Wednesday, February 29, 2012

فرج بيرقدار - تقاسيم آسيوية


تأليف: فرج بيرقدار  تاريخ النشر: 01/01/2001 
الناشر: دار حوران للطباعة والنشر
دمشق - 6713079


إهدأ.. قليلاً.. أيها الرجل.. لا تنتهي.. لا تنتهي السبل. من (وقت من حجر) إلى (تقاسيم آسيوية) يبحر بنا فرج بيرقدار بأشعار تأخذ نسائمها من الهذبان والجمر والمكاشفات والورد والإيمان والترف والإفراج والرعشات والناي و الذهاب والإياب والبصائر والوحشة. وتمر النسائم بأنشوطات متقاطعة وبالهو والهي وبوجوه تائهة ودوائر مغلقة وأبواب موصدة خلفها متربصون من جميع الجهات.
(مقدمة الناشر)



إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html



تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:

Sunday, February 26, 2012

فرات ياسين - غراب آدم



"مرآتي تختزن الوجوه، آلة تصوير تومض في جانبها المرئي تلتصق شرائطها في الخلف، تظهر ينابيع ذاكرتي التي تدفقها مضخات الخوف منذ أن هاجمت طفولتي أولى لسعات الضرب لينظم عويلي إلى جمهرة الباكين الذين لم ينقطع نحيبهم منذ أن دفن آدم على أرضهم.. انزويت حزيناً في غرفتي أقفز بخيالي إلى الوطن.. الفرار خيارنا الوحيد الذي تركه لنا النظام ورئيسه بعد أن ترصدناه في كل مكان... ملأنا له الهواء والماء والأرض بالسم كي يموت ولم ينفع.. أخاطب من بعيد.. أستعيد صوت (سعدي يوسف) ليس فقط لمجيد الراضي، إنما لكل الأحياء والأموات في الموطن: إسماعيل وكريم وسرحان... والشيخ طاهر وولده سلمان، ومن غرقوا في البحار ودفنوا في كردستان وفي الفرات وفي دجلة والناصرية وكل مدينة وقرية في العراق، ومن ليس لهم قبور، والذين ينتظرون الموت وفي المنفى وإلى الوطن المجهول مصيره: "قد يقع الإنسان، في قبضة السجان، أو في قبضة الأزهار، بل ربما أوقف من سنينه، عشراً على الأحجار، يمنحها النسخ، كما تمنح أزهار الدجى الشطآن، وربما استنفذت الأشجار أعمارنا.. من أجل ألا نجهل الأشجار. لكني أريد أن أخبرك الليلة، وأنت لا تجهليني كنا معاً في ذلك البستان، أريد أن أخبرك الليلة بأنني في قبضته الذكرى سجين دونما سجان، وحين يبدو التل كالقيم كالتل، وترتعي في العشب المبتل والدالية الألوان والقطعان أغنية للبحر وللصحراء، أغور في الذكرى فتمتد على جبهتي القضبان".
فرات ياسين في روايته "غراب آدم" هو صوت قادم من ذاك الفرات المخضل بالدموع. صوت من تلك البقعة التي تعيش مأساة بإثر مأساة بإثر مأساة. من خلال سردياته هذه يحاول فرات ياسين إسماع صوتٍ مغاير للحزن إذ أن له في جنوب الفرات معنى آخر، حيث يحتل ذاك الحزن أكبر مساحات في أرواح أهله، وله عندهم أحلى وأجمل الأشعار والأغاني. وصوت حزن الروائي الآتي من هناك هو الأكثر صدقاً، فهو الآتي من بلاد تنتشر فيها القبور، حتى في أعراسهم يفنون عن افتراق المحبين. هل بالإمكان اعتبار "غراب آدم" مرثاة وطن؟! إلى حدٍّ ما، لأنه وعندما يغرق الوطن في الأحزان فعلى أهله السلام.
النيل والفرات


http://www.mediafire.com/?zltoj6e2qdnvve9




إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
 








تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:

Wednesday, February 22, 2012

خيري شلبي - منامات عم أحمد السماك



"كنت ماشياً في عز الليل في طريق أشبه بطريق يسمى الأوتستراد المعمول حديثاً في نواحي منشية ناصر، كان من الواضح أنني في حالة مزاجية منبسطة مع ذلك أشعر بأنني أشعر كالخائف، أغلب الظن أنني خائف أن تضيع في هذه الحالة، إنني أتمنى أن أظل هكذا إلى الأبد لا يغضبني شيء، ولا يفكر مزاحي أو يحرق دمي شيء مهما كانت قيمته... ترى هل وضعني الله الآن في هذه الحالة ليشير لي أنني يجب أن أكون هكذا على الدوام لكي أنجو من غضبه وعقابه؟ أم لعله قد هداني ومنحني هذه الحالة إلى الأبد فأوقفني بذلك عند حدّي وجنبني فلتان اللسان الزفر النشيم؟.... فوجئت بيد تتأبط ذراعي الأيمن، تلفت منزعجاً قال الذي تأبطني في غبطة: أرأيت الحيوان الذي أتمناه لك؟!... "حيوان"؟! أقتمتموه لي أنا؟! كيف يا بو العم؟! من أكون حتى تقيموا لي الحيوان! ومن أنتم عدم المواخذة! ولماذا يقيمونه لي أصلاً؟! أنا لم أمت بعد حتى يقام لي حيوان للعزاء!!...
ظهر على حنكه المغشوم بإبتسامة عجوز أنه يريد أن يقول لي: ما لهذا المعنى قصدت بالحيوان، ثم شوح بذراعه نافياً هذا المعنى، وأضاف: تعال أخرجك... مشيت معه مسلوب الإرادة، تخطينا الشارع الذي اتضح أنه الأوتستراد فعلاً، تجاوزنا مقابر فايتباي، صرنا في طريق صلاح سالم، عبرناه إلى الضفة المقابلة، وجدنا تحت أقدامنا سلماً من الحجر واضح أنه جديد لم تدس عليه أقدام من قبل، صرنا نهبط الدرج في منحدر متعرج قليلاً: صار طريق صلاح سالم يمر من فوق أكتافنا والسيارات تختر قنادون أن نشعر بها...
فوجئت بمنظر بديع في مواجهتي أصابني بالروع حتى كدت أقع من طولي: عبارة عن قبة متوسطة الحجم، محندقة، مطلية بالذهب البندقي الأحمر، وسبخ من الذب منكوت فيها طالع من أعلى القبة في إتجاه السماء، حيث يستقر فوقه هلال من الفضة المصقولة... وقفت أمامها مبهوتاً من شدّة الورع الذي شملني، كل شعرة في جسمي صارت ترتعش من الرهبة من عدم فهمي لمعنى أن تكون هذه
النيل والفرات





إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
 

تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

Wednesday, February 15, 2012

علي الكردي - قصر شمعايا



قصر شمعايا
دار كنعان - دمشق 2010
150 صفحة/ قطع متوسط

قريبا من حى اليهود شبه المهجور فى دمشق القديمة حيث عاش لأكثر من عشرين عاما وقع الكاتب الفلسطينى على الكردى روايته الأولى "قصر شمعايا" التى تحكى سيرة لاجئين فلسطينيين سكنوا الحى فى خمسينيات القرن الفائت، بعد قرار من الحكومة السورية آنذاك يقضى بإسكان اللاجئين فى بيوت اليهود السوريين الغائبين.
ويروى الكاتب كيف حشرت عائلات اللاجئين فى هذا القصر الذى بناه الثرى اليهودى شمعايا أفندى فى العام 1885، وتحول إلى ملجأ مقسم ليتسع لعدد كبير من العائلات.
وتتبع الرواية مصائر هؤلاء الذين تركوا أراضيهم وأملاكهم فى فلسطين، بدءا من سيرة العذاب والفقر وقلة الحيلة، وصولا إلى مصائر وهجرات متتالية باتجاه دول الخليج أو الدول الاسكندينافية وسواها، لكن لبطل الرواية سيرة أخرى، هو الذى يبدأ دراسته فى الاليانس وهى واحدة من سلسلة مدارس يهودية عالمية - تحولت بدورها، وما زالت إلى الآن، إلى مدرسة للاجئين الفلسطينيين تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (انروا)- ويمضى متأملا فى نسيج هذا المكان الاستثنائى، الذى جمع فى دائرة واحدة فلسطينيين ويهودا ومسيحيين ومسلمين.
ويتحدث الكاتب عن "تعايش أصيل" بين الجميع، ويشير خصوصا إلى قصص حب بين يهود وفلسطينيين، ولا سيما فى تلك القصة المسماة بـ"روميو الفلسطينى وجولييت اليهودية" حيث يعجز العاشق الفلسطينى عن الزواج من محبوبته اليهودية فيحرق نفسه، وتتبعه بتجرع السم حين يصلها النبأ.
ورغم إشاراته المتتالية إلى رحيل يهود تحت جنح الظلام خارج سوريا، إلا أن الشخصيات اليهودية التى تمر فى الرواية قليلة الحضور، ومن بينها ابن طبيب يهودى مشهور يهاجر إلى إسرائيل فيصبح طيارا يشارك فى الحرب ضد البلد الذى خرج منه، وحين تسقط طائرته ويقع فى الأسر تجرى مواجهته مع الأب الذى فضل البقاء حيث ولد. لكن الأب ينكر ابنه حين يواجهه أسيرا.
ومن أبرز شخصيات الرواية زميل دراسة للبطل الفلسطينى يهرب ويظهر فى باريس بعد أعوام طويلة من الهجرة، وهناك يتحدث كيف "نزعت أسماؤنا العربية، وفرضت علينا الذاكرة اليهودية الأوروبية". وهناك راشيل التى أحبت شابا فلسطينيا خذلها بسبب عدم قدرته على الاستجابة لزواج مستحيل، يهرب هو إلى مصر بحجة الدراسة، وتهاجر هى إلى الولايات المتحدة لتقضى فى حسرة ذلك الشاب.
لكن مصير بطل الرواية الفلسطينى يفترق عن مصير زملائه على اختلاف مشاربهم فى ذلك الحى، خصوصا صديقيه كاتب القصة، والفنان التشكيلى ففى الوقت الذى تابع هؤلاء دراستهم وشئون حياتهم، يمضى هو إلى العمل الفلسطينى المسلح، إلى أن يعتقل إثر عملية، ثم يطلق سراحه بعملية تبادل للأسرى مع إسرائيل. ليختار بعدها العمل فى مجال الصحافة والكتابة.
وإذا كان هناك من تقاطع بين شخصيات الرواية وشخصيات واقعية، فإن الكاتب على الكردى نفى ردا على سؤال لوكالة فرانس برس أن تكون الرواية سيرة ذاتية. وقال "قد يكون فيها شىء من السيرة الذاتية، ولكنها ليست سيرة".
"اليوم السابع"





إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
 

تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

Sunday, February 12, 2012

ممدوح عدوان - حيونة الانسان



إن عالم القمع المنظم، منه والعشوائي، الذي يعيشه إنسان هذا العصر هو عالمٌ لا يصلح للإنسان ولا لنموّ إنسانيته، بل هو عالم يعمل على "حيونة" الإنسان (أي تحويله إلى حيوان). حول هذا الموضوع يأتي هذا الكتاب، ومن هنا كان عنوانه "حيونة الإنسان". ويقول الكاتب بأن الاشتقاق الأفضل للكلمة هو "تحوين الإنسان"، إلا أنه خشي ألا تكون الكلمة مفهومة بسهولة.
يتناول الكاتب موضوعه هذا بأسلوب يشبه أسلوب الباحث، إنما بعقلية الأديب ومزاجه وأسلوبه، وليس بعقلية الباحث ومنهجيته، فالكاتب لم يكن بصدد طرح نظرية أو تأييد أخرى، كما أنه ليس بصدد نقض نظرية أو تفنيدها، لهذا على القارئ أن يسوغ له عدم إيراده الدقيق لمرجعيات الاستشهادات التي أوردها في نصه هذا. وعلى كل حال، وبالعودة إلى الموضوع المطروح، فإن تصورنا للإنسان الذي يجب أن تكونه أمر ليس مستحيل التحقيق، حتى وهو صادر عن تصور أدبي أو فني، ولكن هذا التصور يجعلنا، حين نرى واقعنا الذي نعيشه، نتلمس حجم خسائرنا في مسيرتنا الإنسانية، وهي خسائر متراكمة ومستمرة طالما أن عالم القمع والإذلال والاستقلال قائم ومستمر، وستنتهي بنا إلى أن نصبح مخلوقات من نوع آخر كان اسمه "الإنسان"، أو كان يطمح إلى أن يكون إنساناً، ومن دون أن يعني هذان بالضرورة، تغيراً في شكله. إن التغير الأكثر خطورة هو الذي يجرى في بنيته الداخلية العقلية والنفسية. ويقول الكاتب بأنه إذا كان الفلاسفة والمتصوفون والفنانون والمصلحون يسعون، كلٌّ على طريقته، إلى السمو بالإنسان نحو الكمال الذي خسره، أو اليوتوبيا (أو المدينة الفاضلة) التي يرسمونها، أو يتخيلونها له، فهو، الكاتب، يحاول في كتابه هذا عرض عملية انحطاط وتقزيم وتشويه تعرض لها هذا الإنسان.
النيل والفرات
تاريخ النشر: 01/10/2007 
الناشر: دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع




الكتب المرفوعة:حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html

تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

Wednesday, February 8, 2012

نبيل سليمان - حجر السرائر



اغتيالُ الدستور، والأسئلة المحرجة.. «حجر السرائر» للروائيّ السوريّ نبيل سليمان
هيثم حسين - منارات

لا يَخفى أنّ الدستور هو أساس لإقامة العدل؛ الذي هو بدوره أساس الملك أو الحكم، لكن ماذا لو أنّ الدستور المُراد تشريعه تعرّض لمحاولات التسميم والاغتيال؟ هل يعود بالإمكان التمهيد لإقامة حكم عادل دون أساس متين؟ هل يمكن الاعتبار من دروس التاريخ وتجاربه في مسألة التمثيل بالدستور عبر نسف مكوّناته وبُناه؟ انطلاقاً من هذه الأسئلة، يعاود الروائيّ السوريّ نبيل سليمان في روايته «حجر السرائر»، «كتاب دبي الثقافيّة، الحوار» التنقيب في التاريخ ليستكشف بعض خباياه، معتمداً على وقائع تاريخيّة ومعلومات مستقاة من مصادر مختلفة، يبني روايته معتمداً على التخييل الروائيّ لخلق عوالمه، دون أن يزعم أنّه يكتب مخبوء التاريخ أو مكتومه أو مفضوحه أو ملعونه.
يصوّر الروائيّ فترة حرجة من تاريخ سوريا في بداياتها التأسيسيّة، تلك الحقبة التي تلت الاحتلال، وكانت تعجّ بالأحداث والمنعطفات الهامّة التي شكّلت مستقبل البلاد فيما بعد. كما أنّه يعود بالذاكرة والأحداث إلى أيّام الاحتلال الفرنسيّ، مستذكراً بعض المحطّات في حياة الشخصيّات الروائيّة التي تقدَّم على أنّها حوامل بذور التغيير، وجراثيم الانقلابات، وعدوى المؤامرات، وجريرة التكتّلات الباحثة عن هويّة وانتماء.
الشخصيّات التي مثّلت الدستور أو تلك التي تمثّلت له، تسيّر الأحداث في «حجر السرائر» التي يحاول فيها نبيل سليمان، استجلاء بعض الحيثيّات والوقائع التي رافقت مرحلة التأسيس للدستور في سوريا عقب الاستقلال. حيث يفترض حوادث تاريخيّة متخيّلة في فترة تاريخيّة محدّدة، فترة الانقلابات في سوريا، يوائم بين الروائيّ والمتخيَّل، يستعين بشخصيّات مؤثّرة تاريخيّة، يخلق معها شخصيّات روائيّة، يشركها في اللعبة، يمنحها الامتياز التاريخيّ والروائيّ، ويُضفي عليها الواقعيّة التاريخيّة. يمحو الحدود الفاصلة بين التخييل والواقع، بتغليفه المجريات والمتغيّرات بما يوحي بواقعيّتها المحتملة ولا واقعيّتها في آن. يتقاطع الروائيّ في التنقيب في تلك المرحلة الهامّة من تاريخ البلاد مع عدد من الروايات والأعمال الدراميّة التي تطرّقت إلى تلك الفترة التي يبدو انّها ستظلّ خزّاناً للحكايات والأعمال الفنّيّة والأدبيّة، لما تحتمله من اجتهادات وتأويلات، ولما تنطوي عليه من ألغاز وأسرار لا يني الحديث عنها متجدّداً.
تبدأ الرواية بمشاهد مستحضرة من حياة المحامي (رمزي الكهرمان) وزوجته (درّة حفظي). ينشغل (رمزي) وارث الأساطير ومورثها وأحد أعضاء لجنة صياغة الدستور، والمقاوم للاحتلال، المنفيّ السجين، بالعمل على وضع دستور عصريّ للبلاد، لكنّه لا يستطيع إكمال مهمّته، لأنّ خيانة زوجته الجميلة له، بالتواطؤ مع عشيقها وابن عمّها (خطيب حفظي)، تضع له نهاية مروّعة. يقضي مسموماً في مشهد دراميّ مؤثّر. بعد سلسلة من عمليات النبش والمتابعة، يستدلّ المحقّق إلى أنّ الزوجة (درّة حفظي) قد اضطلعت بالمهمّة مع عشيقها، فيلقى القبض عليها، وتودَع السجن، لتقضي فيه عشرين سنة.
وبعد تلك السيرة التاريخيّة المسترجعة، يكون هناك قطع زمنيّ، لا يلتفت الروائيّ إلى سدّ ذلك الزمن المديد بين عملية الاغتيال والسنوات التي تمرّ. إذ نجده ينتقل إلى السجن وقدّ مرّت عدّة سنوات، تحضر السجينة (درّة حفظي) بين يدي آمر السجن، وبمصادفة غريبة، تلتقي أحد المساجين المميّزين، (حسني الزعيم)، تلفت نظره، تحوز على إعجابه، يعدها بأنّه سيطلق سراحها حين يستلم رئاسة الجمهوريّة. وبعد مضيّ خمس سنوات يفي بوعده لها. تتحرّر السجينة القاتلة، لتلعب دوراً هامّاً في تسيير شؤون البلاد لفترة محدّدة قصيرة. حينذاك تكون ابنتاها (نديدا) و(ابتهال) قد كبرتا وتزوّجتا. ترافق درّة الزعيم المنقلِب إلى حين الانقلاب عليه، ثمّ تتوارى عن الأنظار، تبقى مختفية لا يعلم أحد مصيرها، تنشط التكهّنات والتخمينات حول مظانّ تواجدها، لكنّ الخبر اليقين يتأخّر سنوات حتّى ينكشف.
يمازج الكاتب بين الواقعيّ والأسطوريّ في روايته، نراه يستطرد في توصيف الأحجار الكريمة، يذكر مفاعيلها السحريّة، يستنطق ما تشتمل عليه من درر وجواهر، وما تنطوي عليه من مفاتيح ومغاليق تفيد لتطبيب الأرواح والأجساد ومعالجتها. أحجار كثيرة يذكرها الروائيّ، كأنّه يهيّئ قارئه للتدبّر والتمعّن في القوى السحريّة الشافية التي تتمتّع بها، حيث أنّها تتكفّل بحماية ومداواة حامليها، بالموازاة مع قيامها بالكثير من الأدوار الخارقة. تحضر أنواع كثيرة، يكون لكلّ منها تسمية، تتوافق تلك التسمية مع المفاعيل التي تنهض بها. يشرح خواصّها وميّزاتها الخارقة. يُبقي حجراً واحداً من دون تسمية، تجتهد الشخصيّة الرئيسة نديدا باكتشاف اسم مناسب لتسمّيه به. نجد أنسنة للحجر الذي يطالب بالتسمية، ولا يرضى أن يبقى مكتوماً مجهولاً.
تتعدّد محاولات التسمية، تحرص (نديدا) أن تكون التسمية مبتكرة فعّالة ملائمة، تستعين بثقافتها ومَن حولها، تحاور الحجر في ما تنتويه، لكنّها تؤجّل البتّ في الموضوع، تؤجّل حسم القرار، وإصدار الحكم أو النطق به. تطعن بكلّ ما قد يشغلها عنه. (نديدا) المحامية التي تتمتّع بمزايا استثنائيّة، تكون نموذج المرأة العصريّة، المثقّفة الفاعلة في مجتمعها، تمارس مهنة المحاماة، تنشأ في عائلة قانونيّة، تقرّر أن تكون السبّاقة في كلّ شيء، لا تلتفت إلى أقاويل الناس التي تنال من سمعتها، لا يثنيها عن التعلّم شيء، تغامر في سبيل آرائها، ولا تخشى المخاطرة. تكون المرغوبة المشتهاة، وفي الوقت نفسه تكون مرهوبة الجانب. تصرّ على أن تطلّق نفسها من زوجها الصحفيّ الشمّام (رباح أبو شلّة)، بعدما تنجب منه ابناً تسمّيه (رمزي)، على اسم والدها المغدور الذي تحرص على أن تدعوه مع عمّها بالشهيد.
تعود (نديدا) للعيش في بيت عمّها المحامي الذي لم ينجب أولاداً، تدرس العديد من الموادّ القانونيّة، تقدّم مقترحاتها القانونيّة لتغيير تلك الموادّ، تسعى لاستكمال ما كان والدها قد بدأه، باعتباره أحد أعضاء لجنة صياغة الدستور، قبل أن تغتاله زوجته بتسميمه. حتّى أنّ الرواية تسلك سبلاً قانونيّة، تغوص في ذكر الموادّ الدستوريّة، كيف كانت وكيف ينبغي أن تغدو.
يصوّر الروائيّ ارتهان الشخصيّات للحتميّات المرسومة، كأنّها تنقاد لتنفيذ ما يخطَّط لها. يعرض تصرّفاتها وخلفيّاتها، ثمّ يصف ماضيها وحاضرها، وكيف يكون ذاك الماضي مستمرّاً وفاعلاً. يحرص على أن تكون التسميات دقيقة معبّرة، تقدّم وفق متوازيات ونظائر روائيّة، يستحضر اللقب مع الاسم، وأحياناً يسبقه، باعتباره أكثر تدليلاً عليه، لأنّه يأتي بعد معايشة وواقعيّة. بالتزامن مع التوصيفات والتسميات يرد التسميم، كأنّ الروائيّ يوحي بروابط لامرئيّة سحرية بين التسمية والتسميم، لا من جهة الجناس اللفظي فحسب، بل عبر الجناس الفعليّ المتعدّي، إن جاز التعبير.
يتفعّل حجر السمّ مع حجر الشفاء والسرّ والخلاص. فالتسميم يبقى ملح الرواية الذي يتشعّب في معظم الفصول، يبقى المؤثّر الأكثر ترميزاً ودلالة. القانون يتسمّم بالتجاوزات والاختراقات. البلاد تتسمّم بالانقلابات. (درّة) تسمّم زوجها المحامي. تسمّم حياة مَن تصادفه. كلّ واحد يسمّم حياة الآخر بتصرّفاته الرعناء وسلوكيّاته الطائشة. قادة الجيش يسمّمون البلاد بالانقلابات والتوتّرات. الأحزاب تسمّم البلاد بالشعارات الجوفاء. المتطفّلون المجيّرون يسمّمون الأفكار. تكون السموم الفكرية أشد شراسة وأذى من تلك السموم التي تقتل أفراداً معيّنين، لأنّها تقتل وتفني وتسمّم جماعات برمّتها، كما تحمل معها بذور التسميم العامّ القاتل.
ولعلّ الخطاب الفكريّ الأهمّ المعلن والمضمر، الذي يرد بالتوازي مع حوامل هامّة، هو تحذير الروائيّ المتكرّر من أن تكون الطائفيّة السمّ المستقبليّ الذي يحذَر منه على ألسنة شخصيّاته. وهو بالضبط العلّة التي تتكفّل بالتسميم الممنهج، والمتخبّط، والمجنون. تحضر الاغتيالات والتصفيات والدسائس كسموم مجّانية متفشّية في البلاد. يحضر تسميم الرمز، تسميم الاسم، فرمزي المقتول تسميماً يظلّ رمزاً للعدالة المغدورة، والدستور المُضحَّى به. (درّة) القاتلة تبقى السمّ المتنقّل، والاسم غير المتوافق مع الفعل الإجراميّ المقترف. (بدر الدين) يحمل السموم وينثرها أينما يحلّ ويرتحل. الصحفيّ الشمّام يعتاش على السموم. (نديدا) تتحدّى السموم، بفعل طاقة الاسم غير المحدّد حتّى النهاية، وبفضل قوّة السريرة، وسحرها الكامن، وطاقتها المتجدّدة الثائرة. بفضل وفعل وطاقة الحجر الذي تحمله معها، والذي يمنعها من الغرق دوماً، وينتزع لنفسه التسمية الأنسب في النهاية: حجر السرائر. يكون التعريف بالتسمية سبيلاً للإنقاذ والخلاص. ثمّ الأمل المنشود بتسمية ابنها من (رباح) برمزي، كأنّها تعيد إحياء الرمز المسمّم، وتتحدّى إبقاءه وتفعيله وتكبيره، برغم ما يتعرّض له من تشرّد وتشريد بين أسرتي أبيه وأمّه.
  الأبوّة والبنوّة:
تنبني الرواية على عدّة ثنائيّات. تكون الأبوّة والبنوّة الثنائيّة الأبرز. يحضر صراع الأجيال وتلاغيها، كما يحضر تكاملها المنشود وتساميها على الانخراط في المكائد المدبَّرة. يكون كلّ اسم مقرون مع أب فعليّ أو رمزيّ، ربّما يغدو الابن أباً بطريقة ما. يتناوب الأب أو الأم على النهوض بالدور مع الابن أو الابنة.
(نديدا) التي تعيش في كنف عمّها وزوجته (افتخار)، تأخذ منهما الكثير لأنّها ابنتهما بالتربية، لكنّها تكون ابنة (رمزي) القانونيّ المغدور و(درّة حفظي) القاتلة. تأخذ حبّها وافتتانها بالقانون وحرصها عليه من والدها، كما تأخذ دهاءها وسطوتها واستبدادها الأنثويّ من أمّها. وبرغم ما تزعمه من تحقير لأمّها إلاّ أنّها تبقى امتداداً لها بطريقة أو أخرى، لكن دون أن تتورّط في القتل أو الاغتيال، بل تكون المحامية التي تسعى إلى تطبيق العدالة المغيّبة المحجوبة. (نديدا) الابنة تغدو الأمّ الحائرة التائهة في زحمة مشاغلها. لا تقوم بواجباتها كأمّ لابنها على أكمل وجه، فيتوه ابنها ويبتعد عنها. ثمّ تكون أمّاً رمزيّة لأختها (ابتهال) التي ينحسر دورها كثيراً، تبقى على هامش الأحداث، تتحرّك في ظلّ زوجها (سنان) الضابط القوميّ السوريّ. تحضر (افتخار) كأمّ بديلة تفتقد الأمومة الحقيقيّة، تحاول الاستعاضة عنها بتربية نديدا وابتهال، ثمّ أبناءهما.
الصحفيّ رباح يكون الابن المشاكس للصحافة، والأب غير المثاليّ لابنه. يكون الابن المطيع لوالدته، والأب العاقّ لأخيه مطيع. ثمّ يكون هناك الضابط الانتهازي بدر الدين الذي يتنقّل بين القوى، ينحاز للحاكم أيّاً كان، يتحدّى أخاه الذي ينهض بدور قيادي في تنظيم إسلاميّ، يبقى بدر الدين أتماز غير منتمٍ لأيّ تيّار، يغازل الأقوى وينساق وراء السلطة، تعميه القوّة، يتّخذها وسيلة للبطش والقتل. يكون الابن الشرعيّ للسلطة، يسعى جهده ليستلم السلطة بانقلاب محتمل، ليغدو الأب غير الشرعيّ. ينوي قتل الأب ليتنصّب أباً. وذلك كلّه بطرق غير شرعيّة.
«حجر السرائر» رواية مثقّفة، تحمل هموماً عامّة، تنتصر للقانون وسلطته، تحثّ على الدعوة إلى تفعيله وتحديثه. تمتلك جرأة فكريّة وفنّيّة من خلال الخوض في التاريخ لتحفيز رغبة تفعيل الجميل فيه، وتعرية الفاسد والشرير، والبحث عن القانون الذي ينبغي تسييده ومحاربة مَن يسعون إلى تقييده أو تسميمه. تفضح الممارسات التي كانت تستهدف النيل من السلطة التشريعيّة، وتظهر تداخل السلطات السافر، عبر التعدّي المكشوف من قبل السلطة التنفيذيّة على السلطتين التشريعيّة والقضائيّة. بحيث أوقفت الدولة على رغبات ومنافع البعض على حساب التضحية بالقانون والقضاء.
عبر الفصول الثلاثة، التي تتكامل فيما بينها، لتقدّم المشهد بشموليّة واتّساع، وعبر تنويع في أساليب العنونة ولغة السرد التي تزاوج بين الفصيحة والعامّية في الحوارات، ثمّ تتوافق مع خلفيّات الساردين، وتنسجم مع أفكارهم وأطروحاتهم، تثرى «حجر السرائر» بالكثير من التحليلات والرؤى للبنى السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة الناشئة، يرسم الروائيّ دمشق عقب الاستقلال، دمشق الانقلابات، دمشق المتغيّرات، يرسم الحِراك السياسيّ والاجتماعيّ والصحافيّ الذي كان دائراً فيها، يذكّر بالكثير من الأحداث والوقائع التي غيّرت وجه البلاد ووجهتها.
تكون السياسة هي الأرضيّة التي تتحكّم بخلفيّة الرواية وتسيّر أحداثها. يتتبّع المحطّات التي تمّ فيها اغتيال الدستور في البلاد. وكيف أنّ الأحكام العرفيّة والقوانين الطارئة تكفّلت بتسميم البلاد، وتسميم حيَوات المواطنين. يروي انتصارات القادة على الشعوب، والفرق في النظر إلى تلك الحالات التي وصفوها بأنّها انتصارات، في حين أنّها هزائم منكرة، سمّيت بعكس ما هي عليه لتبقى مسمّمة للمستقبل، كما كانت قد سمّمت الحاضر الذي بات ماضياً مستمرّاً بفعل الفاعلين، المعروفين منهم والمجهولين.


http://www.mediafire.com/?5p3u4hf2w61spvv


إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
 

تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

Tuesday, February 7, 2012

أماني فريد - مصرية في ربوع الشام



أماني محمود فريد سليمان.
( 1922 - 2005 م)
ولدت في القاهرة، وتوفيت فيها.
عاشت في القاهرة والإسكندرية ولبنان والسعودية وتركيا ومعظم دول الوطن العربي وأوربا.
حصلت على الثانوية العامة (البكالوريا) من مدرسة السنية الثانوية 1937، ثم التحقت بالمعهد العالي للتربية بالزمالك (كلية البنات - جامعة عين شمس حاليًا) وتخرجت فيه 1940.
عملت مدرسة لغة عربية، ومواد اجتماعية بمدرسة بورسعيد للبنات، ثم بمدرسة حلوان الثانوية، ثم مدرسة العباسية الثانوية، فكلية البنات بالإسكندرية، ثم استقالت لتعمل محررة صحفية بدار الهلال بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، كما أسست مجلة بنت الشرق لدعم جهود المرأة.
كانت عضوًا في نقابة الصحفيين، واتحاد كتاب مصر، وجمعية هدى شعراوي.
كان لها حضورها الثقافي الأدبي والاجتماعي، حيث شاركت بمؤتمر دعم القضية الفلسطينية ممثلة للمرأة المصرية 1947، واعتصمت مع درية شفيق 1954 للمطالبة بحقوق المرأة السياسية، وقد كان لها صالون أدبي نسائي، وعلى صداقة مع إبراهيم ناجي، وعلي محمود طه، وروحية القليني، وجميلة العلايلي، وتعد صافيناز كاظم إحدى تلميذاتها.

الإنتاج الشعري:
- لها ديوانان هما: «فكر وروح» - مكتبة الأنجلو المصرية - القاهرة (د.ت)، و«قلب يتحدث» (د.ن) - القاهرة 1985.

الأعمال الأخرى:
- صدر لها كتابان: «ذكريات» (د.ن) (د.م) 1952، ولها قصص منها: «أقاصيص الغروب» بالاشتراك، و«ملائكة وأمواج ورجال»، و«همسات ولفتات» وفي أدب الرحلات «حول العالم» - جزآن - و«مصرية في أمريكا» مكتبة الأنجلو المصرية - 1997، و«المرأة الألمانية كما عرفتها»، و«مصرية في ربوع الشام»، و«أوربا بين الجد واللهو»، و«المرأة المصرية والبرلمان» 1947 - ولها أيضا «أيام وذكريات» - مكتبة الأنجلو المصرية - 1999، هذا وقد حصلت على عدد من الجوائر في مجال الدراسات الإنجليزية.
شاعرة وجدانية شفيفة تعكس نفسًا شعريًا متدفقًا لا يخلو من سيولة وعذوبة، تتفاعل مع حالات وجدانية متباينة بلغة متماسكة ورصينة.






إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

Monday, February 6, 2012

سامي محريز - مقهى جسر الحمام






إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

Friday, February 3, 2012

بهيجة حسين - البيت


لقاء لم يكن على البال مع احد اعمال المبدعة بهيجة حسين دفعنى بشدة الى الغوص فى أعماق هذا العمل وهى رواية "البيت" الصادرة عن دار الثقافة الجديدة بالقاهرة 1999 وتعتبر من حيث الحجم رواية قصيرة (إذا جاز التعبير) فهى تحتوى على حوالى 100 صفحة من القطع الصغير، ولكن بعد ان اتممت قراءتها شعرت انها كان من الممكن أن تتحول لعمل ملحمى ضخم يحكى تفاصيل العلاقات الإنسانية فى القرية المصرية على غرار روايات ماركيز، وتحكى القصة مأساة بطلها طبيب أرمنى "الدكتور روبين" الذى هرب من المذبحة التى جرت لشعبه بواسطة الجيش العثمانى الى عمق الريف المصرى ليهب سنوات عمره فى علاج الفلاحين الفقراء حيث امتزج بكل كينونته فى التفاصيل الدقيقة لحياة الفلاحين التعسة فى مرحلة ما بين الحربين العالميتين حيث الفقر المدقع والأوبئة والجهل والأفكار الغيبية والقهر الواقع عليهم.
تأخذك الكاتبة سريعا الى عالمها الخاص حيث تبرز موهبتها الحقيقية كحكاءة قادرة على رصد التفاصيل اليومية البسيطة مستخدمة لغة جديدة فى العمل القصصى تبحر بك الى غور الحياة الريفية فتشعر انك امام شخوص حقيقية حية هى تجميع لذكريات الطفولة وما استطاعت الكاتبة الإحتفاظ بها فى اللاوعى حتى قررت البوح بما ترسب فى ذاكرتها من أحداث الطفولة مع مخزون عميق لحواديت الجّدات التى لونت بها عملها وأكسبته عمقا ومصداقية لا نجدها الا لدى القليلين الذين غاصوا فى أعماق الريف وأذكر منهم محمد روميش فى رائعته "الليل الرحم" وعبد الحكيم قاسم فى "أيام الإنسان السبعة"، ولكن يبقى لكاتبتنا حرصها على الدقائق الصغيرة للعلاقات الإنسانية التى ميزت هذا العمل.
فى الرواية أكثر من خيط للصراع قد يكون أبرزها ذلك الصراع بين الأترك العثمانيين فى امبراطورية الرجل المريض ورعاياها من الأرمن وأيضا بين بقايا الأتراك فى مصر والفلاحين من جهة أخرى، ورغم جذورها التركية القريبة من العرق التركى " ورد هانم وحلمى" ولكن انحيازها كان واضحا ضد العنصر العثمانى ولم تخف كرهها وعداءها لهم، كما ان هناك خيوط صراع عديدة من بينها ذلك الصراع بين المجتمع الذكورى القروى والمرأة المستلبة المستكينة، حقا كان هناك رجال عديدين يحملون فى قلوبهم طيبة طاغية ولكن هذا لا يمنع الطابع الأبوى والبطريركى عنهم، انهم النسخة المصرية الريفية من العلاقة بين الرجل والمرأة.
لقد اذهلتنى بهيجة باستخدامها لغة شديدة الرقة والعذوبة، وبقدرتها الغير عادية على الإمساك بالتفاصيل وكأنها تحدق فى عيون ابطالها، وبوصفها الدقيق للأشياء والأماكن عن عشق حقيقى، وكأنها تأخذك من يدك وتدخل بك الى هذه الأمكنة، من عيادة الدكتور روبين الى بيت الحاج عبدالرؤوف وبيت فهمى وبقية البيوت وحتى وصفها بالغ الدقة لوباء الكوليرا او الموت الأصفر وكأنها عانت منه وما زالت تتذكر كل التفاصيل الصغيرة.
تبقى بعض الملاحظات العامة على الرواية الخصها فيما يلى:
- عاب العمل التنقل السريع بين الشخصيات مصاحبا للتنقل بين ضمائر المتكلم مما يؤدى الى تشتيت القارئ وافلات شخصيات الرواية منه.
- التكثيف الشديد فى رسم شخوصها بدون اعطاء مساحة مناسبة من البناء الدرامى للشخصيات وتعويد القارئ عليها مما يحولهاا كأشباح خاطفة وشخصيات مبتسرة ويؤدى الى ارباك شديد للمتلقى.
- تحميل الرواية رؤى سياسية مباشرة والافاضة فى وصف تسجيلى للمذابح ضد الأرمن يمكن ان يتحمله عمل اكثر ضخامة او شكل اخر للابداع.
- اسقاط الحاضر على الماضى، فوصف الدكتور روبين بأنه كافر ( رغم صدور ذلك من تركى) وقوله" ابعد يا كافر من هنا..الهانم مش حتنكشف على كافر"، فإن ذلك يظل مستغربا فى ريف مصر فى تلك الفترة الزمنية.
على ان ذلك لا يقلل اطلاقا من قدرة الكاتبة ولا ابداعها لعمل ممتع ومشوق يلبى جميع اساسيات العمل الروائى مع نظرة فلسفية عميقة لقضية الموت والحياة، وكيف ان الموت حدث ضرورى لتجديد الحياة، وهى تكتب ببساطة وتلقائية كأنما تتحدث مع نفسها، وأظن من واقع تلك الرواية انها ما زالت تمتلك مخزونا عميقا من الذكريات التى يمكن ان تبوح بها وتفتح لنا دواليبها لتمتعنا ولكن عليها ان تغزل الثوب على مهال حتى تكتمل روعة الدانتيلا الجميلة التى تزين اطرافه.
رياض حسن محرم - الحوار المتمدن




إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

Tuesday, January 31, 2012

سمير قصير - تاريخ بيروت



"ربّ مدينة تدعى بيروت، موئل الحياة، مرفأ ألوان الحب واقعة على البحر فيها جزر جميلة وأشجار ظليلة، ليست حدّ برزخ ضيق دقيق... بل إنها تتمدد الى الجهة الشرقية الحارقة عند قدمي جبال لبنان السورية المكسوة بالغابات... بيروت أمل الحياة، حاضنة المدائن، شرف الملوك، الرؤيا الأولى، شقيقة الدهر، مواكبة الزمن، عرش هرمس، حمى العدالة، مدينة المشرعين، دار أمزوزينيا، منزل أفروديت، بيت الهوى، نجمة بلاد لبنان".
نونوس البانوبوليسي
القرن الخامس بعد الميلاد
* * *
إنه سمير قصير.
إنه تاريخ بيروت، يغرينا دائماً فنطل عليه، بانطباعية تخفف من أثقال هذا الزمان، وبذائقة من طبيعة الأحلام وصور الحياة وقدرة هذه المدينة أن تعيش وأن تعود الى الحياة "مهما كان، يمر الغزاة وتبعث المدينة بعدهم عناداً كبيراً" قراءة سمير قصير مع أشياء من الارتباك مع شاب ذكي أغرم بعاصمته الى أقصى حدود الفداء.
كتاب "تاريخ بيروت" لسمير قصير عاشق بيروت وشهيدها يظهر الأخير كبيراً من مؤرخيها وقد صدر له "عسكر على مين"، "لبنان الجمهورية المفقودة" (2004)، "ديموقراطية سوريا واستقلال لبنان"، "البحث عن ربيع دمشق" (2004)، "تأملات في شتاء العرب" (2005).
يعيد الكتاب لبيروت تاريخها المتعدد وتنوع وجوهها مظهراً الأسباب التي جعلت منها منذ القرن التاسع عشر إحدى أولى بؤر الحداثة في أرض العرب. لا يفصل الكتاب الأزمات المتكررة، لكنه يستكشف بأسلوب كبار المؤرخين الاجتماعيين خصوصية هذه الحاضرة الاقليمية المتنوعة الثقافات التي نمت على صفر مساحتها وفيما يؤدي الى استجواب حداثة بيروت وسؤالها عن فشلها في استقراء باطني لتاريخها من خلال المعاناة التي تمر بها حديثاً.
الكتاب يحكي تاريخ المدينة، وبالتالي تاريخ تمدنها، حتى ولو كان يجدر بناسها خلقها من جديد، وليس فقط تاريخ موتها؟
ينقسم الكتاب الى تمهيد وستة أقسام مع خاتمة عن بيروت بين حاضرها وماضيها: "بيروت ما قبل بيروت"، و"أسكلة مختلفة" و"عصر النهضة"، و"عاصمة الانتداب"، و"حاضرة العرب الكوسموبوليتية"، و"مدينة المخاطر كلها"، وفي كل قسم مجموعة من الفصول مع غنى الهوامش والمصادر والمراجع والوثائق المصورة ولائحة الخرائط.
كل المدن هدفها الانسان وهي مسؤولية الانسان بالنهاية بشكل مباشر أو غير مباشر، وهي نتاج ما يقوم به الانسان في كل ما يتعلق من تبدل في سلوكها وأطوارها ومسؤولية بقائها يحتاج الى مسؤولية مشتركة للمجتمع ككل.
هذا يؤدي الى مدخل آخر عن أي مدن نتكلم، بيروت واحدة منها بالعودة الى المفهوم الكلاسيكي الذي لا يمكن الحفاظ عليه أو بالمضمون الجديد لمفهوم العقد الاجمالي أي جمهورية الأفراد.
بيروت المدينة الكوزمبوليتية التي لم تعد ترى فقط من خلال القومية وإنما من خلال المواطنية الشرعية والفاعلة والحرة، المدنية التي تتحدد وظيفتها الجديدة على أساس مضامين جديدة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، وكلها تحديات جديدة.
على أي أساس يمكن أن تحكم على مدينة، شرعيتها وفاعليتها وحضورها ما قبل الكلاسيكي والكلاسيكي وما بعد؟ أم على مضامين جديدة ومن يعني المؤرخ والسياسي والمثقف أن يحققها ويخترق فضاءات من الحرية، تلك الملكية المشتركة الرئيسية، ومن خلالها كل المعايير الوطنية والقومية والدولية يمكن تطويرها في المدينة الحديثة.
إنه المؤرخ سمير قصير يكتب عن بيروت الحديثة، يكتب تاريخ بيروت من منطلق الحب والانتماء والمسؤولية، ومن منطلق السيادة بمضامينها الجديدة القائمة على الحرية والديمقراطية. مدينة منفتحة، شرقية وغربية في آن.
كتابة تاريخية تحترم التوازن والترابط في المنهج التحليلي والتأريخي والتركيب في ترابط الأفكار بعضها ببعض منذ الصفحة الأولى. وتحاشي مجرد السرد للسرد، الى استعمال المعلومات والتقييم بينية عمل بحثي منطقية تعتمد البراهين والصور والأفكار والشواهد والصور والترابط بين الفقرات والتقييم النقدي لآراء نقدية سبقت ومعطيات مختلف عليها لدى عدد من الباحثين.
والأصح في المنهجية وضع المدينة بيروت/ سيرة المدينة كما سيرة المواطن البيروتي أو المديني في إطار إشكالية التحولات والمتغيرات، التي طالت أوجه المدينة بمعناها السياسي والإجمالي وبمعناها الاقليمي والدولي.
في كل ذلك يكتب سمير قصير عن بيروت من "جوا" بحس مثقف ونقدي وكأنه يكتب بشكل نهائي، ليس نصائح أو توجيه، وإنما كتابة تحمل تساؤلات عن مدينة عريقة يحتاج الى إجابات عن موقعها ودورها، وطبيعتها مع تعدد تاريخها وتنوع وجوهها وأزماتها المتكررة.
600 صفحة، يقدم فيها سمير قصير سرداً وافياً لتاريخ اجتماع بيروت القديم منه والحديث، فيحلل عوامل نهوضها وتطورها في كل مرحلة من المراحل التاريخية، وهو يرى الى وعي تطور المدينة عبر تداخل العوامل الداخلية والخارجية والتفاعل بينهما. تاريخ شهد مرور لمبيوس الروماني وصلاح الدين الأيوبي وهنيبعل وأحمد باشا الجزار، وإبراهيم باشا المصري والاسكندر المقدوني وآخرين.
بيروت أساس الكيان اللبناني الحديث، مدينة الموزاييك التاريخي والديني، الموزاييك الايجابي القائم على الانفتاح الحضاري والتعددية والتنوع، بيروت مدينة تحت الضوء للعالمين الشرقي والغربي واجهت تحولات كثيرة بالسياسة والكتاب والشعر والثقافة والحياة والصخب الشديد. بسكانها الوافدين من كل مكان، بنسائها ورجالها وأدبائها وفنانيها وعمرانها. تربة خصبة لهويات متداخلة.
وحدهم الطغاة والشموليون لم تحبهم بيروت في تاريخها وفتحت ناحية الشرائع والحقوق والدساتير، ناحية الانفتاح الديمقراطي، اعترف بها الجميع، الشاطئ الذهبي الذي عرف نشوء الفكرة القومية، وعرّف التمثيل الديمقراطي الأول في المنطقة، وعايش الحضارات والأساطين وأعاد في كل مرة انتشاره الحضاري على الساحل المتوسطي الجميل، عصرية ومتجذرة على حفر مساحتها لكن بمخيلة المدن الهائلة.
ما يقال عن بيروت، يقال عن الشاطئ المتوسطي بكامله، ولو لم تكن بيروت، لا أحد يدري ماذا من كان شأنها الديمقراطية والتعددية في منطقة تنفجر بأنظمة بدأت للتو تنزع عن الطغاة والديكتاتوريات وتحب الديمقراطية!
كتاب "تاريخ بيروت" أصدره سمير قصير بالفرنسية عام 2003، وأصدرته أخيراً "دار النهار" باللغة العربية، ترجمة حية ومرنة ومثقفة لماري طوق، شهادة مدينية من شاب حيوي وطليعي كانت له بيروته ومدينته، ذائقة خاصة ومساراً تاريخياً تحول مساراً شخصياً تراجيدياً قدرياً بالتزام عفوي سياسي أخلاقي بحب المدينة دفع أطراف تحسد بيروت ولا تحبها الى عدم القبول بهذا الشيء.
ربما فهم سمير قصير مفهوم السيادة ليس بالمفهوم الكلاسيكي بل بالمضامين الحداثية. الجديدة والحاضرة الاقليمية المتنوعة في اطار المسؤولية والمعيارية الأخلاقية السياسية التي ترفض ظلم الطغاة والتي لا تقبل بحرب الآخرين، ومن يهددون الديمقراطية الحديثة كبنية أساسية للتوافق الوطني، والذين يغارون من العقد الاجتماعي في مدينة عربية حديثة لا تعرف القوانين الجامدة وتصر على المحافظة على خصوصيتها.
يبرز سمير قصير في كتابه تاريخ المدينة الموصول والمقطوع بدءاً من تاريخ ما قبل بيروت منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى القرن الثامن عشر في جولة تاريخية مكثفة تحدد ماهية بيروت المدينة الشهيرة وما كان لها من ارتباطات بالأمراء المعنيين والشهابيين وابعد منذ انطلاقاتها (عبر الحديثة) في مزيج من السرد التاريخي والعلوم الاجتماعية والانتربولوجية، بيروت مدينة عربية متوسطية منفتحة على كل الحضارات الغربية، أي مدينة عبر قومية منذ لحظة نشأتها. وهذا لا يلغي فكرة "الأنا والآخر"، الفكرة اللبنانية أولاً، لكن فكرة المسؤولية والمعيارية التأريخية تقود الى موقع المدينة الذي خرج عن السيطرة المصرية تحديداً زمن إبراهيم باشا في القرن التاسع عشر لينفتح متوسطياً ويدفع بسهولة أكثر لازدهار بيروت.
حين يكتب سمير قصير يكتب راوياً ومعلقاً سياسياً ومؤرخاً اجتماعياً ودليلاً سياحياً وشاعراً. يألف جماليات وسحر التاريخ، ويألف التفاصيل الكثيرة والوصف الذي يخدم الفكرة اجتماعياً وسياسياً.
واقعياً ومباشرا، حديث الطراز، من الجيل الجديد الذي يركز على مضامين الكتابة الأكاديمية والصحافية في آن بعمق سياسي وبنظرة متسعة الى الأشياء بتصميم شخصي حضاري ضد كل من يحاول أن يتعامل بعنف مع المدينة ويلغي خصوصيتها، فكانت حياته تتبع كتابه هذا. تقلد كتابه هذا، قدراً مأسوياً حركياً مثل تاريخ بيروت نفسه.
تأويل واقعي في كتابة سيرة مدينة باقتناعات سياسية ترى الى مستقبل المدينة يكمن في الحرية والديموقراطية، ويكمن في الانفتاح الذي يجري في أحداثه وصوره شرقاً وغرباً جرياً مع المتغيرات والتحولات وبتطور دائم ليس الانتقال من حال الى حال. بل بسيرورة ايجابية وإرادة تحدّ بأفكار جديدة مباشرة وواقعية. سمير قصير يكتب من بيروت بالانتقال من حضارة الى أخرى بيروت المرفأ الأول الذي يتقدم طرابلس وصيدا أيام إبراهيم باشا، وبيروت التجارة الدينامية، بيروت الطالعة مع نشأة المشرق العربي الحديث والمنفتحة على الغرب في الزمن المفصلي المؤسس لبيروت الحديثة وبيروت المركز الإداري منذ الفتح العثماني العام 1516 ومركز المواصلات في المنطقة والعالم والتي تزايد عدد سكانها من 6000 نسمة مطلع القرن التاسع عشر الى 120000 نسمة في نهايته!
تغييرات نوعية كبيرة ترافقت مع نهضة تربوية مع مدارس الإرساليات الأجنبية الكاثوليكية والبروتستانية أسست لتعددية منذ البداية يرمز إليها بوجود الجامعة الأميركية في بيروت وجامعة القديس يوسف بيروت المعلم بطرس البستاني واليا زجي والشدياق ومحمد ارسلان، بيروت القومية العربية ثم بيروت دولة لبنان الكبير العام 1920 أيام الانتداب الفرنسي وبيروت أمين الريحاني واليأس أبو شبكة وإيليا أبو ماضي ومارون عبود وجبران ونعيمة وآخرين، ثم صارت بيروت الكوزموبوليتية والهويات المتعانقة الليبرالية واليسارية والاشتراكية واليمينية.
بيروت عاصمة الكتاب العربي والشعر والمسرح والفنون وبيروت القضايا العربية وفي طليعتها القضية الفلسطينية بيروت التي تستقبل عرباً وأجانب في فنادقها ومقاهيها وتنظم لقاءاتها ومؤتمراتها يوما وتحتفي بأسمائها لوحدها من جماعة "مجلة شعر": يوسف الخال وأنسي الحاج وأد ونيس وغيرهم، وشاعريها المفضلين نزار قباني ومحمود درويش، وبيروت معرض الكتاب العربي، ودور النشر والمكتبات والصحف والتظاهرات الاحتجاجية والمطلبية والكفاحية والنضالية..
أما بيروت الحرب 1975 ـ 1990 فأخذت جنسيتها المتفجرة العنيفة، المنقسمة على ذاتها، من الانا والآخر، ولم يكن احد فيها ليتحمل المسؤولية لوقف حروب اللبنانيين لا بل حروب الآخرين عليها. مع ذلك استطاعت بيروت أن تتجاوز ذلك بجيل جديد وبواقع جديد يمثل الإرادة والسيرورة في آن. نجحت بيروت في إيقاف الحرب وإعادة أعمار وسطها، وعادت من طور الإعجاب الى تحت الضوء، بمبادرة كبيرة من المجتمع المدني الذي لعب دوراً مهماً في الدبلوماسية الشعبية بنجاحات الأفراد اللبنانيين أولا على كافة المستويات، وما قيل عنه انه ربيع بيروت الذي على ما يبدو أزعج "الجارين" الجار العدو الذي يقدم نفسه للعالم الغربي انه النموذج الديمقراطي الوحيد في المنطقة، والجار الشقيق الغيور والحسود والشمولي. وكم هو لبنان "تعيس" يحيط به هذان الجاران، الجغرافيا السياسية التي تمارس حصارها الطويل على عاصمة عربية سياسية مركزاً لحيوية التعبير وسط كل الصراعات السياسية القائمة في المنطقة.
لا يفصل سمير قصير في كتابه بيروت السياسية عن بيروت النهضة الثقافية والاجتماعية ولبيروت مساحتها الكبرى في النهضة العربية وللمسيحيين الدور الطليعي والمبدع فيها أكثر من الدور الإسلامي حتى في إنتاج ثقافة تجاوزت المساحة المحلية الى العالم العربي وقارات عالمية ومثلت طليعة الحداثة الفكرية والأدبية والشعرية والفنية والإعلامية والصحافية في كنف نظام سياسي شكل ضمانة معقولة للحريات العامة ولممارسة النقد والديمقراطية.
بيروت مثالا كانت السباقة في إدخال الثورة المعلوماتية والإعلامية المرئية فيها، وكانت بيروت عاصمة الصحافة العربية التي بقيت تمارس دورها المميز والناقد والمعارض والمتمرد على زمن الوصاية السورية. وعرفت بيروت نهضة متعددة في ميدان التجارة والاقتصاد لا سيما بعلاقتها مع العالم العربي ومع الغرب. فتحول مرفأ بيروت بديلاً من مرفأ حيفا ونشأ وازدهر القطاع المصرفي وتطورت وسائل النقل وشهدت البلاد طفرة اقتصادية مهمة كانت فيها بيروت بنك العرب والمستشفى والفندق والمدرسة والمكتبة والمقهى والكتاب والسينما والمسرح..
هذا انعكس في مزاج الحياة اليومية والعلاقات العامة والحياة والخدمات وعلاقة الريف بالمدينة والهجرات الداخلية وفي ما يقوم من سلوك مديني، وما يستدل من هذا السلوك الاجتماعي وطريقة تعاطي السلطة معها أو في طريقة تحمل مسؤولياتها، وتحديد المسؤوليات المادية والمعنوية والأخلاقية، ما كان يحتاج الى مسؤولية وطنية مشتركة لهذا النجاح المديني وللنجاحات الأخرى المشتركة. هذا من دون الكلام من أزمة البيئة السياسية غير المتجانسة المحيطة عربياً وإسرائيليا وما سماه قصير "الشقاء العربي"
وفي اطار المضمون المديني الجديد كانت بيروت شبيهة (ليس بالمطلق) مع مدن مثل باريس ولندن ونيويورك ثقافياً وخدماتياً وسلوكيات اجتماعية حتى على مستوى الحركة لولا ما أصابها من حروب مع اندلاع الحرب العام 1975 محوراً لصراعات أهلية وإقليمية، وهذا ما يتصل بمدخل آخر الى لبنان اليوم وأي لبنان نريد، وأي بيروت نريد في التشكيل المديني الذي يراد له ثقافة تأسيسية أخرى شمولية تسعى الى إلغاء كل هذا الماضي التاريخي العريق ومصادرة كل مكوّناته وعناصره وأدواته الأساسية. سمير قصير كان يعني أن بيروت لن تقبل أن تعود الى طرح التضحية بكل تاريخها الخاص، وبكل قيمها المدينية، ولا يمكن أن تقبل بحرب الكل على الكل على أراضيها مجدداً وهي وذاتها مهددة. ولذلك هي دائماً مدعوة للتوافق مع ذاتها ومع تاريخها وكل اللبنانيين مدعوون الى الربط بين "الأنا ونحن" والتطلع الى المصلحة العامة الوطنية والتمسك بقيمهم المشتركة والتضحية بالمصالح الخاصة والطائفية والمذهبية، وإلا تكون المدينة قد كتبت موتها بنفسها بمعيارين: المجتمعات الأحادية الثيوقراطية والشمولية.
"لا شك أن هذه المدينة كانت متعددة، ما يجعل تاريخها متعدداً، ويستوجب إدراجه في الحلقات السياسية والاقتصادية المختلفة والثقافية خصوصاً التي اتصلت بها المدينة في عصرها الذهبي الحديث. وإذا كانت مدينة بيروت متعددة فهذا لا يعني أنه ليس بالإمكان تعريفها: لنقل أن أهمية بيروت المبدئية هي أنها بالنسبة للمؤرخ حاضرة عربية متوسطية ذات طابع غربي. بيروت حاضرة عربية بصرف النظر عن عدد سكانها وتسميتها "المتروبول" تفرض نفسها لأسباب تتعلق بوظائفها منذ مراحل التاريخ الإسلامي وحتى نشوء التنظيمات العثمانية وقبل ذلك ظلّت لوقت طويل إحدى "أساكل الشرق" على صلة تجارية بمدن العولمة المبكرة في جنوى والبندقية واكتسبت شهرتها بسبب طابعها الكوسموبوليتي والثقافي بالدرجة الأولى وتاريخها الاجتماعي لا يختزل بوظيفة مركبة واحدة كمنطقة حرة مفتوحة على الربح والملذّات الميسرة، ذلك أن تاريخها الاجتماعي أكثر تلوّناً من هذا الاختزال لوظيفة المدينة...".
"إن بيروت مدينة مفتوحة ولكن حقيقية وهنا تكمن قيمتها، بيروت جسدٌ حيّ لا يلغي انفتاحها غناها الداخلي. وهنا بالضبط تكمن حداثة بيروت الحقيقية التي تقاس انطلاقاً من تاريخ العادات والسلوكيات الاجتماعية وتاريخ الأفكار. هذا ما جعل المدينة في تاريخها المعاصر تضطلع بمهمة مزدوجة: أولاً صياغة الحداثة العربية وبلورة مفاهيمها، ولكن أكثر من ذلك، المضي قدماً في ممارسة هذه الحداثة على الرغم من العقبات القائمة والطرق المسدودة".
إذاً الكتاب دعوة الى معايشة أزمان وأزمات المدينة وقصير لا يلعب دوراً تمثيلياً، بل يتمازج مع أجواء مدينته التي تبغي التواصل الحرّ مع ثقافات العالم لا بل أنه وجد شخصيته الكاملة خلف مدينته، وهو يرى وجوب أن تكون بيروت كل شيء، وإن كان الزمن المتفجر يبدو غير عادل. وهو الذي رأى كيف أن الحرب قطعت مدينته الى قطعتين ولا أحد يعلم ماذا يخفي المستقبل، ولم يتجاهل الأثقال التي وضعت عليها في أزمنة الاضطراب السياسي، ومع ذلك يرى أنها مدينة حقيقية بكل الوقت، ويعبر معها في 600 صفحة كما عاش فيها وكما حفظها درباً درباً وزقاقاً زقاقاً، هو الذي سقط في الطريق شهيداً بين بناياتها ومتاجرها في الزاوية حيث الطريق لم تزل هي، والزحمة باقية. دخل سمير إليها ولم يغادرها. بيروت مدينة من يدخل إليها لا يغادرها. بيروت هي نفسها دائماً عاصمة الألم. لم تتغير جغرافيتها:
"عندما كانت الحياة تسعى أحياناً لاستعادة مجراها في الحرب في الأمكنة الأخرى، كانت "الجهات التقليدية" تأتي للاستقرار فيها بطريقة آلية لتمنع عودة الحياة الى طبيعتها. نجا شارع المصارف المهجور من الدمار بإرادة خفيّة من أصحاب المال والنفوذ من جميع الطوائف. وانتقلت الى بعض الأحياء مجموعات من أحزمة البؤس التي شردتها الحرب. أما وسط المدينة الواقع بين ساحة الشهداء وساحة النجمة وشارع فوش وشارع اللنبي وسوق الطويلة، فصار مسرحاً للكلاب الشاردة ونمت الأشجار والنباتات البرية التي لم يقف بوجهها شيء من قلب ركام الأبنية لتعلن موت المدينة، وكانت الهياكل المتفحمة لفندقي فينيسيا والسان جورج تحرس وسط العاصمة الكوسموبوليتية للشرق التي لم تعد إلا عاصمة الألم.
بيروت عاصمة الألم ألم تكن بيروت تظهر بصفتها نقطة تمركز للاقتصاد العالمي: "كانت الودائع العائدة لواردات البلدان العربية تدخل الى مصارفها، وكان بإمكان رجال الأعمال الأجانب الاكتفاء بالإقامة في أحد فنادقها ليعقدوا اتفاقيات مع رجال الأعمال من المملكة العربية السعودية أو الكويت أو العراق، أو مع مندوبي شركات في أوروبا والشرق الأدنى، كانت بيروت في الستينات حتماً محطتهم الأولية لا بل الوحيدة غالباً.
بيروت على "النصل"، أرضية للاستقطاب الذي يتسع للجميع وللجماعات المتعددة واليوم كالبارحة تتقاطع التعددية الطائفية مع التمايزات الاثنية والهوية المنقسمة في بناء وطني غير مكتمل ولم يجر استغلال الظروف الدولية والإقليمية الملائمة بشكل منظم ومنجز تماماً، ما يصفه سمير قصير "بنهاية البراءة" في المفصل الستيني الرئيسي الذي حفل بالثورات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية على أنواعها ولم تستطع التحولات الاجتماعية ولا الإيديولوجية أن تغني النظام السياسي المنهك عن مساره، لتكون الغلبة للقوى الجديدة بمعيارية وبمسؤولية شرعية وفاعلة.
كتاب جميل، كتبه بالرسم بالكلمات والصور كمن يرسم التاريخ في الهواء الطلق لكن باعتراف بانتهاء البراءة خاصة إذا كانت عاصمة كبيروت ضحية كبيرة، وعنواناً لتشكيل دائم وجديد من نقطة الصفر ولكن مرة في مواجهة القوقعة الطائفية والاضطرابات السياسية والتحولات المدينية القائمة بذاتها والتي تدفع المؤرخ نفسه الى صفوف الشهادة في 2 حزيران 2005، ربما عنواناً لتشكيل مديني جديد باللون الأحمر هذه المرة.
كتاب يبني صداقة دائمة مع سمير، كما يبني صداقات وعلاقات مدينية بفعل مذاكرة تاريخية بذكاء وثقافة وبراعة ولباقة وبحداثيات معاشة بأدوار ذات خلفية سياسية وثقافية.
والأوراق الكثيرة تدين الى قوانين المدينة المرنة وليست الجامدة، وتزين الصفحات بتقنية الكتابة ومكوّناتها وصلاتها، الأكثر نضجاً من سواها، وبوظائف الكتابة الحيوية واللعب على الكلمات بممارسة سلوكيات الحب والحياة، فبيروت مدينة رائعة يقع في حبّها الجميع. والحب يقلب الزمن دائماً في بيروت.
من الصعب التخلي عن قراءة بيروت. كما كان من الصعب التخلي عن قراءة كتاب سمير قصير، الشخصية الكاملة خلف مدينته.(المستقبل)
يقظان التقي

http://www.mediafire.com/?x3w2zbrccmipai1


تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/


Monday, January 30, 2012

خلف علي الخلف - عن البلاد التي بلا أمل, الأسد الابن..مملكته ومعارضته


إنها بلا أمل .. لكنها بلادنا
إنها أيامي لا شيء آخر.. وإنها «بلادي» التي تمضي بعيداً؛ لا هي تنتظر ولا العمر ينتظر أيضاً. حينما أقرأ ما دونته في هذا الكتاب؛ الذي يبدو شبيها بـ«اليوميات»! أشكر الظروف التي جعلتني دائما خارج «البلاد»؛ فما كان ممكنا لأي صوت أن يعلو مسميّاً السجون بأسمائها ومطالباً بالهواء، أن يظل «خارج السرب» وبعيداً عن القضبان.. شكراً للمصادفات؛ فلم أكن في بقعة الضوء فأهملتني اليد العمياء التي قطفت أجمل ما في بلادنا لتضعهم في السجون؛ أو تشردهم في المنافي. ليس هناك «بطولات» لأسردها؛ كل ما في الأمر أني كتبت ونشرت وأنا في الغالب خارج «البلاد» ولم أدفع ثمناً لما كتبت كما دفع غيري من أعمارهم في الزنازين الرطبة وفي أقبية التعذيب.. بالمقارنة مع هؤلاء؛ وبالمقارنة مع الذين مضت أعمارهم في المنافي؛ سأخجل حتماً من ذكر أني اشتقت لسوريا.. «بلادي».
إنه زمننا السوري الذي يمضي بطيئاً، وما كتبوه أمس يصلح لـ«سوريا اليوم» وما نكتبه الآن يصلح لـ «سوريا الغد».
منذ أكثر من أربعين عام وبلادنا «وناسها» تتجرع المرارة.. تتجرع الصمت والسجون والمنافي والتعذيب والنهب المنظم وقمع أصواتنا. لقد دفعت سوريا وشعبها ثمناً فادحاً عبر هذي السنين وتحولت من مشروع دولة الى مجرد «مشروع» للنظام وأجهزته وأتباعه وتحولت بلادنا الى «بلاد بلا أمل».. نعم لم يعد هناك أمل وهذا أفدح الخسارات التي منيت بها سوريا في ظل حكم الأسد الأب والابن وسيرياتيل.. لم تعد هناك أحلام أيضاً لا على المستوى الشخصي ولا على مستوى «البلاد».
تعالوا أيها الموتى تعالوا.. يا من دفعتم حياتكم حالمين بسوريا الجميلة.. حالمين بغدٍ أفضل لأبنائكم؛ تعالوا لترو كم من البشر استهلكتها السجون وآلة القتل «المبصرة» لكل من راوده الأمل، كم من الأعمار استهلكت في المنافي حالمة بالعودة الى ترابها ومائها...
ها نحن رهائن في يد نظام لا يبصر غير «لعبة الكراسي» وحساباته التي تتكدس في بنوك الغرب «الإمبريالي: سابقاً» ولا ندري ولا أحد يدري متى يفرج عنا...
في هذه المقالات المنشورة جميعها على مدار أكثر من نصف عقد من الزمن في ظل «مسيرة التطوير والتحديث»؛ كنت أحياناً أقترب من حافة الأمل؛ وفي الغالب أتلمس يأسي وأستدل به على عمري الذي يمضي.. لم أكن على صواب دائماً ولم تكن رهاناتي صائبة دائماً خصوصاً في رهان «أمل التغيير» لكني كتبت رأيي في كل حين؛ وإذ لا يمكن وضع سلطة كالتي تحكم «بلادنا» بنفس السلة مع «معارضتها» إلا أن ذلك يجب أن لا يدعنا نغفل عن وضع هذه «المعارضة» الذي أيضاً يبدد الأمل..
إنها يوميات عن «سوريا» تترافق احيانا مع أحداث "جسيمة"؛ وأحيانا يحركها الألم. لم يكن هناك بد من السخرية فهي طافحة في أغلب ما دوّنته هنا، لكنها تخفت أحياناً مع «الأمل» والخضّات المرعبة التي تعرضت لها «البلاد» وتطفو على السطح مع اليأس في الغالب.. سنمضي حتى لو لم يكن «هناك ضوء في آخر النفق».. حتى لو تحول حاضرنا الى كتلة من اليأس؛ ومستقبلنا بلا أمل فلا بد أن نحلم بعودة «سوريا» لأبنائها في زمن آخر...
بقي أن أشير أن المقالات تتبع الترتيب الزمني معكوساً لنشرها في الغالب؛ إلا في حال ارتباط بعضها بموضوع واحد؛ في تاريخ مختلف. كما أنها لاتشمل كل ما نشرته في تلك الفترة...

خلف علي الخلف 20/8/2009 - الإسكندرية 




إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/





Sunday, January 29, 2012

إلياس خوري - مجمع الأسرار



بدأت الحكاية هكذا. في ذلك الزمان جاءت نورما إلى حبس الرمل. كانت في الثالثة والعشرين، حنطية اللون، كبيرة النهدين، في عينيها ماء يشبه دموعاً تكاد تسقط. تنتعل سكربينة سوداء بكعبٍ عالٍ كي تبدو أطول من قامتها قليلاً، تلبس فستاناً أصفر، وتحمل جزداناً أسود.
في ذلك الزمان، جاءت نورما إلى الحبس، وطلبت مقابلة حنا السلمان. حصل هذا، بعد صدور حكم الإعدام بأسبوع، وكانت نورما تعلم أن لا أحد يأتي لزيارة حنا. كانت تريد أن تفهم لماذا ارتكب حنا هذه الجرائم. كانت نورما هكذا، تحب أن تفهم الأشياء...




إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html

تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/


Thursday, January 26, 2012

بهيجة حسين - رائحة اللحظات (Font is modified for iPAD)


"
أحيانا أشعر أن الحكي هو كتابة لكنها لم تسجل على ورق، فالحكي في حياة النساء ليس قضية مجانية. كان لدي احتكاك بهم عام وخاص وحكايات كثيرة أردت أن أحكيها فحكيت. لدي رغبة دائمة أن أنتصر لفكرة أن أحكي، ويدخل في الحكي الخبرة والوعي والشخصية والثقافة وهو ما يشكل خصوصيتي، فالحكي هو أنا. أتذكر أنه وقعت في يدي ذات يوم رواية "وليمة لأعشاب البحر" للروائي السوري حيدر حيدر، الرواية تدور أحداثها في الجزائر وتتقاطع في أحيان كثيرة مع أحداث روايتي الأولى "رائحة اللحظات" التي اتخذت من الجزائر مجالا لكتابتها. راودني وقتها إحساس بأن حيدر حيدر كتب كتابة ضخمة في مقابل كتابة صغيرة لي عن نفس الموضوعات تقريبا، لكني الآن وعندما أسترجع هذه المشاعر أوقن أني كنت مخطئة، فكل منا لا يمكن أن يكون وهو يكتب أحدا آخر سواه."

http://www.mediafire.com/?olos7yi2guglevw



إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html

Wednesday, January 25, 2012

بهيجة حسين - حكايات عادية لملء الوقت



فاجأت الروائية بهيجة حسين الواقع الأدبي بهذا النص الممتع وهذه الحكايات التي هي من فرط عاديتها وتآلفنا معها واعتيادنا على وجودها لم نعد ننتبه لها ، وبهذا تصير \" غير عادية\" بالمرة ، لأنها تقدم الذات المكتنزة بكل المشاعر من كل مناحيها وتشخص كل المعاني المجردة مثل الحب والخوف والاحتياج النفسي والجسدي والكراهية والافتقاد والرومانسية وتميؤ المشاعر والانتهازية والايجابية ......وما سواها ، عبر الحكي وعبر بوابة الذكريات التي تتفجر لتغير موقعها من الدفن في صندوق تحت السرير إلى صدارة المشهد ، تنفخ الراوية الروح في صورها لتتخلق الحياة بكامل أوجهها وتحولاتها وكذا تؤسس لأيدلوجيتها اليسارية بلا أي خطابة أو زعيق قد يمثلان نتوءا في انسيابية النص . ولو حاولنا أن نطلق على هذه الكتابة عبارة \" رواية نسائية بامتياز ، أو كتابة بعين المرأة \" فإننا نفعل ذلك ، لا لكون النص يبدو منشغلا بالأساس بالحكي الصادر عن أنثى متناولا نساء ،بالأساس وفي الصدارة ، ورجالا في الخلفية أو لكونه يعرض الأعم الأشمل من مظاهر قهر النساء ومشاكلهن العامة والخاصة في القرية والمدينة عبر فترة ممتدة من تاريخ مصر ..ولكن لأن الرؤية التي قدمتها هذه الرواية تجاوزت الرصد الخارجي والتشويق الضيق والإثارة ، إلى مرحلة النفاذ تحت جلد الأنثى والتعبير عن أدق النبضات والخلجات في حياة الكائن الثري دراميا والمكتنز بالحياة المسمى بالمرأة ، وعن طريقها ، أي عن طريق مركزيتها في حياتنا ومصائرنا .. يمكن لنا تعرية المجتمع كله .. فكون المرأة منطلقا للحكي ثم مادته الخام وكون كل بطلة هي كتلة سردية في حد ذاتها فيكتمل في النهاية المعمار الدرامي للنص الكبير الذي هو الرواية ...كون المرأة كذلك في العمل جاء بمشروعية وانسيابية وبساطة بدون ركوب لموجة الكتابات النسوية المنتشرة حاليا وبدون التعامل مع مصائر النساء الأبطال على أنها حواديت فقط لملء الوقت – كما يصرح العنوان بمكر فني – بل إن الحكايات تلك في حد ذاتها تصلح تماما لإنتاج الدراما . وهناك بعد أساسي وملحوظ يبدو أنه كان ماثلا في أولويات مبدع النص وهو محاولة التصادق مع المتلقي عبر رؤية كل منا لذاته في جزء من الكتابة وبالتالي تصدير الإمتاع لذلك القارئ الذي سيصبح متورطا وهذا الأمر صار غائبا إلى حد ما في الكتابات الآنية وذلك لصالح فعل( الإدهاش ) . نجحت الكاتبة في ذلك عن طريق حيوية السرد وحساسيته وسيطرة المبدع على الكتابة ...ما أود الإشارة إليه هنا هو أن هذه المتعة لا تعود بالأساس إلى الحكايات وهي منطقة مضمونة في تصدير الإمتاع وثابتة في الذائقة عبر نموذج \" شهرزاد \" وحواديت الجدات .. ولكن لأن مبدع النص مارس لعبة الكتابة وكأنه ممسك بحبل مشدود ، يخفف القبضة حينا ويشدها حينا آخر وهكذا تتبادل المناطق الساخنة التي تحمل توترا والمناطق التي تؤدي إليها أو تخرج منها بنجاح وسيطرة وإحكام . يقدم النص مادة ثرية جدا من الأمثال الشعبية والمسرح ( الحي ) الذي تنتج فيه النصوص الشفاهية الدالة والموجزة والحكيمة والروائح والأصوات والممارسات الشعبية مثل طقوس ليلة الدخلة ( البلدي ) والتجاور بين البشر والحيوان في الريف ..الخ بشكل مبرر تماما وليس بشكل (سياحي ) ، بارد وبلا روح ، فقط لا ستدرار الترجمة أو حتى اقتناص نجاح مضمون ولكن كل تلك الطقوس جاءت كجزء حميم وأصيل من مصائر و حيوات المروي عنهن لهذا هو مسبوك تماما في لحم الحكي . وبذكاء صدّرت الكاتبة النموذج الذي تفضله للمرأة، برهافة وبدون فرض على منطق السرد .فالراوية معجبة في كل شخصية تصدّرها بملمح إنساني معين ، لكن بالنسبة لنموذج الأم ، ينجح النص في جعل المتلقي يتلقاها بالتفضيل ، فهو نموذج راق ٍ، تقدمي ، أنيق ، عنده كبرياء ، مكتفٍ ولا يفرض آرائه على الآخرين ..تتسرب إليك هذه المحبة لتلك الشخصية عبر المقارنة مع أخريات في النص أو داخلك أنت .. كذلك لابد وأن تتعاطف مع الراوية التي هي نتاج كل ما قدم من خلال السرد ومن أحداث كبيرة عبر الوطن أو صغيرة عبر المحيطين ثم لا تستكين لاتهامها بالسلبية لأنك تتذكر الأم طول الوقت في الخلفية حيث رسمت لها حياتها بهذا الشكل ، ثم تفيق على كون نموذج الراوية هو النموذج المناسب لتلخيص كل ما جرى لنا وليس فقط لهذا الجيل الذي تنتمي إليه ، وهو التالي لجيل \" الفعل \" السابق عليه ، ما أقصده أن هذا الالتباس يتماهى تماما مع التباسنا إزاء ما كان واضحا فيما سبق . السارد هنا متأرجح بين كونه راويا خارجيا أو راويا مشاركا ، لكن اللافت أن هذا الراوي الخارجي لا يصح أن يكون خارجيا بنقاء لأن مصير هذه الشخصية مرتبط بطريق أو بآخر بمن تحكي عنهن أو عنهم سواء بالقرابة أو تشرّب النموذج وكذا رفضه . وهناك إشكالية أخرى وهو أن هذا الراوي ، الذي يخرج الصور التي هي مفتاح الحكي ومنطلقه ومسرحه ، الساحر الذي يخرج الدهشة من الجراب ، يقدم السرد منطقا ومبررا لكونه راويا عليما ... نظرا لأنه حامل المفتاح وبادئ البهجة . في هذا العمل هناك ملمحان بارزان هما :- الحنين ، التعبير عن نتيجة مفادها أن الجسد هو محل الذكريات عبر الجنس .. أما الحنين فينقسم إلى صورتين . الحنين الشفيف الذي يتسلل إلى الروح ، الصورة الأخرى هي النوستالجيا وهي الحنين المرضي الذي يتسلط ويؤثر في المصائر . يراوح العمل بين الصورتين ، وطول الوقت لا نصل أبدا إلى الدرجة العاطفية الفاقعة رغم ميلودرامية بعض الأحداث . أما الجنس ، فهو مركزي وأساسي ويظهر كمفجر للأحداث أو يصير هو اللاوعي الذي تتصرف الشخصيات وهو ماثل وموجود وضاغط . لكن الشخصية الوحيدة التي لا يطل الجنس عبر نوافذها بجلاء وإعلان كامل هي الراوية ، حيث ينضاف إلى قيم ومشاعر كثيرة تلتبس إزاءها مشاعر الراوية ويأخذ الجنس شكل ( الجنس المضمر ) في حالة الأم ، حيث أومأت الكتابة إلى إمكانية حدوثه وبالتالي صار ينتج في ذهن المتلقي وفي النهاية صارت الحكايات هي حياة الراوية التي لم تعشها بعمق إلا من خلالها ، لقد عوضت كل ما كان يجب أن تحياه أو تتمثله أو تتمنى أن تختبره في حيوات الآخرين.. وتبقى الإشارة الأخيرة في العمل إشارة بليغة تصرح بأنها ستكمل هذا الدور لكنها ستنتقل من موقع المتلقي ، شبه المشارك إلى دور إعادة الخلق ، المتمثل في تجميع أجزاء الحكايات التي لم تكتمل بعد وجعلها صالحة لإثارة الدهشة
مؤمن سمير-مجلة الرواية





إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html

تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

Sunday, January 22, 2012

ياسين رفاعيه - رأس بيروت




"في روايتي "رأس بيروت" أخذت أتتبَّع بشكل شامل مصائر الناس في رأس بيروت، وما الذي حصل لهم. لم يكن في رأس بيروت مقاتلون، ولكن الحرب حوَّلت حياتهم إلى جحيم بسبب انقطاع الماء والكهرباء. كانت أياماً صعبة جداً. ماهو رأس بيروت الذي سيصبح عنواناً لرواية من روايات الحرب الأهلية. إنه مساحة ضيقة تمثِّل الخليط الاجتماعي الذي أراد المتحاربون أن تمتدَّ الحرب إليه..."



إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

الياس خوري - عن علاقات الدائرة


تاريخ النشر: 01/01/1985
الناشر: مؤسسة الأبحاث العربية

"لم أكن أمشي عادة أترك لحذائي حرية تقرير مصيره، فيقر مصيري ويأخذني عبر الشوارع والأزقة، ثم عندما يتعب يأمرني أن أنام، وأنام وأنا أحلم، وأنهض في الصباح أو في المساء أحمل حذائي ثم يحملني ويتابع سياسة تقرير مصيري. ينزلق فوق برك المياه محدثاً أصواتاً لها قيمتها التاريخية دون أن تفقد قيمتها المعنية المباشرة. فحذائي قديم في هذه الأرض وعلاقاته قديمة. وهو يعلم المناطق الأساسية في جسد الأرض، فيحكها ويتركها أمامي وهي تتلوى. لا ليست الأحذية متشابهة، فلكل حذاء رائحة. الأحذية مثل المدن والسجون. والحذاء حالة شاملة لا تستطيع أن تمر بها هكذا. عليك أن تناقشها. أن تفسرها، لكن الأحذية لا قيمة لها. قيمتها في فاعليتها...".
نبذة النيل والفرات



إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html



تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

Friday, January 20, 2012

بشرى محمد أبو شرار - إقتلاع (Font is modified for iPAD)



تنهمر لفظة (اقتلاع ) ـ التي اختارتها الكاتبة ( بشرى أبو شرار) عنواناً لأقاصيصها المجمعة ـ دلالات و معاني واضحة في الوجدان الفلسطيني تتجاوز ما رسخ في ذاكرة الآخرين.
الاقتلاع من الأرض و البيت و بئر الماء و نصاعة الحلم الذي كان فسيحاً يتسع الجهات كافة، بحيث أضحت تلك اللفظة شاهداً على بشاعة الجريمة التي حدثت، حينما يستوطن الوافد من وراء البحار و المحيطات برك و بحرك و سماواتك فيما يتحول صاحب الحق إلى لاجئ ، مشتت، تتقاذفه المخيمات و المنافي.
هذه الخصوصية للفظة الاقتلاع لم تمنع الكاتبة أن تنسج من خلال مغزلها طُرقاً مفضية إلى عوالم تبحر أكثر فأكثر صوب عناوين الوطن و فضاءاته .
يمكن للمتتبع لقصص مجموعة ( اقتلاع ) أن يقسمها إلى محورين من حيث دلالات المكان و الزمان :
المحورالأول : يرصد حنين الكاتبة التي تعيش في مصر لجهات الوطن و رموزه عبر استقطار مرايا ذاكرتها و تذكاراتها .
حنينها هنا ليس ذلك الحنين الدامع المشبع بالعويل ، لكنه الحنين الذي يحفظ أشياء الوطن بوصلة انطلاق تشع وضوحاً و ثباتاً و امتداداً .و يمكن في ظل هذا المحور إدراج القصص التي يتشابك فيها الهمّ المصري بالهمّ الفلسطيني في حنين موصول بكل ما هو إنساني.
ـ ترصد قصة ( اقتلاع ) في يسر و عذوبة المشاعر الإنسانية لتلك المرأة العائدة بعد غياب طويل إلى بيت الطفولة و الصبا الذي خلا برحيل الأم و الأب ـ بما يشكلانه من ماضٍ مفعم بالفخار ـ حيث تنهمر ذكرياتها الملتصقة بكل ذرة من ذرات البيت الذي يسكنه أخوها الآن .
و عبر اختلاط السارد الموضوعي العليم بتيار وعي تلك المرأة نتلمس دفق أحاسيسها الإنسانية و هي تفتش في غرفة أبيها عن حوائجه و أشيائه ، تتشممها ، تفجعها ملابس أخيها المصفوفة بعناية ظاهرة تحتل الخزانة ، فيما انزاحت ملابس الأب صرة متهالكة مكومة في الزاوية يعلوها التراب ، في الوقت الذي قبعت فيه نظارته في آخر الدُرج باهتة ، مطفئة ، شاحبة .
و عندما تبدي المرأة احتجاجها على هذا التجاهل و الجحود ينصحها أخوها دون اكتراث بأن تذهب بالحوائج إذا ما رغبت إلى أحد الجوامع أو دور المسنين.
لتلوذ المرأة إلى عوالمها الداخلية ، تستكشف الحقيقة المتوارية في أعماقها ، تطالعها غرفة الصالون التي بدت لها مهزومة مأزومة ، يطمرها غبار الزمن ( سقطت حبات الدمع تطوف بالذكرى البعيدة ، حيث الأريكة العريضة ، يوم جلس عليها المأذون ليعقد عقد زواجها ...صوت أمها يناديها بأن تأتي و معها قطعة القماش لتمسح التراب من على المقاعد ...كان عمل الصباح و المساء ، كان مكان أمها هناك في الزاوية يوم دخل المعزون البيت ملتفين حولها لتخفيف حزنها على زوجها ، ظلت هناك في مقعدها لا تبرحه ، و بجوارها المصحف تقرأ ثم ترفع عينيها بعيداً بعيداً نحو الفضاء العريض تنتظر لحظة رحيلها إليه لتكتمل الرحلة ) ص25 ـ 26 .
و عندما تلامس يدها صورة أبيها المصلوبة على الجدران ، تقرر أن تبعدها عن هذا الواقع الذي يئن تحت وطأة خواء المشاعر الإنسانية ونضوبها ، تودع الصورة حقيبتها، تضمها بين جوانحها قطعة منها و كأنها تضم عالماً من البراءة المفقودة ، عالماً اكتشفت الآن حجم فجيعتها بفقدانه .
النص صيحة تحذير ، فنسيج العلاقات الاجتماعية حتى بين أفراد الأسرة الواحدة آخذ بالتحلل و التفكك في ظل زحف قوانين السوق ، تراجع منظومة القيم ، غياب التواصل الإنساني عبر ذلك الأنموذج ـ الابن ـ الذي يجسد رموز المرحلة بضبابيتها و أنانيتها و عدم اكتراثها بالهم العام حتى لو كانت وصايا الأب و الأم و تذكاراتهم المشعة المضيئة .
في المقابل يُعلي إيقاع السرد من خلال الاحتفاء بأنموذج تلك المرأة من قيمة الأحاسيس الإنسانية المشحونة بالدفء الذي لا بد أن يسود مهما توالت الخيبات و تعالت أكوام الصقيع و الجحود .
ـ نطالع في قصة ( حناء ) عرساً فلسطينياً يعبق بالعادات و الطقوس التراثية التي لم تنطفئ (الثياب المطرزة ، السحجة ، الدبكة ، المواويل ، الزجل ) ومن خلال ذلك كله تعبر شخصية أم نور الآتية من العراق وهي تسوق إجابات عن نهر دجلة ، باب المعظم ، باب عشتار ، و كل بوابات بغداد الموصلة إلى بوابات فلسطين ، لتمتزج المواويل الفلسطينية بالمواويل العراقية في إشارات رامزة إلى التلاحم العربي الذي تنشده الكاتبة ، و يمكن أن نأخذ على القصة جنوحها إلى الاسترسال خاصة في بعض الأسئلة الموجهة للقادمة من العراق .
ـ في قصة ( صندوق البريد) يتحول الصندوق رقم 1007 المزروع في بناية البريد في شارع عمر المختار بغزة إلى شريان يضخ الحياة لعيون الغياب المتطلعة إلى العودة للوطن رغم أغلال المحتل .
ـ في قصة (بوابة السلام) نتتبع المرأة التي هدم اليهود بيتها الكائن في المخيم و هي تكد في البحث عن أوراق بيت (الرملة) السليب ، تزيح عنها الركام و الهدم ، تنتشلها شاهدة على خصوصية الاستمرار ، التلاحم بين الماضي و الحاضر ، و فيما ينشغل طفلها في البحث عن لعبته بين الأنقاض ، تمعن عيون المرأة في الارتحال صوب الشرق ، حيث مدينتها (الرملة) البعيدة التي لم ينطفئ أوارها من الوجدان .
- ترصد قصة (يوم الفرح الحزين) المشاهد الخلفية الكئيبة المخفية ليوم افتتاح مكتبة الإسكندرية ، حين يغدو الاحتفاء بصورة الزعيم التأشيرة التي تفتح مغاليق بوابات الرزق ، فصناديق محمد الديبة و سلاله تصبح عرضة للانتهاك لأنه نسي التأشيرة ، في الوقت الذي يكتسب فيه عم فؤاد التواجد عبر تلك التأشيرات التي تعلو رزم كتبه المرصوصة المتراكمة ، فيما يمتلئ المشهد بالرجال المدججين بأصوات اللاسلكي التي تجز حرابها رقبة المكان الذي ركنت إليه تلك الفتاة جهة سور البحر في محاولة منها للفرار من تلاحق الصور التي تنضح كآبة، وفي وقفتها تلك تلاحقها أطياف الوطن القابع خلف الأسلاك ، فتزداد في داخلها أحاسيس الغربة و الانسحاق خاصة عندما يقترب منها رجلان تطل المسدسات من خاصرتهما طالبين منها مغادرة المكان و إلا....لتمضي و هي تحس بضباب يملأ المشهد ويطوقه بأسلاك من القهر والاغتراب تلاحقها حتى في مناسبة افتتاح مكتبة يُفترض أن تكون مخصصة للإنسانية.
ـ تتحدث قصة ( و همي المطر ) عن هموم الإنسان الفلسطيني عبر تلك الفتاة التي تعيش بعيداً عن غزة ، لكن الوطن يحيا في قلبها ، حين يصبح استدعاؤها مشروعاً من قبل أجهزة الأمن ، تصبح عرضة للملاحقة و التفتيش في أدق خصوصياتها و هواجسها ، لأنها تتعامل مع الورق و الأقلام و الأحلام .

المحور الثاني : نصوص يبدو من خلالها انعجان الكاتبة بالنماذج الإنسانية المنتزعة من الواقع المصري بحيث يمكن التعامل معها و كأنها نماذج تراها في أكثر من مكان لأولئك المنسيين من أبناء الفقر و الصمت المحملين بالأمل رغم قسوة الواقع و شظف الحياة .
ـ تغوص قصة (سلطان) في أعماق الساعي الجديد ـ سلطان ـ كاشفة عن طيبة يتعامل معها مدير المكتب بتسلط و قهر و عنجهية مستغلاً حاجة ذلك الأنموذج و عوزه ، و عندما يصل الأمر حد نعت أمه بأقذع الأوصاف يتحول سلطان إلى النقيض ، رافضاً الانكسار تحت وطأة الفتات المغمس بالذل فهو لم يركن إلى الإذعان إلا من أجل توفير لقمة عيش كريمة لتلك الأسرة المسحوقة التي تنتظره (أخته الصغرى تنتظر الهدية ، العيدية ، أمه التي سكنت الفراش و لم تبرحه ، اعتاد أن يدس يده تحت وسادتها مما قد تحتاج إليه ) ، لذا نجده يقذف مفاتيح المكتب كأنها العار، مطالباً بحقوقه المنهوبة حتى آخر مليم ، متنازلاً عن عمل يستبيح أدميته و يصادر في إنسانيته أجمل أبهى الرموز التي يعتز بها .
ـ نتتبع في قصة (شارعنا البعيد) تلك المرأة الكادحة التي تصطف بين جموع الواقفين على عتبات الفرن ، يضاعف من همها ولدها المريض النائم على كتفها و هي تكافح من أجل إبعاد الأحذية المتدافعة عن عملتها الورقية ـ نصف الجنيه ـ التي سقطت منها على أرضية الفرن ، في الوقت الذي يلاحقها فيه صوت صاحب الفرن مؤنباً بكلمات كأنها السياط ، متعجلاً الثمن .
و ما إن تتمكن تلك المرأة من فرد طولها و تناوله حقه حتى تتهاوى من بين يديها أصابع المحمصات التي اشترتها ، متهشمة على أرضية الفرن ، لتمتد ركامات من المرارة المتصلة في أعماقها امتداد الشارع المعتم البعيد الذي ابتلعها مشيَّعة بواقع يشر قسوة و اضطهاداً.
ـ في قصة ( فوق السحاب نطير ) نطالع رجلاً يعدو لاهثاً بعربة خشبية متآكلة استأجرها لبيع حبات الترمس ، متشبثاً بها في عناد و كأنه يتشبث بعروق الحياة و هو يدفعها صوب الأزقة و الشوارع الضيقة المنسية لإخفائها من مطاردات الشرطة ، إلى أن تهدأ العاصفة ، لتعود عجلات العربة المهترئة إلى الدوران بحبات الترمس و الليمون المذبوحة ، يعب بها المسافات و الريح العاوية ، و رغم الأسوار و الملاحقات و البوابات الموصدة لا تتوقف العربة عن المضي خلف الدخان و فوق السحاب بحثاً عن لقمة مغموسة بقطرات الدم في عالم لا يأبه بأوجاع الفقراء .
ـ ذلك الإصرار على البقاء نلمحه في قصة ( دخان ) عبر شخصية (صالح) بائع حبات البطاطا المشوية الذي لا يكل و هو يدفع عربته المتهالكة التي تئن و تئز فوق أرصفة و شوارع المدينة و وحلها ، فيما نبتت على حواف العربة صور منتزعة من ماضٍ متوهج بالبراءة لأناس لم تغب وقفتهم من ذاكرته إلى جواره في أزمنة الشدة ، حينما جمعوا له أخشاب العربة و مساميرها و قوائمها الحديدية و قواطعها و عجلاتها ، في المقابل تحتل المشهد صورة متفردة للرجل الذي يقاسمه رزقه بعد أن أخذ منه نصف ملكيتها في إشارة إلى غياب الأمن و الأمان بغياب العلاقات الإنسانية السوية .
ـ ترصد قصة (و قال الوالد) شخصية ( أبو يوسف) الرجل الذي أوصت اللجنة التي عاينت مكنه المتوارث عن أبيه بتفكيكه قطعة قطعة والتخلص منها لانتهاء عمره.
أربعون عاماً من معاناة متصلة بين إبر الغزل والخيوط و البكرات و العنابر و النسيج تتحول إلى خردة لا يعلم بعدها كيف و إلى أين السبيل .
و عندما يأتيه صوت ولده الصغير مغنياً للأمل ، للسد العالي ، تتدفق من محجريه الدموع في صمت ناجم عن إحساسه بالعجز فيما تتسمر نظرات زوجته عزيزة في الفراغ و إحباطات تتنامى في أعماقهما لتطاول قامة تلك المسلة التي تزفر دخاناً أسود يسافر بعيداً و يعود ملفعاً بسواد يفضي إلى مجهول يحاصره بأنياب لا ترحم ، ما دام الخلل الاجتماعي هو السائد .
 بشرى محمد أبو شرار ، اقتلاع ، إبداعات فلسطينية ، غزة ، 2004 .
 كاتبة فلسطينية مقيمة في مصر ، صدرت لها ثلاث مجموعات قصصية و رواية في الإسكندرية .
زكي العيلة



http://www.mediafire.com/?ik2111avv3m6sem


إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html


Wednesday, January 18, 2012

سناء أبو شرار - في إنتظار النور




قالت الروائية سناء أبو شرار إن حالة تقمص الألم والكتابة عنها هي الهاجس الذي رافقها أثناء كتابتها لروايتها (في انتظار النور)، التي تتحدث عن قصة سيدة تعرضت لحريق في جسدها، جاء ذلك في شهادتها التي قدمتها مساء أمس الأول ضمن برنامج كتاب الأسبوع الذي تقدمه المكتبة الوطنية.
وأضافت أبو شرار أن مرضى الحروق لم يحظوا باهتمام كبير من الأدب والمجتمع، وأنها اضطرت للجلوس مع إحدى المريضات في المستشفى لأكثر من عشر جلسات لتتعرف إلى جوانب من معاناتها، خاصة وهي تواجه ألم الحروق، أو في ما يتبع ذلك من تشوهات في الوجه والجسد، لافتة إلى أنها أدخلت في متن روايتها كثيرا من تفاصيل العلاقات الاجتماعية، وفي مقدمتها العلاقات الأسرية والزوجية، لتسليط الضوء على جوانب مخفية في هذا الجانب في حياة الناس، مؤكدة أن روايتها تناولت جوانب إنسانية متعددة في الحياة، وإن انطلقت من زاوية امرأة تعاني الحروق في جسدها، ذاهبة إلى تقديم استشهادات من نص الرواية تدعم وجهة نظرها في ما حاولت توضيحه أو التأشير عليه.

 سناء أبو شرار من مواليد غزة تقيم في عمان، وتعمل محامية، لكنها تنحاز للأدب، وقد صدرت لها مجموعتان قصصيتان هما “اللاعودة” و”جداول دماء وخيوط الفجر”، وخمس روايات هي “أنين مدينة” و”غيوم رمادية مبعثرة” و”أساور مهشمة “ و”أوراق الميرامية” و”رحلة ذات لرجل شرقي”.




إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html
تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/

Monday, January 16, 2012

صدقي إسماعيل - الله والفقر




 ساخراً في جريدته المخطوطة «الكلب».. متألماً في «الله والفقر»
في مدينة أنطاكية في لواء اسكندرون، ولد «صدقي بن علي علام إسماعيل» في السادس والعشرين من أيار عام 1924. عاش بداية حياته في أنطاكية، وتابع دراسته في مدن سورية، بعد أن تسلَّل، في العام 1937، مع أخيه وبعض رفاقه إلى الحدود بين سورية وتركيا، ليستقرَّ في دمشق في العام 1940.
وكانت قصة صدقي إسماعيل، المأخوذة عن مجموعته القصصية «الله والفقر» التي صدرت في دمشق عام 1970، مِفصلاً مهماً، من حيث الإعلان الصارخ عن آلام وأوجاع الفقراء في مجتمع يحكمه الاحتلال والتخلف وقسوة العيش؛ التي جعلت من العادات البالية في المجتمع تزعزع ما هو أصيل.

وجسَّد صدقي إسماعيل ذلك الإنسان الفقير الطيب، طاهر القلب واللسان، والذي يتعرَّض للقهر والظلم، فيواجه الطغيان الاجتماعي بقلبه النظيف، كما يواجه الاحتلال الفرنسي بشهامة غريزية فطرية في حقبة العشرينات من القرن الماضي. رسم الكاتبُ الراحل شخصيَته من روح المجتمع، في واحدة من أشهر مؤلفاته القصصية، لتستوحي الدراما السورية سلسلةً بعنوان «أسعد الوراق» للمخرج علاء الدين كوكش، حيث برع الفنان الراحل هاني الروماني في تجسيده دور تلك الشخصية في سبعينات القرن الماضي ولاقت تلك الشخصية قبولاً وانتشاراً في قلوب الناس، لتعيد الدراما صياغتها من روح قصة صدقي إسماعيل الأصلية، وتحمل سلسلة بالعنوان نفسه «أسعد الوراق» الموسم الفائت للمخرجة رشا شربتجي، حيث جسَّد بطولته الفنان تيم حسن.
يعدّ صدقي إسماعيل، الذي توفي في 26/9/1972، نموذجاً عن كاتب متعدّد المواهب. فثمانية وأربعون عاماً عاشها وهو يكتب القصص والرواية، كما اشتغل في الدراسات الفكرية، وله «رامبو، قصة شاعر متشرد»، التي صدرت في دمشق 1952، وكتب رواية «العصاة» الصادرة في بيروت 1964، وله كتاب عن «العرب وتجربة المأساة» صدرت في العام 1963.
وألّف الكاتب الراحل في المجال المسرحي؛ فله «سقوط الجمرة الثالثة»، و«الأحذية»، و«أيام سلمون»، و«عمار يبحث عن أبيه».
وابتدع الراحل «جريدة الكلب»؛ حيث فجّرها ثورة في عالم النشر آنذاك، كتبها بخط يده، وصاغ كلَّ مقالاتها شعراً في مطلع الخمسينات، ولم يتسنَّ له أن يرى جريدته مطبوعة علانية، حيث طبعت بعد عشر سنوات من رحيله، ونظم كلّ ما فيها شعراً ساخراً لاذعاً، يستعرض فيه من حياته وتجربته ومشاهداته.
ولم يكن لصدور جريدته موعد محدد؛ حيث يُعدّ منها نسخة أو نسختين، لينقلها بعد ذلك منه من يحبّ، يتناول فيها الأحداث والأوضاع العامة بسخريته الفريدة وتعليقاته المعروفة، فيتوزّعه القارئون من الأصدقاء في المدن السورية. وفي إجابة عن سؤال لمراسل مجلة الأسبوع العربي البيروتية عام 1963 حول سبب اختياره تسمية جريدته «الكلب»، أجاب الراحل ساخراً: «لأنَّ الكلب هو الكائن الذي يحقّ له أن ينبح دون أن يلزمه أحد بشيء»، وكان شعارها: «جريدة مختصة بالشعر.. تصدر مرتين كل شهر.. إنَّ خير القراء من لايضوج.. ذَنَب الكلب دائماً معووج».

 تخرج صدقي إسماعيل في دار المعلمين بدمشق عام 1948، ونال الإجازة في الفلسفة من جامعة دمشق، ودبلوم التربية عام 1952، وعمل مدرساً في حلب ودمشق، وعُيِّنَ أميناً للمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية في العام 1968، كما أسهم في العام 1969 في تأسيس اتحاد الكتاب العرب، وتولّى رئاسته حتى العام 1971، ورئاسة تحرير مجلة الموقف الأدبي، وكان عضواً في جمعية القصة والرواية.
(عبد الحسيب زيني)



إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html



تحتاج إلى أحدث نسخة من أكروبات ريدر لتتمكن من فتح هذا الكتاب. إذا طلب منك باسوورد, فهذا يعني أن نسختك قديمة!! رجاءا تنزيل أحدث نسخة من:
http://get.adobe.com/uk/reader/