كُتب عليه الغياب، هي لعنة الاسم ! أو هو قضاء التاريخ العراقي الحديث الذي شتت الكثير من المثقفين وقذفهم الى المنفى مغلقا وراءهم الطرق كل ما حاكما عليهم بالغياب.
قد يكون أحد الأمرين السابقين أو كلاهما صحيحا. ولكن لغائب قصة أخرى مختلفة مع الغياب، قصة إذا أخذناها من نهايتها فسنكون أمام غيابه من الذاكرة الأدبية،
فلا أحد تقريبا يتذكر تأريخ رحيله وهو واحد من أهم الروائيين العراقيين، ويعد بعض النقاد روايته النخلة والجيران (1966) الانطلاقة الحقيقية للرواية العراقية المتكاملة فنيا، فضلا عن أعماله الأخرى، خمسة أصوات (1967) ، والمخاض (1973) والقربان (1975) وظلال على النافذة (1979) وآلام السيد معروف (1980) والمرتجى والمؤمل (1986) والمركب (1989)
يقول النقاد: إن سبب غياب غائب عن الثقافة العراقية التعتيم الذي مارسه بحقه النظام البعثي الذي لم يهتم بغير أولئك الكتّاب الصغار الذين مدحوه وكبروه في النفوس وعلى الطروس.
ويقول كاتب عربي، إن سبب الظلم الذي لحق بفرمان وغياب اسمه عن الثقافة العربية وتفوق كتّاب أقل شأنا وقيمة أدبية منه، المنفى والغربة التي جعلته منسيا رغم أهميته، فكثير من القرّاء لا يجد إن أراد أن يقرأ لغائب كتبا في المكتبات، وإن وجد فسيجدها تعبر عن هموم الغربة للغرباء من أمثاله، أي انها لا تعني القارئ العربي في الوطن.
ولكن إذا كان النظام البعثي قد فرض الغياب على غائب وما يتبعه من قلة الذيوع بين القرّاء وقلة الاهتمام منهم به، فلماذا هو غائب الآن وقد زال النظام وفُتحت أبواب الوطن لأسماء الكتّاب المنفيين ولكتبهم؟! ولماذا هو غائب الآن وقد تحول أكثر العرب إلى منفيين وغرباء وصار من الممكن أن يجدوا فيما كتبه غائب قيمة ومعنى؟!
سأجيب عن هذا التساؤل بالعودة إلى بداية قصة غائب مع الغياب، المبثوثة في كتاب (غائب طعمة فرمان «أدب المنفى والحنين إلى الوطن») لـ(أحمد النعمان) فهو يقول:انه ينسى ما يمرّ به من حوادث يومه القريب حتى، ولا تحتفظ ذاكرته منه بشيء، أي انه بطريقة ما غائب عن واقعه الذي هو المنفى، بالضرورة، فقد بدأت رحلته مع المنفى مبكرة.
أو
No comments:
Post a Comment