البعد الظاهري للرواية يخدع القارىء المتعجل بأنها رواية تتناول علاقة المسلمين بالأقباط، وظاهرة العنف الديني في مصر، عبر صعود جماعات التكفير والإخوان والفنية العسكرية، وكافة صور التغير الاجتماعي الديني في مصر، عن طريق التأثر المجتمعي في مصر، بالتدين الشكلي المستورد من الدول البترولية التي أثرت في بعض المصريين :
ـ عدد المحجبات زايد شوية .. ولا أنا بيتهيأ لي ؟
ـ لا عندك حق، السنين اللي فاتت كانوا أكتر شوية .
وقد ُتوجت الظاهرة بمقتل السادات يوم عُرْسِه ووسط ضباطه ومقاتليه في السادس من أكتوبر عام 1981م. هذا البعد الظاهري يخفي بعدا أهم وأكثر إنسانية، هو ظاهرة الولع بالحياة وبهجتها ومتعها، أو باختصار : كيف نعيش هذه الحياة ؟ وهل الدين يقف عائقا في سبيل التمتع بها ؟ ولكي تجيب لارواية عن هذا السؤال، وضع إبراهيم فرغلي بناء فخما مركبا معقدا، حيث قسّم عمله إلي أربعة أقسام، وكل قسم به مجموعة من الأجزاء، جعلها مرقمة مرة والمرات الأخري معنونة بعناوين تتناسب مع محتواها، وجعل لكل قسم من الأقسام الأربعة راويا، على الترتيب هم : عماد / رامي / عماد / نادية .
«عماد» هو عتبة بين الحياة والموت، شخصية مرسومة بعناية شديدة، ورائقة، عماد العائد من الموت ليحارب الخوف، لا يراه الناس لكنه يراهم، ربما كانت أمه الاستثناء، فقد كانت تشعر به، ويصفونها بالجنون، لأنها تؤكد عودة عماد من الموت، اختار الكاتب له أن يكون مسيحيا طيبا خائفا قلقا علي الدوام، ربما بسبب مرضه ووحدته منذ الطفولة، ولهذا يقول «عدت لأصفي حسابي مع الخوف، دون أن أعرف من أين أبدأ»
عماد هذا مصاب بنوع من «الكسل يستدرجه دون هوادة إلي ركوب قطار الحياة العادية» بتعبير ميشيل فوكو في «تاريخ الجنون» وفي مقابل شخصية المسيحي الطيب نجد «رامي» الضد التام له، مسلم جسور متهور مندفع، يصل حد اندفاعه أن يجذب «عماد» ـ صديقه المقرب- إلي محطة القطار ويندفعان معا تحت القطار ليمر فوقهما في تجربة مرعبة، يكررها رامي بلا خوف، ومن هنا نجد «حودة « النموذج الأسمي لرامي، و»حودة» هذا صديق الشلة التي تحكي عنها الرواية، اصحاب العمر الجميل، كان حودة وسيما ماهرا شجاعا لدرجة مقاومة مجموعة من البلطجية تحرشوا بفتاة من الحي، ضربهم، وظل ينتظرهم كل مساء وحده دون أن يجرؤ احد على مواجهته، وحين قطع شرايينه لخلاف بينه وبين أبيه، قال رامي لعماد « هو لن يموت، هو يلاعب الموت من بعيد لبعيد.
ولذا نجد «رامي» المسلم يرتبط دائما بفتاة مسيحية، الأولى «ماريا» الفتاة اليونانية الجميلة التي تعيش وتدرس في مدرسة اليونانيين بالمنصورة، ويعيش معها أحلى وأمتع التجارب الشهوانية، ثم تسافر، لتبدأ علاقة مع «كرستين» صديقتهم المسيحية الرقيقة التي تجد نفسها «حاملا» وتجد أسرتها تقاوم فكرة الزواج من مسلم بالطبع، ولكنه يتزوجها وينجب «حنين» الشخصية المحورية في العمل، والتي تكاد تكون محكيا لها طوال الرواية.
أو
No comments:
Post a Comment