Monday, April 21, 2014

تيسير سبول - الأعمال الكاملة



دار إبن رشد للطباعة والنشر, بيروت 1980  |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 349 صفحة | PDF | 6.50 Mb

http://www.mediafire.com/view/5nec4s43um7cd67/تيسير_سبول_-_الأعمال_الكاملة.pdf
or
http://www.4shared.com/office/uzLD9xq4ba/__-__.html

تيسير السبول يواصل احتجاجه بعد 34 عاما علي انتحاره
محمد عبيدالله
تيسير السبول الشاعر والروائي والإعلامي الشاب المولود في الخامس عشر من شهر كانون الثاني عام 1939، في بلدة الطفيلة جنوب العاصمة الأردنية عمان، ما زال حاضرا رغم مرور أربعة وثلاثين عاما علي غيابه، بعدما أطلق النار علي نفسه يوم الخامس عشر من تشرين الثاني عام 1973، متبعا طريق المبدعين المنتحرين أو الغائبين في شبابهم، من مثل فلاديمير ماياكوفسكي الشاعر الروسي الذي انتحر في سن السابعة والثلاثين، وتوقف سبول عند شعره وانتحاره، وكتب متسائلا في سياق تحليل قصيدة (غيمة في بنطال) التي سبقت انتحار صاحبها بخمسة عشر عاما لقد حمل ماياكوفسكي مشاعر الناس جميعا في قلبه، وعصرها في صوته الشعري العظيم.. ولكننا سنلتقي به بعد خمسة عشر عاما من القصيدة، يطلق النار علي نفسه مخلفا وصية قصيرة بضع كلمات حزينة عن: زورق الحب الذي تحطم علي صخور الحياة اليومية، ورجاء لأمه ألا تبكي وللناس ألا يتقولوا عليه. ما هي الخطوط التي نسجت فاجعة نهايته؟ هل تعاظم لديه الشعور بأن الكون أصم كما أعلن في ختام قصيدته؟ أم فاجعة حب كما قيل؟ يظل الجواب معلقا في سجف المجهول .
ولا ينتظر سبول طويلا ففي سن الرابعة والثلاثين وبعيد حرب تشرين 1973 يختار نهايته الفاجعة التي تحولت إلي حدث ثقافي عربي يستحق المراجعة المتكررة، فما الذي يدفع أديبا موهوبا وشابا متفتحا نحو الانتحار؟؟ ليس في حياة تيسير المباشرة دافع قوي للانتحار، ولذلك ذهبت الآراء نحو التفسير الأشمل بوصف انتحاره صيحة احتجاج يخسر فيها المرء أعز ما يملك من حياته ودمه.. لقد انتحر محتجا علي تكرار الهزائم وقسوتها بعدما اختلط لديه الموضوعي بالذاتي والعام بالخاص وصار هو أو بطله عربي ذاتا تخبئ أحزان الجماعة وإخفاقاتها المتتابعة.
أحزان صحراوية:
ترك سبول ديوانا شعريا وحيدا عنوانه: أحزان صحراوية كتبت قصائده في الفترة من نهاية الخمسينيات وحتي عام 1967، وهو ديوان حميم في مذهبه العاطفي الرومانسي، وفي إيقاعاته العالية التي يتداخل فيها إيقاع التقفية مع الإيقاعات الداخلية المتأتية من حساسية خاصة للغة والموسيقي. معظم قصائد الديوان تذهب نحو النزعة الغنائية العاطفية، فترثي الحب الخائب أو تعرض لصور من الغياب والفراق والبكاء علي الراحلين وما أشبه ذلك من تفصيلات الموضوع العاطفي:
دمعتان
طفتا فوق دخان
وعلي رأس لساني
صبّتا طعم الألق
عندها أحسست قلبي
كنسيج من حرير يحترق
وهو شعر لا نتبين الجديد فيه بالقياس إلي ما وصلت إليه القصيدة العربية الجديدة في عقد الستينات الذي يمثل تفجّر الحداثة واتساع آفاقها وتفاعلها مع الثقافة العالمية، أما تيسير فلا شك أنه يحسب ضمن الحداثيين علي المستوي الثقافي والفكري، ولكن وعيه الحداثي لم يتح له ينعكس انعكاسا ساطعا علي شعره، فبدا أقرب إلي اتباع رواد الحداثة، وخصوصا السياب في غنائيته وأحزانه، وصلاح عبد الصبور في بساطته ولغته اليومية. ومع كل ذلك فموهبة تيسير سبول موهبة منطلقة، وطاقته الشعرية طاقة غامرة متدفقة تنبئ عما هو مختزن في روحه من وعود الشعر والكتابة مما لم يتحقق بسبب النهاية الفاجعة التي اختارها. ولا شك أن قصيدته (مرحبا) تظل حتي اليوم قصيدة دافئة مؤثرة في بساطتها وحرارتها وتدفق موسيقاها:
رغم أن الحب مات
رغم أن الذكريات
لم تعد شيئا ثمينا
ما الذي نخسر إن نحن التقينا
ابتسمنا وانحنينا
وهمسنا مرحبا
ومضينا
ليس يدري ما الذي نضمره
في خافقينا
مرحبا كاذبة نسكت فيها الناس
حتي لا يقال
آه يا عيني علي الأحباب
عشاق الخيال
.........................
وبشكل مجمل يسير شعره وفق هذا النظام الغنائي المتدفق الغامر، ولكنه في خلاصته لا يمثل الريادة الأهم في تجربة تيسير سبول. وعلي المستوي المحلي تبدو تجارب: عبد الرحيم عمر وأمين شنار وحتي حكمت العتيلي وسليم دبابنة متقدمة بعض الشيء علي منجز سبول الشعري. ولكن ينبغي أن نتذكر أن معظم قصائد هذا الديوان مكتوبة وهو في سن العشرينات قبل إنجاز روايته الأهم: أنت منذ اليوم، فهي قصائد شاب متفتح متعدد المواهب، ولا شك أنها تكشف عن خبرة جمالية وثقافة مميزة بالقياس إلي عمره وإلي الحقبة التي كتبت فيها.
أنت منذ اليوم:
)أنت منذ اليوم) هو عنوان الرواية القصيرة التي كتبها سبول في النصف الثاني من عام 1967 وبدايات 1968، فهي تأتي علي ذكر حزيران وتحاكم الهزيمة وتعرض لمقدماتها عرضا نقديا تحليليا يمتد من عام 1948، عندما كان عربي/ بطل الرواية طفلا في القرية، واستمع إلي أحاديث شقيقه العائد من الجبهة عن نفاد الرصاص وعن أوامر الانسحاب. ثم يتتبع عبر لقطاته الدالة مظاهر فساد الواقع وخرابه علي مدي السنوات التالية التي أوصلت الأمة إلي هزيمة عام 1967. ويتوقف عند صور من خراب الحياة الثقافية والأدبية، ومشاهد من خراب السياسة الرسمية والحياة الحزبية والعنف الذي يتكشّف في ممارسات الحزبيين والسياسيين ورجال المباحث الذي عرفهم عربي في غير عاصمة عربية. وتتسع الرواية علي كثافتها لوجوه من تعرية الواقع في عواصم ومدن بلاد الشام ويشير فيها إلي تأرجح تلك المدن بين وجوه الانقلابات والقمع وخراب الواقع المجتمعي علي مستوي الأسر ومستوي التكوينات الأعقد. كما صور سبول معاينة بطله المأساوي عربي للجسر المهدم علي نهر الأردن ووصف جثة الجندي المرمية قرب الجسر التي تشير إلي رائحة الهزيمة، ولكنها لا تخلّ ببسالة الشهداء وتضحياتهم.
حظيت هذه الرواية القصيرة بقراءات شتي فهي أثر لكاتب منتحر ولا بد أن لانتحاره معني، أي أن الانتحار أضفي علي الرواية وصاحبها فعل السحر، وحتي اليوم نحن عاجزون عن تجريدها من كاتبها ومن سيرته، ولذلك فإن القراءات في معظمها قراءات متعاطفة ابتداء ولا يمكنها أن تكون خلاف ذلك، خصوصا وأن الرواية نفسها رواية شديدة التميز واضحة التجديد قياسا إلي نهاية الستينات. وهي من أوائل الروايات التي تمردت علي الواقع عبر نقده وتعريته، مثلما تمردت علي تقاليد النوع الروائي فكسرت انتظام الزمن وخرجت علي العناصر التقليدية لتميل إلي نمط شفيف من الكثافة والاختزال، بحيث تغني اللقطة والصورة عن الحكاية الممتدة، أو عن السرد التفصيلي المتتابع.
وهكذا انفتحت الرواية علي أنماط من التقنيات المتداخلة الجريئة: من استخدام الكوابيس والأحلام إلي تفتيت المكان والزمان، وتوظيف المفارقة والسخرية والتناقض، واستخدام التقنية السينمائية عبر فعالية القطع والحذف والتجوال بحرية بين الصور والمشاهد. إضافة إلي محاولة استيحاء التاريخ وتوظيف مواقف تراثية تضيء رؤية الكاتب وكتابته، ولا يغيب عنها لمحات من الخصوصية المحلية التي تتمظهر في عدد من الأمثال والأقوال الشائعة أو في تعبيرات محددة تعيد الرواية استعمالها مع الوعي بدورها في السياق الروائي. كذلك تمتاز الرواية علي قصرها بانشغال الكاتب بلغته الروائية التي تميزت بتعدد طبقاتها ومستوياتها: من اللغة السردية إلي لغة الشعر، وحتي اللغة الإعلامية التي تتضح عندما تتعرض الرواية للإذاعات ووسائل الإعلام، وكذلك تغدو الرواية معرضا للغات طوائف وطبقات من البشر: من المثقفين والسياسيين والعسكر ورجال المباحث والطلبة والحزبيين والعشاق وبنات الليل.... وهو في كل موقف يسعي إلي تناسب اللغة مع سياقها وكأنه ينظر إلي ما نعرفه اليوم باسم تعدد اللغات والأصوات.
ومن اللافت أيضا استخدامه المبكر لتقنية: (الميتا سرد)، في الموقف الذي تحدث فيه عربي مع بعض أصدقائه عن الشيء الغامض الذي يكتبه. كما اعتمد أيضا علي تنويع الراوي بين الراوي المتكلم (عربي يروي عن نفسه) بما يقترب من حدود السيرة الذاتية، وبين الراوي العليم أو كلي المعرفة الذي يروي بضمير الغائب، وقد مزج بين الطريقتين في مواقف ومشاهد متقاربة متداخلة علي نحو تجريبي لا تخطئه القراءة الواعية. ورغم كل هذا الكم من التنويع في التقنيات ظلت الرواية محتفظة بلمسات من العفوية والتدفق، ولم تبد مصنوعة أو مركبة لأداء تلك التقنيات الهامة، ولعل القارئ الذي لا تعنيه لعبة السرد في مستواها التقني يتوقف عند تلك العفوية وذلك التدفق، بما يمنحانه للرواية من يسر القراءة وكثافتها الانفعالية علي نحو تأثيري يشبه تأثير الشعر لا السرد.
لفتت (أنت منذ اليوم) رغم أنها نوفيلا قصيرة وليست رواية بالمعني التجنيسي عند الدارسين والنقاد والقراء علي اختلاف طبقاتهم، فهي عندما تقرأ قراءة عامة تبدو رواية مؤثرة ممتعة رغم بنائها المفكك، لأن هذا البناء جاء قصديا واعيا، وليس نتاج غياب الأدوات السردية أو الجهل بقوانين الرواية، كما وفرت للنقاد والمتخصصين فرصة معاينة صور شتي من التقنيات السردية واختبار قيمتها ومدي ما يمكن أن تقدمه للرواية العربية الجديدة. وقد ذهب كثير من النقاد أنها في طليعة روايات الحداثة، وذهب بعضهم إلي ما هو أبعد، أي إلي أنها رواية ما بعد حداثية، بالنظر إلي فكرة التفكيك والتفتيت المهيمنين علي منطوقها دون هوادة.
وفي كل الأحوال يظل تيسير سبول وتظل روايته وشعره وسائر كتاباته وأحاديثه الإذاعية مادة ثقافية مميزة تشير إلي أديب مبدع مر مثل نيزك وخلّف كل هذا الضجي

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com




صلاح سالم زرتوقة - أنماط الاستيلاء على السلطة في الدول العربية



مكتبة مدبولي, القاهرة 1992 |  سحب وتعديل جمال حتمل | 424 صفحة | PDF | 9.64 MB

http://www.4shared.com/office/zOgFISHbce/___-_______.html
or
http://www.mediafire.com/view/k0j6lj9uwcom602/صلاح_سالم_زرتوقة_-_أنماط_الاستيلاء_على_السلطة_في_الدول_العربية.pdf

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

Saturday, April 19, 2014

حسام المقدم - شوارع مجهزة للدهشة



المجلس الأعلى للثقافة, القاهرة  2013 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 122  صفحة | PDF | 3.57 Mb

http://www.mediafire.com/view/d9q1az9cf9d9vmj/حسام_المقدم_-_شوارع_مجهزة_للدهشة.pdf
or
http://www.4shared.com/office/RD_RTJA0ba/__-___.html

أخذت أبحث عن القصة التي تحمل عنوان المجموعة القصصية الجديدة للكاتب المتميز حسام المقدم « شوارع مجهزة للدهشة « ولم اجدها !،  ووجدت كل القصص التسعة عشر التي تضمها المجموعة تحمل كل عناصر الدهشة !!،  في طريقة السرد،  وأسلوب الحكي،  وعفوية الحدث الذي يراه في مخيلته ويرسمه بقلمه بصورة غاية في الدقة،  وكأنك تعيش معه اللحظة مجسمة في القصة.
في بداية صفحات المجموعة يقول القاص: «أراك في الشوارع،  المقاهي،  وعربات الأجرة،  الطرقات الممتدة،  وفي الميادين الفسيحة. لا تقلقي فهم لايرونك.»،  وكأنه يمهد لما سوف نلمسه في تجسيد خياله القصصي لواقع مسطور علي الورق.
في قصة « قروش سيدي خلف « يحكي بصورة تخيلية للزمن قصة حدثت منذ مائة عام تدور حول حكاية طفل حينما كان يشطر العشرة قروش بينه وبين سيده خلف وهو مغمض العينين ووجوه العجائز ملتصقه بمقامه تلتمس استجابة دعواتهن ومنهن أمه التي كانت تقول له:اياك ان تخلف صندوق سيدك خلف... خليك فاكره،  وتأتي سطور القصة لتؤكد استجابة الطفل لأمه: « أتقدم كالعميان مسقطا الشلن الفضة..... كم كثرت نقودي التي لم أخلف بها الوعد وكانت صاحبات الام يتحدثن عن رؤيتهن له في المنام اما هو فلم يزره في منامه وعندما اخفق في مادة الحساب يسأل سيده خلف عن السبب ويقسم له أنه لم يعد يوما الشلنات التي كان يسقطها امام ضريحه كل يوم.. أنها صور قديمة ومعتقدات بالية صورها المقدم في صور قصصية بكل ما تحمله من إسقاطات عصرية في لغه سهلة وفكر عميق.وتتكرر فكرة تجسيد الحدث في حكايات بسيطة حتي اننا نسمع ونري الحدث في قصة «جري غزلان » و«أجساد السمن »
وفي قصة « لوحة « يسرد المقدم القصة بأسلوب جديد حين وصف أحد لوحات الفنان سلفادو ر دالي فأضفي عليها منظورا مختلفا بعيدا عن الشكل واللون،  وإنما منظوره الخاص ورؤيته لتفاصيل اللوحة التي كان مضمونها امرأة تنظر من نافذة ولانري غير خلفيتها بملابس مبللة تكشف كل تفاصيل الجسد الذي جسده المقدم بأسلوب لايقل عن تفاصيل ريشة الفنان ذاته ثم يلحقها بقصة أخري لامرأة حقيقية شاهدها كلوحة آدمية تتحرك بجواره وليست ساكنة مثلاامرأة دالي. حسام المقدم ناقد وقاص يعمل في التربية والتعليم،  صدر له مجموعة قصص بعنوان «أحزان طفل « و» أشباح تعربد علي الطريق « ونال عدة جوائز من نادي القصة وجمعية الادباء وهيئة قصور الثقافة وغيرها أحدثهما جائزة إحسان عبد القدوس.
أخبار اليوم


عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

عبد القادر الجنابي - شاعرات معاصرات



منشورات الجمل, كولون  2001  |  سحب وتعديل جمال حتمل | 96 صفحة | PDF | 1.25 MB

http://www.4shared.com/office/IRVljHslba/___-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/ehzclgy6yqdekg3/عبد_القادر_الجنابي_-_شاعرات_معاصرات.pdf

عبدالقادر الجنابي مثقف غريب الاطوار
من بوهيمية الحياة الى عمق المكاشفات..
"وعي زائف خير من زيف واع.. هذا هو المطلوب" (الجنابي)
مدخل الى موضوع خاص
دعوني أخصص مقالتي اليوم عن واحد من الاصدقاء المثقفين العراقيين الذين يمتازون بخصال غريبة لا يصلهم أحد فيها. وسأكتب بعض نتف من دراسة نقدية مطّولة عن ظاهرة غريبة ومتقدمة وشجاعة في حياة المثقفين العراقيين المتمردين على واقعهم وحتى واقع غيرهم في القرن العشرين، وهم كثر عاشوا عراقيتهم المضنية في اعماق روح العراق، وهم يعانون من سطوة الفاشية وشقاء تخلف المجتمع. لقد تمردوا على واقعهم بكل تناقضاته، وشكلّوا لهم ميراثا عجيبا من المكونات والابداعات المجنونة.. دعوني اتكّلم اليوم عن ظاهرة بوهيمية في الثقافة العراقية الحديثة ممثّلة ومجسدة بمثقف عراقي معروف بادبياته اللامتناهية وشجاعته وجرأته: انه الصديق الاستاذ عبد القادر الجنابي. ولابد لي من القول بأن عملي على تاريخ النخب العراقية المثقفة في القرن العشرين الذي سيصدر موّسعا في كتاب "انتلجينسيا العراق: النخب المثقفة في القرن العشرين" قد جعلني استفهم عن اسرار ولادة المبدعين العراقيين المتميزين بهذا الكم والنوع الذي فاق الاخرين.
ولا اريد ان اكتب عن الصديق الجنابي كما هو اليوم، بل اريد ان اكتب عنه كما كان، وعما اوحته لي كتاباته المبدعة الجريئة كواحد من المثقفين العراقيين الذين نالهم الحيف والغبن الشديدين ازاء اخرين لم يمتلكوا عشر معشار ما لدى ثلة من الحقيقيين والجنابي في مقدمتهم خصوصا انه لم يكن مثقف سلطة او مثقف تابع لنظام حكم او نظام مجتمع. انه مثقف حقيقي قد تشّبع وتمّكن من ثقافتين عالميتين انكلوسكسونية وفرانكوفونية بشكل جعله يتلاعب كيفما يشاء في فضائهما طويلا، من دون ان يغفل ثقافته العربية التي له فيها اسلوبه المختزل الجميل. قال عنه صديقه الشاعر اللبناني انسي الحاج واصفا: " شراسة عبد القادر الجنابي هي نصل عطش الصدق، وشعره ليل البدر مغسولا بالعواصف، مخصبا قارئه بقهر اليأس ولعب الخيال وحدس الوحدة، ملهما بدهشة طفل دائم الاكتشاف والتمرد والحرية.. معه، نحن تحت غيم العاصفة الاصفر. وما وراء حروفه هو اما امامها: برق العصيان. برق ضاحك حتى دموع الحرية ".

الجنابي: من يكون؟
 شاعر وفنان وناقد مثقف عراقي، ولد ببغداد في الاول من تموز/ يوليو 1944. لم يستفد من " المدرسة " شيئا اذ كانت شقاوته وعبقريته اكبر منها فصار يدخل عالم الشعر مترجما عن الانكليزية من الشعر الزنجي.. اختنق في العراق على مدى سنتين من حكم البعثيين، فهرب الى لندن في العام 1970، واندمج بالحركة التروتسكية معبّرا مخلصا عن " الثورة العربية " لسان حال الاممية الرابعة، ثم اكتشف أنه لم يبق من ديناميكية في هذه الأممية سوى نقاوة تروتسكي الثورية، فتمّرد عليها وانخرط في عالم السوريالية كي يتحرر كليا من اي تبعية وخصوصا بعد هجرته لندن نحو باريس التي استقر فيها بعد ان قّضى في لندن سنتين وستة اشهر. نشر " الرغبة الاباحية " في العام 1973 بعد وصوله باريس، وأجده هنا قد تأثّر وتشّبع بما يسمى بـ الثقافة الضدّ Counter Culture التي راجت في الستينيات وأوائل السبعينات من القرن العشرين. نعم، لقد خرج من التروتسكية الى حركة المجالسية المضادة لكل لينينية وحزبوية، ومن هنا كان اسم اول مجلة اطلقها في العام 1973 هو "الرغبة الإباحية". والإباحية ترجمة وجدها الجنابي مناسبة بالرغم من الالتباس الشائع عنها للكلمة الفرنسية التي تطلق على تيار الماركسية الفوضوية Libertaire.
تمّكن الجنابي من الثقافتين الانكليزية والفرنسية، واصدر عدة كراريس شعرية ومجلات بالانكليزية والفرنسية والعربية منها: "في هواء اللغة الطلق" (197، "ثمة موتى يجب قتلهم" (1982)، "مصرع الوضوح" (1984). واصدر في العام 1982 مجلة "النقطة" التي استمرت عامين وظهر منها اربعة أعداد فقط، ثم اعقبها بمجلة "فراديس" التي اشتهرت كثيرا لدى المثقفين العرب المتحررين من كل القيود والتي كانت أول من فتحت ملف جيل الستينات العراقي، ومن هنا اصدر في العام 1992 أضخم انطولوجيا موثقة لشعرية هذا الجيل ومعاركه الضارية، تحت عنوان "انفرادات الشعر العراقي الجديد" (528 صفحة، منشورات الجمل). بعد ذاك اصدر الجنابي كتابا بعنوان: "مرح الغربة الشرقية" في العام 1988، وترجمتين لشعر جويس منصور وباول تسيلان و ثم اصدر "رسالة مفتوحة إلى أدونيس: في الصوقية والسوريالية ومدارس أدبية أخرى.. (دار الجديد 1994)، وكتابيه "حياة ما بعد الياء" (فراديس 1995)، و"تربية عبد القادر الجنابي" (دار الجديد 1995)، وأخيرا، اصدر كتابه "الافعى بلا رأس ولا ذيل: انطولوجيا قصيدة النثر الفرنسية" عن دار النهار في العام 2001. ناهيك عن عدة انطولوجيات للشعر العربي بالفرنسية. ولقد وّضحت اعمال الجنابي الابداعية والنقدية قدرته العالية في التفوق الذي نجح في التوّصل اليه من خلال غنى تجربته الثقافية وعمق وعيه بالحداثة الغربية.

من هو الرجل؟
 لم اكن اعرفه معرفة شخصية، ولكنني كنت اتابع انشطته وابداعاته التي عادة ما يجسدها باشعار تعد ومضات في قلب دنيا مظلمة.. مذ كنت اعيش في كل من بريطانيا والمانيا الغربية قبل عشرين عاما. كنت اقرأ للجنابي فراديسه واشعاره واستمتع بمجادلاته الاباحية ونقداته الشرسة لبعض من عدّوا انفسهم سدنة مهترئين للثقافة العربية المعاصرة.. ثم حكمت الصدف وما احلى الصدف، ان تتوثق عرى صداقتنا كأثنين من المثقفين العراقيين الذين يشتركون في نهر عجائبي من الهموم.. وكان أن أهدى لي منذ زمن ليس بالقصير بعض أعماله الادبية والنقدية والابداعية، وقسم منها نادر جدا، خصوصا وأنني أعمل على توثيق مضامين كتابي "انتلجينسيا العراق: النخب المثقفة في القرن العشرين"، فصرت أمام عالم مترع بالجمال، عالم من مخلوقات عبد القادر الغريبة.. كنت انتزع من زمني قليلا لأهرع اليه وابتهج قليلا وافكر طويلا بما يريد ان يقوله، وكأنه يرتّل الكلمات ترتيلا، ثم اعود لأجده وكأنه يصوغ فلسفة صعبة تتخاصم فيها الاشياء ! انها مخلوقات جميلة لم اكن قد اطلّعت على بعضها، فضلا عن انشطة غرائبية أخرى كان قد كرّسها في اصداره مجلتين جريئتين بباريس قبل قرابة عشرين سنة ! وصف لي اعترافاته: " شئ من حياة مستمرة بشكل آخر ". ووصفني في مكان آخر كوني: " فاتح آفاق الذاكرة العراقية " ولا اعتقد اني كذلك!
لقد شدّتني شجاعة هذا المثقف العراقي الذي عاش بوهيميا في متاهة ثلاث عواصم كبرى في هذه الدنيا: بغداد ولندن وباريس، وخصص من الستين سنة التي يمتلكها ثلثا للعراق وقرابة ثلاث سنوات في لندن وما تبّقى جعله لباريس.. وفي كل واحدة منها، سجّل له تاريخ معّين يعّج بمختلف العجائب والغرائب والبدائل والصور ما بين شقاوة شاب بغدادي ينهل من ثقافة عراقية يجدها اينما يلتفت ولا يعرف الا التمرد على الواقع الكئيب.. وما بين جنونية شاب ماركسي فوضوي مغترب يهوى حياة الهيبيز في اعماق لندن ويقتات على مسروقاته من الكتب، ويبيح لنفسه ان يفعل ما يشاء من اجل لقمة العيش ! وما بين مخلوقات شجاعة لمثقف عربي في باريس يلتزم بما يعتقده هو ولا يلتزم البتة بما يريده الاخرون!

مثقف في زحمة الصراع والتناقضات
 ان ما يثير التفكير في هذا الصديق الجنابي ثقافته الادبية وخزينه اللغوي ومهارته في الترجمة منذ صغره وجرأته مقتحما كل الابواب الموصدة ومغامراته من اجل ان يعيش وتورّطه بألعابه وسط هذه الكوميديا الدنيوية المضحكة. وبرغم ذلك، فهو لم يستسلم للسلطة في العراق ابدا. لقد بقي نقّيا يستفز الاخرين الى حد الابكاء، ثم يحيلهم الى طور الاضحاك بتعليقات قلما يجيد صنعها الاخرون، له سخريته من اناس يجدهم لا يستحقون الاهتمام بحكم سخريته من الواقع ومضامينه الموشاة بالدجل والاوحال والازبال هنا وهناك ! لم يكن يطيق سلطة فاشية زرعت نفسها في العراق لمرتين في عامي 1963 و1968، فهو انسان لا يحتمل أبدا الدق في كل اللحظات على مفاخر هذا ومديح ذاك.. وجد انه قد اكتشف الحياة على حقيقتها في اعماق امرأة، وهتك الاستار منذ طفولته اللعينة، فهو لا يقدر ان تحّركه هذي او يستغله ذاك..
لقد وجد نفسه ليس بيدقا كبقية البيادق التافهة التي استخدمتها السلطة الفاشية في كل مكان.. لقد هرب ليس من واقع سياسي حسب، بل من واقع اجتماعي كان سببا في خلق ذلك الواقع السياسي بكل رموزه الكريهة التي تمّثل الجهالة والبلادة والاهتراء والعفونة. انني اعتقد بأن ما أرعبه حقا ان يرى عددا من اليهود العراقيين وقد تدلوا باجسادهم بعد تعليقهم من اعناقهم من قبل البعثيين على المشانق من دون اكياس تغطي وجوههم في ساحة (التحرير) اكبر ساحات بغداد في العام 1968- 1969، لقد اعدموا لمجرد كونهم من اليهود العراقيين.. وكل عراقي اصيل يرى في اقوام العراق القديمة وبضمنهم يهود العراق القدماء مصادر اثنوغرافية لولادة مشروع حضاري متنوع جديد، فكيف بنا ازاء مشروع قهر بعثي شوفيني وفد العراق ليحكمه منذ اربعين سنة بعدما صدّرته الينا مجموعة العفالقة المتوحشة من قلب احدى مقاهي دمشق!؟
 انني اعتقد بأن من يمتلك روحا عراقية لم تلوثّها الشوفينية، ولم تغدر بها العصبيات المذهبية والطائفية والدينية، او لم يكوها الاضطهاد الاجتماعي اللئيم، فهي نقّية تلتقي مع كل العراقيين اينما كانوا منتشرين في دياسبورا العالم وشتات الآفاق.. فلا غرابة ان يعقد الجنابي صداقات له مع شعراء وأدباء يهود عراقيين يسكنون في اسرائيل، فتقوم الدنيا ولا تقعد ضدّه من دون ان يستحي العرب من جماعاتهم السياسية ونخبهم المثقفة في الطوق حيث يقيمون علاقاتهم السياسية وروابطهم الثقافية وتجاراتهم ومصالحهم مع دولة اسرائيل.. انه كأي عراقي اصيل يرى في العراقيين كلهم وطنا حقيقيا له، فالعراقيون متنوعون على أشد انواع التنوع، وكل عراقي هو العراق نفسه فلا يمكن لواحد منه او عشيرة او طائفة او ملة او مذهب او اقلية او قومية ان تحتكر المواطنة العراقية لنفسها ابدا، ذلك ان ما يجمع العراقيين هو ترابهم القديم جدا، ومياه الفراتين كشريانين ازليين وروح لا يمتلكها الاخرون الذين لا يعرفون انفسهم الا نوعا واحدا!
ان الجنابي واحد من الذين آمنوا بالماركسية وتعلقوا بها وتنقلوا من التروتسكية الى المجالسية المضادة لكل حزبوية وسبقوا في ذلك غيرهم من الماركسيين العرب، كّون ثقافة عبد القادر قد ارتوت في حضن بيئة غارقة بالادب والشعر، كان يبحث له عما يسّد به رمقه في شوارع رئيسية ومقاه مكتظة بالافندية البغداديين.. انه احد مثقفين خوارج عراقيين يعشقون الفن والشعر والقراءة والانجذاب نحو المقاهي (والبارات)، ويهوون المجون والعربدة والغناء والخمر، أذكر منهم: معروف الرصافي ويونس بحري واحمد الصافي النجفي وذنون ايوب وناظم الغزالي وحسين مردان وعبدالأمير الحصيري ومظفر النواب وجان دمو ومؤيد الراوي وعبدالرحمن طهمازي وغانم الدباغ وسركون بولص وامير الدراجي وعبد المحسن عقراوي وجبر علوان وغيرهم كثير ان من بين هؤلاء وغيرهم: سمات من جنون وفنون وعبقرية شيطانية وبوهيمية طبيعية لعشق ارض عراقية عتيقة، هي: سومرية هي اكدّية هي بابلية هي اشورية هي آرامية هي عربية وكردية.. وهلم جرا.
لقد كان مثقفا يبتهج ببوهيميته العراقية وهو شاب في مقتبل العمر يضمنها تفصيلاته الكثيرة التي ربما يدور أغلبها حول التاريخ الشخصي في حياته ويغترف نماذجها من خصوصياته. كان بطلا يتمتع باستقلالية التفكير عن محيطه المنهك، ويقرأ كتبا متمردة المضمون وذات شحن حداثوية تساهم في شحذ التأمل المطلوب لمعرفة الواقع المعاش ناهيك انه عاصر صعود ثقافة الضد في بيئاتها لندن وباريس وخالط بعض تجمعاتها كالحركة السوريالية وأممية مبدعي الأوضاع التي لعبت دورا هائلا في احداث ايار الطلابية عام 1968.. وهذا لا يتأتى لدى اي مثقف عربي يعيش في بيئة عربية أخرى متنافرة على أشد ما يكون التنافر والتنابز عن العراقيين وبيئتهم. ولن يستطيع أي متحرر عربي أن يمتلك التفاوض مع واقعه وعناصر ذلك الواقع مهما كانت قدرته في المناورة غير العادية ! لقد قال لي أحد اصدقائي وهو مفّكر عربي معروف بنزعته القومية قبل ايام وهو يحادثني هاتفيا: لقد تجاوز عمري السبعين يا سّيار، وقد زرت العراق مرارا واقمت فيه احيانا وقرأت تاريخه كما تعرف وعرفت الكثير عن مجتمعه.. لكنني لم اعرف العراق على حقيقته الا هذه الايام عندما انكشفت عن العراق أغطيته السميكة، وانطلق العراقيون يعّبرون عن حقائقهم التي اخفوها ردحا طويلا من السنين، فسألته: هل صدق كلامي الذي خالفتني به عندما قلت بخصوصية العراق وصعوبة فهم الوان العراقيين قبل سنين؟ قال: صدقت!
من صلب التروتسكية الى جذب الليبرالية
 يتمتع الجنابي بشخصية لها جاذبيتها تتقاطع همومها الانسانية ومعاناتها العراقية مع واقع صعب جدا التلاؤم معه، فيفّضل الهروب كبقية أقرانه من المثقفين المتمردين العراقيين سواء كانوا من الليبراليين ام كانوا من الماركسيين.. لم يكن ساذجا في الكشف عن مستوراته التي يحرص عليها الاخرون بكل بلادة.. انه يهرب الى واقع جديد ربما تكون قسوته أرخى عليه لأنه سيتنسم هواء الحرية ويتذوق طعم الانطلاق بتحريض من عشقه لهما. ولكن هل تنتهي معاناته؟ الجواب: لا، لأن المعاناة الجديدة لا تعني شيئا لشعوره بالضياع وهو ما يحملها على العودة دوما الى مكوناته الاولى التي يريد بترها بترا.. انه متمرد وضائع وتحّول من صعلكة بغدادية شقّية ليجد نفسه في آن بوهيميا وتروتسكيا في شوارع لندن يلاحقه طيف نادجا (بطلة أندريه برتون).. انه متشرد في مجتمع غريب حيث لا يعرفه أحد في لندن التي لم يكتف بشوارعها الخلفية التي تنطلق حياتها في الليل من علب الليل، وانما لا يجد فيها صمتا يقطعه بكاء او عويل او صوت سكير في بغداد وازقتها المظلمة العتيقة!
المتمرد.. المتشظي والمتحّور
كان الجنابي نموذجا حقيقيا للمثقف العراقي المتمرد والثوري على كل مكوناته الاولى التي اعتبرها غثّة وبليدة، لكنه يحتفظ في اعماقه بذكرى عائلته.. بذكرى أمه وابيه واخيه.. ولعل الجنابي كان ابرز مثقف عراقي يفصح باعترافات مكشوفة عن خصوصياته وعلاقاته الجنسية التي يعتبرها: مضامين اخلاقية لانسان عراقي متحضر يعيش ويفّكر كما هو حال المثقفين التقدميين في العالم بعيدا عن الزخرفة والبهرجة والطلاءات التي تخفي تحتها مناظر بشعة.. انه لا يريد ان يتوقف عند زمن معين، بل يمتد نحو أعماق الازمنة العراقية الاولى، وكأنه وصل الى حافات التاريخ الاولى عندما خلق الانسان اول تكوين حضاري له عند شواطىء ميزوبوتيميا الجميلة، اي: ضفاف وادي الرافدين المكسو باخضرار الطبيعة، وجماليات الليل والنهار.
انه يصطحب معه عاطفة قوية لا ينطفئ أوارها، فالعراقيون اينما ذهبوا وحيثما حّلوا يصطدمون بجفاف عاطفي شنيع - كما يصفونه - لدى الاخرين ! جفاف لم يعرفونه هم قط، لأنهم الشعب الوحيد في هذا الكون وهو يمتلك من العاطفة بحورا.. يغني فيبكي، يعشق فيبكي، يثور فيبكي، يقرأ القرآن فيبكي.. يجتمع في الشوارع ليبكي بكاء الصعب.. انه يغسل بدموعه كل ما يعلق بأعماقه من أدران.. انه يدّق على رأسه بحركاته او يثور مجنونا ولكنه سرعان ما يبرد ويندم على ما فعله.. وكلها تأتي عفوية في غالب الاحيان.. ويحدّد من خلال عواطفه الثائرة كل مظاهر الحياة المختلفة في مكان مركزي يقع في قلب هذا العالم.. انه بقدر ما يفخر كونه ينتمي اليه، فهو يهرب منه لأنه مكان ابتلي بالشقاء والاكدار منذ عصور ودهور!
هذا المثقف المتمرد لا يريد أن يسدل الستار على حياة مليئة بالوحشة والالم.. انه مقتنع تمام القناعة بأن كلماته تموت وتفنى عندما يجعلها تحيا جافة من أجل لا شئ في هذا الوجود. انه نموذج لعراقي حقيقي مقتنع حتى الثمالة بأن الالتزام بهذا الواقع وتحديثه أجدى نفعا من اي التزام لاصلاحه او ترقيعه.. انه لا يعترف بأن المفاخرة بالشرف الرفيع مثلا لا تمر الا من خلال الاعضاء الجنسية التناسلية، فهذه مجرد آليات جميلة لاستمرار الحياة بكل ما فيها من مباهج ترضي العواطف والشهوات، لا ان يجعلها الانسان محور شرفه وما يتفجر عنها من موبقات ولعنات تلحق بها المصائب والثارات وتجري من خلالها الدماء!
انه يرى بأن التزامه عراقيا وبكل ما ورثه على ارضه أجدى نفعا له ولأمثاله من مجرد أداء طقوس ليس لها اية معاني. انه يرى الخطيئة في ان يترك هذا الشعب الذي يقطن وادي الرافدين كل أرثه وملاحمه واساطيره وقوانينه واشعاره ومخلوقاته الرائعة التي امتدت عنها كل الاديان والفلسفات والادبيات والافكار والمشروعات في العالم شرقا وغربا.. ليردد بضعة نصوص لا يفقه معانيها ولا علاقة لها بأي واقع.. انه يسلّط الضوء بابداعه وكلماته واشعاره على وطنه الذبيح وكأنه يرى فيه أمرأة تتمتع بقوى خارقة تعينها على قراءة المستقبل، ولكنها أمرأة مقّيدة من مئات السنين بقيود ثقيلة من حديد تشقى بها ! انه يرى ان من الاهمية بمكان كشف ملابسات وقائع واحداث مهمة تورط فيها العراقيون منذ القدم، وما زالوا يتعّلقون بأهدابها، فتضيع عليهم فرص الحياة والجمال.
كلمة في شعره
 ونتساءل: هل ثمة متغيرات في ذهنية مثل هذا المثقف الجرئ المبدع ابان صعلكته او عند استقراره؟ وقبل أن أجده وقد هجع قليلا عما كان يفعله كما يخبرنا هو نفسه باعترافاته عن تاريخه المتقّلب وخصوصا في (تربيته) التي ضمنها كتابه المثير وهو اشبه باعترافات مكشوفة عن ادق الخصوصيات.. انني اراه مجتهدا وبالغ الحس في كل قصيدة من قصائده التي يوهم الاخرين بما فيها.. وسواء كتب الجنابي قصائده ام ترجمها، فانه يرسم اجزاء من صورة غير متكاملة وعن واقع ملئ بالتناقضات المريبة، وهو من ادق الناس باستخدام اللغة لغته مرهفة كأنها مجرد ومضات سريعة في ليل بهيم، وقلما نجد من يمهر في ذلك عربيا. انه شاعر فنان ويحس بالاشياء ووقع الاصوات والاجراس ونداءات الطبيعة الخفية. انه يعقد مع الطبيعة اكثر من صفقة ليرتوي منها طويلا.
انه ليس كالآخرين، لأنه لا يعرف الزيف أبدا.. ما يؤمن به يصّرح عنه، وما يكمن في قلبه يطلقه بقوة على لسانه ويعرضه مكشوفا على الناس بلا رتوش ابدا، وكأنني امام تشيكوف في صراحته وجان جينييه في مكاشفاته.. لذا، فانني لا أفكر في لغته ولا في خداع كلماته كالذي افعله وأنا اقرأ الاخرين.. انه ليس مثل صاحبنا نزار قباني يصّور للاخرين نفسه بلغة خادعة كلها مفاتن نفسه التي يجعل منها ينبوعا للاخرين وشجرة كروم تتلبس بالعناقيد.. والحقيقة غير ذلك، فقد كان نزار بخيلا جدا ولا يمكن تخّيل بخله ! ان الجنابي لا يعرف المراوغة ولا دواعي الكذب. وعلى الرغم من قلّة النقاد الذين تعمّقوا في مكنون بحره، الا انهم لم يكتشفوا من يكون!
خصوماته ومشكلاته
 ان خصوماته مع بعض الشعراء العرب تقع في هذا الباب، اذ ليس بمقدورهم تحمّل طروحاته القوية، وهو يكشف عن خفايا تزويراتهم وخداعهم ليس الاخرين، بل خداع حتى انفسهم. وفي هذا الصدد، يبدو الاكثر اثارة الى حد الان ضد كل من ادونيس ومحمود درويش وغيرهما. وليس غريبا أن ينشر الجنابي في العدد الثاني من "الرغبة الإباحية" (1974) ترجمة لمقالة الشاعر السوريالي بنجاما بيريه "مثلبة الشعراء" التي جاء فيها: "الشعر، بالنسبة إليهم، لا يعدو أن يكون ترف الغني ارستقراطيا أو صيرفيا، وإذا أراد أن يكون (مفيدا) للجماهير، عليه أن يخضع إلى قدر الفنون (المطبقة) فنون (الزخرفة) الفنون (المنزلية)..إلخ. بيد أنهم يشعرون بالغريزة، إن الشعر هو نقطة ارتكاز التي كان ينشدها أرخميدس، ويخشون أن العالم إذا رفع سوف يسقط على رؤوسهم. وهذا يفسر طموحهم إلى تحقيره، إلى تجريده من كل فاعلية، من كل قيمة عظيمة، لإعطائه دورا مؤاسيا، نفاقا هو دور الراهبة. على أنه لاينبغي للشاعر أن يغذي عند الآخرين رجاء وهميا؛ إنسانيا كان أو سماويا، ولا أن يعجز الأذهان بحقنها بثقة غير محدودة في أب أو قائد يصبح كلُ نقد يوجه إليه تدنيسا، بل بالعكس، عليه أن يتكلم الكلام المدنّس دوما والسباب المستمر".
كما ان الجنابي يكره الشعراء الدجالين والمشعوذين والمطبلين والمزمرين الذين يقتاتون على المكرمات.. اذ انه آخر من يتاجر بكلماته ومواقفه. قال لي يوما: ان ناشري كتبه ودواوينه يأكلونه اكلا ! قد يفرض بفرض المنطق، ولكنه لا يقتنع بزيف المواقف.. وهذا ما اسماه بخطاب الغياب عن الواقع في معرض انتقاده الشرس تلك العلاقة المتوترة بين شعراء العربية بتصويرهم الواقع تصويرا مزيفا وبليدا يضحكون فيه على الناس. انه يبدو من مظهرهم الخارجي وافتتانهم بالحد الادنى من الشهرة والمواصفات العقيمة.. وبخاصة في استخدامهم اللغة استخداما غير طبيعي، اذ يبحثون على الاشكال الجميلة فيها من دون ان ينتجوا معنى له روعته ! وتراهم جميعا وقلوبهم شتى، فهذا يكّرس طائفته من وراء ستار، وذاك يكّرس قضيته ولا يضيره ان احترق العالم، والاخرون يكرسون شوفينية قذرة من وراء حجب، وبعضهم ينحرون العالم من اجل " نص " لا يفكرون فيه، وبعضهم تجده يتعبد في جحور قبيلته بما فيها من رؤوس وبطون وافخاذ واطراف.. الخ من نماذج تحركها الامراض وبقايا التاريخ وترسباته الماضوية العتيقة!
واخيرا: نماذج من شعره وتفكيره !
انني ارى الجنابي شاعرا وناقدا على حد سواء.. لما ابداه من كبر اهتمام بالمنطلقات الفكرية لمن يكتب قبل ان يحّضر كالاخرين ادواته ومحابره وفرشاته واقلامه.. ويستحضر عاطفة مستعارة ولغة شكلية تثير الشهوة وخيالا مريضا يزدحم بالطوباويات والاطنابات المميتة. انه سريع البديهة. ربما لا يتدفق بعطائه كثيرا، فهو ينحت كلامه نحتا ولا يطلقه على عنانه ليكون اسهابا واطنابا عاديا كما عودّنا غيره من الشعراء والنقاد العرب. انه مثقف تجاوز العربية وعبر منذ زمن بعيد الى ضفاف ثقافات اخرى، وبدأ يمضي في اعماقها. اتمنى عليه في المستقبل ان يتبنى مشروعا نقديا او ابداعيا كي يتدارس فيه الشعر العربي ابان القرن العشرين ليتشكّل موقفه عن كل مجايليه العرب ويقدمه باكثر من لغة عالمية.. وأحب أن أختم كلمتي هذه ببعض المقتطفات من كراريسه وكتبه:
***
لأن الشاعر العربي أسير تعثرات تاريخ العرب، فإنه بقي "عقلنة" هامشية في حال نشوب أزمة المجتمع. ففيما يتعلق بالثورة الاجتماعية، كان المجتمع يلجأ إلى الأسطورة عندما تشتد حدّة التناقضات الطبقية، في حين أن الشاعر العربي يلجأ إلى الرمز لاعبا دور عدو الجدل.
الشاعر العربي حالة استمنائية. إنه جندي الرضوخ والتواطؤ. الوهم هو واقعه الوحيد والواقع الحقيقي هو ليس سوى حافز للاستمناء. وكما أنه شاعر هجري؛ ارتداد إلى الخلف، فإنه إدانةٌ لمكانته كشاعر ذي دور في التاريخ. الشاعر العربي يتهاون بالتاريخ بقدر ما التاريخ يهينه ويلفظه. (1975)
***
الثورة آلة قديمة نزيّت دواليبها المسننة، كل مساء، قبل أن ننام
لنستبدل الثورة، هذا المهدي المنتظر، بما تتغذى به حركة التاريخ، أصلا: التمرد. وها إننا نتخلص، بقدر الامكان، من المكبوت ومن عودته التي نضيق بها ذرعا. لقد قالها الجاحظ، عن حق، أن "بتغيّر الزمان يتغيّر الفرض وتتبدل الشريعة"! (1979)
***
اللغة العربية أرض معبدة بروح التجديد بقدر ما هي مغطاة بأعقاب الماضي. ويقينا أن لغة كهذه لابد وأن تشعر في خلاياها بقشعريرة الخوف من الانتفاض؛ من نقد تاريخ استخدامها برمته. ففي كل مرجل من مراجل مكوناتها التعبيرية والنحوية يوجد صمام أمان يمنعها من الانفجار.
الكتابة المحرِّرة والمحرَرة من ثنائية صراعية، تجعل من التمرد الذاتي، في ظروف موت الثورة، لعبا حقيقيا غايته اللاغاية أي الانتعاش بموت الأشياءن الرموز؛ وكل غد يعمل على تنميط الحقيقة. الكتابة ليست إعلانا عن افكار بل هي بيان شعري يمرئ موت هذه الأفكار. (1979)
ما أسوأك أيها العيش! ها أنك تتركنا نتسقّط الحياة، ونحن قابعون في ركن خوفنا منها. (1983)
***
الشعراء الحقيقيون هائمون في خرائب مخطوطاتهم، يشمّرون في غرفة مبهمة، عن ساعد التأمل، فيترملون بغبار البعيد. بهيمتهم لها غطيط يجرس في وضح الكتابة، كأنه خلخال حقيقة. أسفل السلم، هراوات التعتيم تنتظرهم بالمرصاد! (1981)
****
في ذكرى ليو شتراوس: مجتمع سياسته الاضطهاد يفسح، بالضرورة، المجال لظهور تقنية كتابية جديدة تعرف بالـ"كتابة ما بين السطور". أي أن الكاتب الذي يريد إيصال أفكاره المشككة بأفكار السلطة الحاكمة اضطهادا، دون أن يجازف برقبته، عليه أن يقون أن عمرو هو زيد. على أنه، ما بين السطور، يذكّر وعلى نحو دائم، الذين يوجه رسالته إليهم بأن عمرو ليس بزيد. وهكذا يسلل الفكرة المقصودة إلى الداخل. وهو يدرك تمام الادراك أن هناك قراء أذكياء يعرفون كيف يتم لهم اغتصاب هذه المتسللة؛ العارية من كل تواطؤ، ليستولدوها معنى مرادا. عندها ينفتح أفق جديد في مخيلتهم المستعدة لكل طارئ رقابوي يتهدد حياتهم، دون أية وشاية بالكاتب. وها أن ما رمى إليه الكاتب قد أنجز بلا ضجيج إعلامي او مواجهة قد تكون وخيمة العواقب وهذا لايعني ثمة تفضيل كتابة مغلقة على مواجهة مفتوحة. وعندها يبرر سكوت معظم الكتاب على ما يجري وما سيجري في واقع الحياة اليومية، بحجة أنهم كتّاب "ما بين السطور". كلا فالكتابة مواجهة مفتوحة مع الواقع في لحظة تخليها عن ادعائها رصد الواقع. إذ ما يخيف السلطة هو الانفلات وما لا يدخل ضمن تسمية. كما ان الكتابة تذكير بالتمرد في لحظة ممارسة الرقابة عليها، مثلما "الفضيحة تبدأ حين تأتي الشرطة لايقافها" كما يقول كارل كراوس. (1979)
***
حتى لا تموت أميا، اعلمْ:
أن "الملحد أقرب الناس إلى الله" (أدورنو)
أن "القصيدة تبقى جيدة حتى نعرف من كتبها" (كارل كراوس)
أن "المتمرد ليس في حاجة إلى أسلاف" (أندريه بروتون) (1981)
***
كل لغة في هذا العالم لها شعراء – مفاتيح تاريخها الذين خرجوا من محليتها مرتقين ذرى الكونية الحقة فصاروا قوتا شعريا للغات الأخرى. اللغة العربية؟ كان لها في قديم الزمان شعراء – مفاتيح صاروا بفضل الأعاريب اليوم أقفالا تبحث عن مفتاح – قارئ واحد يفكّها من صدأ القرون فيطلقها في هواء المعنى الطلق. كم من معري، من باطن دغلها، يصيح: (افتح يا سمسم أريد أن أخرج!)" (198
***
ذات ظهيرة، تضورت جوعا في جادات باريس الرحبة. لم يكن لدي ولا فرنك واحد. لمحت شاعرا فركضت إليه وسألته إن كان في مقدوره اعارتي بضع فرنكات أشتري بها سندويتشة.. ناوشني نسخة من ديوانه الأول وقال: كل. فأكلت! (1982)
***
أنا حلمي!
تركت العربيةُ، مئبر التاريخ، أثرا لا يمحى في ذهن العرب. لقد غلطت كإنسان.
أنى أذهب، أحمل قلما بيدي، فلا تهاجمني الأفكار.
ليس من مجال للإدانة في مجتمع كل أعضائه مدانون!
الخطأ النحوي غالبا ما يكون زفيرا ترتاح له اللغة!
على الشاعر أن يحترق حتى الفجر. كيف لمهمة بسيطة كهذه أن تثبت وجودها!
الشعر صراط غير مستقيم.
الفكرة طمث الدماغ!
الملحدون، في مجهول الشقاء، تتلاعب بهم رياح الإيمان!
القصيدة، بعد سنوات، بعدة دقائق!
مقدار تفاهة الشعراء العرب يكون على مقدار ما في القارئ الذي يتغنون به من اطلاعات تافهة!
الأوضاع العربية الحقيرة هذه، لو أصابتها ذرة تغيير لوقعت أكبر أزمة بطالة في التاريخ! (1979-1989)
***
مرحبا بك أيها العجز المنتشر على صفحة أعماقنا
حاصرا كل الأسئلة في حدقة شاردة الذهن
هكذا كان
وهكذا سيكون
للصحراء أبوابها الموصدة! (1983)
نقلا عن "إيلاف" الالكترونية  -  د. سيّار الجميل
                    

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

عبد القادر الجنابي - ثوب الماء



منشورات الجمل, كولون  1990  |  سحب وتعديل جمال حتمل | 60 صفحة | PDF | 1.61 MB

http://www.4shared.com/office/FSVukXKlce/___-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/ota3u6fatbec983/عبد_القادر_الجنابي_-_سورة_الماء.pdf

عبدالقادر الجنابي مثقف غريب الاطوار
من بوهيمية الحياة الى عمق المكاشفات..
"وعي زائف خير من زيف واع.. هذا هو المطلوب" (الجنابي)
مدخل الى موضوع خاص
دعوني أخصص مقالتي اليوم عن واحد من الاصدقاء المثقفين العراقيين الذين يمتازون بخصال غريبة لا يصلهم أحد فيها. وسأكتب بعض نتف من دراسة نقدية مطّولة عن ظاهرة غريبة ومتقدمة وشجاعة في حياة المثقفين العراقيين المتمردين على واقعهم وحتى واقع غيرهم في القرن العشرين، وهم كثر عاشوا عراقيتهم المضنية في اعماق روح العراق، وهم يعانون من سطوة الفاشية وشقاء تخلف المجتمع. لقد تمردوا على واقعهم بكل تناقضاته، وشكلّوا لهم ميراثا عجيبا من المكونات والابداعات المجنونة.. دعوني اتكّلم اليوم عن ظاهرة بوهيمية في الثقافة العراقية الحديثة ممثّلة ومجسدة بمثقف عراقي معروف بادبياته اللامتناهية وشجاعته وجرأته: انه الصديق الاستاذ عبد القادر الجنابي. ولابد لي من القول بأن عملي على تاريخ النخب العراقية المثقفة في القرن العشرين الذي سيصدر موّسعا في كتاب "انتلجينسيا العراق: النخب المثقفة في القرن العشرين" قد جعلني استفهم عن اسرار ولادة المبدعين العراقيين المتميزين بهذا الكم والنوع الذي فاق الاخرين.
ولا اريد ان اكتب عن الصديق الجنابي كما هو اليوم، بل اريد ان اكتب عنه كما كان، وعما اوحته لي كتاباته المبدعة الجريئة كواحد من المثقفين العراقيين الذين نالهم الحيف والغبن الشديدين ازاء اخرين لم يمتلكوا عشر معشار ما لدى ثلة من الحقيقيين والجنابي في مقدمتهم خصوصا انه لم يكن مثقف سلطة او مثقف تابع لنظام حكم او نظام مجتمع. انه مثقف حقيقي قد تشّبع وتمّكن من ثقافتين عالميتين انكلوسكسونية وفرانكوفونية بشكل جعله يتلاعب كيفما يشاء في فضائهما طويلا، من دون ان يغفل ثقافته العربية التي له فيها اسلوبه المختزل الجميل. قال عنه صديقه الشاعر اللبناني انسي الحاج واصفا: " شراسة عبد القادر الجنابي هي نصل عطش الصدق، وشعره ليل البدر مغسولا بالعواصف، مخصبا قارئه بقهر اليأس ولعب الخيال وحدس الوحدة، ملهما بدهشة طفل دائم الاكتشاف والتمرد والحرية.. معه، نحن تحت غيم العاصفة الاصفر. وما وراء حروفه هو اما امامها: برق العصيان. برق ضاحك حتى دموع الحرية ".

الجنابي: من يكون؟
 شاعر وفنان وناقد مثقف عراقي، ولد ببغداد في الاول من تموز/ يوليو 1944. لم يستفد من " المدرسة " شيئا اذ كانت شقاوته وعبقريته اكبر منها فصار يدخل عالم الشعر مترجما عن الانكليزية من الشعر الزنجي.. اختنق في العراق على مدى سنتين من حكم البعثيين، فهرب الى لندن في العام 1970، واندمج بالحركة التروتسكية معبّرا مخلصا عن " الثورة العربية " لسان حال الاممية الرابعة، ثم اكتشف أنه لم يبق من ديناميكية في هذه الأممية سوى نقاوة تروتسكي الثورية، فتمّرد عليها وانخرط في عالم السوريالية كي يتحرر كليا من اي تبعية وخصوصا بعد هجرته لندن نحو باريس التي استقر فيها بعد ان قّضى في لندن سنتين وستة اشهر. نشر " الرغبة الاباحية " في العام 1973 بعد وصوله باريس، وأجده هنا قد تأثّر وتشّبع بما يسمى بـ الثقافة الضدّ Counter Culture التي راجت في الستينيات وأوائل السبعينات من القرن العشرين. نعم، لقد خرج من التروتسكية الى حركة المجالسية المضادة لكل لينينية وحزبوية، ومن هنا كان اسم اول مجلة اطلقها في العام 1973 هو "الرغبة الإباحية". والإباحية ترجمة وجدها الجنابي مناسبة بالرغم من الالتباس الشائع عنها للكلمة الفرنسية التي تطلق على تيار الماركسية الفوضوية Libertaire.
تمّكن الجنابي من الثقافتين الانكليزية والفرنسية، واصدر عدة كراريس شعرية ومجلات بالانكليزية والفرنسية والعربية منها: "في هواء اللغة الطلق" (197، "ثمة موتى يجب قتلهم" (1982)، "مصرع الوضوح" (1984). واصدر في العام 1982 مجلة "النقطة" التي استمرت عامين وظهر منها اربعة أعداد فقط، ثم اعقبها بمجلة "فراديس" التي اشتهرت كثيرا لدى المثقفين العرب المتحررين من كل القيود والتي كانت أول من فتحت ملف جيل الستينات العراقي، ومن هنا اصدر في العام 1992 أضخم انطولوجيا موثقة لشعرية هذا الجيل ومعاركه الضارية، تحت عنوان "انفرادات الشعر العراقي الجديد" (528 صفحة، منشورات الجمل). بعد ذاك اصدر الجنابي كتابا بعنوان: "مرح الغربة الشرقية" في العام 1988، وترجمتين لشعر جويس منصور وباول تسيلان و ثم اصدر "رسالة مفتوحة إلى أدونيس: في الصوقية والسوريالية ومدارس أدبية أخرى.. (دار الجديد 1994)، وكتابيه "حياة ما بعد الياء" (فراديس 1995)، و"تربية عبد القادر الجنابي" (دار الجديد 1995)، وأخيرا، اصدر كتابه "الافعى بلا رأس ولا ذيل: انطولوجيا قصيدة النثر الفرنسية" عن دار النهار في العام 2001. ناهيك عن عدة انطولوجيات للشعر العربي بالفرنسية. ولقد وّضحت اعمال الجنابي الابداعية والنقدية قدرته العالية في التفوق الذي نجح في التوّصل اليه من خلال غنى تجربته الثقافية وعمق وعيه بالحداثة الغربية.

من هو الرجل؟
 لم اكن اعرفه معرفة شخصية، ولكنني كنت اتابع انشطته وابداعاته التي عادة ما يجسدها باشعار تعد ومضات في قلب دنيا مظلمة.. مذ كنت اعيش في كل من بريطانيا والمانيا الغربية قبل عشرين عاما. كنت اقرأ للجنابي فراديسه واشعاره واستمتع بمجادلاته الاباحية ونقداته الشرسة لبعض من عدّوا انفسهم سدنة مهترئين للثقافة العربية المعاصرة.. ثم حكمت الصدف وما احلى الصدف، ان تتوثق عرى صداقتنا كأثنين من المثقفين العراقيين الذين يشتركون في نهر عجائبي من الهموم.. وكان أن أهدى لي منذ زمن ليس بالقصير بعض أعماله الادبية والنقدية والابداعية، وقسم منها نادر جدا، خصوصا وأنني أعمل على توثيق مضامين كتابي "انتلجينسيا العراق: النخب المثقفة في القرن العشرين"، فصرت أمام عالم مترع بالجمال، عالم من مخلوقات عبد القادر الغريبة.. كنت انتزع من زمني قليلا لأهرع اليه وابتهج قليلا وافكر طويلا بما يريد ان يقوله، وكأنه يرتّل الكلمات ترتيلا، ثم اعود لأجده وكأنه يصوغ فلسفة صعبة تتخاصم فيها الاشياء ! انها مخلوقات جميلة لم اكن قد اطلّعت على بعضها، فضلا عن انشطة غرائبية أخرى كان قد كرّسها في اصداره مجلتين جريئتين بباريس قبل قرابة عشرين سنة ! وصف لي اعترافاته: " شئ من حياة مستمرة بشكل آخر ". ووصفني في مكان آخر كوني: " فاتح آفاق الذاكرة العراقية " ولا اعتقد اني كذلك!
لقد شدّتني شجاعة هذا المثقف العراقي الذي عاش بوهيميا في متاهة ثلاث عواصم كبرى في هذه الدنيا: بغداد ولندن وباريس، وخصص من الستين سنة التي يمتلكها ثلثا للعراق وقرابة ثلاث سنوات في لندن وما تبّقى جعله لباريس.. وفي كل واحدة منها، سجّل له تاريخ معّين يعّج بمختلف العجائب والغرائب والبدائل والصور ما بين شقاوة شاب بغدادي ينهل من ثقافة عراقية يجدها اينما يلتفت ولا يعرف الا التمرد على الواقع الكئيب.. وما بين جنونية شاب ماركسي فوضوي مغترب يهوى حياة الهيبيز في اعماق لندن ويقتات على مسروقاته من الكتب، ويبيح لنفسه ان يفعل ما يشاء من اجل لقمة العيش ! وما بين مخلوقات شجاعة لمثقف عربي في باريس يلتزم بما يعتقده هو ولا يلتزم البتة بما يريده الاخرون!

مثقف في زحمة الصراع والتناقضات
 ان ما يثير التفكير في هذا الصديق الجنابي ثقافته الادبية وخزينه اللغوي ومهارته في الترجمة منذ صغره وجرأته مقتحما كل الابواب الموصدة ومغامراته من اجل ان يعيش وتورّطه بألعابه وسط هذه الكوميديا الدنيوية المضحكة. وبرغم ذلك، فهو لم يستسلم للسلطة في العراق ابدا. لقد بقي نقّيا يستفز الاخرين الى حد الابكاء، ثم يحيلهم الى طور الاضحاك بتعليقات قلما يجيد صنعها الاخرون، له سخريته من اناس يجدهم لا يستحقون الاهتمام بحكم سخريته من الواقع ومضامينه الموشاة بالدجل والاوحال والازبال هنا وهناك ! لم يكن يطيق سلطة فاشية زرعت نفسها في العراق لمرتين في عامي 1963 و1968، فهو انسان لا يحتمل أبدا الدق في كل اللحظات على مفاخر هذا ومديح ذاك.. وجد انه قد اكتشف الحياة على حقيقتها في اعماق امرأة، وهتك الاستار منذ طفولته اللعينة، فهو لا يقدر ان تحّركه هذي او يستغله ذاك..
لقد وجد نفسه ليس بيدقا كبقية البيادق التافهة التي استخدمتها السلطة الفاشية في كل مكان.. لقد هرب ليس من واقع سياسي حسب، بل من واقع اجتماعي كان سببا في خلق ذلك الواقع السياسي بكل رموزه الكريهة التي تمّثل الجهالة والبلادة والاهتراء والعفونة. انني اعتقد بأن ما أرعبه حقا ان يرى عددا من اليهود العراقيين وقد تدلوا باجسادهم بعد تعليقهم من اعناقهم من قبل البعثيين على المشانق من دون اكياس تغطي وجوههم في ساحة (التحرير) اكبر ساحات بغداد في العام 1968- 1969، لقد اعدموا لمجرد كونهم من اليهود العراقيين.. وكل عراقي اصيل يرى في اقوام العراق القديمة وبضمنهم يهود العراق القدماء مصادر اثنوغرافية لولادة مشروع حضاري متنوع جديد، فكيف بنا ازاء مشروع قهر بعثي شوفيني وفد العراق ليحكمه منذ اربعين سنة بعدما صدّرته الينا مجموعة العفالقة المتوحشة من قلب احدى مقاهي دمشق!؟
 انني اعتقد بأن من يمتلك روحا عراقية لم تلوثّها الشوفينية، ولم تغدر بها العصبيات المذهبية والطائفية والدينية، او لم يكوها الاضطهاد الاجتماعي اللئيم، فهي نقّية تلتقي مع كل العراقيين اينما كانوا منتشرين في دياسبورا العالم وشتات الآفاق.. فلا غرابة ان يعقد الجنابي صداقات له مع شعراء وأدباء يهود عراقيين يسكنون في اسرائيل، فتقوم الدنيا ولا تقعد ضدّه من دون ان يستحي العرب من جماعاتهم السياسية ونخبهم المثقفة في الطوق حيث يقيمون علاقاتهم السياسية وروابطهم الثقافية وتجاراتهم ومصالحهم مع دولة اسرائيل.. انه كأي عراقي اصيل يرى في العراقيين كلهم وطنا حقيقيا له، فالعراقيون متنوعون على أشد انواع التنوع، وكل عراقي هو العراق نفسه فلا يمكن لواحد منه او عشيرة او طائفة او ملة او مذهب او اقلية او قومية ان تحتكر المواطنة العراقية لنفسها ابدا، ذلك ان ما يجمع العراقيين هو ترابهم القديم جدا، ومياه الفراتين كشريانين ازليين وروح لا يمتلكها الاخرون الذين لا يعرفون انفسهم الا نوعا واحدا!
ان الجنابي واحد من الذين آمنوا بالماركسية وتعلقوا بها وتنقلوا من التروتسكية الى المجالسية المضادة لكل حزبوية وسبقوا في ذلك غيرهم من الماركسيين العرب، كّون ثقافة عبد القادر قد ارتوت في حضن بيئة غارقة بالادب والشعر، كان يبحث له عما يسّد به رمقه في شوارع رئيسية ومقاه مكتظة بالافندية البغداديين.. انه احد مثقفين خوارج عراقيين يعشقون الفن والشعر والقراءة والانجذاب نحو المقاهي (والبارات)، ويهوون المجون والعربدة والغناء والخمر، أذكر منهم: معروف الرصافي ويونس بحري واحمد الصافي النجفي وذنون ايوب وناظم الغزالي وحسين مردان وعبدالأمير الحصيري ومظفر النواب وجان دمو ومؤيد الراوي وعبدالرحمن طهمازي وغانم الدباغ وسركون بولص وامير الدراجي وعبد المحسن عقراوي وجبر علوان وغيرهم كثير ان من بين هؤلاء وغيرهم: سمات من جنون وفنون وعبقرية شيطانية وبوهيمية طبيعية لعشق ارض عراقية عتيقة، هي: سومرية هي اكدّية هي بابلية هي اشورية هي آرامية هي عربية وكردية.. وهلم جرا.
لقد كان مثقفا يبتهج ببوهيميته العراقية وهو شاب في مقتبل العمر يضمنها تفصيلاته الكثيرة التي ربما يدور أغلبها حول التاريخ الشخصي في حياته ويغترف نماذجها من خصوصياته. كان بطلا يتمتع باستقلالية التفكير عن محيطه المنهك، ويقرأ كتبا متمردة المضمون وذات شحن حداثوية تساهم في شحذ التأمل المطلوب لمعرفة الواقع المعاش ناهيك انه عاصر صعود ثقافة الضد في بيئاتها لندن وباريس وخالط بعض تجمعاتها كالحركة السوريالية وأممية مبدعي الأوضاع التي لعبت دورا هائلا في احداث ايار الطلابية عام 1968.. وهذا لا يتأتى لدى اي مثقف عربي يعيش في بيئة عربية أخرى متنافرة على أشد ما يكون التنافر والتنابز عن العراقيين وبيئتهم. ولن يستطيع أي متحرر عربي أن يمتلك التفاوض مع واقعه وعناصر ذلك الواقع مهما كانت قدرته في المناورة غير العادية ! لقد قال لي أحد اصدقائي وهو مفّكر عربي معروف بنزعته القومية قبل ايام وهو يحادثني هاتفيا: لقد تجاوز عمري السبعين يا سّيار، وقد زرت العراق مرارا واقمت فيه احيانا وقرأت تاريخه كما تعرف وعرفت الكثير عن مجتمعه.. لكنني لم اعرف العراق على حقيقته الا هذه الايام عندما انكشفت عن العراق أغطيته السميكة، وانطلق العراقيون يعّبرون عن حقائقهم التي اخفوها ردحا طويلا من السنين، فسألته: هل صدق كلامي الذي خالفتني به عندما قلت بخصوصية العراق وصعوبة فهم الوان العراقيين قبل سنين؟ قال: صدقت!
من صلب التروتسكية الى جذب الليبرالية
 يتمتع الجنابي بشخصية لها جاذبيتها تتقاطع همومها الانسانية ومعاناتها العراقية مع واقع صعب جدا التلاؤم معه، فيفّضل الهروب كبقية أقرانه من المثقفين المتمردين العراقيين سواء كانوا من الليبراليين ام كانوا من الماركسيين.. لم يكن ساذجا في الكشف عن مستوراته التي يحرص عليها الاخرون بكل بلادة.. انه يهرب الى واقع جديد ربما تكون قسوته أرخى عليه لأنه سيتنسم هواء الحرية ويتذوق طعم الانطلاق بتحريض من عشقه لهما. ولكن هل تنتهي معاناته؟ الجواب: لا، لأن المعاناة الجديدة لا تعني شيئا لشعوره بالضياع وهو ما يحملها على العودة دوما الى مكوناته الاولى التي يريد بترها بترا.. انه متمرد وضائع وتحّول من صعلكة بغدادية شقّية ليجد نفسه في آن بوهيميا وتروتسكيا في شوارع لندن يلاحقه طيف نادجا (بطلة أندريه برتون).. انه متشرد في مجتمع غريب حيث لا يعرفه أحد في لندن التي لم يكتف بشوارعها الخلفية التي تنطلق حياتها في الليل من علب الليل، وانما لا يجد فيها صمتا يقطعه بكاء او عويل او صوت سكير في بغداد وازقتها المظلمة العتيقة!
المتمرد.. المتشظي والمتحّور
كان الجنابي نموذجا حقيقيا للمثقف العراقي المتمرد والثوري على كل مكوناته الاولى التي اعتبرها غثّة وبليدة، لكنه يحتفظ في اعماقه بذكرى عائلته.. بذكرى أمه وابيه واخيه.. ولعل الجنابي كان ابرز مثقف عراقي يفصح باعترافات مكشوفة عن خصوصياته وعلاقاته الجنسية التي يعتبرها: مضامين اخلاقية لانسان عراقي متحضر يعيش ويفّكر كما هو حال المثقفين التقدميين في العالم بعيدا عن الزخرفة والبهرجة والطلاءات التي تخفي تحتها مناظر بشعة.. انه لا يريد ان يتوقف عند زمن معين، بل يمتد نحو أعماق الازمنة العراقية الاولى، وكأنه وصل الى حافات التاريخ الاولى عندما خلق الانسان اول تكوين حضاري له عند شواطىء ميزوبوتيميا الجميلة، اي: ضفاف وادي الرافدين المكسو باخضرار الطبيعة، وجماليات الليل والنهار.
انه يصطحب معه عاطفة قوية لا ينطفئ أوارها، فالعراقيون اينما ذهبوا وحيثما حّلوا يصطدمون بجفاف عاطفي شنيع - كما يصفونه - لدى الاخرين ! جفاف لم يعرفونه هم قط، لأنهم الشعب الوحيد في هذا الكون وهو يمتلك من العاطفة بحورا.. يغني فيبكي، يعشق فيبكي، يثور فيبكي، يقرأ القرآن فيبكي.. يجتمع في الشوارع ليبكي بكاء الصعب.. انه يغسل بدموعه كل ما يعلق بأعماقه من أدران.. انه يدّق على رأسه بحركاته او يثور مجنونا ولكنه سرعان ما يبرد ويندم على ما فعله.. وكلها تأتي عفوية في غالب الاحيان.. ويحدّد من خلال عواطفه الثائرة كل مظاهر الحياة المختلفة في مكان مركزي يقع في قلب هذا العالم.. انه بقدر ما يفخر كونه ينتمي اليه، فهو يهرب منه لأنه مكان ابتلي بالشقاء والاكدار منذ عصور ودهور!
هذا المثقف المتمرد لا يريد أن يسدل الستار على حياة مليئة بالوحشة والالم.. انه مقتنع تمام القناعة بأن كلماته تموت وتفنى عندما يجعلها تحيا جافة من أجل لا شئ في هذا الوجود. انه نموذج لعراقي حقيقي مقتنع حتى الثمالة بأن الالتزام بهذا الواقع وتحديثه أجدى نفعا من اي التزام لاصلاحه او ترقيعه.. انه لا يعترف بأن المفاخرة بالشرف الرفيع مثلا لا تمر الا من خلال الاعضاء الجنسية التناسلية، فهذه مجرد آليات جميلة لاستمرار الحياة بكل ما فيها من مباهج ترضي العواطف والشهوات، لا ان يجعلها الانسان محور شرفه وما يتفجر عنها من موبقات ولعنات تلحق بها المصائب والثارات وتجري من خلالها الدماء!
انه يرى بأن التزامه عراقيا وبكل ما ورثه على ارضه أجدى نفعا له ولأمثاله من مجرد أداء طقوس ليس لها اية معاني. انه يرى الخطيئة في ان يترك هذا الشعب الذي يقطن وادي الرافدين كل أرثه وملاحمه واساطيره وقوانينه واشعاره ومخلوقاته الرائعة التي امتدت عنها كل الاديان والفلسفات والادبيات والافكار والمشروعات في العالم شرقا وغربا.. ليردد بضعة نصوص لا يفقه معانيها ولا علاقة لها بأي واقع.. انه يسلّط الضوء بابداعه وكلماته واشعاره على وطنه الذبيح وكأنه يرى فيه أمرأة تتمتع بقوى خارقة تعينها على قراءة المستقبل، ولكنها أمرأة مقّيدة من مئات السنين بقيود ثقيلة من حديد تشقى بها ! انه يرى ان من الاهمية بمكان كشف ملابسات وقائع واحداث مهمة تورط فيها العراقيون منذ القدم، وما زالوا يتعّلقون بأهدابها، فتضيع عليهم فرص الحياة والجمال.
كلمة في شعره
 ونتساءل: هل ثمة متغيرات في ذهنية مثل هذا المثقف الجرئ المبدع ابان صعلكته او عند استقراره؟ وقبل أن أجده وقد هجع قليلا عما كان يفعله كما يخبرنا هو نفسه باعترافاته عن تاريخه المتقّلب وخصوصا في (تربيته) التي ضمنها كتابه المثير وهو اشبه باعترافات مكشوفة عن ادق الخصوصيات.. انني اراه مجتهدا وبالغ الحس في كل قصيدة من قصائده التي يوهم الاخرين بما فيها.. وسواء كتب الجنابي قصائده ام ترجمها، فانه يرسم اجزاء من صورة غير متكاملة وعن واقع ملئ بالتناقضات المريبة، وهو من ادق الناس باستخدام اللغة لغته مرهفة كأنها مجرد ومضات سريعة في ليل بهيم، وقلما نجد من يمهر في ذلك عربيا. انه شاعر فنان ويحس بالاشياء ووقع الاصوات والاجراس ونداءات الطبيعة الخفية. انه يعقد مع الطبيعة اكثر من صفقة ليرتوي منها طويلا.
انه ليس كالآخرين، لأنه لا يعرف الزيف أبدا.. ما يؤمن به يصّرح عنه، وما يكمن في قلبه يطلقه بقوة على لسانه ويعرضه مكشوفا على الناس بلا رتوش ابدا، وكأنني امام تشيكوف في صراحته وجان جينييه في مكاشفاته.. لذا، فانني لا أفكر في لغته ولا في خداع كلماته كالذي افعله وأنا اقرأ الاخرين.. انه ليس مثل صاحبنا نزار قباني يصّور للاخرين نفسه بلغة خادعة كلها مفاتن نفسه التي يجعل منها ينبوعا للاخرين وشجرة كروم تتلبس بالعناقيد.. والحقيقة غير ذلك، فقد كان نزار بخيلا جدا ولا يمكن تخّيل بخله ! ان الجنابي لا يعرف المراوغة ولا دواعي الكذب. وعلى الرغم من قلّة النقاد الذين تعمّقوا في مكنون بحره، الا انهم لم يكتشفوا من يكون!
خصوماته ومشكلاته
 ان خصوماته مع بعض الشعراء العرب تقع في هذا الباب، اذ ليس بمقدورهم تحمّل طروحاته القوية، وهو يكشف عن خفايا تزويراتهم وخداعهم ليس الاخرين، بل خداع حتى انفسهم. وفي هذا الصدد، يبدو الاكثر اثارة الى حد الان ضد كل من ادونيس ومحمود درويش وغيرهما. وليس غريبا أن ينشر الجنابي في العدد الثاني من "الرغبة الإباحية" (1974) ترجمة لمقالة الشاعر السوريالي بنجاما بيريه "مثلبة الشعراء" التي جاء فيها: "الشعر، بالنسبة إليهم، لا يعدو أن يكون ترف الغني ارستقراطيا أو صيرفيا، وإذا أراد أن يكون (مفيدا) للجماهير، عليه أن يخضع إلى قدر الفنون (المطبقة) فنون (الزخرفة) الفنون (المنزلية)..إلخ. بيد أنهم يشعرون بالغريزة، إن الشعر هو نقطة ارتكاز التي كان ينشدها أرخميدس، ويخشون أن العالم إذا رفع سوف يسقط على رؤوسهم. وهذا يفسر طموحهم إلى تحقيره، إلى تجريده من كل فاعلية، من كل قيمة عظيمة، لإعطائه دورا مؤاسيا، نفاقا هو دور الراهبة. على أنه لاينبغي للشاعر أن يغذي عند الآخرين رجاء وهميا؛ إنسانيا كان أو سماويا، ولا أن يعجز الأذهان بحقنها بثقة غير محدودة في أب أو قائد يصبح كلُ نقد يوجه إليه تدنيسا، بل بالعكس، عليه أن يتكلم الكلام المدنّس دوما والسباب المستمر".
كما ان الجنابي يكره الشعراء الدجالين والمشعوذين والمطبلين والمزمرين الذين يقتاتون على المكرمات.. اذ انه آخر من يتاجر بكلماته ومواقفه. قال لي يوما: ان ناشري كتبه ودواوينه يأكلونه اكلا ! قد يفرض بفرض المنطق، ولكنه لا يقتنع بزيف المواقف.. وهذا ما اسماه بخطاب الغياب عن الواقع في معرض انتقاده الشرس تلك العلاقة المتوترة بين شعراء العربية بتصويرهم الواقع تصويرا مزيفا وبليدا يضحكون فيه على الناس. انه يبدو من مظهرهم الخارجي وافتتانهم بالحد الادنى من الشهرة والمواصفات العقيمة.. وبخاصة في استخدامهم اللغة استخداما غير طبيعي، اذ يبحثون على الاشكال الجميلة فيها من دون ان ينتجوا معنى له روعته ! وتراهم جميعا وقلوبهم شتى، فهذا يكّرس طائفته من وراء ستار، وذاك يكّرس قضيته ولا يضيره ان احترق العالم، والاخرون يكرسون شوفينية قذرة من وراء حجب، وبعضهم ينحرون العالم من اجل " نص " لا يفكرون فيه، وبعضهم تجده يتعبد في جحور قبيلته بما فيها من رؤوس وبطون وافخاذ واطراف.. الخ من نماذج تحركها الامراض وبقايا التاريخ وترسباته الماضوية العتيقة!
واخيرا: نماذج من شعره وتفكيره !
انني ارى الجنابي شاعرا وناقدا على حد سواء.. لما ابداه من كبر اهتمام بالمنطلقات الفكرية لمن يكتب قبل ان يحّضر كالاخرين ادواته ومحابره وفرشاته واقلامه.. ويستحضر عاطفة مستعارة ولغة شكلية تثير الشهوة وخيالا مريضا يزدحم بالطوباويات والاطنابات المميتة. انه سريع البديهة. ربما لا يتدفق بعطائه كثيرا، فهو ينحت كلامه نحتا ولا يطلقه على عنانه ليكون اسهابا واطنابا عاديا كما عودّنا غيره من الشعراء والنقاد العرب. انه مثقف تجاوز العربية وعبر منذ زمن بعيد الى ضفاف ثقافات اخرى، وبدأ يمضي في اعماقها. اتمنى عليه في المستقبل ان يتبنى مشروعا نقديا او ابداعيا كي يتدارس فيه الشعر العربي ابان القرن العشرين ليتشكّل موقفه عن كل مجايليه العرب ويقدمه باكثر من لغة عالمية.. وأحب أن أختم كلمتي هذه ببعض المقتطفات من كراريسه وكتبه:
***
لأن الشاعر العربي أسير تعثرات تاريخ العرب، فإنه بقي "عقلنة" هامشية في حال نشوب أزمة المجتمع. ففيما يتعلق بالثورة الاجتماعية، كان المجتمع يلجأ إلى الأسطورة عندما تشتد حدّة التناقضات الطبقية، في حين أن الشاعر العربي يلجأ إلى الرمز لاعبا دور عدو الجدل.
الشاعر العربي حالة استمنائية. إنه جندي الرضوخ والتواطؤ. الوهم هو واقعه الوحيد والواقع الحقيقي هو ليس سوى حافز للاستمناء. وكما أنه شاعر هجري؛ ارتداد إلى الخلف، فإنه إدانةٌ لمكانته كشاعر ذي دور في التاريخ. الشاعر العربي يتهاون بالتاريخ بقدر ما التاريخ يهينه ويلفظه. (1975)
***
الثورة آلة قديمة نزيّت دواليبها المسننة، كل مساء، قبل أن ننام
لنستبدل الثورة، هذا المهدي المنتظر، بما تتغذى به حركة التاريخ، أصلا: التمرد. وها إننا نتخلص، بقدر الامكان، من المكبوت ومن عودته التي نضيق بها ذرعا. لقد قالها الجاحظ، عن حق، أن "بتغيّر الزمان يتغيّر الفرض وتتبدل الشريعة"! (1979)
***
اللغة العربية أرض معبدة بروح التجديد بقدر ما هي مغطاة بأعقاب الماضي. ويقينا أن لغة كهذه لابد وأن تشعر في خلاياها بقشعريرة الخوف من الانتفاض؛ من نقد تاريخ استخدامها برمته. ففي كل مرجل من مراجل مكوناتها التعبيرية والنحوية يوجد صمام أمان يمنعها من الانفجار.
الكتابة المحرِّرة والمحرَرة من ثنائية صراعية، تجعل من التمرد الذاتي، في ظروف موت الثورة، لعبا حقيقيا غايته اللاغاية أي الانتعاش بموت الأشياءن الرموز؛ وكل غد يعمل على تنميط الحقيقة. الكتابة ليست إعلانا عن افكار بل هي بيان شعري يمرئ موت هذه الأفكار. (1979)
ما أسوأك أيها العيش! ها أنك تتركنا نتسقّط الحياة، ونحن قابعون في ركن خوفنا منها. (1983)
***
الشعراء الحقيقيون هائمون في خرائب مخطوطاتهم، يشمّرون في غرفة مبهمة، عن ساعد التأمل، فيترملون بغبار البعيد. بهيمتهم لها غطيط يجرس في وضح الكتابة، كأنه خلخال حقيقة. أسفل السلم، هراوات التعتيم تنتظرهم بالمرصاد! (1981)
****
في ذكرى ليو شتراوس: مجتمع سياسته الاضطهاد يفسح، بالضرورة، المجال لظهور تقنية كتابية جديدة تعرف بالـ"كتابة ما بين السطور". أي أن الكاتب الذي يريد إيصال أفكاره المشككة بأفكار السلطة الحاكمة اضطهادا، دون أن يجازف برقبته، عليه أن يقون أن عمرو هو زيد. على أنه، ما بين السطور، يذكّر وعلى نحو دائم، الذين يوجه رسالته إليهم بأن عمرو ليس بزيد. وهكذا يسلل الفكرة المقصودة إلى الداخل. وهو يدرك تمام الادراك أن هناك قراء أذكياء يعرفون كيف يتم لهم اغتصاب هذه المتسللة؛ العارية من كل تواطؤ، ليستولدوها معنى مرادا. عندها ينفتح أفق جديد في مخيلتهم المستعدة لكل طارئ رقابوي يتهدد حياتهم، دون أية وشاية بالكاتب. وها أن ما رمى إليه الكاتب قد أنجز بلا ضجيج إعلامي او مواجهة قد تكون وخيمة العواقب وهذا لايعني ثمة تفضيل كتابة مغلقة على مواجهة مفتوحة. وعندها يبرر سكوت معظم الكتاب على ما يجري وما سيجري في واقع الحياة اليومية، بحجة أنهم كتّاب "ما بين السطور". كلا فالكتابة مواجهة مفتوحة مع الواقع في لحظة تخليها عن ادعائها رصد الواقع. إذ ما يخيف السلطة هو الانفلات وما لا يدخل ضمن تسمية. كما ان الكتابة تذكير بالتمرد في لحظة ممارسة الرقابة عليها، مثلما "الفضيحة تبدأ حين تأتي الشرطة لايقافها" كما يقول كارل كراوس. (1979)
***
حتى لا تموت أميا، اعلمْ:
أن "الملحد أقرب الناس إلى الله" (أدورنو)
أن "القصيدة تبقى جيدة حتى نعرف من كتبها" (كارل كراوس)
أن "المتمرد ليس في حاجة إلى أسلاف" (أندريه بروتون) (1981)
***
كل لغة في هذا العالم لها شعراء – مفاتيح تاريخها الذين خرجوا من محليتها مرتقين ذرى الكونية الحقة فصاروا قوتا شعريا للغات الأخرى. اللغة العربية؟ كان لها في قديم الزمان شعراء – مفاتيح صاروا بفضل الأعاريب اليوم أقفالا تبحث عن مفتاح – قارئ واحد يفكّها من صدأ القرون فيطلقها في هواء المعنى الطلق. كم من معري، من باطن دغلها، يصيح: (افتح يا سمسم أريد أن أخرج!)" (198
***
ذات ظهيرة، تضورت جوعا في جادات باريس الرحبة. لم يكن لدي ولا فرنك واحد. لمحت شاعرا فركضت إليه وسألته إن كان في مقدوره اعارتي بضع فرنكات أشتري بها سندويتشة.. ناوشني نسخة من ديوانه الأول وقال: كل. فأكلت! (1982)
***
أنا حلمي!
تركت العربيةُ، مئبر التاريخ، أثرا لا يمحى في ذهن العرب. لقد غلطت كإنسان.
أنى أذهب، أحمل قلما بيدي، فلا تهاجمني الأفكار.
ليس من مجال للإدانة في مجتمع كل أعضائه مدانون!
الخطأ النحوي غالبا ما يكون زفيرا ترتاح له اللغة!
على الشاعر أن يحترق حتى الفجر. كيف لمهمة بسيطة كهذه أن تثبت وجودها!
الشعر صراط غير مستقيم.
الفكرة طمث الدماغ!
الملحدون، في مجهول الشقاء، تتلاعب بهم رياح الإيمان!
القصيدة، بعد سنوات، بعدة دقائق!
مقدار تفاهة الشعراء العرب يكون على مقدار ما في القارئ الذي يتغنون به من اطلاعات تافهة!
الأوضاع العربية الحقيرة هذه، لو أصابتها ذرة تغيير لوقعت أكبر أزمة بطالة في التاريخ! (1979-1989)
***
مرحبا بك أيها العجز المنتشر على صفحة أعماقنا
حاصرا كل الأسئلة في حدقة شاردة الذهن
هكذا كان
وهكذا سيكون
للصحراء أبوابها الموصدة! (1983)
نقلا عن "إيلاف" الالكترونية  -  د. سيّار الجميل
                    

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com


إيتيل عدنان - يوم في نيويورك



 دار التوباد, تونس  2006 | سحب وتعديل جمال حتمل |  35 صفحة | PDF | 824kb

http://www.mediafire.com/view/mrl0wf3r70zp619/إيتيل_عدنان_-_يوم_في_نيويورك.pdf
or
http://www.4shared.com/office/IAt-0QqMce/__-___.html

شاعرة وروائية ورسّامة
 ولدت في بيروت عام 1927، درستْ الفلسفة
 في الجامعات الأمريكية،
 وأصدرت عدة كتب روائية وشعرية باللغتين الفرنسية،
 والإنجليزية، تُرجمت إلى العديد من اللغات.
كما أقامت معارض عديدة ، تقيم في سوساليتو
 في كاليفورنيا و تتنقل ما بينها وبين بيروت وباريس.
عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com


أحمد أبو خنيجر - خور الجمال



دار الهلال, القاهرة 2008 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 161 صفحة | PDF | 3.29 MB

http://www.mediafire.com/view/ea6gq8veiegu2g4/أحمد_أبو_خنيجر_-_خور_الجمال.pdf
or
http://www.4shared.com/office/3XZiOttZce/___-__.html

أحمد أبو خنيجر كاتب مصري يكتب القصة والرواية، والدراسات فى الأدب الشعبي، حصل على العديد من الجوائز، أهمها جائزة الدولة التشجيعية عن روايته نجع السلعوة. في العام 2003، وجائزة ساويرس للرواية للكتاب الشباب عام 2006 عن روايته العمة أخت الرجال.
صدرت له أربع مجموعات قصصية «حديث خاص، وغواية الشر الجميل، وجر الرباب، ومساحة للموت». وأربع روايات «نجع السلعوة، وفتنة الصحراء، والعمة أخت الرجال، وخور الجمالس.

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com
 

Friday, April 18, 2014

هدى بركات - سيدي وحبيبي




 دار النهار, بيروت  2004 | سحب وتعديل جمال حتمل |  181 صفحة | PDF | 2.83 MB

http://www.mediafire.com/view/dbnikca3w7532ch/هدى_بركات_-_سيدي_وحبيبي.pdf
or
http://www.4shared.com/office/sgcQcc-zce/__-__.html

تقع رواية هدى بركات الأخيرة سيدي وحبيبي في خانة ما يمكن تسميته برواية الحرب اللبنانية التي شكلت خلفية اجتماعية ونفسية وإنسانية للكثير من الروايات الصادرة في لبنان في العقود الثلاثة المنصرمة. فأي متتبع حقيقي لمسيرة الرواية اللبنانية لا بد وأن يلحظ الأثر البالغ للحرب في دفع هذه الرواية أشواطاً إلى الأمام وفي إخراجها من سباتها النسبي السابق ورفدها بشحنات كبيرة من الموضوعات والأفكار ومساحات التوتر وتقنيات السرد. وهو ما يتجلى واضحاً في الأعمال الروائية المميزة لالياس خوري وحنان الشيخ وحسن داود وربيع جابر ورشيد الضعيف وهدى بركات وعلوية صبح ونجوى بركات وجبور الدويهي وإيمان حميدان يونس وغيرهم من أوقفوا الرواية اللبنانية على قدميها ودفعوها الى صدارة المشهد الروائي العربي.
تقدم هدى بركات في رواية سيدي وحبيبي، الصادرة عن دار النهار، رؤية للحرب مختلفة عن تلك التي شهدناها في روايتها السابقة <<حارث المياه>> والتي حولتها الرومانسية المثخنة بالحنين الى قصيدة في حب بيروت وإلى مناسبة نادرة لإقامة يوتوبيا أرضية متخيلة وسط ركام المباني ودخان الحرائق ونثار الأحلام. وإذا كان بطل الرواية السابقة قد حاول النجاة من التهلكة عن طريق التحول الى روبنسون كروزو جديد والتحصن داخل جزيرة متخيلة تمنعه من الانزلاق الى وهدة اليأس فإن بطل الرواية الجديدة يعجز عن تحقيق ذلك ويفشل في العثور على معجزة ما تنقذه من الطوفان وترمي له حبل النجاة أو خشبة الخلاص. كأن السلم الهزيل والمخاتل الذي تمخضت عنه حروب اللبنانيين كان أكثر قسوة وإيلاما من الحروب نفسها ليس فقط لأنه لم يتمخض عن أي مشروع جديد وتغييري بل لأنه كان الوجه الآخر للحرب والتربة الملائمة لخروج شياطين الداخل من عقالها ولوصول التصدع الى نهاياته.
لا بد من الإشارة قبل الدخول في مفاصل الرواية وأحداثها الى أن سيدي وحبيبي مكتوبة بلسان المذكر لا المؤنث حيث يروي البطل وديع فصولاً متعددة من سيرة حياته التي تبدأ بالطفولة والمراهقة وتنتهي في فترة الشباب المترافقة مع وصول الحرب اللبنانية الى منعطفاتها الأكثر وحشية وضراوة وتحللا من القيم، فيما تتكفل سامية، زوجة وديع المختفي في نهاية الرواية، بتقديم إضافاتها على الأحداث. وإذا كان لذلك الأمر من دلالة فهي قدرة الإبداع على تجاوز ثنائية الذكورة والأنوثة الصافيين باتجاه المناطق الإنسانية المشتركة التي تمكن الرجل من النطق بلسان المرأة والمرأة من التماهي مع الرجل في حالة الخلق، وهو ما تؤكد عليه شواهد مختلفة في مجالي الرواية والشعر وغيرهما من المجالات. أما الدلالة الثانية التي يمكن استنباطها من الكتابة بلسان المذكر فهي تتعلق بالمسافة التي تفصل بين المؤلف والراوي في نظام السرد حيث أن الأول فيما يتقمص الثاني يختفي تماما ليترك له فرصة الحياة والنماء بمعزل عنه. وبمجرد أن يمسك الراوي بضمير المتكلم يصبح هو وحده المعني بشؤون حياته والممسك بزمامها ويصبح تغييب المؤلف ومحوه شرطا أساسيا لاستقامة العمل الروائي. لكن اختيار هذه التقنية من جهة ثانية يمنع الراوي من أن يتحول الى مشاهد <<كلي القدرة>> على حد فارغاس يوسا لأنه يصبح محكوما بالزاوية الواحدة التي يرى الحياة من خلالها والتي تحجب عنه الكثير من الحقائق. لهذا كان لا بد لسامية، الراوي الرديف، من التدخل لكشف بعض الحقائق الخافية على وديع ولوضع لمسة الختام على الرواية بعد اختفاء هذا الأخير.
زمنان
تدمج هدى بركات في روايتها بين الزمن التسلسلي للحدث وبين الزمن الاستعادي على طريقة الفلاش باك، وصولا في النهاية الى زمن ثالث يتولاه الراوي الآخر في غيبة الأول. فالرواية تبدأ بحديث بطل الرواية الغامض عن افتتانه برجل آخر تحول بالنسبة إليه إلى حبيب وسند وملاذ، مع ترك الهامش مفتوحاً أمام الإيحاءات الجنسية المترتبة على اعتراف كهذا أو أمام إيحاءات شبه صوفية تضع ذلك العشق في خانة المجاز والرمز: <<أحببته حباً لا يوصف. ليس بسبب أني لا أحسن الوصف أو بسبب عدم قدرتي على الكلام والاستفاضة فيه حين يتعلق الأمر بي، بداخلي ومشاعري، بل لأن ذلك الحب يبقى غامضاً، لم أسمع أحدا يتحدث بمثله>>. سيكون على القارئ بالطبع أن ينتظر صفحات طويلة لكي يكتشف أن ذلك الرجل المقصود بالحب ليس سوى المدير الجديد للشركة التي يعمل فيها وديع في قبرص بعد هربه من حرب لبنان الضروس وبعد أن توفي المدير السابق الذي كان يبعث في قلب وديع الهلع والرعب.
يعود الراوي وديع فجأة الى زمن البدايات حيث نتعرف الى الفتى المراهق والخجول الذي كان يجلس في مقدمة الصف كما يفعل التلامذة الأسوياء والمهذبون تاركا المقاعد الخلفية للتلامذة المشاكسين والفوضويين. نتعرف أيضا الى أيوب زميل وديع الفقير والموزع بين تهذيب وديع ومشاكسة التلامذة الآخرين. وإلى والد وديع الذي يعمل طباخا لدى أحد الأثرياء ويحضر لزوجته المريضة وابنه الوحيد فتات الطعام الذي يتركه أسياده على مائدتهم. غير أن أحداثا طارئة تدفع بوديع الى الانتقال من موقع الى موقع والبحث عن دور له خارج المدرسة والبيت ونظام القيم. فحين تقضي الأم نحبها بسبب الفقر وتحكّم الميليشيات التي تجعل من غسيل الكلى علاجا مقتصرا على الأثرياء ودافعي الخوة. وحين يرى وديع بأم عينه الطريقة التي يعامل بها أبوه من قبل أسياده والقائمة على الاستعلاء والرغبة بالإذلال. وحين يتحول بعض تلامذة المدرسة الى عصابة خطيرة تعمد الى ملاحقته والتنكيل به لا يجد البطل المراهق بداً من اعتماد الخيار الذي يرد عنه المهانة ويعيد إليه الإحساس بالكرامة ولو اقتضى الأمر ترك الدراسة والانضمام الى عصابة من الشبان الأشقياء ما يلبث أن يترأسها بفعل طموحه وذكائه ورغبته في الانتقام لنفسه ولعائلته. شبان مراهقون يخلعون أسماءهم الأصلية ليتسموا بأسماء جديدة مثل روديو وهبّك وشاكوش ويلدون أنفسهم من موت الآخرين.
لم ينخرط وديع وعصابته في الأحزاب والميليشيات المتناحرة ولكن ما فعله لم يكن أقل دموية وشراسة حين اعتمد القتل والنهب والاتجار بالسلاح والمخدرات طريقا للوصول الى غايته. وهو في خضم الارتماء في ذلك العالم السوريالي لم يتردد في قتل خال زوجته، الذي حسبه عثرة في طريق طموحه، أو في الإيعاز بقتل رفيقه أيوب بعد أن شك في إخلاصه له. هذا الانقياد الأعمى لشهوتي السلطة والمال وللرغبة في الانتقام من الطفولة المبتورة وعقد النقص يوصل أسلوب الرواية الى ذروته ويحوله الى استبطان عميق وتقص نفسي لأحوال بطل الرواية وتداعياته وهو يهبط الى قيعان الهلوسة: <<أرى رؤوس الأشجار تلتف بقوة على نفسها وتضرب الزجاج كالشياطين. تفلش خياشيمي رائحة كستناء مشوية، تصعد الى نخاعي كسكين ينشب فيه آلاف الشفرات. تعمي عيني الأبخرة المتصاعدة.. وأسمع صوت أبي الذي لا يضحك يقهقه عاليا بصدى طويل كشريري أفلام الرعب>>. لكن وديع ما يلبث أن يسقط فريسة قوانين الحرب نفسها التي صعدت به الى القمة ليكتشف في لحظة الحقيقة أن لا أحد يستطيع النجاة بنفسه من ذلك الأتون المهلك حيث يتحول الكذب والنفاق والخيانة والسرقة والقتل الى ممرات إجبارية للبقاء على قيد الحياة. وإذ يفر وديع ومعه زوجته سامية الى قبرص يترك وراءه الثروة التي جمعها في الحرب دون أن يستطيع إنقاذها ويترك أباه في الوقت نفسه عرضة للقتل من قبل العصابات التي تطلب رأسه.
انقطاع السرد
لا أحد يستطيع الخروج معافى وسليما من حرب طاحنة وضروس كحرب لبنان. ذلك على الأقل ما يمكن استخلاصه من رواية هدى بركات. تدخل الحرب الى رأس وديع على شكل هلوسات مرعبة وحمى لاهبة وخوف من كل شيء بحيث لا يفقد البطل الاتصال مع محيطه الجديد فحسب بل مع زوجته التي يشعر بفقدان الاتصال بها الى حد الإصابة بالعجز وانقطاع الرغبة. ووسط ذلك الخوف الذي يتجسد بشكل جلي عبر هلعه من شخصية مدير الشركة السابق تتحول شخصية المدير الجديد بما تحمله من سلاسة وألفة الى بر الأمان الذي انتظره وديع طويلا لكي يتخلص من رهابه. كأنه، لكي يتطهر من الإثم، يريد أن يبتر كل ذلك الزمن الأسود المصاحب للحرب ويعود الى كنف طفولة غاربة هي على فقرها وآلامها أقل هولاً من جحيم الشباب اللاحق.
حين يختفي وديع عن مسرح الرواية ينقطع في الوقت ذاته عن مهمة السرد الذي تتولاه سامية هذه المرة متكفلة بسد الفجوات غير المفهومة من الخاتمة. فسامية هي التي تخبرنا عن انقطاع حبل النجاة الذي توهمه وديع عبر شخصية المدير الجديد حين يرى بأم عينه مثالب من رأى فيه <<سيده وحبيبه>> وضعفه أمام صاحب الشركة. وسامية أيضا هي التي تخبرنا عن خيانتها لوديع مع المدير الذي منحه زوجها كل ثقته وحبه وعن عملها الليلي في أحد البارات من أجل الإنفاق على بيتها الزوجي المتآكل. وهي إذ تتحدث عن اختفاء وديع تمتنع عن إعطاء سبب ثابت وأكيد لذلك الاختفاء واضعة إياه في مهب احتمالات كثيرة من بينها ذهابه للتسكع في باريس أو تواطؤه السري مع مديره <<الشاذ>> أو التحاقه بأيوب الذي نجا بأعجوبة من الموت. ولعل هذه النهاية المأساوية الملفعة بغموضها المحيّر تحيل قارئ <<سيدي وحبيبي>> الى العديد من الروايات المماثلة التي تنتهي باختفاء البطل كحيلة رمزية ملائمة لاستنفار مخيلة القارئ ودفعه للمشاركة بإتمام الرواية على طريقته كما يحدث في رواية جبرا إبراهيم جبرا البحث عن وليد مسعود، على سبيل المثال لا الحصر.
خمس عشرة سنة كاملة مرت على انتهاء الجانب الدموي المباشر من حرب لبنان. لكن تلك السنوات لم تكن كافية لإيقاف حروب الداخل وشروخها الإنسانية والنفسية العميقة. ذلك أن البدء من جديد ليس بالبساطة التي نظن ما دامت الكوابيس وأوزار الشعور بالإثم تلاحقنا حيث نذهب. واختفاء وديع ليس سوى المعادل الرمزي لعجزنا جميعا عن الخروج من المأزق وانسحابنا الى الخلف كي نتيح لمن يأتي بعدنا فرصة البدء من جديد.
شوقي بزيع

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com


سليمان حريتاني - الجواري والقيان.. نسخة محسنة مع ميزات فريدة




دار الحصاد, دمشق  1997 |  سحب وتعديل جمال حتمل  | 191 صفحة | PDF | 3.16 Mb

http://www.mediafire.com/view/mqc21z199l4tk5a/سليمان_حريتاني_-_الجواري_والقيان.pdf
or
http://www.4shared.com/office/EuXGn4R8ce/__-__.html


الحديث عن الجواري والقيان يجر إلى مسألتين: مسألة العبودية ومسألة المرأة. وإذا كانت مسألة العبودية التي، على امتداد زمن طويل، طحنت برحاها كلا الجنسين الذكر والأنثى، الرجل والمرأة، إذا كانت مسألة العبودية هذه بمعناها التقليدي قد ولّت وصارت من ذكريات التاريخ البشري، فإن مسألة المرأة ما زالت حية تتصارع حولها الأفكار والرؤى والتطبيقات وتشكل جدلاً ساخناً بين المثقفين والسياسيين. ويتطرق الباحث إلى هاتين المسألتين (العبودية والمرأة) لما لهما من علاقة بموضوع هذا الكتاب الذي يبحث في ظاهرة انتشار أندية ومنازل المقينين في المجتمع العربي الإسلامي.
نبذة النيل والفرات

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

 

رسالة الوداع لجابرييل جارسيا ماركيز الى محبيه فى العالم


“رساله الوداع لجابرييل جارسيا ماركيز الى محبيه فى العالم
لا تنتظر أكثر
بقلم غابرييل غارسيا ماركيز

"لو شاء الله أن ينسى أنني دمية، وأن يهبني شيئاً من حياة أخرى، فإنني سوف أستثمرها بكل قواي. ربما لن أقول كل ما أفكر به، لكنني حتماً سأفكر في كل ما سأقوله. سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه. سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور. سوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام.
لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة وأستلقي على الأرض، ليس فقط عاري الجسد وإنما عاري الروح أيضاً. سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق. للطفـل سـوف أعطي الأجنحة، لكنني سأدعه يتعلّم التحليق وحده. وللكهول سأعلّمهم أن الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان. لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر... تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل، غير مدركين أن سرّ السعادة تكمن في تسلقه. تعلّمت أن المولود الجديد حين يشد على إصبع أبيه للمرّة الأولى فذلك يعني أنه أمسك بها إلى الأبد. تعلّمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق إلى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف. تعلمت منكم أشياء كثيرة! لكن، قلة منها ستفيدني، لأنها عندما ستوضب في حقيبتي أكون أودع الحياة. قل دائماً ما تشعر به، وافعل ما تفكّر فيه. لو كنت أعرف أنها المرة الأخيرة التي أراكِ فيها نائمة لكنت ضممتك بشدة بين ذراعيّ ولتضرعت إلى الله أن يجعلني حارساً لروحك. لو كنت أعرف أنها الدقائق الأخيرة التي أراك فيها ، لقلت " أحبك" ولتجاهلت، بخجل، أنك تعرفين ذلك. هناك دوماً يوم الغد، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير، أحب أن أقول كم أحبك، وأنني لن أنساك أبداً. لأن الغد ليس مضموناً لا للشاب ولا للمسن.
ربما تكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبهم . فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي ولا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة، أو أنك كنت مشغولاً كي ترسل لهم أمنية أخيرة. حافظ بقربك على مَنْ تحب، إهمس في أذنهم أنك بحاجة إليهم، أحببهم واعتني بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: أفهمك، سامحني، من فضلك، شكراً، وكل كلمات الحب التي تعرفها. لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلب من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك". * رسالة الكاتب إلى أصدقائه ومحبيه إثر قراره إ”

Wednesday, April 16, 2014

صقر عليشي - قصائد مشرفة على السهل



طبعة المؤلف, دمشق 1989 | سحب وتعديل جمال حتمل | 63 صفحة | PDF | 987kb

http://www.4shared.com/office/VAPVWnuvba/__-____.html
or
http://www.mediafire.com/view/xrax31z6ydr1j0b/صقر_عليشي_-_قصائد_مشرفة_على_السهل.pdf

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com


صقر عليشي - الأسرار



طبعة المؤلف, دمشق 1989 | سحب وتعديل جمال حتمل | 65 صفحة | PDF | 894kb

http://www.mediafire.com/view/8y2iunw1e9jryo0/صقر_عليشي_-_الأسرار.pdf
or
http://www.4shared.com/office/Dm47luh8ce/__-_.html

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com


سلوى بكر - من خير الهناء والشفاء



 دار العين للنشر, القاهرة  2007 |  سحب وتعديل جمال حتمل | 122 صفحة | PDF | 2.121 MB

http://www.mediafire.com/view/047uq3cec0vd7pw/سلوى_بكر_-_من_خير_الهناء_والشفاء.pdf
or
http://www.4shared.com/office/6uffDRPWba/__-____.html

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

كريستوفر مارلو - مأساة دكتور فاوستس



سلسلة المسرح العالمي, الكويت 2013 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 216 صفحة | PDF | 5.96 MB

http://www.mediafire.com/view/quvjvoqv7tbpxov/كريستوفر_مارلو_-_مأساة_دكتور_فاوستس.pdf
or
http://www.4shared.com/office/dqY0SMvKce/__-___.html

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com



Monday, April 14, 2014

أدونيس - ليس الماء وحده جوابا عن العطش.... Repost




الكتاب منشور في غروب أبوعبدو البغل. لتنزيله, ينبغي أن تنضم أولا إلى الغروب:
https://www.facebook.com/groups/127937193979404/

ومن ثم تنزيل الكتاب من هذا الرابط:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=751926244886873&set=gm.614906148615837&type=1&theater



للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

 

Sunday, April 13, 2014

ايرينا سميليا نسكايا - البنى الاقتصادية والاجتماعية في المشرق العربي



دار الفارابي, بيروت  1989 |  سحب وتعديل جمال حتمل | 312 صفحة | PDF | 10.8 Mb

http://www.mediafire.com/view/vcl7l5rb2x1ksjw/ايرينا_سميليا_نسكايا_-_البنى_الاقتصادية_والاجتماعية_في_المشرق_العربي.pdf
or
http://www.4shared.com/office/hTjfuhKUce/___-______.html

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

بول أوستر - ليلة التنبؤ



سلسة ابداعات عالمية, الكويت 2008 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 304 صفحة | PDF | 4.46 MB

http://www.4shared.com/office/9HPC1jNwba/__-__.html
or
http://www.mediafire.com/view/vgfsu18up6ksv9o/بول_أوستر_-_ليلة_التنبؤ.pdf

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

ديفيد جي. مايلو - المهمة الاستوائية



المجلس الأعلى للثقافة, القاهرة  2005 |  سحب وتعديل محسوبكم أبو عبدو | 232 صفحة | PDF | 6.26 Mb

http://www.mediafire.com/view/p7b534ffjabpgip/ديفيد_جي._مايلو_-_المهمة_الاستوائية.pdf
or
http://www.4shared.com/office/9kdoRvwuba/___-__.html

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com


طالب الرفاعي - أبو عجاج طال عمرك



دار الآداب, بيروت  1992 |  تعديل محسوبكم أبو عبدو | 136 صفحة | PDF | 1.97 MB

http://www.mediafire.com/view/1uxdi2yb5eb7au4/طالب_الرفاعي_-_أبو_عجاج_طال_عمرك.pdf
or
http://www.4shared.com/office/V7xx3QyNce/__-____.html

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com



خيري شلبي - الوتد (كاملة



خيري شلبي - الوتد (كاملة
دارالفكر, القاهرة-باريس 1986 | سحب وتعديل جمال حتمل | 108 صفحة | PDF | 1.91 MB

http://www.4shared.com/office/iDxkWALLba/__-_.html
or
http://www.mediafire.com/view/vaj5r7bk4yjycut/خيري_شلبي_-_الوتد.pdf

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

سحبان سواح - صباح الخير أيها الحزن..... نسخة محسنة, مغربلة ومعقمة!



المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, بيروت 1992 |  سحب وتعديل جمال حتمل | 72 صفحة | PDF | 1.72 MB

http://www.4shared.com/office/5QBJ0RR2ce/__-____.html
or
http://www.mediafire.com/view/a0f9b8hbi2enkhd/سحبان_سواح_-_صباح_الخير_أيها_الحزن.pdf

سحبان السواح
سحبان السواح (1946 -) كاتب وروائي ومفكر سوري ، خريج قسم اللغة العربية من جامعة دمشق 1974 وعضواتحاد الكتاب العرب في دمشق منذ عام 1976، وعضو اتحاد الصحفيين العرب في دمشق منذ عام 1980. ينشر مقالاته في عدد من المجلات والصحف في سوريا وخارجها ويكتب المسلسلات. وهو أخو المفكر والباحث فراس السواح.
أعماله
ساهم في تأسيس مجلة الحياة المسرحية مع سعد الله ونوس ، وأسس مجلة كتب عربية ومجلة ألف التي يرأس تحريرها. ينادي دوما بالحرية ونبذ التعصب ، كما يحاول دوما ترسيخ الفكر العلماني من خلال مجلة ألف التي يشرف على تحريرها. له أربع مجموعات قصصية هي:
1.«الموت بفرح» عن اتحاد الكتاب العرب 1976.
2.«طعم الملوحة» عن دار الكلمة للنشر والتوزيع بيروت 1980.
3.«حب في الستين» عن دار المنارة دمشق 1989.
4.«صباح الخير أيها الحزن» عن دار (مجد) المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر في بيروت 1991.
5.إضافة إلى عدد من المسلسلات السورية الناجحة منها "الوصية - مع الأسف "


عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

Saturday, April 12, 2014

عبد الله زريقة - حشرة اللامنتهى



منشورات الفنك, الدار البيضاء  2004 | سحب وتعديل جمال حتمل | 112 صفحة | PDF | 951kb

http://www.mediafire.com/view/b8l676gg191f44f/عبد_الله_زريقة_-_حشرة_اللامنتهى.pdf
or
http://www.4shared.com/office/coxoDJ3Wce/___-__.html

«حشرة اللامنتهى» قصائد عن الموت والفراغ
عبد الله زريقة منتقلاً من الهم الطبقي إلى القسوة
المساء, نشر في المساء يوم 02 - 01 - 2008
بدأ عبد الله زريقة في الشعر مناضلا طبقيا تسكن قصائده أصوات المكدودين وأحلام الثورة الموعودة وانتهى إلى رؤية قيامية تستند إلى الميتافزيقا، متخلصا من «الأوهام» ومحولا مصدر التجربة ومسارها في اتجاه الداخل، الذي يفرغ الشعر من وظيفته البرانية، وفي أعماله الأخيرة بدا زريقة ذلك السريالي الذي يمزج بين العبث وهبات من رياح الموت 
 نبيل منصر:
عبد الله زريقة صوت غريب في الشعر المغربي المعاصر. انحداره من جيل السبعينات ومن الحي الهامشي في مدينة الدار البيضاء (حي بنمسيك) حمَّله هماً طبقياً مبكراً وجعل شعره يسكن، في البداية، تلك المنطقة الساخنة الآهلة بأصوات المكدودين وأحلام الثورة الموعودة. ولعل النبرة الحادة التي وسمت أعماله الأولى، بدءاً من «رقصة الرأس والوردة» (1977) هي التي دفعت الشاعر عبد اللطيف اللعبي إلى ترجمة نصوصه إلى الفرنسية، لتنعقد بذلك بين الشاعرين صداقة لم تزدها سنوات الاعتقال السياسي، ثم الرياح الثقافية التي هبت على مغرب الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، إلا رسوخاً. وشيئاً فشيئاً عثرت أعمال الشاعر في واقع «انجلاء الأوهام» على ما يحول مصدر التجربة ومسارها في اتجاه الداخل، الذي يفرغ الشعر من وظيفته البرانية، ويصله بأفق ميتافيزيقي بلا قرار.
وهو الأفق الذي لامسه الشاعر في «تفاحة المثلث» (1988) العمل الذي دشن مغربياً المزاوجة بين الشعر والتشكيل، من خلال التفاعل مع التجربة التصويرية للفنان المغربي عباس صلادي (1950-1992)، وهي التجربة التي يجمعها بعبد الله زريقة ذلك الانحدار في مهاوي الرعب والسقوط والتآكل.
ومع صدور أعمال أخرى للشاعر مثل «فراشات سوداء» (1988) و«فراغات مرقَّعة بخيط شمس» (1995) توسعت أكثر المهاوي الميتافيزيقية في الشعر المغربي المعاصر، وكان عبد الله زريقة صاحب نغمة خاصة هي أقرب ما تكون إلى نغمة الاشمئزاز الدادائية أو السريالية مع ظلال من العبث وهبات من رياح الموت. وجاء الإصدار الجديد للشاعر «حشرة اللامنتهى» ليكرس تجربة وجدت في قصيدة النثر ذلك الشكل الخاص القادر على صوغ التوتر، في الوعي والحساسية، ضمن جمالية شعرية مضادة للغنائية التقليدية.
في «حشرة اللامنتهى» يُضاف إذن درج آخر إلى «سلالم الميتافيزيقا» (الديوان ما قبل الأخير» التي صار الشاعر ينظر عبرها الى الواقع. وفي التناقض بين احتمال دلالة «الحشرة» على كائن متناهي الصغر ودلالة «اللامنتهى» على قيمة معنوية مطلقة، ترتسم في ذهن المتلقي ملامح المتخيل الشعري في هذا العمل الذي يقيم في منطقة التوتر بين الأشياء الصغيرة والنافلة والأشياء اللامتناهية الامتداد. ومن داخل هذه المنطقة تطارد الذات الشاعرة «خضرة ذهب الظلمة» و«جنازة رمان الثلج» باحثة عن ذلك «العراء الذي تستريح فيه نملة الكون». وهذه الاستعارات هي عناوين دالة لثلاث قصائد تكشف عن مزاج النصوص الأحد عشر المشكلة لمتن المجموعة، وتكشف أيضاً عن ولع خاص باقتناص الصور الشعرية الغريبة والصادمة. ولا تفوتنا الظلال العبثية المنبعثة من صورة العنوان، فكلمة «الحشرة» تذكرنا بحشرة كافكا، وعندما تسند هذه الكلمة إلى دال «اللامنتهى» يأخذ العبث أبعاد طاقة رحمية تولّد مجازات التجربة ومتخيلها الشعري.
بدايات نصوص عبد الله زريقة توحي غالباً بأنها استئناف لكلام سابق، كما أن نهاياتها تمنحنا الانطباع بتوقف مؤقت يخلو من صرامة النهاية أو الكلمة الأخيرة في معجم القصيدة. وهذه المفارقة في البناء تكشف عن لا جدوى الكلام الشعري وعن حيويته في آن واحد.
وبين الحاجة إلى الكلام والضجر منه تمتد يد راتقة خفية لتبني مجازات القصيدة بكثير من العفوية والمكر. فالبحث المهووس الذي تكشف عنه الذات الشاعرة في مجال تشكيل الصورة، يقابله إهمال ماكر على مستوى البناء. لذلك لا تحتاج اليد الراتقة إلا لحرف الواو الذي يربط بين الجمل في شكل يبعث على الرتابة ويُشعر باللاجدوى والعبث. وهذا البناء المفارق يجعل بنية التجاور أداة البناء المهيمنة، التي تجعل فعل الرتق مفجراً لشعرية تراهن على جماليات المجاورة والتراكم، أكثر من رهانها على جماليات العضوية، التي دافعت عنها القصيدة العربية المعاصرة.
تتناول قصائد «حشرة اللامنتهى» موضوعات الكتابة والموت والفراغ. وهي موضوعات شكلت هاجساً رافق دائماً الشعر والشعراء، لكنها تتجه، في تجربة عبد الله زريقة، نحو أن تكون موصولة بحساسية شعرية خاصة، تجمع بين تلوينات العبث والقسوة والاشمئزاز واللاجدوى، كأفعال سلبية تسم فاعلية الذات في هذه اللحظة من تجربتها في العالم. لذلك فهي تجد العالم شبيهاً ب«الثلاجة»، عندما تفتحه لا تجد «سوى رائحة البياض المتعفن بالثلج» (ص 11)، كما تجده رديفاً للتيه والسقوط والعمى، لذلك تتساءل «وأين أروح/ والمرآة تقود إلى العمى/ والظل إلى الشيطان/ والصحراء إلى الكتابة»، وتضيف: «وكل ما في الورقة كلمة بدون لحم/ دمعة بدون ملح/ وبياض يهرب منه حتى الموتى» (ص 16/17). ويلاحظ أن البياض يأتي دائماً عند زريقة مقروناً بإيحاءات جنائزية، ونادراً ما يأخذ الموت عنده ألواناً أخرى، إذا استثنينا هذه الصورة المشعة بغرابتها «فالموت ليس إلا زمردة خضراء في ظلمة قبر أزرق» (ص37).
إن هذه الصور وسواها، التي تتناسل أمام أعيننا بغزارة، مشكلة، من داخل مأتمها الخاص، عرساً لنا «عرس قارئ» (ص 37)، هي مع ملمحها السريالي تبقى أبعد ما تكون عن الكتابة الآلية. لذلك فإن صوراً مثل «سماء بنهد واحد من سحاب» و«صحراء تنتهي بعانة غابة» و«شخير الخواء المتطاير فوق حلمات القمح» (116و117)، هي على رغم صداميتها وفجائيتها، تبقى خاضعة لتصميم في البناء يجعل الشعر كتابة قصدية صادرة عن اختيار جمالي ونزوع فلسفي واع.
وهذا النزوع يقيم ميتافيزيقاه الشخصية على تخوم الموت، لذلك لا تجد الذات الشاعرة أفضل من هذا التشخيص للحقيقة: «آه الحقيقة كوجه ميت تفحَّم بظلمة قبر» (ص19)، وهي لا ترى إلى الجمال خارج الموقف السوداوي: «لكن رؤية وجه جميل كرؤية قاع قبر» (ص54)، وهو ذاته إحساسها بالعطر «والعطر كذباب الموت» (ص62).
إن كل ما يشكل، في الذائقة الشعرية العامة، قيمة جمالية راسخة، يتحول، في هذه التجربة، مصدراً للقسوة والاشمئزاز والغروتيسك. بل إن الطفولة، التي اعتبرت دائماً مصدراً للنقاء والبراءة، لم تسلم بدورها من هذه الرؤية المرعبة، فالأطفال ليسوا أكثر من «مسامير نعش» والشاعر لا يملك إلا أن يصرخ: «الأطفال يمزقون أذني كما يمزقون دفاترهم» (ص78). هكذا انتهى عبد الله زريقة، الذي ابتدأ في الشعر مناضلاً طبقياً، إلى هذه الرؤية القيامية، بعدما جرت مياه كثيرة في نهر الشعر والحياة. وكأنني به يحقق، على طريقته، رؤية أنسي الحاج: كي تكون شاعر نثر حقيقياً عليك أن تكون مريضاً (ملعوناً) كبيراً.

عذرا للعلامة المائية البارزة, اضطررنا لذلك بسبب سرقة كتبنا.
للتبليغ عن أي رابط غير فعال, الرجاء إرسال رسالة إلى:
abuabdo101@gmail.com

350 Dummies Ebooks collection