إذا أعجبكم الكتاب وقررتم لطشه فحلال عليكم, فقط رجاءا أن لاتحذفوا علاماتنا المائية من عليه, تعبنا حتى حصلنا على الكتاب, قضينا ساعات في سحبه وتعديله. فأقل مايمكن هو أن ننسبه لهذه المجموعة. وشكرا لتفهمكم
https://drive.google.com/file/d/0Bxu9nt7A-tWSRmhfQVBZczhmS1k/view?usp=sharing
هذه الرواية " سكر مر " تمتلك ثراءها الخاص الذي يجعلك مشدوداً إليها، والذي ظهر جليا في اختيارها لطلاب الدرسات العليا في مجال النقد الأدبي .
تبدأ الرواية من اللحظة التي يبدأ فيها بطل الرواية إبراهيم زنوبيا الموظف في شركة الطيران العربية بارتشاف كوب الشاي الدافئ وتدق ساعة المكتب مشيرة إلى الثامنة والنصف صباحا" حيث يرفع زنوبيا الكوب ويسكب محتوياته في جوفه خلال هذا الحيز الزمني المحدود والذي تدور فيه الرواية لمدة ساعة ونصف.
برع الكاتب في تحريك الشخصيات بدقة بالغة وغوص عميق "في أكثر الأحاسيس شفافية ممتلكا" أدوات درامية يشعر القارئ من خلالها بأن الأحداث تتحرك في اتجاه مرسوم حاملة القارئ معها عبر الزمان والمكان، إن الأساس الذي يجمع فيه بين شخصيات الرواية والذي يشكل موضوعها في نفس الوقت هو الضياع والبطلان والخلو من المعنى وانعدام الهدف الذي يستحق أن يحيا الإنسان من أجله، إن كل شخصيات هذه الرواية تشترك في انعدام وضوح الرؤية لما هو قيم وخير في الحياة ولهذا تقلصت أهداف كل منهم وتقوقعت في أمل باطل أن حياتهم جميعا هي حياة بلا قيم .
لجأ الكاتب إلى حيلة تجميع خيوط شخصيات أبطاله وتركيزها من خلال حركة مصممة بعناية وتخطيط وهي في جوهرها عملية كشف لحياة مجموعة من النماذج المنسحقة المهزومة التي تحاول أن تتشبث بوجودها وبوهم السعادة والمستقبل وهي تدرك في قرارة أعماقها بأن الأرض تهتز تحت أقدامها، وهي لهذا تبدو لنا في الجوهر صورة أخرى لعالم شخصيات نجيب محفوظ في رائعته "ميرامار" .
كما تتحرك الرواية بأحداثها مع احتفاظ الكاتب بتثبيت نقطة ارتكاز واقعية تمثل اللزمة الخارجية التي يعود إليها البطل بين آونة وأخرى، إننا نستطيع أن نلمس براعة فنية في تحريك الشخصيات ودقة بالغة في إدارة الحوار وأيضا "عنصرا دراميا يشعر القارئ من خلاله بالإحساس بما يجري في نكسة مصر عام ١٩٦٧ .
ظاهرة أخرى تفرض نفسها في كل وقت على انتباه القارئ وهي اللغة التي كتبت بها الرواية فنتيجة طبيعية لاستخدام تيار الوعي من جهة وللجوء إلى الكثير من الرمز من جهة أخرى جاءت لغة الرواية شعرية في أكثر الأحيان، حيث يشعر القارئ أنه يقرأ قصيدة من الشعر الجديد "أنت ابن الحب يوجد لو عاش الآخر مات الآخر.. الريح يبست.. الأفكار بلا أرجل.. الأيدي مقيدة.. العيون بلا حبات نور.. عناية الله لا تأتي كرها.. ياروعة الحنين".
إن الكاتب الروائي "محمود عوض عبدالعال" يعتبر ضمن الروائيين التجريبيين الذين أدخلوا إلى الرواية العربية "تيار الوعي" بصورة صريحة ومباشرة منذ أوائل السبعينيات، وقد ظهر واضحا" في روايته "سكر مر" وأيضا روايته "عين السمكة" و"قارئ في الشارع" و"الزواج في دمي" و "ضابط احتياط "مثلما ظهر في كتاباته للقصة القصيرة، ويعتبر محمود عوض عبدالعال أبرز رواد هذا الاتجاه في مصر خصوصا أنه متمسك به، ولم يمارس في نص آخر ينتمي إلى تيار آخر وهو ما يجعلنا نحترم وعيه الإبداعي .
أخيراً "رواية سكر مر تعني بالزمن النفسي المستمر مع كل الأحداث، وإن كان اتجاه تيار الوعي لا يؤمن أيمانا "كبيرا" بكفاءة النظرة المنطقية وهذه ناشئة من اعتقاد الكاتب بأن ما في الإنسان من ملكات فطرية ، أقرب إلى الحقيقة من الصدور عن العقل المحكم الواعي .
هالة زكى-دار الهلال
No comments:
Post a Comment