Thursday, October 31, 2013

ابراهيم زاير - أحاسيس في أزمان مختلفة



منشورات الجمل, كولون 1991 | سحب وتعديل جمال حتمل | 45 صفحة | PDF | 2.49 MB

http://www.4shared.com/office/FKERGkKR/__-____.html
or
http://www.mediafire.com/view/tb3xoar4h0ontso/%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85_%D8%B2%D8%A7%D9%8A%D8%B1_-_%D8%A3%D8%AD%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%B3_%D9%81%D9%8A_%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A7%D9%86_%D9%85%D8%AE%D8%AA%D9%84%D9%81%D8%A9.pdf

في الرابع والعشرين من ابريل من العام 1972 ، وجد الشاعر والرسام والمناضل الشيوعي العراقي الشاب إبراهيم زاير منتحرا في احدى الشقق في بيروت . اربعون عاما مضت وأنا في صحبة هذا الكائن البري النفور جدا . لم استدر يوما بعيدة عنه ، لكني لم اضع الزهور على قبره لأنني لا أعرف في أية مقبرة دُفن . تثاقلت خطواتي لكنني على يقين انه يستحق افضل من جميع تلك المقدمات التي كتبت عنه أولها مقدمتي شخصيا . إنني أقف أمام طراز من الحيوات ولا اكف عن توبيخ نفسي لأنني لم ابادل إبراهيم الرأي الجاد والتواد الذي يستحق. علي اليوم ان ألملم رفاته ما بين العراق ولبنان ؛ الأهواء والنزوات ، الجدالات السأمة والضحكات العالية ولا اعمد إلى الاختيار ما بين الفضائل وعكسها . أريد اليوم احتمال جفوته فأنا اتفقد موتاي ويوميا ، فهو واحد من اولئك الأصدقاء الذين كان يتأجج حنقا وغضبا ، ويطلق لهيبا من الانفاس المحتدمة وهو يهتف بأسماء الثوار في العالم ، ويرقب جميع بوابات ذاك الكون العربي مرددا : متى تفتح الشبابيك للثورة ، للثورات ؟ لقد قام بعمله على الوجه الأكمل . أظن هذا . كتب الشعر كما لو كان يشاهد جوادا يجري في حقل ، لا يقدر على ترويضه ، ولا نحن أيضا . كان يرسم ، اليوم لا أذكر أية لوحة له لكني اتذكر ان كل شيء فيه وهو يشاهد المعارض الفنية الحقيقية في بغداد أو بيروت . وكان ناقدا تشكيليا بمعنى من المعاني . أظن كان يريد مشاهدة لوحات يتمنى لو كان بمقدوره رسمها وتشكيلها كما يتخيل لا كما يري من فساد وسوقية ، وحين لم ير ذلك في مرحلة ما بين 1968 إلى 1972 ، تاريخ انتحاره ، كان يشتم ويعربد بالمعنى الحرفي للشتيمة بما تعرضه القاعات العراقية التي تضاعف عددها وفنانوها ، وعلى الخصوص فناناتها العراقيات . ولعل الحادثة الأشهر في تلك السنين كانت كتابته المقال الهجومي الشرس والجارح لاحد معارض فنانة عراقية بزغت توا . كانت لا تمتلك الموهبة ولكن الوزير الفلاني اضاء لها المصابيح فنالت الضوء والنجومية. وبدأ تهديد حياته بعدما سجن لفترة ثم تسلل إلى بيروت ، ولم يعد إلا محمولا في جنازة.
2
لا أحد صالح للكتابة عن صديق ، فنحن سنظل لا نعرفه ، ومهما اجتهدنا واجهدنا بصرنا فلن نرى إلا ما نريد نحن أن نراه . لا نعرف الجوهر تماما ونبدو كمن يطل من شرفة ونحن نعتقد اننا ننبش في الخفايا وبعنف يؤذي في كثير من الأحيان . كتبت عن إبراهيم زاير نصا طويلا جدا ونشر في مجلة الفكر المعاصر في الذكرى الثانية على انتحاره ، وكنت أكتب في ذكرى انتحاره وفي جميع السنين في صفحتي في جريدة الراصد ، فكانت تصلني تعليقات غير مريحة من بعض الأصدقاء في وزارة الثقافة لكني كنت اواصل . وعندما عدت لتلك الأوراق شعرت انني قد بلغت من القصور حدا جعلني غير قادرة على احتمالها كلها ، وكأنني كتبت عن صديق مستعار يرتدي زيا رسميا خارج قياسات بدنه الرياضي والمناضل ، فاللمناضلين أبدان مغايرة في كثير من الأوقات ، أو هكذا كان يتراءى لي . سجل اسمه مع الذاهبين للجنوب اللبناني ، من أجل ذلك القلب ؛ فلسطين والمقاومة من اجلها . ربما ، الانتحار في الأخير ومن وجهة نظر وجودية شجاعة هدامة ، ولأنني أنا أيضا حاولت فانقذت فكتبت عن ذلك الإنسان الذي غشني وقام بها دوني . إن طغيان الشعارات التي أُخذ بها قد زودته بضمير غير مرتاح ، فبدا انه الحارس الجيد للشعار والكافر الاخلاقي بجفافة وتحجره . شيوعي راديكالي يؤمن بالعنف الثوري وإلى الحدود القصوى ، وعاشق للنساء وبدون أية حدود . يختض صوته ويدوخ تماما ويكاد يقع مغشيا عليه من ذلك الهوس والجنون باليافعات الفاتنات اللاتي يشاهدهن في شوارع ومقاهي بيروت ومن جميع الجنسيات . كان يردد أمامنا وهو يشير بيده وكأنه يمسك المسدس :
تك ، تك ، الأمر اسهل من التثاؤب.
ليس في استطاعتي تخيل ذاك اليوم فقد تناثرت جمجمته وكان وحيدا تماما . وحيدا إلى الحد الذي جعله يحسن إطلاق النار في صدغه كما كان مقدرا له وأمام العدو . وحيدا بالتأكيد فلم تنطل عليه المناورة ، انه عاشق ومناضل وشاعر ، فهذه وغيرها بدت له من نافل القول ، فلم يفلت من نفسه ، ولم تعترض ذاته أيضا ، فنحن عادة نجيد هذا النوع من الأعمال والتي تبدو ملائمة لنا في الأخير.
3
"" لقد قررت الانتحار ، آسف لازعاجكم "" لماذا كتب إبراهيم هذه القصاصة التي وُجدت بجواره؟ قيل الكثير عنها وعنه ومن جهات سياسية متشابكة فلسطينية وعراقية وحزبية الخ . إنني شخصيا تصورت هذه الكلمات هي آخر مقطع شعري ممكن أن يكتبه شاعر وهو يختار حتفه . لم يجد ، ربما أعمق أو ابسط من هذه الكلمات ، فهو ابليس شعر في ايامه الأخيرة . فلماذا لا نتصور ان كلماته هذه هي مقطع من قصيدة اكملها بفعل الانتحار . زاير لا يمكن تجزئته فهو وفي جميع مراحله كان : الكامل ، وابن الشرطي ، المتوحد والمعزول ، المضطهد والخجول ، الوقح والجبان ، والباسل جدا .. قرأت خبر انتحاره في الصحف فقد كنا في دعوة رسمية في موسكو . فوجئت بالتوقيت فقط . كنا ننتظر هذا الفعل منذ اللقاء الأول معه في بغداد في العام 1969. احدى الصديقات قالت بحنق:
- لو ذهب للجنوب وقام بفعل انتحاري لكان أفضل له وللقضية.
إنه لأمر شائن ان نحاسب جثة . قال البعض انها حادثة عرضية لرجل مغامر يريد الضوء، أو ، ان بيروت افسدته ثم دمرت حياته فصار شبه مجنون . هو لم يبغض بيروت لكنه لم يحب بغداد ما فيه الكفاية . ربما ، لم يحب أي شيء ما فيه الكفاية ، وهل هناك كفاية او حد للحب ؟ من الجائز ان بيروت تركته يرى عيوبه وعثراته بشكل عذب وسريع ، وبغداد كشفت عوراته بصورة شديدة القساوة والأذية. ولذلك كان يخترع بعض المظالم لكي يشعر الآخرون بانه مضطهد ، فكان يداري ويفضح دور الضحية في داخله . ترى هل اراد بانتحاره نسيان أبوته القادمة لأنها تذكره بمرارة طفولته المنكودة الماضية ؟ ولدت زوجته سعاد ابنه بعد اسابيع من الحادث . قبل إنهاء حياته بشهرين قال إبراهيم وكنا ثلاثة في بيروت: ""رغبتي ان ادفن في جنوب لبنان حيث أقدس ذكرياتي النضالية"" لست ادري فيما إذا صرح بذلك للآخرين أم لا ؟
*****
ان إبراهيم رجلا وسيما بالقياسات الشرقية والغربية . بدن رياضي طويل ورشيق ، سحنة متوترة وشديدة القلق . عينان حزينتان عميقتان لا تستقران في مكان . وقوة جسدية كانت أحيانا مطلوبة في بعض المواقع الحياتية والنضالية ، وبلباسه الخاكي كان يبدو للناظر انه من مناضلي أمريكا اللاتينية ، فدقنه على الدوام غير حليقة وإذا ما حلق فقد كان يجرح نفسه وهذا يجعله أسير نظرة معينة وغامضة :
- ولماذا الحلاقة ونحن على خط النار مع العدو . إن الموت يستقبلنا بما نحن عليه.
اشتغلنا سويا في بيروت فقد كان مصمما جميلا لمجلة العلوم التي كنا نصدرها قبل ان تتحول إلى مجلة الفكر المعاصر . في أحد الأيام سألني:
- بعد موتي هل ستكتبين عني ؟ أرجو ان تكتبي عني كما أنا.
قال هذا بنوع من التشفي . خجلت من فكرة موته كي أدون كلاما لا يليق به لكنني كتبت عن اعدائه وخصومه ، عن المتعاونين والقادمين مع جحافل الغزو والاحتلال الأمريكي ، عن بعض أهله وصحبه ، عن حزبه الشيوعي العتيد الذي قام بالمهمة وعلى أكمل وجه ، فنال بركات المتزمتين والرجعيين ، وحصل على لعنات قوافل الشهداء الأولين.
عالية ممدوح


إذا كان الرابط لايعمل لسبب ما, فالرجاء البحث في مجلد الكتب المحملة حتى اليوم:
http://www.mediafire.com/#ms1dzyv1tns14
or
http://www.4shared.com/folder/QqJXptBS/_online.html

No comments:

Post a Comment