذ الصباح، لم أر فيه أحدا من أهلي. ولم تكن غير بضع ساعات فاصلة بين يقظتي في ذلك الفجر ويقظتي الأخرى في أول المساء. كان يوما واحدا لكنه أطول الأيام التي عشتها. ومنذ ذلك اليوم، أدركت في قرارة نفسي ان لي حياتين واحدة مضت في رمشة عين والي الأبد وأخرى تقودني في المتاهة.
هكذا، بعد هذه المجزرة الصامتة? ــ إدراك المنفي ــ فكل شيء يصبح ضربا من المستحيل. كان علي الانتظار سنوات كي ارتب الذاكرة وابدأ الحياة، اقصد حياة الإنسان الراشد. الأدب يصبح جزءا من الوعي بهذه المتاهة. الخدر المؤلم ــ واللذيذ حينا بهذا الضياع الذي لا يضاهي في وحدة العالم. الشعور بإدانة الآلهة القاسية يجعلك تستفرد بعذاب لا يداويه دواء. ولابد من سنوات للخروج من قعر القمقم كما يقال. وحين تخرج، ان خرجت؟ فانك كائن آخر رافق بياتريس في جحيم دانتي وقد تجرع مرارة الجمال.
صحيح أني نشرت القليل وبشكل متباعد. لكني اشعر أني لم ابدأ بعد. غير أني اليوم وقد قضيت تماما ربع قرن في المتاهة فقد بدأت الملم خيوط الزمن البعيد واربطه بالآخر الذي أنا فيه اليوم. لا بد من ربط هذين الزمانين لأفهم ما الذي حدث بالضبط. بتواضع اشعر أني بدأت افهم ما حدث وقريبا ستأتيك أخبار هذا الزمن الذي وحدت مجراه.
مجلة (أصوات)
برغم أنكم (أنت ومجموعة أخرى من المثقفين: عبد الحسين الهنداوي وقيس العزاوي.. الخ)، قد أسستم مجلة ثقافية هي مجلة (أصوات) في نهاية عام وهي علي بساطتها مجلة مهمة جدا آنذاك، بل كانت الوحيدة التي امتلكت الشجاعة.. فانا حينما وصلت الى باريس في خريف عام (.....) اقتنيت العدد الثالث وأنا ارتجف من الفرح وربما من الخوف!
ــ صدر العدد الأول من أصوات في خريف وليس، في أيلول بالضبط. نعم كانت مغامرة رائعة أنقذتني وكذلك كثيرين من السقطة. كان عبد الحسين الهنداوي لولب ذلك المشروع. كان أكثرنا حماسا وربما تجربة. فقد كان مناضلا شيوعيا خرج من غياهب تجربة قاسية في جبال كردستان وكان مكتظا بالحماس الشيوعي الأسطوري، برغم بعض فوضويته.
في بواتيه التي وصلتها قادما من مزارع العنب قرب تور ــ بصحبة حجر مهدي وماهر كاظم الذي عاد فيما بعد في ظروف سياسية غريبة ليقتل في العراق وتضيع آثاره ــ التقيت بعبد الحسين الذي كنت اعرفه بالكاد في العراق. صرنا صحبة فكرية وثقافية. كان هناك آخرين، لا ادري ان كانوا يحبذون ان اذكر أسمائهم اليوم كانوا حالمين مثلي، منفيين، ويبحثون عن حلول للمستقبل. فقد كنا نري، برغم بساطتنا، حجم الكارثة القادمة. الحلم له عيون تري المستقبل وبعيون الحلم كنا ننظر الى العراق. نشأت فكرة المجلة في بواتيه بعد ان وصلناها، نحن بضعة شبان في العشرينيات من أعمارهم. كان جو الهزيمة يخيم علي الأجواء بعد انكسار الحركة الكردية وتشتتها في أعقاب اتفاقية الجزائر عام قبل ذلك. في بواتيه كان هناك زخم سياسي صنعه بضعة أفراد، كانوا يبدون من بعيد كأنهم جيش عرمرم! مع عبد الحسين الهنداوي وحد ناقشنا الفكرة وكان عبد الحسين يملك علاقات مع عراقيين آخرين في باريس بينهم قيس العزاوي ومثقف آخر يعمل الآن في منظمة دولية وفاضل عباس هادي والرسام احمد أمير الذي توفي عقب حرب الخليج في برلين. اجتمعنا في مقهى كلوني بباريس وشكلنا هيئة التحرير من: الهنداوي، والعزاوي، وهادي والآخر وأنا. عبد الحسين وأنا اشتغلنا على العدد الأول لوجستيكيا برفقة احمد أمير الذي تولي إخراجه الفني وكتب نصا فيه. نشرت فيه، كما قلت لك قصة الرجال التكعيبيون المارة الذكر ومادة عن مأساة الثقافة العراقية ضمن تصوري في ذلك الوقت وبضعة متابعات. عبد الحسين وكتبوا فيه مادة فكرية تناقش الأسس الفاشية لحزب البعث وهكذا مع قصائد وقصة لصادق احمد كنا نكتب بأسماء مستعارة، أنا مثلا كنت اكتب باسم محمد إمام وسعيد البوم ومثقف عراقي... الخ.
قيس العزاوي الذي كان أكثرنا فهما للدبلوماسية تولي أمانة الصندوق وكان يجمع التبرعات ويهتم بالإعلام، فهو رجل علاقات وكان يكتب باسمه الصريح.
كان صدور العدد الأول مفاجأة لنا، فقد استقبل بترحاب وأثار ضجة. التف حولنا الكثير في فرنسا وألمانيا والسويد وسوريا ولبنان. ثم مضت تجربة المجلة بأعدادها العشرة الأولى. أنا تركتها بعد العدد السادس. فقد شعرت ان العالم كان يتغير، كما ان السياسة غلبت على مجمل موضوعاتها، إضافة الى ان اندلاع الحرب العراقية ــ الإيرانية في عام أعطاني صفعة قوية، فقد كنت أتوقعها واخشي نتائجها. في العدد الثاني من أصوات، شتاء، كتبت مقالة طويلة (مهرجان الشتائم) تحت توقيع سعيد البوم، توقعت فيها إطاحة صدام للبكر وجعل العراق اكبر ترسانة للسلاح في الشرق الأوسط وشن الحرب علي إيران وتجفيف الاهوار وشن حرب (الانفال) أو ابادة الأكراد وسقوط العراق نهائيا كدولة وشعب. كما قلت لك، كنا بسطاء لكننا كنا ننظر بعين الحلم، وبامكانك ان تراجع هذه المقالة لتقرأ ما أقوله لك مكتوبا قبل أكثر من عقدين وربما بالحرف الواحد كما يقال.
علي كل حال، وبعد قرابة ربع قرن علي صدورها وقرابة عقدين علي توقفها تبدو تجربة مجلة أصوات مهمة، فهي قد كسرت، ربما للمرة الأولى وفي أوج قوة الحكم في العراق، حاجز الخوف الذي عاد فأطبق وحاولت انتفاضة آذار كسره عام. بعدها خربت الدار وخرج نصف أهلها وظهرت صحف ومجلات كثيرة، لكن تجربة هذه المجلة المتواضعة تبقي علامة مهمة في تاريخ الصحافة العربية الحرة. فقد كنا لا نعرف ما الرقابة ونحن ننشر المواد التي تصلنا، وهذا حتى اليوم أمر لا يحدث!
أراك أحيانا ككاتب تضيع جهدك كثيرا بل تشتت نفسك في هذا التنويع ما بين ما هو شعري وبين ناهو نثري؟ فكم من القصص القصيرة التي نشرتها والتي تحتاج كل واحدة منها الى كتاب، غير ان نفسك الكتابي كما يبدولي قصيرا، بل قل شعري، لهذا يفضل أحيانا ان يعبر عن نفسه بطريقة شعرية، وهي برأيي لا ترقى مستوي التعبير الذي بامكانك ان تعطيناها لو عبرت بطريقة نثرية؟
ــ اعتقد ان الأمر أكثر تعقيدا من هذا. لست شاعرا، أود ان أؤكد ذلك دائما. ثمة جنوح الى الشعري في السرد حينما أكون في أزمة مستعصية. هكذا كتبت (على ضفاف الجنون) و(أرض للنسيان)، ثمة حاجة للتعبير مستعجلة وهي تدور في الفوضى الزمانية التي حدثتك عنها قبل قليل. دفق اللغة يفرض نفسه حينا لأن الوقت غير منظم ولا بد من التعبير عن الهبوط اليومي للجحيم. أنا أؤمن ان النثر أكثر صعوبة بدليل ان الإنسانية اكتشفته بعد الشعر كمجال للتعبير.
النثر يحتاج الى كتابة ومحو أي تأمل بين الاثنين. أحيانا لا أجد الفرصة الروحية ــ الزمانية لكتابة النثر الذي اقصده. لكني في كل الأحوال اكتب سردا حتى في هذا الشعري الذي تتحدث عنه. أني اروي الواقعة، الحدث ولا أوحي حسب عبر اللغة كما في القصيدة.
من جانب آخر فانا مولع بالقصة القصيرة، وهي بالمناسبة من أصعب الأنواع الأدبية. ففي القصة أنت توحي وتقول، تروض الزمن الشاسع وتقحمه في المكان الضيق. القصة مثل الذهب بين المعادن، فهو خلاصة الأرض ولا يصدأ. لي أكثر من تجربة روائية ستري النور قريبا. كما ان أكثر القصص التي كتبتها، وكما تقول، هي مشاريع روايات. تحت ضغط تشتت زمانيّ كتبت هذه الأفكار كقصص قصيرة لأني مستعجل في قولها ولاني مشتت. هل تراها فكرة الموت المبكر هي التي تقلقني فأختصر الروايات الى قصص قصيرة؟ ربما لكني منذ عامين، اشعر بسيطرة أكثر علي فكرة الزمن الماضي والآخر الجاري الآن لذا فقد كتبت رواية (سارق الذاكرات).
واعدت كتابة قصة طويلة لعلك تعرفها منذ زمن طويل، اقصد الترجمان التي أعدت كتابتها أخيرا كرواية. نعم نفسي الحياتي قصير والكتابي صار مثله، فانا مستعجل في الحياة، فقد فقدت عشرين عاما علي ان أعوضها بطريقة ما!
ــ لقد عشت أكثر وهذا طبيعي، لكنك عشت وعشقت الحياة وبدا وكأن الأدب وكأنه زوجة رابعة لك؟
ــ لا ليست زوجة، انها عشيقة وعلاقتي بها غريبة وغامضة وأنا أريد ان احملها أحيانا ما هي غير قادرة عليه. لكننا مجذوبين دوما الى العشيقة نقول لها ما لا نقوله للزوجة الأولى أو الرابعة الأقل خبرة بالحياة؟
أحيانا يخيل لي أنني قد عشت عدة حيوات ومع ذلك فثمة بتر ما، ثمة شيء ضائع علي التعويض عنه. مرة أجده في هذا الاستغراق العميق بعالم الطبيعة حيث اخترت العيش وسط الغابة بين الحيوانات والأعشاب والأشجار ومرة أجده في الأدب الذي اكتبه حينما تشتد بي الدنيا ومرة في التيه في أسفار وعلاقات مع البشر وعوالمهم الرائعة.
اليوم لا ادري أي حياة علي ان اختار بشكل نهائي؟ وهل أنا مجبر علي الاختيار من جانب آخر فقد فضلت عيش الأدب كحياة. الحياة أجمل حينما تعيشها كرواية.
رواية يهيم فيها البطل بين المسرات والأوجاع وفي كل يوم يفقد شيئا وهو غير مكترث لأنه يعتقد انه قد فقد كل شيء، بما في ذلك حياته، في زمن سحيق نسيه هو ذاته، فصار ظلا لنفسه ولموته القديم.... اعتقد ان الحياة وهبتني الكثير من الحب والألم معا. ربما هي هكذا الحياة!
أما الأدب فكن مطمئنا، فان تركت قصة واحدة كذكري فقد كسبت الخلود! ألا تعتقد ذلك؟
رجل التواصل الثقافي
أيضا فأنت أخذت دور (رجل التواصل الثقافي) أو التبادل الثقافي في تنظيم وترتيب لقاءات ثقافية عربية/ ?فرنسية علي الأغلب؟
ــ هذا أمر لا بد منه حينما يتعلق الأمر بحال مثل حالي: العيش في كنف ثقافتين أي بين عالمين. والمرء، في نهاية المطاف بحاجة الى تعريف بمعني الكشف عن هويته. لا يمكن ان يعيش المرء كل حياته ضيفا مضيفا? ! ?ان سؤال الهوية يطرح نفسه دائما. والهوية في تقديري ليس مناصبة العداء للآخر وتحميله مسؤولية التاريخ برمته بجروحه خصوصا كما هو الحال لدي البعض. سؤال الهوية هو القدرة علي محاورة الآخر بطرق الحوار العديدة. لقد اكتشف الإغريق الحوار في المائة الخامسة قبل الميلاد في ذات القرن? ?الذي اكتشف فيه الفينيقيين المرآة. أفلاطون في محاوراته مع أستاذه سقراط أعاد الحياة لأستاذه وجعله خالدا. نحن لم نطور مرايانا منذ القرن العاشر، لذلك سقطت بغداد بعد ثلاثة أيام من الحصار المغولي. ما أريد قوله أننا لم ننظر الى صورتنا في مرايا الآخرين، كيف يرون قوتنا وضعفنا والنتيجة أننا لا نفهم بعضنا ولان فهم الآخر؟
بينما بقية الإنسانية طورت الحوار اليوناني ــ الافلاطوني لتصل الى الصيغة الديمقراطية التي نراها اليوم في الغرب، وهي رغم بعض الثغرات ــ المعرضة دوما للنقد ضمن صيغة الحوار ذاته ــ لكنها الصيغة الأفضل اليوم للتعايش بين بني آدم. الحوار الديمقراطي هو في أساسه ثقافي أو قل فكري يبغي الوصول الى تقسيم للأدوار بين البشر وخلق حالة من السلم بكل المديات الممكنة.
هذا التواصل الثقافي الذي أحاول القيام به من خلال النشاطات الثقافية المشتركة هو جزء من تصوري للحوار كما انه تعبير عن هويتي كنتاج لتمازج ثقافي تعسفي في البدء واختياري في نهاية المطاف (التمازج الثقافي هكذا دائما). كما ان ــ وأنت تعرف هذا بحكم تجربتك الطويلة والثرية اليوم في كنف الثقافة الأخرى ــ حال الإنسانية اليوم في ظل وسائل الاتصال والمعرفة يضعنا فيما يسميه الفيلسوف الفرنسي ادغار موران في وضْع (المصير المشترك للإنسانية) أي أننا مضطرون للتعايش المشترك. بالتالي فان معرفة الآخر ثقافيا هو البدء بوضع أسس لغة الحوار المبني علي المعرفة والرغبة في السلم. لا تنسي أنني بدأت هذه النشاطات بعد تجربة عنيفة في الغرب هي تجربة المنفي التي تشبه النزول الى الجحيم وفي لحظة الصعود كانت دبابات صدام حسين قد غيرت وجهتها من الشرق الى الجنوب. في ذلك العام بدأت حيث أدركت ان معضلتنا الكبرى ثقافية تتمثل في عدم معرفة الآخر وعدم معرفة وجهتنا و قوانا. بينما كان العالم يعد العدة للحرب كنت أهيئ نشاطات ثقافية عربية وفرنسية وأسست (المنتدى الثقافي العربي). وبينما كانت بغداد تقصف كل يوم والجنود العراقيين يموتون اختناقا في المخابئ الصحراوية كان سعدي يوسف يرتل? ?شعره كصلاة الغائب في متحف مدينة بواتيه بحضور المئات من معادي الحرب. ألا تذكر، فقد كنت بين المدعويين، كيف أقمنا اللقاء الشعري العربي ــ الفرنسي في بواتيه بينما كان الأكراد يموتون في الجبال والشيعة يسحقون في الجنوب بدبابات الحرس الجمهوري. حينها كان شعار الشعراء (الحرب ضد الحرب) ?والحرب ضد مشعلي الحرب.
منذ ذلك الوقت دعوت المئات، اعتقد أكثر من خمسمائة، من الكتاب والشعراء والفنانين العرب الى فرنسا. هكذا ان نري ان لغة مشتركة قد تقوم بيننا و هكذا يري الآخر ان هذه الشعوب التي تعيش الحروب والفتن هي أيضا شعوب تحب الفن والأدب وأنها تتقاسم والإنسانية مصيرها الذي يتحدث عنه الفيلسوف الفرنسي.
في النهاية فان هذه النشاطات تجعلني أحدق، بل أحيانا أعيش مع ما هو جميل وقبيح في العالم.
الجميل والقبيح
منذ عام وأنت في فرنسا، ما هو هذا الجميل وما هو هذا القبيح؟
ــ شأن أي مكان في العالم فرنسا. الفوضى والنظام والنور والظلمة. غير ان للأشياء، أحيانا، قوانينها وقواعدها التي تسمح بسهولة النظر وسرعة الاختيار. ثمة أيضا هذا الرمادي الذي تتعايش فيه الأشياء. لا ادري ان كان المنفي امتيازا كما يذهب الكاتب الروماني سيرون؟
قد يكون كذلك من زاوية نظر ما.
الطبيعة جميلة في كل مكان في مشهدها الرعوي الذي رسمه فناني النهضة في ايطاليا وفرنسا وفي مشهدها الصحراوي الذي رسمه الرسامون المستشرقون. البشر كذلك، وأنا اعتقد ان كل طبيعة، مهما كانت عنيفة، فهي جوهر الجمال. ان المشكلة في التلوث الإنساني بالمعني الذي يذكره اليوت في الأرض الخراب.
لسوء الحظ، فإننا في هذا العالم الصغير، عالم المنفيين، عالم الحدوديين الذي يعيشون بين حدود بلدانهم وحدود الدول التي تضيفهم نشهد حينا الكثير من التلوث واللوثات؟ علي المرء ان يناضل أضعافا كي يحافظ علي الباقي من براءته ونقاؤه الأصلي.
فبالقدر الذي تجد الحياة الثقافية الفرنسية منتظمة ونشطة وعامرة بالمحبة أحيانا كثيرة، فالأدباء خصوصا ممتلئين بالحب، تجد ان عالم المنفيين والمهاجرين من الأدباء ملئ بمن اسميهم (حفاري القبور). الوسط الثقافي العربي، في معظمه متشرذم، فقد براءة السنوات الأولي وصار لصوصيا، منافقا، كل فرد فيه يعد العدة لحرب يريد خوضها ضد الآخرين الذين يفترض عداوتهم له.
ثمة حالات مرضية (باتولوجية) بالمعني السريري. والا كيف تفسر ان شاعرا ومترجما يكرس سنوات طويلة من حياته لتشويه سمعة شاعر آخر وكأن مجده الوحيد كامن في (قتل) هذا الشاعر بالمعني الفرويدي؟
وكيف تفسر ان آخرا يسرق ترجمات الآخرين، وهو لا يفقه من اللغتين شيئا، ويصدر كتبا يضع عليها اسمه كمترجم؟ وهو فوق هذا يصرف كل ما يتقاضاه من نشر الكتاب في نداءات تلفونية شرق العالم وجنوبه يشن فيها حروب وقائية ضد المترجمين الجيدين الذين سرقهم لأنه غير واثق من نفسه أو ضميره دون شك يؤنبه؟ وكيف تفسر سلوك هؤلاء الذين يهاجمون إصدارات الآخرين قبل ان يقرؤوها و أولئك الذين يصرمون وقتهم ومالهم في التنقيب ــ وبصبر الآثاري ــ عن زلات في ترجمات غيرهم؟
ــ هناك الكسل والغش والانكى شيوع مافيات أدبية صغيرة تروج يوما لهذا ويوما لذاك من دون ان تستطيع فهم مقاييسهم. تجمعات لا تفهم الرابطة بينهم يوما تلتحم وآخر تنفض وتنقسم علي نفسها بسرعة الضوء كانقسام السبايرو جيرا التي درسنا انقاسمها السريع في مادة علم الأحياء؟
هناك ما هو مضحك، فهذه المؤامرات التي يتقنها البعض متصورا انها مؤامرات ماكبثية تدور في قصر دنسينان حيث الغابة تسير نحوه بينما مكانها هو في غرف بائسة من نوع غرف خادمات موليير اللواتي يتحدثن لغة مبتذلة، ثم هناك مشكلة انعدام المعايير التي تقتل في المهد كتابا للمستقبل وتضيع جهودا كثيرة للآخرين الذين يريدون للأشياء ان تخرج من دورتها المألوفة. لكن الكاتب الحقيقي يستطيع دوما ان يمر ماضيا الى الهدف مترنما بقول المعري:
لقد نبحوني وهاجمتهم
كما نبح الكلب ضوء القمر
كيف تري الثقافة العراقية ما بين (الهنا) وتلك (الهناك)؟
ــ لكن ما هي الثقافة العراقية؟ أنا انظر الى ما نسميه بالثقافة العراقية كجزيرة في أرخبيل الثقافة العربية. اللغة واحدة، والهاجس ذاته وفقه اللغة لم يتجاوز الثعالبي بعد. انها جزء من ثقافة في أزمة انتقالية، في مرحلة سؤال الانتماء الى الماضي أم الحداثة وما بعدها. من جديد أعود الى مشكلة الحوار والمرآة. نحن لم نبدأ، إلا في حالات محدودة، مسألة الإنجاز الثقافي أي مسألة العلاقة بالمجتمع والمتخيل وطرق التعبير. كل شيء في حالة ضبابية والتعريفات التي يحاول البعض اجتراحها ليست ذات أهمية. ما هو مهم هو الدخول في منظومة المتخيل والقيم الجمالية اجتماعيا.
كل هذا مرتبك ونحن مازلنا نعتمد ثقافيا علي التراث والغرب دون إيجاد علاقة متوازنة بين الاثنين.
لا بد لي من قول هذا قبل ان أعود لنتحدث عن الثقافة العراقية كثقافة عربية بخصوصية محلية مصدرها التاريخ والجغرافية وما ينتج عنهما من متخيل وحالة نفسية وشكل خاص من التلقي. هناك شيء آخر في الثقافة العراقية ــ كحدود سياسية ــ هو وجود أدب كردي نجهله في العموم لسوء الحظ، رغم انه أدب عراقي محلي في طور متقدم حد معرفتي المتواضعة. لعل هذا ما يميز الثقافة العراقية عن ثقافة سوريا أو مصر أو تونس مثلا.
الثقافة العراقية الحديثة استطاعت ان تنجر أول الأسس في منتصف هذا القرن، خصوصا بثورتها الشعرية التي عصفت بأسس الشعر العربي برمته، ومازالت بشكل أو بآخر. والثقافة العراقية أنجزت شيئا في القصة القصيرة وفي الآداب الاجتماعية. كانت تلك هي الأسس الأولى. غير ان البناء تهاوي فجأة في ستينات القرن الماضي جارفا الأسس أيضا، والجيل الذي كان ممكن ان يكون حلقة الوصل للمستقبل انقرض دون ان يترك تلاميذا ولم يعد، في هذه الحال، ثمة تواصل بين الأجيال. هكذا يبدو لي ان لا شيء قائم اليوم غير الشتات والخواء والكمون.
 

الهنا والهناك
القضية ملحة فهذا الكمون الذي اقصده مثل جذور الشجرة المقتلعة والمتروكة في العراء، لن يعيش حتى نهاية الربيع اللاحق دون رفده بماء وتربة جديدة. طبعا هذا إذا لم يتعرض الى زمهرير طويل. لحسن الحظ فان الروح التاريخية لكل ثقافة كفيلة بمنع هذا الزمهرير لأمد ما.
لكن علي صعيد آخر، زمني وما تسميه الهنا والهناك ؟
فان الثقافة العراقية اليوم هي في اغلبها ثقافة شتات. اجهل نسبيا ومنذ وقت طويل التفاصيل اليومية للداخل. بالتالي ليس لي حق الحكم.
غير أني اعتقد ان لا ثقافة في الداخل والثقافة العراقية ــ العراقية بمعناها الإنتاجي تحولت الى الخارج. كما انه منطقيا ليس من السهل ان تكون هناك ثقافة ــ بمعني الكلمة ــ في أوضاع كالتي يعيشها العراق حيث ان العراق اليوم هو صدام حسين والزينة التي حوله؟؟كل شيء هباء في هكذا زينة.
لكن في هذا الشتات الموزع علي (الأراضي السبع ومابينهن) فهناك دأب أسطوري للعراقيين. ثمة نتاج وثمة بحث و ثمة جديد. غير ان الصورة لم تتضح بعد. هناك اهتمام بالرواية والقصة القصيرة بمنظور حديث، قصيدة النثر العراقية هي الأهم في النتاج العربي، لكن المشكلة ان احد من العراقيين لم يفق بعد من الصدمة، اقصد صدمة ذوبان البلاد. الكل يتعلق بأذيال كلكامش والأسطورة العراقية القديمة؟
ــ هناك صورة الماضي تخرج من سباتها لتعوض عن صورة الحاضر غير المعقول. لم يتعلق العراقيين بماضيهم القديم كما هو حادث منذ حرب الخليج الثانية. فالحاضر والمستقبل مفقودان والجميع يريد ان يؤكد للعالم انتماؤه لهذه البلاد. فالعراقي يري نفسه اليوم ضحية خراب العالم.
العربي ضده لأنه ضد البطل القومي والأوربي ضده لأنه يري فيه امتدادا لصورة هذا البطل الموهوم والشركات الدولية تري فيه عقبة أمامها يشوش مستقبل استثماراتها.
والمثقف العراقي لم يعد يفكر في بلد اللجوء بل المهم ان يجد مكانا يستطيع ان يتناول فيه عشبة النسيان بعد ان عرف ان الشافعي سرقت عشبة الخلود من جده الأسطوري كلكامش. لن أقامر، كما البعض، بالحديث عن أدب داخل سيهز المشهد الثقافي العربي، فالحربين لم ينتجا بروستا واحدا ولم ينتجا أي رونيه شار؟
علي العكس فقد تخلف كثير من كتابنا بعد ان انغمروا في تدبيج أدب الحرب وصرف أموال الجوائز الوهمية.
أما التراكم الذي حدث في العقدين الأخيرين فهو تراكم أسلحة وهزائم والتراكم الثقافي الذي ننتظره قد يأتي ثماره بعد عقدين آخرين حينما سيفيق الجيل القادم علي هول ما حدث.
حلم بعيد
كيف تنظر الى (تلك البلاد) اليوم، الى ذكرياتك عنها، عن تلك الوجوه التي تبدو سحيقة في العمق وبعيدة كالمستحيل أمك؟
ــ أشبه بحلم بعيد، لكني أتذكره بتفاصيله.
اعلم ان الذاكرة انتقائية، لا تري المرء إلا ما يريد. أحيانا، وقد مر الزمن واندملت الجروح علي الجلد، تبدو؟؟
اعتي الأيام وكأنها نزهة أمام منظر رعوي! لكن، كما قلت لك، فان خلف أكمة الجرح المندمل شيء مبتور. هؤلاء الذين بترت أطرافهم في الحروب أو في حوادث الطرق، يبقون يتحسسون تلك الأطراف كما لو انها ما زلت بعد في خضم أجسامهم. تجد ابترا يقول لك ان ذراعه تحكه ويقصد الذراع المقطوعة التي تلفت وبادت منذ زمن. الحالة هكذا.
كل شيء ما زال في مكانه وكأن العالم الذي تركته ظل جامدا هناك، لم يتحرك منذ لحظة وداعي له. حسب الغبار ما علاه.
في هذا الحلم البعيد، تأتي وجوه وتذهب وجوه. يأتي الأموات الذين سمعت بموتهم وكأنهم مازالوا أحياء. تأتي بيوت ــ لاشك انها هدمت ــ وشوارع مغبرة كأني مازلت اقطعها عائدا في المساء الى الدار. أحيانا أراني ماشيا في شوارع بغداد وعمري ما يزال عشرون عاما. كل شيء حي، لم يهرم ولم يتغير وكأن المنفي صورة من صور الخلود...
أحيانا يبدو لي وكأني عشت أكثر من حياة هناك، رغم أني لم اعرف (تلك البلاد)، كما يسميها صديقنا صلاح فائق، غير عشرين عاما بضمنها طفولتي.
لكن حينا آخر، يبدو كل شيء ?غائبا، مطمورا بطبقات من الزمن صعب اختراقها.
ولا شيء واضح غير صورة الكابوس الذي أطبق علي هذه البلاد.
في ربع قرن رأيت صورا غريبة ومفزعة: صورة بغداد تحت القصف مضاءة بلون شيطاني، صورة طوابير الأكراد، الشعب الكردي برمته في سفر خروج؟؟
دون نبي، صورة تلال القتلى في الحرب العراقية ــ الإيرانية وصور الناس الذين لا اعرف وجوههم، بل استغربها، وهي ترقص فرحا بالهزائم كأني أري صور بلاد لم اعرفها أبدا ولم اعش فيها هذه العشرين عاما.
هكذا بين وجهي الطيف: الحلم والكابوس تتبادل صورة البلاد.
الشيء الأكثر صفاءا والذي لا يغير صورته هو الطفولة. لعلي عشت طفولة سعيدة! فكل الصور والذكريات القادمة من هناك بيضاء، ناصعة.
وكلما تقادم الزمن تبزغ صور الطفولة حتى أني عدت أتذكر تفاصيلا كنت قد نسيتها في العراق.
صورة أمي الشابة مثلا تأتي مرارا رغم أني رأيت صورها وهي امرأة هرمة بعد غيابي الطويل عنها.
صرت أتذكر أسماء رفاقي علي رحلة الصف في المدرسة الابتدائية بل أحيانا أراهم بملابسهم التي كانت تتغير حسب الفصول واشم روائحهم الريفية. حتى اللعب الصغيرة التي كنا نصنعها ثم نمل منها ونرميها، أتذكر يوم أين تركتها...
كأن الذاكرة دائرية المنحي. قد يكون اليأس بلغ منتهاه فدار علي نفسه بصورة آمال تنبثق من عمق الذاكرة البعيدة...؟
لا أدري ان كانت الذاكرة نفسها تقاوم تقادم الزمن وغلبة النسيان علي هذا المنوال! أني أتساءل دائما وأفكر بهذا. والا ما معني أني ارفض الموافقة علي موت الكثيرين من أصدقائي هناك، رفاق طفولتي وشبابي، بينما أوافق علي موت الآخرين الذين رحلوا هنا؟
حتى اليوم لم أوافق في قرارة نفسي علي موت أبي الذي رحل عن هذا العالم عامين بعد رحيلي عن العراق، منذ زمن طويل اليوم....
لكن أيعني الحنين وطاقته سعادة العودة؟ لا ادري لقد تركت بلادا اعرفها غير انه من يجزم ان هذه البلاد التي في ذاكرتي هي نفسها التي سأعود إليها، خصوصا ان قدر العراق كما يرسم اليوم يجعل الأبواب مفتوحة علي احتمالات ليس لها علاقة بالتاريخ والجغرافية التي نعرفها لهذه البلاد.
وأنا أتحدث إليك، اشعر ان الصورة القادمة معتمة ولن يستطيع بصر الرجل الذي أمامك الآن ان يري ما يريد ان يراه.
شيء واحد اعرفه اليوم: إني ما أزال احمل في رأسي حلم العودة المستحيلة والمطلق.
حاوره: خالد المعالي

إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


فرانسوا دو كوريل - المدعوة



سلسلة المسرح العالمي, الكويت  2012 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 164 صفحة | PDF | 3.32 MB

عن سلسلة المسرح العالمي التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مسرحية «المدعوة» تأليف فرانسوا دو كوريل، ترجمة د.محمود المقداد، ومراجعة د.مشهور مصطفى.
تقع المسرحية في ثلاثة فصول، تتضمن سبعة وعشرين مشهداً، وقدم د.محمد شيحة تحليلاً فنياً، ذكر فيه أن البطلة «آنا دو غريكور» هجرت منزل الزوجية في نيس في فرنسا، على إثر اكتشافها أن زوجها «أوبير» يقوم بالإنفاق على عشيقته التي تعمل في أحد الملاهي، فأعماها الغضب ودفعها إلى ترك منزل الزوجية، وتخلت عن طفلتيها. وهي تشعر بالخيبة خصوصا أنها كانت محط إعجاب الكثيرين ومن بينهم «هكتور»، و«الكونت فرانتس» لكنها رفضتهما وفضلت عليهما زوجها الذي أخلصت له.
ومع هروبها أصبحت «آنا» عرضة للقيل والقال، في ظل مجتمع ينظر إلى المرأة كزوجة وأم وليس بوصفها كائناً حراً مستقلاً. واستغل زوجها ذلك فأشاع أنها جنت وراحت تهيم على وجهها.
وتبدأ المسرحية بالفعل، بعد مرور ستة عشر عاماً على الهروب، حين تستقر «آنا» في فينا، فتجد رسالة من عاشقها القديم «هكتور» الذي أصبح أيضاً صديقاً لزوجها، ويطلب منها الصلح مع زوجها والعودة.. فهل ستعامل كمذنبة تلقت عفواَ شاملاً، هل صدق زوجها مزاعمه عن جنونها فآثر أن يشفق عليها؟ لقد مات فيها قلب الزوجة فماذا عن قلب الأم؟ وكيف ستكون المواجهة مع زوجها وابنتيها وماضيها؟ لقد كلفها الهجر الكثير من المعاناة والألم فهل تقبل الدعوة أم ترفضها؟
توافق «آنا» على العودة بشرط أن يعيدها «هكتور» إلى فينا بع بضعة أيام. لكن هذه العودة أخلت بقدر كبير من السكينة التي استطاعت الوصول إليها.
وقد سعى الكاتب إلى رسم شخصية «آنا» وسبر أغوارها بكل ما يتطلبه ذلك من تحليل نفسي، وما تعانيه تحت وطأة عاطفتين متنقاضتين، ما أوصلها إلى مفترق طرق أو الورطة. إن المسرحية تستحق قراءة نسوية متأنية، لكشف مأساة كل زوجة مخلصة، وكل أم تقع ضحية جرح كبريائها. لقد أخلصت «آنا» لزوجها وفضلته، لكنه لم يرع ذلك، وعندما اتخذت قراراً شجاعاً بالانتصار لكرامتها، كان الثمن فادحاً حيث اتهمت بالجنون، وحرمت من طفلتيها. وهكذا أجبرها المجتمع على دفع ثمن جريمة ارتكبها الرجل ولم ترتكبها هي.
ومن أجواء المسرحية نقرأ على لسان «آنا» تخاطب ابنتيها: «لقد قتلت في روحي كثيراً من المشاعر الرقيقة جداً، ولكني سعيت إلى المحافظة على الطيبة.. ومن هذه الناحية، ستجدان فيّ، وكونا متأكدتين من ذلك.. أماً حقيقية.. فأنا مثل شجيرة السوحر العجوز المجوفة التي يموت خشبها في القلب ولا يحول ذلك دون اخضرار فروعها».
شريف صالح

إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


Monday, December 16, 2013

خليل مصطفى - سقوط الجولان




http://www.4shared.com/office/eBhGq7g1/__-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/gj7nprj48t4g6df/خليل%20مصطفى%20-%20سقوط%20الجولان.pdf

شهور من محنة السجن التي طالت حوالي السنتين عشتها مع هذا الضابط الشريف في سجن المزة العسكري, هذا الضابط الذي يحن إلى الجولان المحتل وكأنها قطعة من كبده لأنه الإبن الحقيقي للوطن, خدم في جولانه حياته العسكرية حتى غدا ضابط إستخبارات برتبة مقدم.
كيف لا يحزن على سقوط هضبة الجولان وقد أنفق الجيش السوري على هذه الجبهة 6 مليارات دولار حتى سقوطها في عهد البعث, الجولان... هذا الفردوس الشرقي الذي قال عنه كارل فون هون كبير المراقبين في الجولان( إن كل شبر من تلك الأرض يساوي منجماً من ذهب لكثرة مايغل من الحب) ويقول المقدم *........ مصطفى أنه خلال خدمته العسكرية غرس في الأرض بذرة عباد الشمس فغدت شجرة بطول 6 إلى سبعة أمتار) و قد نشرت إسرائيل تقريرها السياحي في عام 2010 فكانت 82 بالمئة من سياحة إسرائيل إلى الجولان, ويثبت لك المقدم في كتاباته كيف تمت تصفية الجيش السوري من كفاءاته, وكيف رفعوا رتب البعض بالجملة, وكيف سلّم الأنذال الجولان لليهود وعادوا لحماية حكمهم (كصلاح جديد ورفعت..) ويثبت لك المقدم الخيانة بعينها لحافظ الأسد وزير الدفاع في إذاعة بلاغ سقوط القنيطرة وكانت وقتها معافاة وليس فيها أي جندي إسرائيلي, (وكذا كان عدد القتلى حوالي 137 شهيد سوري فقط, وهو أصغر بكثير من أصغر مذبحة لآل الأسد الخونة في أزقة سوريه) فهل يتركوه حراً !!!
في المهجع رقم 4 علْوي هنا تعرفت على هذا الرجل العظيم، وبالمناسبة فقد كان معنا في المهجع المقابل رقم 3  الكاتب السيد زهير الشلق وهو يتقن سبع لغات, وقد اعتقل لأنه كتب في إحدى الصحف اللبنانية (أظن النهار) عن الجولان كذلك ما يلي: أراد حزب البعث أن يغيّر وجه التاريخ فغير خريطة الجغرافيا, وقد سجن في كل كلمة سنة كاملة وكان سجنه عشر سنوات بالضبط) لقد سجن كصديق سجنه لأنه سلط الأضواء على ضياع الجولان فدفع الثمن غالياً كذلك.
خطفه من لبنان:
كان المقدم مصطفى هارباً من وجه السلطة إلى لبنان لنشره كتابي سقوط الجولان ومن ملفات الجولان واللذين طبعا في لبنان وكانا يهربان لسوريه (وكنت أبيعه مع إخوتي حيث نخفيه في جوارير سرية تحت الخزانة في مكتبتنا), وقي ذات يوم من أوائل السبعينات...  كان يسبح على الشاطئ في يوم جميل من أيام صيف بيروت فسارع إليه عدد من المخابرات السورية (مخترقين سيادة لبنان) وأمسكوه وضربوه إبرة مخدر ثم خطفوه بالسيارة لمكان مجهول حيث وضع في تابوت خشبي وزورت له الوثائق على أنه متوفى, ووضعوه فوق سيارة مدنية, وعبروا فيه نقطة حدود لبنان الرسمية, متلبسين بالحزن وساقوه إلى دمشق ليصحو هناك ويجد نفسه في صندوق للموتى في مركز للمخابرات السورية بالفرع الخارجي.
وبدأ التحقيق والتعذيب الانتقامي معه .
أودع المقدم مصطفى في زنازن سجن المزه العسكري التي لا ترى الشمس ابداً ولا ترى فيها سوى سحن جنود سرايا الدفاع المعروفة, تلك الزنازن التي أودع بها الشيخ القائد الثائر الأول مروان حديد وكذا العالم المجاهد الشيخ سعيد حوى.. فترة طويلة فاعتاد المقدم مصطفى الهدوء والصبر الطويل وكان كعادته رجلاً متدينا محتسباً متوكلاً على الله ولا يشكوا أبدا....
سمع رئيس ليبيا معمر القذافي بكتابه فقرأه وأعجب به, فتوسط له مع الرئيس حافظ الأسد لكن حافظ الأسد رفض معتذراً بأن المقدم مصطفى قد تهجم على طائفته العلوية لذا فالأمر ليس بيده, وكان ذلك كذباً وبهتاناً فالمقدم لم يكن طائفيا ولم يلمح لأي كتابة طائفية في كتابيه على الإطلاق, وإنما كان راصداً للخيانة, فمكث المقدم مصطفى في سجنه عشرات السنين, وعاش معي ومع غيري آلام السجن وجوعه وظلمته ووحشته ولقمته القليلة وخبزه اليابس, وقطع الماء المقصود وإهمال المرضى وضعف الخدمات (فقد كنا 55 شخصاً لحمام واحدة ومطبخنا على الأرض مكان فراش نومنا) وكذالك كانت الأرض مائلة لا يسهل النوم عليها.
في سبيل القيم العليا التي آمنّا بها جميعاً في الله والوطن والحرية والعدالة الاجتماعية والأمانة ومحبة الناس كانت هذه التضحيات وكان المقدم مصطفى كما كنا نحمل قدر الأحرار الذين رفضوا أن يحكموا كالعبيد وأن تسلم أوطانهم كمعالف الحيوانات مقابل ثمن بخس.
سجنت أنا مدة سنتين في سجن المزة العسكري عام 1978 وقد كنت في جهة المهاجع التي تطل نوافذه العالية (4 ـ 5 م) على دمشق, لكن سلطة السجن بقياد مديره حامد إسبر (إغتاله البطل الحموي محمد فخري بعد إطلاق سراحه منه) وقال يجب نقل مهاجع الإخوان المسلمين للخلف حيث أصبح الغبار يصلنا من حفريات بناء قصر حافظ الأسد على قمة جبل المزه, (بعد أن اتهموا الإخوان بأنهم يستعملون الضوء عبر النوافذ المطلة على دمشق كشيفرة للهروب), وهنا وفي المهجع رقم 4 علْوي تعرفت للمقدم مصطفى, والذي احتل أول فرشة على المصطبة مطلة على الكوريدور وذلك لقدمه في السجن (وكنت أنا في الأرض عند مدخل الباب) وقد رأيت هدوءه وقلة كلامه ومسالمته لنا وجديته وتدريسه للغة العربية التي كان يتفوق بها, وقد كان من فقره أن عمل من منشفته التالفة طاقية أخاطها ووضعها على رأسه وخيوطها تشوه منظر حوافّها, وكان معه الحق فقد ترك لوالده (بائع الخضرة) عائلة كبيرة, وكان من غيرته على عرضه لا يسمح بزيارات بناته رغم سجنه ما يقارب ربع قرن من الزمان  لأنه يعلم وساخة أبناء النظام الذين كانوا يتحرشون النساء الزائرات, ويسرقون معظم ما يحضر لنا أهلونا.
وكان أشد ما آلمني على هذا الرجل العظيم ما حدث في القصة التالية:
نادى جندي سجان: مصطفى خليل.. جهز أغراضك, قال مصطفى لفين؟
قال السجان لمهاجع البعثيين (السوريون الموالون للعراق) فقال له لا  لن أنتقل, قال هذا أمر من إدارة السجن فقال: قل لهم لست موافق,
ذهب السجان وعاد بعد قليل وقال له إما لمهاجع البعثيين أو للزنزانة. فقال طيب ليش.
قال السجان هذا مهجع للإخوان .
قال اعتبرني منهم, قال لست منهم.
قال أنا أقول لك إنني منهم.
قال: السجان هذه هي الأوامر إما مهاجع البعثيين أو الزنزانه ولا حل آخر.
قال مصطفى: الزنزانة, وحمل فروته القصيرة ومشى لزنزانته ليقضي بها 6 أشهر.
وكان الحق معه فالبعثيون قد عاشرناهم حثالة لا يحبون بعضهم ولا يرضون بقسمة ولا يلتزمون بدين ولا خلق, ومهجعهم عليه دائماً غيمة من الدخان والمشاجرات كانت يومية, والكفر على لسانهم, وحنينهم للخمر قد أجبرهم على تعفين الفاكهة على قلتها, أما نحن فكنا نحاول يومياً حفظ القرآن (كان حوالي ثلث أو نصف المهجع يحفظون القرآن), كما كنا نصلي جميعاً جماعة, ونأكل سوية.
وكان معظمنا خريجي أو طلاب جامعات وقد تقويت أنا باللغة الإنكليزية هناك.
حزنت كثيراً على ذهاب هذا الرجل العظيم للزنزانة  (وكان قد سبقه في هذا الأخ أبو صبري السباعي من حمص وهو بعثي فلما أرادوا نقله لمهاجع البعثيين فقد وعيه وكاد يسقط على الأرض لولا مساعدتنا له) ولذا اقترحت على إخوتي في المهجع أن يتركوا مكان المقدم مصطفى خالياً ذكرى وفاء له, لكن مسؤول المهجع وهو صديقي الأخ موفق عياش طرح ذالك على التصويت (الذي عودنا عليه الشيخ سعيد حوى في كل أمور المهجع) فكنت الصوت الوحيد المؤيد مقابل الجميع المعترض,وأنا أعذرهم فالمهجع ضيق, فتقرر أخذ موقعه للذي يليه.
ذهب  يومها المقدم مصطفى ولم  أراه حتى سمعت في أوائل التسعينيات نبأ وفاته في سجن القلعة في دمشق بعد مايقارب الربع قرن من السجن.
رحمك الله أيها المقدم الشريف وابن الوطن الكريم مصطفى, لقد علمتنا كيف تفدى الأوطان,وكيف تلقن الأجيال, وكيف يكشف الخائنون, فإلى جنان الخلد أيها المقدم الوطني العظيم.    
مهدي الحموي

إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html

بدر الدين الشلاح - المسيرة التجاريه



طبعة المؤلف, دمشق   1992 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 532 صفحة | PDF | 13.3 MB

http://www.4shared.com/office/kT-ftIWL/___-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/lukfun585bn62x8/بدر%20الدين%20الشلاح%20-%20المسيرة%20التجاريه.pdf


إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
 

بدر الدين الشلاح - للتاريخ والذكرى



طبعة المؤلف, دمشق   1990 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 730 صفحة | PDF | 31.0 MB

إلتقت مصالح آل الشلاح التجارية منذ البداية مع نظام الأسد ورأوا فيه إنفراجا للجو "الإشتراكي اليساري" الذي ساد فترة الستينات في سوريا, وتجلى هذا الدعم واضحا عندما تبادر بدر الدين الشلاح !لى دعم النظام السوري في الثمانينات  من خلال تهديده لتجار دمشق بعدم الاضراب لمساندة المدن المنتفضة و على رأسها حماة الجريحة و حلب و جسر الشغور و حمص

http://www.4shared.com/office/HT3NJa5j/___-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/fvf1tf4o0gn1s6b/بدر%20الدين%20الشلاح%20-%20للتاريخ%20والذكرى.pdf
إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
 

Sunday, December 15, 2013

شريف صالح - بيضة على الشاطئ



اصدار مجلة دبي الثقافية, دبي   2013 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 166 صفحة | PDF | 2.81 MB

http://www.4shared.com/office/a7TLO9iB/__-___.html
or
http://www.mediafire.com/view/9b9dhvqs78fgtf1/شريف%20صالح%20-%20بيضة%20على%20الشاطئ.pdf

بهذا العنوان صدرت أحدث مجموعة قصصية لشريف صالح‏,‏ وقد حصل بها علي جائزة دبي الثقافية لعام‏2010-2011,‏ وصدرت مع عدد سبتمبر‏2013‏ من المجلة‏.‏
وكنت قد كتبت عن عمل سابق له بصفحة أدب بـالأهرام, وكان مجموعة قصصية بعنوان شخص صالح للقتل( عن دار الياسمين), وأتذكر أني نشرت في المقالة حوالي ستة أو سبعة نصوص كاملة بعد مقدمة وافية عن العمل, ولم يستغرق كل هذا مساحة نشر كبيرة, لأن النصوص كانت شديدة القصر والتكثيف.
أما هذا العمل, فيختلف عن السابق في أن معظم القصص تميل إلي الطول( حوالي20 صفحة), كما أنها تشكل معا عالما شبه روائي, بعكس الأولي التي كانت قصصها ومضات مستقلة.
وقد استخدم صالح اللون الأبيض عمودا فقريا, أو بلغة البياض, اسمنتا مسلحا, صنع لقصصه صلة ورابطة, حيث ترددت أصداؤه في كل القصص تقريبا: الفرس البيضاء, القطار الأبيض, السحاب الأبيض, العجوز ذو الشعر الأبيض والجلباب الأبيض.. إضافة إلي هذا, هناك شخصيات تكرر ذكرها بأسمائها في عدة قصص, والكيس الأسود الذي احتوي جنينه الساقط في القصة الأولي, أتي ذكره عدة مرات بشكل مبهم في قصص تالية دون إشارة إلي معني وجوده أو احتوائه علي شيء محدد.
كل هذا يقول, إن شريف صالح يحاول في كل مرة أن يأتي بجديد. وقد استطاع في هذه المرة أن يرسم عالما خاصا متقسما في قصص غير فاقدة الصلة تماما بجاراتها كما هو متبع عادة في مجموعة قصصية, بل ذات مذاق واحد وعالم قصصي متداخل إلي حد ما, لكن كل قصة لها مع ذلك جمالها الخاص وسببها الفني الخاص للوجود.
وإني أحرضك علي قراءة هذا العمل, حيث تختلط السخرية بالشجن والقصة بالرواية, لكنه امتزاج دون خلط, وفوضي منتظمة في نسق موسيقي جميل.
بهاء جاهين

إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html