هذا الكتاب هو أطروحة للدكتوراة في الأدب، قُدمت إلى جامعة جنيف في 28/6/1972، ونالت بالإجماع درجة الشرف العُليا مع تقدير اللجنة المناقشة". "يظل الشعر العربي المعاصر يلاقي إهمالاً مُحزناً، على صعيد الأبحاث، والإعلام الأدبي على حد سواء"، و"ما تحاوله هذه الدراسة بالتحديد هو تقديم هذا النوع الشعري وبلورة ملامحه الأساسية.."، من بداياته في العراق عام 1947 وحتى عام 1965، وشرح "توجهه الفكري واختياراته الفنية والمشكلات التي يثيرها..". تطرح مقدمة الأطروحة أزمة اليقظة العربية وعملية تحديث العالم العربي، على المستوى الفكري والاجتماعي والأدبي. وتبدأ في قسمها الأول، بشرح تأثير هذا اليقظة على ولادة الشعر العربي الحديث وعلى توجهاته بشكل عام، بعد البحث في بداياته مع الشاعر بدر شاكر السيّاب، كما أنه يتطرق إلى الحديث عن "تجمع مجلة شعر في لبنان" عام 1957الذي "كرّس نشاطه بصورة حصرية لقضية الشعر الحديث". يعرض القسم الثاني والثالث المميزات الأساسية للشعر الحديث كما ورد في الأعمال الشعرية، ويقارنها بـ"شعارات الحداثة المعبر عنها في النصوص النظرية"، مما سمح له وبالعودة إلى تطور سياق الشعر ما قبل الحديث، بـ"تبّني مقاربة شكلية تقوم على تفحص البُنى اللغوية والإيقاعية والشاملة للقصيدة العربية الجديدة". فيبحث في قسم "تحويل اللغة الشعرية" في القاموس الشعري الحديث وفي الجملة الشعرية في الانتاج الحديث، وفي الغموض الدلالي. وينتقل بعدها إلى كيفية "تحويل البُنى الإيقاعية"، في دراسة للعروض التقليدية السابقة، وفي تطورها حتى الحركة الحديثة، ويرسم ملامح التحويل الإيقاعي وبُنى الوزنية الحديثة، ويضع منهجية تسير باتجاه تفسير لغوي إيقاعي لهذه التحولات، ويفكك هيكلية القصيدة الحديثة. يتضمن الكتاب بالإضافة إلى فهرست بكمية كبيرة من المصادر والمراجع، ملحق "تجربة صوتية على العناصر الإيقاعية للبيت العربي"، وهو دراسة على "المينوغراف" في المختبر الصوتي لجامعة جنيف، بغية تفحص العناصر الإيقاعية المحددة للبيت الشعري العربي، و"خصائص الكمّ والحدة والنبر، التي تشكل الميادين الأساسية للبحث في طبيعة إيقاع الشعر العربي المكتوب باللغة الفصحى وقواعده". يحاول الباحث في هذه الدراسة المسؤولة الجدّية والقيمة، إبراز "الملامح الأكثر بروزاً، إن لم تكن الأكثر أساسية، للتحويل الجذري، على مستوى الشكل في الأقل، الذي أنجزته حركة الطليعة وتواصل تطويره في الشعر العربي المعاصر"، وهذا "الخروج" من الماضي، خروجاً مؤلماً وحافلاً بالعظمة في الوقت ذاته، هو تحديداً للهدف الذي يحاوله الشاعر العربي المعاصر بغية التوصل إلى اختيار محله، وبأسرع وقت ممكن، إلى جانب التطور الحديث لمعاصريه في العالم"، ويبقى التساؤل الحقيقي الهام الذي لا يجب إغفاله في ظل هذا التحليل والاستنتاج، بل وإعادة طرحه باستمرار "عن القيمة الحقيقية للحركة الشعرية"، وعن الشعر الذي يحق الطموح إليه والذي "يزاوج بين الخلق والفعالية"، شعراً "جديراً بماضيه وواثقاً من مستقبله
أو
No comments:
Post a Comment