تزدحم الصحف والمجلات بالمقالات السياسية، والسبب في ذلك، ان وضع العالم العربي المتوتر سياسياً يقتضي ذلك، وهكذا فإن المقالة الاجتماعية فقدت بريقها إلا فيما ندر، بينما المقالة الاجتماعية التي تعالج هموم الناس ومشاكلهم هي الأهم بنظري من المقالة السياسية التي كل يوم تتلون بلون وتضيع الحقيقة فيها بين لحظة وأخرى.
سبب هذا الكلام صدور كتاب لكاتبة زاوية ناجحة هي السيدة المهندسة ميادة كيالي وكان بعنوان "أحلام مسروقة" تعالج فيه القضايا الاجتماعية في أكثر من بلد عربي، خصوصاً مشاكل المرأة العربية التي تعتز الكاتبة بها أيما اعتزاز، فميادة كيالي ابنة مناضل وثائر سوري عرف بمواقفه الشجاعة ضد الاستعمار الفرنسي حيث قاتل وسجن ثم فر من السجن. ومهد الطريق لهروب عشرات المناضلين السجناء في السجون السورية واللبنانية أثناء الاحتلال الفرنسي لهذين البلدين. وقد انعكست قصة هذا المناضل وجهاده على حياة أسرته ومن بينها السيدة كيالي من مواليد حلب واقامة طويلة الهدايا، الثياب الجديدة بمناسبة وغير مناسبة، كل شيء كما من المفترض أمامهم مفتوح يأكلون متى يشاؤون وما يشاؤون. يجلسون لمشاهدة التلفزيون بالساعات من دون رقابة، وإذا لم نذكرهم بدروسهم ونساعدهم عليها "ما في حدا لحدا".
وتتساءل ثانية: هل نحن على صواب؟ هل كان أهلنا على خطأ؟
إذا كنا على صواب فلماذا نجد أنفسنا عاجزين عن التعامل مع أولادنا على اختلاف أعمارهم؟ هل من بيت لا يشكو من تعب الأعصاب والعجز وقلة الحيلة والوسيلة لايجاد طريقة تساعد على تربيتهم وتعليمهم؟
هكذا، بالفعل، كل بيت يعاني من مشكلة الأولاد، كلنا نشعر بالحزن كيف نقدم لهم كل شيء ولا نرى في المقابل نتائج مدرسية أو تربوية كما كنا نتصور أو نطمح.
وتتساءل مرة ثانية: هل كان أهلنا على خطأ؟ إذاً كيف أصبحنا على ما نحن فيه من علم وعمل وأخلاق ودين؟
هل خرجنا من الدنيا معقدين كسولين متسيبين لا مسؤولين؟
قد يقول قائل أن "الدنيا تطورت اليوم وأصبحت هناك الكثير من المغريات، من وسائل ترفيهية وكمبيوتر وبرامج تلفزيونية بقنوات لا حصر لها فضائية وأرضية، وسينما وفيديو وألعاب في غاية التطور الخ".
نسبي
والجواب: هذا صحيح ولكنه نسبي، لأن الجيل الأول كانت لديه ألعابه وتسليته التي تتناسب ووعيه حينها وطريقة معيشته.
وكانت أيضاً لديه الإمكانية ليتلهى في مدينة زحلة اللبنانية، حيث اتيح لها كتابة قصص وخواطر هذا الكتاب، ثم انتقلت مع أبنيها الى أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة.
الكتاب زاخر بقصص فيها الأمل والفرح، وفيها الحزن والتشاؤم، ولغة عربية سليمة، على ما أعلنت الكاتبة اعتزازها بلغتها العربية المقدسة، لغة القرآن الكريم. وهي تعنى أكثر ما تعنى بالتربية على قاعدة "العلم في الصغر كالنقش في الحجر" فـ"كل جيلنا عانى من قسوة التربية للجيل القديم وان بنسبة متفاوتة، وبعضنا قد عانى اضافة الى ذلك ضيق الحال والظروف المعيشية الصعبة، هذا إذا لم تنس فترة الحرب وما خلفته من دمار في النفس والروح، ولهذا نجد أننا نسعى من غير قصد اليوم لتعويض أبناءنا ما شعرنا بأننا فقدناه في تربية أهلنا لنا. كنا قد نشأنا على مقولة: لا، وعيب وحرام وممنوع. الثياب الجديدة على العيد. الحقيبة المدرسية كانت تكفينا سنين بل كانت تُدوّر من الأكبر على الأصغر، الأكل بمواعيد، النوم بمواعيد. ولا نرى من التلفزيون سوى فقرة صغيرة مخصصة لبرامج الأطفال. ننهي دروسنا وواجباتنا وحدنا من دون مساعدة، حتى أن أهلنا كانوا لا يعلمون متى أوقات الفحوص إلا عندما تنتهي ونأتيهم بالنتائج.
وتتساءل الكاتبة: ما الذي تغيّر؟
في الحقيقة ان كل شيء قد تغيّر، نحن النساء أعلنا ثورة على ما اعتبرناه ظلماً وقهراً في التربية. وأردنا أن نعطي أولادنا كل شيء. الوقت، اللعب، التسلية وينسى الدرس وينسى نفسه".
بالفعل، عندما ننظر الى ذلك الزمان الجميل الأقل نجد أن أهلنا لم يكونوا على خطأ بالمطلق، فطريقتهم وتربيتهم أثبتت نجاحها أكثر من الطرائق المتبعة هذه الأيام، أو كما يقول المثل "تركهم على الغارب" فيا حبذا لو نحاول ان نقرأ أسلوبهم ونعرف نقاط قوته ونراجع أسلوبنا ونعرف نقاط ضعفه.. لنخرج بحل لما بتنا نعانيه اليوم مع كل الوسائل الحضارية المتوافرة بين أيدينا.
جيل النرجيلة
أسوأ ما كانت ترى السيدة كيالي، كما نحن الآباء والأمهات موضة تدخين "النرجيلة" من فتية وصبايا أمام أهلهم دون أي اعتراض.. ونتذكر الأيام الخوالي عندما كان من المعيب على الشاب، حتى لو تزوج، ان يدخن أمام والده، ومن المعيب جداً بل من المحرم ان تدخن المرأة لا بحضور زوجها ولا بغيابه، وشيئاً فشيئاً بدأت النرجيلة تتسلل الى عقر دارنا.. بداية الى السيدات في البيوت ثم في المطاعم وصولاً الى جيل المراهقين بعمر الورد والصحة والنمو.
وتقول السيدة كيالي: "لن ادعي المثالية، فأنا أيضاً جربت ان أتذوق نفس النرجيلة في مناسبات عدة ، لأنها بالفعل باتت شيئاً عادياً وجذاباً في نكهاتها المتعددة، ولكن عندما رأيت هذا العدد الهائل من الفتيان والفتيات بعمر المراهقة يدخنونها لساعات وأحياناً يومياً في الصيف وبرضى الأهل، شعرت فعلاً بالأسف وبدأت أشعر بالخوف على مستقبل أولادي.
ملعونة هي التربية الحديثة ان كانت ستوصلنا لمساعدة أولادنا على قتل صحتهم ووقتهم وعقلهم.
أنا على يقين بأن كل واحد منكم يربّي أولاده كل شبر بنذر كما يقولون، ويخاف عليهم من الهواء الطائر، فكيف يطاوعه قلبه على السماح لهم بشرب نفس نرجيلة يعادل تدخين علبتي سجائر؟
وتصرخ الكاتبة: صدقوني.. الأمر لم يعد مزحة، فعندما نؤكد آخر الاحصاءات أن خمسة وستين في المئة من مدخني النرجيلة في لبنان هم من المراهقين. وهذا يعني أننا أمام مشكلة خطيرة علينا أن نتعاون جميعاً لحلها كل حسب موقعه.. من أهل ومعلمين ورجال دين وسياسيين ودولة.
لا ترموا المسؤولية على بعضكم على بعض، فهؤلاء أولادنا وصحتهم ومستقبلهم أمانة بين أيدينا. فدعونا نتشارك جميعاً للحيلولة دون استفحال الأمر لدرجة لا ينفع معها الدواء ولا الندم.
وتتوجه الكاتبة عبر اليمامة الى كل من يقرأ كلماتي أوجه رجائي له ان يقف قليلاً مع نفسه ويعترف بما يحصل، فالاختباء وراء نظارة اللامبالاة لم يعد مقبولاً، وتذكر انك ان لم تدخن فأنت مدخن سلبي عندما تذهب وتجلس بصحبة المدخنين. وإذا كان ولدك لا يدخن النرجيلة ايجابياً فهو يدخنها سلبياً بصحبة أصدقائه فرجاء من القلب الى كل إنسان واعٍ ومسؤول ان يتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة، ويحصّن ابناءه ضدها بالتوجيه والكلمة الطيبة والرجاء الأكبر الى من هم في موقع القرار: ان وصلتكم كلماتي نرجو أن تساعدونا نحن الأهل في السيطرة على الوضع وذلك باستصدار قرار يحظر على المطاعم والمقاهي في لبنان كله تقديم النرجيلة لمن هم في عمر المراهقة تحت طائلة المسؤولية. وتذكروا أن أولادنا وأولادكم في هذا سواء.
وتقول الكاتبة: الحب اليوم أصبح معلباً في علب بيضاء وقلوب حمراء.. وورود يضاهي ثمن الواحدة منها وجبة طعام لعائلة بأكملها وكلما زاد على ذلك من الهدايا كان الحب أقوى وأعنف.
ليس عيباً ان نتهاوى باسم الحب. ولكن عندما يتحول التعبير عن الحب الى هذا الشكل المادي وننسى بل نتناسى جانبه المعنوي فهذه هي المشكلة.
ان نتأمل بأنانية وهمجية طيلة العام ونأتي الى يوم العيد لنقدم وردة باسم الحب.. أي حب.
أن ننسى ضمائرنا ونخون أماناتنا وعهودنا طيلة العام ونضيء شمعة في بيت الله باسم حبنا له.. أي حب.
ان نعرف ما لنا وننسى ما علينا تجاه من نحب وتجاه عائلاتنا وأصدقائنا وجيراننا ونقدم لهم أغلى الأماني وأصدقها باسم الحب.. أي حب.. وأي صدق.
جميل جداً ان يترجم الحب بالايثار والصدق والصراحة. وجميل جداً أن يكون نابعاً من الأعماق السحيقة في نفس كل واحد منا.. والأجمل ان نعترف باللاحب بدلاً من الاختباء وراء جدران سميكة من المجاملة والمسايرة والمسايسة والضحك على الذات.
بالحب الصادق قولاً وفعلاً نتغلب على أنفسنا، ومن أجله وحده نترفع عن أنانيتنا وفي ظله حيث لا ظل إلا ظله نأمن من لهيب الأحقاد التي ما ان تظهر في سمائنا حتى نكون أول من يحترق بها.
ياسين رفاعية - المستقبل
سبب هذا الكلام صدور كتاب لكاتبة زاوية ناجحة هي السيدة المهندسة ميادة كيالي وكان بعنوان "أحلام مسروقة" تعالج فيه القضايا الاجتماعية في أكثر من بلد عربي، خصوصاً مشاكل المرأة العربية التي تعتز الكاتبة بها أيما اعتزاز، فميادة كيالي ابنة مناضل وثائر سوري عرف بمواقفه الشجاعة ضد الاستعمار الفرنسي حيث قاتل وسجن ثم فر من السجن. ومهد الطريق لهروب عشرات المناضلين السجناء في السجون السورية واللبنانية أثناء الاحتلال الفرنسي لهذين البلدين. وقد انعكست قصة هذا المناضل وجهاده على حياة أسرته ومن بينها السيدة كيالي من مواليد حلب واقامة طويلة الهدايا، الثياب الجديدة بمناسبة وغير مناسبة، كل شيء كما من المفترض أمامهم مفتوح يأكلون متى يشاؤون وما يشاؤون. يجلسون لمشاهدة التلفزيون بالساعات من دون رقابة، وإذا لم نذكرهم بدروسهم ونساعدهم عليها "ما في حدا لحدا".
وتتساءل ثانية: هل نحن على صواب؟ هل كان أهلنا على خطأ؟
إذا كنا على صواب فلماذا نجد أنفسنا عاجزين عن التعامل مع أولادنا على اختلاف أعمارهم؟ هل من بيت لا يشكو من تعب الأعصاب والعجز وقلة الحيلة والوسيلة لايجاد طريقة تساعد على تربيتهم وتعليمهم؟
هكذا، بالفعل، كل بيت يعاني من مشكلة الأولاد، كلنا نشعر بالحزن كيف نقدم لهم كل شيء ولا نرى في المقابل نتائج مدرسية أو تربوية كما كنا نتصور أو نطمح.
وتتساءل مرة ثانية: هل كان أهلنا على خطأ؟ إذاً كيف أصبحنا على ما نحن فيه من علم وعمل وأخلاق ودين؟
هل خرجنا من الدنيا معقدين كسولين متسيبين لا مسؤولين؟
قد يقول قائل أن "الدنيا تطورت اليوم وأصبحت هناك الكثير من المغريات، من وسائل ترفيهية وكمبيوتر وبرامج تلفزيونية بقنوات لا حصر لها فضائية وأرضية، وسينما وفيديو وألعاب في غاية التطور الخ".
نسبي
والجواب: هذا صحيح ولكنه نسبي، لأن الجيل الأول كانت لديه ألعابه وتسليته التي تتناسب ووعيه حينها وطريقة معيشته.
وكانت أيضاً لديه الإمكانية ليتلهى في مدينة زحلة اللبنانية، حيث اتيح لها كتابة قصص وخواطر هذا الكتاب، ثم انتقلت مع أبنيها الى أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة.
الكتاب زاخر بقصص فيها الأمل والفرح، وفيها الحزن والتشاؤم، ولغة عربية سليمة، على ما أعلنت الكاتبة اعتزازها بلغتها العربية المقدسة، لغة القرآن الكريم. وهي تعنى أكثر ما تعنى بالتربية على قاعدة "العلم في الصغر كالنقش في الحجر" فـ"كل جيلنا عانى من قسوة التربية للجيل القديم وان بنسبة متفاوتة، وبعضنا قد عانى اضافة الى ذلك ضيق الحال والظروف المعيشية الصعبة، هذا إذا لم تنس فترة الحرب وما خلفته من دمار في النفس والروح، ولهذا نجد أننا نسعى من غير قصد اليوم لتعويض أبناءنا ما شعرنا بأننا فقدناه في تربية أهلنا لنا. كنا قد نشأنا على مقولة: لا، وعيب وحرام وممنوع. الثياب الجديدة على العيد. الحقيبة المدرسية كانت تكفينا سنين بل كانت تُدوّر من الأكبر على الأصغر، الأكل بمواعيد، النوم بمواعيد. ولا نرى من التلفزيون سوى فقرة صغيرة مخصصة لبرامج الأطفال. ننهي دروسنا وواجباتنا وحدنا من دون مساعدة، حتى أن أهلنا كانوا لا يعلمون متى أوقات الفحوص إلا عندما تنتهي ونأتيهم بالنتائج.
وتتساءل الكاتبة: ما الذي تغيّر؟
في الحقيقة ان كل شيء قد تغيّر، نحن النساء أعلنا ثورة على ما اعتبرناه ظلماً وقهراً في التربية. وأردنا أن نعطي أولادنا كل شيء. الوقت، اللعب، التسلية وينسى الدرس وينسى نفسه".
بالفعل، عندما ننظر الى ذلك الزمان الجميل الأقل نجد أن أهلنا لم يكونوا على خطأ بالمطلق، فطريقتهم وتربيتهم أثبتت نجاحها أكثر من الطرائق المتبعة هذه الأيام، أو كما يقول المثل "تركهم على الغارب" فيا حبذا لو نحاول ان نقرأ أسلوبهم ونعرف نقاط قوته ونراجع أسلوبنا ونعرف نقاط ضعفه.. لنخرج بحل لما بتنا نعانيه اليوم مع كل الوسائل الحضارية المتوافرة بين أيدينا.
جيل النرجيلة
أسوأ ما كانت ترى السيدة كيالي، كما نحن الآباء والأمهات موضة تدخين "النرجيلة" من فتية وصبايا أمام أهلهم دون أي اعتراض.. ونتذكر الأيام الخوالي عندما كان من المعيب على الشاب، حتى لو تزوج، ان يدخن أمام والده، ومن المعيب جداً بل من المحرم ان تدخن المرأة لا بحضور زوجها ولا بغيابه، وشيئاً فشيئاً بدأت النرجيلة تتسلل الى عقر دارنا.. بداية الى السيدات في البيوت ثم في المطاعم وصولاً الى جيل المراهقين بعمر الورد والصحة والنمو.
وتقول السيدة كيالي: "لن ادعي المثالية، فأنا أيضاً جربت ان أتذوق نفس النرجيلة في مناسبات عدة ، لأنها بالفعل باتت شيئاً عادياً وجذاباً في نكهاتها المتعددة، ولكن عندما رأيت هذا العدد الهائل من الفتيان والفتيات بعمر المراهقة يدخنونها لساعات وأحياناً يومياً في الصيف وبرضى الأهل، شعرت فعلاً بالأسف وبدأت أشعر بالخوف على مستقبل أولادي.
ملعونة هي التربية الحديثة ان كانت ستوصلنا لمساعدة أولادنا على قتل صحتهم ووقتهم وعقلهم.
أنا على يقين بأن كل واحد منكم يربّي أولاده كل شبر بنذر كما يقولون، ويخاف عليهم من الهواء الطائر، فكيف يطاوعه قلبه على السماح لهم بشرب نفس نرجيلة يعادل تدخين علبتي سجائر؟
وتصرخ الكاتبة: صدقوني.. الأمر لم يعد مزحة، فعندما نؤكد آخر الاحصاءات أن خمسة وستين في المئة من مدخني النرجيلة في لبنان هم من المراهقين. وهذا يعني أننا أمام مشكلة خطيرة علينا أن نتعاون جميعاً لحلها كل حسب موقعه.. من أهل ومعلمين ورجال دين وسياسيين ودولة.
لا ترموا المسؤولية على بعضكم على بعض، فهؤلاء أولادنا وصحتهم ومستقبلهم أمانة بين أيدينا. فدعونا نتشارك جميعاً للحيلولة دون استفحال الأمر لدرجة لا ينفع معها الدواء ولا الندم.
وتتوجه الكاتبة عبر اليمامة الى كل من يقرأ كلماتي أوجه رجائي له ان يقف قليلاً مع نفسه ويعترف بما يحصل، فالاختباء وراء نظارة اللامبالاة لم يعد مقبولاً، وتذكر انك ان لم تدخن فأنت مدخن سلبي عندما تذهب وتجلس بصحبة المدخنين. وإذا كان ولدك لا يدخن النرجيلة ايجابياً فهو يدخنها سلبياً بصحبة أصدقائه فرجاء من القلب الى كل إنسان واعٍ ومسؤول ان يتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة، ويحصّن ابناءه ضدها بالتوجيه والكلمة الطيبة والرجاء الأكبر الى من هم في موقع القرار: ان وصلتكم كلماتي نرجو أن تساعدونا نحن الأهل في السيطرة على الوضع وذلك باستصدار قرار يحظر على المطاعم والمقاهي في لبنان كله تقديم النرجيلة لمن هم في عمر المراهقة تحت طائلة المسؤولية. وتذكروا أن أولادنا وأولادكم في هذا سواء.
وتقول الكاتبة: الحب اليوم أصبح معلباً في علب بيضاء وقلوب حمراء.. وورود يضاهي ثمن الواحدة منها وجبة طعام لعائلة بأكملها وكلما زاد على ذلك من الهدايا كان الحب أقوى وأعنف.
ليس عيباً ان نتهاوى باسم الحب. ولكن عندما يتحول التعبير عن الحب الى هذا الشكل المادي وننسى بل نتناسى جانبه المعنوي فهذه هي المشكلة.
ان نتأمل بأنانية وهمجية طيلة العام ونأتي الى يوم العيد لنقدم وردة باسم الحب.. أي حب.
أن ننسى ضمائرنا ونخون أماناتنا وعهودنا طيلة العام ونضيء شمعة في بيت الله باسم حبنا له.. أي حب.
ان نعرف ما لنا وننسى ما علينا تجاه من نحب وتجاه عائلاتنا وأصدقائنا وجيراننا ونقدم لهم أغلى الأماني وأصدقها باسم الحب.. أي حب.. وأي صدق.
جميل جداً ان يترجم الحب بالايثار والصدق والصراحة. وجميل جداً أن يكون نابعاً من الأعماق السحيقة في نفس كل واحد منا.. والأجمل ان نعترف باللاحب بدلاً من الاختباء وراء جدران سميكة من المجاملة والمسايرة والمسايسة والضحك على الذات.
بالحب الصادق قولاً وفعلاً نتغلب على أنفسنا، ومن أجله وحده نترفع عن أنانيتنا وفي ظله حيث لا ظل إلا ظله نأمن من لهيب الأحقاد التي ما ان تظهر في سمائنا حتى نكون أول من يحترق بها.
ياسين رفاعية - المستقبل