الوثيقة العربية الأهم التي تعالج الإنتاج الحرفي الدمشقي هي «قاموس الصناعات الشامية» الموضوع في أواخر القرن التاسع عشر والمنشور في باريز عام 1960. وهو من إنتاج آل القاسمي العائلة الدمشقية. ألف الجزء الأول محمد سعيد القاسمي، ووضع الجزء الثاني محمد جمال الدين القاسمي بالاشتراك مع خليل العظم. وقام ظافر القاسمي بنشر الكتاب وتحقيقه.
ويقدم القاموس معلومات غنية ودقيقة عن النشاطات الاقتصادية والمظاهر الاجتماعية ويفصّل في الحِرَف ومشكلاتها في القرن التاسع عشر.
وقد قام الدكتور بدر الدين السباعي بدراسة حديثة نشرت في عام 1983 تحت عنوان: «أضواء على قاموس الصناعات الشامية». ودراسة السباعي اعتمدت على المنهج الماركسي في التحليل وتوصلت إلى نتائج شيقة لمعرفة اقتصاد مدينة دمشق القائم على القطاعات الاقتصادية التالية:
1 ـ القطاع الحرفي المتسع والمتشعب، والذي شكل في المدينة القطاع الرئيسي.
2 ـ قطاع التبادل بين المدينة والريف.
3 ـ قطاع تجارة الاستيراد والتصدير.
4 ـ قطاع التبادل مع المناطق المنتجة للحبوب والبوادي المنتجة للمواشي وحيوانات الركوب.
5 ـ قطاع التبادل مع العالم الخارجي.
6 ـ وثمة نشاط اقتصادي من نوع خاص فرضه موقع دمشق على طريق الحج وما تحتاجه قوافل الحجيج من منتجات حرفية ومواد غذائية.
تأثر المناخ الفكري والنفسي ومستوى الثقافة للعامة الدمشقية وسائر مدن بلاد الشام بجملة عوامل رئيسية وأخرى ثانوية أهمها:
1 ـ نظام ملكية الأرض حيث الرتبة للدولة مما أدى إلى عدم وجود طبقة إقطاعية مستقرة لفترة من الزمن. واستقرار، أي إقامة، هذه الطبقة القلقة في المدن دون الريف.
2 ـ العلاقات التجارية المتسمة بتبادل المواد الخام، التي انتزعتها الطبقة الحاكمة من منتجيها كريع عيني، بسلع الترف والأبهة المستوردة. كما لم تسهم التجارة الداخلية في تطوير الإنتاج البضاعي البسيط والسير باتجاه الإنتاج البضاعي الرأسمالي.
3 ـ الصناعات الحرفية الطوائفية المبنية على العمل اليدوي وتنظيم الحرفيين في طوائف ذات تسلسل هرمي وارتباط هذه الطوائف بالطرق الصوفية.
4 ـ التراث القومي والديني وما ضم في ثناياه من عناصر ثورية نيّرة وأخرى رجعية متزمتة.
5 ـ أثَّرَ الفكر البورجوازي الأوروبي بتياراته المتنوعة تأثيراً واضحاً في المثقفين المستنيرين، الذين كانوا في معظمهم من المسيحيين. ولم يستطع هؤلاء أن يتغلغلوا في قلوب العامة، بأكثريتها المسلمة. وعندما شرع المثقفون المستنيرون المسلمون في الربع الأخير من القرن التاسع عشر في حمل بعض ألوية التطور البورجوازي مستعينين في مقارعة الرجعية الفكرية والسياسية بالرجوع إلى الجوانب المضيئة من التراث لم يستطيعوا كسب العامة إلى جانبهم.
وقد اتهم رجال التنوير بدمشق بالوهابية أحياناً وبالماسونية التي دخلت دمشق سنة 1864 أحياناً أخرى.
أو
No comments:
Post a Comment